قناة السويس
هي قناة مائية تقع إلى الغرب من شبه جزيرة سيناء، وهي عبارة عن ممر ملاحي بطول 163 كم في مصر بين بورسعيد على البحر الأبيض المتوسطوالسويس على البحر الأحمر. وتقسم القناة إلى قسمين ، شمال وجنوب البحيرات المرّة.
تسمح القناة بعبور السفن القادمة من دول المتوسط وأوروبا بالوصول إلى آسيا دون سلوك الطريق الطويل - طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، وأيضا قبل حفر القناة كان بعض النقل يتم عن طريق تفرغ حمولة السفن ونقلها برا إلى البحر الأحمر.
تاريخ القناة
إن فكرة ربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر قد داعبت مخيلة حكام مصر منذ أقدم العصور ولا غرابة فإن بوغاز السويس وموقع مصر الجغرافي يغريان علي تنفيذ هذه الفكرة إغراء ليس له مثيل فإن مصر كانت دوما بمثابة سوق لتبادل التجارة بين الشرق والغرب فغنمت من وراء ذلك غنائم لا حصر لها، وكان من الطبيعي أن يفكر حكامها منذ القدم تحسين حالة تجارتها أن يهتموا بحفر ما يعرف حينئذ ب ( قناة الفراعنة) ولا سيما أن المجاري المائية كانت أقل سبل النقل تكلفة في حين كانت قوافل الجمال عبر الصحراء تتطلب حراسة باهظة التكاليف ضماناً لأمنها وسلامتها .
القنوات الصناعية القديمة فى مصر
عنى حكام مصر الأقدمون بحفر قناة صناعية تربط بين البحرين الأحمر و المتوسط ولكن بشكل غير مباشر و ذلك من خلال ربطهما بنهر النيل أو بأحد فروعه (الفرع البيلوزى), ومن أشهر تلك القنوات:
قناة الملك سنوسرت الثالث عام 1874 ق.م
قناة سيتى الأول عام 1310 ق.م
قناة نخاو عام 610 ق.م
قناة دارا الأول عام 510 ق.م
قناة بطليموس الثانى عام 285 ق.م
قناة الرومان (راجان) عام 117 ق.م
قناة أمير المؤمنين عام 640 م
متى فكر المسلمون بشق قناة السويس
الفكرة قديمة جداً، وتكاد تكون في السنوات الأولى لدخول العرب المسلمين أرض مصر. فقد ورد أن عمرو بن العاص رضي الله عنه فكّر بهذا الأمر وأراد أن يباشر العمل ولكنه استشار الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمنعه خوفاً من أن يطمع الروم بالاقتراب من مكة والمدينة والانتشار بسفنهم في البحر الأحمر (الذي كان يدعى بحر القلزم).فقد كانت السيادة في البحر لهم في ذلك الوقت، ولم يكن العرب قد باشروا ببناء أسطول بحري خاص بهم.
وبعد أقل من قرنين من تلك المحاولة أراد الخليفة العباسي هارون الرشيد حفر قناة تصل البحرين ببعضهما لتيسير سبل التجارة والإمداد، ولكن السبب ذاته وقف عائقاً عن تنفيذ الفكـرة التـي
كانت جاهزة من الناحيتين الفنية والهندسية. فقد فكّر أولاً بحفر قناة تصل نهر النيل بالبحر الأحمر تكون ممراً للسفن الصاعدة في النيل من الإسكندرية إلى البحر الأحمر ولو بعيداً عن (ذنب التمساح) وهو الموضع القريب من البحر الأبيض المتوسط، ثم فكّر بشق قناة في الموضع الحالي لقناة السويس ولكنه وجد من يحذّره من ذلك.
يقول المسعودي في كتابه (مروج الذهب) متحدّثاً عن فكرتي الخليفة العباسي، الأولى والثانية ما يلي:
(وقد رام الرشيد أن يوصل بين هذين البحرين مما يلي النيل من أعالي مصبّه من نحو بلاد الحبشة وأقاصي صعيد مصر، فلم تتأتَّ له قسمة ماء النيل، فرام ذلك مما يلي بلاد الفرما نحو بلاد تنيس على أن يكون مصب بحر القلزم إلى البحر الرومي، فقال يحيى بن خالد (الوزير يحيى البرمكي): يخطف الروم الناس من المسجد الحرام والطواف، وذلك إن مراكبهم تنتهي من بحر الروم إلى بحر الحجاز فتطرح سراياها مما يلي جدّة، فُيخطف الناس من المسجد الحرام ومكة والمدينة).
وهكذا ترك تنفيذ هذا المشروع الحضاري المهم، كما تُرك بعده بقرنين مشروع السدّ العالي في صعيد مصر. ولكن الإحجام عن إنجاز هذا المشروع كان بسبب صعوبة تنفيذه – بل استحالته- في ذلك الوقت وبالمعدّات البدئية.
أما مشروع القناة التي تربط البحرين، الأحمر بالأبيض المتوسط، فقد تُرك بسبب العدوان الدائم الذي كان يشنّه الروم على العرب والمسلمين واختطاف الناس الأبرياء من السواحل كما يفعل القراصنة في كل العصور.
الحاجة لحفر قناة السويس
بعد قيام الرحالةفاسكو دا جاما باكتشاف طريقرأس الرجاء الصالح لم تعد السفن القادمة تمر علىمصر بل تدور حول قارة إفريقيا. وبعد ضمّبريطانيا العظمىالهند إلى ممتلكاتها أصبح طريق رأس الرجاء الصالح حكراً على بريطانيا وحدها. لذلك فقد كان على فرنسا أن تفعل شيئاً يعيد لها مجدها وهيبتها لذا ظهرت الحاجة لحفر قناة السويس. ولكن معظم تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب وجود اعتقاد خاطئ بأن منسوب مياهالبحر الأحمر أعلى من مياه البحر المتوسط.
دراسات حفر القناة فى القرن الـ 19
في عهدنابليون بونابرت وأثناء وجود الحملة الفرنسية بمصر، وتحديداً في14 نوفمبر1799م، كُلّف أحد المهندسين الفرنسيين ويدعىلوبيير بتشكيل لجنة لدراسة منطقة برزخ السويس لبيان جدوى حفر قناة اتصال بين البحرين. إلا أن التقرير الصادر عن لجنة لوبيير كان خاطئاً وذكر أن منسوب مياه البحر الأحمر أعلى من منسوب مياه البحر المتوسط بمقدار 30 قدم و 6 بوصات، بالإضافة لوجود رواسب وطمي النيل و ما يمكن أن بسببه من سد لمدخل القناة مما أدى لتجاهل تلك الفكرة.
ثمّ وفي أثناء حكممحمد علي باشا لمصر كان قنصل فرنسا بمصر هومسيو ميمو ونائبه هو مسيوفرديناند دى لسبس و كان فى ذلك الوقت عام1833جاء أصحاب سان سيمون الفرنسى الاشتراكي إلى مصر لإنشاء قناة السويس و لاقا حفاوة بالغة من مسيو دى لسبس و عرضا الفكرة على محمد على باشا إلا انه عرض الفكرة على المجلس الأعلى و فضل إنشاء قناطر على النيل لمنع إهدار ماء النيل فى البحر.
فى عام1840وضع المهندس الفرنسى لينان دى بلفون بك و الذى كان يعمل مهندساً بالحكومة المصرية وضع مشروعاً لشق قناة مستقيمة تصل بين البحرين الأحمر و الأبيض و أزال التخوف السائد من علو منسوب مياه البحر الأحمر على البحر المتوسط و أكد أن ذلك لا ضرر منه بل على العكس سوف يساعد على حفر القناة و أن مياه النيل كذلك يجرى ماؤها من الجنوب إلى الشمال و تصب فى البحر المتوسط.
فى15 ابريل1846أنشأالسان سيمونيون بباريس جمعية لدراسات قناة السويس و أصدر المهندس الفرنسى بولان تالابو تقريرا فى أواخر عام 1847 مبنياً على تقرير لينان دى بلفون أكد فيه إمكانية حفر قناة تصل بين البحرين دون حدوث أى طغيان بحرى.