العودة   شبكة صدفة > المنتدى السياحـى > سياحة الدول العربيه

سياحة الدول العربيه السياحة العربية في تونس والمغرب والجزائر ومصر والاردن وليبيا ولبنان وسوريا وعثمان، السياحة في شرم الشيخ، السياحة في المناطق الطبيعية العربية، سياحة الأثار العربية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03-13-2008, 04:13 AM رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

عصر النهضة



عصر النهضة ، عصر الاكتشافات الجغرافية ، عصر العلم، والتشريح، والطب، فنان هذا العصر، تميز بالرؤية المتحررة للطبيعة (حسب رأي الدكتور أكرم قانصوم) حيث أدخل إلى جانب الموضوعات التي كانت سائدة : من دينية، وصوفية، موضوعات جديدة من الطبيعة والحياة اليومية.
كذلك، ساهم الفنان آنذاك مساهمة فعالة في تقدم العلم وازدهاره (كاليوناردو دافتشي) الذي اهتم بعلم التشريح، والفلك، والمنظور، والرياضيات، إلى جانب التصوير والموسيقى.
أما العمارة في عصر النهضة، فقد اتجه بها الفنانون نحو الفن الكلاسيكي، وطعموها بفن العمارة الرومانية : كالأعمدة الدورية والأيونية والكورنثية، ظهر هذا الفن في مدينة روما، والبندقية وفرنسا. ويلاحظ أنه في القرن السادس عشر. ومن أهم هذه القصور : قصر اللوفر في فرنسا، وظهر أيضا طراز الباروك، الذي اعتمد على الزخارف وطراز الركوكو، حيث زادت العناية بالزخارف، مع الإفراط بالانحناءات والتشابك.
أما في النحت، فقد بدأ في إيطاليا، حوالي القرن الرابع عشر، على أيدي بعض الفنانين : أمثال جيبرتي ودوناتللو إلى أن ظهر أخيراً ميشيل أنجلو الذي صمم قبة كنيسة القديس بطرس بروما.
في الرسم والتصوير الفني، بدأ هذا الفن مع تباشير النهضة ضمن كيان خاص، بعد أن كان في خدمة العمارة، وأول رواد عصر النهضة من المصورين : الفنان جيوتو.
إلا أن التصوير النهضي تنوع حسب تنوع الأقاليم، والمناطق : فمثلا التصوير النهضي في الشمال، اعتنى بالأجزاء والتفاصيل والتصوير الألماني، اهتم بالحفر على الخشب. والفلمنكي ، أهتم بالصور الشخصية، والمناظر الطبيعية، والتصوير الفرنسي، بقي قاصرا على الموضوعات الدينية، وصور الملوك. كذلك التصوير الانكليزي والتصوير الأسباني الذي كان من أهم رواده فلاسكز وغويا. الكلاسيكية



تعتبر المدرسة الكلاسيكية الأساس المتين لبدايات الفن التشكيلي حيث تعتمد على الرسم الدقيق للأشكال وغالباً ماتكون الموهبة فيها مفيدة بخطوط قواعدية لا يجوز الخروج عنها.
بدأت الأضواء تتسلط على الكلاسيكية منذ عصر لويس الخامس عشر ويرى بعض المؤرخين إلى أن صديقة الملك يوميا دور هي التي لفتت الأنظار إلى ذلك الفن، حيث أن الاهتمام بالكلاسيكية صار يضمحل بعد وفاة لويس عام 1774 وذلك بعد أن أشرفت ماري أنطوانيت زوجة الملك لويس السادس عشر على شؤون الفن في فرنسا. ولكن الكلاسيكية عادت لتستعيد مكانتها بعد قيام الثورة في فرنسا وإعدام الملك عام 1793. ويعتبر جاك لويس دافيد هو رائد الكلاسيكية الحديثة وكان معه عدد من الفنانين مثل انفروغرو وجيرار وشافان. واشتغل دافيد بالسياسة. واشترك في الأحداث التي مهدت لاندلاع الثورة ثم تعين عضواً في الاكاديمية الملكية عام 1781 وصار يستقي مواضيعه من القضايا الوطنية. ثم اتجه لرسم لوحات إعلامية تمثل ضحايا الثورة الفرنسية وبعد أن وصل دافيد إلى أعلى المراكز السياسية عاد ليخبو من جديد عام 1794 بعد أن خارت القوة السياسية لأحد أصدقائه، وانكفأ بعيداً في مرسمه إلى أن أعاده نابليون للأضواء من جديد لكنه ما لبث وتوارى مجدداً بعد نفي نابليون.
اشتهر عن دافيد تسلطه في فرض أسلوبه الكلاسيكي على الفنانين الناشئين ورغم كل الانتقادات التي وجهت له إلا أنه يظل يصنف في خانة الذين أخلصوا للرسم بحالته القواعدية الكلاسيكية.








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 04:15 AM رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفنون التشكيلية في العالم العربي (1)

في مرحلة حاسمة من تاريخ الأمة العربية والإسلامية كانت الدعوة إلى وحدة الموقف والهدف.. تجمعت كل القوى المحبة والسلام تدعو إلى التمسك بمبادئ الإسلام وتسعى إلى البحث عن جذور الروابط التي توحد بين شعوب العالم الإسلامي والعربي. ودعوة كلها الأمل والثقة في أن لعالمنا العربي جذور واصول تربط بين جوانبه مهما قست الظروف وزادت الخلافات تحت ضغط الصراعات الدولية وينطبق ذلك على كل جوانب الحياة في مجتمعاتنا من الناحية السياسية والاجتماعية والثقافية.. والفنون بكل أشكالها تلعب دوراً هاماً وخطيرا في تهيئة مناخ حضاري يتناسب وحاجتنا إلى التقارب.. وهي الواجهة التي يقيس بها المتخصصون قدرة المجتمعات الإنسانية على التماسك والصمود

أمام دوامة الصراعات السياسية وما ينتابها م توتر إلى نوع من الانضباط النفسي والتوازن الحضاري وقد كانت فترة النصف قرن الماضية هي اكثر المراحل نشاطا وازدحاما بالمتغيرات في بنية المجتمع العربي ولم يخلو ركن من أركانها من نداءات الاستقلال والحرية والتخلص من سيطرة الاستعمار ليس في الجانب السياسي فقط ولكن ذلك يشمل أيضا محاولة التخلص مما فرضته النظم المستعمرة على هذه الشعوب في كل المجالات الاجتماعية والثقافية والتربوية. وكانت الفنون التشكيلية أحد هذه الجوانب بمفهومها الشامل. فقد أخذت حركة الفن التشكيلي في مراحلها الأولى بكل متغيرات الغرب وحسب قواعده وضوابطه الحضارية.. بداية خاطئة تبدو فيها التبعية الغير منضبطة والتي أدت في النهاية إلى ما نعاني منه الآن من أزمة معقدة كلما حاولنا الخروج منها تواجهنا سرعة العصر واندفاعه فنضيع في متاهات نظرية حول الفن والإبداع والشخصية والتراث تؤدي بنا نحو التشتيت وعدم الاستقرار.
وبقدر قسوة الصراع كان إصرارنا على الاستمرار وكان دائما ما يدور في أذهان فناني العالم العربي ما لتاريخهم وتراثهم الحضاري العريق من اثر في بعث نهضة البشرية عبر التاريخ ونجد أنفسنا في النهاية أمام تساؤل هام. كيف أن مثل هذا الماضي العريق والمؤثر 00 لا يؤدي إلى نهضة عربية إسلامية في مجالات الحياة المعاصرة ؟ وهذا ما سوف نحاول الإجابة عليه..
لقد ظلت ثقافة العرب وعلومهم وفنونهم تهيمن على العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه وكان لها الاستقرار والازدهار في ظل سلطان العرب وفتوحاتهم الإسلامية التي حملت معها رؤي جديدة للحياة ومفاهيم وفلسفات ثرية بالمعرفة والإيمان ولما كان الفن يعتبر أحد صور الثقافة فقد حمل هو أيضا روح الإسلام المتأصلة في ضمير العروبة مؤكدا أصالته واستطاع بذلك أن يسمو بروحه الكامنة لتشمل تقاليد وثقافات وفلسفات غنت بها حضارات المنطقة.




المنطقة العربية التي سكنتها أمم عريقة منذ فجر البشرية وحمل التاريخ لنا من خلال فنونهم مدى أصالتهم والتي مكنتنا بدورها من التعرف على مفاهميهم وتقاليدهم والتي كانت تؤكد دائما على وجود وحدة وإيقاع مشترك في كل نواحي الوجود الطبيعي والحياة البشرية ساعد واكد على ذلك خضوعها لمناطق اتصال جغرافية وتركيبه اجتماعية متا شبهة إلى حد كبير وجنسية في أصولها، تشترك دائما في صنع تاريخها وحضارتها وثقافتها، وكانت هناك أيضا شبه وحدة عقائدية يتضح من تداخل أساطيرهم وفكرهم الديني، نخرج من ذلك بحقيقة أن تاريخ امتنا العربية تجمعه وحدة فكرية وحضارية تطورت في صور مختلفة عبر العصور واقتربت من بعضها في مراحل تاريخية مشتركة ساعدت العصور الإسلامية على نمو شخصيتها العربية في ظل الدين الجديد وخاصة فيما يتصل بالمظاهر الحضارية وتكيفها مع الفلسفة والفكر الإسلامي. هذه الوحدة ظهرت وانعكست في كل الظواهر الفنية والتي لازمت الجذور الأولى للامة العربية فكانت أصول الفن الآشوري والبابلي والكلداني لها امتداداتها في الآرامي والفينيقي والذي اقترب هو الآخر وحضارات بلاد الشام مع فنون مصر ولاتي تميزت بالتركيب الهندسي ذو الواقعية الكونية التي تعني في المقام الأول ما يحمل الفن المصري القديم من معاني القداسة والخلود والتي امتدت آثاره بعد ذلك في الفنون القبطية ثم في الفن الإسلامي. أن مثل هذا المفهوم للوحدة ولما تحمله فنون وحضارات منطقتنا من قدرة على التطوير والتحوير في الأشكال الفنية والسمو بها وتوظيفها لخدمة مجتمعاتنا عبر التاريخ لا يمكننا تجاهلها فقد لعبت دورا هاما في خلق شخصية الفن العربي والإسلامي فيما بعد وهي التي يمكننا أن نتمسك بأصولها في رحلتنا مع تطور أساليب التعبير الفني في عصورنا الحديثة مع أخذنا في الاعتبار أن الفنان العربي المسلم كان يهتم بجوهر المحسوسات ما دامت تحملها الأشكال ويبقى عليها خفيه معتمدا على الوحياو بمعنى آخر على الحدس. الأمر الذي سعت إليه الفنون الغربية في مدارسها الحديثة وخروج


من فلسفات (برجسون) و(كروتشا) والتي كانت سببا في محاولات التقريب التي قام بها المؤرخون في الربط بين الفن العربي الإسلامي وفنون الغرب. وهي نفسها التي أوجدت نوعاً من التقارب بين فنون العرب المسلمون في كل العهود والأقاليم العربية وبما أن لنا مثل هذا التراث العظيم والذي يعتمد في أصوله على قواعد وقياسات بنيت عليها مدارس الفن الحديث الغربية أو بعضها على الأقل فلماذا نجري وراء هذه المدارس والاتجاهات نقلدها ونحن نملك أصولها؟ أن بداية رحلة الفن التشكيلي الحديث والمعاصر في عالمنا العربي لم تبدا بما وصل إليه أجدادنا في نتاجات فنية أصيلة ولكنها بدأت مع ظروف مختلفة وتحت سيطرة فكرية وثقافية دخيلة علينا تأثرنا بها وسرنا على منوالها غافلين عن أن التاريخ يسجل لنا معابرنا الحضارية أثرت فنونهم وساعدت على نهوضها.وبناء عليه فان عملية التنظير للحركة التشكيلية في العالم العربي تمر بطريق وعر تكثر فيه الفجوات حيث نجد صعوبة في إيجاد نوع من التسلسل أو الاتصال بين مراحله، هذا مع الوضع في الاعتبار أن فجوة أو آخر عصر النهضة في أوروبا وعصري الباروك والروكوكو وعصر الشهيرة العربية والتي لازمها تطور في كل مجالات الحياة والبحث والتقدم العلمي لم تلتفت إلى بلادنا ألا باعتبارها مواد للدراسة وكنوزا للاقتناء وبالأخذ من علومنا وفنوننا لا ثراء أوروبا الناهضة أم فناني العالم العربي والإسلامي في هذه الفترة فقد ضاعوا في حرفهم يتقنونها ولا يستطيعون إضافة الجديد إليها فتوقفت عجلة التطور بالنسبة لنا ولم نبدأ في التحرك إلا أخيرا ونحن مقيدون بقياسات حضارية وعلوم وإيقاع متطور وسريع تصيبنا الحيرة إذا حاولنا البحث عن ذواتنا من خلاله .. لست متشائما تماما حول مستقبل الحركة فما دمنا قد بدأنا بمناقشة هذا دليل على إننا نسعى إلى الخروج من هذه التبعية لنمسك بأصول هويتنا الفنية ولنعيد النظر في تراثنا المتنوع بين التاريخ القديم وبين عصور الوحدة والتوحيد تحت ظل الإسلام وبين فنوننا الفطرية والشعبية والتي ما زالت تحمل قدرا من الصدق والبراءة والقيمة الخالصة التي نحن في حاجة إليها. سوف أحاول في هذا التنظير المختصر أن استجمع خبراتي في






التلاقي والتحاور والتي أرجو أن تلتقي مع خبرات رفقائي في التخصص لندعو إلى نهضة عربية ومعاصرة في مجال الفن.. لقد كان لعلاقاتي الوطيدة بالعديد من الناقد الغربيين وكذلك بفناني العالم الثالث وفناني عالمنا العربي اثر كبير في إحساسي بالثقة بإمكانية عبور هذه المرحلة نحو مستقبل زاهر ولذلك فسوف أتطرق إلى طبيعة الفنان التشكيلي العربي اليوم وما هي مكونات شخصيته حضارياً.مع الرجوع إلى روادنا لنأخذ ممن سلك منهم الطريق الصعب نحو الحفاظ على أصالته / القدوة. وسوف يأخذنا هذا المسار إلى إدراك الفارق الواضح لما تحمله مضامين تجاربنا من حس وجداني وفكر ومحتوى صادق وحقيقي يترجم كل ما مرت به مجتمعاتنا من تطلعات وآمال وضغوط وآلام قد تغني عن مقالات ومقالات من خلال لغة الشكل التي نعبر بها والتي قد تخرج وتنحرف نحو أساليب الغرب ولكننا إذا فهمنا معنى الشكل بطريقة اكثر علمية لأدركنا أن مفرداته المجردة قد تحمل معاني ومذاق خاص مهما حاول المنظرين إخضاعها لمدارس التشكيل الغربية.سوف يقودنا هذا إلى فهم التيارات والمذاهب الفنية والتي ظهرت في مجتمعاتنا العربية خلال القرن العشرين والتي قد توصلنا إلى حقيقة أن إطلاق حرية التعبير للفنان التشكيلي العربي دون قيود سوف يوصله إلى أول الطريق، وأننا مهما فعلنا فلن نستطيع أن نخلع عنه رداء العصر وفي نفس الوقت لن يستطيع كائن من كان أن يقتل داخله انتمائه إلى وطنه وعشيرته.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 04:17 AM رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفنون التشكيلية في العالم العربي (2)

طبيعة الفنان التشكيلي العربي اليوم وما في شخصيته من أصول صادقة وقشور زائفة


أن الظروف الصعبة التي مر بها الفنان التشكيلي العربي المعاصر مرتبطة في حقيقتها بكل دقيقة من مجتمعه وهو يتابع عن كثب ويعيش بكل الصدق أمورا قد تخفي عن عامة الناس.. فقد عشنا في مرحلة من حياتنا ظروفا وقياسات كانت تقول بضرورة التكيف وان بعدنا عن ذلك هو تخلف وتأخر، حتى اصبح هناك نوع من التمغرب الكاذب والتقليد الأعمى. واصبح التفاخر بتغير لغتنا أمر يسعى إليه المثقفون وأصبحنا نتحدث لغات غيرنا من الشعوب بأشكاله وألوانه دوراً خطيراً في دفعنا إلى طمس معالم ثقافتنا العربية والتي سحقت معها شخصيتنا الفنية وما زلنا نعاني من تأثير ذلك حتى الآن وقد يقول البعض بأنه إذا كان المجتمع العربي يعاني من فقدان هويته فكيف نطالب الفنان بالحفاظ عليها ؟ 00 في الواقع انه مهما انساق المجتمع دون وعي منه في مثل هذه التيارات ألا أن الفنان هو الأقدر على أن انتمائه بالصدق مع نفسه 00 ولكن هذا الصدق كيف يمكننا أن نستقرئه في أعمالنا الفنية. دعونا نتابع ذلك فمنذ مرحلة الاستشراق والمهتمين بالفن لا يتعدى الطبقات الحاكمة المبهورة بفنون أوروبا وبعض كبار المفكرين العرب الذين عاشوا في أحضان ثقافة الغرب ودرسوا في جامعاتها فاهتموا بفنونهم ومدارسهم واعتبروها المثل الأعلى المقتدي به والذي يجب الوصول إليه في أعمالهم بينما كان فنانو الغرب أنفسهم يتجهون إلى بلادنا 00 اهتم نابليون بجلب فنانون معه في حملته لتسجيل كل دقيقة في مجتمعاتنا واكتشف هؤلاء الفنانون مدى غنى وثراء هذا الشرق العربي بالمعرفة والثقافة فعشقوه وتأثروا به وكانت أعمال ديلاكرو

ا


وغيره من فناني أوائل القرن التاسع عشر فاتحة اهتمام وتسجيل لمظاهر الحياة في هذا المجتمع الساحر وجاءت أعمال ماتيس وبول كلي وفازاريللي وغيرهم من فناني المدارس الحديثة بعد ذلك لتأكد هذا الاتجاه ولكن هذا الخط الذي أثرى فنون الغرب انحسرت آثاره في فنونهم وأعطتها مذاقاً خاصا ومتميزاً ولم تستفد فنوننا العربي والشرقية من ذلك ألا بما تركته من بصمات على تجارب فناني أوروبا وبقي فنانونا المبهورون بمهاراتهم الادائية يقلدونها ويأخذون بأساليبها 00 ولكن دماؤهم الحارة وقلوبهم الدافئة العامرة بحب بلادهم وطبيعتها جعلت أعمالهم تسير في طريق جديد نحو الاهتمام بمظاهر الحياة اليومية في بلادهم كل من زاويته الاجتماعية الخاصة وأدائها بأساليب غربية مشاركين فناني الغرب المستشرقين ومنافسون لهم مع اختلاف في الجوهر 00 فكانت أعمال محمود سعيد ومحمود مختار ومحمد ناجي في مصر والذين لازموا أيضا مرحلة النهضة الوطنية فعبرت بعض أعمالهم عن هذه المرحلة من ناحية الموضوع.. وانتقل هذا الشكل من التعبير الفني إلى باقي الدول العربي وتكونت صالونات الفن أخذا بما هو متبع في أوروبا.واسمحوا لي أن أفسر هذه الظاهرة بأنها حقيقة ولم يكن أمام فنانو هذه المرحلة ن يفعلوا أكثر من ذلك وبقدر الحقيقة والصدق في أعمالهم كان قدر الزيف حيث كانت هذه هي الصفة العامة للمجتمعات العربية وهم يمثلونها بكل دقة. سوف يوصلنا ذلك إلى إدراك إن فناني عالمنا العربي المقهور كانت تحكمهم عواطفهم وأحاسيسهم وقلوبهم فيما يختارون من مواضيع ولكن عقولهم وثقافتهم الغربية كانت تفرض عليهم الالتزام بأساليب التشكيل الأوروبية في ذلك الوقت وهذا أمر أجده بارقة أمل في أن هذا الجوهر الصادق والذي مازالت معالمه تحملها ت


جارب فنانينا اليوم سوف تؤدي إلى التخلص أيضا من الكثير من قشور الشكل الخارجية لتصبح لنا أيضا أبجديتنا البصرية الخاصة 00 أرجو ألا يتعارض ذلك مع مفهوم عالمية لغة الشكل 00 فالعالمية في مفهومي هي في التلقي وليست في التعبير الفني وان هناك علاقات بصرية متعددة ترتبط بالتكوين السيكولوجي والفسيولوجي للفنان تتراكم مع مراحل نموه ومخزوناته الشعورية واللاشعورية فسكان السواحل وعاداتهم تفرض بالته لونية تختلف عن تلك التي لفناني المجتمعات الزراعية والصحراوية بل أكثر من ذلك تتدخل عاداتهم وتقاليدهم وعشقهم للطبيعة وتغيراتها في مجتمعاتهم في تحديد هذه الخصوصية حتى انسيابية الخطوط وتعارضها عادة ما تكون مأخوذة من علاقات مشابهة في الطبيعة. إذا تتبعنا شخصية الفنان العربي اليوم وبدقة لاكتشفنا مثلا إن عقيدته وديانته لها تأثير على هويته ولحسن الطالع إن أغلبيتهم من المسلمون ثم من المسيحيون والعقيدتين السماويتين لا تختلفان كثيرا في جوهرهما.وان ما تملأ عقائد السماء قلوب المؤمنين من سمو ورقي وانضباط تحمله تجاربهم الفنية بل واكثر من ذلك فقد يبحث الكثير منهم عن أصول ومبادئ مرتبطة بديانتهم وبتراثهم يضيفونها إلى لغتهم البصرية فتكمل بذلك المحتوى الفكري والفلسفي السطور السابقة تحمل قدراً من التفاؤل ولكن ذلك لا يمنع من وجود عثرات عديدة فالشخصية الفنية العربية تمر بمرحلة مشابهة لعملية الولادة الجديدة العسيرة وهناك محاولة لجمع الشتات ولا بد من النجاح والفشل والذي قد تختلط معالم كل منها بين الحقيقة والزيف.. ومن هنا تأتي أهمية التنظير والنقد الموضوعي في الفن فهو الذي يضع النقاط فوق الحروف وينقي الصورة من شوائبها إذا التزم بالأمانة والصدق وهذه قضية أخرى نعاني منها فما زلنا في حاجة إلى المنظر والناقد المثقف والواعي والأخذ بالأساليب الحديثة في دراساته مع قدر من الحساسية لاستشفاف الأصول الحقيقية في العمل الفني
.

لا أنكر إن فناني العالم العربي المعاصر تتفاوت قدراتهم في التخطيط لمواجهة مصاعب العصر وان حلم وصول إبداعاتهم إلى المتلقي اصبح يشوبه الغموض ز فكم من فنان عربي تمكن من أن يرتمي في أحضان الغرب بعباءة شرقية عربية فاكتسب الشهرة 00 ولكن هل هذا هو الطريق 00 اسمحوا لي أن أقول لكم إننا مازلنا دمية يلعب بها الغرب وفنانونا الأذكياء والأقل ذكاء جميعا يعيشون عصر المادة والماديات الزائلة دون وعي أو إدراك ولن نستطيع التخلص من هذا التأثير العصري على أفكارنا ما دام يفرض نفسه على مجتمعاتنا في كل مظاهرها وثقافتها. ولكن الكشف عن كنوز فنوننا وتطويرها باعتبارها مادة تقوي من انتمائنا إلى أوطاننا مع العودة إلى الأصول العقائدية والاجتماعية الأصيلة والحقيقية والارتفاع بفنوننا عن الخوض في صراعات الشهرة والمكاسب المادية سوف يوصلنا إلى أول الطريق الصحيح فتسقط القشور الزائفة ويتألق الجوهر الصادق النقي 00 ولنستشف ما في فنوننا الشعبية البريئة والبسيطة ما تحويه من ترجمة نقية لحاجات مجتمعاتنا الجمالية فعليكم بها تتدارسونها بعناية فهي تحمل في عمقها تاريخ امتنا دون زيف أو مواربة. ولعلنا باقترابنا منها وبعقلية علمية معاصرة نستطيع أن نتزود بطاقة دافعة جديدة للمضي في طريق انقاء شخصيتنا وهويتنا الفنية.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 04:19 AM رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفنون التشكيلية في العالم العربي (3)


كما ذكرنا فقد بدأ الاهتمام بالفنون التشكيلية بمفهومها المعاصر والحديث مع ضوابط وتنظيمات وتخطيطات

المستعمرين تحكمه مقايسهم الجمالية.. بل قد تتعدى ذلك إلى اعتبار الشرق بكل ما فيه من تراث فني غني متخلفا بالقياس مع فنون الغرب وهو أمر نرفضه تماما قد يكون ظاهر الأمر بالنسبة للمستعمرين مختلفا عن فهمه الحقيقي لقيمة الشرق.
ومنذ عهد الدولة العثمانية وفتحها باب ورود الكفاءات والخبرات الغربية في مجالات الثقافة والتربية والاقتصاد والإدارة والاعتماد عليها في إنقاذ سيطرتها وسلطانها لم يتمكن الفنانون من التخلص من الخضوع لهذه الضغوط وتتابع السنوات وتصبح المنطقة العربية تحت ظل الانتداب والاحتلال من دول أوروبا والتي عملت على تجزئة الثقافة والتربوية على المجتمع ولم تتمكن الشعوب العربية بثوراتها التحررية المتتابعة من التخلص من هذا الإرث المفروض عليها بالرغم من حصولها على الاستقلال وعندما ظهرت مدارس تعليم الفن اعتمدت على مدرسون غربيون كانوا يعدون خلفائهم من أبناء الوطن وقد حملوا لواء أساتذتهم وفنونهم وثقافتهم وحتى فلسفاتهم التعليمية ومناهجهم التربوية ولم يسمح لهم بالالتفات أو الاهتمام بالتراث العربي لتدارسه وسبقوهم لدراسته باعتباره لا يتعدى حدود الصناعات الحرفية دون التأكيد على قيمته الفنية وما يحمله من جذور وأصول لها أصالتها وقوتها وتطورها والتي كان من الممكن في هذه المرحلة من أن تكون بداية طريق جديد لظهور هوية فنية وشخصية عربية متميزة.. ولكن فات هذا الزمان وما زلنا نسمع ونقرأ أن ما فات والعودة قد تكون تأخير واجترار لا مرد له معتمدون في آرائهم على نظريات غربية كانت تحكمها استمرارية تطورية لا تتوائم أو تتناسب مع طبيعة مجتمعاتنا فخير لنا أن نتمسك بأصول لنا من أن نجري وراء غيرنا لاهثون تابعون دون هوية أو شخصية وهذا في مجال الثقافة والعلوم الإنسانية ناسين أن تاريخ حضارة الإنسان في أي مكان من الأرض هي ملك للإنسانية وان شعوبنا كانت مركزا لحضارات عظيمة دفعت وأعطت وأدت إلى حضارات الغرب التي ورائها الآن 00 لست أدعو إلى رجوعية مسطحة إلى الماضي فهي عودة محددة الدفع 00 ولكنني أدعو إلى وقفة ثقة في تراثنا نمسك بأصوله لنعبر بها نحو مستقبل جديد نصنع نحن أبجدياته وهويته.


ويأخذنا هذا الحديث إلى مفهوم الأصالة وأنا لن أتطرق إلى الآراء التي تحدثت عن هذا الموضوع ولكنني سأوضحها من وجهة نظري00 فليست هناك دعوة إلى الأصالة أو إلى التراث فالأصيل والحقيقي لا يحتاج دعوة والفنان المبدع الصادق يحق ذاته دون حاجة إلى نبش الماضي فهو جزء منه أدرك ذلك أو لم يدركه قد تأخذه تيارات دخيلة فتبعده عن أصوله ولكنه عندما يعود إلى مجتمعه والى ضوابطه الاجتماعية الحياتية وتقاليده وروابطه، وكلها أمور ترتبط بمزاجية خاصة وبحاجات عاطفية وجمالية تختلف من مجتمع لاخر حسب تاريخه وتراثه الحضاري - فانه سوف يدرك أن ذلك اقرب الى نفسه يحقق له التوازن والانضباط باعتباره جزء من كل هو مجتمعه وعشيرته والإنسانية قاطبة بعد ذلك 0 لم يتمكن الفنانون الرواد من فهم حقيقة المرحلة التي كانوا يعايشونها واندفعوا وراء التقليد وان كنا نستشعر في أعمالهم درجة من الصدق قد لا تتعدى معالجتهم لمواضيع محلية والاهتمام بطبيعة بلادهم وبيئتهم وأنا ضد وضع مخطط لكيفية الخروج من الأزمة فهو اتجاه نحو المنهجية المحدودة التطبيق فالفنان المبدع 00 طاقة وحرية وصدق ينفر من الدفع حتى لو كان بالنوايا الطيبة.
أن قيامنا بمحاولة تتبع حركة الريادة في الفن التشكيلي في عالمنا العربي لا بد وان تأخذ في الاعتبار مفهوم لغة الشغل في التعبير المبدع عند الفنان رافضين فكرة مجالات الإبداع الفني العربي لا يمكنها أن تتعدى حدود الصناعات والحرفية إلى اعتبارها لغة مجردة لها مذاقها الخاص والتي يمكنها أن تخاطب الإنسان في كل مكان محملة بكل ما وصل إليه الإنسان العربي المعاصر من معرفة وثقافة وعلم واجد نفسي مضطراً بالبدء بمصر باعتبارها اسبق من غيرها في الدخول في مرحلة البحث عن الذات في مجالات الفنون التشكيلية.


لم تبدأ حركة الريادة في الفن التشكيلي المصري الا متأخراً بالقياس لدول الغرب وذلك كغيرها من الدول العربية حيث لم تتعدى الأشكال المزدهرة حين ذلك حدود الصناعات الحرفية في صعيد مصر ودلتاها والموروثة عن الأجداد وذلك في النسجيات وصناعة الأدوات المنزلية الفخارية والمعدنية وفنون العمارة الشعبية في الوجه القبلي والنوبة بتقاليدها وقواعدها المعمارية المرتبطة إلى حد ما بدرجة من النقاء المتصل بنفس هذه الأصول في التاريخ القديم ومع إنشاء مدرسة الفنون الجميلة 1908 بدأت أنشطة الفنون التشكيلية بنتاجات طلاب هذه المدرسة (1910-1912) وخريجها والتي لم تتعدى في ملامحها الأساسية حدود المدارس الفنية الفرنسية والإيطالية تأثرا بأساتذة هذه المدرسة وتوجيهاتهم وحتى برعاية جمعية محبي الفنون الجميلة والتي أنشأت في هذه الفترة وقد كان من أهم فناني وخرجي هذه المرحلة الفنان النحات محمود مختار والمصورون محمد حسن ويوسف كامل وراغب عياد .. وبالرغم من أن موضوعاتهم كانت مأخوذة ومستلهمة من البيئة المصرية إلا أنها كانت تؤدي بأساليب غربية قد نستشعر في بعضها إحساس طبقي ولكنه في النهاية ذو مذاق جديد ورؤية متميزة اقرب إلى المصرية من مثيلاتها في أعمال المستشرقين وغيرهم من الفنانين الأجانب والذين كانوا ينافسونهم في المعارض المختلفة.
ولم تحرم الإسكندرية من حركة الريادة في مصر 00 وقد تميز فنانوها بانتماء وأصالة اكثر وضوحاً ونقاء، وتمت تجاربهم في أحضان هذه المدينة العريقة ذات الطبيعة المميزة والأحياء العتيقة والتاريخ القديم فكانت نتاجات فنانيها الرواد اكثر انتماءاً ومن أهمهم محمود سعيد ومحمود ناجي وجورج صباغ وغيرهم.. ونقلت لنا أعمالهم عادات وتقاليد شعبية متنوعة بألوان بحرية دافئة فجمعت بين التسجيل الذكي والحس التشكيلي الخاص حتى أننا نستطيع أن نقول بوجود مدرسة سكندرية مازالت مستمرة حتى اليوم. لم يكن نصيب سوريا مختلفا عن مصر في حركة الريادة فقد بدأت أيضا متأثرة بالتيارات الغربية وان كانت غالبية مواضيعهم تميل إلى تسجيل التاريخ العربي والتراث والبيئة العربية والإسلامية بمعالجات غربية تنوعت أعمالهم ولكنها احتفظت بمذاق خاص يمكن تمييزه وان كانت اكثر قربا من زملائهم في لبنان وتركيا من أهم روادهم طارق وميشيل كرشه وعبدالوهاب ابوالسعود وسعيد تحسين ثم تبعهم الجيل الثاني من الرواد والذين لم يخرجوا كثيرا عن مسار من سبقهم واصبح طريق القدوة متصلا وحاملا لنفس صفات الرواد بإيجابياته وسلبياته أما في العراق فقد استمرت موجة التأثر بالمدارس الغربية اخذ بمنهج التبعية والافتنان بحركة تطور الفن في أوروبا وان كانت اغلب مواضيعهم تتركز على البيئة وهو الأمر الذي أشرنا إلى أهميته لما يحويه من حنين واضح للطبيعة والتراث والذي أدى بقدر الصدق فيه إلى خصوصية تحمل قلبا عربيا له جذوره الحضارية من أهم روادهم والذين يعتبرون روادا أيضا بالنسبة لبعض البلاد العربية المجاورة لهم الفنان عبد القادر رسام والحاج الموصلي وابنه والفنان جواد سليم ثم فائق حسن والذي اعتبر رائدا للفن الحديث في العراق بعد ذلك حيث كان أهم الفنانين العراقيين الناقلين لأساليب الفن في أوروبا إلى وطنه طبقا لدراسته باكاديمياتها 00 وقد نظم نشاط الحركة التشكيلية هناك من خلال التجمعات والجمعيات الفنية مثل جماعة الرواد وجمعية أصدقاء الفن 1941.


لم نحاول تتبع حركة الريادة في التجمعات العربية أن ندخل في التفاصيل قدر اهتمامنا فيها عن قدوة نأخذ بها وقد يوصلنا ذلك إلى اكتشاف نوع من الوحدة واضحة المعالم مع ملامح إقليمية أقل وضوحا فلبنان مثلا كانت أقرب إلى مدارس الغرب وأكثر المجموعة العربية تأثراً أو خذا بها لاعتبارات اجتماعية وجغرافية، من أهم روادها نجيب يوسف شكري وعبد الله مظهر ونعمت الله المعادي وجمال الفيروني ثم داوود القرم وحبيب سرور وقيصر الجميل وغيرهم.
اشتركت الأردن وفلسطين في ظروف سياسية متشابهة أدت إلى تأخر ظهور حركة الريادة فيها وان كان ذلك لم يمنع من ازدهار أشكال الفن الشعبي والحرفي المرتبط بالبيئة والطبيعة والعادات والتي أخذت مكانها بعد ذلك باعتبارها ملهما ومثيرا لفناني هذه المنطقة من العالم العربي وسعى الرواد كغيرهم إلى معرفة أسرار الفن الغربي الحديث بمراحله المختلفة وان بقيت أعمالهم تحمل روح وطبيعة مجتمعاتهم المتأثرة بتراثهم الشعبي وعليه فان القدوة هنا بالنسبة لفناني اليوم سوف تعود إلى الأصول اكثر من عودتها إلى الرواد.
إذا اتجهنا إلى المغرب العربي فإننا لن نجده أكثر حظا في تخلصه من التأثيرات الغربية والفرنسية والإيطالية والأسبانية بالتحديد فقد لعب الاستعمار دوراً هاما في نقل ثقافة أوروبا إلى تونس والجزائر والمغرب وليبيا فأخذوا بها ولكن ذلك أيضا لم يمنع تواجد ضمني يرتبط بشواهد ودلائل حضارية هي جزء من تاريخ متداخل بين المغرب العربي وعصوره الإسلامية وأوروبا 00 ففي تونس اقترنت أصول الفنون الشعبية والحرفية بمواضيعها وقصصها بتجارب الفنانين ونذكر منهم على سبيل المثال الفنان يحيى التركي حيث كانت مراحل تطور تجربته الفنية ترتبط بمتابعته للزوار من الفنانين الفرنسيين ثم بتوجهه لتكملة دراسته في بلادهم وتتابعت تجارب الفنانين في نفس المسار تتحدث بلغة غربية عن مظاهر الحياة في بلادهم حاملة حنينا وعشقا لم تستطع أن تحمله أعمال المستشرقين من الفنانين الغربيين. عند استعمال لفظ لغة الشكل اجدنى مضطرا لتفسير أن ما وصل إليه الغرب من تطوير لها وتنويع لا يورثها تماما لهم فهي لغة مطلقة ومجردة يمتلك نواصيها كل فنان حر أصيل وأهم وظائفها الناقلة لأحاسيس الفناين هي تبعيتها لمذاجية


جمالية خاصة تعمل مختزنات الفنان بكل جوانبها في تحديد هويتها وتصبح بذلك تعبيراً عن مجتمع بعينه له تاريخ وتطوره 00 قد تختلف التعاملات البصرية التشكيلية بين فنان وآخر في المجتمع الواحد لمجرد تغير مكونات شخصيته المرتبطة ببيئته الجزئية والتي تكون عادة تابعة لهوية شمولية هي لمجتمعه ووطنه ثم تتسع إلى منطقته ثم إلى الإنسانية قاطبة، تقطع استمرارية الاتصال هنا معابر مستمرة بين كل أنحاء الوطن الأم وهو الكرة الأرضية في هذه الحالة.
عند فهمنا لذلك ندرك أن محاولتنا الاقتراب من حركة الريادة في الفنون لا بد وان نكتشف عند تتبعها فكرة الاتصال والتوصيل هذه فتونس والجزائر وليبيا لن تبتعد كثيراً عن المغرب والكل أيضا لن يخرج عن انتمائهم إلى العالم العربي والإسلامي والذي له الفضل في توحيد الكثير من الصفات الاجتماعية والإنسانية لهذه الشعوب.. وتبقى دائما الحرف والفنون الشعبية والصناعات التطبيقية والتي تستطيع أن تنتقل من مكان إلى آخر بسهولة ومرونة لتصبح كحبات مسبحة تتصل في تسلسل منظم 00 لقد كان لاقتراب المغرب من أوروبا واتصالها المباشر مع أسبانيا وفنونها المهجنة مع فنون أوروبا اثر في تميز واضح لتجارب روادها، من أهمهم احمد رباطي الطنجي ومحمد السغيني ومريم مزيان واحمد الشرقاوي والجبلاني 00 وكان فناني الجزائر والآخذين بدرب زملائهم اكثر حيرة عند مواجهتهم محاولة التزاوج بين تراث عربي إسلامي ونهضة غربية فرنسية أتت إليهم ورحلوا إليهم لها تحت ظروف التحرر المميت(( واجه هذا الصراع روادهم محمد راسم ومحمد ازميرلي والفنانة بايه 00 وغيرهم وكان على الفنانون الشبان أن يمسكوا بزمام الصراع تخليص تجاربهم من المزج الذي يخفي جوهر شخصيتهم وهي يعاني منها المجتمع الجزائري بشكل عام.
لقد عانت السودان الشقيقة ما عانته زميلاتها في العالم العربي وجاءت حركة الريادة وتحرير الشخصية الفنية متأخرا بالرغم من كونها تحمل تراثاً شعبيا عظيما ومتميزا والذي كان أحد العوامل الهامة في تطور مدارس الفن الحديث في أوروبا 00 من أهم روادها إبراهيم الصلحي ومحمد شبرين واحمد عبدا لعال وغيرهم.
ننتقل الآن ونحن نتبع رواد الفن التشكيلي في العالم العربي لنأخذ منه القدوة إلى شبه الجزيرة العربية وهي آخر المطاف وهي الممثلة في مجموعة دول مجلس التعاون وقد ذكرت ذلك لان وحدتها أمر منطقي من جميع النواحي وأهمها بالنسبة لنا الناحية الثقافية والفكرية وعاداتهم وتقاليدهم المشتركة والتي تجعل من تجارب فنانيهم مرآة تعكس كل أصولهم الحضارية 00 بدا حركة الفن التشكيلي في هذه البلاد متأخرة عن زميلاتها من الدول العربية ومتأثرة بها


وكانت مجالات ظهورها متمثلة في الأنشطة الطلابية في الخمسينات والستينات 00 لعب المدرسون العرب دوراً هاماً في توصيل معاناة الحركة التشكيلية العربية إليهم بكل ما فيها من تأثرات وقضايا بل ومن مناهج لصقل ا لمواهب الفنية وأصولها الغربية وبذلك فقد دخلوا طريق التمغرب منذ بداية حياتهم التشكيلية الحديثة وهم في الواقع اقل شعوب المنطقة العربية انسياقاً وراء الغرب بسبب عملية التوصيل المهجنة التي قام بها الموجهون العرب ولكنهم لا يدركون ذلك، وكان التحول الاجتماعي المفاجئ سببا في انحرافهم تحت وطئت التطلع إلى الغرب بمزيد من الانسياق 00 وتبعا لان تجاربهم مازالت في طور التكامل يصبح الأمل في التخلص من المؤثرات والأحكام الغربية النقدية قريبا لو لم يندفعوا في صراعات الفنان من اجل إثبات وجوده بين أبناء وطنه.
لقد بدأ نشاطهم في المجالات المدرسية كما قلت ثم بدأ في التحول نحو التخصص والاحتراف بالتدريج ولعبت الدولة ومؤسساتها في مجمعاتهم دورا هاماً في ذلك، جاءت دولة البحرين سابقة لزميلاتها وقد يكون ذلك راجعاً لاختلاف أصول تكوينها الحاضر ثم تلتها دولة الكويت البلد المنظم لتجمعات تشكيلية متعددة ثم قطر فالمملكة العربية السعودية فدولة الإمارات ثم سلطنة عمان 00 ولن أطيل في الحديث عن الحركة في هذه البلاد والتي استطاع بعض فنانيها من الوقوف إلى جانب زملائهم في العالم العربي اليوم متكافئين معهم في مواجهة المتغيرات والظروف التي يواجهها المجتمع العربي من جميع النواحي لتصبح قضية القدوة عامة شاملة فرواد مصر والعراق والمغرب العربي هم رواد الحركة العربية في الفنون التشكيلية وتجنب السلبيات التي وقعوا فيها والأخذ بالإيجابيات أمر مفروض على كل الشباب والأجيال التي تلتهم في عالمنا العربي.
من الواضح إن فناني شبه الجزيرة قد أدخلونا بسرعة في الفن العربي المعاصر ولكن ذلك لم يمنع من وجود رواد واجهوا المرحلة الأولى في نشأة الحركة التشكيلية في بلادهم من أهمهم الأخوين العريفي والمحرقي والعريض وعلي الشيخ بشير في دولة البحرين وتتابعت المحاولات الشابة بعد ذلك.



وجاء الدوسري وأيوب حسين والقطان وطارق السيد فخري والأنصاري من دولة الكويت وجاسم الزيني والملا والكواري بدولة قطر ومحمد السليم بالمملكة العربية السعودية وعبد القادر الريس وغانم الهاجرى وحسين شريف بدولة الإمارات ثم ننتقل إلى سلطنة عمان وهي هنا تسير في ركب الحركة في منطقتها. وكذلك دولة اليمن ونذكرهما هنا لنحمل فنانيها مسئولية العبور نحو المستقبل بدافع من الانتماء إلى تراث عريق في السنوات البكر لمولد حركة تشكيلية معاصرة في بلادهم ونذكر من دولة اليمن الفنان فؤاد الفليح وعلوي طاهر وسالم باذيب وفاروق الجفري وعلى جذافي.
نخرج من هذا العرض السريع المختصر لحركة الريادة في مجتمعنا العربي بعدة نتائج هامة نستعرضها كآلاتي :
أولا : إن روادنا تجمعهم ظروف متشابهة وساروا في طريق واحد ونحو تحقيق شخصيتهم الفنية وان كان ذلك على مسافات زمنية مختلفة وبتفاوت في هذا التحقيق 00 وإذا كان الطريق يكن ممهدا في بدايته ومنجرفا نحو الغرب في مساره فلعلنا نستطيع عند الأخذ بمبدأ القدوة أن نتجنب بعض التعثرات إذا أدركناها.
ثانيا : تشتت طاقاتهم الإبداعية بين ارتباطهم بأصولهم وتراثهم وبين تبعيتهم لأساتذتهم ومدارس واتجاهات الفن في أوروبا وقد نجد لهم مبررا لهذا التشتت فمجتمعاتهم كانت تمر بنفس الصراعات وهم يعبرون عنها بكل الصدق.
ثالثا: واجه هؤلاء الرواد مجتمع تتصارع طبقاته للتظاهر بالتحضر مكتسحة أمامها تاريخها العريق وتراثها الغني دون إدراك لخطورة ذلك في المستقبل.
رابعا : كان مخطط المستعمر حصر الطاقات الإبداعية في إطار الصناعات الحرفية والشعبية دون الاهتمام بتنمية الإبداع الحر المتطور لما يحمله من إمكانية الرفض والثورة على ما يقيد حريته وحرية مجتمعة. وكما يبدو لي فقد أدرك المستعمر المخزون والطاقة المبتكرة التي يحملها فناني المجتمعات العربية المسلمة في قلوبهم وكيف أن ازدهار ونمو هذه الشريحة من المجتمع سوف تكون قوة دافعة نحو الاستقلال الثقافي والفكري وهم يدركون خطورة هذا فقتلوا كل ما يمكن أن يدفع إلى ذلك واحلوا محله ثقافتهم وفكرهم ولكنهم لحسن الحظ لم يتمكنوا من القضاء على جذوره الممتدة في تراب وطنه عميقة عمق التاريخ نفسه وما يملا قلوبهم من أيمان عميق وإحساس بضرورة التمسك بكل ما هو حق وخير فبدأ ينيب براعم جديدة تحتاج إلى الكثير من الرعاية والحماية لتنمو في مناخ فكري وثقافي أصيل ومتطور.
إن تعرفنا على البدايات الرائدة وما واجهته من صعوبات 00 لن يعطينا القدوة التي نحن بحاجة إليها، فظروفهم تختلف عن ظروفنا وغزو الغرب لبلادنا في ازمنتهم كان له دوافعه ومخططاته 000 ولكن غزو اليوم اصبح اكثر تعقيدا وغموضا يتسرب إلى المجتمع بطرق عديدة غير مباشرة قد نجد صعوبة في الكشف عنها أو التخلص منها، وبالرغم



من انهم عاصروا مراحل الاستعمار والانتداب والثورة عليه ولكن ذلك لم يكن ألا سياسيا بالدرجة الأولى 00 أما نحن فنعيش محاولة الاستقلال الحضاري والثقافي والفكري وهي معركة اكثر ضراوة ووحشية بالرغم من ظاهرها الهادي. إن علينا أن نتخلص من فكرة الملاحقة فلن ننال منها إلا اللهث وسنبقى تابعين نشعر بالنقص كلما شاهدنا تجاربهم واقتربنا من ثقافتهم في الوقت الذي نملك فيه تراثا تاريخيا وعقلا وفكرا يمكننا من التفوق عليهم أو على الأقل مجاراتهم ولكن بلغتنا وبأصولنا فكل فن صادق وحقيقي لابد وان يرتبط بجذور إقليمية وهو عطاء أنساني عالمي في النهاية.
وعليه فان لروادنا كل التقدير والاحترام، نأخذ منهم القدوة بقدر حاجتنا وبقدر الصدق في تجاربهم دون أن نغفل حاجات مجتمعاتنا الجمالية والروحية والتي دائما ما كان الفن معطيها على مر العصور. لا بد وان هناك لغة تعبيرية بصرية خاصة بنا يمكننا أن نتخاطب بها ونخاطب بها العلم كلغتنا العربية وفي نفس مستواها التقني ننقل لهم ثقافتنا وفكرنا وفلسفتنا في الحياة والنابعة من أيماننا بخالقنا.. لا أن نزين بيوتهم بفنون اقرب إلى العادات منها إلى القيمة العميقة الأصيلة، فيها من الطرافة والإثارة ما يدغدغ مشاعرهم وينقلهم إلى عالم الشرق بخصوصياته ولزماته من خط واستعمال للرموز الشعبية والتراثية الغريبة عليهم أو بتسجيل مشاهد من حياتنا ليتفاخروا باقتنائها.
فالناخذ قبسا من روادنا يمكننا من العبور إلى المستقبل وبالتصوف والدراسة الدقيقة في جوهر تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا وما تبقى منها من مظاهر حقيقية وبإيمان وثقة بالنفس وبروحانياتنا سننظم تصوفنا وسيأتي اليوم الذي تقتنع فيه شعوبنا بأهمية رسالة الفن في الحياة لاستمرارها






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 04:22 AM رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

النحت في العصر الحديث

رغم الصلة الواضحة القائمة بين فن النحت من جهة وفن التصوير والفنون الترسيمية (الجرافيك) من جهة أخرى إلا أن تاريخ كل منهما مختلف إلى حد ما عن الآخر، كما أن كلا منهما يخدم أغراضا تختلف بوجه عام عن تلك التي يخدمها الآخر.



وفي الوقت الذي أصبحنا نشهد فيه. وبالذات في القرن العشرين. إقبالا متزايدا على اقتناء اللوحات الزيتية. فيما عدا بعض الأعمال ذات الأحجام الضخمة. لسهولة توفير الأماكن المناسبة لتعليقها داخل بيوت الأشخاص حتى العاديين منهم. لكنهم أغنياء بطبيعة الحال. نجد الأمر على غير ذلك تماما بالنسبة إلى النحت الذي يواجه مشكلة رئيسية هنا وهي صعوبة توفير المكان الملائم لوضع الأعمال النحتية داخل البيوت. ويزد الأمر سوءا أن البيوت نفسها أصبحت تميل إلى الصغر والضيق. ويعود ذلك إلى أن العمل النحتي بطبيعته يفرض وجوده الكلي على المشاهد ويدفعه بقوة إلى تأمل العمل بأكمله. بمعنى أنه يمكن لنا أن نتجاهل لوحة معلقة على جدار أو أن نكتفي بنظرة عابرة تجاهها. لكن التمثال يستلزم منا التوقف والتأمل ثم الالتفاف حوله. بل وحتى الارتفاع فوقه لأمكن ذلك. ولذلك كان من الطبيعي أن يكون المكان الأمثل لإقامة المنحوتات هو الميادين والساحات العامة والمتاحف دون البيوت العادية التي لا يتوفر بها عادة مثل هذه المساحات.
تقليدياً، لعب النحت دور الرديف لفن العمارة، لأن وظيفته كانت إضفاء اللمسات الجمالية على التصميم بحيث تسهم في تحسين الصورة العامة للمبنى وبالتالي فقد كان يعتبر جزءاً من المبنى إلى حد ما. وضمن هذا الإطار الوظيفي صورة في أعمال مايكل انجلو التي نفذها في مقابر آل مديتشي في فلورنسا وأيضا في أعمال برنيني في كنيسة سان بيتر في روما لو أردنا مثالا يوضح هذا المفهوم. لكن الأمر أخذ في التغير مع حلول أواسط القرن التاسع عشر حيث اخذ النحت يقتصر على افاريز المباني والعمارات باعتباره عنصرا زخرفيا أكثر منه عنصرا أساسيا له دور رئيسي في إبراز الفكرة المعمارية في التصميم. ورغم ذلك فقد احتفظت تلك العناصر بقدرتها على شد الانتباه وظلت قادرة على فرض وجودها الكلي لتستوقف المشاهد لتأملها والتمعن فيها. وأخذت المسارح والمنتزهات والقاعات والميادين تضم الكثير من المنحوتات باعتبارها ضرورة جمالية يصعب الاستغناء عنها.
أما في العصر الحديث فقد تغير الأمر تماما فأصبح النحت يعتمد إلى حد بعيد . خلافا لما هو عليه الأمر بالنسبة للتصوير على تلبية رغبات واحتياجات الغير ويمكن القول أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر فنادرا ما تم تنفيذ عمل نحتي لغرض خلاف ذلك. ولعل الاستثناء الوحيد يتمثل في تلك الدراسات لبعض الأعمال الكبرى أو الأعمال التي تنجز لتعرض كنماذج تغري البعض للتوصية على عمل منحوتة على نمطها. وكان من نتيجة ذلك أن أصبح النحاتون. أكثر من الرسامين. مرغمين على العمل لتلبية مطالب وتواصي الأشخاص أو المؤسسات الراغبة في المنحوتات ويكون ذلك وفقاً للمعايير والمفاهيم الفنية لتلك الجهات وليس وفقا لرؤية الفنان أو مفاهيمه الفنية الخاصة. ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن (على الأغلب) اتسمت تلك الطلبات والاحتياجات باتجاهها إلى الأعمال المنفذة بأسلوب يغلب عليه الاتجاه الكلاسيكي بشكل أو بآخر. وعليه فإن من السهل علينا أن نستنتج السباب التي جعلت النحت ينحو نحو الاتجاه المحافظ.



ولئن كان من الصعب على الرسامين التأثيريين الاستمرار آنئذ في رسم صور زيتية بأساليب ثورية وفي نفس الوقت لا يقبل أحد على شرائها، فالأمر كان أكثر صعوبة بالنسبة للنحاتين. ومع ذلك فقد شهدت أواخر القرن التاسع عشر ثورة في النحت لا تقل في أهميتها وتأثيرها عن تلك التي أطلقها التأثيريون في مجال التصوير الزيتي.
والمفجر الحقيقي لتلك الثورة كان رجل واحد. ولكنه واحد من اعظم النحاتين في تاريخ الفن الغربي بعد دوناتيللو ومايكل انجلو وبرنيني. ونعني بذلك النحات العظيم رودان (1840-1917) وسيكون أمرا طبيعيا أن تقارن تأثير رودان كنحات بأثر التأثيريين في التصوير مع أنه بروحه لم يكن تأثيريا على الإطلاق، ولكنه اتفق معهم في نظرتهم إلى الفن آنئذ من انه اصبح هزيلا. خاصة الفن الرسمي العادي. وان النحت بالذات قد اعتراه والذبول كونه أصبح يقوم على تكرار الأعمال الممجوجة لعصر النهضة ويدور في فلك أفكارها.
وحين كان منكبا على إنجاز أحد أشهر أعماله وهو تمثال "مواطنو مدينة كالاس" كتب إلى عمدة المدينة معلقا على التمثال قائلا أنه سيتضمن ما يمكن أن يكون حسيناً وتطويرا نحو الأفضل، لأن التماثيل والنصب المقامة في مختلف المدن تكاد تكون هي نفسها باستثناء بعض الاختلافات بالزيادة أو النقصان في بعض التفاصيل. ونخرج من ذلك أنه كان يرفض النمطية في الأعمال الفارغة التي ينفذها معاصروه من الأكاديميين المتأثرين بالنحاتين التاريخيين، باعتبارهم أساتذتهم ومعلميهم، رغم أنه نفسه كان متأثرا جدا بنفس أولئك الأساتذة حيث لا مجال للشك بأن جذوره الفنية كانت ضاربة في روائع النحت اليوناني ونحت عصر النهضة.



ورغم أن رودان لم يلتحق بمدرسة رسمية للفنون. وتلقى تدريباته الأولية في مدرسة للصنا يع والحروف وهي مدرسة "بتايت" إلا أن سر تميزه كمدرسة قائمة بذاتها يكمن في قدرته المهلة على التشكيل كنحات مشكل، والمعرف إن هناك أسلوبان أساسيان في النحت بصورته التقليدية وهما الحفر والتشكيل. فبالحفر يعالج الفنان خامته من الحجر أو الخشب أو غيره عن طريق إزالة الأجزاء الزائدة من الخامة. فالصورة بالنسبة إليه موجودة داخل كتلة الخامة وهو يراها طيلة الوقت بعين خياله ودوره أن يعمل على إظهارها وإطلاقها من معقلها. فهي واضحة في ذهن من يباشر العمل. ومن هنا فعمله لا يحتمل أي خطأ جسيم يمكن أن يشوه تلك الصورة. أما النحت بأسلوب التشكيل فأمره عكس ذلك تماما إذ نرى المثال هنا يبني ويضيف ليصل إلى الشكل المطلوب عن طريق خامات طيعة مرنة هي في العادة الصلصال أو الشمع. وخلال كل مراحل العمل يكون التمثال قابلا للتعديل أو التغيير، وليس هناك أخطاء جسيمة لأن أي جزء يمكن إزالته وإعادة تشكيله، ولذلك فإنه بالنسبة للمشكل (مثال الطين). فالفكرة يمكن أن تتبلور أثناء العمل. لأن الخامة تستجيب فورا للمسات الفنان ويداه التي تعتبر أكثر أدواته حساسية تعمل مباشرة لتجسدها ما في ذهنه.
وما من شك بأن رودان واحد من أعظم ، وبعضهم يقول بل هو الأعظم. المثالين في تاريخ النحت. فالطين بالنسبة له يعتبر امتداد للتصور القائم في ذهنه. وكانت لمسته واثقة إلى حد أن الشكل النابض بالحياة كان يبدو وكأنه يتدفق من ذهنه منسابا عبر أصابعه التي تعالج الطين. ورغم إن هذه الميزة والقدرة فيه كانت كافية لتصنيفه في مصاف العظام إلا أن إسهامه في وضع مفاهيم الجمال الحديث يحتل منزلة أكثر عظمة وأهمية.
فلقد كانت الدارج آنذاك لا يخرج عن كونه أعمالا إيضاحية تمثل نماذج معروفة ومتعارف عليها وميادين المدن وساحاتها كانت مليئة بمجسمات ذات أوضاع بطولية كلها متماثلة وعلى نفس الوتيرة. فجاء رودان واستطاع بقدرة مذهلة أن يضفي على تماثيله واقعية شديدة الإقناع. وعمله الضخم الأول " عصر البرونز" آثار اعــتقادا بأنه قد صبه على نموذج حي . وهذه الواقعية استكملت عظمتها في الاختيار المناسب لاسم العمل وهو "عصر البرونز" لأن الرمزية فيه كانت واضحة تماما وتوحي بيقظة الإنسانية في ثوب الشباب الكامل.
ورغم ذلك فلم يكن رودان مجرد نحات واقعي فقط بل حاول أيضا أن يعبر عن المضمون العاطفي مستخدما الشكل البشري لإبراز الأمل والألم لدى الإنسان محدثا ثورة في تغيير أسس المفاهيم الجمالية في النحت الحديث. وفي تمثاليه "مواطنو مدينة كالاس" و "بلزاك" اللذين ربما كانا أعظم أعماله يقدم نماذج غير عادية لما يجب أن تكون عليه تماثل الميادين العامة إذ أرسى من خلالها قواعد جديدة في كيفية التفكير بالعمل النحتي.
أما معاصره ادوار ديما (1834-1917) فقد عرف بأنه أحد رسامي مدرسة ما بعد التأثرية ولكنه قام بعدة منحوتات في وقت لاحق من حياته ومنها تمثال "الراقصة الشابة" الذي نفذه عام 1879 بواقعية مذهلة ولكنها تميزت باختراق



سيكولوجي ظاهر تجلى في تعبير تلك الصبية الشريدة ذات الأربعة عشر عاما يسكنها الخوف وتبحث عن الأمان جعل العمل شديد التأثير العاطفي ويتجاوز كونه قطعة فنية للمشاهدة فقط. وكل دراسات ديا على مواضيعه المفضلة الراقصات، النساء المستحمات، الخيول، تظهر بوضوح براعته الفائقة في التشكيل الذي يتدعم بتعاطفه وتفهمه الواضح لتلك المواضيع.
وهناك معاصر آخر لرودان هو"ميداردو روس" (1858-1938) وهو إيطالي عمل في باريس خلال ثمانينات القرن الماضي تميز بالاتجاه التأثيري أكثر من رودان كان نحاتا مشكلا مستخدما الشمع في غالب الأحيان. استلهم مواضيعه من الصور الحياتية اليومية التي توحي بالشكل أكثر مما تخلقه.
سطوح تشكيلاته لم تكن مستوية فبدا وكأنه يحاول أن يشكل الضوء ذاته. وأهميته تكمن في أنه يوحي بتفكيك أو تحليل عناصر الأجسام. وهو أسلوب جديد يتيح حرية أكبر في معالجة الشكل إلا انه يعتمد على الملاحظة الشديدة.
كان هناك العديد من النحاتين الذين انتهجوا نهج الحركات الجديدة للفن الحديث في أوائل هذا القرن.وأحيانا ما كانوا هو أنفسهم رواد هذه الحركات وغالبا ما كانوا نحاتين ورسامين معا.
فبوتشيني مثلا كان أشهر المبدعين في حركة "المستقبلية". وعملاه "أشكال فريدة في الفضاء و"تطور زجاجة في الفضاء" تعتبر من أهم الأعمال في الحركة إن لم تكن ضمن اعظم منحوتات القرن. ونذكر أيضا بيكاسو وماتيس اللذين عملا منحوتات مهمة جدا. حتى النحاتين الذين لم يتقيدوا بمدرسة معينة إلا أن يكون الأمر استجابة لحالات مزاجية خاصة كان منهم بعض البارزين الذين رغم انفصالهم تماما عن أي من المدارس المتسمة بالمعاصرة إلا انهم أسهموا بشكل كبير في خلق المفاهيم الجمالية الحديثة.
في ذلك الوقت. كما هو الأمر في الوقت الحاضر أيضا.كانت الحاجة مازالت قائمة لتخليد الشخصيات البارزة من سياسيين وجنود أدباء.. الخ بأعمال نحتية. لكن هذا النوع من النحت رغم أنه موجود في كل العصور إلا انه لا يحتل موقعا مهما في التاريخ العام للفن الحديث لأنه نشاط عام ولا يعتد به في دراسة تطور النحت.
كان لوردان تلميذ بدا وكأنه تابع مخلص لمنهج أستاذه وأنه سيكمل رسالته موصلا إياها إلى آفاق أرحب ومجالات أوسع إلا




انه لم يحتفظ بذلك الاتجاه بل مال عنه بتأثير الاغراءات المادية التي وفرتها له الطلبات الخاصة والتي كانت كلها وفقاً للمنهج الأكاديمي كان ذلك الفنان هو اميل انطوان بورديللي (1861-1929). أما ميلول(1861-1949) فهو أيضا أحد تلاميذ رودان الذي بدأ حياته الفنية كرسام منتم إلى الحركة النابية ثم اتجه إلى النحت حين شارف على الأربعين من عمره عقب عملية جراحية أجراها لإحدى عينيه. وفي هذا المجال استقر على أسلوب واحد وموضوع قلما تغير وهو الإناث العاريات في أشكال مبسطة وأوضاع محددة بانحناءات واستدارات جميلة رشيقة تذكرنا بموديلات رينوا. ويمكن القول أن كل أعماله الفنية تندرج ضمن هذا القالب : أشكال مبسطة وأوضاع محددة متفقة غالبا في الإيماءات مع تباين طفيف، كل ذلك من خلال تأثر واضح بالنحت اليوناني. إلا أن بصمته كانت واضحة في أيجاد أسلوب في النحت خلا من الرشاقة والإثارة الدرامية المميزة لأسلوب رودان فبدا وكأنه كلاسيكية حديثة احتفظت بمقوماتها الكلاسيكية وعنصر الحداثة فيها هو الإحساس الكامن بها.
وهناك أيضا المثال رايموند دوتشامب (1876-1918) ذو الموهبة الفنية والذي سرعان ما تحول من المدرسة الأكاديمية إلى الأشكال المبسطة التي توحي بالتحليل التكعيبي. وقد تميزت مجموعة أعماله النحتية الموسومة" الحصان" بأنها جمعت بين قوة الحيوان وقوة الآلة.
أما الإيطالي اميديو مودلياني (1884-1920) فكان ذا موهبة نادرة، كان رساما ونحاتا متميزا بأسلوب متفرد. ولكنه كان يوهيميا في حياته منغمسا في الملذات رغم إصابته بالسل.
وكان وسيم الشكل وزئر نساء ومدمن مكيفات. وكثيرا ما ردد بأنه سيظل يشرب حتى الموت وحقق ذلك فعلا. اعتبر نفسه أفضل فناني إيطاليا. وكان يقول بأنه نحات في المقام الأول رغم أن لوحاته الزيتية. وخاصة تلك التي تناول فيها النساء العاريات. تأتي في مقدمة أعماله التي اشتهر بها. وقد بدأ واضحاً أنه تأثر بفنون نحت العصور الوسطى وعصر النهضة وكذلك بالفن الأفريقي. ذلك رغم أن الرؤوس المبسطة والاستطالات التي هي عليها لا توحي بارتباطها بعصر محدد بقدر ما هي ضاربة في أعماق التصورات البدائية الموغلة في القدم.
وصداقته مع برانكوزي (1876-1957) وهو فنان روماني كان يقيم في باريس. أثارت شكوكا بأنه في بداياته قد تأثر ببرانكوزي فهناك بالفعل صور من التشابه قائمة. وقد تطور برانكوزي ليصبح أحد أهم شخصيات النحت في القرن العشرين، والمؤثر الأساسي في أحد اتجاهاته المميزة وهو الاتجاه المستمر نحو التجريد. وقد اختلفت الآراء فيما يخص التجريد. إذ رأى البعض أن ليس هناك ما يسمى بفن تجريدي حقيقي. وأن ما يمكن أن يقال في أعمال برانكوزي أنها تنتمي بشكل رئيسي إلى التجريد أكثر من كونها تجريد حقيقي صرف.
ومع ذلك فهو يصقل الأشكال ويهذبها ويحورها برؤية تجريدية مع احتفاظها بكل العلاقات المرتبطة بالموضوع الأصلي. وفي منحوتته " السمك" و"طائر في الفضاء" نرى أن الروح والإحساس والفكرة قد تم اختصارها جميعا وتقليصها إلى شكل موحد بسيط. هذا الاهتمام باستبعاد وإزالة كل العناصر الخارجة عن جوهر الموضوع مع الإصرار على رفض استخدام أي منها كرمز هو أكثر ما يميز برانكوزي عن رودان الذي كثيرا ما أبدى إعجابه الواضح بقدرات ومواهب برانكوزي وحاول كثيرا أن يلحقه به كمساعد له ولكنه لم يوفق إلى ذلك بسبب ميل برانكوزي الشديد إلى الاستقلالية والتفكير الفردي الطليق. وفي سعيه فقد المتواصل لتحقيق الكمال في السطوح فقد استعان بالكثير من التكنولوجيا مع الكثير من الجهد الشاق.
فكان لا يكف عن العمل ويستخدم وسائل تكنولوجية كي يصل إلى الشكل والملمس المطلوبين وقد قال جاك ليتش النحات التكعيبي المعروف الذي كان مرسمه ملاصقاً لمرسم برانكوزي بأنه قادراً على سماع الصوت الناتج عن عملية الصقل بشكل يكاد يكون مستمراً. وعملية الصقل هذه يرى برانكوزي أنها ضرورة أساسية تستلزمها الأشكال المطلقة في حالة استخدام خامات معينة. وهذا الإغراق في اللجوء إلى الصقل والملمس في النعومة حتى ليبدو في العمل في النهاية وكأنه صنع آلة، يوحي بأن هناك شكل نهائي مطلق يسعى الفنان دون كلل للتوصل إليه من خلال عملية التقليص والصقل وهي وجهة نظر تشكل إحدى السمات الجمالية للنحت في القرن العشرين. وهذا يعني أن الأمر ليس مجرد إزالة أو تخلص من بعض المظاهر الزائدة ولكنها إيمان مسبق بالصورة النهائية البسيطة كهدف بحد ذاته يبعث التوصل إليه في نفس الفنان مقدارا من الراحة أكثر بكثير مما يبدو لنا. فالبيضة يمكن أن نرى فيها معنى يشير إلى بداية العالم أو إلى الأمومة أو الحياة التي لم تتحقق بعد أو أي معنى آخر من هذه المعاني المتضاربة وهي فلسفة عبر عنها أحدهم ببساطة تبدو وكأنها لغز حين قال "كلما قل ازداد"، وأصبحت هذه الفلسفة عقيدة وقناعة تفصح عن نفسها من خلال أعمال لا شيء واضح فيها سوى اسمها حتى الغرف التي توضع فيها تكون خالية من أي شيء ولا يملؤها إلا الفراغ.
وبطبيعة الحال فهذا لا ينطبق على برانكوزي. بل إن الأمر معه على عكس ذلك تماما. فعملية الصقل لديه المثيرة للعواطف



والأحاسيس مقصودة وتستهدف والإيضاح وإبراز الجانب المناقض للغموض والغرابة. واختياره للخامات المستخدمة يعتمد على مدى ملاءمتها للموضوع والصورة النهائية التي يحرص على الإبقاء على ارتباطها الوثيق بالشكل الأصلي للموضوع. ذلك رغم أنه في بعض الأحيان يلجأ إلى تكرار الموضوع بخامات مختلفة.
ومكانة برانكوزي في تطور النحت الحديث ليست موضع نقاش أو جدل. وعقب وفاته عام 1957 اتخذ النحت مساراً جديداً حيث اتجه إلى التجريدية المبسطة ذات الفراغات الزخرفية. وهناك أيضا النحات السويسري المولد "البرتو جياكوميتي" (1901-1966) الذي اتخذ من باريس مقراً لعمله منذ عام 1927 وبقي فيها حتى وفاته. تميز هذا الفنان بأسلوب شديد التفرد وحظي بشهرة واسعة. اتجه إلى السريالية في مرحلتها المبكرة ثم هجرها إلى أسلوب آخر يتميز بتقليص الأشكال إلى حد جعلها تبدو كالعصا بسطوح خشنة نافرة ولكنها تنضخ بأحاسيس طاغية بالعزلة الإنسانية الشديدة.
ورغم أنه في أشكاله يبقى فقط على العناصر الأساسية للموضوع حتى ليذكرنا بأسلوب برانكوزي إلا أنه يختلف عنه في خشونة سطح الأعمال وافتقارها إلى الشكل الصريح المحدد. ولكنها في النهاية تثير في النفس الكثير من الأحاسيس والشجون. وأعماله النحتية في جملتها تتضمن تكراراً يبدو وكأنه تكرار قسري يفرض نفسه. عليه مما يجعل تأثيرها الكلي أقل من ذلك الذي تشيعه رسوماته ولوحاته التي تنطوي على الكثير من العناصر المثيرة لمشاعر الرثاء والشفقة والقوة معاً.
وإذا ما تطرقنا إلى النحت عند ماتيس نجد أنه بدأ في ممارسة هذا الفن منذ عام 1900 تقريبا. وإذا كان من الممتع حقا أن نتأمل في أعمال ماتيس النحتية كامتداد للمدرسة الوحشية في التوصيل التي كان رائدها. فإن هذا الأمر على ما يحمل من صدق إلا أنه يمكن القول أيضا أن تأثره الأساسي في البدء كان بالفنان رودان.
وتمثاله الأول "الصبر" الذي يصور رجلا واقفا عاريا يشير بوضوح إلى علاقته بتماثيل رودان "الرجل الماشي" و"البابا يوحنا" وبأحد الشخوص في تمثال "مواطنو مدينة كالاس" رغم أن مثل هذه العلاقة لا نرى لها أثراً في المراحل التالية حيث مال إلى التجريد ولكن على نهج مغاير لما كان عليه نهج برانكوزي وجياكوميتي.
وأثر ماتيس في التطوير يبدو واضحا من خلال التماثيل البرونزية الأربعة التي أنجزها خلال الفترة من عام 1909 وحتى عان 1930. وهى تمثل ظهر فتاة عارية بتفاصيل شديدة الوضوح والبروز والتمثال الأول من هذه السلسلة يشير إلى إن في ذلك الوقت كان لا زال متأثرا برودان. وتميز التمثالان الثاني والثالث بتداخلات تحليلية في الأشكال أظهرت بوضوح مدى فهمه واستيعابه الكامل للمذهب التكعيبي رغم أنه لم يكن تكعيبيا على الإطلاق. أما العمل الرابع والأخير فقد كان مزيجاً متناغماً ومؤتلفا من البساطة والضخامة معا، في تشكيلات مترابطة تقدم لنا نموذجا لما يجب أن يكون عليه فن النحت في المقام الأول. ولا شك بأن امتلاك مثل هذه القدرة وهذا التمكن الكثير من الكفاح الصادق والعمل المتواصل. وربما كان ماتيس قد توقع الأسلوب الذي سيأخذه النحت على يده عندما قابل رودان لأول مرة غير أنه في المراحل التالية نرك التفاصيل التي تهدف إلى الشرح ومال إلى أسلوب الدمج الذي ينبض بالحياة والإيحاء.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 04:24 AM رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الانطباعية.. طريقة جديدة لرؤية العالم


ولد جيل الانطباعيين في الفترة الممتدة بين الأعوام 1830 - 1841 ، وعلى الرغم من أنهم كانوا يختلفون إفرادا في خلفياتهم



وتدريبهم وأمزجتهم تماماً إلا أنهم كمجموعة كانوا يملكون الاندفاع الحاد ذاته في التفرد والإخلاص .
كلهم قدموا إلى باريس حوالي عام 1860 ، ونشأت بينهم جمعياً زمالة صادقة في التو ، وتميزت مجموعتان في تكوينهما ، إحداهما في الأكاديمية السويسرية وتركزت حول بيسارو ، والأخرى في ستوديو " غلير " وتركزت حول مونيه.
كان ستوديو " غلير " يتمتع بسمعه طيبة نسبياً ، لتحرره من الأساليب المتزمتة في طرائق التدريس ، تضاف إلى ذلك مزية أخرى هي الأجور الواطئة التي كان يتقاضاها من الطلبة ، والجو الطبيعي الرائق الذي كان يحيط به ، فكان أن تناوب على الدراسة فيه أكثر من خمسمائة فنان ، ولم يدخر مونيه وسعاً للانضمام إليه ، برفقة عدد من أصحاب الجدد مثل : بازيل وسسلي ورينوار ، وقد بقي هؤلاء على صلة مستمرة بأصدقائهم الآخرين في الأكاديمية السويسرية ، بفضل مونيه وبازيل، و في ربيع عام 1864 أغلق معهد " غلير " أبوابه نهائياً ، فانتقل مونيه ورفقاؤه إلى غابة " فونتنبلو " حيث شرعوا يرسمون في الهواء الطلق عن الطبيعة رأساً.
قبل حرب عام 1870 ، كان انطباعيو المستقبل لما يزالون يقتدون بالمجموعة المؤلفة من بودان وجونكند وكورو ودوبينيي ، وفي مقدمتهم كوربيه ، ومنذ عام 1865 وما بعده ، صاروا على صلة مباشرة بمن سبقوهم وأثروا فيهم ايما تأثير ، لاسيما بعد أن عمل البعض منهم معاً في باريس ، وفى غابة " فوننتنبلو " وعلى ساحل المانش.
يمثل عام 1863 علامة مميزة في تاريخ الرسم ، ففي العام المذكور لحظ كاستنياري ، الذي كتب عن اللوحات التي عرضت على الجمهور في " الصالون " الرسمي بباريس ، وحاول أن يقوم ما وصفه ب" الاتجاهات الحقة التي سلكها الفن في عصره " التحول من " الواقعية " الدرامية التي تلعب بالعواطف الى " الطبيعة " المتحررة مؤشراً كافياً الى الموقع التاريخي الذي احتله مانيه وأنطباعيو المستقبل بالنسبة لكوربيه.
في العام ذاته ، توفي ديلاكروا تاركاً وراءه أمثولة ثمينة للفردية والحرية الخلافة كان تأثيره في الانطباعية كبيراً ، حتى أن سيزان أطلق عليه ( أجمل " باليت " في فرنسا ) ، وقد تجلى ذلك في الدراسة التي كتبها بول سنياك عنه في العام 1899 بعنوان ( من يوجين ديلاكروا الى الانطباعية الجديدة).



تنقل مونيه وزملاؤه ، قبل أن يستقر بهم المقام على ضفاف نهر السين حيث أتخذ أسلوبهم شكله النهائي ، من " إيل دي فرانس " إلى ساحل البحر ، ومن غابة " فونتنبلو " ، التي مارسوا رسم مشاهدها على غرار من سبقوهم ، الى شواطئي بحر المانش حيث اكتسبت أوانهم بريقها بسرعة ، كان هذا المكان بمثابة مأوى قديم لرسامي الألوان المائية الإنكليز ، وللرومانسيين أمثال : ديلاكروا وهيوي وفلير واسابي ودوبري ، يزورهم كوربيه أحيانا ، ثم ما لبثوا أن هجروه ، في الأيام التي ازدهرت فيها مدرسة " الباربيزون " ، واضحي السين والساحل النورماندي مركزهم المفضل للرسم في الهواء الطلق بين الأعوام 1858 - 1870.
هنا . . ولدت الانطباعية ، والفضل في ذلك يعود الى يوجين بودان ، الذي استضاف مونيه وكوربيه وبودلير وجونكند وعدداً آخر من الشباب ، الذين فتحوا عيونهم على اللون السحري للضوء والماء.
لحظ كاستنياري منذ بداية عام 1863 أن عظمة جونكند تكمن في الانطباع الذي يولده رسمه ، وعلى الرغم ن أن صورة المنجزة في الأستوديو هي أعمال مكثفة ومتشابكة إلا أنها بقيت ضمن الإطار الرومانسي الواقعي ، وكانت لوحاته المائية متميزة بلمسة حرة سريعة مشرقة مستمدة من الحياة رأساً.
كان الوعي حاداً بالمشهد المعاصر آنذاك ، وما يبدو اليوم لنا طبيعياً وضرورياً كان يعتبر ، لا سيما في الفن ، بدعة ثورية في أواسط القرن التاسع عشر ، حيث التقاليد الموروثة راسخة منذ القدم ، وقد تولد هذا الوعي نتيجة الإحساس المرهف للماضي ، ولمظاهر الحياة الجديدة التي شرعت تزحف على المدينة باطراد ، بسبب الثراء الذي رافق التقدم الحضري والصناعي وتفجرت الشاعرية في عالم الرسم في عام 1860 - 1861 في لوحة مائية الموسومة " حفلة موسيقية في قصر التويلري " ، لم تكن جرأتها تكمن في اختيار الموضوع ، على الرغم من أنه كان في الواقع جريئاً في ذلك الحين ، بل في الانسيابية الحية الموجزة لضربات الفرشاة المتناغمة تناغماً كلياً والطريقة الحديثة في الرؤية ، المتسمة بالتلقائية في الاستجابة ، لقد عري مانيه العرق الفني الذي طالما أشار إليه بودلير ، وكان الفن جاء بعده وأطلق عليه (الرسم الحديث)، هو في الواقع الرسم الصادق الأمين لذلك العصر.



مارس مونيه ورينوار وبازيل أول مامارسوا رسم القوام الإنساني في الهواء الطلق بين الأعوام 1865 - 1868 ، تحت التأثير الطاغي لكوربيه ومانيه ، لقد حققوا في البدء مواضيعهم الأولى كرسامين رومانسيين ، ثم ضمن مدرسة " الباربيزون " المستقلة ، وبقيت غابة " فانتنبلو " أيضا الخلفية المفضلة للتجارب الانطباعية الأولى التي كان رائدها المتحمس مونيه الذي أضحي " الموجه الأول للانطباعيين " على حد قول ليونيلو فينتورى ، وبتعاظم حركة الرسم في الهواء الطلق بدا ظل الشمس وكأنه أمسى طوع بنانهم ، وهلل الانطباعيون ، وفى مقدمتهم كوربيه ، للتأثيرات الخلابة التي يمكن استخلاصها من الأشكال الرشيقة والألوان البراقة للنساء المتأنقات في ضوء الشمس.
كانت الانطباعية غزواً تدريجاً للضوء أضحى يؤلف قاعدة أساسية في الرسم ، وكان ميدان فعلها وازدهارها المناظر الطبيعية ، حيث تتلاشى التحديدات في تقلبات الجو الحادة المتعاقبة ، لكن التجربة مع الضوء واللون لم تكن هي القصة كلها مع الحركة الانطباعية ، فقد ولدت الدراسات المفيضة للقوام البشري مشاكل عديدة للشكل والفضاء والتكوين ، وسعدت لإيجاد الحلول لها ، وكان ثمرة ذلك نشوء طريقة جديدة لرؤية العالم ، عززت من جرأتها الموجة التي صاحبتها آنئذ بذيوع المطبوعات اليابانية وتطور التصوير الفوتوغرافي.
ولما يقرب من قرن ، نحت الثورات الفنية نحو احتلال مواقعها معتمدة على أساليب قائمة راسخة في القدم ، سواء أكانت هذه الأساليب عريقة أم دخيلة أم بدائية في طبيعتها ، وبالنسبة للانطباعيين ، كان سحر الفن الياباني يتجلى في عفويته الزخرفية ، وفي طريقيه الساحرة لتشطير العالم المرئي وفق التناغم اللوني والخطي ، وفي تحولاته المفاجئة في تناقضات قيم النور والعتمة ، وكان الدور الذي لعبه التصوير الفوتوغرافي في عاملاً موازياً




في الأهمية على الرغم من أنه لم يعط الأهمية التي يستحقها ، كان تأثيره غير مقصود في الواقع ، مادامت عدسة الكاميرا توجه وتدار من قبل حاملها وفقاً لأذواقه وأفكاره ، وقد ظهرت أولى اللقطات الفوتوغرافية في حوالي عام 1863 ، كما ظهر التصوير الجوي والمناظر شبه المجسمة في حوالي عام 1865 ، والمقارنة بينها وبين اللوحات المعاصرة آنذاك تمدنا حقا بمزيد من المعرفة ، فقد عززت الكاميراً وعجلت في النمو الطبيعي للأسلوب الانطباعي ، وبالتالي رسخت النظرة التحليلية والنفسية تجاه العالم المرئي .
أن المجموعتين المبكرتين اللتين تكونتا تلقائياً :



الأولى في ستوديو " غلير " والأخرى في الأكاديمية السويسرية ، تقابلان بالضبط فرعي الانطباعية البارزين في آرجنتوي ويونتوا ، فإحداهما رؤيوية وكونية في نظرتها ، مأخوذة بسحر المياه المترقرقة والأضوية المتلألئة ، وثانيتهما رعوية وأرضية ينحصر اهتمامها بالقيم البناءة ، ومخلصة في رو حيتها لكورو لقد احتضن كورو ، بنظرته الجمالية التي امتدت خطوطها العريضة بعيداً في المستقبل الجمالية التي تجعل الفن صوتاً معبراً عن مشاعر الفنان الدفينة، وقد لخصها مراراً في ملحوظات بليغة استقت منها لأول مرة كلمة " الانطباعية " معناها كاملاً ، وترددت في ما بعد بشيوع الفكرة القائلة : " الكتلة دائماً . . الكل ، ذاك الذي له فينا اشد الوقع ، علينا أن لا نفقد ابدأ الانطباع الأول الذي يحركنا . . اخضع للانطباع الأولى ! أن كنا حقاً قد تأثرنا فالصدق في أحاسيسنا سينتقل بدوره الى الآخرين ".






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 04:26 AM رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

المدرسة التكعيبية


حين شرع براك، في نهاية عام 1907، يدير ظهره للوحوشيه كان هدفه تقليل قوة اللون من اجل زيادة قوة الشكل، لا لتأكيد الخط وحسب بل الحجم أيضا، رسم بعد بضعة شهور في "الايستاك" مناظر طبيعية كان كل شيء فيها جسما صلدا مختزلا إلي شكل هندسي،



حيث لا تقل النبتة صلابة ورقة عن صلابة جذور الأشجار وحيطان البيوت. كتب لويس فولسيل عن هذه الأعمال يقول:
"السيد براك اختزل كل شيء المواقع والأشخاص والبيوت، وجعلها تخطيطات هندسية… فمكعبات !" هنا، بالذات، سن الكلمة الدالة التي قدر لها أن تصف الاتجاه الجديد.."التكعيبية".
الواضح أن المسألة كانت بالنسبة إلي براك والي بيكاسو الذي كان يعمل وفق الاتجاه ذاته، اكثر من مكعبات! وعلى الرغم من أن المصطلح يمكن أن ينطبق، مع بعض التبرير، على أعمال هذين الفنانين التي رسماها قبل عام 1910، إلا انه لا يصح إطلاقه على كل الأعمال التي أنتجاها بعد هذا التاريخ لقد تحررا بعده من تأثير سيزان والفن البدائي الذي احتوي عناصر شكلية في أسلوبيها حتى ذلك الحين، وبرزت التكعيبية اكثر الحركات ثورية في مجال الرسم الشكلاني منذ القرن الخامس عشر والحق، أنها تخلت عن كل مفاهيم الواقعية البصرية وأهملت كلياً المنظور "التقليدي"، والنمذجة، والتأثيرات المحتملة الخفيفة لا بسبب موقفها المغاير تجاه الأشياء، بل لأنها أرادت أن تحللها بصورة اقرب، وحاولت أن تقدم لها تمثيلاً اكثر شمولاً. كان التكعيبيون أول من أدرك تماما بأنه: باختيار زاوية نظر مفردة فان عصر النهضة طبق في الصورة نظاماً معيناً وأدان نفسه في الوقت ذاته بإعطاء الأشياء منظراً جزئياً وحسب، وهو الجانب الذي يراه الناظر في لحظة سكون، أما اليوم فالإنسان المعاصر يتحرك من مكان إلى آخر بسرعة مطردة، والصورة التي يتلقاها عن العالم معقدة. هذا التعقيد هو ما سعى التكعيبيون إلى نقله على قماشة اللوحة بوضع ظواهر الشيء المتعددة إلى جنب على السطح المستوي ذاته، بحيث يتعذر على العين أن تري الأشياء في وقت واحد، بينما في مقدور الذهن أن يوجدها من جديد.
ل




يست هناك فائدة من الادعاء بأن الأعمال التكعيبية يمكن تفسيرها بتفصيلاتها كلها بهذا الاهتمام وإعطاء الواقع تأويلا جديدا، فالواضع أن الفنانين استمتعوا أيضا بتغيير الأشكال الطبيعية، بل بتجاهلها أحيانا، أو التعويض بأشكال خيالية عنها، يقول براك:"أن الرسام لا يحاول أن يعيد تمثيل وضع ما، إنما يحاول أن يبني حقيقة صورية." فموضوعاته، مثل تلك التي لبيكاسو، كانت عادية جداً. كان ميلهما المحبذ نحو الحياة الساكنة(Still-life) التي تجمع في الغالب قنينة وقدحاً وغليوناً وصحفية وغيتاراً أو كماناً معا. وحين كانا يقرران أن يرسما إنسانا، فانهما ينتزعان منه هيبته ووقاره وأهميته. لم يكن لعلم النفس موطئ في هذا الفن، سوي أن مبتكريه يضعان نفسيهما تماما بدل الشخوص الماثلة أمامهما عند الرسم.
وفي العديد من أعمال الفترة 1910-1912 عمد براك وبيكاسو إلى تجزئة الأشياء حدا انتهى بتناثرها و أبادتها. لقد بلغا مشارف الفن التجريدي، لكنهما لم يتجاوزا الحدود إليه وفي تطورهما المنسق حتى اندلاع الحرب في عام 1914، قاما بمحاولة لإعادة تأسيس القيم الصورية للأشياء وجعلها اكثر بروزا للعين. لقد قللا من تشطيرها وزادا من تحديدها، دون اللجوء إلى الأساليب الطبيعية أو الواقعية وفي الفترة ذاتها، شرعا ادخل الحروف المطبعية في أعمالهما منضدة في كلمات مثل(Bal) و(Le Torero) و (ma Jolie)، ألتي مثلت فكرة "موتيفاً" زخرفية و أقحمت قرائنها الذهبية في الصورة، بل ذهبا إلى ابعد من ذلك، فابتكرا الأوراق الملصقة(قطعاً من الجرائد، وورقاً مطلياً وورق تغليف) والصقاها رأسا على القماش، وقاماً أحيانا بوضع لمسات من اللون عليها، بهذا وضعت الحقيقة (المحولة) جوار الحقيقة (الخام) التافهة، لتتحول الثانية فتكتسب قيمة صورية وأهمية دلالية. إضافة إلى ذلك ساعدت هذه الملصقات الورقية براك وبيكاسو على التطور من المرحلة التحليلية إلى المرحلة التركيبية للتكعيبية، وقادتهما إلي خلق إثارات فضائية باستعمال اكثر الوسائل أولية (شريطين من الورق، مثلاً، بلونين مختلفين) كما ساعدتهما هذه الملصقات الورقية في



النهاية على إعادة اكتشاف اللون. فاستيعابهما الكلى لمشكلة الشك جعل التكعيبيين زهاداً في اللون يختارون من الأصباغ اقلها، وقيام الفنان بتسليط الضوء بعشوائية على مساحة الصورة، أدى إلي تدرج حاذق في تنغيم الألوان الرصاصية والبنية والصفراء الأوكرية. وفي حوالي عام 1913، هجرا هذه الصورة أحادية اللون ونوعا الألوان، وجعلاها اقوي من قبل أيضا.
لعب اللون فعلاً دوراً مهماً في تجارب اثنين آخرين من الرسامين الذين كانوا على صلة بالتكعيبية: ديلوني وليجيه، فمنذ أوائل عام 1910 أعلن ديلوني بأن براك وبيكاسو "يرسمان بنسيج العنكبوت!" وكرد فعل، استعمل مندرجاً حراً من الألوان الدافئة، بينما عمد ليجيه إلى استخدام الأزرق والأحمر الخالصين منذ عام 1912 وما بعده.لم تكن هذه هي النقطة الوحيدة التي اختلفا فيها مع زملائهم الفنانين، فقد تأثرا كذلك بسيزان لكن تأثيره كان مغايراً عمدا إلي هندسة الشكل دون تشطيره أو تجزئته ولم ينغلقا على نفسيهما في محترفيهما يرسمان الأشكال المتواضعة الموجودة علي المائدة وحسب فقد استمد ديلوني مثلاً الإلهام من "برج أيفل" ورسم ليجيه "عبور السكة" و"منظر باريس من النافذة". وكلاهما كان على وعي شديد بالإيقاع السريع في الحياة الحديثة والإثارات الجديدة المفاجئة التي ولدتها التكنولوجيا في العالم حولهما.
وعلى الرغم من أن براك وبيكاسو وديلوني وليجيه جاءوا بأفكار التكعيبية الثورية غير انهم لم يكونوا وحدهم في الحركة، فقد أيدهم فنانون آخرون مناصرون، لكن الخصائص المميزة لكل منهم بقيت واضحة بين هذا الفنان وذاك.
أن تجارب خوان غريس ولويس ماركوسيس واميلو بيتوروتي ذات صلة ولو بدرجة معنية،ببراك وبيكاسو كان جاك فيون، واخوة مارسيل دوشامب في الاخصالأخصعين بالحركة، بينما اعتبر البرت كليز وجان ميتزنغر وروجر دي لافريسني واندرية لوت التكعيبية نظاماً منضبطاً، وسيلة لتبسيط الشكل، وتقوية التكوين، ومنح التقليد حياة جديدة.
كان للتكعيبيين تأثير واسع في كل مكان، وفي إمكاننا أن نعثر على رسامين تأثروا بالتكعيبية في بقاع العالم المختلفة، إضافة إلي ذلك، أن نشاطهم لم يكن محدداً بالرسم، بل شمل الملصق والإطاعة والديكور



المسرحي والنحت والعمارة






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 04:28 AM رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

مدرسة الباوهاوس

بعد الحرب العالمية الأولي قام المعماري : ( والتر كربيوس ) بتأسيس مدرسة فنية تصميمية في مدينة




( فايمار ) الألمانية عرفت باسم : الباوهاوس . ضمت إليها مجموعة من الفنانين والحرفيين والمصممين في مسعى منه لخلق تواصل بين الشكل والوظيفة وكانت هذه المدرسة الفنية نموذجا رفيعا ودقيقا وسط عالم مزقته الصراعات المجهولة النتائج .
وأعتمد مؤسسها منذ البداية علي أفضل العقول الأوربية وفي مقدمتهم : أيتن - فايتنكر - ماركس - ميرو. وألتحق بها فيما بعد بول كلي - وكاندينسكي وكانت الدراسة بها لا تزيد عن ثلاث سنوات ونصف تميزت مناهجها بإلغاء الفوارق بين الفنان والحرفي وأنسحب ذلك علي العلاقات بين الأساتذة والطلبة لتجعل حدود العمل جماعيا كما تطرقت هذه المدرسة إلى الصناعات وأسهمت في خطوط الإنتاج وكان الكثير من مفرداتها قد دخلت الحياة اليومية كتصميم الكتب والقيشاني والأثاث والجرافيك والإعلانات الجدارية .
شهادة أحد روادها
الفنان : ( يوهانس أيتن ) عاش تجربة كاملة في هذه المدرسة متأثرًا ومؤثرًا في مناهجها الخلاقة فقد درس هذا الفنان أولا في أكاديمية جنيف 1910 وكان التدريس بها - علي حد قوله - يسير وفق أساليب العصور الوسطي إذ يقوم الأساتذة بشرح ما يقومون به لتلاميذهم ثم علي هؤلاء تقليد أساتذتهم وكان النجاح يتوقف علي قدرة التلميذ علي تقليد أستاذه تقليدا دقيقا.
في عام 1913 ذهب : ( يوهانس أيتن ) إلى مدينة : شتوتجارت لحضور محاضرات كان يلقيها أدوولف هولزل في أكاديمية شتوتجارت التي اعتنت بتدريس أساليب التشكيل وأسس اللون بصورة منتظمة .
وجد : ( أيتن ) في هذه الأكاديمية أن : ( هولزل ) أستاذا مدهشا محفزا ومتفتح الذهن وسرعان ما حصل الفنان الشاب علي فرصته للتدريس بالإضافة إلى ممارسة عمله الإبداعي .
عام 1916 وباقتراح من أحد تلاميذه أنتقل من شتوتجارت إلى : ( فيينا ) لتأسيس مدرسة للفن وتطوير طرق التدريس وهناك شرع يحاضر في موضوع أقطاب التضاد وتمرين الطلاب علي الاسترخاء وتصعيد درجة التركيز وبرهنت تجربته هذه علي التلقائية الإبداعية ، وهي واحدة من أهم مشاكل التربية الفنية والتثقيف الفني .
في ربيع العام 1919 وبعد نهاية الحرب العالمية الأولي دعته السيدة : ( ألما ماهلر كروبيوس ) التي كانت من المعجبات بفنه وبنظرياته في التدريس لتمضية عطلة نهاية الأسبوع في : سمرتك حيث قدمته لزوجها : ( والتر كروبيوس ) مؤسس مدرسة : ( الباوهاوس ) برغم أن كروبيوس لم يفهم رسوم : (ايتن) ولا أعمال تلاميذه إلا أنه عرض عليه الحضور إلى : ( فايمار ) ووعده بأنه سيكون مسرورا هناك .



بعد فترة وجيزة لبي : ( يوهانس أيتن ) هذه الرغبة وجاء إلى فايمار وأخذته الدهشة من روعة غرف الدراسة الفاخرة وورش العمل المختلفة ووجد بانتظاره منشورا بقلم ( كروبيوس ) يقول فيه :
الهدف الأساسي لكافة الفنون التشكيلية هو البناء وعلي المعماريين والنحاتين والرسامين العودة إلى الحرفة إذ ليس هناك فارق أساسي بين الفنان والحرفي .
فالفنان ما هو إلا صيرورة مكثفة للحرفي وأن معرفة أسس الحرفة وركائزها أمور لا يستغني عنها بالنسبة للفنان أي أنها مصدر لإنتاجيته الخلاقة . أسلوب الدراسة
تبدأ الدراسة بترويض الإصبع واليد والذراع والجسم بكامله علي الاسترخاء والتحسس والتقوية وحتى تنفس الطالب في (الباوهاوس) يخضع لهذه الاشتراطات ، إذ ينبغي أن يفحص وينشط ثم يأتي دور النصح بشأن التنظيم الغذائي والإرشادات الصحية . هتلر والباوهاوس
من أصعب المشاكل التي شغلت أستاذ تدريس الفن في (الباوهاوس) تتمثل في تحرير الإدراك الحسي الروحي الداخلي وتعميقه وكان علي الطالب دراسة تحليل الألوان باضدادها السبعة بأسلوب منطقي وكان عليه أيضا أن يقضي قرابة نصف ساعة كل صباح ولأسبوع كامل مواجها نبات (السرخس) وهو في الأصص ليدرسه بواسطة الرسم وفي نهاية الأسبوع يتعين عليه رسم ذلك النبات باستحضاره من الذاكرة، ولم تسلم هذه المدرسة المتميزة من سطوة (هتلر) ومن التعرض لها بالسخرية والتشكيك في أهدافها ومناهجها والتهكم علي أساتذتها وطلابها .
واليوم وبعد زوال هذه المدرسة وإغلاقها نهائيا عام 1933 بأمر خاص من : أدوولف هتلر .. بعد زوالها ما يزال تأثيرها شائعا في الكثير من دول العالم وأصبح من المعتاد انجذاب الناس إلى الفلسفة الشرقية : هندية .. وصينية التي روجت لها هذه المدرسة مثل ممارسة رياضة (اليوجا) ليس في حقل الفنون فحسب بل في مجالات الإبداع الأدبي .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 04:30 AM رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفنون الشعبية الأمريكية

كثيراً ما اعتبرت الفنون الشعبية في أمريكا ميثولوجية في عضويتها ، حيث النزعات الأولى للإنسان تمتزج بتصورات فرظية في حيويتها. هذه النظرة الرومانتيكية لتلك الفنون يتصدى لها الكاتب، معتبراً أن وضوح فن الرسم الشعبي يرجع إلى أسباب دينية، تقوم على أساس رغبة مبدعيها في إنتاج سجلات مفيدة لإبداعاتهم.



هناك تساوق ثابت يؤلف بين جميع الأعمال الفنية في معرض متحف "ويتني" للفن الشعبي الحديث، يوحي بوجود تصور رئيسي. هذا المعرض اختيرت أعماله من عدد كبير من المعروضات فوقع الخيار على 37 فناناً، ليكون بذلك ممثلاً لاتجاهات فنية مميزة، على غير عادة المعارض الفلكلورية التي تضم مجموعة من الأشياء غير المعروفة.
ورغم أن الأعمال الفنية تغطي ثلاثة قرون وتفاوت اتجاهاتها لكنها متشابهة.
وحتى إن بدت في نظر النقاد ممثلة لاتجاه متحرر من التقليد الأكاديمي وذات اتجاه حديث، فإن المعرض كان محدد الملامح ونصيباً في معالجته الفنية وتصوير يته حيث أن الأعمال الفلكلورية تبدو وكأنها تحدد شفرة لموقف فردي لكنه قابل للتعميم وثابت.
في العادة يكون اللون اللامع في هذه الأعمال موحياً بأنه شاهد على الإيمان الساذج بالتأثير المعبر، أو "تجاوز" اللون. كذلك فإنه يبدو في تناقض الطريقة النصية الترميزية، ومع ذلك فإن اللون هو جزء من النص (الصيغة). إن فائدة الصيغة ليس فقط تقديم الموضوع بطريقة لا بأس بها جماعياً، بل إنها تخاطب معرفة الإنسان الشخصية عن القيم الكامنة في النص. والأمر يبدو كما لو أن المشهد المنقول قد تم حمله خارج حدوده إلى العالم الداخلي للمشاهد من خلال صيغة تقوم بتشفير اليقين الذي جرى من خلاله رسم المشهد وتشفير الرغبة في رسمه.
إن استخدام الصيغة، رغم كل الركود الفني التي توحي به، تؤكد أيضا غياب التغريب بين الفنان والجمهور الذي يتوجه للصورة التي يمكن أن تمثلن(تجعل مثالياً) القيم - هذه القيم التي لأنها معممة فقط - فإنها تبدو أساسية، وتستحي أن ترسم.
إ



ان المرء كثيراً ما يشعر مع الفلكلور بموقف خبئ معارض لعبادة القيم، موقف لا يقهره سوى الإحساس بأن هناك قيماً مشتركة يجب الإفصاح عنها - بأي وسيلة ممكنة ومنها التصوير - إذا أريد لها أن تصبح معترفا بها كممارسة جماعية، إن الفن وسيلة وليس غاية في الفن الشعبي، وهذا ما يجعل كل "غلطة" فيما تقوله بعد تنفيذها علاقة ظاهرية متعمدة تشير إلى نهاية مقرره سلفاً. وليس هناك عدم كفاية فنية في الفن الشعبي، بل هناك كفاية في التصور - "عدم الكفاية" الفنية تبدو مشاهدا على القسرية التي يفرض التصور الفني من خلالها ذاته على الفنان، ويجعله يرتعش رغبة وإحساسا بالمسؤولية.
وماذا عن جذور التصور الشعبي، أو اليقين الشعبي، الخاص بالقيم الأساسية ؟ أحد منظمي المعرض، جين ليبمانليؤمانفت كما نقلت لمجلة "الفن الأمريكي" سنة 1938 انه "تصور لا بصري في أساسه 000 يقوم على ما عرفه الفنان أكثر مما يعتمد على ما رآه هذا الفنان، بحيث إن "الوضوح والطاقة والانسجام في الصورة الذهنية للفنان تصبح مبررات لما هو أكثر من "الجمال أو الاهتمام الكامن فعليا في الموضوع".
وتحتكم ليبمان إلى "الحس الفطري للفنان باللون والتصميم حينما يقوم بمراصفة صوره الذهنية متجاورة على سطح مرسوم وليس على وسيلة تقنية من اجل إعادة البناء - من خلال الألوان - ملاحظاته عن الطبيعة".



هكذا تحصل على قصور مبرر في النظر والأسلوب باسم الذهنية الغريزية التي ترسم من خلال ذاتها، وهي رؤية غريزية رسمت بطريقة غريزية. هذا الافتراض بشأن الفنان الشعبي كإنسان بدائي - وكلمات ليبمان مأخوذة هنا من مقال بعنوان "تعريف نقدي للبدائية في أمريكا"، وهو كما تذكر في مقدمة الكتالوج الرائع الذي وضع مع المعرض الأخير يعبر عن رأيها حتى الآن - هذا الافتراض يتجاهل حقيقة أن قدرا كبيرا من الفن الشعبي متحيز عمليا.
وفي ظني أنه أي كانت الرؤية التي يوحي بها الفن الشعبي فإنها تبقى مستمدة من قصيدته العملية - من مدى فائدة الصورة كسجل للقيم والحقيقة.
إذن فإن أول ما ينبغي أن نعترف به في مناقشة الفن الشعبي - أعني أي مناقشة ترمي إلي تخليص هذا الفن من الأسطورة، وإزالة الطابع البدائي الذي جمده وأغرقه في الغموض - هو اعتباره يستمد مفارقاته من اعتبارات عملية وليس جمالية، ما يعني أن هذا الفن الشعبي فن مشارك وليس عديم الأهمية. وما يطمعنا فيه هو البعد الجمالي الحيوي الناجم عن مطاردة الواقع مثلما نعجب بخطوط الطائرة النفاثة التي تتركها، فهي نتيجة للاهتمامات الواقعية وليس الاهتمامات الشكلية. إن رغبة الفنان الشعبي في أن يكون مقبولاً هي التي تدفعه إلى أن يكون واضحاً وصارماً "أخلاقياً"، أي أن يكون محترماً في ما يعمله. وسواء كان الفنان يرسم لوحة شخصية أو صورة قارب (كما في أعمال جيمس بارد J.Bard أو شجرة (كما عند حنا كوهون) فإن الفنان الشعبي يتوخى الدقة - التعبير الدقيق - وفي أكثر الأحيان يكون التفصيل الرمزي (الشعارات) - العلاقات الموحية - هو الذي يعطي الشفرة التي تنم عن تطلع الفنان إلى الدقة، كما نلمس عند جوزيف هـ. ديفيز حينما يستخدم صورة مؤطرة داخل صورة، وعند جيمس بارد في معالجته الفّـــوارة للماء المحيط بسفينة في عرض البحر.
في هذه التفصيلات - يبدو الفنان مركزاً كل رغبته الطارئة في أن يكون واقعيا جدا - أن يظهر لنا أنه يعمل بجد في لوحته وأنه قادر على أن يتعامل مع اصعب التفاصيل.
وكنتيجة مباشرة لرغبة الفنان العملية في تثبيت التفصيل فإنه يستطيع تحقيق الميزة التخيلية لفنه - ذلك الحس بالصورة المخلدة مع نوع من الذكرى المفروضة. ولأن الفنان مضطر لمعرفة ما يواجهه بدقة فإنه يبدو ويجسد وصف شيكرز "الشاهد الأول" على الموضوع، كما يتخيله لا كما يراه. إن ما قاله فيث اندروز عن لوحات شيكر حنا كوهون بأنها كانت "إلهامية" - ثمرة الصورة الروحية - يمكن أن ينطبق على كل الفن الشعبي، لكن مع من خلال فهم أن إحساسهم بالشخصية الملهمة يأتي لاحقاً بعد الشخصية العملية. قلة من الفنانين الشعبيين انطلقوا لرسم خيالات، وهذه القلة - وأبرزها ايراستوس سالزبوري فيلد وادواردهيكس - قد عملت بدوافع دينية معروفة جيدا، بحيث أن تصوراتهم تبقى في معنى ما "مفيدة اجتماعيا"، أي تبقى توضيحاً نادما لفكرة ثقافية مهمة. وحتى لوحة فيلد بعنوان "معالم تاريخية من الجمهورية الأمريكية"1876" التي يعتقد أنه رسمها تكريما للذكرى المئوية لاستقلال أمريكا فإنها أكثر أهمية كمنتج يدوي جماعي مما هي كفنتازيا شخصية.



إن المفيد مرتبط باليومي، ويجب أن ندرك أن الفن الشعبي كان نوعا من الفن الحياتي، يتعامل مع واقع الحياة اليومية دون أن ينشغل بمحاولته الاختباء أو تجاوز هذه لحياة. إن الأسلوب الرفيع كان خارج إطار السؤال في فن كان يرمي إلى تأكيد اليومي باعتباره المجال المخصص لفهم الحياة - وهذا الأساس الوحيد للرضاء الفردي والاجتماعي. إن قيمة الحياة كانت "تثبت" في معترك الحياة اليومية. وقد عكس الفن الشعبي هذا الإيمان. إن لوحة جونافان فيشر " الحصاد الثاني" (1804)، والسهب الخصيب في لوحة ستيف هارلي "النهاية الجنوبية لنهر هوك" (1927)، ولوحة هوريس بين "الداخل الفكتوري"(1964) - بل وحتى عراة موريس هرتشفيلد، كانت جميعها نتاج المعايشة اليومية. إن صلاحية الحلوى في تناولها، هذه اللوحات يبدو وكأنها نقول ذلك. والفن طريقة لصنع حلوى طيبة وتذوقها أيضا للتأكد من الطعم. فالذهنية الفنية في الفلكلور هي إذن الأهم لفهم الفن الشعبي، وهي لا تتضاءل كثيراً في حالتها المهنية، رغم أنه في هذه الأيام الاعتراف بالطابع المهني للشيء يعزز أكثر مما يقلل من ذلك الشيء في بعض الدوائر.
ويجب ألا ننسى أن جميع الفنانين الشعبيين تقريبا يمتهنون مهنا مضاعفة، وأن فنهم أحد اهتماماتهم الكثيرة، أو كما هي حالة هيرشفيلد عمل للحياة ما بعد سن التقاعد ويعكس هذه الحالة. إن وصف إحدى بنات جوناثان فيشر بأنه "ينبغي منه دائما أن يجعل التدبير يقوم بعمل المال" يوضح لماذا اختار أن يكون حرفيا، معلماً، مساحا ومبدعاً وكذلك وكاهناً وفنانا وشاعرا وعالما طبيعيا، بل يوضح أيضا جوهر فنه.
إن حس الجذور الذي يحركنا عندما نشاهد فنا فلكوريا هو اعتراف منا بالتصوير المادي في الفن ا لشعبي برسوخ جذورنا في الواقع الموجود. ونحن مدينون "للواقعية" في الفلكلور، مدينون لفن وصمم على المغامرة من أجل نقل وقائع حياتنا اليومية - ونقل وقائع الحياة اليومية بوضوح في هذا الزمن، مجازفة قلة من الفنانين قادرون عليها.
وينبغي على المرء أن يلاحظ جانباً آخر من الفن الفلكلوري : انه بحق مشهد أمريكي في الفن بكل معنى الكلمة. أي إن المشهد الأمريكي مفهوم ليس على أنه مشحون بالاحتمالات الرفيعة كما اعتبره فنانون أمريكا الرسميون، بل على أنه مكان مأهول له حدوده المعينة وشكله الخاص. إن خصوصية المكان في لوحة / أولوف كرانس / بعنوان " نساء يزرعن الحنطة" (94-1996) كبيرة مثلما هي لدى جون كين في "جسد شارع لاريمر"(1932) إن حقيقة كون الفنون الشعبية تبدو محدودة، وأن هناك قبولا جاهزاً لحدودها كشيء جيد يجعلنا نعتبر أن الفلكور يمكن فهمه تفسيراً للمثل القديم الميثافيزيقي القائل " إن ما هو موجود جيد".






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 04:34 AM رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

فن الرسم الياباني


في واحدة من رسائله الكثيرة إلى شقيقه ثيو كتب الرسام الكبير فان جوخ عن الرسم الياباني يقول :إني أجد في الرسم الياباني الكثير من الطفولة والعفوية وأجد فيه أيضا دليل أصالة إبداعية .




ولشدة ارتباط اليابانيين بفن الرسم يرددون مثلا قديما بما معناه :القصيدة الشعرية ليست سوي لوحة تشكيلية أضيف إليها الصوت ، واللوحة الفنية ليست غير قصيدة بلا صوت .
بلاد الشمس الساطعة
هذا هو الاسم المرادف للتعريف باليابان في كتب الأدب ودواوين الشعر وهذا البلد الذي يتميز بشمسه الساطعة يتشكل أيضا من مجموعة من الجزر ذات الطبيعة الثائرة فبينما نري الربيع هناك وقد ملأ أرجاء تلك الجزربالعطور والألوان فنظن عند ذلك أن الحياة طابت واطمأنت ، إذ بها تمتلئ بالرهبة والفزع نتيجة ثورات البراكين والزلازل التي لا تخمد لها حركة مما جعل من فن الرسم هناك مزيجا من الجمال البديع والجمال الرهيب .
الألوان اليابانية
إذا ما أتتيح للرائي مشاهدة لوحة تشكيلية يابانية فانه سوف تتسرب إلى مشاعره الأحاسيس المنعشة بسبب قوة الألوان وهيمنتها السحرية عليه تماما كما يحدث له عند مطالعة الأدب الياباني .
ففي لوحة الفنان : ( لاوقا ياماتو) تمثل عربة يابانية يسحبها ثور سوف يلمس المشاهد بسهولة ذاك الشعور الانطباعي الذي يخلقه الأديب الياباني : ( سي شاناغو) الذي يصف عربة مماثلة علي هذا النحو: لم يكن لعربتنا ستائر وكان ضوء القمر يغور عميقا في الداخل حتى ليسمح لأي ناظر أن يري السيدة الجالسة فيها وهي ترتدي ثمانية فساتين فوق بعضها منها ذلك البنفسجي الخفيف ومن القرمزي إلى الأبيض وفوق هذا كله معطف بنفسجي يلمع تحت أشعة القمر والي جانبها إلى جانب هذه المخلوقة الباهرة الجمال كان سائق العربة بسرواله القصبي ذي اللون النبيذي .
المنابع الفنية
يتحلى الفنان الياباني بالمرونة والمثابرة والرغبة الصادقة في تحقيق حسن الأداء وهو إلى جانب ذلك مدفوع إلى حب الجمال وتقديره وتطبيق مظاهره علي مختلف أعماله الفنية .
واليابانيون والفنان ابن بيئته - يضعون علامات ترشدهم إلى احسن المناطق التي يمكنهم أن ينعموا فيها بمناظر الطبيعة الجذابة ، ففي فصل الربيع يقيمون الكثير من أعيادهم فتري الأمهات وقد حملن أطفالهن إلى المتنزهات العامة لتغذية الأرواح برؤية أزهار الكرز والمشمش فينشأ الطفل فنانا وقد نالت روحه في مرحلة مبكرة من حياته حب الجمال والطبيعة .
السمات العامة



استنبط الفنان الياباني أسلوبا من الرسم يقوم علي أساس من ورقة طويلة بطول ياردتين تقريبا وبعرض قدم واحد يسعى من خلالها إلى سرد مقاطع من قصة تعبيرية أغني من النثر وأكثر منه إيحاء بالرشاقة الادائية تساعده شفافية ألوانه المائية التي تتطلب قدرة تقنية عالية ودقة متناهية يستطيع بهما هذا الفنان أن يتجاوز السقوط في الأخطاء الجزئية والتي لا يمكن التغاضي عنها ولا يمكن تصحيحها وان أي تردد أو ارتباك في يده سيبدو شديد الوضوح ومهما كانت العلة بسيطة وصغيرة، وتحقيق مستوي أدائي رفيع وإيجاد القدرة علي المزج اللوني وإبراز اعلي الدرجات يفترض ذلك توفر الوعي الفني الشامل والكامل بأصول التركيب والتأسيس الخاصين بهذا الفن ومعرفة بكيفية تجاوز البحث عن التفاصيل المتماثلة ما بين الشيء في اللوحة للوصول لا إلى رسم الأشكال كما هي في الطبيعة أو تقليد كياناتها بل إلى الإيحاء بوجودها .
والفنان الياباني لا يمعن نظره في وجوه شخوصه لاكتشاف أسرار ومعاني كينونتهم إنما يفعل ذلك ليدرك حقيقتهم الكلية الممتزجة بكل خفايا الطبيعة وهذا ما يضفي علي التشكيل الياباني مثل هذا الحس الشاعري .
الفنان المتميز
رغم زخم الحركة التشكيلية اليابانية يعد الرسام ( سس شو 1420 1507) من اعظم فناني اليابان لما تميزت به أعماله من بساطة قوية وحيوية خارقة وشفافية غنية بتراكم تموجاتها .
وخلاصة هذا الفضاء أن الرسم الياباني لا يقتصر فقط علي أساليبه الكلاسيكية التي عُرف بها أو أنه لم يسهم بدوره في التحولات والتقنيات المعاصرة التي شملت العالم بأسره إنما يعتبر الفنان الياباني مثله مثل اليابان الحديث ككل قد تعامل مع التحديث وتفوق فيه وحافظ في ذات الوقت علي طابعه التراثي الذي صار رمزا لأصالته بين فنون العالم .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:30 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator