التسمم المهني

[اميرة صدفة]

التسمم المهني




1 - مقدمة :

علم السموميات ( المهني / الصناعي ) يهتم بتقييم المخاطر السمية في أماكن العمل ، كما أن له تاريخا يعود إلى حضارات قد سلفت في التاريخ الإنساني . المؤرخ الإغريقي سترابون الذي عاش في القرن الأول للميلاد أعطى وصفا توضيحيا لمناجم الزرنيخ في بانتوس حين قال " الهواء في المنجم قاتل و من الصعب تحمله بسبب الرائحة الخطيرة للمعدن الخام ، لذلك كان محكوما على العمال في تلك المناجم بالموت السريع " .






ومع الثورة الصناعية التي حدثت في القرن التاسع عشر ، إزدادت الأمراض المرتبطة بالعمل في المصانع و المناجم و غيرها من أماكن العمل ، بل وظهرت أمراض جديدة كالتسمم المزمن بالزئبق الذي يسببه التعرض لنترات الزئبق التي تستخدم في لبد فرو الحيوانات . و في السنوات الأخيرة تنامى الإهتمام ليشمل المسرطنات المحتملة تمثلها بعض المواد الكيميائية المستخدمة في أماكن العمل .

***

2- تنظيم مستويات التعرض :





مراقبة مستويات التلوث بالمواد المسممة مهم جدا للحفاظ على سلامة العاملين








العاملين في المناجم يتعرضون لمخاطر سمية عديدة


الهدف من علم السموميات المهني هو ضمان ممارسات مهنية ووظيفية لا تنطوي على أي مخاطر صحية غير ضرورية و لتحقيق ذلك كان من الضروري تحديد مستويات التعرض المباحة للمواد الكيميائية المستخدمة صناعياً بأستخدام نتائج الدراسات الحيوانية والدراسات الوبائية .
هذه المستويات من الممكن التعبير عنها باستخدام قيم الحد العتبي لوصف التراكيز التي يسمح بالتعرض لها .

قيم الحد العتبي تشير إلى تراكيز بعض المواد المتواجدة في بيئة العمل وتمثل حالة يعتقد فيها أن جميع العاملين يتعرضون لمادة معينة يوماً بعد يوم من دون ظهور أي تأثيرات ضارة عليهم ، وبسبب الإختلاف الشاسع بين مدى حساسية الأفراد لهذه المواد فإن نسبة قليلة من العاملين قد يتعرضون لبعض التأثيرات من بعض المواد مع أن تراكيزها تقع تحت الحد العتبي . كما أن نسبة أصغر قد يتعرضون لتأثيرات أكثر حدة عن طريق مفاقمة حالة مرضية سابقة أو حتى ظهور مرض مهني .

الحدود العتبية مبنية على أفضل المعلومات المتوفرة من الخبرات الصناعية أومن الدراسات التجريبية على الإنسان أو من الدراسات التجريبية على الحيوان أو منهما جميعا إذا أمكن ذلك . القواعد التي تبنى عليها هذه القيم تختلف من مادة إلى أخرى ، الحماية من الإضرار بالصحة قد يكون عامل توجيه للبعض بينما السلامة إلى حد معقول من المهيجات والمجهدات كان هو القاعدة لتحديد هذه القيم للبعض الأخر .





يجب على العاملين أخذ إحتياطات السلامة اللازمة
***
3- طرق التعرض :







المواد السامة خطر يتهدد الأطفال


أهم طرق التعرض للمواد السامة في الوسط المهني هو عن طريق الجلد أو الإستنشاق .
أحيانا قد يتم إبتلاع المواد السامة إذا كان الطعام أو الشراب ملوثا بهذه المواد .
التعرض عن طريق الجلد غالبا ما يؤدي إلى تأثيرات موضعية تعرف بإسم الجلاد المهني ، والتي يسببها إما مواد كيميائية مهيجة ،أو مواد كيميائية مؤرجة .
من ضمن هذه التأثيرات ( تقلس ، إكزيمة ، حب الشباب ، تغيرات مصطبغة ، تقرحات ، أو حتى أورام ) .
بعض المواد الكيميائية تمتلك خواصا كيميائية وفيزيائية تمكنها من إختراق الجلد ، ومن ضمن هذه المواد الأمينات الأروماتية مثل الأنالين وبعض مركبات رباعي كلوريد الكربون والبنزين .
المواد السامة أو محتملة السمية قد تستنشق عن طريق الجهاز التنفسي إلى حيث يمكنها أن تحدث تأثيرات موضعية كالتهيج مثل النشادر وغاز الكلور أو قد تؤدي إلى التهابات ونخر وأورام سرطانية لا سمح الله.
المواد الكيميائية قد تمتص عن طريق الرئتين لتصل إلى الجهاز الدوري مما قد يؤدي إلى حالة تسمم عام لجميع الجسم كما يحدث في حالة التسسم بأحادي أكسيد الكربون أو الرصاص .
***
4.1 - الكادميوم :

الكادميوم هو مسمم تراكمي له نصف حياة بيولوجي قد يبلغ حوالي 30 سنه في الإنسان . أكثر من 70% من الكادميوم في الدم يكون مرتبطاً بخلايا الدم الحمراء ، والتراكم يكون غالبا في الكلية والكبد حيث يرتبط بالميتالوثيونين وفي الإنسان تكون الكلية هي العضو الأكثر عرضة للخطر بعد فترة طويلة من التعرض للكادميوم ، حيث تكون أول الأعراض التي يمكن ملاحظتها و التي تدل على تسمم الكلية هي زيادة الطرح لبعض البروتينات .











مزارع أرز في تايلند ملوثة بالكادميوم

***
4- أمثلة على المسممات الصناعية :

4.2 - الكروم :

التسمم بالكروم ينتج من مركبات الكروم سداسية التكافؤ ( Cr+6) التي من الممكن امتصاصها بواسطة الرئتين أو الجهاز الهضمي و بنسبة أقل عن طريق الجلد . التعرض المهني للكروم يسبب إلتهاب الجلد و تقرحات اليدين و ثقب الحاجز الأنفي ( غالبا ما يكون بسبب حمض الكروم ) و إلتهابات الحنجرة و الكبد و إلتهاب الشعب الهوائية .
الكرومات تعتبر مواد مسرطنة تسبب سرطان القصبات الهوائية .
خطر سرطان الرئه الذي يهدد العاملين في مصانع الكروم أكثر بحوالي ۲۰ مرة عن غيرهم من عامة البشر .
تعتبر مركبات الكروم ثلاثية التكافؤ عسيرة الإمتصاص فهي لا تمتص بسهولة .
الكروم لا يعتبر من المواد الكيميائية التي تتراكم داخل جسم الإنسان فبمجرد إمتصاصة يتم طرحة سريعا في البول .












معدن الكروم








بعض آثار التسمم بالكروم
***
4.3 - الرصاص :

الرصاص مسمم يوجد كليا في البيئة الخارجية ، وبالتالي فإن تركيزه داخل جسم الإنسان يعتمد على مدى تعرضه للرصاص الموجود في البيئة المحيطة به . حوالي ۵۰٪ من الرصاص المترسب في الرئه يتم إمتصاصة بينما أقل من ۱۰٪ من الرصاص المبتلع يمتص و يصل إلى الجهاز الدوري . التسمم بالرصاص ليس مشكلة مهنية كبيرة هذه الأيام و لكن التلوث البيئي ما زال ينتشر في جميع دول العالم .الرصاص يتداخل مع التخليق الحيوي للبروفيرين
و الهيم و العديد من إختبارات التحري للتسمم بالرصاص تستخدم هذا التفاعل عن طريق مراقبة تثبيط إنزيم خميرة حامض ذلتا امينوليفيولينك أو ظهور حامض امينوليفيولينك و كوبربورفين في البول .
عملية الأيض للرصاص غير العضوي قريبة جدا من أيض الكالسيوم ، أما ما يتبقى منه فيترسب في العظام حيث يبقى فيها لعدة سنين . الرصاص غير العضوي يسبب التعب و إضطرابات النوم و فقر الدم و المغص و الإلتهابات العصبية . التعرض الشديد خصوصا في حالة الأطفال اللذين إبتلعوا كمية من الرصاص قد يسبب إعتلالا دماغيا و تخلفا عقليا و في بعض الحالات ضعفا في الرؤية .
الرصاص العضوي له ألفة عالية لأنسجة الدماغ كما أن التسمم الخفيف قد يسبب الأرق و عدم الراحة و بعض الأعراض المرتبطة بالجهاز الهضمي ، بينما التعرض الشديد يسبب الهذيان و الهلوسة و إختلاجات و غيبوبة و في بعض الأحيان قد يسبب الوفاة .













معدن الرصاص







بعض آثار التسمم بالرصاص على أحد الأطفال








ظهور ترسبات الرصاص في عظام أحد الأطفال
***
4.4 - الزئبق :

الزئبق يستخدم بكثرة في الأجهزة العلمية و الكهربائية ، حيث أن أكبر إستخدام صناعي للزئبق هو في صناعة الكلور القلوي من أجل الإنتاج الكهربائي للكلور و هيدروكسيد الصوديوم و على مستوى العالم تعتبر هذة الصناعة من أهم مصادر التلوث بالزئبق . معظم حالات التسمم بالزئبق تكون بسبب ميثيل الزئبق و خصوصا الذي ينتج من تناول الأسماك الملوثة بالزئبق .
الزئبق العضوي و غير العضوي يختلفان عن بعضهما البعض في طريقة الدخول للجسم و في طريقة الإمتصاص . يعتبر الإستنشاق الطريق الرئيسي للتعرض للزئبق الفلزي في مجال الصناعة ، حيث أن ٨٠٪ من الزئبق المستنشق كبخار يتم إمتصاصة ، بينما يتم إمتصاص كمية أقل من السبيل المعوي . الأماكن الرئيسية لترسب أملاح الزئبق الغير عضوي هي الكلية و الدماغ .
مركبات الزئبق العضوي تمتص بسرعة من جميع طرق الإمتصاص .
التسمم بالزئبق في مجال الصناعة له عدة أعراض مثل إلتهاب الفم و إرتعاشات عضلية و تهيجات نفسية و متلازمة كلوية متمثلة ببيلة بروتينية ، و مع كل هذا فإن التسمم بالزئبق جراء الممارسة المهنية ليس بالمشكلة العويصة هذه الأيام .







الزئبق








أسماك ملوثة بالزئبق
***
4.5 - البنزين :

البنزين كان يستخدم بشراهة في صناعة المطاط كمذيب لعصارة شجر المطاط في النصف الأخير من القرن التاسع عشر . خاصية التطاير للبنزين هي من أهم أسباب كثرة إستخدامه في الصناعة و لكنها تسبب أيضا مستويات عالية من البنزين في الجو . كما أ ن البنزين يستخدم في صناعة العبوات والأحذية .
حالات التسمم بالبنزين عرفت منذ زمن يعود إلى ما قبل العام ۱۸۹۷ﻢ كما أن هناك تقاريرا و إحصائات أصدرت في عام ۱۹۲۰ﻢ عن خطر التسمم بالبنزين و لكن خصائصه المذيبة الممتازة ساعدت على بقاءة مستخدما بكثرة حتى يومنا هذا .
في الثلاثينيات من القرن الماضي ظهرت بعض التقارير عن حالات التسمم بالبنزين في مجال الطباعة ، حيث كان البنزين يستخدم كمذيب للحبر و في هذه الأيام فإن إستخدام البنزين يتجاوز ۱۱ مليار جالون كل عام .
البنزين يؤثر على الأنسجة المكونة للدم في نقي العظم ، كما أنه كابت للمناعة ، و يسبب إنخفاضا تدريجيا في خلايا الدم البيضاء و خلايا الدم الحمراء و الصفائح الدموية .
التعرض المستمر للبنزين يسبب ضررا شديدا في نقي العظم و فقر دم لاتنسجي كما أنه مرتبط بحدوث بعض حالات إبيضاض الدم .












البنزين
***
4.6 - أسبست :

أسبست وغيرة من الألياف السيليكاتية الطبيعية تستخدم وبكثرة في تسقيف و عزل المنازل و الإسمنت و الأدوات الكهربائية و أدوات التغليف . كريسوتايل هو أهمها و أكثرها إستخداما تجاريا و يمثل حوالي ۹۰٪ من مجموع المستخدم من هذه المجموعة . داء الأسبست هو مرض تنفسي يتميز بتليف وتكيس السبيل التنفسي و سرطان الرئة . ليست فقط فترة الكمون بين التعرض و تكون الورم هي التي تؤثر على تكون سرطانات الرئة و لكن في الإنسان هناك عدة عوامل أخرى كتدخين السجائر مثلا . الدراسات الحديثة تظهر أن سرطانات المعدة و الأمعاء تحدث بزيادة ملحوظة في العمال العاملين في مجال عزل المباني على سبيل المثال و ذلك بسبب زيادة تعرضهم للأسبست . الألياف الأخرى كألياف الزيوليت تسبب أمراضا مشابهة للأمراض التي يسببها الأسبست .







أحد مناجم إستخراج الأسبست








صورة توضح ألياف الأسبست


الله يحفظ الجميع
من قوقل للفائدة

[أحمد اسماعيل]

اميرة صدفة .. للاسف بلادنا العربية ما فيها اى وقاية صحية للعاملين



يسلموووا على الطرح المميز

حفظك الله ويسر امورك

دعواتى لك بالصحة والعافية

[نور]

ماشاء الله
حفظك الله اميرتنا
طرح قيم واكثر من رائع
حقيقى ينقص بكل البلاد العربية الاهتمام بتلوث البيئة
وتلوث كل المهن وخطورة العمل بها
يستحق اعلى تقيييييييييييم
سلمت على طرح المفيد

دوما تقدمى كل قيم
بارك الله لك

[اميرة صدفة]