العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > ابحاث علميه و دراسات

ابحاث علميه و دراسات Research , analysis, funding and data for the academic research and policy community , ابحاث , مواضيع للطلبة والطالبات،أبحاث عامة ،بحوث تربوية جاهزة ،مكتبة دراسية، مناهج تعليم متوسط ثانوي ابتدائي ، أبحاث طبية ،اختبارات، مواد دراسيه , عروض بوربوينت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 08-12-2009, 05:29 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي التخلص الرشيد من منشآت النفط البحرية

التخلص الرشيد من منشآت النفط البحرية</STRONG>








التخلص الرشيد من منشآت النفط البحرية
لقد تم حتى اليوم تشييد نحو 6000 منصة لاستخراج النفط
والغاز الطبيعي ـ إضافة إلى منشآت بحرية أخرى ـ بالقرب من
الجروف الشاطئية القارية. كيف يمكن الاستفادة من هذه المنشآت
العملاقة بعد توقفها عن العمل من دون الإضرار بالبيئة؟
<G.M. أوبهوف>

تقع المنشآت النفطية البحرية بعيدا عن مسار السفن السياحية، وهي نادرا ما تثير اهتمام وسائل الإعلام، على الرغم من أن القاعدة الطاقية والخامية للاقتصاد كانت ستبدو أضيق بكثير، لولا كميات النفط والغاز التي قدمتها هذه المنشآت الضخمة [الشكل في هذه الصفحة]، بعد أن غابت أهميتها عن ذاكرة معظم الناس، وبقيت، بخاصة، المسائل المتعلقة بالخلاص منها مجهولة أيضا إلى حد كبير.



تقوم نحو 6000 منصة بحرية منتشرة في سائر أنحاء المعمورة بإنتاج النفط والغاز من مكامنهما الواقعة تحت قاع البحر، مثل منصة Granite Point Unocal في مدخل Cook، أحد الممرات البحرية قرب أنكوراج Anchorage. ولكن مسألة التخلص الرشيد من هذه المنشآت الضخمة بعد توقفها عن العمل، لم تحظ ـ لفترة طويلة ـ بالاهتمام الكافي.

لكن هذا الوضع تغير منذ ربيع عام 1995: حينما تقرر إغراق منصة التجميع المؤقت النفطية البريطانية المسماة «برينت سپار» Brent Spar بعد إيقاف استخدامها، فكان ذلك إيذانا باحتدام جدل قوي حول الآثار البيئية لمثل هذا العمل [الشكل في الصفحة المقابلة]. وتحت ضغط الرأي العام، قرر مالكو المنشأة، وهم اتحاد شركات شل، نقل هذه المنصة إلى أحد الممرات البحرية النرويجية. وقامت مؤسسة مستقلة هي ديت نورسك ڤريتاس Det Norske Veritas، في هذه الأثناء، بدراسة مقترحات ست شركات دولية حول كيفية تفكيك منصة برينت سپار والتخلص منها أو معالجتها، مع الأخذ بالحسبان نواحي البيئة والسلامة. وكان من ضمن خيارات التخلص منها هو نقلها إلى اليابسة للإفادة منها، إضافة إلى الاستفادة من أجزائها المتبقية في مزارع الأسماك. لكن أصحاب هذه المنصة لم يتخذوا قرارهم بعد.

ولم تعد منشأة برينت سپار قضية روتينية وعادية، بل صارت فريدة واستثنائية. وبالمقابل فإن معظم المنصات الأخرى بُنيت حسب نماذج أساسية محددة، مما يسمح بالإفادة من الخبرات المتراكمة عبر إنجاز 1000 عملية تفكيك حتى الآن. ومع ذلك، تملي كل عملية تفكيك متطلبات لا تقل عن متطلبات الإنشاء. أضف إلى ذلك أن كميات المواد، التي ينبغي التعامل معها، تزداد على مر السنين وتزيد الأمر تعقيدا. وعلى الرغم من غياب البيانات الدقيقة يقدِّر الخبراء عدد المنشآت البحرية في مختلف بقاع الأرض بنحو 6000 و6500 منشأة، يقع معظمها، نحو 4000، في خليج المكسيك، و950 أخرى في المجال الآسيوي، وما يقرب من 750 في الشرق الأوسط، إضافة إلى 640 في بحر الشمال وشمال شرق الأطلسي.

تنتمي منصات التنقيب عن النفط إلى أكبر وأضخم المنشآت، التي جرى تشييدها حتى الآن. وتتميز المنصات المصنوعة من الصلب في بحر الشمال، البالغ عددها 400، ببنائها الشبيه ببرج إيفل في باريس، وتزن مجتمعة نحو 3.7 مليون طن، وهذا يعادل وزن السيارات القديمة التي يتم التخلص منها في ألمانيا على مدى عام ونصف العام. يضاف إلى ذلك 25 منشأة بحرية استخدم لتشييدها 8.7 مليون طن من الخرسانة المسلحة بالصلب، أي ما يزيد على ضعف ما استخدم في تشييد أكبر بناء في مدن أوروبا قاطبة (وهو يقع في ميدان بوتسدام ببرلين) والمقرر إنجازه في عام 2002. هذا ويستخدم في إنشاء أكبر منصة من هذا النوع نحو مليون طن من الأسمنت.

البنى الأساسية
هذه الأرقام الضخمة توضح وظائف منصات استخراج النفط وشروط استخدامها، حيث يجب استكشاف النفط واستخراجه من أعماق تتراوح ما بين كيلومتر وأربعة كيلومترات تحت سطح القاعدة القارية، ومن أعماق تتراوح ما بين ثلاثة وحتى ستة كيلومترات بالنسبة لمكامن الغاز، وحيث يصل قطر أنابيب الحفر المستخدمة لهذا الغرض إلى أكثر من مترين. أما وزن المنشآت المتوافرة في المنصة، واللازمة لتأمين عمليات الحفر والإنتاج السليم ولتغطية وظائف أخرى، مثل التموين بالطاقة وإسكان العاملين، فيصل إلى بضع عشرات من آلاف الأطنان.



لقد أثارت خطة إغراق المنصة الشهيرة زBrent Sparس نقاشا حادا، أبرز بوضوح أمام الرأي العام مسألة التخلص الرشيد منها. وبدأ الآن أرباب الصناعة والعلماء والسياسيون بالبحث في وضع قواعد دولية ملزمة، وذات جدوى بيئية واقتصادية، لهذه القضية. لكن، وبعد أن تم في هذه الأثناء سحب منصة Brent Spar إلى ممر مائي نرويجي، يبقى التساؤل، حول أنجع السبل الاقتصادية والبيئية للخلاص منها، معلقا من دون جواب.

وأثناء التصميم يأخذ المهندسون في حسبانهم الحمل الناجم عن العوامل الطبيعية، وبخاصة عن الرياح والتيارات ومستوى الماء وارتفاع الموج، أو ذلك الناجم عن الجليد أو الهزات الأرضية. إذ يمكن للعواصف أن تتسبب بعزوم دفع، يصل مقدارها في المنصات الخرسانية الكبيرة إلى مليارات نيوتن متر. لهذا، يعتمد المصمم لهذه المنشآت على الإحصاءات الكبيرة المتعلقة بالشروط البيئية المحيطة بالموقع عند حساب التحميل الأعظمي المتوقع خلال فترة الاستخدام. فعلى سبيل المثال يجب أن ترتفع سوية سكن العاملين في المنصة على سوية أعلى موجة يمكن أن تحدث خلال مئة عام. وهي في بحر الشمال بحدود 25 مترا فوق المستوى النظامي لسطح البحر.

وبناء على ذلك، تعد السطوح المعرضة للريح والمياه إضافة إلى دعائم التثبيت ـ التي تنقل بالنهاية جميع القوى الأفقية والشاقولية المؤثرة في المنشأة إلى الأساسات في قاع البحر ـ من الأمور الأساسية في أية منشأة ثابتة. وهناك خياران ثبت جدواهما بشكل عام هما: منصة الجاكيت ومنصة الثقالة.

أما النوع الأول فهو عبارة عن هياكل مدعّمة، يرتكز ظهرها على مشبَّك من الأنابيب يبلغ قطرها في الغالب بضعة أمتار، ويصل سمك جدرانها إلى نحو 10 سنتيمترات [الشكل الأيمن في الصفحة 73]. فهي بذلك تقدم مساحة تعرُّضٍ صغيرة إزاء التيارات البحرية، وهذه ميزة حسنة لهذا النوع من البناء، حيث تتوزع الأحمال على نقاط الترابط، كما في المنشآت الخشبية الخلوية (الصندوقية). وغالبا ما يجري تثبيت هذا البناء في الأرض باستخدام أوتاد الضغط ـ شد، التي يتراوح قطرها ما بين 0.60 و 2.59 متر، في حين يتراوح سمك جدرانها بين ما يقرب من أربعة إلى ما يزيد على ستة سنتيمترات. أما طولها فيتراوح ما بين 70 و200 متر، في حين يمكن أن يصل وزنها إلى عدة مئات من الأطنان.

إن نحو 80 في المئة من المنشآت البحرية هي من هذا النوع، الذي يمكن تصميمه لأعماق بحرية مختلفة وأوزان متفاوتة. فعلى سبيل المثال، تنتصب منصة بول وينكل Bullwinkle في خليج المكسيك في مياه يبلغ عمقها 411 مترا، ويصل ارتفاعها الإجمالي إلى 492 مترا، ووزنها إلى 78000 طن، وبلغت نفقات إنشائها في نهاية الثمانينات نحو نصف مليار دولار. أما في بحر الشمال فتنتشر في أعماق، لا تزيد على بضعة أمتار، المحطات الصغيرة غير المأهولة، والتي يصل وزن الجزء العلوي منها إلى 150 طنا، ووزن الجزء الغاطس إلى 250 طنا. وهي قادرة، على سبيل المثال، وباستخدام مضخاتها، على رفع الضغط في المكمن. ويمتد هذا الطيف ليبلغ منصة للإنتاج في مياه عمقها 186 مترا، يصل وزن ظهرها إلى نحو 000 31 طن، ووزن الجزء الغاطس منها إلى 000 46 طن (يمكن أن نذكر للمقارنة أن برج إيفل ـ المنشأة الأرضية الفولاذية بارتفاع 300 متر تقريبا ـ يزن نحو 7000 طن فقط). ويتم، في معظم المنصات الكبيرة من طراز جاكيت، بناء ظهر المنصة الحاوي سكن الأفراد وخدماتهم من وحدات متكاملة modules مستقلة، يتراوح وزنها ما بين 1000 و2000 طن، وفي بعض الحالات الخاصة يصل إلى 000 10 طن.

أما منصات الثقالة، وتسمى أيضا منصات الخرسانة، فتعتمد في تحقيق ثباتها وسلامتها على وزنها الكبير، كونها تستند إلى قواعد الأساسات المفرغة وإلى الأوتاد المرتكزة عليها والأعمدة أو الأبراج التي تحمل ظهر المنصة. [الشكل الأيسر في هذه الصفحة]، وحيث تخدم التجاويف في جسم الأساسات من أجل التخزين المؤقت للنفط المستخرج. وتنتصب مثل هذه الأنظمة في بحر الشمال على أعماق تتراوح ما بين 70 و 216 مترا. ويتراوح وزن ظهر المنصة، المصنوع غالبا من الفولاذ، ما بين 000 11 و 000 54 طن.

كذلك الحال بالنسبة للبنى التحتية الخرسانية فهي ذات كتلة هائلة، تتراوح ما بين 000 130 و 000 800طن. وهكذا تقدم مثل هذه المنشآت الضخمة مساحات تعرُّضٍ واسعة تجاه القوى المؤثرة فيها، تسبب ظهور عزوم قص كبيرة. إضافة إلى ذلك، فمن الصعب في قاع البحر ـ على خلاف ما هو على اليابسة ـ توفير المساحة المستوية والأفقية لقاعدة الأساسات. ومن أجل تلافي الميلان، وبخاصة بسبب الارتكاز النقطي لجسم الأساس على نتوءات القاع، تتم إحاطته بسور من الجدران الواقية العمودية أو الألواح الخرسانية، يطلق عليها اسم الإزار، تنغرس بالأرض أثناء انحطاط المنصة وتسهم في تثبيتها في القاع. وفي النهاية، يتم ملء ما تبقى من الحجوم البينية بالخرسانة. وهكذا يقوم الإزار بتشبيك البناء الخرساني مع قاع البحر، مما يزيد من ثبات المنشأة ويمنع التسرب تحتها واغتسالها بالتجريف، وهو ما يمكن أن يحدث لجسم يرتكز على القاع نتيجة لاضطراب الجريان الذي يتسبب فيه.



تُصنَّف منصات الحفر بين أكبر المنشآت على وجه الأرض. وكي تتمكن هذه المنشآت من الصمود في وجه العواصف والأمواج، وغالبا حتى في وجه الزلازل البحرية وكتل الجليد، يتم بناؤها بهذه الضخامة، كما يتم تثبيتها جيدا في قاع البحر. وتتمثل الطرز الرئيسية منها بمنصات ذات رداء فولاذي «جاكيت» (في اليسار) ومنصات «القوة التثاقلية» المصنوعة من الخرسانة والخرسانة المسلحة (في الوسط) ومنصات «نصف الغاطس» المثبتة بحبال مشدودة (في اليمين). ويرتكز جسم المنصة ـ الذي يحمل الروافع ومهبط الطائرات السمتية وغرف العاملين وتجهيزات استخراج النفط ووحدات توليد الطاقة ـ على البنى التحتية المؤلفة من الخرسانة المسلحة. هذا ويتم تجهيز هذه المكوِّنات في الممرات المائية، ومن ثم إحضارها إلى الموقع المطلوب وتركيبها (الصورة).

وهناك، من هذين الطرازين الأساسيين، أشكال مختلفة وهجينة (أي منصات فولاذية ذات أساسات خرسانية). إضافة إلى ذلك، ثمة تصاميم خاصة عديدة مستخدمة حاليا، حيث تعمل في بحر الشمال ثلاث منصات من النوع المسمى ساق الشد Tension-Leg، وهو النوع الذي يزداد استخدامه في استثمار حقول النفط الواقعة في المياه الأكثر عمقا. وتتكون هذه المنصات من جسم عائم كبير الحجم، يسمى فنيا نصف الغاطس simesubmersible، يستند إليه ظهر المنصة عبر ركائز [الشكل الأيمن في هذه الصفحة]. ويتم أثناء التشغيل ملء الحجرات الفارغة إلى حد كبير، بحيث يغوص «نصف الغاطس» عدة أمتار تحت سطح الماء. كما يتم تثبيتها بغرز أوتاد الترسية في الأرض وشدها بوساطة حبال وأنابيب فولاذية. يكتسب «نصف الغاطس»، على أثرها حملا مائيا إضافيا، ويزداد غوصا في الماء، مما يسمح بتثبيت أطراف الشد مسبقة الإجهاد، عبر عمليات دفع ورفع الجسم العائم. وهكذا تصبح المنصة مستقرة في الأرض، بحيث لا تستطيع حركة مياه البحر دفعها أو دحرجتها. كذلك الأمر بالنسبة للأنابيب الفولاذية، فإنها لا تنثني نظرا لتعرضها إلى إجهاد مسبق.

أما المنشآت المأهولة بشكل متقطع، مثل تلك المستخدمة في تحميل الناقلات بالنفط، فتستفيد أيضا من الأبراج المتمفصلة، وهي، كما يدل الاسم، منشآت نحيلة ومرتفعة ومثبتة بشكل مرن في قاع البحر. وعلى خلاف المنشآت الصلبة، لا يكون عزم الفتل فيها على أعظمه عند الإنشاء، بل على العكس فهو يساوي الصفر. لذا يمكن الاكتفاء في هذه الحالة بالأنابيب ذات المقاطع الصغيرة، كما يجب أن يكون المفصل مصنوعا بشكل لا يسمح فيه بالدوران، بل بالميل والانحناء فقط. ويلاحظ هنا أن دفع الماء للبرج أو للأجسام العائمة الإضافية، يتسبب فقط في دفع المنصة بالقدر الذي تتمكن فيه من استعادة توازنها باستمرار.

وهكذا يتم تصنيع جميع هذه المنشآت على اليابسة أو في المياه العميقة المحمية، كالتي تتوافر في الممرات البحرية النرويجية أو الاسكتلندية، ومن ثم سحبها إلى مواقعها، حيث تحمَّل المنشآت الفولاذية على المراكب الكبيرة أو العوامات [الشكل الأيسر في الصفحة المقابلة]، في حين تعوم المنشآت الخرسانية المجوفة «ونصف الغاطس» ذاتيا. إلى أن تصبح المنصة جاهزة للعمل، بعد إنجاز تركيبها عبر الحبال والرافعات انطلاقا من المراكب والعوامات الراسية، وبعد تثبيتها مع التجهيزات الضرورية في المنصة نفسها.

إمكانيات التخلص الرشيد
وبما أن هذه المنشآت البحرية الكبيرة مصممة بشكل يتناسب مع المواقع المخصصة لها، فإنها لا تتوقف عن العمل إلا بنضوب حقل النفط أو الغاز الطبيعي، أو عندما يصبح تشغيلها غير اقتصادي، ولا يُنظر باستخدامها ثانية، وللغرض نفسه، في موقع آخر. كما تخرج بعض المنشآت من الاستخدام عندما يتوقف العمل فيها نتيجة عطل أو تلف مادي يؤثر في سلامة التشغيل فيها، أو عندما تصبح صيانتها عملية مكلفة.

وقد قامت الجهات الحكومية المسؤولة عن شؤون البيئة في ألمانيا باختبار الطرائق المختلفة للتخلص من هذه المنشآت على اليابسة أو في البحر استنادا إلى البيانات التقنية. وذلك بهدف تقديم المشورة للحكومة الاتحادية للاستئناس بها أثناء مفاوضاتها الدولية حول أفضل السبل لتحقيق ذلك. وتتمثل الاحتمالات الرئيسية في: بقاء هذه النظم بكاملها في مكانها، أو تفكيكها جزئيا حتى عمق معين تحت سطح الماء، أو تفكيكها بالكامل.

وفي الحالة الأولى: يتم استخدام المنشأة لأغراض أخرى بعد تزويد ظهرها بمنشآت جديدة. وإذا استحال ذلك، يمكن إبقاؤها في مكانها ووضع علاّم واضح عليها، كي لا تتضرر السفن العابرة من ذلك المكان، أو إغراقها في مكانها وتخزينها في قاع البحر. وتسمى هذه العملية الإطاحة Toppling.

وعند القيام بعمليات التفكيك، يتم فك وحدات المنصة ورفعها وتحميلها على ناقلة بحرية كبيرة «بارج» Barge لإعادة تدويرها على اليابسة، أو لنقلها وإغراقها في مكان بحري آخر ذي عمق سحيق. وغالبا ما يتحدث الناس عن التفكيك الجزئي عندما يتبقى جزء من المنشأة تحت سطح الماء. وهناك بعض الأجزاء المتحركة، التي لم تعد صالحة للاستخدام ولا تسبب أية مشكلات، كالتجهيزات المتحركة المستخدمة في استكشاف المكامن النفطية، حيث يمكن تفكيكها على الشاطئ على غرار ما يتم بالنسبة لحطام السفن.

ومن أوائل المنشآت البحرية الكبيرة تلك التي أقيمت في الأربعينات في خليج المكسيك، والتي روعي عند تصميمها وبنائها وتركيبها متطلبات التشغيل السليم في الظروف البيئية الصعبة، ولم يؤخذ إطلاقا بالحسبان احتمال الحاجة إلى تفكيكها في المستقبل. من هنا طالبت اتفاقية جنيف للحقوق البحرية عام 1958 بوجوب تفكيك ونقل المنشآت التقنية البحرية المهجورة بكاملها. وكان ذلك قابلا للتطبيق حينذاك، لأن هذه المنشآت كانت قائمة في مياه لا يزيد عمقها على 30 مترا.

وفي أواخر السبعينات، تم تأسيس المنصات الأولى في مياه يزيد عمقها على 100 متر، ومنذ وقت قريب أُنجزت الحفريات اللازمة في خليج المكسيك على عمق يزيد على 1000 متر تحت سطح الماء، ويمكن حاليا الوصول إلى ضعف هذا العمق باستخدام التصاميم والتقنيات الحديثة. لكن التفكيك الآمن، الذي لا يؤثر في سلامة البيئة، مازال أكثر صعوبة من عمليات الإنشاء نفسها.

وقد طالب مؤتمر الأمم المتحدة للحقوق البحرية عام 1982، من جديد، بضرورة تفكيك المنشآت البحرية كليا، أو جزئيا على الأقل، بعد الانتهاء من استخدامها، كي لا تعيق حركة السفن وعمليات صيد الأسماك. كما فَوَّض المؤتمر منظمة الملاحة الدولية International Maritime Organization بوضع الضوابط اللازمة لذلك. وهكذا صيغت المقترحات اللازمة حول ذلك بالتعاون مع لجنة حماية البيئة البحرية Marine Environment Protection Committee، وتحولت عام 1989 إلى قرار نافذ للأمم المتحدة. وبذلك، يصبح إلزاما التفكيك الكامل للمنشآت الواقعة في المياه التي يقل عمقها عن 75 مترا (واعتبارا من عام 1998، تلك التي يصل عمقها إلى 100 متر)، ويقل وزن البنى الحاملة فيها عن 4000 طن. وتستثنى من ذلك المنشآت التي يمكن استخدامها لأغراض أخرى، مثل الاستخدام كمحطات للأبحاث أو كشعاب بحرية اصطناعية. لكن هذه التوجهات لم تتضمن الضوابط حول إمكانية إغراق الأجزاء التي يتم تفكيكها في الماء، أو وجوب نقلها إلى اليابسة.



تعتبر طريقة فك اللحام الطريقة المثلى، وتصلح قبل كل شيء لفصل ظهر المنصة عن الهيكل الفولاذي الحامل له، وينبغي تنظيم عملية التفكيك بطريقة تبقي على مجمل المنشأة صامدة حتى النهاية، مع الأخذ في الاعتبار سلامة العاملين فيها.

ويُعتبر هدم الإنشاءات أو إغراقها في القاع مقبولا فقط في حال كان طول عمود الماء فوق الأجزاء المتبقية منها 55 مترا على الأقل، وكان ثبات هذه الأجزاء مضمونا وآمنا. ويتحقق ذلك، على سبيل المثال، في ربع المنشآت البحرية الموجودة في بحر الشمال. هذا إضافة إلى وجوب تثبيت جميع البيانات الخاصة بالأجزاء الغارقة في خرائط بحرية ووضع العلامات المميزة عند الضرورة، وتكليف المالك بمراقبة حالة هذه المخلَّفات. كما ينبغي أن تقوم المعاهد الوطنية للدول، ذات الشواطئ على هذه البحار، بفحص الخيار الذي أخذ به المالك واعتماده.

وبناء على الجدل الذي دار حول منشأة برينت سپار، قرر مؤتمر حماية بحر الشمال، الذي عُقِد في الشهر 6/1995 في مدينة إيسبرگ الدنماركية، الموافقة على اتفاقية ملزمة تقضي بألا تقوم الدول المعنية بإغراق المنصات التي تقع ضمن حدودها الإقليمية. لكن هذه الاتفاقية واجهت معارضة من قبل بريطانيا والنرويج، وستبقى هاتان الدولتان غير ملزمتين بتنفيذها إلى أن يتم الإقرار النهائي لهذه الاتفاقية. كما طالب المؤتمر بأن تقوم لجنة أوسلو ـ باريس بوضع الأنظمة المناسبة (تهتم هذه اللجنة منذ اتفاقية أوسلو عام 1972 بشؤون الحماية من التلوث البحري في كل من بحر الشمال وشمال الأطلسي ومنع إلقاء النفايات أو المواد الأخرى في البحر. وفي عام 1985 أعلنت هذه اللجنة أن إغراق المنشآت البحرية أو أجزاء منها يعد نوعا من إلقاء النفايات وتنطبق عليه شروط الاتفاقية). ويتم حاليا، بناء على هذه الخلفية القانونية، وضع التنظيمات البحرية الخاصة بهذين البحرين والمتعلقة بأفضل الطرائق للخلاص الرشيد من هذه المنصات. ومن المتوقع أن تصدر عن الاجتماع الوزاري، الذي سيعقد في صيف عام 1998، قرارات حاسمة حولها.

الترحيل الفني
انطلاقا من سلامة العمل والبيئة، فإن عمليات التفكيك والتخلص من المنشآت البحرية، التي سبق ذكرها، هي عمليات مكلفة شأنها في ذلك شأن عمليات بناء وتركيب المنشأة البحرية. وينطبق ذلك أيضا على العطاءات الخاصة بتنفيذ المشروع، والتي تستلزم الفحص الدقيق والتوثيق، فيما يتعلق بالمنصة وبالظروف المحلية. ويجب على جميع الشركات المتنافسة عرض جميع التدابير والاحتياطات التي ستأخذ بها، بما في ذلك الطرائق التقنية اللازمة والأجهزة المستخدمة وكيفية مراقبة سير العمل. وسيتم فحص هذه الخطط والمفاهيم، ليس فقط على أساس القدرة على تنفيذها، ولكن أيضا على ضوء إمكانية التعارض مع الحقوق الوطنية أو الدولية.

في البداية، يتم تفكيك المكونات التقنية، التي لا تزال بحالة جيدة أو يمكن إعادة تأهيلها، حيث يتم تفكيك الأعتدة الثقيلة، مثل مهبط الطائرات السمتية وأبراج الحفر والمشاعل وتحميلها على السفن.

ومن أجل الحفاظ على سلامة البيئة والإقلال من تلويثها، ينبغي التعامل بحذر مع المواد الضارة التي غالبا ما تكون موجودة في هياكل ظهر المنصة أو في خطوط الأنابيب أو في آليات المنشآت، وذلك بإزالتها قبل إجراء عمليات التفكيك، أو نقلها مع الأجزاء التي تحتوي عليها إلى الشاطئ، حيث يجري حرقها كنفايات استثنائية، أو دفنها تحت سطح الأرض؛ أي إن من الواجب القيام بعملية التفكيك البحرية، بحيث لا تنبعث منها في المستقبل أية مواد ضارة.

وأخيرا يتم فصل ظهر المنصة عن قاعدتها، ثم يتم تفكيكه ونقله عند الضرورة. وعندها يجري فك الوصلات باستخدام طرائق القطع بالحرارة، أو طرائق جديدة أخرى مثل القطع باستخدام الأشعة المائية الدافقة [الشكل في هذه الصفحة]. إذ يتراوح وزن القطع المفردة ما بين 100 و 000 10 طن، ويبلغ متوسط وزن الواحدة منها 1500 طن، تنقلها رافعة المنصة أو الرافعات الإضافية العائمة إلى ظهر مركب كبير (بارج) ومنه إلى المكان المناسب.

أما البنى التحتية (الواقعة تحت سطح الماء) فتتطلب قدرا أكبر من الجهد والعناية، حيث تجمعت في الفترة الماضية الخبرة الكافية في تفكيكها، وبخاصة عبر عمليات تفكيك نحو 1000 منصة صغيرة (يصل وزنها إلى 5000 طن) من طراز «جاكيت» في خليج المكسيك، ومثيلات لها أيضا في بحر الشمال. ويفضل أن يقوم الغطاسون (رجال الضفادع) أو العمال الفنيون القابعون في الحجرات المقاومة للضغط، أو من داخل الغواصات، بوضع العبوات الناسفة عبر التحكم عن بعد وفي المواقع المناسبة، بهدف قطع المشبّكات الفولاذية بالشكل المطلوب. أما أجزاء المباني الصغيرة وغيرها من البنى تحت البحرية، فتنقلها الرافعات ـ المثبتة في نقاط الارتكاز التي استخدمتها أثناء تشييد المنصة ـ إلى ظهور المراكب الكبيرة (البارجات).

وإذا انتفت ضرورة الترحيل وإجراء المزيد من التفكيك ومعالجات التخلص الأخرى، تصبح عملية الإطاحة (الإيداع في القاع)، إذا جاز ذلك قانونيا، أقل الخيارات تكلفة: وهنا يتم قطع الأجزاء السفلية من المنشأة عند العمق المطلوب، لتقوم الجرارات بشدها من طرفها العلوي، إلى أن تنقلب في قاع البحر. ومن أجل الحفاظ على سلامة العاملين وتنفيذ عملية التفكيك حسب الخطة المرسومة، ينبغي ـ بالطبع ـ أن تكون المنشأة صامدة ومتماسكة خلال القيام بالمعالجة، بحيث يتمكن العاملون من تقطيع أوصالها في المواقع المحددة وبالتسلسل المنطقي.



أنتجت منصة إيسموند، الواقعة في جنوب بحر الشمال، والتابعة لمؤسسة BHP النفطية البريطانية، الغاز الطبيعي في الفترة الواقعة ما بين عامي 1985 و (b,a) 1995. حيث يغوص هيكلها الفولاذي إلى عمق 33 مترا تحت سطح الماء، ويبرز بمقدار 49 مترا فوقه. أما ظهر المنصة فيزن 5000 طن. بدأ التفكيك المتتابع للمنشأة عام 1996 بإغلاق الآبار، ثم قامت رافعة ضخمة بفصل الوحدة الحاوية مهبط الطائرة السمتية وتحميلها على مركب كبير (بارج) (c). وبعدها تم رفع باقي ظهر المنصة (d) ثم الهيكل السفلي (e و f)، إلى أن تم إنجاز تفكيكها كاملة في الشهر 1997/1. وتم نقل هذه الكتل إلى مرفأي بيلنگهام (انگلترا) وروتردام (هولندا) للقيام بتفكيكها وإعادة تدويرها، حيث تتوفر في هذين المرفأين البنية التحتية اللازمة لذلك.

وفي النهاية، يتم تحرير قاع البحر من ركائز التثبيت، وكل ما يمكن أن يعيق رسو السفن، أو يؤثر في شباك الصيد، كما يتم إغلاق ثقب البئر عبر حقنها بالخرسانة. وبعدها ينبغي الكشف على موقع العمل مرة أخرى والتأكد من سلامته.

وهكذا تم، حسب هذه الخطة العامة، التخلص من منشآت بحرية مختلفة في بحر الشمال، مثل منصة إيسموند Esmond البريطانية [الشكل في هذه الصفحة]. وأزيلت كذلك عام 1993 المنشأة الألمانية الوحيدة المهجورة، المعروفة باسم «منصة أبحاث بحر الشمال» (EPN)، والتي بلغ وزن ظهرها 1500 طن ووزن جزئها السفلي 1170 طنا، حيث تم التخلص منها بعد نقلها إلى الشاطئ [الشكل في الصفحة 76]. وكانت هذه المنصة قد أقيمت خلال عامي 1974 و 1975 شمال غرب هيلگولاند في مياه عمقها 30 مترا، وبتكليف من وزير البحث والتقانة الألماني حينذاك. وقدمت المنصة خدمات عديدة: كمحطة قياس للبيئة البحرية، ولأغراض المراقبة لصالح السلطة الاتحادية، المنوط بها أمور النقل البحري ومياه البحار وكمختبر لإجراء التجارب الكبرى على المنشآت البحرية، التي يجري تطويرها في ألمانيا، وكقاعدة لأعمدة (هوائيات) الإرسال الخاصة بمركز الأبحاث التابع للجيش الألماني، المتخصص بدراسات رجع الصدى في الماء والدراسات الجيوفيزيائية. علما بأن عملية تفكيك هذه المنشأة تمت بإشراف وتنظيم جمعية المهندسين في هامبورگ (IMS) بالتعاون مع العديد من الخبراء والدوائر الأخرى.

وقد عمدت جمعية المهندسين المذكورة إلى تجنب استخدام تقنيات التفجير، التي كثيرا ما تستخدم في هذا المجال، رغبة منها في تلافي المشكلات التي يمكن أن تنجم عن ذلك ومنها:
ـ إن التفجيرات يمكن أن تسبب الأذى للبيئة البحرية.
ـ تتميز بعض المتفجرات بسميتها، ويرتبط التعامل معها بالأخطار.
ـ قد يتسبب إخفاق بعض الشحنات بتهديد استقرار المنشأة.
ـ قد تتسبب موجات التفجير بإلحاق الأذى بوسائط النقل البحرية الموجودة في الموقع.

وقد تم، إضافة إلى ذلك، تحليل إمكانية رفع ونقل الظهر وكل من الجزء العلوي والسفلي للبناء. إذ تبين عدم جدوى ترحيلها على عدة عوامات، لأن نقاط الوصل بينها ستكون عرضة لإجهاد كبير تسببه أمواج البحر. وخلافا لذلك، أظهرت المحاكاة الحاسوبية أن استخدام رافعتين عائمتين أو ثلاث، إضافة إلى مركب كبير (بارج)، هو الأجدى من الناحية الاقتصادية والأسرع والأكثر أمانا، وهذا ما أثبته بالفعل التطبيق العملي.


الخطوات اللاحقة
وبعد ترحيل وحدات ظهر المنصة والبنى الواقعة فوقها إلى اليابسة، تستمر عملية تفكيكها، لتوفر بذلك الفرصة أمام المنتجين الأصليين، ومعظمهم من هولندا وبريطانيا والنرويج، لمعالجتها وإعادة استخدامها في حال كانت لا تزال صالحة وتوافرت الحاجة إليها. وتجدر الإشارة إلى أن القليل فقط من هذه المعدات والتجهيزات يمكن إعادة استخدامها، في حين يمكن الإفادة من معظمها كخردة وكمصدر للمواد الأولية. وتبين التقديرات أن 90 في المئة من الوزن الإجمالي للمنصة ذات «الجاكيت» يمكن إعادة استغلاله بهذه الطريقة، وأن البقية الضئيلة ينبغي حرقها أو دفنها.

تستلزم عمليات التفكيك والتكهين (التخريد) على اليابسة، إلى حد بعيد، تقنيات مشابهة لتلك اللازمة لتفتيت المنشآت الصناعية وحطام هياكل السفن وحجرات آلاتها، حيث تعد التقنيات والخبرات المناسبة لهذا الغرض متوافرة جيدا في وقتنا الحاضر. ولكن، لا بد من إظهار عناية خاصة عند التخلص من بعض المواد الضارة أو معالجتها، وبخاصة الفلزات الصلبة والزيوت وثنائي فينيل عديد الكلور (PCB's)، التي يمكن أن تسبب أذية شديدة للبيئة إذا لم يتم التعامل معها بعناية وحذر.



توقفت منصة الأبحاث الألمانية في بحر الشمال عن العمل في أواخر عام 1992، بعد خدمة دامت سبعة عشر عاما كمحطة للقياس والاختبار. وتقع هذه المنصة الفولاذية النموذجية شمال غرب هليگولاند في مياه يبلغ عمقها 30 مترا. وكان يتوجب تفكيكها بمراعاة القوانين البيئية. إذ أظهرت المحاكاة الحاسوبية، على سبيل المثال، (في اليسار) أن رفع ظهر المنصة بوساطة عدد من الروافع الصغيرة العائمة، ووضعها على مركب كبير (بارج) (في الوسط) هو الأجدى من حيث الكلفة. وقد تم أيضا نقل الهيكل السفلي بالطريقة نفسها إلى الشاطئ تمهيدا لتخريده.

وفي الحقيقة، يُطلب اليوم استبدال الزيوت الحاوية ثنائي فينيل عديد الكلور (PCB)، والمستخدمة في النظم الهيدروليكية والمحولات والمكثفات وهي لاتزال في طور العمل، كما يجب استبدال الأسبست المستخدم في عزل خطوط الأنابيب الموجودة في المنصة. ومع ذلك تشاهد بقاياها قابعة في الموقع.

أما الهياكل الفولاذية التحتية، فإن تكهينها يتطلب جهدا أقل، وتحتاج فقط إلى مساحات كبيرة ورافعات قوية وتقنيات تفكيك غير ضارة بالبيئة، شبيهة بتلك المستخدمة في السفن. ومع أن هناك، في حالات معينة فقط، فرصة متوافرة لإعادة الاستخدام بالنسبة للوحدات ذات البنى الخليوية (الصندوقية) في منصات جديدة، لكنها تبقى، اقتصاديا وكمادة خام، ذات قيمة عالية: حيث تخدم الخردة بديلا لكميات كبيرة من المادة الخام اللازمة لإنتاج الصلب؛ مما يحقق وفرا كبيرا في الخامات المستخدمة وفي كميات الفحم اللازمة لإنتاج الطاقة، ويقلل أيضا من الكميات الصماء المرافقة للإنتاج المنجمي ومن استهلاك المساحات اللازمة لطرحها على سطح الأرض.

وتقدر مؤسسة هايبريون للاستشاريين الطاقيين Hyperion Energy Consultants بلندن، أن توفير الطاقة في عمليات تدوير المنصة ذات «الجاكيت» والبالغ وزنها 32000 طن، يصل إلى نحو 000 410 گيگاجول. وهذا يعادل الطاقة الناجمة عن إحراق 000 14 طن من الفحم الحجري، تغطي حاجات 4000 أسرة ألمانية مكونة من ثلاثة أفراد لأغراض التدفئة وتسخين الماء وتشغيل الآلات الكهربائية المنزلية لمدة عام كامل. إضافة إلى ذلك، فإن استخدام هذه الكمية من الفحم لأغراض التعدين، كان سيؤدي إلى إطلاق 39000 طن من ثنائي أكسيد الكربون. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا القدر من وفر الطاقة، كان سينخفض فيما لو تم نقل المنصة مسافات طويلة، ولكن ذلك لن يقلل من أهميتها في ترشيد استخدام الموارد. هذا ويمكن تحسين المردود الإجمالي لهذه العملية، فيما لو تم التخلص من عدة منصات تابعة للحقل النفطي نفسه في وقت واحد.

إن عملية الإغراق في أعماق البحر تتطلب نفقات تضاهي عملية التفكيك والنقل إلى اليابسة، وقد تفوقها أحيانا، وذلك حسب موقع المنصة ومكان المِكَب depony. ولا بد هنا من الأخذ بالحسبان ما تتطلبه عمليات الإغراق من كلفة إضافية، تنتج من تسيير الرحلات الدورية لسفن المراقبة وما تتطلبه من تكاليف وطاقة. ولا يقتصر دور المراقبة هنا على ما يمكن أن ينجم عن انبعاث المواد الضارة أو تأثيرات ناجمة عن تغيرات في الإجهادات الفيزيائية للبنى، بل تمتد أيضا إلى تأثيرات أخرى مثل تأثير النحاس والقصدير في نظم تبيؤ قيعان البحار. وفي جميع الأحوال، فإن عملية الرقابة هذه نادرا ما تتمخض، في وقت الأزمات، عن نتائج مجدية، بسبب النقص في تقانات الإشفاء المناسبة.

منصة الثقالة: حالة صعبة
لا تتوافر حاليا الخبرات العملية حول تفكيك المنشآت الخرسانية المسلحة الكبيرة والتخلص منها بشكل رشيد. وخلال الأعوام الماضية، تم وضع مخططات مختلفة حول هذا الموضوع، كان القاسم المشترك فيما بينها أن تتم عمليات التفكيك بالاتجاه المعاكس، من حيث المبدأ، لعمليات التركيب والإنشاء.

ويتم في هذه الحال تفكيك وحدات ظهر المنصة، بعد ضغط الهواء في الحجرات الفارغة من البنية التحتية الخرسانية، إلى أن تعوم مُعلقة في الماء من دون الحاجة إلى رفعها (تقوم هذه الحجرات الفارغة بدور مستودع وسيط للنفط، لذا يجب أولا غسلها، ومن ثم فصل الماء عن الزيت في سفينة خاصة). وينبغي، بعد ذلك، التخلص من إزارات التأسيس باستخدام طريقة قص معينة، وهو عمل لم يتم اختباره بعد، وقد يصعب تنفيذه لصعوبة الوصول إلى إزارات التأسيس. إضافة إلى ذلك، فإن المنصة تمسك بالقاع عبر المساحة الضخمة لقاعدتها، كما ناقوس شفط قوي، بحيث يصعب تعويمها بمجرد الاستمرار في دفع الهواء فيها، بل يجب ـ وبتسديد دقيق ـ تجريفها من الأسفل. وعلى أية حال غالبا ما تؤخذ مثل هذه الإجراءات في الحسبان في مرحلة الإنشاء.

وإذا ما طفت المنصة أخيرا يجب إزالة الأوساخ من وجهها السفلي، قبل جرها إلى ممر بحري عميق كان موقعا لها أثناء مرحلة البناء. وهناك يمكن تفكيك الهياكل المتبقية على ظهرها، وإزالة حواف الظهر وتنظيف الخزانات في الحجرات الجوفاء. على أن تتم قبل ذلك في الموقع جميع أعمال التفكيك الجزئي، إضافة إلى تنظيف صهاريج التخزين وتفجير ما تبقى من الأجزاء الخرسانية.

لكن المشكلة الكبرى، هي التعامل للتخلص من البنية التحتية المؤلفة من الخرسانة المسلحة، والتي لا يمكن أن تتم على اليابسة على عكس التعامل مع المنشآت الفولاذية؛ لأن العملية تحتاج إلى رافعات جبارة تصل حمولتها إلى000 14 طن (وهذا يعادل ضعف وزن برج إيفل) لتقوم بانتشال الكتل الخرسانية المسلحة التي يفوق وزن الواحدة منها استطاعة الرافعة العائمة، فكيف تقوى الرافعة الأرضية على ذلك وهي الأضعف بكثير (لا تستطيع أقوى الرافعات الأرضية حمل أكثر من 1000 طن). كما لا تتوافر حاليا تقنيات قطع موثوقة يمكن استخدامها لتكسير الهياكل الخرسانية المسلحة ذات الجدران السميكة. وهذا يعني وجوب تقسيم الجسم الأجوف وهو عائم فوق سطح الماء، وذلك بتفجيره وإغراق أجزائه، لأن عملية القص باستخدام شعاع الماء لا تناسب جميع الأشكال الهندسية.

وحتى لو وجدت الحلول لهذه المسائل، يبقى السؤال المطروح دائما: أين يمكن تخزين الكتل التي لا جدوى منها؟ والجواب إنه لا مناص من إيداعها في قاع البحر، حيث لا تتوافر المنشآت الخاصة لإعادة تدوير الخرسانة إلا في عدد محدود من الدول، خلافا للخردة الفولاذية التي يسهل صهرها من جديد وإعادة استخدامها. وحتى هذه الدول، لا يمكنها التعامل مع جميع الكميات المتوافرة من هذه الخرسانة. (وبالمقارنة، فإن الجزء الأعظم من الأنقاض الخرسانية الناجمة عن هدم المباني على اليابسة يجري تخزينه في المكبات الخاصة، في حين يتم، حتى اليوم، استخدام الجزء اليسير منها فقط في عمليات رصف الطرق). ويبدو، في الوقت الحاضر، أن التدبير الوحيد المجدي من الناحية العملية هو جر الهيكل السفلي العائم للمنصة باتجاه مناطق البحر العميقة وتفجيره هناك.

تدبُّر الوسيلة
إن عملية إغراق بنية ظهر المنصة ومنشآتها التقنية في عرض البحر هي بالتأكيد أقل الوسائل كلفة. لكنها ستؤدي، عاجلا أم آجلا، إلى تجمع كم كبير من المواد الضارة في نظام تبيؤ حساس. وفي حال تمت الأعمال بحذر ودراية، فقد تكون كمية هذه النفايات في المياه قليلة نسبيا، وبتراكيز منخفضة. مع أنه لا يمكن لأحد أن يضمن ألا تَتْرُك هذه النفايات، على قلتها، أثرا دائما في الحياة البحرية. وإذا ما حدث ذلك، فلا تتوافر الإمكانات اللازمة للتدخل لاحقا، خلافا لما هي الحال على اليابسة. إذ من غير الممكن علاج الآثار السلبية لتجميع النفايات في قاع البحر ولا يمكن التفكير إطلاقا برفعها وترحيلها، كما نفعل اليوم بالنسبة للنفايات على اليابسة. لذا ينبغي التخلص من البنى الأكثر تلوثا في ظهر المنصة وفي خطوط النقل والمنشآت التقنية ومعالجتها باستمرار على اليابسة.

أما البنى التحتية للمنصة فلا تسبب هذا القدر من المشكلات، إذ لا ينفث الصلب أو الخرسانة المسلحة مواد ضارة. ويتم في خليج المكسيك، على سبيل المثال، تنظيف الهياكل التحتية الفولاذية قبل إغراقها، لتكون شعابا اصطناعية. لكن هذه الطريقة غير قابلة للتعميم في جميع الظروف، لأن الأمر يحتاج إلى إشعاع شمسي ودرجة حرارة عاليتين تسمح لساكني هذه الشعاب باللجوء إليها، إذ من المشكوك فيه أصلا، أن تكوِّن هذه المواد قاعدة حيوية مناسبة. وتجدر الإشارة إلى أن السلطات المختصة في الولايات المتحدة الأمريكية فرضت رسوما كبيرة لتنظيف هذه المنشآت، حيث يجب على الصناعات المعنية أن تدفع نصف المبالغ التي وفرتها عبر إغراق منشآتها، والتي تتراوح الآن ما بين 20000 و 000 350دولار لكل منصة، لصالح صندوق حماية البيئة البحرية.

كما يُنصح، بناء على الأسباب المذكورة، بترحيل المنشآت الفولاذية الواقعة في مجال الجرف القاري الأوروبي إلى اليابسة لإعادة تدويرها. أما الهياكل الخرسانية التحتية ذات الحجوم الضخمة، فليس لها حسنات تبيوئية (إيكولوجية) واضحة، إضافة إلى أن كلفة الطاقة اللازمة لتكسيرها ونقلها إلى الساحل ـ إذا كان ذلك ممكنا من الناحية التقنية ـ ستكون أكبر بكثير، إضافة إلى ضيق المساحات المخصصة للتخزين.

لهذا فإن الحكومة الاتحادية الألمانية تتبنى، استنادا إلى توصيات إدارة البيئة الاتحادية، المواقف التالية في المفاوضات الدولية:
ـ ينبغي تفكيك بنى ظهر المنصة وخطوط النقل والمنشآت التقنية والبنى الفولاذية تفكيكا كاملا ومعالجتها للخلاص منها على اليابسة.
ـ أما الهياكل الخرسانية التحتية للمنصات من الطراز الثقالي، فينبغي الإبقاء عليها في مكانها أو اختيار الموقع المناسب لإغراقها في قاع البحر.
ـ يمكن للهياكل الخرسانية التحتية أن تخدم كشعاب صنعية في حالات استثنائية مبررة، وفي مناطق محددة كخليج المكسيك، حيث تصادف حاليا، أو وُجدت في الماضي، شعاب طبيعية.
ـ ينبغي تنظيف جميع المكوِّنات، التي سيتم إغراقها في البحر، وتخليصها، ما أمكن، من المواد الضارة. وهذا ينطبق بشكل خاص على الخزانات الموجودة في الهياكل التحتية وخطوط النقل وغيرها من المرافق التقنية.
ـ لا بد من إعادة تأهيل موقع المنشأة البحرية، بعد توقف العمل فيها وإعادته، ما أمكن، إلى حالته الطبيعية. وينبغي ألا تسبب المكونات المتبقية إعاقة حركة السفن وعمليات الصيد أو تهديدها.
ـ يجب إقفال مواقع الحفر المهجورة بشكل لا تتسبب فيه، حتى الزلازل، بانسياب النفط أو الغاز الطبيعي منها، وبشكل لا يؤثر في حركة السفن أو عمليات الصيد، وبحيث لا يمكن إعادة فتحها إذا علقت بها مرساة أو شبكة صيد.

تحرص كل من بريطانيا والنرويج، وهما أكثر الدول الأوروبية نشاطا في مجال التقنيات البحرية، على مراعاة مصالحهما الاقتصادية في أية مفاوضات. أما هولندا، فهي ثالث دولة من حيث حجم استخراج النفط من البحر، وتملك حاليا أكثر من 100 منصة (يقع معظمها في المياه الضحلة، وتشمل منصة خرسانية يبلغ وزن قاعدتها 60000 طن). وقد أعلنت أنها ستقوم بنقل منشآتها إلى اليابسة ومعالجتها للتخلص منها. أما المنصات الألمانية الأربع الموجودة في بحر الشمال، فسيتم التعامل معها وفق القانون الألماني الذي يسمح ـ بشروط محددة فقط ـ بإغراق المخلفات الناجمة عن حفارات المعابر والموانئ.

وباستثناء المنشآت الخرسانية الضخمة، يعتبر التخلص على اليابسة الخيار البيئي الأفضل لمنصات استخراج النفط في مجال الجرف القاري (المياه الشاطئية). وهي الطريقة الأسهل تنفيذا من الناحية التقنية والأقل كلفة. ويجب على صناعة النفط والغاز في المستقبل أن تتخذ جميع الاحتياطات اللازمة، أثناء بنائها لمنشآتها، وأن تلتزم ببناء المنشآت المناسبة فقط. ذلك أن البحار، التي تشكل المجال الأرحب لنظام التبيؤ الكوني، تتطلب حماية حازمة وإجراءات وقائية فعالة.

المؤلف
Markus G. Ophoff
درس الكيمياء في جامعة بريستول بانگلترا وفي جامعة آخن التقنية (منطقة الراين ـ ويستفالن بألمانيا)، التي حصل منها أيضا على الدكتوراه عام 1993. عمل بعدها باحثا في مصلحة البيئة الاتحادية ببرلين، باختصاص الصناعة الكيميائية والتخلص من النفايات البحرية. وفي العام الذي يليه عمل في تخصصات صناعة الآلات ووسائط النقل والصناعة الكهربائية والمعالجة السطحية. ونظرا لخبرته في مجال الإفادة من النفايات وتحاشيها، فوَّضته الحكومة الاتحادية بتمثيلها في المفاوضات الدولية حول التخلص من المنشآت البحرية ودراسة إمكانات تدويرها على اليابسة. ومنذ عام 1997، صار مستشارا لشؤون المعلومات البيئية في منظمة البيئة الاتحادية الألمانية بمدينة أوسنابروك.

مراجع للاستزادة
Offshore Abandonment .Activities: The Energy and Environmental Impacts. Von P. B. Brindley und M. Corcoran in: ; Society of Petroleum Engineers, SPE 30373, 1995.
An assessment of the environmental impacts of decommissioning options for oil & gas structures in the UK North Sea Auris Enviromental, Berdeen 1995.
Ruckbau und Entsorgung von Offshore -Plattformen in der Nordsee. Studie der IMS Ingenieurresellschaft mbH im Auftrag des niedersachsischen Umweltministeriums, Hamburg/Hannover 1995.
AuBerbetriebnahme von Offshore Ol- und Gas-Anlagen: Zur Frage der Ausgewogenheit von Entsoraunasaspekten. Wirtschaftsverband Erdol- und Erdgasgewinnung e. V., Hannover 1996.
A Technical Review of the Possible Methods of Decommissioning and Disposing of Offshore Oil and Gas Installations. Europiiische Kommissionen DG XI and DG XVII, Brussel 1996.

مجلة العلوم : يونيو - يوليو1998 / المجلد 14






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-14-2009, 08:38 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: التخلص الرشيد من منشآت النفط البحرية


نووور



حفظك الله على الطرح العلمى الرائع

يسر الله امورك وكتب لكى الخير

دعواتى لكى بالصحة والعافية






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 08-26-2009, 05:46 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: التخلص الرشيد من منشآت النفط البحرية

احمد المصرى
نورت باجمل اطلالة
كل الشكر لك







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:41 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator