العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > ابحاث علميه و دراسات

ابحاث علميه و دراسات Research , analysis, funding and data for the academic research and policy community , ابحاث , مواضيع للطلبة والطالبات،أبحاث عامة ،بحوث تربوية جاهزة ،مكتبة دراسية، مناهج تعليم متوسط ثانوي ابتدائي ، أبحاث طبية ،اختبارات، مواد دراسيه , عروض بوربوينت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09-23-2010, 12:35 AM رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

ثورة يوليو والشيوعيون
استمرت المنظمات الشيوعية المختلفة الموجودة على الساحة المصرية فى نشاطها تحت الأرض فى مصر ، وكانت المعلومات تشير إلى أن الحزب الشيوعى المصرى هو أنشط تيار، منظمة "حدتو " ( الحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى ) تليه فى النشاط ، أما باقى المنظمات ، وكانت معروفة بالاسم ولا يتعدى عددها العشرة ، فكانت محترقة ولم يكن لها تأثير أو وجود على أرض الواقع بشكل مؤثر أو فعال ، وحدثت إندماجات وإنشقاقات بين التيارات الرئيسية وهى الحزب الشيوعى المصرى والحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى " حدتو " ، و التيار الثورى وهى الفروع الثلاثة النشطة إذا قلنا مجازا أن لها قواعد .
وقد لوحظ فى الفترة التى أعقبت قيام الوحدة بين مصر وسوريا أى من العام 1958 حتى العام1962 زيادة النشرات التى كانت تصدر عما كان يسمى بالحزب الشيوعى المصرى ، وكان التوقيع الذى يذيّل كل منشوراته يحمل أسم " الرفيق خالد " .
ولقد اهتم الرئيس جمال عبد الناصر بما يكتبه و أراد أن يعرف من هو الرفيق خالد ، وكلفت الأجهزة أن تتابع هذا الموضوع لكى تكشف من هو الرفيق خالد ، ولكن مضت مدة لم تكن قصيرة نسبيا ولم تستطع الوصول إلى نتيجة إيجابية ولكن إلى تخمينات غير مؤكدة ، مما ترتب عليه أن تدخل عبد الناصر شخصيا بمجهود ذاتى وشخصى منه للوصول إلى حقيقة هذه الشخصية، وكان قد تكون لديه انطباعات واستنتاجات عن حقيقة هذه الشخصية ، لكنه أراد أن يقطع الشك باليقين .
استدعى الرئيس عبد الناصر فى أحد أيام شهر أكتوبر سنة 1964 " أحد الأشخاص " -وأرجو إعفائى من ذكر اسمه لأسباب أخلاقية ومبدئية- وكان لدى الرئيس انطباع قوى أنه يعرف من هو الرفيق خالد .
قال له عبد الناصر : " يا . . . حا أسألك سؤال واحد ، وأنا واثق إنك حا تجاوبنى عليه بحكم العلاقة التى تربطنا ، وبحكم الوطنية التى تجمعنا وبحكم مصريتك ، وثق أن الغرض ليس أبدا أنى أطلب منك أن تفشى أسرار، أو أن تكشف عن شخص قد يكون عزيزا عليك . . ولكنى أرجوك أن تكون يا . . صادقا معى كما كنت طول عمرك . "
إندهش الضيف وقال : " إسأل يا ريس . . إيه هو السؤال؟!
سأله الرئيس : " مين هو الرفيق خالد ؟!
كان السؤال مفاجئا ومباغتا، ولكن بعد تفكير قصير لم تطل مدته أكثر من دقيقة من الزمن قال للرئيس أن الرفيق خالد هو الدكتور فؤاد مرسى .
كان الرئيس عبد الناصر قبل أن يستدعى هذا الضيف قد ظل حوالى شهرين يحلل ويقرأ كتبا وأبحاثا ودراسات لخمسة أشخاص بعينهم ، الدكتور فؤاد مرسى واحد منهم، ووصل إلى شبه قناعة شخصية أن الرفيق خالد قد يكون هو الدكتور فؤاد مرسى ، ولكنه أراد أن يقطع الشك باليقين، ويؤكد هذا الاستنتاج من شخص يعلم تماما أنه يعرف من هو الرفيق خالد ، وصدق ظنه واستنتاجه من أن الرفيق خالد هو الدكتور فؤاد مرسى .
وقبل أن يغادر الضيف بيت الرئيس قال له الرئيس عبد الناصر : " ثق أن هذه المقابلة لن يعلم بها أحد ، فأنت كما كنت دائما شريفا وصادقا ولم تراوغ" .
وعقب هذه المقابلة كلفنى الرئيس بالاتصال بالدكتور فؤاد مرسى ومقابلته ، كما كلف السيد على صبرى بنفس الشيء .
وتمت مقابلات مع الدكتور فؤاد مرسى، وفى أول لقاء سألته لماذا يتواجد باستمرار فى الإسكندرية، فقال لى لو تحبوا ترونى فأنا موجود، وخلقت نوع من الاتصال المباشر معه، وأبلغته بأن الرئيس مهتم بما يكتب .
وحدث نفس الشيء مع السيد على صبرى؛ حيث تناقشا فى إطار الخطة الخمسية، والعمل السياسى والتنظيمات السياسية والاتحاد الاشتراكى، ووجهة نظره فى التنظيمات الحالية وأسلوب العمل الجماهيرى..... الخ، كما طلب منه طرح اقتراحاته وآراؤه فى تطوير العمل .
وفى لقاء آخر معى وكنت قد طلبت منه إبداء رأيه فى نقد التجربة والأوضاع الاقتصادية؛ فقدم الرجل دراسة أبدى فيها رأيه بوضوح وبصراحة ، وفى نهاية اللقاء طلب مقابلة الرئيس عبد الناصر الذى حدد له موعد بعدها بأقل من أسبوع .
فى لقائه مع الرئيس عبد الناصر كاشفه قائلا له أنه كان يعلم أن الرفيق خالد هو نفس الدكتور فؤاد مرسى، وحسب ما دار فى الحديث فقد أبدى الدكتور فؤاد مرسى اندهاشا واستغرابا . ولم ينكر الرجل ولكنه طلب أن يسأل سؤالا واحدا هو : هل الأجهزة هى التى اكتشفت هذه الحقيقة ؟ فقال له الرئيس : لا ، أنا من تتبعى وقراءاتى لما كتبته أنت والآخرين استنتجت أنك الرفيق خالد، وبناء على ذلك تم الاتصال بك . وقال له الرئيس : أنا كنت شاكك فيك إنت أو الدكتور إسماعيل صبرى عبد الله .
وفى هذا اللقاء أيضا قال له الرئيس : " أننا نمر بمرحلة تعاد فيها صياغة المجتمع ، وهناك ضوابط بالنسبة للمجتمع المصرى وبالنسبة للتطبيق الاشتراكى ، ولا يمكن أن نطبق الماركسية فى مصر ؛ لأن لدينا ما يحول دون ذلك ، ومن ناحية المبدأ نحن لا نأخذ أقوالا ونطبقها ؛ لأن الذى يطبق النظم هم البشر ، ولا أستطيع أن أضع البشر الذين يصوغون التجربة عمليا فى قوالب جامدة ، فلنا تجربتنا الخاصة المختلفة والمتميزة والفوارق جوهرية بين النظرية الماركسية والتطبيق الذى نمارسه لاشتراكيتنا وهو على سبيل التحديد كما يلى :
إن اشتراكيتنا تستند فى أساسها وتطبيقاتها على القيم الروحية ، وتلتزم بما نادت به رسالات السماء ، وعلى سبيل المثال تأخذ اشتراكيتنا بنظام الإرث ، وهو ما ترفضه الماركسية .
إن اشتراكيتنا تؤمن بتذويب الفوارق بين الطبقات سلميا ، ولا تأخذ بأسلوب الصراع والعنف ، فهى تصفى امتيازات ونفوذ الإقطاع والرأسمالية المستغلة ، ولا تصفى الإنسان إنما تحرره من الاستغلال .

إن اشتراكيتنا تحترم إنسانية الإنسان ، وتتيح له فرصة الحياة الكريمة ، ولا تنظر إليه كترس فى آلة ، وإنما ما عليه من واجبات، وهى فى الوقت نفسه ترفض الأخذ بالماركسية التى تضحى بأجيال لم تطرق بعد أبواب الحياة .
إن اشتراكيتنا تؤمن بسيطرة الشعب على وسائل الإنتاج والهياكل الرئيسية له ، وفى الوقت نفسه تتيح قدرا من المشاركة لنشاط القطاع الخاص تحت الرقابة الشعبية ، فلا تأخذ بالتأميم فى كل جزئيات الإنتاج كما هو الحال فى النظم الشيوعية.
الرأسمالية الغير مستغلة جزء أساسى من تحالف قوى الشعب العامل .
إن اشتراكيتنا تعطى القيادة ديموقراطيا لتحالف قوى الشعب العامل ( العمال والفلاحين والمثقفين والجنود والرأسمالية الوطنية غير المستغلة ) ، وترفض أن تقوم سلطة الدولة على ديكتاتورية البروليتاريا ( الطبقة العاملة ) .
إن اشتراكيتنا فى التوزيع تقوم على مبدأ كل بقدر إنتاجه وعمله ، وليس بقدر حاجته، وفى هذا تكريم للعمل وإثارة لحوافز الإنتاج، بعكس الماركسية التى تطبق مبدأ لكل حسب حاجته .
إن اشتراكيتنا لم تأخذ بتأميم ملكية الأرض ، وإنما آمنت بالملكية الخاصة فى قطاع الزراعة ، وبما لا يسمح بالاستغلال عن طريق تفتيت الملكيات الكبيرة بمقتضى قوانين الإصلاح الزراعى، وزيادة عدد الملاك من صغار المعدمين من الفلاحين .
إن اشتراكيتنا هى بيت سعيد لكل أسرة يقوم على القادرين أى المهيئين للعمل رجالا ونساء ، مجتمع الرفاهية ، مجتمع تكافوء الفرص ، مجتمع العدالة الاجتماعية .
إن اشتراكيتنا هدفها مجتمع الكفاية فى الإنتاج والعدالة فى التوزيع ، مجتمع الكفاية والعدل
نحن نؤمن بالله وكتبه ورسله ، وديننا واضح ، ونحن نتمسك بهذا الدين.
ثم قام الرئيس بشرح الفروق فى التطبيق وبين ما يحدث فى الكتلة الشرقية .
كان الدكتور فؤاد مرسى واضحا وصريحا فى رد فعله على كلام الرئيس عبد الناصر ، فقال (وأنا أذكر تماما نص كلامه ) :
" يا سيادة الريس أنت بإصدارك القوانين الاشتراكية تجاوزت كل ما كنا نطمع فى تحقيقه، ولو تلاحظ سيادتك أننا فى النشرات الأخيرة حاولنا أن نواكب التجربة التى تطبقها؛ لأن نظرتنا كانت قاصرة منذ سنة 1952 حتى صدور القوانين الاشتراكية سنة1961 ، وما واكبها وصاحبها من تطبيق ، الحقيقة يا ريس كان على عيوننا منظار أسود ، كنا متأثرين بأن الحكم العسكرى لن يستطيع أن يحقق التحول الاجتماعى فى مصر بالأسلوب الذى تقوم به وتعلن عنه " .
ورد عليه الرئيس قائلا أنه يرى أن القوة القادرة على إحداث التغيير فى المجتمع من أجل مصر يجب أن تضع أيديها معا فى ظل الشرعية ، وفى ظل إطار قانونى ، وفى ظل مبادئ يسلمون بها، وفى ظل قواعد متفق عليها ، ومن المصلحة أن تلتقى كل الآراء من أجل الوصول إلى التغيير .
وأضاف الرئيس عبد الناصر بقوله : " يا دكتور فؤاد أنا بأطرح عليك رأيا لتفكر فيه ، وهو غير ملزم ، كل ما أطلبه منك إنك تفكر ، وعندما تصل إلى قناعة أو إلى قرار ، فإن بابى مفتوح لك لنتناقش فيما وصلت إليه؛ والموضوع باختصار شديد هو أن تنضم العناصر اليسارية فى الساحة المصرية إلى تحالف قوى الشعب العامل بشكل أو بآخر . . فكروا . . وقدموا مقترحاتكم.. ".
وانتهى اللقاء عند هذا الحد من الحديث .
وبعد هذا اللقاء أصدر الرئيس جمال عبد الناصر تعليماته لى لكى أبلغها للسيد على صبرى الأمين العام للاتحاد الاشتراكى العربى والسيد شعراوى جمعة وزير الداخلية وأمين التنظيم للاتحاد الاشتراكى ولباقى الأجهزة بما دار من حديث ليكونوا على علم بالتطورات الجديدة ، كما أبلغت اللواء حسن طلعت مدير المباحث العامة أيضا بما استجد؛ حيث كان الرئيس قد طلب أن تكف الأجهزة المعنية بالبحث عن الرفيق خالد لأننا عرفنا من هو.
اتصل الدكتور فؤاد مرسى بعد ذلك وأبلغنى ، كما أبلغ السيد على صبرى أيضا أنه قد تم بحث الأفكار التى طرحها الرئيس فى لقائه الأخير معه، وهم يرحبون بالمساهمة فى الاتحاد الاشتراكى، ولو أن هناك مشكلة أن البعض يريد أن يكون لهم وضع خاص.
كان رد الرئيس عبد الناصر قاطعا صريحا وواضحا لا لبس فيه؛ وهو أن من يريد أن يشارك فى العمل العام يدخل كفرد عادى ولا يمثل إلا نفسه فقط . . وكل واحد عاوز ينضم عليه أن يتقدم بطلب للعضوية، ويأخذ موقعه فى محل سكنه جغرافيا أو مهنيا فى مكان عمله .
وبدأت بعد ذلك لقاءات مع السيد على صبرى حول هذا الأمر، وعندما تم الاتفاق أصدرت قيادة الحزب الشيوعى المصرى تعميما داخليا للأعضاء بأن الأمور قد سويت، وأنه يمكن للأعضاء أن يمارسوا النشاط ضمن تشكيلات الاتحاد الاشتراكى كأفراد و لا يمثلون إلا أنفسهم .
و فى هذه المرحلة كان قد تم اتصال من السيد محمد حسنين هيكل مع الدكتور فؤاد مرسى بالاتفاق مع الرئيس عبد الناصر ؛ حيث لعب دورا فى تصفية بعض العقبات على المستويات الشخصية، وليس من ناحية المبدأ، و شارك معه كل من لطفى الخولى ومحمد سيد أحمد بشكل أساسى .
وكانت نتيجة كل هذه الاتصالات واللقاءات فى بداية سنة 1965 أن تم الاتفاق ، دون أى ضغط، على إصدار بيان من الحزب الشيوعى المصرى يعلن فيه حل نفسه ، وأن من يريد مباشرة أو المشاركة فى العمل السياسى فأبواب الاتحاد الاشتراكى مفتوحة على مصراعيها للجميع ، كما تم الاتفاق على أن يتم رفع العزل السياسى عن أعضاء الحزب، واصبح كل واحد منهم مثل أى مواطن عادى ليس له انتماء حزبى، وليس هناك تسلسل قيادى ولا تعليمات ولا تعميمات، وهكذا بدأ أعضاء التنظيمات الشيوعية يدخلون فى وحدات الاتحاد الاشتراكى كأفراد ، وكانوا لا يزيدون عن 950 شخصا .
إن إعلان الحزب الشيوعى المصرى لأول مرة فى التاريخ بنفسه وبإرادته حل كافة تنظيماته سابقة قبل سنوات من انهيار الاتحاد السوفيتى، وإعلان الأحزاب الشيوعية فى الكتلة الشرقية حل نفسها .
عقد بعد ذلك أكثر من لقاء بينى وبين الدكتور فؤاد مرسى وحضرها الدكتور إسماعيل صبرى عبد الله، وقد تم فى هذه اللقاءات على وجه التحديد بحث قضية كيفية التعامل مع الأرض المستصلحة الجديدة، وأعدا فعلا دراسة تم بحثها فى لقاء مع الرئيس عبد الناصر وهذه الدراسة محفوظة فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكرى .
وبهذه المناسبة فإنى أجد لزاما علىّ أن أتعرض لفرية ترددت بصوت عال فى السبعينات متواكبة مع الحملات التى بدأت مع الارتداد عن خط ثورة يوليو1952 ، وعن تجربة الرئيس عبد الناصر، وبالذات عقب الإفراج الصحى عن مصطفى أمين ، بالإدعاء أن الشيوعيين كانوا مسيطرين على الإعلام المصرى، وأقول لهؤلاء . . اللى إختشوا ماتوا ! وتعالوا نضع النقاط فوق الحروف :
رؤساء أجهزة الإعلام والثقافة فى مصر تولاها كل من صلاح سالم، ومحمد عبد القادر حاتم، وأمين هو يدى، ومحمد فائق، ومحمد حسنين هيكل، وبدر الدين أبو غازى، وثروت عكاشة، وسليمان حزين، وفتحى رضوان .
والمؤسسات الصحفية سواء الأهرام أو أخبار اليوم أو الجمهورية أو روز اليوسف أو دار الهلال أو وكالة أنباء الشرق الأوسط أو الشعب أو الإذاعة أو التليفزيون أو مصلحة الاستعلامات فقد تولى قيادتها كل من محمد حسنين هيكل، ومصطفى أمين، وعلى أمين، ومحمد التابعى، وروزاليوسف، و إحسان عبد القدوس، وأنيس منصور، وإبراهيم سعدة، وجلال الحمامصى، ومحمد زكى عبد القادر، وكامل الشناوى، وأحمد بهاء الدين، وكمال الدين رفعت، وكمال الدين الحناوى، ومصطفى المستكاوى، ومحمد عودة، وموسى صبرى، وأنور السادات، وصلاح سالم، وحلمى سلام، وسعيد سنبل، ومحسن محمد، وسامى جوهر، وسعد عفرة، وأحمد عصمت عبد المجيد، وفتحى غانم، وكامل زهيرى، ومحمد أمين حماد، وفكرى أباظة، و مكرم محمد أحمد، وصلاح الدين حافظ، وصلاح منتصر، ومحمود المراغى، وعبد الله إمام، وسلامة أحمد سلامة، ومحمد عروق، وفاروق شوشة، وجلال معوض، وحمدى قنديل، وأحمد فراج، وهمت مصطفى، وتماضر توفيق، ومحمد محمود شعبان ( بابا شارو ) وصفية المهندس، وسلوى حجازى.. وغيرهم ؟
قولوا لنا من منهم شيوعى ؟ ! .
لقد تولى الأستاذ محمود أمين العالم ، وهو مفكر يسارى محترم وشريف ، المسئولية لفترة بسيطة فى دار أخبار اليوم ثم نقل إلى موقع آخر . ونفس الشىء ينطبق على السيد أحمد فؤاد فى مؤسسة روز اليوسف ،وقتها، ولم يكن هو المسيطر على التحرير؛ بل كانت روزاليوسف مؤسسة ومدرسة صحفية مشتعلة نشاطا، وكنا نقول عنها أنها تصدر فى كل أسبوع منشورات وليس جريدة قومية.
ثم بعد ذلك يقول شيوعيوا حدتو وهم فصيل من التيار الشيوعي فى مصر أن الضباط وبعض المدنيين فى هذا الفصيل هم الذين قاموا أو بمعنى أصح هم الذين صنعوا ثورة يوليو، وأنهم هم الذين أقنعوا خالد محى الدين بأن الرئيس عبد الناصر حقيقة ذو اتجاه مضاد للاستعمار ، وأن هنرى كورييل ـ اليهودى ـ أحد قادة حدتو والمبعد فى باريس من قبل قيام الثورة هو الذى قاد هذا الرأى .
ويقول قادة هذا الفصيل أن استقرار ثورة يوليو كان ثمنه أربعة آلاف جنيه دفعها جمال عبد الناصر الذى دبر أيضا عدد من الانفجارات لإثارة مخاوف الناس من الاندفاع نحو طريق الديموقراطية ، وأن بعض الدول الغربية ـ وتلميحا الولايات المتحدة الأمريكية ـ قررت مساندته فى ذلك .
أما جماهير الشعب المصرى التى لا دخل لها ولا دور لها إلا أن تنقاد لهؤلاء الذين قبضوا الأربعة آلاف جنيه .. ممن وكيف ؟! إن هذا الإدعاء أقل ما يوصف به أنه يمثل قمة الاستهزاء بعقلية وإرادة الجماهير التى هبت بالملايين فى كافة أنحاء البلاد تدعم الثورة وتساندها، وتحمى ظهرها فى الداخل.
لقد كنا فى هذه الفترة نعمل فى القسم الخاص بالمخابرات العامة ، القسم المسئول عن الشئون الداخلية بمختلف مناحيها بالتنسيق مع إدارة المباحث العامة ، وعلى وجه التحديد كل من : محى الدين أبو العز ومحمد وفاء حجازى ـ السفير فيما بعد ـ وسامى شرف وصلاح الدسوقى أركان حرب وزارة الداخلية ـ المحافظ والسفير فيما بعد ـ ويوسف القفاص والسيد إبراهيم وحسن طلعت وأحمد صالح داود من ضباط المباحث العامة ، نتابع التطورات لحظة بلحظة ؛ سواء على الصعيد العسكرى أو على صعيد الشارع المدنى، وكانت هناك غرفة عمليات تعمل ليل نهار، ولم نر أو نسمع أو نعلم أن أموالا دفعت أو وزعت من أجل تثبيت الثورة ، بل الذى أقطع به أن تحركات كافة القطاعات كانت تلقائية، ومن موقع تقدير المسئولية .
ولقد تعرضت بالتفصيل لهذه القضية فى فصل أزمة مارس 1954 فى مكان آخر من هذه الشهادة.
وإضافة إلى فرى الشيوعيين ضد ثورة يوليو ما يشيعونه بأن الثورة كانت تعمل ضد الديموقراطية.. من الممكن أن يقبل ذلك الحديث من أى أحد إلا الشيوعيين؛ فتاريخ الشيوعية ينضح بكافة الممارسات التى تتنافى تماما مع مبدأ الديمقراطية!! ثم أن من يحاول الترويج لهذه الفرية؛ سواء من الشيوعيين أو غيرهم لم يحددوا لنا أى ديموقراطية يقصدونها بالضبط؛ هل يقصدون ديمقرطية " ستالين " أم ديموقراطية " العم سام"؟!! إذا ما كانوا يقصدوا أى منهما فأنا معهم.. نعم ثورة يوليو لم تكن مع هذا أو ذاك، وشرف لها أن تكون كذلك؛ لأنها ثورة أسمى من أن تبطش بشعبها أو تزيف وعيهم، وتستخف بعقولهم بكلمات براقة ليس فيها من الحقيقة شئ. قائد ثورة 23 يوليو أدرك أن لكل مجتمع تقاليده ومورثاته وتجربته السياسية التى قد تتفق فى بعض جوانبها مع تجارب الآخرين، إلا أنها أيضا تختلف فى جوانب أخرى بما تتميز به من خصوصية- فلكل مجتمع خصوصية تميزه عما سواه – بما يعنى أن استيراد أنماط جاهزة مستقاة من تجارب سياسية أخرى تختلف عنا اختلافا جذريا لتطبق لدينا – كما يروج البعض الآن من مشاريع الشرق الأوسط الكبير وغيره- كان كفيلا بأن يحكم بالفشل على تجربتنا من البداية.. أدرك الرئيس عبد الناصر ذلك، وكان مبدأه أن نستفيد من تجارب الآخرين .. نقاط القوة فيها، ونأخذ منها ما يناسب خصوصية مجتمعنا، ويتوافق مع أهدافنا، وظروفنا السياسية، والتحديات التى كانت تواجهها الثورة فى الداخل والخارج).
وهنا لدى سؤال؛ هل كان الدكتور عبد الرزاق السنهورى، وفتحى رضوان، والدكتور سيد صبرى، كما يقول هؤلاء الشيوعيون يشجعون العسكر على الاتجاه ضد الديموقراطية ؟
وأسأل مرة ثانية هل عندما تولوا مسئولية جريدة " المساء " التى كانت تصدرها مؤسسة دار التحرير التى يرأسها الرئيس جمال عبد الناصر ، وتتبنى اتجاهات الثورة .. لماذا قبلوا تولى المسئولية ما دامت الثورة لم تكن تطبق الديموقراطية كما يدعون ؟ بل كانوا يكتبون فيها ما يشاءون !! كل هذا ولم تكن هناك ديموقراطية ! عجبى ! .
ثم يقولون بعد ذلك أن هزيمة يونيو 67 كانت بسبب أزمة الديموقراطية ! نحن نفهم طبعا ما هى الديموقراطية، ولا نقلل من أهميتها وإن اختلفنا فى تحديد المفاهيم وفى تشخيص ما إذا كان نظام الرئيس عبد الناصر يعانى من أزمة ديموقراطية أم لا . لقد كان الاتحاد السوفيتى يدعى أنه نظام ديموقراطى، وكانت حدتو وغيرها من الفصائل الشيوعية تؤيده، وتتلقى الأوامر منه ومن توابعه فى بلغاريا مثلا . . ومع ذلك فقد انهار هذا النظام بصورة مهينة لقاء حفنة من الدولارات، وإلقاء محاضرات، وعقد لقاءات تليفزيونية فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، وفيلا سكنية فى إيطاليا .
وفرنسا أم الحرية والديموقراطية والأحزاب ذات الصوت العالى ، اكتسحتها جحافل النازية فى لمح البصر وسقط النظام سقوطا كاملا .
وقمة الديموقراطية الولايات المتحدة الأمريكية -كما تدعى لنفسها- نسف أسطولها وطيرانها بالكامل فى لحظات فى بيرل هاربور ، ولم تشفع لها الديموقراطية ولا حقوق الإنسان .
إن قضية الديموقراطية هى بلا شك من قضية هامة ، ولكنها أيضا ذريعة ، وباسمها ترتكب الجرائم والخطايا؛ فالديموقراطية مثلا هى الشعار الذى ترفعه الرأسمالية والإمبريالية الجديدة فى حربها ضد الثورة الوطنية والاجتماعية فى العالم الثالث ، وضد الاشتراكية فى المعسكر الاشتراكى ، فهى تزعم أن معركة العصر هى معركة بين الديموقراطية وبين الشمولية، وليست بين الرأسمالية والامبريالية.
والديموقراطية التى تعترف بها وتريد تطبيقها كنموذج يحتذى للعالم الثالث هى ديموقراطية فورموزا بقيادة تشيانج كاى شيك ، أو ديموقراطية كوريا الجنوبية وأخيرا ديموقراطية إسرائيل .
ولكن النظم الأخرى ، نظم عبد الناصر فى مصر، وسوكارنو فى اندونيسيا، وسيكوتورى فى غينيا فهى نظم ديكتاتورية شمولية شيوعية لابد من مقاومتها من أجل الديموقراطية .
والديموقراطية كانت الذريعة التى انشقت بها الحركة الاشتراكية الدولية بمساهمة القوى الرأسمالية والاستعمارية ، وانقسمت إلى أحزاب اشتراكية ديموقراطية تهاجم الأحزاب الاشتراكية اليسارية، والأحزاب الاشتراكية الماركسية؛ بحجة واحدة هى افتقادها وعدوانها على الديموقراطية.
إن الديموقراطية فى البلاد التى عانت من الاستعمار والاستغلال الأجنبى لابد أن تبدأ أولا بالديموقراطية الاقتصادية والاجتماعية، وهدم النظام القديم بكل كياناته وعلاقاته. فلا يمكن أن تقوم ديموقراطية فى ظل الأمية أو الجوع أو المرض أو البطالة تظلل أغلبية سحقها الاستبداد والاستغلال . لا أعنى بذلك بالطبع أننا كنا مثاليين؛ كانت هناك تجاوزات لن ننكرها، واعترف بها الرئيس جمال عبد الناصر بنفسه بها أكثر من مرة فى أقوى وأجرأ نقد ذاتى للتجربة – إن هذه التجاوزات موجودة فى أقدم ديمقراطيات العالم ولدى كل من يدعى أنه ديموقراطى، ولنا فيما حدث للعرب والمسلمين فى بريطانيا و الولايات المتحدة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، وما تفعله الولايات المتحدة مع الشعب العراقى، وكذلك ذنبها الكيان الصهيونى مع شعب فلسطين ما يؤكد صدق ما أقول- ، ولم يكن هدم المجتمع القديم ليتم بالحوار والإقناع بل كان لابد من التشدد مع طبقة قهرت وأذلت الشعب طويلا . ومهما كانت التجاوزات فى التطبيق فإنها لا تبرر اتخاذ البعض لها ذريعة للتنديد بالثورة . وإن تجاوز الشرعية قد صاحب كل الثورات فى العالم شرقه وغربه بلا استثناء ( أمريكا ـ فرنسا ـ روسيا ) ، والثورة ليست حفلة وإنما صراع قوى وهائل. وما حدث فى مصر من تجاوزات لا يقارن فى شىء بما حدث فى ثورات أخرى غربية أو اشتراكية أو عربية ، لا يقاس فى شىء بما حدث فى الثورة الأمريكية أو الفرنسية والروسية وفى الثورة الجزائرية والعراقية .
إن ما حدث من تجاوزات ينبغى ألا يؤخذ وسيلة لإنكار كل ما حققته الثورة أو تكئة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء .
والإقطاع والرأسمالية المصرية حكمت مصر طويلا وتمخض عن حكمهم أن 99.5% من الشعب فى أدنى درجات الإنسانية وتجاوزات القانون والشرعية تعنى أول ما تعنى البحث عن أفضل شكل لديموقراطية اشتراكية لا تنفصل فيها الديموقراطية السياسية عن الديموقراطية الاقتصادية أو الديموقراطية الثقافية، وهى لا تعنى أبدا إعادة الديموقراطية الرأسمالية الغربية أو سيادة قوانينها . وإن ما حدث من تجاوزات كان حالات واستثناءات لم يكن القانون، ولم يعلن الإرهاب العام ولكن انحرافات وشذوذ ومن الافتراء الاستناد إليها للقول بأنها –الثورة- سحقت مصر والمصريين، ولا يجوز إطلاقا أن يشوه عظمة التجربة، ونبل أهدافها ومبادئها، وقوة انجازاتها؛ .
طبعا كلامى هذا ليس تقليلا أو ينال من الإيمان بضرورة تطبيق الديموقراطية التى سعت الثورة بكل طاقاتها فى محاولات لتطبيقها التطبيق السليم لتستند على أساس تطوير المجتمع .. مجتمع الكفاية والعدل، وليس مجتمع النصف فى المائة .
هناك سؤال يطرح نفسه على أى سياسى مصرى وهو : لمن كانت ستمنح الحرية السياسية والديموقراطية فى بدايات الثورة ؟
هل كانت ستتاح للباشوات والبكوات والإقطاعيون ومجتمع النصف فى المائة ؟ أم كان من المفروض أن يقودها الفلاح والعامل والفقير الذين طحنوا قرونا طويلة تحت سيطرة الاستعمار وأعوانه وعملائه ؟
وإذا سلمنا بأن الديموقراطية حق لابد من انتزاعه ، فمن كان سينتزعه ؟ شعبا يعانى الفقر والجهل والمرض .
الديموقراطية حق لا يمنح ، بل ستظل دائما وأبدا معركة الشعب المستمرة من أجل المشاركة الفعلية فى الحكم، ومن أجل حرية الكلمة، وحرية النقد والمعارضة، وممارسة النقد الذاتى .
وإذا كانت الديموقراطية فى زمن الرئيس عبد الناصر طبقت بمفهوم حق المواطن فى التعليم المجانى والعمل والعلاج المجانى، وإتاحة الفرص المتكافئة أمام الجميع بدون أى استثناء، وكانت تعنى على الجانب الآخر حق العمال فى المشاركة فى إدارة مصانعهم وشركاتهم، وحق الفلاح فى امتلاك الأرض ، وحق المشاركة فى عضوية المجالس والمؤسسات السياسية والنيابية بنسبة تمثل حقيقة حجمهم فى المجتمع .
لقد سلمنا عبد الناصر الأمانة لنكمل نحن المسيرة بعد الوصول إلى مرحلة النضج السياسى والاجتماعى بمفهوم التعددية السياسية ، كما نادى بها هو قبل رحيله فى اجتماع اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى يوم3 أغسطس سنة 1967 . فهل نحن قادرون على تحقيق هذا الهدف أم سنظل نتباكى على الديموقراطية المفقودة ظلما ؟. وإذا كان نظام عبد الناصر هو السبب فى تعطيل مسيرة الديمقراطية، فماذا عطلها بعد رحيله؟!!
إن الحرية طريق لا نهاية له ، ولسوف يظل جمال عبد الناصر رمزا حيا للكبرياء الإنسانى والكرامة.. ليس فى مصر فقط بل فى الوطن العربى قاطبة ، إن لم يكن فى العالم الثالث كله .
وإنى أحب أن أضع تحت أنظار القارئ الكريم ورقتين أنهى بهما بهذه الشهادة :
الأولى: هى تقدير للموقف بخط يد الرئيس جمال عبدالناصر عن الشيوعية فى الجمهورية العربية المتحدة .
والثانية: هى صورة فوتوغرافية للخطاب الذى تسلمه الرئيس جمال عبد الناصر، والذى يقرر فيه قادة التنظيمات الشيوعية المصرية بخط يدهم وبإرادتهم الحرة حل كافة تنظيماتهم فى الجمهورية العربية المتحدة ، والذى سلمونى إياه فى مكتبى بمنشية البكرى . 24
والبرقية المرفقة بهذه الرسالة تشمل أيضا مشاركة باقى قادة التنظيمات الشيوعية الذين حالت ظروفهم من أن يوقعوا بأنفسهم على الرسالة ، وناب عنهم السيد محمد كمال عبد الحليم.
( ويقول "جون بادو" سفير الولايات المتحدة الأمريكية فى مصر : " أن كينيدى كان يعلم كما كان هو يعلم تماما أن عبد الناصر لم يكن شيوعيا، وإنما كان ثوريا عمليا " ، بل ويذهب بادو إلى القول بأن الولايات المتحدة كانت تسعى فى ذلك الوقت لإنجاح تجربة عبد الناصر والتى أسماها "الاشتراكية البراجماتية " للدولة بدلا من أن تندفع مصر فى طريق الشيوعية السوفيتية ، وقد كان يطمئنهم فى ذلك أن ناصر لم يكن أيديولوجيا ، فقد كان يأخذ بعض الأشياء من النظم الاشتراكية ، لكنه كان أيضا يأخذ أشياء أخرى من النظم الرأسمالية كلما وجد أن فى هذا أو ذاك مصلحة عملية لاقتصاد بلاده 0
(وبالمناسبة فإنى أقرر هنا أنه حدث تجاوز تلقائى تم بمعرفة إثنين من ضباط البوليس الحربى؛ وهما أحمد أنور، وحسين عرفة اللذين توجها إلى مجلس الدولة فى محاولة للاعتداء على الدكتور عبدالرزاق السنهورى بتصرف شخصى وفردى منهما وبدون الرجوع لأى مسئول كبير من أعضاء مجلس قيادة الثورة ، وذلك عقب وصول إشاعة لهما تفيد بأن مجلس الدولة سيصدر فتوى قانونية ضد الثورة ، ولقد حال الرئيس جمال عبد الناصر دون إتمام هذه المحاولة عندما بلغه ما هما مقدمان عليه فى اللحظة الأخيرة، وتم الاعتذار للدكتور السنهورى بواسطة الرئيس عبد الناصر . وأحب أن أؤكد هنا أنه لو كانت هناك تعليمات للقيام بمثل هذه الاعتداءات لكان قد تم الاعتداء على نقابة المحامين التى كانت قد أصدرت فعلا فى ذلك الوقت بيانا ضد الثورة ، أو كان تم الاعتداء على جريدة المصرى التى كانت بوقا ضد الثورة!!
(الولايات المتحدة الأمريكية تتدخل فى الشئون الداخلية للدول، وتغير أنظمة دول من أجل خدمة مصالحها الخاصة تحت ذريعة نشر الديمقراطية، وما فكرة مبادرة الشرق الأوسط الكبير التى تروج لها الآن فى الوطن العربى إلا ذريعة من جانب الولايات المتحدة للتحكم فى المنطقة، وتغيرها لصالح الكيان الصهيونى








آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:36 AM رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو


ثورة يوليو والإخوان المسلمون 1

واجهت جماعة الإخوان المسلمون على مدى تاريخها إشكالية كبرى ، لقد قامت فى البداية كجماعة دينية تعمل فى مجال الدعوة وتخليص الإسلام من البدع الدخيلة عليه وترسيخ المفاهيم الصحيحة للدين بين أفراد المجتمع ، ولا ننكر أنها بذلك كسبت أرضية واسعة فى المجتمع ، ولكنها فى الوقت نفسه أبدت طموحا سياسيا كبيرا للعب دور مؤثر على المسرح السياسى ليس فى مصر وحدها بل فى العالم العربى كله مستغلة فى ذلك حالة الفوران السياسى التى أعقبت ثورة سنة 1919 وانتشار الاستعمار الأوروبى فى المنطقة ومن ثم تصاعد حركة المقاومة .
والأمر المنطقى أن ينصب الشق السياسى فى نشاط الإخوان المسلمين على مقاومة المحتل الأجنبى والتصدى لألوان الفساد فى الداخل ، لكن ما حدث بالفعل هو سعى قادة الجماعة -وفى مرحلة مبكرة جدا- إلى دخول المعترك السياسى كتيار صالح للاستخدام من جانب الملك وأحياناً من جانب البريطانيين أنفسهم لضرب تيارات أخرى وفى مقدمتها حزب الأغلبية ، واقدم هؤلاء القادة على بعض التصرفات لخدمة هذا الهدف ، لكنها أثارت ردود فعل معاكسة لأجنحة اخرى داخل الجماعة .
وقد تمثل أول هذه التصرفات عندما قبل الشيخ حسن البنا تبرع الشركة الفرنسية التى كانت تدير قناة السويس وقتئذ بمبلغ خمسمائة جنيه لبناء أول مقر للجماعة فى مدينة الإسماعيلية مما أثار اعتراض بعض الأعضاء المؤسسين باعتبار أنها شركة استعمارية لا يهمها الإسلام فى شئ ، لكن الشيخ كان مهتما فى المقام الول بتدبير التمويل اللازم لجماعته الوليد ، والأهم من ذلك هو طمأنة القائمين على الشركة ومن ورائهم الأجانب المنتشرين فى منطقة قناة السويس إلى اقتصار مقاصده على الجوانب الدينية فقط حتى يتمكن من ترسيخ قواعد جماعته فى هدوء .
وفى هذا السياق ارتبطت الجماعة بعلاقات متنامية مع الملك فاروق الذى رأى فيها عونا كبيرا له باعتبارها تنظيما يقاوم النشاط الشيوعى ، وكان الملك فاروق فى نفس الوقت يعمل على دعم وتمويل الجماعة لمواجهة حزب الوفد ، و يعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين هى الجماعة الوحيدة التى تحتكم إلى قواعد شعبية تستطيع أن تنافس الوفد فى شعبيته ، ومن الصدف العجيبة أنه فى تاريخنا القريب جدا كان أنور السادات يتبع نفس الأسلوب الملكى ، ولكن بخلاف بسيط ؛ هو أنه أستخدم هذه الجماعة لمواجهة الناصريين مع انقلاب مايو 1971
ومما يؤكد العلاقة الوطيدة بين الملك فاروق وجماعة الإخوان المسلمين أنه فى أكثر من مرة عندما كان حسن الهضيبى المرشد العام للإخوان المسلمين-وهو فى نفس الوقت زوج شقيقة مراد باشا محسن ناظر الخاصة الملكية - يقابل الملك فاروق كان يخرج من كل مقابلة ليصرح بقوله :" زيارة كريمة لملك كريم " .
وبعد معاهدة1936 ظهرت جماعة الإخوان المسلمين على المسرح السياسى عندما اشتد الصراع بين الملك والوفد ، وكان على ماهر باشا رئيس الديوان الملكى والرجل القريب جدا من فكر وقلب الملك والمستشار الأكثر قربا وتأثيرا على القصر على علاقة طيبة بالشيخ حسن البنا المرشد العام للجماعة وبعض أفراد الجماعة، واعترض بعض أعضاء الجماعة رافضين هذه العلاقة ووجهوا إنذارا للمرشد العام للجماعة مطالبين فيه بقطع هذه العلاقة ، ولكن حسن البنا رفض هذا الإنذار، وطرد هؤلاء الرافضين، وقد كتب أحدهم مقالا يشرح فيه أسباب الانقسام، وذكر فيه " أنهم خرجوا؛ لأن الجماعة موالية للقصر الملكى ، كما أورد أسبابا أخرى تفيد التلاعب فى الأموال ، وبعض التصرفات غير الأخلاقية " .
ولقد خصص المؤتمر الرابع للجماعة للاحتفال باعتلاء الملك فاروق عرش مصر ، كما كانوا يقفون فى ساحة قصر عابدين فى المناسبات هاتفين : " نهبك بيعتنا ، وولاءنا على كتاب الله وسنّة رسوله ".
وقد ورد فى جريدة " البلاغ " فى 20ديسمبر 1937 ما يلى :
عندما اختلف النحاس باشا مع القصر خرجت الجماهير تهتف : " الشعب مع النحاس " فسيّر حسن البنا رجاله هاتفين : " الله مع الملك ".
وكتب أحمد حسين فى جريدة " مصر الفتاة " فى 17يوليو1946 مايلى :"إن حسن البنا أداة فى يد الرجعية ، وفى يد الرأسمالية اليهودية، وفى يد الإنجليز وصدقى باشا" .
وبمناسبة صدقى باشا ، فإنه عندما تولى رئاسة الوزارة سنة 1946 كان أول ما قام به هو زيارته للمركز العام للإخوان المسلمين فى الحلمية الجديدة ، ووقف أحد أصدقاءه من الإخوان المسلمين يهنئه بتوليه الوزارة قائلا :" واذكر فى الكتاب إسماعيل أنه كان صادق الوعد ، وكان رسولا نبيا".
وعندما شكل الطلبة والعمال اللجنة الوطنية ، انشق الإخوان المسلمين وشكلوا بالاتفاق مع إسماعيل صدقى رئيس الوزراء ومع الملك ما سمى " باللجنة القومية "، وإذا رجعنا إلى مذكرات كريم ثابت - المستشار الصحفى للملك فاروق ورئيس تحرير جريدة الزمان - والتى نشرت فى جريدة الجمهورية فى شهر يوليو1955 وجاء فيها متعلقا بجماعة الإخوان المسلمين أنه أى كريم ثابت تدخل لدى النقراشى باشا رئيس الوزراء لإيقاف قرار حل ومصادرة ممتلكات الجماعة باعتبارها عونا كبيرا للملك فاروق وللعرش فى مقاومة الشيوعية ، وأن الملك فاروق كان يعتبر أنهم الهيئة الوحيدة التى يمكنها أن تنافس الوفد، وتشجيعها يؤدى إلى انقسام معسكر القوى الوطنية وبالتالى إضعافه .
ويروى أحمد مرتضى المراغى وزير الداخلية الأسبق فى مذكراته التى نشرت فى مجلة "أكتوبر " أنه عندما كان مديرا للأمن العام ذهب إليه فى منزله فى حلوان الشيخ حسن البنا وطلب منه إبلاغ الملك الرسالة التالية وكان فى هذا الوقت يرأس الحكومة النقراشى باشا ، وكان يعادى الإخوان المسلمين الرسالة هى :" الإخوان المسلمين لا يريدون به شرا وأننا لا ننبذ تصرفاته ، إنه يذهب إلى نادى السيارات للعب الورق فليذهب!! ، وإلى النوادى الليلية ليسهر ، فليسهر! نحن لسنا قوامين عليه".
وفى سنة1950 حصل حزب الوفد على الأغلبية فى الانتخابات وسقط الأمر العسكرى بحل جماعة الإخوان المسلمين وانتخب المستشار حسن الهضيبى مرشدا عاما للجماعة .
وتقول جريدة اللواء الجديد فى 30يناير1950 : " إن مزراحى باشا محامى الخاصة الملكية كان له دور فى تحسين العلاقات بين الملك والإخوان المسلمين، وأن الصحف البريطانية أظهرت ترحيبا شديدا باختيار الهضيبى مرشدا عاما الذى يؤيده الملك فاروق لقرابته بمراد باشا محسن زوج شقيقته كما أنه وطيد الصلة بعائلات ثرية قريبة من السراى ، وكان الملك فاروق عندما يقابل المرشد العام يرسل له سيارة ملكية خاصة لإحضاره.. " .
وفى عام 1951 عقب إلغاء معاهدة 1936 وإعلان الكفاح المسلح ضد القوات البريطانية فى منطقة قناة السويس صرح حسن الهضيبى لجريدة الجمهور المصرى فى 19أكتوبر 1951 بقوله: "وهل تظن أن أعمال العنف تخرج الإنجليز من البلاد ، إن واجب الحكومة اليوم أن تفعل ما يفعله الإخوان من تربية الشعب . . وذلك هو الطريق لإخراج الإنجليز " .
كما خطب المرشد العام فى شباب الجماعة قائلا : " اذهبوا واعكفوا على تلاوة القرآن الكريم " .
وقد رد عليه خالد محمد خالد الكاتب الإسلامى فى مجلة " روز اليوسف" بمقالة عنوانها "أبشر بطول سلامة يا جورج " ، وجاء فى المقال :" إن الإخوان المسلمين كانوا أملا من آمالنا ، ولم يتحركوا ، ولم يقذفوا فى سبيل الوطن بحجر ولا طوبة، وحين وقف مرشدهم الفاضل يخطب منذ أيام فى عشرة آلاف شاب قال لهم :" اذهبوا واعكفوا على تلاوة القرآن الكريم " . . وسمعت مصر المسكينة هذا التوجيه فقذفت صدرها بيدها وصاحت . . آه يا كبدى . . . أفى مثل هذه الأيام يدعى الشباب للعكوف على تلاوة القرآن الكريم، ومرشد الإخوان يعلم أو لا يعلم أن رسول الله وخيار أصحابه معه تركوا صلاة الظهر والعصر من أجل المعركة ، ويعلم أو يجب أن يعلم أن رسول الله نظر إلى أصحابه فى سفره فإذا بعضهم راقد وقد أعياه الصوم ، وبعضهم مفطر قام بنصب الخيام فابتسم إليهم ابتسامة حانية راضية وقال : "ذهب المفطرون اليوم بالأجر كله، فلقد وجد الوطن فى التاريخ قبل أن يوجد الدين ، وكل ولاء للدين لا يسبقه ولاء للوطن فهو ولاء زائف ليس من روح الله".
والوطن عماد الدين وسنده ولن تجدوا ديننا عزيزا مهيبا إلا إذا كان فى وطن عزيز مهيب، وإذا لم تبادروا بطرد الإنجليز فلن تجدوا المصاحف التى تتلون فيها كلام ربكم . . . أتسألون لماذا؟ لأن الإنجليز سيجمعونها ويتمخطون فيها كما حدث فى ثورة فلسطين سنـة1937 ، وإذا حسبتمونى مبالغا فراجعوا الكتاب المصور الذى أصدره المركز العام عن تلك الثورات لتروا صورة الضباط الإنجليز وهم يدوسون المصاحف ويتمخطون فى أوراقها . إن فى مصر قوى شعبية ضخمة تستطيع رغم ظروفها أن تردم القناة بجثث الإنجليز ، ولكن هذه القوى محتكرة . . . تحتكرها الهيئات والجماعات لصالح من ؟ وإلى متى ؟ " .
خالد محمد خالد



الإخوان بعملون فى الصفوف الخلفية:

كما كتب إحسان عبد القدوس مقالا فى " روزاليوسف " بتاريخ 27نوفمبر 1951 بعنوان "الإخوان . . إلى أين ؟ وكيف . . ؟ ينعى عليهم عدم مشاركتهم فى معركة القناة، ويقول: "إن هذه الأيام أيام الامتحان الأول للإخوان عقب محنتهم ، فإما أن يكونوا أقوياء بإيمانهم ، وإما فقدتهم مصر " .
وفى شهر يوليو1952 نشرت جريدة المصرى - التى تتبنى أفكار حزب الوفد - خبرا جاء فيه أنه كان قد تم الاتفاق بين الإخوان المسلمين والوفد على أن تشترك كتائب من الإخوان مع الوفد فى معركة القناة، وأن حكومة الوفد ستسلم الإخوان 2000 بندقية و50 رشاشا ومليون طلقة ، وأنه كان قد تحدد يوم 26يناير سنة1952 لتسليم هذه الأسلحة ، ولكن الملك فاروق حدد يوم 26يناير1952 لإقالة حكومة الوفد ، كما نشرت جريدة المصرى تصريحا للمرشد العام عقب مقابلته للملك فاروق جاء فيه إن الملك قال له: "أنه خائف على البلد من اللى بيعمله المصريين فى الإسماعيلية والسويس، وأنه يجب ألا يشترك الإخوان معهم فى هذه الأعمال؛ لأن الحركة دى حا تجر على البلد مصايب " .
وفى مذكرات اللواء فؤاد علام مفتش النشاط الدينى بمباحث أمن الدولة الأسبق والمنشورة بجريدة عالم اليوم فى 20 أغسطس 1995 قال : " أن السفير الأمريكى جيفرسون كافرى قدم تقريرا عن اجتماع مع أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين -لم يذكر اسمه-ووصفه بأنه ابن أحد مشايخ الأزهر، وقدم عضو الإخوان المسلمين المعلومات التالية عن موقف الإخوان :
قرر أن الثورة أبلغت الإخوان بأنها سوف تحارب القوات البريطانية فى الوقت المناسب، وأنهم يعتقدون بأن الثورة جادة فى شن حرب فى منطقة القنال .. وأن الإخوان سيلتزمون بالمشاركة فى مثل هذه الحرب من الناحية الأدبية فقط .
أشار إلى وجود مخازن سلاح سرية يمكن الاستيلاء عليها، ولا تعرف الثورة عنها شيئا، وهى عبارة عن أسلحة أوتوماتيكية متنوعة بدلا من النوعيات التى عفى عنها الزمن، وأنه شخصيا عاين أكثر من 100 قطعة سلاح، لكنه تهرب أكثر من مرة من تحديد موعد هذه الحرب.
قرر أكثر من مرة بأن صداما سوف يحدث قبل أكتوبر 1953، سواء ضد الثورة أو الإنجليز، وأكد أن شعورا عاما بالاستياء سوف يعم المواطنين.
وأشار إلى أن الإخوان الذين اعتقلتهم الثورة ليسوا فى الحقيقة إخوانا، وإنما شيوعيون تستروا بالإخوان كغطاء لإخفاء نشاطهم.
وفى صباح 23 يوليو استدعى حسن عشماوى لمبنى القيادة العامة للقاء عبد الناصر ، الذى طلب منه تأييدهم للثورة ، ورفض المرشد العام إصدار البيان ـ وكان فى المصيف بالإسكندرية - ولم يصدر بيان التأييد المقتضب إلا فى ساعة متأخرة من يوم 27يوليو1952 وبعد طرد الملك فاروق من مصر .
ويقول فضيلة الشيخ المرحوم أحمد حسن الباقورى عن خلافه مع جماعة الإخوان، وبين عبد الناصر والإخوان : " إن العملية كلها منذ جاء المرحوم على باشا ماهر ، وتحرك جماعة من الإخوان مثل الأستاذ عبد الحكيم عابدين وآخرين دون علمى لمقابلته؛ وأنا عضو فى مكتب الإخوان العام، ولابد أن يكون لى وجهة نظر معينة إذا ما أراد الواحد منهم أن يلتقى برئيس الوزراء، ثم التقوا لقاء غريب بالإنجليز .. أنا شعرت أن هذه العملية لعب، وأنهم يلعبون بنا .. وجمال عبدالناصر رحمة الله عليه كان زعلان منهم؛ لأنه فى ليلة القيام بثورة 23 يوليو كان قد اتفق مع بعض الإخوان المسلمين أن يشاركوا.. والذى حدث أنهم لم يحضروا فى الموعد المحدد ورفضوا التحرك ولم يتعاونوا كما يزعمون - ، واعتبر عبدالناصر موقفهم هذا هروبا ربما يكون قد فكر فى أكثر من الهروب .. بالخيانة مثلاً، ولكن لم يقل شيئاً سوى أنهم خذلوه..!!.

وأعتقد أنه بعد ما ذكر يمكن أن يتفهم القارئ الكريم الأسباب التى أدت بمجلس قيادة الثورة إلى اتخاذ القرار بحل جماعة الإخوان المسلمين 14يناير1954 :
التقاعس فى تأييد المرشد العام للإخوان المسلمين للثورة إلا بعد خروج الملك فاروق من مصر.
عدم تأييد الجماعة لقانون الإصلاح الزراعى ، والمطالبة برفع الحد الأقصى للملكية الزراعية فى حالة تطبيق القانون إلى خمسمائة فدان .
محاولة الجماعة فرض الوصاية على الثورة بعد حل الأحزاب السياسية القديمة .
اتخاذ موقف المعارضة من هيئة التحرير ( التنظيم السياسى ) .

بدء التسرب إلى الجيش والبوليس وقيام الجماعة بتشكيل خلايا سرية تحت إشراف المرشد العام للجماعة مباشرة ( المسئولين العسكريين كانوا أبو المكارم عبد الحى وعبد المنعم عبد الرؤوف وحسين حمودة وصلاح شادى ).
تشكيل جهاز سرى جديد بعد حل الجهاز السرى القديم الذى كان يشرف عليه عبد الرحمن السندى منذ أيام حسن البنا ، والمعروف أن السندى كان على اتصال بالرئيس جمال عبد الناصر من قبل الثورة عندما كان عبد الناصر على علاقة بشكل ما أو بآخر بأغلب التنظيمات السياسية فى مصر هو وبعض الضباط الأحرار الآخرين .
تم اتصال عن طريق د . محمد سالم الموظف فى شركة النقل والهندسة بين المستر إيفانز المستشار الشرقى فى السفارة البريطانية بالقاهرة فى خلال شهر مايو سنة1953 مع كل من منير دلة وصالح أبو رقيق ثم مع حسن الهضيبى بعد ذلك، واعتراض مجلس الثورة وقتها على هذه الاتصالات ولكنهم استمروا فيها وقد تم رصد هذه الاتصالات فى حينه، وتم تسجيل أغلبها بمعرفة أجهزة الأمن المعنية ( المخابرات العامة والمباحث العامة ).
زيارة حسن عشماوى يوم الأحد 10يناير1954 للمستر كروزويل الوزير المفوض بالسفارة البريطانية بالقاهرة مرتين فى نفس اليوم ، الأولى الساعة الرابعة والثانية فى الساعة الحادية عشر مساء.
عبد الناصر والاخوان قبل الثورة وبعدها :
ولنقرأ ما قاله الرئيس جمال عبد الناصر فى نوفمبر1965 بالنص حول علاقة الثورة بالإخوان المسلمين :
" أنا قبل الثورة كنت على صلة بكل الحركات السياسية الموجودة فى البلد ، يعنى كنت أعرف الشيخ حسن البنا ، ولكن ماكنتش عضو فى الإخوان المسلمين 0 كنت أعرف ناس فى الوفد وكنت أعرف ناس من الشيوعيين ، وأنا أشتغل فى السياسة أيام ما كنت فى ثالثة ثانوى ، وفى الثانوى اتحبست مرتين أول ما اشتركت فى مصر الفتاة وده يمكن اللى دخلنى فى السياسة، وبعدين حصلت خلافات وسبت مصر الفتاة ، ورحت انضميت للوفد ، وطبعا أنا الأفكار اللى كانت فى راسى بدأت تتطور، وحصل نوع من خيبة الأمل بالنسبة لمصر الفتاة ، ورحت الوفد وبعدين حصل نفس الشىء بالنسبة للوفد ، وبعدين دخلت الجيش . . . وبعدين ابتدينا نتصل فى الجيش بكل الحركات السياسية ولكن ماكناّش أبدا فى يوم من الإخوان المسلمين كأعضاء أبدا ، ولكن الإخوان المسلمين حاولوا يستغلونا فكانت اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار موجودة فى هذا الوقت، وكان معانا عبد المنعم عبد الرؤوف وكان فى اللجنة التأسيسية ، وجه فى يوم وضع اقتراح قال إننا يجب أن نضم حركة الضباط الأحرار إلى الإخوان المسلمين . . . أنا سألته ليه ؟
قال : " إن دى حركة قومية إذا إتقبض على حد منا تستطيع هذه الحركة أنها تصرف على ولاده وتؤمن مستقبله " .
ولكن مش ممكن نسلم حركة الضباط الأحرار علشان مواضيع شخصية بهذا الشكل ، وحصل اختلاف كبير. . صمم عبد المنعم عبد الرؤوف على ضم حركة الضباط الأحرار إلى الإخوان المسلمين وإحنا رفضنا ـ كان طبعا فى هذا الوقت الشيخ حسن البنا الله يرحمه مات، وأنا كان لى به علاقة قوية ولكن علاقة صداقة ومعرفة.. زى ما قلت لكم ما كنتش أبدا عضو فى الإخوان المسلمين، وأنا لوحدى يمكن اللى كان ليه علاقة بحسن البنا وإخواننا كلهم مالهومش ، ولكن كنت بأقول لهم على الكلام اللى يحصل معاه . . . نتج عن هذا إن عبد المنعم عبد الرؤوف استقال وده قبل الثورة بستة شهور ، استقال عبد المنعم عبد الرؤوف وأنا كانت لى علاقة ببعض الناس من الإخوان المسلمين كعلاقة صداقة . . . وكان لهم تنظيم داخل الجيش، وكان يرأس هذا التنظيم ضابط اسمه أبو المكارم عبدالحى . . وقامت الثورة . . فى أول يوم من قيام الثورة جالى بالليل عبد الرؤوف ومعاه أبو المكارم عبدالحى، وطلبوا إننا نديهم أسلحة علشان الإخوان يقفوا جنبا إلى جنب مع الثورة . . أنا رفضت إن إحنا نديهم سلاح ، وقلت لهم إن إحنا مستعدين نتعاون . . وبدأ التعاون بيننا وبين الإخوان المسلمين وقلت لهم يشتركوا فى الوزارة بعد كده، ورشحوا عدد من الناس للاشتراك فى الوزارة ، ولكن جه بعد كده تصادم.. اتحلت الأحزاب كلها ، وما حليناش الإخوان المسلمين " .
وفى اليوم التاسع والعشرين من يوليو1952 تم لقاء بناء على طلب المرشد العام للإخوان المسلمين فى منزل صالح أبو رقيق ، حضره الرئيس جمال عبد الناصر والمرشد العام الذى طلب أن تطبق الثورة أحكام القرآن الكريم ، وأجابه الرئيس عبد الناصر بأن الثورة قامت حربا على الظلم والاستبداد السياسى والاجتماعى والاستعمار البريطانى ، وهى بذلك ليست إلا تطبيقا لأحكام القرآن الكريم .
فطلب المرشد أن يصدر قرار بفرض الحجاب حتى لا تخرج النساء سافرات ، وأن تغلق دور السينما والمسارح . . فرد الرئيس عبد الناصر - بعدما حسب الأمر أنت تطلب منى طلبا لا طاقة لى به . . فأصر المرشد على طلبه . . فقال الرئيس عبد الناصر :
" اسمح لى نتكلم بصراحة وبوضوح . . انت لك بنت فى كلية الطب . . هل بنتك اللى فى كلية الطب بتروح الكلية لابسة حجاب ؟ ! أنا أعرف بأنها بتروح الكلية بدون حجاب ، فإذا كنت فى بيتكم مش قادر تخللى بنتك تطلع فى الشارع حاطة الحجاب ، حاتخللينى أنا أطالب الناس كلهم وأقول لهم حطوا حجاب 000 وبعدين هل بنتك بتروح السينما وإلا ما بتروحش ؟ بتروح السينما.. طيب إذا كان الراجل فى بيته مش قادر يخللى أولاده أو بنته ما تروحش السينما ليه.. السينما إحنا علينا واجب أن نعمل رقابة عليها وعلى المسارح كمان حتى نحمى الأخلاق ، ونحن سوف نمنع من يقل عمره عن 21 سنة من إرتياد الملاهى .
لم يعجب المرشد هذا الكلام وطالب بمنع الناس كلها ، فرد عليه الرئيس عبد الناصر قائلا : "ولماذا لم تتكلم أيام فاروق ؟!! وكانت الإباحة مطلقة وكنتم تقولون " أن الأمر لولىّ الأمر".
ودار حوار طويل وبدا أن المرشد العام حدد موقفه من الثورة برفض التعاون ورفض الثورة ، وهذا ما سيتضح فيما بعد ، لكن عبد الناصر كان يتبع سياسة النفس الطويل ، ولا يريد أن يبدأ بالصدام بل فضل أن تتفاعل الأحداث .
وفى الثامن من أغسطس سنة 1952 ، كتب سيد قطب أحد أقطاب الإخوان المسلمين ، مقالا فى جريدة الأخبار فى شكل رسالة للواء محمد نجيب قال فيها :
" إن الدستور الذى لم يسمح بكل ما وقع من فساد الملك وحاشيته فحسب، ولكن فساد الأحزاب ورجال السياسة وما تحمل صحائفهم من أوزار . إن هذا الدستور لا يستطيع حمايتنا من عودة الفساد إن لم تحققوا أنتم فى التطهير الشامل الكامل الذى يحرم الملوثين من كل نشاط دستورى، ولا يبيح الحرية السياسية إلا للشرفاء . . . لقد احتمل هذا الشعب ديكتاتورية طاغية باغية شريرة مريضة على مدى خمسة عشر عاما أو تزيد أفلا يحتمل ديكتاتورية عادلة نظيفة ستة شهور ، على فرض قيامكم بحركة التطهير يعتبر ديكتاتورية بأى وجه من الوجوه ؟" .
وفى شهر أكتوبر 1952 صدر قرار بالإفراج عن 934 مسجونا ومعتقلا معظمهم من الإخوان المسلمين .
وعند تشكيل وزارة محمد نجيب بعد وزارة على ماهر اشترك اثنان من الإخوان المسلمين - الشيخ أحمد حسن الباقورى كوزير للأوقاف والمستشار أحمد حسنى كوزير للعدل- وذلك بعد اتصال تم بين عبد الحكيم عامر والمرشد العام الذى رشح له هذين الاسمين . . إلا أن الرئيس جمال عبد الناصر فوجئ بزيارة محمد حسن عشماوى ومنير دلّة اللذين أبلغاه أن مكتب الإرشاد قد رفض ترشيحهما هما الاثنين للوزارة، وأن ترشيح الباقورى وأحمد حسنى كان تصرفا شخصيا من المرشد العام ، وقد قوبل هذا المطلب باستغراب حيث أن الباقورى وأحمد حسنى كانا سيحضران فى نفس الوقت تقريبا لحلف اليمين الدستورية ، واتصل الرئيس عبد الناصر بالمرشد العام لاستيضاح الأمر، فقال المرشد العام أنه سيجمع مكتب الإرشاد ويرد على مجلس قيادة الثورة، ولكنه لم يتصل ، فأعاد الرئيس عبد الناصر الاتصال به مرة ثانية ، فقال له المرشد العام أن مكتب الإرشاد قرر عدم الاشتراك فى الوزارة، وفصلوا الباقورى عضو مكتب الإرشاد من الجماعة .
استثنيت الجماعة بعد ذلك من قانون حل الأحزاب ، كما شارك ثلاثة من أعضائها فى لجنة الدستور هم صالح عشماوى وحسن عشماوى وعبدالقادر عودة .
وتسجل هذه الفترة سبعة لقاءات تمت بين جماعة الإخوان المسلمين والسفارة البريطانية فى القاهرة ، وكانت هذه الاتصالات مرصودة من جهازين فى الدولة ، الأول إدارة المباحث العامة والثانى القسم الخاص بالمخابرات العامة ، الذى كان هو نواة هيئة الأمن القومى فى المخابرات العامة بعد ذلك ـ كان التنسيق والتعاون كاملا بين هاتين الإدارتين فى متابعة النشاط الداخلى شكلا وموضوعا لدرجة أن القسم الخاص كانت مكاتبه فى نفس مقر المباحث العامة لكى يكون الاتصال الشخصى أيضا ميسر وسهل دون إضاعة للوقت .
تم لقاءين من هذه اللقاءات مع السفارة البريطانية فى منزل الدكتور محمد سالم بالمعادى وحضرهما من جماعة الإخوان المسلمين كل من منير دلة وصالح أبو رقيق ومن الجانب البريطانى المستر إيفانز المستشار الشرقى بالسفارة البريطانية بالقاهرة فى ذلك الوقت.
كما تمت مقابلتين فى منزل إيفانز حضرهما منير دلة وصالح أبو رقيق لتناول الشاى ، ثم مقابلة خاصة فى منزل المرشد العام حضرها الهضيبى ومنير دلة وحسن عشماوى وإيفانز.
وفى مذكرات اللواء فؤاد علام مفتش النشاط الدينى بمباحث أمن الدولة الأسبق والمنشورة بجريدة عالم اليوم فى 20 أغسطس 1995 قال : " أنه فى 27 يوليو 1953 عقد اجتماع لمدة ثلاثة ساعات بين حسن الهضيبى ومستر التنج السكرتير السياسى للسفارة الأمريكية بالقاهرة.. وتحدث فيه الهضيبى عن موقف الإخوان المسلمين من مجلس قيادة الثورة، مشيرا إلى أن الإخوان يعلمون أن النظام حسن النية، وأنهم كإخوان ضد تحديد ملكية الأراضى الزراعية، ويسعدهم إزالتها، وأنهم يرغبون فى إزاحة بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة مثل ناصر، وأنهم يخططون لعزل العسكريين من السلطة، وإحلال مجموعة مختارة محلهم من الأحزاب، وأن على المعارضة أن تنسق جهودها لتتعامل بالقوة مع الظروف إذا ما سقط النظام.
وأكد الهضيبى أن حكومة الثورة سوف تسقط فى وقت قريب؛ لأنها تبنت أحلاما كبيرة لن تستطيع أن تحققها مثل إخراج الإنجليز من القنال، وإصلاح الأوضاع الاقتصادية.
وقال أن مجلس قيادة الثورة أرتكب خطأ فاحشا بتبنيه رسميا للعمليات العسكرية ضد الإنجليز؛ فقد كان واجبهم أن يتركوا آخرين يفعلوا ذلك !!، وأن يتوقفوا عن التصريحات الرسمية التى جعلتهم فى فوهة المدفع .. كان يمكن للحكومة أن تعمل بشكل سرى ضد الإنجليز دون التورط الرسمى.
هذه عينة من التقارير التى تتضمن اتصالات الإخوان بالأمريكان مثل الصدام المباشر بينها وبين الثورة فى مصر، تؤكد أن المعلومات التى قدمها الإخوان للأمريكان فى مختلف الشئون السياسية والعسكرية والاقتصادية تخضع لوصف الخيانة العظمى فى قانون أى دولة، ولم يجد الهضيبى وأعوانه أى غضاضة فى عقد اجتماعات سرية مع السفراء الأجانب، والعاملين بالسفارات الأجنبية فى مصر؛ فالإخوان كانوا يلعبون على كل الأحبال؛ تارة يعمقون علاقاتهم بالسراى، وتارة يتعاونون مع الإنجليز، ثم يتصلون بالأمريكان من وراء ظهر حكومتهم، وكان هدفهم الرئيسى هو الوصول إلى الحكم، وكانوا يخاطبون كل جهة من هذه الجهات حسب هواها..
والأغرب من ذلك أنهم طلبوا تسوية سلمية مع إسرائيل .. وهنا يثور أكثر من تساؤل حول علاقة الإخوان باليهود؛ وقد اعترف على عبده عشماوى العضو القيادى فى جماعة الإخوان المسلمين بوجود علاقة بين الإخوان واليهود منذ نشأة الإخوان، وكان الإخوان يتصورون أن اللواء محمد نجيب مستعد لعقد اتفاقية سرية مع اليهود، ولكن العقبة كانت جمال عبد الناصر.
ثم عقد لقاءين آخرين فى شهر يناير سنة 1954 بين حسن عشماوى والمستر كروزويل الوزير المفوض بالسفارة البريطانية بالقاهرة ، وهاتين المقابلتين تمتا على فترتين ، الفترة الأولى من السابعة صباحا حتى الظهر ، والثانية فى نفس اليوم من الرابعة بعد الظهر حتى الحادية عشر مساء .
تمت هذه المقابلات السبعة فى الفترة من مارس1953 ، وخلال أشهر أبريل ومايو 1953 ويناير1954 ، وكانت الموضوعات التى أثيرت فى هذه اللقاءات هى مناقشة موقف جماعة الإخوان المسلمين من ثورة 23يوليو ، والقضية الوطنية ، والمفاوضات مع الإنجليز حول جلاء القوات البريطانية عن مصر 0 وكان رأى الإخوان المسلمين أن عودة الإنجليز إلى القاعدة فى القناة يكون بناء على رأى لجنة مشتركة مصرية بريطانية ، وأن الذى يقرر خطر الحرب هى الأمم المتحدة، وهو الرأى الذى تمسك به الإنجليز طوال مراحل المفاوضات، وهو فى نفس الوقت الشىء الذى لم تقبله ثورة 23يوليو1952 ، التى كان مطلبها واضحا ومحددا فى الجلاء الكامل والسيادة الكاملة على الأراضى المصرية ، وأن يكون القرار نابعا من ثورة 23يوليو فيما يتعلق بجميع شئون مصر ، وقد تم التحقيق فى هذا كله خلال محاكمات الإخوان المسلمين أمام محكمة الشعب(. هذا علاوة على ما اكتشف فى هذه الفترة من اتصال عبد المنعم عبد الرؤوف بالسفارة الأمريكية بالقاهرة؛ حيث أبلغهم أنه يتحدث باسم الإخوان المسلمين وأنهم يسعون لقلب نظام الحكم، وأنهم أى الإخوان المسلمين على استعداد للاشتراك فى حلف عسكرى ضد الشيوعية، وأن هذا الحلف لن يتحقق ما دام جمال عبد الناصر على قيد الحياة .
متوازيا مع هذه الأنشطة والمواقف فقد كان نشاط الإخوان المسلمين فى أوساط الجيش والبوليس مستمر، ولم يتوقف منذ أن ترك عبد المنعم عبد الرؤوف الجمعية التأسيسية للضباط الأحرار قبل قيام الثورة بستة شهور ، وكان المسئول عن الجهاز العسكرى مع أبو المكارم عبد الحى ، كما كان المسئول عن البوليس الصاغ صلاح شادى ، وكان الأب الروحى لهم محمود لبيب ضابط سابق - ، هذا علاوة عن تنظيم عسكرى ثالث كان عماده الصولات وضباط الصف ، وكان تجنيد هذا القطاع يعتمد على إقناعهم بأنهم هم الأحق بالقيادة فى مجال القوات المسلحة والبوليس باعتبارهم عصب العمل فى هذه المؤسسات الحيوية .
ولما ظهر هذا النشاط الأخير على السطح استدعى الرئيس عبد الناصر ، حسن عشماوى وقابله فى مبنى مجلس قيادة الثورة بالجزيرة، وقال له أن لدينا معلومات بنشاط لكم فى أوساط الجيش والبوليس وصارحه بالتفاصيل ، فلم يرد حسن عشماوى ولكنه وعد بأن يبلغ المرشد العام بالأمر ، ولما سأله الرئيس جمال عبد الناصر عن معلوماته هو عن هذا النشاط باعتبار أن هناك علاقة شخصية بين عبد الناصر وبينه تسمح بأن يسأله مثل هذا السؤال خارج الإطار الرسمى ، فنفى حسن عشماوى علمه بأى شىء عن هذا النشاط السرى العسكرى .






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:37 AM رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

واستمر النشاط ، بل اتسع أيضا فى مجال طلبة الجامعات فى جامعتى القاهرة والإسكندرية، وفى يوم ذكرى الشهداء أقيم احتفال فى جامعة القاهرة، وبرز بشكل واضح نشاط الجماعة بقيادة حسن دوح، وكان المسئول عن التنظيمات الشبابية والنشاط الجامعى عبد الحكيم عابدين ، صهر حسن البنا والسكرتير العام للإخوان المسلمين، واستمر التبليغ عنه من الأجهزة المعنية فى المباحث العامة والقسم الخاص بالمخابرات العامة ، وقد حضرت مع زغلول كامل مدير مكتب رئيس المخابرات العامة ورئيس الخدمة السرية فيما بعد وآخرين ، بعض لقاءات ضباط الجيش والبوليس، و كان أغلبها يتم فى منزل أحد ضباط البوليس ( كمال صقر ) فى مصر الجديدة، وتم الإبلاغ عن تفاصيل ما كان يدور فى هذه اللقاءات وأسماء المشاركين، ومحاولات تجنيد بعض الحضور ممن يظهر منهم تجاوب مع ما كان يدعون إليه، وكانت العملية تبدأ بالدعوة للصلاة جماعة ثم تتدرج المناقشات إلى الدخول فى الأوضاع العامة وهكذا إلى أن يتم نوع من أنواع غسيل المخ ثم التجنيد لصالح ما يريدون تنفيذه من أنشطة 0 واستدعى الرئيس عبد الناصر حسن عشماوى للمرة الثانية وسأله ماذا فعل ؟ وهل أبلغ المرشد العام ؟ وماذا كان رد المرشد ؟ فرد بأنه أبلغ الدكتور خميس حميدة نائب المرشد العام .

محاولة الاغتيال :

وتطور هذا النشاط بعد ذلك إلى قيام مظاهرات يناير1954 بجامعة القاهرة ، وحدث احتكاك بين الطلبة والبوليس ، وكانت المفاجأة أن ظهرت فى هذه المظاهرات كرابيج وسلاسل حديدية وعصى ، وتبادل إطلاق النار وتم اعتقال حوالى خمسمائة شخص . وكان الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية يزور مصر فى ذلك الوقت وتوسط لدى مجلس قيادة الثورة ، ولدى الرئيس جمال عبد الناصر للإفراج عن المعتقلين ، وتم بالفعل الإفراج عنهم فى مقابل تعهدهم بعدم القيام بأى نشاط سياسى وسط الطلاب والجامعات ، ولكنهم بعد الإفراج عنهم لم يلتزموا بشرط الإفراج ، بل أصدروا منشورا هاجموا فيه الرئيس جمال عبد الناصر مدعين أنه يعمل لحساب نورى السعيد رئيس وزراء العراق فى ذلك الوقت وزاهدى فى إيران ، وطالبوا بالتخلص من جمال ونورى وزاهدى وتم بعد ذلك توقيع اتفاقية الجلاء ولقد رصدت أجهزة الأمن فى هذه الفترة اختفاء حسن الهضيبى المرشد العام للإخوان المسلمين من القاهرة من بداية شهر أكتوبر 1954 ، وتمت محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية ، وقبض على محمود عبد اللطيف الذى كان قد كلف بعملية الاغتيال، وشكلت محكمة لمحاكمة الإخوان المسلمين المتهمين فى عملية الاغتيال ، وثبت من خلال التحقيقات والاعترافات فى محاكمة العناصر الرئيسية لجماعة الإخوان المسلمين العناصر الرئيسية التالية وسأتناولها باختصار:
أولا : كان هناك جهازا سريا مهمته القيام بعمليات اغتيالات سياسية .
ثانيا : كانت هناك مخازن للأسلحة والمتفجرات .
ثالثا : كان هناك تمويل من الخارج .
رابعا : اعترف محمود عبد اللطيف المتهم الأول والذى قام بإطلاق الرصاص على الرئيس عبد الناصر ، كتابة بأن هنداوى دوير المحامى سلمه الطبنجة التى استخدمت فى محاولة اغتيال جمال عبد الناصر بميدان المنشية بالإسكندرية ، وتم التسليم فى مكتب عبد القادر عودة وبعلمه ، وكان المفروض أن تنفذ عملية اغتيال عبد الناصر فى ميدان الجمهورية بالقاهرة ، ثم استبدلت الخطة لتتم عملية الاغتيال فى ميدان المنشية بالإسكندرية .
واعترف محمود عبد اللطيف كتابة وبخط يده بأن هنداوى دوير قال له فى بيعة خاصة ما يلى : " إن الله يحب أن يرى هذا الدم الساخن فى سبيل الله " .
خامسا : أن هنداوى دوير سلم نفسه للسلطات واعترف بمحض إرادته ومن تلقاء نفسه بالآتى:
1- أن التعليمات التى تلقاها باغتيال جمال عبد الناصر مكتوبة وأن عليه تكليف محمود عبد اللطيف بتنفيذ هذه العملية.
2- أنه سلم محمود عبد اللطيف الطبنجة التى نفذت بها محاولة الاغتيال بحضور عبد القادر عودة فى مكتبه.
3- أن التعليمات المكتوبة كانت تقضى أيضا باغتيال أعضاء مجلس قيادة الثورة فيما عدا محمد نجيب ، على أن تنفذ باقى الاغتيالات بعد اغتيال جمال عبد الناصر.
4- التعليمات المكتوبة تتضمن أيضا التخلص من أكثر من مائة وخمسين ضابطا إما بالاغتيال أو بالخطف من منازلهم.
5- بعد تنفيذ الاغتيالات والخطف تقوم جماعات من الإخوان المسلمين بالسيطرة على مرافق الدولة.
6- يعقب ذلك تشكيل مجلس يتولى إدارة شئون البلاد بديلا لمجلس الثورة من بين أعضائه عبد الرحمن عزام باشا ومحمد العشماوى باشا والد حسن العشماوى .

كان هناك تكليف آخر مشابه لتكليف محمود عبد اللطيف ، وقد عهد به إلى محمد نصيرى الطالب بكلية الحقوق لاغتيال جمال عبد الناصر فى أى وقت أو أى مكان يراه هو مناسبا .
سادسا : تقوم جماعات منتقاه من الجهاز السرى للجماعة بنسف وتدمير منشآت إستراتيجية فى القاهرة والإسكندرية وبعض المحافظات فى نفس الوقت .
سابعا : وضعت خطة بديلة فى حالة فشل اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر بإطلاق النار عليه ، حيث يكلف أحد الإخوان المسلمين بالقيام بعملية انتحارية؛ وذلك بارتداء حزام ناسف من المتفجرات، ويندس بين المواطنين إما فى مجلس قيادة الثورة أو فى مجلس الوزراء ويقوم الشخص المكلف باحتضان الرئيس جمال عبد الناصر فينفجر فيهما الحزام الناسف، ولقد تمت تجربة الحزام الناسف هذا فى أحد أعضاء الجهاز السرى للإخوان المسلمين سنة1953 وهو المهندس فايز عبد اللطيف ، وأعضاء الجهاز السرى يعرفون تفاصيل هذه العملية وأسبابها.
ثامنا : دبّر أبوالمكارم عبدالحى - وكان ضابطا فى الجيش وأحد المسئولين عن الجهاز السرى للإخوان المسلمين فى الجيش مؤامرة لنسف الطائرة التى قد يستقلها الرئيس جمال عبد الناصر فى تنقلاته .
تاسعا : أعيد تنظيم الجهاز السرى للإخوان المسلمين سنة1953 ، وتولى قيادته يوسف طلعت الذى كان له الفضل الأكبر فى انتخاب حسن الهضيبى مرشدا عاما للإخوان المسلمين ، كما كان أحد المدبرين الرئيسيين لعملية اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية .
وكان ثابتا لدينا فى هذه الفترة أن المسئولية بالنسبة للجهاز السرى للإخوان المسلمين تقع على عاتق لجنة الإشراف المكونة من :
(يوسف طلعت - إبراهيم الطيب ، مسئول القاهرة أحمد حسن ، مسئول الأقاليم - صلاح شادى ، مسئول البوليس -أبو المكارم عبدالحى ، مسئول الجيش وشكلت لجنة عليا للجهاز تمثل سلطته العليا من كل من :
الشيخ سيد سابق الدكتور محمد خميس حميدة محمود الصباغ الشيخ محمد فرغلى أحمد زكى ) .
أعود بالأحداث للفترة التى أعقبت محاولة الاغتيال ، فقد سارعت قيادات الإخوان المسلمين إلى محاولة تبرئة نفسها فى أعقاب محاولة الاغتيال، وتصوير الحادث على أنه تصرف فردى قام به أحد عناصر الإخوان المسلمين دون أن يكون لمكتب الإرشاد أو لهذه القيادات أى دور فى تدبيره .

وكان أن قام حسن الهضيبى المرشد العام للجماعة وقتها بإرسال خطاب إلى الرئيس جمال عبد الناصر يسعى فيه إلى استرضائه ، ويستنكر الحادث ويطالب بتجاوزه ، ونفى التورط فى تدبيره ، وكان نص الخطاب كما يلى:
" السيد جمال عبد الناصر رئيس مجلس الوزراء .
السلام عليكم ورحمة الله . . أحمد الله إليكم ، الله تعالى ( كذلك فى النص )، وأصلى وأسلم على رسوله الكريم .
وبعد - فقد وجدت نفسى أثناء قدومى من الإسكندرية أمس محوطا بمظاهر توحى بأن الحكومة تتوقع قيام الإخوان المسلمين بحركة ، ربما كانت لأخذى عنوة ، ولو أن الحكومة أعلنت رغبتها فى مجيئى لبادرت والله بالمجىء أسعى إليها من تلقاء نفسى دون أن يحرسنى حارس .
على أن هذه المظاهر قد أورثتنى حسرة وجعلتنى أتمنى لو وهبت البلد حياتى فى سبيل جمع الكلمة وصفاء النفوس 0 فأحببت أن أبادر بالكتابة إليك أرجو أن يتسع صدرك للقائى بضع دقائق أشير عليك فيها بما يحقق أمانيك ، وأمانىّ ، وأنا أعلم أنك قد تكون راغبا عن هذا اللقاء، ولذا تركت أمر تدبير الجماعة من نحو خمسة أشهر إلى غيرى ، فلم يصلوا معك إلى شىء ، وأريد الوصول إلى شىء حتى تتجه البلد كلها اتجاها واحدا ، ثم لا يجدنى أحد فى مكانى الذى أنا فيه من الإخوان .
وأبادر فأقول لك : إن ما سمى اختفاء قد أدهشنى . . . وأن ينسب إلىّ تدبير جرائم ، فهذا كان مفاجأة لى ، وأقسم بالله العظيم وكتابه الكريم أنى ما علمت بوقوع جريمة الاعتداء عليك إلا فى الساعة التاسعة من صباح اليوم التالى ، ولا كان لى بها علم، وقد وقعت من نفسى موقع الصاعقة؛ لأننى ممن يعتقدون أن الاغتيالات يؤخر حركة الإخوان، ويؤخر الإسلام والمسلمين ويؤخر مصر ، وقد كنا بحثنا هذه المسألة "الاغتيالات " فى الجماعة منذ زمن بعيد وأستقر رأينا على ذلك ، وأخذنا نوجه الشباب إلى هذه الحقيقة ، حتى لقد مضى على وجودى بينهم ثلاث سنوات لم يقع فيها شىء من العنف، ولست أجد سببا لذلك بنعمة الله ، ولا اختلفنا على كثير وإنما حسم الخلاف أنه لم يسمح لى بإدلاء رأيى .
فأما المعاهدة فأنى كنت أخبرتكم أن الإخوان لا يوافقون على معاهدات وأعداؤهم فى داخل البلاد، ولكنهم يصرحون أن هذه المعاهدات قد قربت من أمانيهم قربا كبيرا ، ونلح فى استكمال الباقى حتى لا يطمع الإنجليز فينا ، وهذا هو محصل رأيك أنت فى المسألة .
وأما مسألة الحملة التى شنها عليك الإخوان فى سوريا فإنى لا أعلم بها ولا بتفاصيلها، فإن عبد الحكيم عابدين ( عضو مكتب الإرشاد ) ودعنا فى المطار يوم 3يونيو ولم أره إلى الآن ، ولم يكن بينى وبينه أى نوع من الاتصال ، وحين عدت بعد عيد الأضحى وجدته ذهب لأداء فريضة الحج، ومن هناك إلى دمشق ، ويجب أن نتحقق عما إذا كان قد اشترك فى هذه الحملة وحضر اجتماعاتها ، وقد بلغنى أنه رماك بأنك قابلت رجلا من إسرائيل فى أثناء سياحتك فى البحر . . وهذه على وجه الخصوص إذا كان قالها فإن أحدا لا يقره عليها بل يستنكره كل الاستنكار ، وفوق ذلك فإنها واقعة قول عبد الحكيم عابدين بذلك ، حصلت أيام اعتكافى .
وأما هذا الاعتكاف فقد أشار علىّ به بعض الإخوان لسبب ما ، ولقد كنت أخبرت الإخوان بأن أضع استقالتى تحت تصرفهم إذا وجدوا فى وجودى ما يعطل الاتفاق بينهم وبين الحكومة ، و أكدت ذلك لهم بخطاب أرسلته لهم من هناك ، تركت لهم التصرف فى شئونهم من تلقاء أنفسهم.
هذا وقد يكون فى المشافهة خير كثير إن شاء الله وقد يكون فى نفسك أشياء تحب أن تسجلها .
ولا أنكر التحقيق الذى يجرى ، فإنى متحمل كل ما يمس شخصى ، وسأدفعه بإذن الله بما يريح نفسك إلى الحق الذى هو بغية الجميع ، هذا وأسأل الله تعالى ، أن يوفقكم ويوفق البلاد كلها للخير والحرص على الوئام ، والسلام عليكم ورحمة الله

المخلص حسن الهضيبى"


أما خطاب عبد القادر عودة فلم يكتفى بنفس الخطوط التى تضمنها خطاب الهضيبى، بل زاد عليه بإعلان مبادرة شاملة لتسوية الموقف بين الإخوان المسلمين والثورة، كما انطوى على اعتراف صريح بوجود تنظيم عسكرى فى صفوف الإخوان المسلمين، وهو ما ظلت قيادة الإخوان تنفيه لسنوات عديدة قبل ذلك . . وكان نص خطابه :
" الأخ الكريم جمال عبد الناصر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد .

فأهنئك وأهنئ نفسى بنجاتك من تلك المحاولة الآثمة، وهنيئا لك رعاية الله التى تظللك وتحوطك وإنها لخير ما يهنأ به الإنسان . . ولقد سمعت أن الشخص الذى حاول الاعتداء عليك يتمرن فى مكتبى، فإن صح هذا فأرجو ألا تكون نسيت آرائى ، وكل ما أستطيع أن أقوله لك مخلصا أنى لا أعلم شيئا عن هذه الجريمة، ولست أرضاها لأى إنسان ولا من أى إنسان ، وإذا ثبت يا أخى أن لى أى صلة بهذا الموضوع فأنا أحل لك دمى .

ولقد استطعت يا أخى بما منحك الله من حكمة وسعة أفق أن تضع حدا لعداء دام بيننا وبين الإنجليز أكثر من سبعين عاما ، وأن تمهد لجو من المودة، وأنه لأولى بك بعد ذلك أن تضع حدا للخصومة القائمة بين الإخوان ورجال الجيش ، وهى بنت عام واحد ، تلك الخصومات التى تأكل مستقبل هذا البلد الذى وضع الله بين يديك مصائره ، وإن فيك من سعة الصدر وسعة الأفق والتسامح ما يجعلك قادرا على أن تهيئ جو مودة وتعاون بين رجال هذا البلد وهيئاته وبين الحاكمين والمحكومين ، ولقد رأيتك فعلا تشرع فى هذا ، فتمد يدك إلى الجميع ، ولكنى أحب أن أطمئن إلى أن حادث الإسكندرية لن يكون عقبة فى سبيل ما وعدت ، وأحب أن تثابر على هذه الدعوة وترصد لها من وقتك وجهدك ما يتفق مع جلالها وما ينتظر من خيرها .
وإنى أحب أن تعلم أن هذا الحادث الأليم قد حفزنى إلى أن أعمل على إنهاء النزاع القائم بين الإخوان وبينكم حفظا للمصلحة العامة ، وضنا بالجهود أن تصرف فيما يعود على البلد بالضرر، وإنى أقترح فى هذا السبيل من الحلول ما يذهب بالشكوك ويطمئن النفوس ويعيد الثقة ، وإذا عادت الثقة فقد انتهى كل شىء ، وانطوى الماضى بما فيه فى طى النسيان .
وقد ترى فى اقتراحى نقصا أو قصورا ، وأرجو ألا يمنعك ذلك من أن تنبهنى إلى النقص والقصور ، فإنى والله لن أقف فى وجه طلب معقول .

أما اقتراحاتى فقد بنيتها على ما أعلم من آرائك فى مقابلاتنا السابقة ، وما كنت أحس أنه أساس النزاع ومثار الشكوك والظنون ، ولا زلت أذكر اقتراحاتك بحل تشكيلات الإخوان فى الجيش والبوليس وتشكيلة النظام الخاص ، ولعل مشكلة الجيش والبوليس قد انتهت ، ولذلك فلن أعمل لها حسابا فى اقتراحاتى على أن هذا لا يمنع معالجة ذيولها إن كان لها ذيول معالجة تريحك ، وتشعر بأننا مخلصون فيما نقول وفيما نفعل .
وعلى هذا الأساس أقترح ما يأتى :
أولا :نقدم من ناحيتنا :
أ- يحل النظام الخاص ويسلم ما قد يكون لديه من أسلحة وذخائر فى مدة تتراوح بين عشرة أيام أو أسبوعين من بدء اليوم الذى توافقون فيه على هذه المقترحات .
ب- تبتعد الجماعة عن السياسة المحلية ، وتصرف همها إلى الدعوة الإسلامية والتربية على الأقل حتى تنتهى فترة الانتقال ، ويكفى الجماعة الاشتغال بالسياسة الإسلامية العامة 000 على أن يتم تنظيم الجماعة على هذا الأساس فى ظرف أسبوعين أيضا .
ج- تعمل الجماعة على وقف حملات الإخوان فى الخارج فى ظرف أسبوعين ولو اقتضى الأمر إرسال مندوبين للخارج لتنفيذ هذا التعهد .
ثانيا : نرجو أن تقوموا من ناحيتكم بما يأتى :
أ- إصدار قانون بوقف عمل قانون الأسلحة والذخائر لمدة أسبوعين ، ليمكن تسليم ما قد يكون موجودا من الأسلحة والذخائر دون خشية المحاكمة . . ولذلك سوابق كثيرة .
ب- إطلاق سراح جميع الإخوان المعتقلين بمجرد تنفيذ التعهد الأول ، ثم النظر بعد ذلك فى محو آثار الماضى . . . حتى نفتح عهدا جديدا خاليا من الشوائب .
ج- السماح لى بأن أجتمع بالإخوان الموجودين فى السجن الحربى وسجن القلعة لأخذ موافقتهم على هذه المقترحات ، والسماح بعقد اجتماعات فى الخارج للموافقة على هذه المقترحات وتنفيذها ثم الموافقة من ناحيتكم على وقف حركة القبض والإعتقالات بتاتا لمدة تنفيذ الاتفاق وهى أسبوعان حتى يساعد ذلك على التنفيذ.
هذه هى الاقتراحات الرئيسية من وجهة نظرى ، وأحب أن أعرف وجهة نظركم إن كانت مخالفة، فإن كانت موافقة فأرجو أن تتفضلوا بإخبارى .
ونستطيع بعد أن ننظر فى كل ما يوطد العلاقة بين الطرفين ويعيد الصداقة القديمة والله أسأل أن يوفقك إلى الخير وأن يهدينا جميعا سواء السبيل .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
28/10/1954
عبد القادر عودة"

وبدأت التحقيقات في القضية...
استمع احمد راضي رئيس النيابة إلى أقوال شهود الإثبات وهم اليوزباشي محمد جمال النادي وعبد الحميد محمد حبيب حرب العامل بمديرية التحرير وخميس محمد الشيخ الموظف بالموانئ وعبد السلام الشاذلي الجندي بحكمدارية مطافئ الإسكندرية والأومباشي محمد حسنين واحمد عبدالله.
وقال اليوزباشي محمد جمال النادي أنه شاهد محمود عبد اللطيف يصوب المسدس نحو الشرفة التي كان يقف بها الرئيس.. ولم يكن قد أطلق الرصاص بعد.
وقال الشاهد الثاني أنه احتضنه بطريقة لا شعورية وحاول منعه من الضرب، وبعد أن أطلق عدة رصاصات ضربه محمود عبد اللطيف بقبضة المسدس وبعد ذلك أطلق عدة أعيرة.
وفي القاهرة.. بدأ عطية إسماعيل المحامي العام ومصطفى الهلباوي رئيس نيابة أمن الدولة وفخري عبد النبي وكيل أول نيابة أمن الدولة التحقيق تحت إشراف حافظ سابق النائب العام.
كان الحادث قد أشعل النار في جماعة الإخوان، وكانت التحقيقات تجرى حتى ساعة متأخرة من الليل، وكان الكل متلهفا على كشف أسرار محاولة الاغتيال الفاشلة.
وكانت كل أصابع الاتهام تشير إلى الإخوان، وفي صباح يوم الجمعة 29 أكتوبر 1954 صدرت صحيفة "الأخبار" وهي تقول في المانشيت الرئيسي "اعترافات الجاني"..
أما بقية العناوين فكانت:
"حاولت اغتيال جمال عبد الناصر في مؤتمر الموظفين وفشلت!"
"الإخوان قدموا لي المسدس والطلقات!"
"وقالوا: اقتل عبد الناصر !"
وقالت "الأخبار" : "اعترف الجاني محمود عبد اللطيف بأن الإخوان هم الذي أصدروا إليه الأمر بقتل الرئيس جمال عبد الناصر، وأنهم دربوه ستة أسابيع على إطلاق الرصاص، وأنه أجاد إصابة الهدف على مسافات طويلة، وبعد نجاحه في التدريب صدر إليه الأمر "اقتل جمال عبد الناصر" .. حاول الجاني أن يقتل الرئيس جمال عبد الناصر يوم الخميس 21 أكتوبر في احتفال الموظفين في ميدان الجمهورية.. ذهب الجاني إلى الاحتفال، وهو يحمل المسدس لكنه لم يستطيع ارتكاب الجريمة فانصرف ليستعد لقتل الرئيس في مكان آخر" .
واعترف محمود عبد اللطيف بأنه عضو في خلية بالإخوان، وأن الخلية قدمت له المسدس والطلقات، وأن الخلية دفعت له جنيهين ليسافر إلى الإسكندرية. واعترف بأن الرصاصة الأولى انطلقت على بعد 3 مليمترات من الرئيس جمال عبد الناصر، وأن عاملا أمسك به فاهتزت بقية الرصاصات وطاشت فاختل التصويب.
وفي نفس اليوم.. كشفت الصحف أن عمليات القبض على الإخوان قد بدأت على نطاق واسع وفي كافة أنحاء أقاليم مصر.
وصدرت الصحف في نفس اليوم وهي تحمل عنوانا مثيرا يقول: "ضبط مدافع ومفرقعات عند الإخوان".
وقالت الصحف: توصل البوليس إلى مخبأ سري للإخوان في بورسعيد.. المخبأ داخل حائط في متجر موبيليات، صاحب المتجر من الإخوان.. فتح البوليس المخبأ السري، وضبط عددا من القنابل شديدة الانفجار، وعددا آخر من القنابل الحارقة، وكمية من رصاص المسدسات، وأسلحة نارية أوتوماتيكية، وأسلحة بيضاء وقطع غيار لكل الأسلحة.
وضع الإخوان في المخبأ أيضا محطة إرسال لاسلكية.. المخبأ يحتوي أيضا على درج خفي خشبي مليء بمنشورات طبعها الإخوان لترويج الإشاعات وبلبلة الأفكار، وقد تولت النيابة التحقيق.
وفي نفس اليوم كشفت الصحف أيضا عن ضبط بعض أوكار التنظيم السري للإخوان في القاهرة، وقالت: " وضع بوليس محافظة مصر يده أمس على أخطر خطة دبرها الجهاز السري لتنظيم الإخوان.. فقد ضبط لدى أفراد هذا الجهاز خرائط وخططا تبين ما يلزمه الفاعلون في حالتي النجاح أو الفشل. كما عثر على صندوق ضخم مليء بالأسلحة، وقنابل لم يتحمل المهندس الذي عاينها مسؤولية نقلها نظرا لخطورتها الشديدة".
وعثر البوليس على كتب خطية في فن التكتيك والهجوم على البلاد، وقوائم كاملة بأسماء الضباط المراد القبض عليهم، وأرسل طالب بالزقازيق إلى أحد أفراد الجهاز يخبره باستعداده للهجوم.
ولما سيق المتهمون إلى النيابة ووجدوا أنفسهم في مواجهة بعضهم البعض اعترفوا بما لديهم، وكان القائم مقام صديق فريد مأمور الضبط بحكمدارية بوليس القاهرة قد تلقى تقريرا من اليوزباشية عبد الفتاح رياض وحمدي الشقنقيري وفتحي الغمري جاء فيه أن بعض أفراد الجهاز السري لجماعة الإخوان التي تهدف إلى قلب نظام الحكم الحاضر بواسطة استعمال وسائل العنف يخفون في منازلهم بدائرة حلوان قنابل محرقة وأسلحة ومنشورات.
وبعد أن ناقش المأمور الضباط الثلاثة في تقريرهم رفعه إلى اللواء عبد العزيز علي حكمدار البوليس الذي كلفه بالقيام بحملة على منازل أفراد هذه الجماعة ومخابئهم. وفي الساعة الثالثة من صباح أمس قام مأمور الضبط ومعه الضباط الثلاثة على رأس قوة كبيرة من البوليس، وحاصروا العزبة البحرية والغربية والقبلية بقسم حلوان.
وعثروا في غرفة أحدهم على 30 قنبلة محرقة ومسدس وكتب في التكتيك الحربي وأخرى في تركيب القنابل، وضبطوا لدى آخر بندقية وطلقات ومنشورات ولدى شخصين آخرين منشورات وخرائط عن المواقع الحربية المهمة بحلوان.
كما ضبط البوليس قوائم بأسماء الضباط والشخصيات التي سيقبضون عليها في حال نجاح خطتهم. وخرائط أخرى تبين طريق هروبهم إلى الجبل بالصحراء الشرقية في حال فشلهم، وعثروا على خطاب من طالب يقول "نفذنا التعليمات ونحن على أتم الاستعداد".
وقد اعترف جميع المتهمين بانضمامهم إلى جماعة الإخوان وبملكيتهم للمضبوطات وأمر المحقق بإيداعهم السجن.
فتح حادث المنشية وإطلاق الرصاص على الرئيس جمال عبد الناصر النار على الإخوان في كل مكان من مصر، وبدأ الإخوان يتساقطون في كل مكان.
وفي فجر يوم السبت 30 أكتوبر 1954 داهم القائم مقام يوسف القناص رئيس مباحث القاهرة والبكباشي حسن طلعت بيت أحد أفراد الإخوان في إمبابة، وضبطا لديه لغما خطيرا ضد الأفراد وحزاما من الدمور بداخله 10 أصابع "جلجانيت" صالح للاستعمال ومهيأ للانفجار من خلال دائرة كهربائية، كما عثرا لديه على ملابس عسكرية وجرابندات لحمل الذخيرة!
وفي مؤتمر صحافي وقف الصاغ صلاح سالم ليذيع بعض اعترافات المتهمين في حادث إطلاق الرصاص على الرئيس جمال عبد الناصر.
وقالت الصحف: إن الصاغ صلاح سالم صرح بأن الأمر بقتل جمال عبد الناصر صدر من رئاسة التنظيم السري للإخوان، وأنه كان إشارة أولية لتنفيذ مؤامرة دموية تبدأ بقتل جميع أعضاء مجلس الثورة ما عدا محمد نجيب، والتخلص من 160 ضابطا بالقتل أو الخطف.
وقال صلاح سالم: "إن الإخوان كانوا يدبرون لحركة شعبية تعقب هذه الاغتيالات، ثم يقومون بتكليف محمد عشماوي وزير المعارف الأسبق وعبد الرحمن عزام الأمين العام السابق للجامعة العربية ليحلا محل مجلس قيادة الثورة".
وأضاف صلاح سالم: "إن محمود عبد اللطيف اعترف بأنه تلقى الأمر بالقتل من هنداوي دوير المحامي الذي يعمل بمكتب عبد القادر عودة عضو مكتب الإرشاد للإخوان، وأن هنداوي اعترف بأن هذه هي أوامر التنظيم السري، وأنه خشي عدم تنفيذها، واعترف بأنه سلم محمود عبد اللطيف طبنجة ورصاصا ليقتل الرئيس جمال عبد الناصر، وأن الطبنجة كانت صغيرة فلم يستطع محمود عبد اللطيف استخدامها في قتل الرئيس جمال عبد الناصر في مؤتمر الموظفين فسلمه طبنجة اكبر ليقتله في الإسكندرية.

وكشف صلاح سالم انه كان هناك شخص آخر مكلف بقتل جمال عبد الناصر
فقال: أنه صدر أمر ثان لقتل الرئيس جمال عبد الناصر إلى محمد نصيري الطالب بالحقوق وأن البوليس قبض عليه بعد اعتراف هنداوي، وأن هذا الطالب اعترف. أما قيادة التنظيم السري للإخوان فهي تتكون من البكباشي عبد المنعم عبد الرؤوف ضابط الجيش بالمعاش والصاغ صلاح شادي ضابط البوليس بالمعاش، وأن هنداوي دوير المحامي كان ينفذ أوامر التنظيم السري في منطقته وهي إمبابة، وأنه جمع الأسلحة الخاصة بمنطقة إمبابة وأودعها لدى عبد الحميد البنا الذي يقطن بوراق العرب؛ ومنها مدفعان و15 قنبلة و60 قالب نسف وتوصيلات كهربائية للنسف.
وأضاف صلاح سالم في المؤتمر الصحافي الذي عقده برئاسة الوزراء: "عقب القبض على الجاني محمود عبد اللطيف اعترف انه تلقى تعليمات من الأستاذ هنداوي دوير المحامي الذي يعمل بمكتبه الأستاذ عبد القادر عودة عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر وقد استلم محمود عبد اللطيف من هنداوي دوير طبنجة ورصاصات وترك له حرية اختيار الزمان والمكان للقيام بالاغتيال. وقد اعترف محمود عبد اللطيف بأنه حاول اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في مؤتمر الموظفين في ميدان الجمهورية لكن الطبنجة كانت صغيرة والمسافة بينه وبين الرئيس كانت بعيدة فأجل العملية إلى مناسبة أخرى.
وفي مساء الاثنين الماضي في الليلة السابقة للحادث ذهب محمود عبد اللطيف إلى هنداوي دوير واستلم منه طبنجة اكبر وأقوى وأخبره بأنه سيسافر إلى الاسكندرية لتنفيذ المأمورية في الاحتفال الذي سيعقد في ميدان المنشية.
وبعد أن اعترف محمود عبد اللطيف بكل ذلك، صدرت أوامر للبوليس بالقبض على المحامي هنداوي دوير.
وداهم البوليس منزله صباح يوم الأربعاء لكنهم لم يجدوه في المنزل، وتبين أنه غادر المنزل مع عائلته قبل حضور البوليس.
لكن في الساعة الثانية من ظهر نفس اليوم سلم هنداوي دوير نفسه إلى مأمور بندر شرطة إمبابة وقال له انه يطلب مقابلة المسؤولين للإدلاء بما عنده من أمور خطيرة ليرضي ضميره.
وقال هنداوي دوير للمحققين انه عندما سمع من الإذاعة بخبر الاعتداء على الرئيس جمال عبد الناصر ذهب إلى منزله في إمبابه وأخذ زوجته إلى عائلتها في المنيا وعاد إلى القاهرة في اليوم التالي حيث سلم نفسه للشرطة
وفي التحقيقات مع هنداوي بدأت تتكشف أسرار خطيرة فقد اعترف بكل شيء، وأصبح الإخوان يواجهون أصعب موقف في تاريخهم؛ خاصة أنه في نفس اليوم تم القبض على مرشدهم العام الأستاذ حسن الهضيبي!

في تلك الأيام كانت دار "أخبار اليوم" الصحافية مليئة بالعشرات من نجوم الصحافة والكتابة في مصر، وكانت حادثة المنشية وإطلاق الرصاص على الرئيس جمال عبد الناصر مناسبة لهذه الأسماء اللامعة في بلاط صاحبة الجلالة لكي ترصد الحدث وتسجل تفاصيله المثيرة.

وصباح يوم 30 أكتوبر 1954 صدرت جريدة أخبار اليومالأسبوعية بمانشيت رئيسي يقول " الجاني يتكلم". أما قصة المانشيت فقد كتبها على الصفحة الأولى الكاتب الصحافي الشهير محمد حسنين هيكل، وكان في هذه الفترة أحد نجوم "أخبار اليوم".

استطاع محمد حسنين هيكل أن يدخل إلى زنزانة الجاني في السجن الحربي ويمكث معه ساعتين كاملتين، وروى الجاني لماذا أطلق الرصاص على جمال عبد الناصر؟ وماذا كان شعوره وهو يسمعه يتكلم. وماذا شعر بعد أن نجا جمال عبد الناصر، من هم الذين حرضوه؟
ماذا قالوا له عن جمال؟ كيف يبدو المجرم؟ كيف يفكر؟ هل ندم على جريمته أم لا يزال مصرا عليها؟ هل أراد أن يقتل جمال؟ ما هو شعوره عندما رأى الشعب يستنكر جريمته؟
إن محمد حسنين هيكل يأخذك معه إلى الزنزانة لترى الجاني وتسمع حديثه!
هكذا قدمت "أخبار اليوم" للحديث الذي أجراه هيكل مع محمود عبد اللطيف الذي حاول قتل الرئيس جمال عبد الناصر. فماذا كتب هيكل في هذا الحديث؟







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:38 AM رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو




تم تشكيل محكمة مخصوصة برئاسة قائد الجناح جمال سالم وعضوية القائمقام أنور السادات والبكباشي حسين الشافعي لمحاكمة المتهمين بخيانة الوطن والعمل على قلب نظام الحكم الحاضر وأسس الثورة.
والعقوبات التي تطبقها المحكمة هي كل العقوبات من الإعدام إلى الحبس. ولا يجوز تأجيل القضية أكثر من 48 ساعة للضرورة القصوى ولمرة واحدة.. على أن يحضر المتهم شخصيا أمام المحكمة وتنطق المحكمة بأحكامها في جلسات علنية، ويجوز لمجلس قيادة الثورة تخفيفها.
وكان مجلس قيادة الثورة قد أصدر أمرا بتشكيل محكمة الشعب يقول:
"تشكيل محكمة مخصوصة وإجراءاتها.. بعد الاطلاع على المادة 7 من الدستور المؤقت قرر مجلس قيادة الثورة:
مادة (1) تشكل محكمة على الوجه الآتي.. قائد الجناح جمال مصطفى سالم عضو مجلس القيادة (رئيسا) قائمقام أنور السادات عضو مجلس القيادة (عضوا) بكباشي أركان حرب حسين الشافعي عضو مجلس القيادة (عضوا).
وتنعقد المحكمة بمقر قيادة الثورة بالجزيرة بمدينة القاهرة أو في المكان الذي يعينه رئيسها وفي اليوم والساعة اللذين يحددهما.
مادة (2) تختص هذه المحكمة بالنظر في الأفعال التي تعتبر خيانة للوطن أو ضد سلامته في الداخل والخارج. وكذلك الأفعال التي تعتبر موجهة ضد نظام الحكم الحاضر. أو ضد الأسس التي قامت عليها الثورة. ولو كانت قد وقعت قبل هذا الأمر.
كما تختص المحكمة بمحاكمة كل من أخفى بنفسه أو بواسطة غيره متهما بارتكاب الأفعال المنصوص عليها في الفقرة السابقة وتطلبه المحكمة. وكذلك كل من أعان بأي طريقة كانت على الفرار من وجه القضاء.
كما تختص هذه المحكمة بالنظر فيما يرى مجلس قيادة الثورة عرضه عليها من القضايا أيا كان نوعها حتى ولو كانت منظورة أمام المحاكم العادية، أو غيرها من جهات التقاضي الأخرى مادام لم يصدر فيها حكم. وتعتبر هذه المحاكم أو الجهات متخلية عن القضية؛ فتحال إلى المحكمة المخصوصة بمجرد صدور الأمر من مجلس قيادة الثورة بذلك.
مادة (3) يعاقب على الأفعال التي تعرض على المحكمة بعقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بالسجن أو بالحبس، المدة التي تقدرها المحكمة أو أي عقوبات أخرى تراها المحكمة.
مادة (4) ينشأ بمقر قيادة الثورة مكتب للتحقيق والادعاء يلحق به نواب عسكريون وأعضاء من النيابة العامة يتولى رئاسته البكباشي أركان حرب زكريا محيي الدين عضو مجلس قيادة الثورة. وعضوية كل من البكباشي محمد التابعي نائب أحكام والبكباشي إبراهيم سامي جاد الحق نائب أحكام. والبكباشي سيد سيد جاد نائب أحكام والأستاذ عبدالرحمن صالح عضو النيابة.
ويتولون التحقيق ورفع الدعوى بالادعاء بالجلسة. في الأفعال التي تختص هذه المحكمة بنظرها. ولهم حق الأمر بالقبض على المتهمين وحبسهم احتياطيا، ولا يجوز المعارضة في هذا الأمر.
مادة (5) يخطر المتهم بالتهم، ويوم الجلسة بمعرفة المدعي قبل ميعادها بأربع وعشرين ساعة على الأقل. ولا يجوز تأجيل القضية أكثر من مرة واحدة، ولمدة لا تزيد على 48 ساعة للضرورة القصوى.
ويجب على المتهم أن يحضر بنفسه أمام المحكمة وإذا تخلف جاز القبض عليه وحبسه.
مادة (6) للمحكمة أن تتبع من الإجراءات ما تراه لازما لسير الدعوى، ولا يجوز المعارضة في هيئة المحكمة أو أحد أعضائها.
مادة (7) تجري المحاكمة أمام هذه المحكمة بطريقة علنية إلا إذا قررت جعل الجلسة سرية لأسباب تراها، ويصور الحكم ويتلى في جلسة علنية ويصدق عليه مجلس قيادة الثورة ويجور له تخفيف الحكم إلى الحد الذي يراه.
مادة (8) أحكام هذه المحكمة نهائية ولا تقبل الطعن بأي طريقة من الطرق أو أمام أي جهة من الجهات. وكذلك لا يجوز الطعن في إجراءات المحاكمة أو التنفيذ.
مادة (9) يعمل بهذا الأمر من تاريخ صدوره. القاهرة في أول نوفمبر 1954.

ولم تكن هذه القضية وحدها التي تقرر أن تنظرها المحكمة، بل كان هناك أربع قضايا أخرى تخص الإخوان؛ الأولى هي قضية الأسلحة التي ضبطت في عزبة عشماوي بالشرقية، والمتهم فيها حسن العشماوي وابنه محمد حسن العشماوي، والثانية قضية تجمهر أول مارس 1954 والمتهم فيها عبدالقادر عودة واثنان آخران بالتجمهر والتظاهر في ميدان الجمهورية ومحاولة قلب نظام الحكم؛ مما أدى إلى وفاة بعض الأشخاص نتيجة الاحتكاكات بين البوليس وبينهم.
والقضية الثالثة قضية العمل على قلب نظام الحكم المتهم فيها إسماعيل الهضيبي وحسن دوح و11 آخرون اتهموا بالتجمهر، والدعوة لقلب نظام الحكم في مسجد الروضة والاعتداء على رجال البوليس. أما القضية الرابعة فكانت قضية مسجد طنطا المتهم فيها خطيب مسجد عزيز فهمي بالتحريض على قلب نظام الحكم.
وكان من أخطر الاعترافات التي أدلى بها المتهمون ونشرتها الصحف؛ اعتراف المحامي هنداوي دوير التي أدت إلى كشف شخصية الضابط السابق البكباشي عبدالمنعم عبدالرؤوف وتورطه مع الإخوان والجهاز السري.
وقال هنداوي دوير في هذه الاعترافات: "جاءني الضابط السابق عبدالمنعم عبدالرؤوف وهو أحد زعماء الجهاز السري ومكث عندي ثلاثة أيام، وقال إن الجهاز السري وضع خطة الاغتيال جمال عبدالناصر بطريقة النسف!" ، وطلب مني عبدالمنعم عبدالرؤوف البحث عن فدائي ليتولى هذه العملية. وهذه الطريقة هي تجهيز حزام مواد ناسفة وديناميت متصل بسلك كهربائي وبطارية، ويرتدي الفدائي هذا الحزام تحت ملابسه، ثم يتقدم ويعانق الرئيس جمال عبدالناصر ويضغط على السلك، وهنا ينفجر الديناميت في الرئيس والفدائي!

وقد عرضت على محمود عبداللطيف قبل قيامه بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر أن ينفذ هذه العملية بالحزام الناسف لكنه رفض أن يعرض نفسه للنسف، وقال إنه يفضل اغتيال جمال عبدالناصر بإطلاق الرصاص عليه! فعرضت على محمود نصيري الطالب بكلية الحقوق أن يتولى هذه العملية الفدائية فرفض كذلك، لكنه وافق على أن ينفذ عملية الاغتيال بإطلاق الرصاص!.
هكذا اعترف هنداوي دوير أن هذا الحزام الناسف موجود في منزل عبدالحميد البنا وهو أحد أعضاء الجهاز السري، فانطلق رجال البوليس إلى منزل البنا في منطقة وراق العرب حيث عثروا على الحزام، وداخله الديناميت وقبضوا على عبد الحميد البنا.

وفي نفس اليوم تم الإعلان عن ضبط مخبأ جديد للإخوان يحوي كميات هائلة من المفرقعات تكفي لنسف القاهرة والإسكندرية معا! وكان الكشف عن هذا المخبأ عملية مثيرة.
فقد وصلت معلومات إلى البكباشي حسين حتاتة قائد مخابرات السواحل في الإسكندرية أن عصابة لها اتصال بجهة سياسية ستدخل كمية من المفرقعات إلى مدينة الإسكندرية لاستخدامها في أغراض خطيرة بعد توزيعها على أعضاء العصابة، وبالفعل وصلت سيارة كبيرة تحمل المفرقعات، وخبئت هذه المفرقعات في قبو تحت الأرض بجوار مطار الدخيلة.
لكن رجال المخابرات أسرعوا إلى المكان وأخرجوا المفرقعات، والتي كانت عبارة عن 590 صفيحة كبيرة، بها 554 قطعة جلجانيت، وعشرة جوالات بها قطع ديناميت وبندقيتين و40 طلقة رصاص، وتم الإعلان عن أن المحاكمات سوف تبدأ بعد يومين.
وتقرر أن تكون القضية الأولى التي تنظر هي قضية محمود عبداللطيف وحده، على أن يحاكم شركاؤه في جلسات أخرى.

وفى يوم المحاكمة سمع صوت حارس الجلسة الصول عبد الرحمن الحفناوي يعطي تعليماته بصرامة.. ويلقي أوامره إلى الجنود الذين يعاونونه في مهمته.. وفي هذا الجو جلسنا.. وفي الساعة العاشرة إلا خمس دقائق دخل المتهم محمود عبداللطيف قاعة الجلسة!
وواصل الصحافي محمد لطفي حسونة نقل الصورة المثيرة قائلا: "كان محمود عبداللطيف يجر قدميه، وينتقل ببصره في كل اتجاه بقميصه الأزرق ذي الخطوط البيضاء وبنطلونه الرمادي.. واتجهت إليه كل الأنظار وكل العدسات.. وهي تمعن في ذلك المخلوق الذي اختار لنفسه هذا المصير حين أسلم قياده إلى فئة ضالة مضللة.. تحركه فيتحرك، وتأمر فيأتمر، وتدفعه إلى أبشع جريمة فيسافر إليها أميالا طويلة ليرتكبها في استهتار!".

وجلس محمود عبداللطيف وإلى يساره حارسه اليوزباشي محمود محمد محمود الضابط بالبوليس الحربي، وإلى يمينه حارس آخر.. وظل بصره ينتقل في أرجاء القاعة؛
تارة يبصر إلى الخلف متمعنا في وجوه المتفرجين وكأنه يبحث عن أحد بينهم، وتارة ينظر إلى علم التحرير، ويثبت بصره على عبارة "الثورة.. محكمة الشعب" ، وتارة ينظر إلى المصورين الذين ركزوا عدساتهم عليه.
وبعد دقائق تهيأ جو المحكمة لدخول قضاة الشعب.. وتحول بصر محمود عبداللطيف إلى الباب الذي سيدخلون منه.
وظل هكذا حتى صاح حارس المحكمة بصوت مرتفع: محكمة!
ودخلت هيئة المحكمة.. قائد الجناح جمال سالم، والقائمقام أنور السادات، والبكباشي حسين الشافعي، وممثلا الادعاء البكباشي محمد التابعي، والأستاذ مصطفى الهلباوي، ووقف كل من في القاعة.. ثم جلسوا عندما جلست هيئة القضاة.
ثم فتح قائد الجناح جمال سالم رئيس المحكمة الجلسة!
قائد الجناح جمال سالم "رئيس المحكمة": فتحت الجلسة.. أولى جلسات محكمة الشعب ..
المتهم موجود؟

ممثل الادعاء البكباشي محمد التابعي : المتهم موجود والقضية جاهزة.
رئيس المحكمة: المتهم محمود عبداللطيف؟
.....وقف محمود عبداللطيف من مكانه.....
المتهم: أفندم.
رئيس المحكمة: أنت متهم بأنك في يوم 26 أكتوبر 1954 وما قبله في مدينتي القاهرة والإسكندرية أولا بالاشتراك مع آخرين في تنفيذ اتفاق جنائي. الغرض منه إحداث فتنة دامية لقلب نظام الحكم. وذلك بإنشاء نظام خاص سري مسلح للقيام باغتيالات واسعة النطاق، وارتكاب عمليات تدمير بالغة الخطورة وتخريب شامل في جميع أرجاء البلاد تمهيدا لاستيلاء الجماعة التي تنتمي إليها على مقاعد الحكم بالقوة. وثانيا بالشروع في قتل البكباشي أركان حرب جمال عبدالناصر رئيس الحكومة تنفيذا للاتفاق الجنائي المشار إليه في الفقرة الأولى.. مذنب أم غير مذنب؟
....لم يرد المتهم محمود عبداللطيف...
قال رئيس المحكمة: سمعت الادعاءات اللي قلتها.. فاهم الادعاء اللي عليك؟
المتهم: أيوه.
رئيس المحكمة: مذنب ولا غير مذنب؟
المتهم: مذنب!
المدعي العام: المتهم لما أعلناه بالادعاءات سألنا إذا كان له محام فقال معندهوش محام. وقانون تشكيل المحكمة لا يستلزم وجود محام مع المتهم، والقضية جاهزة ونطلب نظرها.
رئيس المحكمة: المتهم عايز حد يدافع عنه؟
المتهم: عايز.
رئيس المحكمة: عايز مين؟
المتهم: محمود سليمان الغنام.
رئيس المحكمة: مين؟
المتهم: محمود سليمان الغنام المحامي.
رئيس المحكمة: وإذا كان سليمان غنام ما يرضاش؟
المتهم: فتحي سلامة.
رئيس المحكمة: وإذا كان سلامة ما يرضاش؟
المتهم : مكرم عبيد.
رئيس المحكمة: وإذا كان سلامة ما يرضاش؟
المتهم: يبقي أي واحد!
رئيس المحكمة: أي واحد؟ طيب.. الادعاء يتصل بالمحامين اللي قال عنهم المتهم بحسب ترتيبهم فإذا رفضوا ينتدب له محام للدفاع عنه.. وتتأجل القضية 48 ساعة لجلسة الخميس 11 نوفمبر الساعة العاشرة صباحا.. رفعت الجلسة!

ورفض كل من محمود سليمان غنام، وفتحى سلامة، ومكرم عبيد الدفاع عن المتهم؛ لأنهم جميعا استنكروا الجريمة التى أقدم عليها، وقال الأستاذ مكرم عبيد : "أنها جريمة موجهة إلى قلب الوطن؛ فمن المستحيل أن أدافع عنه .. مستحيل!".


وفى صباح يوم الخميس 11 نوفمبر 1954 وقف المحامي هنداوي دوير أمام محكمة الشعب ليدلي بأخطر اعترافاته.
ولأول مرة في قضية محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر يظهر اسم الرئيس محمد نجيب على لسان أحد المتهمين "كمتورط" مع جماعة الإخوان.

هنداوي دوير: أبلغني إبراهيم الطيب رئيس الجهاز السري أن الإخوان على اتفاق مع اللواء محمد نجيب أن "يمشي معنا" بعد قتل جمال عبد الناصر وأعضاء مجلس الثورة، وأن هناك اتصالا بمحمد نجيب، على أن يتولى تهدئة البلاد بعد الاغتيالات! وتأكدت من هذا عندما كنت في بيت المرشد العام للإخوان حسن الهضيبي يوم عودته من سوريا، واتصل محمد نجيب بالتليفون الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وطلب أن يتحدث إلى الهضيبي.. إن الهضيبي كان من رأيه أن تتولى الحكم حكومة تتجه بالبلاد نحو الاتجاه الإسلامي ولا تكون حكومة إخوان مسلمين؛ لأن البلاد غير مستعدة الآن لتقبل النظم الإسلامية بأكملها.

وأضاف هنداوي؛ أنه سأل قبل أن يسلم محمود عبد اللطيف المسدس هل الهضيبي موافق على اغتيال جمال عبد الناصر؟؛ فقال له إبراهيم الطيب رئيس الجهاز السري إن الهضيبي وافق على هذا، وبناء على ذلك أمر محمود عبد اللطيف بتنفيذ الخطة، وقال دوير انه صدرت إليه الأوامر بدراسة منزل القائم مقام أنور السادات ومقر عمله تمهيدا لقتله، وقد نفذ هذه الأوامر.
وكشفت أقوال هنداوي دوير أمام المحكمة أن القرار باغتيال جمال عبد الناصر كان يقضي بقتله بثلاث طرق؛ أولا بالمسدس وقد كلف اثنان بذلك، وثانيا بأن يرتدي أحد الفدائيين حزام ديناميت ويعانقه فينسفه وينسف معه، ثالثا بعمل كمين له وقتله بالمدافع وهو في الطريق إلى بيته.

عقدت محكمة الشعب جلستها الثانية في الساعة العاشرة صباحا لاستئناف محاكمة المتهم محمود عبد اللطيف. وقد جيء بالمتهم في حراسة البوليس الحربي، ولزم مكانه في مقعد الاتهام، وجلس إلى يساره محاميه الأستاذ حمادة الناحل.
عقدت المحكمة جلستين الأولى صباحية، والثانية مسائية بدأت في السادسة مساء وانتهت قرابة منتصف الليل.
رئيس المحكمة: فتحت الجلسة.. المتهم موجود؟ ..جاهزين؟.
المدعي: جاهزين .
رئيس المحكمة: سمعت الادعاء اللي عليك. وقلت انك مذنب أيه أقوالك؟ السيد حمادة الناحل رايح يترافع عنك.. وأحب أقول إن المحكمة تشكره على تطوعه للدفاع عنك.
المحامي حمادة الناحل: وأنا بدوري أشكر المحكمة على هذه الثقة وأدعو الله أن يوفقني في مهمتي.
رئيس المحكمة للمتهم محمود عبد اللطيف: اتفضل قول للمحكمة ايه أقوالك.. تتكلم انت أو السيد المحامي يتكلم؟
المتهم: السيد المحامي.
رئيس المحكمة: بس يقول إيه أقواله؟
المحامي حمادة الناحل: يقول وبرضه نناقشه تاني!
المتهم: أنا في الإخوان من سنة 1942 ومن مدة 4 شهور بس.. انضميت للمنظمة السرية، ودي مكونة من 3 أشخاص محمود عبد اللطيف وهنداوي دوير المحامي وسعد حجاج.
رئيس الحكمة: على صوتك شويه وإتكلم على مهلك.. وخليك هادي.
المتهم: وكنا احنا الثلاثة نجتمع كل أسبوع يوم الاثنين من نصف ساعة إلى ساعة في بيت هنداوي دوير لحفظ القرآن ودراسة السيرة والجهاد في سبيل الله، وقبل الحادث بأسبوع واحد هنداوي قال لنا على حكاية اتفاقية الجلاء. وإن الرئيس وقعها وإن دي خيانة في حق البلد ولازم نقتل الرئيس جمال، واتفقنا احنا الثلاثة إن اللي تتاح له فرصة ينفذ الاغتيال. وقبل الحادث بيومين هنداوي جاب لي المسدس، وقال لي مسدس سعد ماجاش نفذ انت الخطة. وقبل الحادث بيوم قرأت في جريدة القاهرة إن الرئيس مسافر إلى الإسكندرية لحضور المهرجانات.. فرحت لهنداوي وقلت له إني رايح إسكندرية.. فقال على بركة الله!
والصبح جاني سعد وقلت له، فأبدى تأسفه لأن سلاحه لم يكن موجودا، وتوكلت ومشيت على الإسكندرية.. رحت المحطة ركبت قطار الساعة التاسعة صباحا، ووصلت هناك الساعة 12 ومشيت في شارع محرم بك، واتغديت ورحت لوكاندة دار السعادة، وأخذت حجرة خاصة وغيرت ملابسي، ورحت المحطة وبعدين رحت ميدان المنشية.
ولما وصلت وقفت لغاية ما جه الرئيس وهو بيلقي كلمة ألقيت عليه طلقات من المسدس. والناس قبضوا عليّ.. ورحت البوليس الحربي في الإسكندرية وقلت كل الأقوال على يد النائب العام وهو اللي كتب المحضر.
ينظر جمال سالم رئيس المحكمة إلى البكباشي محمد التابعي المدعي في القضية ويقول له: عايز تسأله؟
المدعي: أيوه.. ما دور المنظمة السرية للجماعة؟.
المتهم: محاربة أعداء الإسلام والدعوة الإسلامية .. الإنجليز واليهود واللي يقف في سبيل الدعوة، وقبل الحادث بأسبوع اجتمعنا احنا الثلاثة ودرسنا اتفاقية الجلاء، وقررنا أنها أعطت الإنجليز حقوقاً في البلد وخيانة وطنية.
المدعي: قرأت الاتفاقية؟
محمود عبد اللطيف: قرأت.. وقرأت بعض الملاحق، وقرأت في الجرائد أنها استبدلت 500 مليون جنيه الديون بتاع مصر بمبلغ 33 مليون جنيه.
رئيس المحكمة: يعني ده اللي كان مزعلك من الاتفاقية؟!!
..يسكت محمود عبد اللطيف ولا يرد..
رئيس المحكمة: ده بس اللي مزعلك.. والا فيه حاجة تانية؟
المتهم: فيه حاجه تانية.. هي أنه مش ضروري الاتفاقية.. وهم سنة 1956 كانوا رايحين يرحلوا؛ لأنهم يبقوا قاعدين غير شرعيين، وهم رايحين يطلعوا ويفرقوا قواتهم من القنال خوفا من القنابل الذرية.
رئيس المحكمة: يعني انت كمان جنرال تعرف في الشؤون العسكرية كويس؟
المدعي الآخر مصطفى الهلباوي: إذا لم تعمل الاتفاقية.. كان الإنجليز حايخرجوا ازاي؟.. إيه رأيك كأخ مواطن؟
المتهم: خروجهم يحتاج لجهاد، والجهاد جربناه قبل كده لما راحت كتائب الجامعة للقنال، وانزعج الإنجليز وقالوا انهم مستعدون للجلاء بس نوقف حرب العصابات.. ومعاهدة 1936 دي كانت تعطي للإنجليز كل حق في البلد بالثمن.. التموين المواصلات بالفلوس.. وعشان كده ترتبت ديون لمصر على إنجلترا.
رئيس المحكمة: تفتكر مافيش داعي للمناقشة في المعاهدات
المدعي: ثقافتك ايه؟
المتهم: درست أربع سنين في قسم ليلي بعد الابتدائية!
المدعى: ماذا درست؟
المتهم: الجهاد في سبيل الله ودراسة القرآن والسيرة.
المدعى: الجهاز السري كان بيشتغل لحساب مين؟
المتهم: الإخوان .. الإخوان المسلمين.
رئيس المحكمة: يعني كنتم تحاربوا أعداء الإسلام عشان الإخوان المسلمين يتريسوا، والحكومة يعني عدوة الإسلام، وعشان كده رحت تقتل رئيسها، والا فهموك أن الرئيس بس هو اللي عدو الإسلام؟
المتهم: فهمونا إن الرئيس هو عدو الإسلام.
رئيس المحكمة: لوحده؟
المتهم: آه.
رئيس المحكمة: ده اللي فهموه لك؟
المتهم: أيوه.
رئيس المحكمة: وجهازكم كان لحساب الإخوان المسلمين؟
المتهم: لا.. بس اعرف أن رئيسنا هنداوي.. لكن الرئيس العمومي معرفهوش.
رئيس المحكمة: هل بينك وبين الرئيس جمال حاجة؟.
المتهم: لا
رئيس المحكمة: كلمته؟
المتهم: لا.
رئيس المحكمة: سلمت عليه؟
المتهم: لا .
رئيس المحكمة: آمال ايه اللى خلاك تحاول تقتله؟
المتهم: فهموني إن الاتفاقية خيانة
رئيس المحكمة: مين اللي فهمك؟
المتهم: هنداوي دوير.
رئيس المحكمة: طيب.. اطلبوا هنداوي دوير نسمع كلامه.
لكن قبل استدعاء هنداوي دوير لسماع أقواله يستكمل المدعي محمد التابعي سؤال محمود عبد اللطيف، ويقول له: هل سبق أن طلب منك لبس حزام وتنسف به الرئيس؟
المتهم: هنداوي عرض علي الساعة 12 مساء ليلة الحادث؛ وقال لي فيه عندنا حزام تلسبه.. وتعانق الرئيس ينفجر وينسف الرئيس وينسفك ..رفضت.
رئيس المحكمة: مارضيتش له؟
..لا يرد محمود عبد اللطيف..
رئيس المحكمة: خفت على نفسك؟
المتهم: لا.. ماخفتش على نفسي.
رئيس المحكمة: ليه.. دي أضمن من المسدس؟
..لا يرد محمود عبد اللطيف..
رئيس المحكمة: اتكلم.. حد ماسكك؟ ما تخافش
المتهم: أنا قلت له ما ينفعش عشان الزحمة!
المحامي حمادة الناحل: ويمكن ما يرضاش الرئيس يحضنه!
رئيس المحكمة : ايه معلوماتك الدينية؟
المتهم: جزء من سورة البقرة!
رئيس المحكمة: وايه تاني.
المتهم: بعض آيات!
رئيس المحكمة: تقدر تقول شوية منها؟
المتهم: سورة يس وثلاثة ارباع آل عمران.
* جمال سالم: بس؟
المتهم: وسورة صغيرة.

في محكمة الشعب أطاحت اعترافات الإخوان باللواء محمد نجيب، وبرغم أن هذه الاعترافات كانت بمثابة صدمة عامة للمصريين الذين كان كثير منهم يعجبون بمحمد نجيب، فهو رئيس الجمهورية، وهو الرجل الأكبر سنا والأكثر حكمة بين الضباط الأحرار الذين صنعوا الثورة.
برغم كل ذلك فقد وضعت هذه الاعترافات فصل النهاية لوجود محمد نجيب على رأس الثورة.. وعلى رأس الحكومة المصرية، وصدرت الجرائد في صباح يوم 15 نوفمبر 1954تحمل الأخبار الأكثر إثارة:
"إعفاء نجيب" ..
"مجلس الثورة يقرر بقاء منصب رئيس الجمهورية خالياً "

تولى اللواء عبدالحكيم عامر القائد العام ووزير الحربية، وقائد الجناح حسن إبراهيم وزير القصر إبلاغ هذا القرار لمحمد نجيب في الساعة الحادية عشرة في قصر عابدين، وغادر محمد نجيب القصر بعد إبلاغه القرار.

واجتمع مجلس الوزراء وأحيط بقرار مجلس قيادة الثورة، وأقام اللواء محمد نجيب مع أسرته في قصر المرج، وهو القصر الذي كانت تملكه السيدة زينب الوكيل زوجة مصطفى النحاس باشا.

وصرح الدكتور محمود فوزي وزير الخارجية عقب الاجتماع بأن الرئيس جمال عبدالناصر رئيس مجلس الوزراء كلفه بإبلاغ قرارات مجلس قيادة الثورة إلى جميع السفارات والمفوضيات المصرية في الخارج، وقال الدكتور محمود فوزي أنه سيجتمع في وزارة الخارجية باللواء علي نجيب سفير مصر في سوريا لاطلاعه على تفاصيل الموقف في سوريا.

وكان البوليس في فجر اليوم السابق قد ألقى القبض على إبراهيم الطيب رئيس الجهاز السري للإخوان، وبمجرد القبض عليه سالت اعترافاته الخطيرة، وكانت أكثرها خطورة هي اعترافاته على اللواء محمد نجيب؛ فقد اعترف إبراهيم الطيب بأن محمد نجيب كان على صلة سرية بالإخوان من شهر أبريل بنفس العام، وأنه قبل أن يلعب دورا هاما في انقلاب الإخوان الدموي، وأن محمد نجيب أفهم الإخوان أنه يستطيع أن يسيطر على الموقف بعد اغتيال جمال عبدالناصر.



واعترف إبراهيم الطيب بأن حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان وفي بعض الأحوال عبدالقادر عودة أو صلاح شادي كانوا صلة الاتصال السري بين الإخوان واللواء محمد نجيب، وأحيانا تكون الصلة أشخاصا آخرين من المتصلين بالهضيبي.

وتوالت اعترافات إبراهيم الطيب.. فقد اعترف بأن المجلس العالي للجهاز السري هو الذي وضع خطة الاغتيالات والانقلاب، وأن هذه الخطة لا علاقة لها باتفاقية الجلاء، وإنما وضعت للتخلص من النظام الحاكم، وأن المرشد العام حسن الهضيبي أقر هذه الخطة وصدق عليها.
وقال ابراهيم الطيب لقد كنت مستمرا في تنظيم باقي الإخوان الذين لم يعتقلوا، وكنت أبذل محاولة نهائية لتنفيذ خطة الانقلاب؛ كانت الخطة تتلخص في إعداد الإخوان وتعبئتهم وتدريبهم، والقيام بحوادث اغتيالات للجهاز الحكومي كله من رئيس الوزراء جمال عبدالناصر إلى كل معاونيه وعدد من ضباط الجيش، وقد تقرر في الخطة أن نقتل جمال عبدالناصر بأي شكل في منزله أو في مكتبه أو في الشارع؛ لأننا كنا نعتبره المسؤول عن الجهاز الحكومي.
وبعد اغتيال جمال عبدالناصر نقوم بحركة شعبية ومسلحة، وأن يتم تأمين الجيش بواسطة محمد نجيب، وفي الوقت نفسه يقوم الإخوان بمظاهرات شعبية مسلحة، ومن أجل هذا جمعنا السلاح لاستعماله في هذه المظاهرات، وقد أبلغت يوسف طلعت هذه الخطة وأبلغني أن المجلس العالي هو الذي وضعها، وأنه عرضها على المرشد العام الأستاذ الهضيبي فصدّق عليها، وكان المتفق عليه بعد الاغتيالات وقيام المظاهرات المسلحة أن يتولى محمد نجيب تأمين الثورة الجديدة، وإلقاء بيان للتهدئة؛ فإذا حصلت مقاومة بعد ذلك تحدث اغتيالات جديدة.

ويضيف إبراهيم الطيب أنه عندما تلقى هذه التعليمات من يوسف طلعت أبلغها إلى جميع قادة الفصائل لتنفيذها، وأن القصد من اغتيال جمال عبدالناصر ألا يقع صدام بين الشعب وبعضه، وأن محمد نجيب أفهمهم أنه يستطيع أن يسيطر على الموقف.
ويقول الطيب : " وكنا نظن أن الذين سينجون من الاغتيالات سوف يسلمون أنفسهم حقنا للدماء؛ وخصوصا عندما يرون أن رئيس الجمهورية محمد نجيب هو القائم على رأس الوضع الجديد، والخطة ليس لها أية علاقة باتفاقية الجلاء، ولكن السبب في وضعها هو التخلص من الوضع الحالي.. وعندما فشل حادث اغتيال جمال عبدالناصر لم أيأس!
وكنت أحاول من مخبأي إعادة تنظيم الفصائل التي بقيت بعد الإعتقالات لنحاول أن نقوم بالخطة التي وضعها المجلس العالي، وكنت أستعين ببعض الأخوات المسلمات في نقل التعليمات إلى أعضاء الفصائل. وكان محمد نجيب قد وعدنا في شهر أبريل بأن الجيش معه، فلما تبين أن هذا غير صحيح رأينا أن نستعيض عن الجيش بالمظاهرات الشعبية المسلحة" .
ولم يكن هذا فقط هو كل ما اعترف به ابراهيم الطيب؛ فقد قال فيما بعد أمام محكمة الشعب: " أن اللواء محمد نجيب كان يكتب المنشورات ويكلف الإخوان بطبعها وتوزيعها!
وأن عبدالقادر عودة سلمه منشورا مكتوبا بالقلم الرصاص ليس بخطه وبتوقيع محمد نجيب يهاجم فيه اتفاقية الجلاء، وأن الجهاز السري أعد خطة الاغتيالات بعد أن تم التفاهم مع محمد نجيب، وأنهم قرروا اغتيال كل من يقف ضد ثورتهم المسلحة".
وقال إبراهيم الطيب أيضا: " إن حزام الديناميت كان معدا لتفجيره في الرئيس جمال عبدالناصر وزكريا محيي الدين وزير الداخلية".
ومن اغرب ما قاله أنه قرر قتل جمال عبدالناصر رغم انه لم يقرأ اتفاقية الجلاء، واكتفى بما قاله له عبدالقادر عودة بأنها تنص على عودة الإنجليز إلى القنال في حالة خطر الحرب، وهذا معناه أن الإنجليز لن يخرجوا من مصر لأن خطر الحرب قائم.

وفي محكمة الشعب.. كشف جمال سالم رئيس المحكمة عن أسرار خطيرة، فقال إن الإخوان طلبوا من مجلس قيادة الثورة خلال شهري يوليو وأغسطس سنة 1952 -أي فور قيام الثورة- إقامة حكم عسكري مطلق دون دستور أو برلمان لمدة عشر سنوات ليكون الحكم تحت وصاية الإخوان!
وقال جمال سالم: إن مجلس قيادة الثورة رفض هذا العرض وطلب من الأحزاب تطهير نفسها تمهيدا لإعادة الحياة النيابية لكنها لم تفعل!

ولم تكن الاعترافات فقط هي التي قدمها إبراهيم الطيب.. لكن أيضا فور القبض عليه أرشد عن مخبأ يوسف طلعت رئيس الجهاز السري الهارب. وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت عن مكافأة قدرها ألفا جنيه لمن يرشد عن يوسف طلعت، وكان رجال البوليس يعملون ليل نهار في البحث عنه.. لكن إبراهيم الطيب بعد القبض عليه وفي الساعات الأولى أرشد عن الأماكن التي يتردد عليها يوسف طلعت، ومن هذه الأماكن شقة في مصر الجديدة، وأسرع رجال البوليس إلى هذه الشقة وحطموا بابها ودخلوا ليجدوا يوسف طلعت جالسا بالبيجامة حليق الذقن يقرأ في جريدة " أخبار اليوم "، وكان بجوار يوسف طلعت مدفع معد للاستخدام في أية لحظة.. لكنه بمجرد أن وجد رجال البوليس في الشقة يحيطون به استسلم ورفع يديه إلى أعلى.

وعثر رجال البوليس في الشقة التي كانت تقع بالطابق الرابع في العمارة رقم 9 بشارع الوالي على مدفع "تومي جن" ومدفعين "برن" وخمسة مدافع "استن" وتسع بنادق "لي انفيلد"، وماسورة مدفع عيار 11 ومدفع "فيكرز" و23 قايش بندقية مشحون بالرصاص، و19 خزانة مدفع، وصندوق كبير مليء بالمتفجرات والمواد الناسفة والقنابل، وماكينة طبع "رونيو" لطبع المنشورات. ولم يكتف رجال البوليس بالصيد الثمين وهو القبض على يوسف طلعت؛ فقد حملوه بعيدا وأصلحوا باب الشقة وظلوا داخلها وانتظروا وصول زواره من رجال الإخوان، ثم قبضوا عليهم جميعا.
وبدأت بقية رموز الإخوان الكبيرة تتساقط، وكان من بين الذين تم القبض عليهم سيد قطب، ونشرت "أخبار اليوم" بعضا من اعترافاته فقالت:
اعترف الأستاذ سيد قطب أحد زعماء الإخوان اعترافات خطيرة. اعترف بأنه زار المرشد العام حسن الهضيبي عقب عودته من سوريا وأبلغه الأستاذ الهضيبي بأنه سيحدث انقلابا في الحكم قريبا، وأن هذا الانقلاب سيتم مع بقاء محمد نجيب رئيسا للجمهورية.

وقال سيد قطب للهضيبي: خلي بالكم شوية واعملوا احتياطات من الناحية الدولية؛ لأن منطقة الشرق الأوسط منطقة حساسة وقد تتدخل بعض الدول.
المرشد العام حسن الهضيبي: لقد اتخذت احتياطيات دولية والإخوان قاموا بالاتصالات في هذا الشأن حتى تعترف الدول بانقلاب الإخوان.

واعترف سيد قطب بأنه كان يصدر نشرة سرية للإخوان بعنوان "هذه المعاهدة لن تمر" ، ونشرة أخرى بعنوان " لماذا أكافح "؟!

صدم الشعب فى جماعة الإخوان الذين كانوا كعادتهم دائما- يتسترون بعباءة الدين للوصول إلى أهدافهم فى السيطرة على الحكم فى مصر، وبدأ الناس يشعرون بكراهية شديدة للإرهابيين من جماعة الإخوان للأعمال الإجرامية التي ارتكبوها، واخذوا يساعدون رجال البوليس في الكشف عنهم وعن مخابئ ذخيرتهم؛ فكان بعد أن انتهت صلاة الجمعة في مسجد الظاهر أن شعر الناس بأن الأستاذ صالح عشماوي كان يؤدي الصلاة بين المصلين فظنوه حسن عشماوي المطلوب القبض عليه، فقاموا بالقبض عليه وساقوه إلى قسم الظاهر ولكن رجال البوليس أخلوا سبيله!

لكن اخطر ما حدث كان القبض على بعض عناصر الإخوان في الجيش، وكشف هؤلاء عن أنه كانت توجد خطة لنسف طائرة جمال عبدالناصر. فقد اعترف الضابط طيار محمد علي الشناوي بأنه تلقى أمرا من البكباشي أبو المكارم عبدالحي قائد الجهاز السري للإخوان في الجيش بأن ينسف طائرة الرئيس جمال عبدالناصر التي سافر بها الى أسوان، وانه كلف الأونباشي فاروق حسن المسيري والأونباشي سعيد ندا من قوة الطيران بوضع قنبلة زمنية داخل محرك طائرة جمال عبدالناصر!
وكان على الطائرة مع الرئيس جمال عبدالناصر جمال سالم وصلاح سالم والدكتور احمد حسن الباقوري وزير الأوقاف ونور الدين طراف وزير الصحة والشرباصي وزير الأشغال وحسن مرعي وزير التجارة وحسني فهمي رئيس مجلس الإنتاج، والبكباشي احمد أنور قائد البوليس الحربي، وأمين حشاد قائد اللواء الجوي وسعد رفعت قائد السرب، وعبداللطيف الجيار سكرتير الرئيس، وكان معهم أيضا الكاتب الصحافي الأستاذ محمد حسنين هيكل.

واعترف الأونباشي سعيد ندا من سرب المواصلات بأن الطيار الشناوي كلفه بوضع قنبلة في طائرة الرئيس جمال عبدالناصر؛ فسأله لماذا نقتل جمال عبدالناصر، قال له الطيار الشناوي لأنه عدو للإسلام ويحل دمه.
قال له الأونباشي: ما دام الأمر كذلك فلنقتل جمال عبدالناصر، ولكن ما ذنب زملائه الذين سيكونون في الطائرة؟
فأفتى له البكباشي أبو المكارم بأنهم سيكونون شهداء! وقال أنهم سيدخلون الجنة.
وعاد الطيار الشناوي ليبلغ هذه الفتوى للأونباشي سعيد ندا، لكن الأخير لم يستطع وضع القنبلة في طائرة الرئيس جمال عبدالناصر لأسباب خارجة عن إرادته.

لم تكن هذه القصة مثيرة فقط لكنها كانت أيضا خطيرة، لأنها كانت المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن عناصر للإخوان داخل الجيش المصري غير الضابط الهارب السابق عبدالمنعم عبدالرؤوف، ولم تكن الشرطة العادية هي التي كشفت هذه القضية بل البوليس الحربي، وكان قائد البوليس الحربي هو احمد أنور، والذي كان مفروضا أن يقتل في نفس الطائرة مع جمال عبدالناصر.

وبالعودة إلى المحاكمات، تحولت شهادة حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين في القضية المتهم فيها محمود عبداللطيف الذي حاول قتل الرئيس جمال عبدالناصر واطلق عليه ثماني رصاصات في ميدان المنشية بالإسكندرية إلى ما يشبه المحاكمة العلنية للجهاز السري للإخوان ولجماعة الإخوان وأفكارها وأعمالها.

وكان مشهد الهضيبي داخل قاعة محكمة الشعب يدعو للرثاء، وهو يقول أمام القضاة والشهود بأنه لم يكن على علم بما يفعله الجهاز السري، وأنه كان مجرد " واجهة لا اكثر ولا اقل للإخوان"؛ كل مهمته السفر وتوقيع الأوراق كل شهر.. والتحدث إلى الصحافيين!

وكان الهضيبي يتحدث عن لقائه بيوسف طلعت رئيس الجهاز السري في مخبئه بالإسكندرية، وكيف أنه لم يسمح إلا بالمظاهرات، وطالب بأن تشترك عناصر الأمة في هذه المظاهرات.
وواصل حمادة الناحل محامي محمود عبداللطيف سؤال المرشد العام للإخوان.. وسأله عن نتيجة التصادم الذي سيحدث في المظاهرات بين الناس والحكومة.
- فقال الهضيبي: نتيجة سيئة!
المحامي حمادة الناحل: هل يمكن أن تكون مذبحة؟
الهضيبي: ممكن!
المحامى: ماذا قلت ليوسف طلعت بهذا الشأن؟
الهضيبي: أنا ما قلتش ليوسف طلعت إلا الكلام اللي قلته.
المحامي: هل تؤمن بالحديث الذي يقول: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده.. الخ"؟
- الهضيبي: أيوه.
جمال سالم"رئيس المحكمة": لا تتدخل في إيمان الشاهد؛ لأن هذا بينه وبين ربه.
رئيس المحكمة: ما فيش حد من اللي هنا كان عايز يقعد القعدة دي.. لا احنا ولا الحاضرين.. ولا كنا عايزين ده كله.. ولكن نعمل ايه؟ امرنا لله.. هل اتصل بك الرئيس جمال عبدالناصر على يد أعضاء مكتب الإرشاد وطالبك بحل الجهاز السري ونشاط الإخوان في الجيش والبوليس؟
الهضيبي: حصل!
رئيس المحكمة: ماذا عملت لتنفيذ ذلك؟
الهضيبي: الأول هو طلب ألا يكون لنا تنظيمات في الجيش، فأنا قلت أنى لا اعلم انه فيه تنظيمات في الجيش.. يجوز فيه ناس قابلين الدعوة بس، وقلت إن الضابط محمود لبيب جاني في الفترة اللي كنت فيها رافض تولى رياسة الإخوان، وعرض عليّ أسماء ضباط في الجيش منضمين للإخوان، وأنا اعتذرت له عن معرفتهم لأني ماكنتش قبلت الرياسة.. وأنا قلت الكلام ده لجمال عبدالناصر.
رئيس المحكمة: وماذا عملت بالنسبة للجهاز السري المدني الذي طلب منك رئيس الحكومة حله. وطلب ذلك منك مباشرة وبواسطة أعضاء الجماعة.. وطلب منك تسليم أسلحتهم؟
- الهضيبي: لا.. أنا ماكنتش أعرف إن فيه أسلحة أو إن الجهاز فيه منه خطر.
كان الإرهاق قد بدأ يظهر واضحا على حسن الهضيبي..
جمال سالم "رئيس المحكمة": انت تعبان من الوقوف؟
الهضيبي: أيوه.
نظر جمال سالم إلى احد الجنود في القاعة.. وقال له: هات له كرسي من فضلك!
لكن الهضيبي قال: لا معلهش
رئيس المحكمة: إذن نأخذ راحة إلى أن تستريح.. توقف الجلسة ربع ساعة.
كانت هذه أجزاء من وقائع محاكمات المتآمرين من جماعة الإخوان على قلب نظام الحكم أمام محكمة الشعب.

وهذه هى التمثيلية التى يدعون أن الرئيس عبد الناصر قد دبرها ، وبعد ذلك فالزعم بأن حادث محاولة الاعتداء على الرئيس جمال عبد الناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية سنة 1954 هو حادث مدبر من الرئيس عبد الناصر ، لا يقول به إلا أحد اثنين :
إما أن يكون هو نفسه شريكا فى تدبير الاعتداء .
أو أن يكون من الذين يحرصون على أن يقذفوا بالغيب من مكان بعيد .

لقد قال الشيخ أحمد حسن الباقورى حول هذا الحادث ما يلى :
" إن الذى يصر على أن ما حدث فى المنشية كان مفتعل من جانب الرئيس جمال عبدالناصر فهو مخطئ؛ فقد كنت أجلس فى شرفة هيئة التحرير بميدان المنشية، وكنت أجلس بالقرب من الرئيس ، وبجوارى الأستاذ ميرغنى حمزة وزير الزراعة السودانى.. ورفع يده بعد إطلاق الرصاص، وإذ بيده غارقة فى الدماء نتيجة تناثر شظايا الزجاج فى يده .. هذه واحدة، أما الأخرى ؛ كان هناك سكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية وأصيب برصاصة فى بطنه ونقل إلى المستشفى، وذهبنا لزيارته مع جمال عبد الناصر فى اليوم التالى .. هل هذا كله تلفيق".

ومن واقع حديث لجمال عبد الناصر مع رئيس تحرير الجمهورية كامل الشناوى يوم30مايو1956 جاء فيه :
"الشناوى : لقد قررتم رفع الرقابة على الصحف نهائيا ، فهل سيتبع ذلك اتخاذ قرار بتخفيض قيود الأحكام العرفية ؟
الرئيس : إن الأحكام العرفية استمرار لقرار آخر برلمان فى 26يناير1952 مع فارق أنها كانت تستخدم ضد المواطنين ، أما الثورة فقد استخدمتها ضد أعداء الوطن ، وسأعلن وجهة نظرى فى نهاية الأسبوع .
الشناوى : والمعتقلون ؟
الرئيس : لقد قررنا الإفراج عنهم .
الشناوى : جميعا ؟
الرئيس : جميعا وبلا استثناء ، ولكن هل تعرف عدد المعتقلين ؟

الشناوى : ليس عندى معلومات أكيدة من عددهم، ولكن كل ما أعلم أن كثيرين ممن اعتقلوا أو ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية ونشرت قوائم بأسمائهم قد تم الإفراج عنهم فى صمت ولست أعرف الحكمة من كتمان هذه الأنباء .
الرئيس : سأذيع خلال أيام قليلة بيانا عن من تم اعتقالهم ومن أفرجنا عنهم، وسيفاجأ الرأى العام حين يعلم أن حملات التضليل قد ضربت الرقم الحقيقى للمعتقلين فى عشرة أو عشرين ، وسيعلم الرأى العام أيضا أننا لم نؤذ معتقلا فى رزقه لم نهمل شأنه أو شأن أحدا ممن يعولهم ، وأن الاعتقال كان إجراء تحفظيا لسلامة الدولة وحماية مصلحتها العليا، وأن الاعتقال بالنسبة إلى كثيرين من المتعقلين لم يكن عقوبة بل كان علاجا ووقاية .
الشناوى : هل أستطيع أن أعرف عددهم ؟
الرئيس : إن عدد المعتقلين الآن 571 معتقلا سيفرج عنهم جميعا قبل يوم22يونيو".

وبعد يومين من هذا الحديث أعلن الرئيس عبد الناصر ضمن الحملة الإعلامية لإعلان الدستور سنة1956 ما يلى:
"إ ن أكبر عدد للمعتقلين طوال هذه الأيام بلغ فى 24 أكتوبر 1954 عدد 942 معتقلا بعد اكتشاف القنابل ومخازن السلاح والمنظمات السرية وكلكم تعلمون الفترة التى مررنا بها 0 وقبل هذا الوقت وهذه الحوادث كان أكبر عدد للمعتقلين فى أكتوبر 1954 وكان عددهم فى عامى 1952 و1953 حوالى 237 شخص فقط ، ولما قامت الحوادث المؤسفة باسم الدين قام بعض الناس ممن خدعوا وغرر بهم ودفعوا دفعا لمقاومة هذه الثورة ورغم هذا كله فإن عدد المعتقلين وصل إلى 2943 وفى سنة 1948 و1949 لم تكن البلاد تحكم أحكاما استثنائيا وصل عدد المعتقلين إلى خمسة آلاف شخص وأنتم تعلمون أن هذه الأرقام مع فارق واحد هو أن المعتقلين فى الماضى كانوا الذين يعملون من اجل الوطن والحرية وتحقيق الآمال والمعتقلين الذين اعتقلوا فى الثورة كانوا وبالا على الشعب وآماله وأهدافه وكانوا يمثلون خطرا على مستقبل هذا الوطن وكيانه الذى يسعى إلى التحرر من الاستعمار وأعوانه".
ثم شرح الأسباب التى دفعت للاعتقال قائلا :
" فإن علينا أن نفكر فى الأسباب والدوافع قبل الحكم على قرار ما حتى نستطيع أن نحكم عليه حكما سليما.
إنه فى السنوات الماضية أقيمت محاكم عسكرية وحكمت على الأشخاص الذين كانوا يقاومون هذه الثورة والذين كنا نعتبر أن أى نجاح لهم يعد انتكاسا لهذه الثورة، وأن أى نجاح قد يثبت الاستعمار وأعوانه ، المحاكم العسكرية حكمت على 254 فردا بأحكام متفاوتة وعلى ما أعتقد أحكاما لا يتجاوز أقصاها 8 سنوات. كما أقيمت محاكم الشعب التى حاكمت الجهاز السرى والتنظيمات المسلحة التى كانت موجودة فى مصر والفصائل التى كانت موجودة فى شبرا ومصر القديمة وفى إمبابة وفى كل مكان ، التنظيم المسلح والتنظيم العسكرى ولم يكن المقصود به جمال عبد الناصر أبدا كان المقصود به أنتم ، كان المقصود به حريتكم .
وبعد أن انتهت معركة الجهاز السرى ، ولم تكن خسائر هذه المعركة كبيرة ـ حكمت محاكم الشعب على 867عضوا فى الجهاز السرى البالغ عددهم حوالى أربعة آلاف أو خمسة آلاف موجودين فى شعب وخلايا مسلحة يمثلون فصائل وجماعات ومناطق ، جيش حر فى داخل البلاد .
فى المحاكم العسكرية حكم على 254 وفى محاكم الشعب حكم على 867 ولو قارنا هذه الثورة بثورات العالم أجمع نجد أنه ما من ثورة قامت فى العالم واستطاعت أن تثبت أقدامها وتقاوم الرجعية والانتهازية والسيطرة والتحكم إلا ببحر من الدماء .
محكمة الثورة كانت درسا سمعتم ما كان فيها وعرفتم ماذا كان يجرى فى الماضى وراء الستار وعرفتم كيف كانت تحكم مصر ومن أين كانت تحكم 00 كان يحكمها الخدم والشماشرجية .
هذا هو الدرس الذى أخذناه من محكمة الثورة ، أما من حكم عليهم من محكمة الثورة فقد أفرج عنهم جميعا تقريبا ، ولم يكن الغرض انتقاما ولم يكن الغرض حقدا ، ولم يكن هناك أى عامل شخصى " .
مؤامرة 1965:


هذا ما حدث سنة 1956؛ أما ما حدث سنة 1965 فكانت الصورة أعنف وأشد ضراوة من جانب الجهاز السرى للإخوان المسلمين ـ وهى قصة أخرى ـ وكانت الإعتقالات حوالى خمسة آلاف فرد أخذا بالأحوط؛ لأن الصورة كانت غير واضحة من حيث نوايا وقدرات المتآمرين، وخصوصا أن هذه المؤامرة أكتشفت بواسطة التنظيم الطليعى وليس بواسطة أجهزة الأمن .

لم يكن أسلوب الرئيس عبد الناصر هو تصفية الحسابات مع خصومة، ولكنه كان يرفض وبإصرار تصفية البشر عزوفا منه عن سفك الدماء باسم الثورة أو حتى طلبا لحمايتها. وكان فى نفس الوقت يتصرف كإنسان، يخطئ ويصيب، ومن أول يوم للثورة وقف ضد إعدام الملك فاروق، ورفض منذ البداية الديكتاتورية العسكرية .

وفى عام 1960 أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارا بالإفراج أيضا عن كل المسجونين من الذين كانت قد صدرت ضدهم أحكام من الإخوان المسلمين، وتم صرف جميع مستحقاتهم بأثر رجعى بموجب قانون جرى استصداره من مجلس الأمة ينص على أن تعاد لجميع المفرج عنهم حقوقهم كاملة، وأن يعودوا إلى وظائفهم بمن فيهم أساتذة الجامعات الذين يملكون حرية الاتصال والتوجيه للنشء الجديد... هذا هو جمال عبدالناصر الإنسان والقائد والزعيم.

خرج الإخوان المسلمين من السجون بفكر إرهابي مبنى على تكفير الحكم ، وضعه سيد قطب فى كتابه "معالم على الطريق " ، وأمكن بواسطته أن يجذب إليه العديد من العناصر التى كانت بالسجن معه ، كما وجدوا فى انتظارهم مجموعة موازية على قدر عال من التنظيم ويعملون على نشر فكر الجماعة فى مختلف المحافظات؛ وخاصة فى الدقهلية والإسكندرية والبحيرة ودمياط ، وكان على رأس هؤلاء على عشماوى وعبدالفتاح إسماعيل وعوض عبدالعال ومحمد عبدالفتاح شريف وغيرهم . وتوفر لهم تمويل خارجى كان الشيخ عشماوى سليمان هو حلقة الاتصال المسئول عن توصيل هذا التمويل إلى الداخل .

والتفت المجموعات المختلفة من الإخوان حول فكرة واحدة هى تكفير الرئيس عبد الناصر ومن ثم استباحة اغتياله ، كما اتضح فيما بعد كما كان مقررا أن تشمل عملية الاغتيالات عدد كبير من رجال الدولة والكتاب والأدباء والصحفيين والفنانين وأساتذة فى الجامعات وغيرهم رجالا ونساء ، وبيان تفاصيل هذا الأمر محفوظ فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكرى ، وأرشيف المباحث العامة وأرشيف المخابرات الحربية .

خطط هؤلاء على إدخال بعض عناصرهم كضباط فى القوات المسلحة عن طريق الالتحاق بالكلية الحربية كما حاولوا اختراق الشرطة أيضا بنفس الأسلوب ، يضاف إلى ذلك تجنيد عدد لا بأس به من شباب الجامعات خاصة فى الكليات العملية، وبالذات كليتى العلوم والهندسة التى يمكن لعناصرهم فيها أن يتمكنوا من إعداد المتفجرات بأيسر الطرق ، كما كان داخل التنظيم قسم لتجميع المعلومات يتولى مسئوليته أحمد عبد المجيد الموظف بإدارة كاتم أسرار حربية بوزارة الحربية 0 كما أجمعت قيادات التنظيم على اختيار سيد قطب لتولى رئاسة هذا التنظيم الجديد ، وتم الاتصال به داخل السجن وأعرب عن موافقته، وقدم لهم كتابه " معالم على الطريق "، ونشط فى بناء التنظيم وتوسيع بنائه وقواعده بعد خروجه من السجن .

فى 7 أغسطس1965 كان الرئيس جمال عبد الناصر يتحدث إلى الطلبة العرب فى موسكو خلال زيارة كان يقوم بها للاتحاد السوفيتى، وأعلن فى هذا الحديث عن ضبط مؤامرة جديدة للإخوان المسلمين فقال :
" بعد أن رفعنا الأحكام العرفية منذ سنة وصفينا المعتقلات ، وأصدرنا قانونا لكى يعودوا إلى أعمالهم نضبط مؤامرة وسلاحا وأموالا وصلت إليهم من الخارج، وهذا دليل على أن الاستعمار والرجعية بيشتغلوا من الداخل " .

وتوالى بعد ذلك كشف تفاصيل المؤامرة ...
كانت نقطة البداية فى الكشف عن التنظيم الإخوانى هى رصد بعض مجموعات التنظيم الطليعى فى محافظة الدقهلية نشاطا لعناصر من الإخوان أخذ شكل جمع تبرعات قيل أنها لعائلات الغير قادرين منهم ، لكن اتضح أن هذه التبرعات بعد متابعة هذا النشاط كانت تستهدف تجنيد عناصر جديدة ليس لها تاريخ سابق فى جماعة الإخوان المسلمين أو فى سجلات أجهزة الأمن ، وتبين بعد ذلك أن هذا النشاط لا يقتصر على محافظة الدقهلية وحدها ، بل تبعه إلى عدد من المحافظات الأخرى .

والحقيقة أن الرئيس عبد الناصر عندما تلقى معلومات التنظيم الطليعى ، طلب تأكيدها عن طريق أجهزة الأمن التى لم يكن لديها بعد مؤشرات عن هذا النشاط، وبناء على ذلك شكلت مجموعة عمل خاصة من شعراوى جمعة وسامى شرف وحسن طلعت لتلقى المعلومات وتحليلها كما تم التنسيق مع شمس بدران فيما يتعلق بالقوات المسلحة .

وبعد إجراءات التنسيق التى تولت المتابعة بشكل جدى ودقيق ورصد كل تفصيلاته، وكان كتاب سيد قطب " معالم على الطريق " قد صدر ، لكن مشيخة الأزهر الشريف طلبت مصادرة الكتاب لما يحويه من أفكار جديدة مستوردة ومستوحاة من تعاليم أبو الأعلى المودودى الباكستانى، وبعبارات مختصرة فقد قام فكره على تكفير الحاكم والمجتمع وتغريبه بما يشمل استباحة التخلص من الأنظمة التى لا تتماشى فى الحكم مع هذه التعاليم والمبادئ ، وبعد إطلاع الرئيس عبد الناصر على الكتاب طلب السماح بطبعه وتداوله فى سوق الكتاب مع المتابعة بالنسبة لتوزيعه ، وقد ثبت أن الكتاب قد أعيد طبعه فى أربع طبعات على مدى قصير وبدون إعلان أو دعاية للكتاب ، وعندما قدم التقرير إلى الرئيس كان قراره وتحليله أنه مع تزايد التوزيع وإعادة الطباعة فهذا يعنى شىء واحد فقط هو أنه هناك تنظيم وراء هذا العمل، وبدأت أجهزة الأمن تتابع هذا النشاط بالنسبة للمشترين والموزعين ومن يحصلون على الكتاب .. الخ، وكان هناك أيضا وفى نفس الوقت تكليفات للتنظيم الطليعى بمتابعة هذا الموضوع جماهيريا وسياسيا، وكانت كل البيانات تجمع وتعرض على اللجنة الخاصة التى تولت تحليلها.

وحدث أنه أثناء قيام الرئيس جمال عبد الناصر بزيارة الجامع الأزهر فى شهر أغسطس 1965 أن اكتشف وجود شخص يحمل مسدس ويندس بين صفوف المصلين، وكان ذلك قبل وصول الرئيس فقبض عليه وبدأ التحقيق معه .
كذلك أفادت المعلومات عن نشاط مكثف يقوم به سعيد رمضان وهو من قادة الإخوان المسلمين، وكان هاربا ومقيما فى ألمانيا ، وأنه دائم التنقل بين مقر إقامته وبيروت وجدة و طهران إيران الشاه وبعض العواصم الأوروبية الأخرى، وكان وقتها يحمل جواز سفر دبلوماسى أردنى .

وكانت جماعة مصر الحرة التى يقودها أحمد أبو الفتح من زعماء حزب الوفد فى مصر والذى كان يقيم متنقلا بين سويسرا وفرنسا قد حصلت على مبلغ مائتان وخمسون ألف جنيها إسترلينيا من الملك سعود ووقع خلاف بين هذه الجماعة من جانب ، وبين سعيد رمضان من جانب آخر على أسلوب اقتسام هذا المبلغ بعد أن كان الطرفان قد شكلا جبهة عمل واحدة للعمل ضد نظام ثورة يوليو1952 و الرئيس جمال عبد الناصر بالذات.






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:39 AM رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو





هيكل.. لحظة الثورة الحقيقية

تاريخ الحلقة: 29/5/2008

- لحظة الثورة الحقيقية
- مخاطر الأفكار المسبقة
- عندما تتضح الصورة

محمد حسنين هيكل

لحظة الثورة الحقيقية

محمد حسنين هيكل: مساء الخير. أظن أن جريدة الأوبسيرفر كانت صادقة بأكثر مما تصورت ربما عندما وصفت سنة 1956بأنها السنة التي غيرت العالم، 1956 السنة التي غيرت العالم، وكانت الأوبسيرفر تتحدث في واقع الأمر عن حرب السويس وفي الحقيقة وعندما نأخذ بحساب الأيام فإن هذه الأيام وهي أيام محددة عشرة أيام غيرت العالم كله في واقع الأمر بادئة من قناة السويس منتهية إلى ما لا حدود، ووضعت في هذه الفترة أظن وُضعت قواعد للتعامل ظهرت حدود للقوة ظهرت حدود للنفوذ ظهرت حدود للتصورات والأحلام والآمال ولكن هذه الفترة العشرة الأيام فعلا تغير العالم كله وتغيرت قواعد التعامل فيه كلها وانفتح الباب إلى آفاق لا يتصورها أحد، وأظن أنه إذا تذكرنا أن السنة التالية لها مباشرة الاتحاد السوفياتي أطلق أول قمر اصطناعي في الفضاء إيذانا بأن هناك عصرا جديدا، أظن أنه سنة 1956 كانت العتبة التي وقف عليها العالم أمام عصر جديد تماما بقواعده بأصوله بتصوراته بأحلامه بآماله إلى ما لا نهاية. بالنسبة لمصر وللعالم العربي أنا أعتقد أن هذه الأيام العشرة لم تغير العالم العربي فقط لكن أنا مستعد أقول إنه هنا السويس كانت ثورة 23 يوليو الحقيقية اليوم الحقيقي للثورة أو الأيام الحقيقية للثورة وليس 23 يوليو سنة 1952. ممكن قوي أنه في ناس يثوروا وفي ناس يغضبوا وفي ناس يمسكوا أمور السلطة بأيديهم وفي قوة تظهر وفي آمال تعبر عن نفسها لكن أنا أعتقد أن الثورة لها شروط علمية ولها شروط عملية ولها شروط تاريخية أيضا تتحقق بها الثورة حقيقة عندما يدرك شعب من الشعوب أن آماله في متناول إرادته وأنه قادر على الإمساك بمصائره هو، مش رئيس ومش زعيم ومش ملك ومش قائد، هو نفسه على استعداد لأن يأخذ آماله في أيديه وأن يحققها بإرادته وأن يكون مستعدا لملاقاة المصاعب إلى نهايتها ومواجهة كل المخاطر وكل التحديات لأن آماله واضحة أمامه، تصوراته أحلامه قابلة للتحقيق في خياله، إرادته قادرة على أن تمسك بهذا كله وأن تحوله إلى قوة فعل، هذه في اعتقادي هي الثورة الحقيقية. أما أنه في ظواهر ثورة في بوادر ثورة في التغييرات في بيانات في كلام بيتقال في تصورات في أحلام في خطط هذا كله ممكن قوي يبقى مقدمات للثورة، ممكن جدا يبقى تعبير عن حالة ثورية. لكن لو أنا راجعت تاريخ الثورات في العالم الحديث على أي حال في العصر الحديث وأخذت ابتداء من الثورة الأميركية إلى الثورة الفرنسية إلى الثورة السوفياتية إلى الثورة الصينية إلى الثورة الإسلامية أي ثورة عاوزين نأخذها، وهذه المرحلة القرنين دول شهدوا ثورات مهولة في تاريخ الإنسانية، الثورة ليست اليوم عادة ليست اليوم الذي تبدو فيه أنه في تغيير مش هو ده، الثورة الأميركية لم تبدأ بالبيانات لم تبدأ بفرض الضرائب لم تبدأ بأنه الثورة على الملك تشارلز الثاني ولا جورج الثالث، ولكن الثورة حقيقة مش أنه غضب، الثورة بدأت في أميركا يوم وقف جورج واشنطن تحت شجرة في بوسطن قدام جامعة هارفارد دلوقت وطلب إلى المواطنين الأميركان أن يحملوا السلاح دفاعا عن وطنهم واستجاب له الناس وخرج الناس وحين حمل الناس سلاحهم بأيديهم وخرجوا للدفاع عن وطن أميركي هنا حدث شيء هنا ممكن يقال إنه ثورة. في الثورة الفرنساوية على سبيل المثال إذا قيل لي إنه والله دعوة.. وفي مؤرخين كثير قوي يقولون دعوة الـ Estates المجالس التمثيلية المجلس اللي كان يمثل النبلاء والمجلس الثاني اللي كان يمثل الكهنة أو بيمثل الكنيسة والمجلس الثالث اللي كان بيمثل الشعب عندما دُعوا هؤلاء جميعا إلى فرساي لأنهم عندهم طلبات ضد الملك لويس السادس عشر وعندهم ضيق بتصرفات ماري أنطوانيت امرأته وعندهم ضيق من الاستغلال والإقطاع والهوان اللي وصل إليه الشعب الفرنساوي إلى درجة الجوع، مش هو ده الثورة مش الاجتماع بتاع فرساي، ولكن يوم أن صاح أحد بعدها بكثير قوي ولا حتى.. يعني أنا مستعد أقول إنه مع أني مهتم جدا بالمناقشات اللي جرت خلال سنتين أو ثلاثة أثناء انعقاد.. لأنه Third Estate زي ما بيسموها الدائرة أو المجلس الثالث الممثل لجماهير الشعب مش النبلاء ومش الكنيسة في الثورة الفرنسية جاء يوم من الأيام أنه تحول من Estate من مجرد دائرة إلى أنه هو ده المجلس الوطني ووقف في مواجهة الملك في فرساي وبدأ يملي شروطه، لكن مش هو ده اليوم. اليوم الحقيقي الذي جرت فيه الثورة يوم أدرك المواطنون أن هناك جيوشا غازية تتكأكأ على الوطن الفرنساوي وخائفة من الأفكار التي تقال في فرنسا وأنهم هنا ظهرت صيحة أوزار موزان "إلى السلاح أيها المواطنون" هنا في هذه اللحظة فيما أتصور حدثت الثورة الفرنسية. لو قست على هذا كله وأخذته ورجعت للثورة الإنجليزية وحتى الثورة السوفياتية والشيوعية، حتى ثورة الصين وأنا بأعتقد أنها من أهم المشاهد. ثورة الصين قبل أن يقال الحركة الثورية في الصين تفعل يمكن من الثلاثينات وحتى لو أخذت صن يات سن قبل كده ومن العشرينات ومن أوائل القرن، ولكن متى حدثت الثورة؟ عندما أمسك المواطنون سلاحهم وقادوا حربا مزدوجة ضد شيانج كاي شك وضد الأميركان وفي 1948 أمكن أن نقول جميعا أن هناك ثورة في الصين. لو أخذت كل الثورات هناك باستمرار فارق زمني يتبدى بين بوادر أو بشائر عمل يمكن أن يسمى بالثورة وما بين تحقق هذا العمل أو هذا المتوقع بالفعل الحقيقي وبالإرادة للشعب.

"
بعد صدور قرار مجلس الأمن والاتفاق على موعد التفاوض في جنيف بين مصر وفرنسا وإنجلترا بدأ يشيع الاطمئنان لدرجة أن جريدة الأهرام قالت إن أزمة السويس وضعت على الرف
"
محمد حسنين هيكل: أنا مستعد أقول إن هذه الأيام العشرة التي وقعت في شهر أكتوبر ابتداء من 27 أكتوبر سنة 1956 إلى 7 نوفمبر نفس السنة وهي مساحة عشرة أيام، هذه هي الفترة الحقيقية، أيام ثار فيها الشعب المصري أكد فيها الشعب المصري قيامه بثورة وهذه هي الثورة الحقيقية وأكد فيها الشعب المصري أن ثورته ثورة قومية متخطية لحدوده وأكدت فيها الأمة العربية استعدادها فعلا هنا تبينت آمالها هنا لاحت أمامها أهدافها هنا كانت قادرة على أن تقف وأن تعلي إرادتها وكانت مستعدة أن تعطي في سبيل تحقيق إرادتها مستعدة أن تعطي حياتها وما هواش الإعلانات والبيانات والخطب والكلام ده كله، هنا كان في حاجة ثانية، هي دي اللي غيرت في اعتقادي يعني. وأنا حقيقة لما أرجع وأقرأ وثائق بلا حدود وأقرأ أوراق شخصية وأوراق عامة وأوراق دول بما فيها الإسرائيلي والإنجليزي والعربي وأرفع رأسي وأطل على ما يجري حولنا الآن يخطر ببالي كم أن الفرق بين الأمس مع الأسف الشديد لأنه عندما تجد الأمم أن أمسها أنها تتطلع بحنين إلى أمسها وأنها تتذكر فيه أكثر مما تراه في يومها إذاً هي في خطر، لأن هذا معناه أنه في فرص ضاعت وفي أشياء تبددت وفي أحلام تاهت في الطريق.. ولكن على أي حال أنا بأقول إن هذه الأيام العشرة ما بين أكتوبر 1956 وأوائل نوفمبر 1956 هذه أيام هي أيام الثورة الحقيقية في العالم العربي وهي أيام الفعل القومي والإرادة القومية حقيقة في هذا العالم العربي، وهي الأيام التي أمسك الشعب فيها بدون أن يأمره أحد أمسك بسلاحه. أنا فاكر أنه وقتها وأنا لا يزال المشهد عالق في ذهني فاكر أنه قدام نادي الجزيرة كان في الشباب المتطوعين والرجال والبنادق والسلاح بيوزع على الناس والشعب في تحققه من إرادته في رغبته في إعمال هذه الإرادة في استعداده.. أهم حاجة في اعتقادي كان عنده وضوح في هدفه عنده ثقة في إرادته عنده.. قيادته في هذا الوقت كانت تعبيرا عنه وليس إملاء عليه وهذا فارق كبير جدا. على أي حال أنا قد أكون استطردت في هذا المدخل إلى أبعد مما قصدت ولكن يعني مرات ونحن ننظر إلى ما جرى ونقارنه بما يجري ونقارنه بالآمال والتطلعات المطلوبة لهذه الأمة كي تنهض ولكي تصبح فاعلة في التاريخ بدلا من ألعوبة في التاريخ أحيانا يأخذنا مرات، خصوصا في عمر متقدم، يأخذنا مرات الأسى أو شيء من الأسى على ما جرى. على أي حال، حأرجع ثاني للسياق الطبيعي للحوادث في ذلك الوقت، حأرجع وحأستأذن في رواية شخصية أن أروي من وجهة نظري ما رأيت لأنه أنا بأعتقد أن الظروف كانت أتاحت لي في ذلك الوقت أن أكون في قلب الحوادث وفي بؤرة الفعل. أنا حكيت أن 28 أكتوبر كان واقع الأمر هو اليوم اللي كنا بندور فيه على الأميركان بيعملوا إيه، ولكن يوم 29 كان يوما غريبا جدا. يوم 29 أكتوبر أنا فاكر أنه أنا كان عندي.. كنت مدعوا على العشاء في فندق مينا هاوس واللي داعيني هو ديمتري لامينوس وهو في ذلك الوقت سفير اليونان في القاهرة وكان عندنا إحنا عندنا باستمرار وهذا ضاع لسوء الحظ عندنا علاقات خاصة مع اليونان ليس مبعثها مسألة زيارات ومسألة رحلات وإلى آخره ولكن كان مبعثها رؤيا لمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط تنظر إلى شماله في اليونان في الشرق يعني تنظر إلى شماله تنظر إلى جزره الثلاث المهمة وخصوصا رودس وخصوصا قبرص، مالطة حاجة ثانية ولكنها مهمة أيضا، تنظر إلى شاطئه إلى شواطئه الجنوبية والشرقية وتدرك أنه هنا في ملعب أو مجال إستراتيجي مهم. على أي حال يومها يوم 29 بالليل كان عندي عشاء مع أخونا لامينوس سفير اليونان في ذلك الوقت وكان في رغبة، كان هو حاطط حتى تقريبا جدول أعمال وقتها أنا طول النهار كنت بأشتغل شغلي الطبيعي العادي في أخبار اليوم وأتابع الأزمة ولكن الغريبة جدا أنه في ذلك اليوم بدا لي أن بؤر التوتر كلها.. في بؤرة توتر موجودة في سوريا بسبب الرغبة أو كان في محاولة.. أو معلش يغفر لنا بعض أصحابنا يعني كان في مؤامرة لإحداث انقلاب في دمشق اللي هو الانقلاب بتاع ميخائيليان وعَامْلاه الـ (إم.آي.***) وعاملاه الـ (سي.آي.إيه) ووثائقه كلها موجودة ولكن معلش ده ما كانش مؤامرة كان نزهة، وبعدين كان في توتر في الأردن بسبب بقايا الغارة على قلقيلية والأردن مولع وبعدين في آثار خطف الزعماء الجزائريين في الجزائر والمغرب العربي مشتعل، والسفير اليوناني طالب يقابلني لأن بعض الناس في الجالية اليونانية في القاهرة ومنهم.. الجالية اليونانية في القاهرة كانت مهمة، بننسى إحنا مرات أن نصف زعماء اليونان في ذلك الوقت كانوا موجودين في مصر، كارامانليس رئيس الوزارة في ذلك الوقت ورئيس الجمهورية فيما بعد قال لي أنا مولود في كفر الزيات، أفيروف وزير الدفاع كان مولود في طنطا، رئيس الحزب الاشتراكي مولود في المحلة الكبرى، كل من كانوا في اليونان أو معظم القيادات اللي كانت في اليونان كانت موجودة والمصالح المترابطة بين شرقي البحر الأبيض شماله وجنوبه مسألة مهمة بالنسبة لنا جدا من ناحية Strategically مهمة خصوصا بعد قيام إسرائيل، مسألة حيوية بالنسبة لنا. فالسفير وأنا رايح أقابل السفير عارف أن بعض الناس في الجالية اليونانية عندهم قلق شوية وخصوصا عائلة بيراكوس وبعض العائلات الثانية كانوا بيملكوا وقتها جاناكليس وكانوا خايفين من قانون الإصلاح الزراعي.. وعندنا الجالية اليونانية مهمة في ذلك الوقت قوي، فأنا على أي حال السفير اليوناني طلب يقابلني، الرئيس عبد الناصر ما كانش موجودا في القاهرة الرئيس عبد الناصر كان موجودا في القناطر لأنه بعد انتهاء مناقشات مجلس الأمن وصدور قرار مجلس الأمن واتفاق على موعد التفاوض في جنيف بين مصر وفرنسا وإنجلترا على البقايا المعلقة من مشروع القرار القديم بدأ يبقى في إحساس بالإطمئنان يعني إلى درجة أن جريدة الأهرام يومها طلعت قالت إن أزمة السويس وضعت على الرف. أنا كنت معتقد أنها لم توضع على الرف لهذه الدرجة لكن تحديد موعد المفاوضات وبدا أن الموقف هادئ أكثر مما كان وبدا أن الأمور في المجال الدبلوماسي حيأخذ طريقه وفي أزمات مشتعلة سواء في سوريا زي ما كنت بأقول أو في الأردن أو في المغرب ولكن في برضه التوتر مع إسرائيل لأن إسرائيل عندها قضية أخرى ثانية كان حاصل التواطؤ في سيفر كان حاصل، ولكن عايز أقول إنه ما كانش عندنا علم به ولا أظن أن أحدا غير الأميركان في اعتقادي كان قادر يتابع، وحتى متابعة الأميركان، كان قادر يتابع الوقائع من الداخل، الأطراف أطراف التآمر كانوا هم عارفين بيعملوا إيه أو على أي حال بيعملوا اللي بيعملوه سواء أكانوا عارفين نتائجه أو مش عارفين نتائجه. لكن الصورة لم تكن واضحة بالنسبة للآخرين ولكن على أي حال ساد بشكل ما في أربعة خمسة أيام كده بعد قرار مجلس الأمن ساد نوع من الهدوء وبدأت المسائل تبدو على السطح ساكنة، وقرر جمال عبد الناصر والأزمة كانت مرهقة جدا بالنسبة له من ساعة التأميم إلى هذه اللحظة فقرر يروح القناطر يقعد ثلاثة أربعة أيام في القناطر وفعلا راح، وبالتالي أنا وحاولت مع غيري كمان أنه في هذه الفترة بقدر ما يمكن ما حدش يضايقه كثير ما حدش يزعجه كثير قوي، على أي حال أنا ما حاولتش أتصل به كثيرا أبدا يمكن اتصلت مرة واحدة. هو كان معه مجموعة من بعض مجلس الثورة وهم كانوا بيروحوا مرات القناطر ويعملوا نوع من الـ Camp، أنا ما كنتش متحمس له قوي، نوع من المعسكر كده بيقعدوا يتكلموا على حاجات زمان والجيش والخدمة في منقبات ومش عارف الخرطوم حواديت الضباط الطبيعيين يعني كده، وأنا ما كنتش أو كنت أروح زائرا وأقعد كنت أروح في مثل هذه المناسبات أقعد ساعة وأمشي أو أقعد ساعتين وأمشي، لكن دي كانت رفاق على أي حال هم دول كانوا رفقة طويلة بيعرفوا بعض خلفية متسقة ثقافيا وعمليا ووظيفيا إلى آخره وكانوا بيحبوا يقعدوا مع بعض في ذلك الوقت ودي كانت حاجة ظريفة على أي حال. ولكن الثلاثة أيام دول جمال عبد الناصر ما كانش موجود، أخونا السفير كلمني عزمني أنا وزوجتي وهو وزوجته وتقابلنا الساعة سبعة في مينا هاوس، وأنا عارف أن جمال عبد الناصر راجع بعض الظهر راجع في نفس اليوم بعد الظهر، ده كان يوم الاثنين، لكن أنا رايح في معاد مع السفير اليوناني، أخلص شغلي في الأخبار ورايح العشاء ده وعشاء مبكر.








آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:40 AM رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو


مخاطر الأفكار المسبقة

"
إذا ظهرت إنجلترا وفرنسا فلا بد أن تختفي إسرائيل لأن إنجلتر وفرنسا لا يمكنهما تحمل شراكة إسرائيل، والعمل المشترك بين الثلاثة لا تتحمله مصالح الأطراف الرئيسية وخاصة في البترول
"
محمد حسنين هيكل: أنا قاعد، قاعدين على العشاء في مينا هاوس وفوجئت بأن مدير اللوكندة أو مساعد مدير اللوكندة الفندق جاي لي في القاعة، وقتها كان في القاعة الشرقية محل مطعم عملوه هم دلوقت في مينا هاوس، لكن القاعة الشرقية كانت حلوة قوي كانت وقتها في ذلك الوقت كانت حلوة قوي، فمساعد مدير اللوكندة أو مدير الفندق جاي بيقول لي إنه في مكالمة مهمة جدا لي وأنه مع الأسف الشديد مضطر يقاطعني لكن وشوش علي جه جنبي كده ووشوش علي كده وقال لي ده في رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزارة حاجة كده وحضرتك مطلوب لازم تروح تتكلم عاوزينك على طول، رحت معه ولكن حتى ما رضيش يوديني على الاستقبال أو على أوضة التليفون وداني على مكتبه لأنه هو استشعر أن دي مكالمة مهمة، دخلت لقيت فعلا على التليفون الصاغ محمود فهيم من الرئاسة بيقول لي إن الرئيس عبد الناصر عاوز يكلمني، أنا مستغرب لأنه أنا متوقع أن الرئيس عبد الناصر راجع من القناطر عنده عيد ميلاد ابنه الثاني عبد الحميد وهو حاضر في عيد ميلاد ابنه وما فيش.. والأمور هادئة تبدو على السطح هادئة وهو راجع من الإجازة فهو بيكلمني وبيجيبوني من مينا هاوس وهو بيقول لي إنه حصل دلوقت من شوية من ساعة يعني أن الإسرائيليين دخلوا في خط الحدود المصرية وأن.. الساعة كانت حوالي سبعة ونصف، ثمانية إلا ربع في هذه الحدود كنا في بداية العشاء، وأنهم دخلوا وهو رايح على كوبري القبة على قيادة القوات المسلحة في مكتب عبد الحكيم عامر في كوبري القبة وعاوزني ألحق به هناك، رجعت للسفير اليوناني واستأذنت منه وأنه يعني مش حأقدر أبقى وأن الموضوعات اللي بيننا مؤجلة وأنا حأضطر أرجع القاهرة ونزلت فعلا على القاهرة، رحت على كوبري القبة، الرئيس عبد الناصر كان وصل لأنه كان ده قريب قوي من بيته وقتها، وأول ما دخلت هو بيقول لي إيه؟ بيقول لي.. هو الآخر ما كانش مستعد أنا مستعد أقول إنه ما كانش متحسب لأنه في حاجة حتحصل دلوقت لأنه في قرار مجلس أمن صادر في موعد محدد للتفاوض في يوم أو اثنين، المسألة في الأمم المتحدة ما حدش يقدر يطلع بهذه البساطة أو كما يبدو لأي أحد يقدر يطلع بهذه البساطة ويخش في عمليات حربية في هذا الوقت، ولكن هو، اللي ما كنتش أعرفه أنا واللي عرفته منه في ذلك الوقت، أن السفير الأميركي ريموند هير في ذلك الوقت اتصل بالرئاسة الساعة 12 ظهرا، أنا ما كنتش أعرف، وأنه طلب مقابلة عاجلة مع الرئيس، قالوا له إن الرئيس بعيد ولكن هو حيحدد له على أي حالة معاد الساعة اثنين ونصف لأن السفير الأميركي قال إن هذا الموضوع لا يحتمل الإرجاء، وبعدين السفير الأميركي راح بالفعل قابله الساعة اثنين ونصف وإذا به بيقول له بيبلغه أن الحكومة الأميركية اتخذت قرارا بإجلاء الرعايا الأميركان من مصر ومن العالم العربي كله. الرئيس عبد الناصر كما روى لي بدا مندهشا من القرار بيقول له ليه؟ يعني في توتر في المنطقة وفي بؤر ملتهبة ممكن قوي ولكن مش شايف حاجة عاجلة تدعو الحكومة الأميركية إلى قرار سحب الرعايا الأميركان أو إجلاء الرعايا الأميركان من مصر ومن بقية بعض العواصم العربية في المشرق وأنه يبدو أنه.. يعني في إيه؟ السفير الأميركاني ما بيقولش حاجة ولكن بيقول إن المشاعر مستفزة في العالم العربي خصوصا بعد عملية خطف الزعماء الجزائريين من الجو بالطريقة اللي حصل فيها بن بيللا وخيضر والباقيين وأن التوتر في سوريا، طبعا عارفين أنه كان في محاولة انقلاب في اليوم التالي في سوريا بتاعة ميخائيليان وأن بيروت فيها مظاهرات وفيها.. تضامنا مع سوريا. النهارده لما نشوف إيه اللي بيحصل مشكلة يعني. وبشكل ما الأميركان متخوفين من عواقب بعض التظاهرات الموجودة ومن الحالة السياسية القلقة وخصوصا في الأردن كمان وبالتالي ففي قرار من الحكومة الأميركية بسحب الرعايا وأنه هو أحب.. جاءت له تعليمات أن يبلغ هذا القرار للحكومة المصرية على أعلى المستويات، وأنه هو أحب أن يبلغ الرئيس بنفسه هذا الموضوع. الرئيس لما هو بيحكي لي الكلام ده وأظن بيحكيه لغيري لأن إحنا كنا موجودين في ذلك الوقت وأنا فاكر كويس قوي أن إحنا كنا موجودين في مكتب مساعد رئيس أركان حرب وهو حافظ إسماعيل في ذلك الوقت وكان عبد الحكيم عامر موجودا هناك فعلا في مكتب مساعد القائد، مساعد رئيس أركان حرب، لأن الخرائط كانت موجودة في هذه الأوضة وكان في بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة وكان في بعض الوزراء كلمهم برضه أحد كلمهم ولكن بقى في رغبة إلى عملية تشاور بشكل أو آخر بهذا الوقت. جمال عبد الناصر بيحكي السفير الأميركاني قال إيه وهو قال له إيه، وبعدين بتطرح مناقشة لإيه الموضوع، لأنه نمرة واحد بدا أن هنا في إيه؟ في مرات يسود عند بعض القوى السياسية اللي ممكن بيسمى Concept وأنا أشرت إلى هذا مرة، الاعتقاد المسبق بأنه في تصور معين سابق للحوادث، في رؤيا لها وفي تحسب لسيناريوهات معينة، لكن مرات إحنا لا نكتشف أو لا نغامر مرات نخرج خارج في بعض المرات لا بد على من يعمل في السياسة وحتى في غير السياسة أن يراجع المألوف والمعروف والموصوف حتى وأنه يخرج بره هذه الأطر وأن يراجعها ولكن مرات الناس تستنيم على تصورات معينة ويعتقدون بصحتها وتبقى صحيحة في الغالب ولكن ما بنأخدش بالنا مرات أن الظرف بيتغير دون أن نلتفت وأنه في ممكن سواء على العلن أو في الخفاء تحصل تطورات قد لا نلتفت إليها بالقدر الكافي ثم نفاجأ بعكس ما كنا نتصوره، مش إحنا بس اللي وقعنا في خطأ الـ Concept وقتها إحنا كانت عندنا Concept أن إسرائيل في هذا الوقت مش حتتحرك، موجود عند جمال عبد الناصر كان عنده اعتقاد أنه، واحد، إذا ظهرت إنجلترا وفرنسا فإسرائيل لا بد أن تختفي لأن إنجلترا وفرنسا لا يمكن أن يتحملوا شراكة من إسرائيل بسبب الخوف على الهاشميين والسعوديين وهذا يقين استقر عنده تقريبا وعنده وعند غيره، كل الناس كانت معتقدة أنه إذا ظهرت إنجلترا وفرنسا يبقى إسرائيل مش موجودة، إذا ظهرت إسرائيل إذاً إنجلترا وفرنسا مش موجودين لأنه ببساطة كده العمل المشترك بين الثلاثة أكثر مما تستطيع أن تتحمله مصالح الأطراف الرئيسية خصوصا في البترول، خصوصا في المواقع التقليدية في العالم العربي. فبشكل ما في تصور في Concept سابق في اعتقاد راسخ رسخته تجارب وتصورات وأيام وظروف إلى آخره ولكن في هذه اللحظة هذا الـ Concept حاكم، إسرائيل بتعمل إيه؟ التساؤل اللي كان مطروح إيه ده، لأنه بدا على طول في التلخيص اللي عمله حافظ إسماعيل وهو وقتها اللواء حافظ إسماعيل وهو مساعد رئيس أركان حرب وهو رجل متعلم في إنجلترا وعسكري محترف يعني فبيقول إيه؟ بيقول إن الرئيس عبد الناصر كان قال لي كلمة وهو بيكلمني في التليفون وأنا في مينا هاوس بيقول في قوات إسرائيلية دخلت واستعمل تعبير بتعفر رمل في الصحراء، وأنا ما فهمتش التعبير ده، رجع كرره حافظ إسماعيل بيقول إيه حافظ إسماعيل، إن هو شكل التحرك الإسرائيلي غريب لأنه ما هواش غارة لأنه إذا كانت هناك غارة Reprisal عملية انتقام أو عملية تخويف أو عملية ردع فهذه لا بد أن تكون في مواقع يوجد فيها بشر أو توجد فيها قوات أو توجد فيها مصالح بحيث يكون الإضرار بالبشر أو بالقوات أو بالمصالح هو ده موضوع الفعل لكن المشكلة أن القوات الإسرائيلية تتحرك حتى هذه اللحظة في مواقع خالية تماما. بيحكي هو ويومها بالليل وأنا هنا يعني بأحاول تلخيص اللي هو قاله، بيحكي لنا وكانت واضحة قدامنا قدام كثير مننا على أقل حال، حتى أنا وأنا مدني من بعيد ما ليش دعوة بالموضوع العسكري كثير قوي يعني المسألة واضحة حصل في عمل إسرائيلي موجود داخل الحدود المصرية في أحد داخل في بعض المواقع خصوصا قرب الكونتيلا مناطق الكونتيلا والصابحة وأحد بيعمل تحركات ويعمل تحركات فعلا في مناطق رملية ليس فيها شيء ولا يبدو القصد منها واضح. أوضاع القوات في ذلك الوقت حصل وكانت باينة في شرح حافظ إسماعيل وحتى موجودة يعني ما فيهاش سر يعني، أوضاع القوات في سيناء تعرضت في ذلك الوقت لمتغيرات شديدة جدا طبقا أو مراعاة أو مجاراة لما كان يحدث في مجال السياسة، بمعنى أنه في الوقت اللي كنا فيه بنتفاوض فيه مع الإنجليز سنة 1954، 1955 وعند توقيع اتفاقية الجلاء وفي خطر أن الإنجليز ييأسوا من المفاوضات وينقضوا على مصر بالخطة روديو ويخشوا يحتلوا الدلتا كان واضحا وقتها أن القوات.. انسحب كل معظم القوات طلعت من سيناء، قبلها قبل وقت المفاوضات كان في قوات موجودة كافية في سيناء ولكن وجود الإنجليز على قناة السويس كان دائما رادعا يمنع تعزيز قوات سيناء بأكثر من أحد معين، فباستمرار التقليد أن سيناء يبقى فيها فرقة أو فرقتين من الجيش المصري، لما حصل أنه وإحنا بنتفاوض مع الإنجليز وفي خطر أن يتدخلوا سحبوا قوات وكانت هذه هي الفترة مدير الـ (إم.آي.***) الإنجليزي في ذلك الوقت سينكلير لفت نظر الإسرائيليين وقال لهم حاجة غريبة قوي أنتم مش واخدين بالكم دي سيناء فاضية وهذه فرصة لكم، ولكن وقتها الإسرائيليون ما عملوش حاجة، ده كان قبل صفقة السلاح. لكن حصل سيناء كان فيها أوضاع قوات طبيعية قبل المفاوضات، وقت المفاوضات وقت تأزم المفاوضات وبقى في عدد Skeleton Forces قوات هيكلية تقريبا،أشكال قيادات أو قواعد قيادات ولكن ما فيش قوات كثيرة قوي. لكن على أي حال لما بدأت الأزمة مع الإنجليز وبعد تأميم قناة السويس وبقى في الإنجليز والفرنساويين تأميم قناة السويس بيحركهم إلى فعل عسكري وبدا في فعلا احتمال غزو حصل أنه رغبة.. ما هم دول حييجوا ينزلوا فين الإنجليز والفرنساويين؟ حينزلوا في بور سعيد أو حينزلوا في الإسكندرية وعلى أي حال هدفهم هو احتلال منطقة قناة السويس، فوجود قوات كبيرة في سيناء مع احتمال قطع الطريق بينها وبين الوطن الأم في الدلتا وفي الصعيد معناه أن هذه القوات تبقى معزولة، فوقت اشتداد الأزمة واحتمالات الغزو مع الإنجليز ومع الفرنساويين خففت القوات بحيث أنه بقى في في سيناء كلها بدل مما هو العادة فرقتين أو فرقة كاملة لغاية الشرق لغاية المضائق بدأ يبقى في ست كتائب فقط في سيناء. في كتيبتين وأنا هنا قدامي الخرائط اللي كانت معتمدة والخطط اللي كانت موجودة ولكن خطط كان موجودة على أساس إيه؟ على أساس في ذلك الوقت الخطر الرئيسي الذي يتهددنا هو على قناة السويس وإذا بقيت قوات كبيرة في شرق قناة السويس فهذه القوات معرضة للقطع في حالة هجوم إنجليزي فرنساوي وبما أنه بمقتضى الـ Concept إسرائيل مش حتشترك مع الإنجليز والفرنساويين لأن ده غير مرغوب فيه من جانبهم فيبقى هنا إلى حد ما نستطيع في سيناء نحتفظ بقوات قليلة لمواجهة أي طوارئ ولكن الجزء الرئيسي من قوات الجيش المصري تبقى... عايز أقول إن إحنا مش أول ناس مش إحنا الوحيدين بس اللي وقعنا في مشكلة الـ Concept المسبق، نفتكر الإسرائيليين نفسهم وقعوا في هذا الخطر سنة 1973، الإسرائيليون كان عندهم Concept مسبق بيقول إن مصر لن تحارب في هذه الفترة لأنه تنقصها طائرة الردع التي كان يطلبها الرئيس السادات من الاتحاد السوفياتي. أنا شفت في القضايا اللي بتتقال في إسرائيل النهارده وفي المحاكمات وفي الجلسات اللي بتتعمل شفت صور لوثائق أنا أعلم أنها خارجة من ملفاتنا، ما عنديش شك ما أعرفش مين وداها وما بأتهمش أحد أبدا، ولكن أنا شفت صورة المحضر محضر من المحاضر والورقة الأصلية فيه تقريبا وأنا عارفها كويس قوي واللي بيقول فيها الرئيس السادات للزعماء السوفيات في مارس سنة 1971 أنتم بدون طائرة الردع تمنعوني من أن أحارب تمنعوني من أن أحرر وطني، شفتها وشفتها متكررة وأعرف أن جنرال زامير مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية كان مصمما وبقي مصمما للحظة الأخيرة يقول فيه إن مصر لن تحارب دون طائرة الردع والرئيس السادات لن يغامر بحرب لسببين، أولا غياب طائرات الردع والحاجة الثانية أنه لم ينسق ما فيش تنسيق مع سوريا وأنه في ثقة منعدمة بينه وبين الرئيس حافظ الأسد، وإسرائيل ظلت سنتين أو ثلاثة غير واثقة في فعل الجبهة الشرقية سوريا بالتحديد وغير واثقة أن مصر تقدر تغامر بحرب، الرئيس السادات يقدر يتخذ قرار حرب دون طائرة الردع. ولذلك هنا الأزمة اللي حصلت لهم لما أبلِغوا، ما أعرفش مين أبلغهم برضه يعني، لما أبلِغوا أن هناك في ظرف 24 ساعة في عمل عسكري سوف تقوم فيه مصر وسوف يجري هذا العمل على جبهتين هذه كانت مش بس صدمة معلومات ولكنها صدمة لـ Concept ترسخ في العقل وفي التفكير وفي التخطيط الإسرائيلي. إحنا أيضا كان عندنا في السويس عندنا أيضا Concept أنه لا يمكن صعب قوي الثلاثة يجتمعوا، فاجتمعوا الثلاثة فعلا في سيفر وإحنا ماكناش عارفين، ولكن اجتمعوا قبل الحركة بخمسة أيام وبرضه ما كانش أحد يعرف.


عندما تتضح الصورة

محمد حسنين هيكل: يومها بقى بالليل القوات الموجودة بدا أن إسرائيل بتتحرك، القوات الموجودة هي ست كتائب، دي ست كتائب كانت موجودة لمجرد حفظ هيكل قيادة وهيكل لقوات تذهب لعمليات إذا ما اقتضى الأمر، في كتيبتين في العريش، في كتيبتين في أم عجيلة، في كتيبتين في المنطقة القريبة من تميد. ولو أشوف حركة القوات، لو أبص على الخرائط وأشوف اللي بيسموه إيه؟ اللي بيسموه الفيض ثم النزول Fluctuation التأرجح، قوات تحتشد في مرحلة قبل المفاوضات، تنسحب في مرحلة بعد المفاوضات وفشل المفاوضات، تعود بعد خطر تهديد، لكن هنا كان الوضع في سيناء كان في التغيرات اللي في العسكرية حشد القوات أو تواجد القوات مرتهن في التطورات الجارية في الموقف السياسي لأن الوضع اللي كان فيه، اللي نحن كنا فيه وضع فعلا شديد الحرج، لأنه ببساطة كده، إذا وضعت قوات في سيناء كبيرة قوي ونزلوا الإنجليز والفرنساويين في قناة السويس انعزلت هذه القوات، والخطر ده موجود في المفاوضات موجود في بعد التأميم إذاً نحن فعلا في موقف حرج. بيحكي حافظ اسماعيل بيقول إيه، يومها بقول إيه؟ أولا حكى الدخول في مناطق ما فيهاش حاجة، ما فيهاش أهداف، يأخذها الإسرائيليون أو يعملوا منها إضرار سواء كغارة أو كإلحاق خسائر أو كردع، ماشيين في الرمل بعدين بيخشوا في مواقع بيلفوا بيدوروا حوالين مواقع لا يبدو منها ما هو اتجاه نواياهم، ما حدش في الوقت ده متصور أن الإسرائيليين مستنيين حاجة ثانية لكن يُنظر إلى التحركات الإسرائيلية في حد ذاتها كما تتبدى لصانعي القرار اللي هم قدامنا كانوا موجودين في القاعة بيسمعوا الـ Briefing بتاعة السيد حافظ إسماعيل، ومعه السيد نور الدين قره بيكملوا المعلومات وقتها، بعدين الاثنين بقوا وزراء يعني دخلوا في مناصب سياسية. لكن الهدف مش واضح والأمر بيصدر.. لكن على بال بالليل الساعة عشرة كده فيه معلومات بتيجي، بدأت تيجي عشرة، أحد عشر، عشرة ونص، عشرة إلا ربع، بدؤوا معلومتين يجوا غيروا بشكل ما الصورة، الحاجة الأولانية أنه بدا في طيارات إنزال، طيارات كبيرة قوي عند منطقة المضائق رُصدت، والحاجة الثانية أنه فيه عربية تابعة لشركة بترول مصرية كانت متقدمة إلى ناحية المضائق، فإذا في ضرب عليها، في ضرب عليها مش ضرب خطأ مصري ولا ضرب خطأ حدود مصري، ولكن واضح أنه في ضرب عليها فبدأت ترجع وتبلغ، وحينئذ بدا أن العمليات في سيناء بتجهز لشيء ما، في تحركات على الحدود لا يبدو هدفها، لكن داخل سيناء في حركة أخرى تستغل هذا الفراغ الموجود وأنه في شيء يجب أن يراقب. في هذه الفترة الغريبة قوي بدأ يتضح أنه في حاجات كثيرة قوي بتجري، بيتصل.. وهنا القيمة القومية، بيتصل الرئيس شكري القوتلي من دمشق بيقول لجمال عبد الناصر بيقول له أنا بكرة كنت مسافر لروسيا أشوف الزعماء السوفيات لكن أنا حأؤجل سفري بالطريقة دي لأنني أنا قلق من الأخبار اللي جاي لنا نحن كنا بقى في منتصف الليل في دمشق تقريبا، الرئيس عبد الناصر قال له لا بقى سافر بالعكس وجودك هناك قد يكون مفيدا ونحن لسه على أي حال المواقف بتأخذ شكل لكن الأمور مش باينة مش واضحة بالتحديد. الملك حسين بيتكلم في التليفون والملك حسين في ذلك الوقت كان شديد العرفان وأنا شايف قدامي جواب أنا ناشره فيما سبق بيقول للرئيس عبد الناصر، وهم في الأزمة اللي مع الإسرائيليين والقلق الموجود هذا التضامن، هذا الحس اللي كان بيجتاز يجتاح العالم العربي كله خصوصا بعد غلوب في الأردن والأردن موجود في الساحة القومية إلى آخره، الملك حسين بيبعث جواب لجمال عبد الناصر في ذلك الوقت يعني بيقول له أمتنا العظيمة تنشد الحرية والمجد وتبتغي السيادة، والكلام ده كله، العرب يملكون القوة ونحن خط الدفاع الأول وأنا شديد العرفان وأنا أرى الطائرات التي أرسلتها مصر إلى الطيران الأردني، لأنه نحن في ذلك الوقت جمال عبد الناصر قال ونحن منجدد الطيران، اتخِذ قرار أن الأردن في الخطر الذي يواجهه جزء من الطيران المصري الموجود اللي كان عندنا من إنجلترا زي هوكر هانترز وبعض الطائرات وسبيد فايرز والحاجات دي كلها أنه نحن ندي الأردن هدية طائرات وإديناهم بالفعل 32 طائرة هدية لسلاح الطيران الأردني، والملك حسين هنا بيقول شعر على.. لكن الملك حسين بيتكلم نعمل إيه والريس عبد الناصر بيقول له من فضلك ما تعملش حاجة لأنه نحن بصدد استجلاء الصورة كلها، إيه اللي جاري بالضبط وتحديده. ولكن واضح أنه في عمليات، واضح أنه في عمل إسرائيلي لكن حتى هذه اللحظة لا الملك حسين ولا شكري القوتلي ولا أحد عندنا كان بيقول إن ده جزء، هذا العمل الإسرائيلي مقدمة لشيء ما سيجري في الساعات القادمة يعني. لكن في ذلك الوقت صدرت أوامر الست كتائب الموجودة في سيناء، ست كتائب الكتيبة 800 عسكري، ست كتائب بنتكلم عنا حاجة بتاعة.. وأنا هنا لأن هذه الست كتائب تحت قيادة سعد الدين متولي، في اعتقادي عملت معجزة بكل المعايير، بعض الناس وأنا حزين والله العظيم لها بيحزنني جدا أنه في ناس كثير قوي يعملوا أعمال بطولية وهائلة وفي قوات تحارب وتقاتل وفي جيش يوقف ويموت دفاعا عن التراب وعن الأرض ومع ذلك هذا كله يؤخذ ببساطة كده يعني، ويُقلل من شأنها. في عندي ست كتائب، يومها بالليل اتُخذ قرار، الفرقة الرابعة المدرعة سوف تدخل إلى سيناء، هنا في استبعاد للإنجليز والفرنساويين، الفرقة المدرعة المصرية الرابعة حتدخل سيناء ومعها مجموعة قوات خاصة ومجموعة قوات ميكانيكية، وهناك معركة سوف تدور في منطقة بئر روض سالم وهي المعركة الحاسمة أو على الأقل هي المواجهة الأساسية وأن اللي بيعملوه الإسرائيليون ده في ست كتائب موجودة لمواجهتم في سيناء تحت قيادة سعد الدين متولي، والست كتائب مطلوب منها أن تقف في مواقعها وأن تتمسك بمواقعها لمدة 48 ساعة، وهناك تقدير إذا عملت هذا تبقى معجزة، لكن القوات عليها أن تقف 48 وبعد 48 ساعة حتكون الفرقة الرابعة وبقية القوات دخلوا إلى قلب سيناء، دخلوا إليها واحتشدوا في منطقة المقدرة المعركة وهي منطقة بئر روض سالم وعندها تستطيع القوات أن تتفرق وأن يذهب كل رجل إلى حال سبيله، يتفكوا يمشوا، لأن المعركة حتبقى انتقلت في مكان آخر، وإذا استطاعت هذه الكتائب الست أن تقف لهجمة الجيش الإسرائيلي كلها وقد بدأت تتضح العمليات بعد التعفير بدأ في تحركات واضحة، إذاً فهذا شيء بديع. بالليل قرب الفجر في نفس اليوم بدأت الفرقة الرابعة تتقدم وبدأت الكتائب الست تواجه، أنا قاعد وأنا قدامي أهو عارضها الوثائق الإسرائيلية وثائق جنرال سمحوني وهي وثائق بعثها الملك الحسين لأن طائرة أهم الجنرالات في ذلك الوقت وقعت في الأردن والملك حسين لم كل الوثائق العبري اللي كانت معه وبعثها إلى القاهرة، ولكن قدامي كل حاجة، قدامنا كل حاجة النهارده. في ست كتائب واقفة واخدة الـ Brunt، واخدة قوة الهجمة الإسرائيلية اللي بدأت عند الفجر بدأت تبان أو بدأت تتضح، وفي قوات متقدمة وست كتائب مطلوب منها أن تموت تقريبا في مواقعها وأن تتمسك بمواقعها لغاية ما الفرقة الرابعة تخش والقوات المصاحبة لها تتخذ مواقعا ويبقى في استعداد لمعركة. الموقف بدأ عالفجر وما حدش نام يومها، الموقف عالفجر بدأ يتضح. هنا بيهمني أبص بصة على الوثائق الأميركية لأنه أنا بأعتقد أنه في هذا الوقت مهمة جدا، الوثائق الأميركية في ذلك الوقت بتقول لي عجب على ما يجري، نمرة واحد قدامي ناس قدامي الرئيس الأميركي بيعقد اجتماعا لمجلس الأمن القومي، وقدامي واضح أنهم شايفين كل اللي جاري متوقعين آثاره، بدأ في رصد واستطلاع وإلى آخره بدأ يبقى باين قدامهم أن في معركة قادمة، إسرائيل داخلة وهم هنا بيكتشفوا أو يتأكدوا يقينا من أن إسرائيل هنا مقدمة لشيء ما سوف يجري، عارفين هم، وبعدين آيزنهاور يبتدي آيزنهاور يسأل في اجتماع لمجلس الأمن القومي ويبتدي دالاس كمان حتى يسأل أخوه مدير المخابرات آلان دالاس، جون فوستر دالاس وزير الخارجية بيسأل أخوه، بيقول له الله! هو ده كان ممكن يبقى موجه للأردن، بيقول له لا مش موجه للأردن ده كله رايح على مصر، حشد القوات قد إيه؟ بيقول له حشد القوات قد إيه، بيقولوا حشد القوات قد إيه بيتابعوا، وأنا شرحت، بيتابعوا أكثر بقى بعد بداية العملية عارفين وطلبوا إجلاء الرعايا، يعني ما هو عارفين كل شيء وطلبوا إجلاء الرعايا. الحاجة الغريبة قوي أنهم يعملوا حاجتين في هذا الوقت، في تصرفين يبقوا واضحين في هذا الوقت، التصرف الأول هو التحريض في المجر، أنت في هنا غزو على مصر وأنت مفروض مبدئيا تقول لهم لا ده وقت مش مناسب وتتظاهر مبدئيا أنك أنت واقف مع الحق والعدل وآيزنهاور يعلن يقول إن أميركا سوف تقف باستمرار مع المبادئ، تصريح علني، المبادئ التي تعهدت بها طول الوقت وإنها سوف تقف ضد أي عدوان وسوف تقف ضد أي محاولة لاعتراض طريق الأمم المتحدة عن الوصول إلى حل، لكن أنت في هذه اللحظة وأنت تتخذ هذه المواقف التي قد تبدو مبدئية أنت بتعمل حاجة غريبة قوي، أنت واحد بتحرض في المجر، في ذلك الوقت أخونا فرانك وزنر المسؤول عن أوروبا الشرقية وهو الرجل الثالث في الـ (سي.آي.إيه) وهو على فكرة ابنه كان سفير عندنا هنا بعد كده، وهو طُلب إليه وهو غير مقتنع أن التحريض يزيد في هذا الوقت، ألاقي في رسالة على سبيل المثال ودي في الوثائق السوفياتية مش في الوثائق الأميركية، بيقولوا هم عارفين إنه في مشاكل موجودة بسبب وجود الجيش السوفياتي وبسبب النفوذ السوفياتي في بلاد متقدمة زي المجر وزي بولندا وبيحاولوا يصلوا إلى حلول وسط، ثم يفاجَؤوا يوم 29 اللي هو اليوم اللي نحن نتكلم فيه ده أن الحملة متصاعدة أكثر مما ينبغي وأن عملية التحريض التي يقودها فرانك وزنر من على الحدود من بره وخصوصا من فرانكفورت من إذاعة فرانكفورت بتحرض على الثورة وبتحرض على حركة، حركة يعلموا أن الناس المجريين مش مستعدين لها، ولأنهم مش مستعدين لها أول حاجة أشاروا بها أن يخشوا على السجون ويفتحوا ويكسروا أبواب السجون في بودابست ويطلّعوا حتى مجرمين يسلحوهم لكي يضربوا على الجيش السوفياتي ولكي يخطفوا بعض المتعاونين معه. هنا الحركة دي قد كده كانت مبتسرة، قد كده كانت غير ناضجة، قد كده كان فيها مفتعل، آه في حركة تحرر وطن حقيقية في رغبة في الاستقلال حقيقي ولكن هناك فارق كبير جدا بين أن تكون حركة ناضجة بالفعل وبين أن تكون هذه الحركة مدفوعة دفعا وباعتبارات صناعية لا يمكن أن تقوم لتحقيق تاريخ حقيقي يعني، وحتى الرجل فرانك وزنر الأب نفسه وأنا قلت أن ده فرانك وزنر هو الرجل اللي هارب أبو ساركوزي الرئيس الفرنساوي من المجر طلّعه معه لأنه كان واحدا من المتعاونين معه، لكن فرانك وزنر نفسه رجع أميركا بعد فشل الثورة وبعد أن الروس تنبهوا وحصل تغيير، طلّعوا مجرمين ومقاومة ضاربة عليهم إلى آخره في موقف نشأ، أزمة تقصد إلى إلهاء الاتحاد السوفياتي في المجر. طيب الأميركان عاوزين الاتحاد السوفيات في هذا الوقت وهو نصير مهم جدا لمصر أو على الأقل ممكن يبقى طرف دولي في التوازن، أنت بتلهيه بالمجر وبعدين جاي تقول لي إنك أنت واقف مع العدل ومع... إلى آخره، هنا الرجل حتى اللي استعمل في التحريض فرانك وزنر الرجل الثالث في الـ (سي.آي.إيه) سنة 1964 ضميره كان قلقا وكانت أعصابه منهارة إلى درجة أنه أخذ مسدس ابنه اللي كان سفير عندنا فرانك وزنر وقتل نفسه واعتبرت هذه فضيحة بكل المعايير. لكن على أي حال في ذلك الوقت تحريض أميركا اللي بتقول لي حأقف مع المبادئ هي بتحرض في المجر لإلهاء الاتحاد السوفياتي وتسهيل المهام تقريبا لما هو قادم رغم تظاهرها بالوقوف مبدئيا مع حاجة ثانية، مع العالم الحر مع الشعوب المستضعفة مع الشعوب الثائرة مع الحقوق المغتصبة إلى آخره، الحاجة الثانية اللي بتعملها بيعملها الرئيس الأميركي أنه بيدي أمر بتعبئة القوات الأميركية، ألاقي في الأمر بتعبئة القوات الأميركية ألاقي فيه إشارة غريبة جدا، في محضر Chiefs of Staff في محضر رؤساء هيئة أركان حرب، رؤساء هيئة أركان حرب بيعملوا حالة تعبئة في البحر الأبيض، بيعملوا حالة استنفار قوات، بيعملوا حالة طوارئ، وألاقي في آخر التقرير اللي هم مطلّعينه واللي أقصد هم باعتينه للرئيس الأميركي بيقولوا له عملنا كذا وعملنا كذا وفي قوة بالأسطول السادس متجهة إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لأننا نريد أن نراقب عن كثب ما يجري، يقولوا له إيه؟ يقولوا في ثلاث خطوات اتُخذت، في قوات تقدمت وراحت شرق البحر الأبيض في عمليات قوات جاهزة Amphibious عمليات إنزال والحاجة الثانية أنه نحن قررنا تحميل طائرات بأسلحة نووية لكي نكون مستعدين لكل الاحتمالات. مساء يوم 27 أكتوبر وهو اليوم أول الأيام اللي أنا بأقول إنها غيرت عام.. 28 أكتوبر ثاني الأيام اللي غيرت مجرى العالم وغيرت الشرق الأوسط وغيرت العالم العربي تقريبا، العالم كله تقريبا محبوس الأنفاس ينتظر ما سوف يجري، والتحركات الظاهرة والتحركات الخفية تمسك بأعصاب الجميع وفي اعتقادي أن واحدة من أهم اللحظات في تاريخ مصر وفي تاريخ العالم العربي كانت بتأخذ شكل آخر أنا بأعتقد أنه مثل فرصة هائلة في التاريخ العربي الحديث، تصبحوا على خير.







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:41 AM رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو



ثورة 23 يوليو وتجدد الفكر القومي*
*محاضرة في 23 تموز في منتدى القومي العربي في طرابلس
زياد حافظ**
**كاتب وباحث وأستاذ جامعي

أيها الإخوة والأخوات،

نحتفل اليوم بذكرى محطة فاصلة في تاريخ أمتنا العربية ألا وهي قيام ثورة 23 يوليو عام 1952. وتأخذ هذه الذكرى معنى خاصا وكنا احتفلنا منذ أيام قليلة بتحرير أسير عملية جمال عبد الناصر بطلها المناضل سمير القنطار. هذه الثورة، ولدت من رحم النهضة العربية في منتصف القرن التاسع عشر ومن تجربة قائدها التاريخي جمال عبد الناصر في مقاومة العدو الصهيوني. فمنذ ستين سنة، أي عام 1948، كانت معركة الفالوجا جنوب فلسطين وبالأمس القريب أي عام 2004 كانت معركة الفالوجا في العراق. معركة واحدة وعنوان واحد لتكريس في الوجدان والوعي العربي ثقافة المقاومة. فمعركة الفالوجا الأولى خلقت في نفس القائد الراحل ضرورة المقاومة وضرورة التغيير. وهذا التغيير تجسّد بالثورة التي ما زالت عناوينها ومبادئها حيّة حتى الآن.
لن أكرّس هذه المحاضرة لاستعراض تقليدي لإنجازات ثورة 23 يوليو. فلست من دعاة الوقوف على الأطلال والبكاء على زمن عزّ قد يتخيّل البعض أنه قد ولى، علما أن اليوم نسترجع كرامة الأمة برمتها رغم تحالف العالم ضدّنا. أترك ذلك الاستذكار للشعراء وللأدباء لما لهم من موهبة في استرجاع الذاكرة والعاطفة التي ترافقها. أما أنا فمن الذين يعتبرون واجبهم استذكار الحاضر والمستقبل إذا جاز الكلام. نحن أمام مهام وتحديات ضخمة لبناء المستقبل على قاعدة ما ورثناه من ثقافة نهضوية وحدوية جسدتها ثورة 23 يوليو. إن ما أريد أن أبرزه اليوم هو العلاقة بين إنجازات الثورة والفكر القومي العربي الذي يتعرّض منذ ذلك الحين إلى أشرس الحملات والمؤامرات.
فهذه الثورة عبّرت عن فكر تجسّد بعمل. وهذا الفكر هو أساس مشروع نهضتنا الوحدوية العربية التي نناضل من أجلها اليوم. ومضامين هذا المشروع موجودة في إنجازات ثورة يوليو. فالإصلاح الزراعي وتأميم قناة السويس وبناء السد العالي وإقامة القاعدة الصناعية جميعها عوامل لتحرير الإنسان من أغلال التخلّف والفقر. أما اليوم فنتكلم في مشروعنا العربي الوحدوي عن التنمية المستقلة وعن الانتقال من الاقتصاد الريعي الذي يكبّل طاقات هذه الأمة إلى اقتصاد إنتاجي يعبّء هذه الطاقات البشرية ويفرض ثقافة المسائلة والمحاسبة المغيبة في الاقتصاد الريعي.
من جهة أخرى إن تحرير الأرض ومقاومة الاحتلال تتطلّب خطة دفاعية وإستراتيجية للتحرير. فلما كانت أحد أهداف ثورة 23 يوليو، كما عبّر عنها القائد الراحل في "فلسفة الثورة" عام 1954، إعادة تأهيل الجيش المصري وجعل القرار العسكري خاضعا للقرار السياسي الوطني القومي المستقل عن إملاءات المستعمر القديم والقوى المهيمنة آنذاك، كان يمهّد لما نسمية اليوم بالخطة الدفاعية وإستراتيجية التحرير. وما كان العدوان الثلاثي عام 1956 ومن بعده حرب 1967 إلاّ محاولة لكسر إرادة الثورة وشعبها في رفض التحالفات التي لا تصبّ في مصلحة الشعوب. كما أن العدوان كان لمنع إقامة قواعد الاستقلال الحقيقي وقوة الجيش التي تحميه ولمنع أيضا أي محاولة من ممارسة السيادة الفعلية على مقدرات الوطن آنذاك كتأميم القناة وكسر احتكار الدول الغربية لبيع السلاح . بعد ذلك كان الشعار والموقف الإستراتيجي تلخّص في "محو آثار العدوان" بعد نكسة 1967 وحرب الاستنزاف ومن ثمة عبور القناة. وهو الدليل القاطع على استيعاب القائد الراحل للدروس الناتجة عن تحليل أسباب الهزيمة عبّر عنها في بيان 30 مارس 1968. ولولا القرارات والاجتهادات الملتبسة للقيادات السياسية خلال حرب أكتوبر 1973 لكان النصر كاملا بتحرير الأرض المحتلة دون الخضوع إلى إملاءات العدو وحليفه الإستراتيجي أي الولايات المتحدة. أما اليوم، فنقول أن المقاومة التي نحن أهلها هي الموقع المتقدم للمشروع العربي النهضوي الوريث الشرعي لنهج ثورة 23 يوليو. لذلك نرى مرة أخرى قوى تحالف الاستعمار الجديد القديم مع الصهيونية وأنظمة الاستبداد تتآمر لضرب المقاومة وما تأتي به من ثقافة الممانعة المبنية على قوى ذاتية وطنية تحمي السيادة الحقيقية.
هذه الثورة مهدّت لثقافة المقاومة فكان الدعم المطلق للثورة الفلسطينية التي وجدت لتبقى وستبقى بإذن الله حتى التحرير. والمقاومة الوطنية في لبنان ولدت من رحم هذه الثورتين كما أن المقاومة القائمة اليوم في العراق وفلسطين المحتلة تتكامل مع المقاومة في لبنان في محور ممانع للاحتلال ومشاريع الهيمنة والتفتيت.
فحرية الأرض والمواطن مشروع متكامل أسست له ثورة 23 يوليو. فالحرية المنبثقة من وجدان وتراث هذه الأمة تعني حرية الآرض من المحتل القديم الجديد وحرية الإنسان الذي يتحوّل إلى مواطن متحرر من أغلال الفقر والتخلّف. فإذا كانت التنمية المستقلة المستديمة الوسيلة لتحقيق ذلك فإن قاعدتها هي المعرفة الناتجة عن العلم. من هنا كانت إنجازات الثورة في فتح الجامعات والمدارس لأبناء الشعب الكادح. وهذه المعرفة تؤسس إلى فكر إنساني حيّ هو يقين فكرنا القومي.
في هذا السياق استوقفتني منذ بضعة أشهر استضافة دمشق لمؤتمر حول تجديد الفكر القومي. ولا بد من الترحيب بأي مبادرة تهدف إلى التجديد المنشود وإن كان لديّ اعتراض على عنوان المؤتمر. فالفكر القومي العربي لم يكن في يوم من الأيام متحجرا في الشكل أو المضمون بل كان ومازال وسيستمرّ في التطوّر لأنه فكر إنساني بامتياز نابع من وجدان الأمة ومن وقائعها الموضوعية والذاتية سواء على مستوى الجغرافيا والتاريخ أو على مستوى اللغة والدين والمصير المشترك ناهيك عن الإرادة والمصلحة المشتركتين في بناء مستقبل لأبناء هذه الأمة في الحرية والكرامة والاكتفاء والاعتزاز بالنفس.
ولمن يريد أن يتأكد من غزارة الفكر القومي بكافة نواحيه فهو مدعو لمراجعة مكتبة مركز دراسات الوحدة العربية الذي يشكّل الإطار المؤسسي لإنتاج وترويج ذلك الفكر عبر منشوراته وإصداراته الفكرية. فهناك أكثر من 800 عنوان لكتب عن كافة نواحي الفكر أصدرت خلال أكثر من ثلاثين سنة كما أن عنواين المقالات لمجلة الصادرة عن المركز أي "المستقبل العربي" تشير بوضوح إلى حيوية ذلك الفكر القومي. وألفت الإنتباه إلى أن المركز يصدر أيضا منشورات دورية عن العلوم السياسية والبحوث الاقتصادية والاجتماعية لتجعل من هذا المركز أكبر وأهم مخزن فكري لهذه الأمة. ومنشورات المركز متواجدة في كل مكتبات الجامعات العربية ولا يمكن أن يصدر بحث عن أي قضية عربية إلا وكانت معظم مراجعها إصدرات المركز.
أعتقد أنه من المفيد التأكيد على الثوابت الفكرية التي تغيظ أعداء هذه الأمة. فما زالت أهداف المؤامرات الخارجية الرامية إلى غزوها ثم احتلالها ثم تجزئتها بل تفتيتها إلى مناطق وإلى طوائف وإلى قبائل وإلى عشائر وإلى عرقيات واثنيات ليصبح الأخ عدوا لأخيه حتى في داخل البيت الواحد. و من هنا نفهم أيضا التعرض لكل من يقف ضد مشاريع الاحتلال والتقسيم والتفتيت. كل ذلك مع التناسي أو التجاهل للاحتلال سواء في فلسطين أو العراق أو لبنان ناهيك عن الصومال أو ما يحاك للسودان. وإذا كنا اعترضنا في آماكن عديدة عن محاولات اغتيال الرأي في أي قطر عربي مهما كانت الظروف فإن لصق تهمة الفكر القومي بالشوفينية (وهذا مصطلح جديد غير موجود في اللسان العربي) واتهام ذلك الفكر القومي بتوليد الاستبداد والقمع- كل ذلك يدّل على التعصّب العنصري الموجود أساسا وأكثر حدة في الهويات الفئوية سواء كانت طائفية أو مذهبية أو قبلية أو مناطقية أو حتى قطاعية. كما أن مقاومة الاستبداد لن تكون بديلا عن تحرير الأرض المحتلة (فالاحتلال يطّول عمر الاستبداد) ولا مبررة للتغيير السياسي عبر الدبابات الغربية ولا منظرة لنكر الذات بحجة الاعتراف ب"الآخر"!
غير أن أنجازات المقاومة في كل من لبنان وفلسطين والعراق خلقت حالة من الإرباك عند النخب العربية التي تبنـّت "إستراتيجية السلام" و"ثقافة الحياة". هذا الإرباك في صفوف "النخبة" من المثقفين "العدميين" كما يصفهم الدكتور عزمي بشارة أتاح الفرصة لإعداد مجددا هجمة مركزة على القومية العربية والفكر القومي برمّته على صفحات الجرائد وعبر الفضائيات العربية. والهدف من تلك الهجمة المركّزة هو كسر الوعي القومي الذي ما زال راسخا في الوجدان العربي رغم كل الانتكاسات التي مرّت بها الأمة العربية على مدى الخمسين السنة الماضية. فالعلاقة واضحة بين الوعي والثقافة إذ أن الوعي يولد الفكر والفكر يولد الموقف السياسي (أي المواجهة والمقاومة مثلا) والموقف السياسي يولد الثقافة وخاصة ثقافة المواجهة وهذه الأخيرة تعزّز مجددا الوجدان. ذلك هو المعنى الحقيقي والفعلي للمطلب الأميركي لتغيير الثقافة والبرامج التعليمية بحجة إدخال "القيّم الديمقراطية الكابحة للنزعات الإرهابية" التي تولدها الثقافة العربية الحالية، على حد زعمهم. غير أن الواقع مخالف كلياّ لتوجهات المسئولين الأميركيين وحلفائهم في المنطقة كما جاء في استطلاع للرأي العام العربي أعدّته مؤسسة أميركية في خريف 2002 ليؤكد أن المقوّم الأساسي الأكثر ذكرا لهوية المواطن العربي في معظم الأقطار الممسوحة في ذلك الاستطلاع هو انتماؤه للعروبة وذلك قبل المقوّم أو الهوية الدينية أو القطرية. والجدير بالذكر أيضا ما أفاد به وزير الكيان الصهيوني شاوول موفاز عندما كان رئيسا للأركان في مقابلة ملفتة لإحدى الصحف الإسرائيلية أن هدف الهجوم عل مدن الضفة الغربية لم يكن لتدمير "البنية التحتية للإرهاب" كما كانوا يزعمون بل "لكسر وعي الإنسان الفلسطيني" الذي يجب عليه أن لا يفكّر في يوم من الأياّم أن بإمكانه قيام مواجهة ناجحة مع الكيان الصهيوني. فما رأيكم أيها الإخوة والأخوات بالنصر الذي تحقق في لبنان وفلسطين؟ تلك الإنجازات تدّل بوضوح أنه لا يمكن "كسر وعي الإنسان" سواء كان لبنانيا أو فلسطينيا أو من أي قطر عربي.
والملفت للنظر أن رغم الأموال الطائلة التي أنفقت في شراء الذمم والضمائر للنخب المثقفة لتروّج ثقافة الهزيمة و"الواقعية" ونبذ "اللغة الخشبية" أو "الظاهرة الصوتية" التي تشكلها القومية العربية غير أنها لم تستطع أن تغيّر أي شيء في نفوس الجماهير رغم القمع والاستبداد وملاحقة أصحاب الرأي الحر. هذه النتيجة تؤكد أن المقاومة والممانعة ما زالتا في صميم وجدان واهتمام الجماهير العربية.
و تتركز الهجمات على إعلان وفاة القومية العربية على صفحات الجرائد و على الفضائيات لتغييّب الخطاب القومي العربي من الوعي العربي. ويستثمر غلاة " الواقعية" أو " العقلانية" المرتبطة بالتياّر العولمة الليبرالي ودوائر القرار الأميركي سقوط بغداد واستمرار الاحتلال واضطهاد وقمع الشعب الفلسطيني ومحاصرة وتجويع غزّة من قبل قواّت الكيان الصهيوني وسط صمت عربي رسمي مدوّي، كبرهان ساطع عن وفاة القومية العربية و نهاية الفكر القومي. و هذه الطبقة من المثقفين العدميين كما يصفهم الدكتور عزمي بشارة هي، وفقا للكاتب الأردني إبراهيم غرابية "، من فلول اليسار والحركات والشخصيات المهزومة شعبيا وسياسيا وثقافيا، والتي تملك في الوقت نفسه مداخل العمل الثقافي والإعلامي وإمكانيات مالية كبيرة تواجه حقيقة أنها مرفوضة تماما". ويضيف الكاتب أن " فهم ثقافة السلام الجديدة قائم على ملاحظة صياغة العالم في ديمقراطية لا تتيح لغير النخبة الليبرالية الوصول إلى مواقع النفوذ، وبالمقابل حرمان وتجاهل ومطاردة وربما اغتيال وتصفية للآخرين الممانعين". فالمشروع القومي والفكر القومي على حد زعمهم ارتبط بالاستبداد وشخص الطاغي وبالتالي نهاية الاستبداد أو الطاغي تعني نهاية المشروع القومي الذي لم يوّلد إلاّ المآسي والويلات لشعوب المنطقة. ومن الطبيعي أنه لا يمكن اختزال المشروع القومي بنظام أو بمؤسسة و لا الفكر بشخص كما يحاولون تشخيص الواقع القومي.
أريد أن أقف بعض الشيء على هذه النقاط. إن ما حصل في العراق كان هجوما مركزا لتدمير هوية العراق العربية وتحويله إلى تجمعات طائفية ومذهبية وعرقية وعشائرية تتقاتل مع بعضها بعض لمنع توحيدها في إطار وطن هويته عربية. وأذكر أن حلفاء أميركا في الوطن هي أنظمة استبدادية بامتياز ويتمّ السكوت عنها من قبل "العدميين" أو "الواقعيين" أو "الحداثويين" أو أخصام "اللغة الخشبية" أو أرباب "ثقافة الحياة"! لقد تبيّن أن الدولة القطرية، وإن رفعت يافطة القومية، لا تستطيع حماية حدودها، كما أنها لا تستطيع تأمين اقتصادها وتحقيق تنمية مجتمعها سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الإنساني أو الثقافي. كما أن الدولة القطرية وفقا لتركيبتها السياسية و الاقتصادية والاجتماعية ونهج سلوكها ونظام حكمها السائد لم تستطع إيجاد آلية للتحديث والتغيّير في مجتمعها رغم تجربة (أي الدولة القطرية) استمرّت أكثر من خمسين عام في معظم الأقطار. ألم يحن الآن إعطاء الفرصة لدولة الوحدة أو على الأقل إعادة صياغة الدولة القطرية بشكل يلغي أو يحيّد التناقض بين الكيان القطري والدولة القومية ؟ أليس إنشاء دولة الوحدة أو المباشرة الحقيقية لبنائها الرد الاستراتيجي عل جميع أشكال العدوان التي تتعرض إليها أمتنا العربية؟
وهل من الصحيح أن فقدان الديمقراطية في كافة الأقطار العربية كما يدّعى الليبراليون الجدد هو السبب الرئيسي، إن لم يكن الوحيد، في إلحاق الهزيمة؟ السؤال لا يعني التشكيك في إقرار الإشكالية للمسألة الديمقراطية بل محاولة لوضعها في سياقها التاريخي وفقا للمعطيات السائدة في الحقبة الزمنية التي ارتبطت فكرة المشروع القومي بهذا النظام أو ذاك. ولا بد من تخصيص الحقبة الناصرية التي شكلّت المرتكز للمشروع القومي والتي تشكّل اليوم محور الهجوم عل كل من المشروع والفكر القومي. فالحقيقة أنه لم تغب عن بال عبد الناصر قضية الديمقراطية وقد حاول معالجتها وفقا للظروف التي كانت تحيط بثورة يوليو وعلى الأرضية المعرفية السائدة آنذاك. وكانت مشكلة عبد الناصر أنه لم يستطع تجاوز عقدة تعدد الأحزاب لما كانت عليها قبل الثورة (وربما كان محقا في ذلك) والتي لم تكن تمثل الشرائح الواسعة للمجتمع المصري والتي كان ينخرها الفساد. وبالتالي لم تستطع تلك الديمقراطية المزيّفة منع الهزيمة ونكبة فلسطين! إضافة إلى ذلك كان الاجتهاد آنذاك أن الأولوية للديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية كخطوة لا بد منها قبل بناء الديمقراطية السليمة كما أسهب شرحها في " الميثاق" فإن التطورات والأحداث وخاصة هزيمة 1967 أتت لتضرب الإنجازات التي حققتها الثورة . فلا يجب أن يغفل عن البال أن النمو الاقتصادي الذي تمّ تحقيقه في الجمهورية العربية المتحدة خلال فترة 1954-1966 وخاصة في القطاعات الإنتاجية الحقيقية (صناعة وكهرباء، وبناء و تشيّيد) تجاوز الستة بالمائة سنويا. بالمقابل يقوم أعداء الحقبة الناصرية بحملة ثقافية منظمة لإعادة تلميع صورة ما قبل الثورة عبر مسلسلات تلفزيونية كمسلسل "فاروق" الذي أطّل على المشاهدين العرب في رمضان 2007. وهذه الخطوة حلقة من حلقات عديدة تريد محو ذاكرة المواطن العربي من أي مفهوم مقاوم لسيطرة الاستعمار والقرار الخارجي عبر "إنصاف" من اتهمتهم الثورة الناصرية بمسببي النكبة في فلسطين الذي احتفل بها الرئيس بوش في مؤخرا وسط "ترحيب" و"استقبال" عربي معيب!
ليست مهمتي اليوم الغرق في الردّ على الهجوم المغرض على التياّر القومي العربي وفكره كما لست في إطار ممارسة المراجعة الفكرية التي بدأت بالفعل منذ الستينات مع عبد الناصر بالذات وما زالت مستمرة. إن المهمة التي تقع على عاتق المفكرين القوميين العرب هي استكمال العمل التجدّدي الذي بدأ في مؤتمر قبرص في أواخر شهر تشرين الثاني سنة 1983 تحت إشراف ومبادرة من مركز دراسات الوحدة العربية والذي يسعى إلى استكماله مؤتمر دمشق الأخير. وبات واضحا من وثائق ووقائع المؤتمر آنذاك ومؤخرا أن الخطاب القومي أدخل بشكل مكثف مفهوم الديمقراطية في أدبياته وإن كان ذلك غير مستغربا لأن" لكل من مصطلحات الديمقراطية والاشتراكية والعلمانية والوحدة والعقلانية واليقظة والنهضة البرلمانية جذورا راسخة في ذاكرة أبناء النصف الأول من القرن العشرين" . و بالتالي لا أساس لتهمة الفكر القومي بأنه يولد الاستبداد أو العنصرية أو حتى اللاسامية.
لا بد من أشددّ على أن طرح مسألة الديمقراطية هو كلام صحيح يراد به باطل. فالديمقراطية هي أداة وليست هدفا قائما بحد ذاته. فهي الوسيلة لتحقيق أهداف المشروع العربي الوحدوي النهضوي. وهذا المشروع هو الصيغة المتقدمة لتحرير الوطن والمواطن من وطأة الاستعمار وجحيم التخلف والفقر واللامساواة. إن هدف تحقيق العدالة الاجتماعية ومجتمع الكفاية والعدل (وهو من إنتاج ثورة 23 يوليو) هو جوهر المشروع العربي النهضوي. إن الكلام عن تسييس الهويات الطائفية كبديل للطرح القومي هو يقين العدمية المبنية على تجاهل الطرح القومي واستبداله بالهويات الفئوية سواء كانت طائفية أو مذهبية أو عرقية أو قبلية أو عشائرية أو مناطقية أو قطاعية - مجتمعة أو منفردة- فهي الطريق الحتمي للهلاك وإلى العدم عبر الاقتتال الدائم الذي يستنزف الأجساد والأرواح ويكرّس هيمنة القرار الخارجي. هذا هو منطق "العدمية" العربية واللبنانية الذي نشهده عبر الفضاء الإعلامي المرئي والمكتوب وحتى في بعض المرافق الدينية – تلك العدمية التي يريدونها أن تسيطر على العقل والوجدان العربي وعلى ذاكرته وتراثه بشكل عام وفي لبنان وبيروت وطرابلس بشكل خاص. هذه هي الخدمة المجانية للمشروع الأميركي الصهيوني التي يقدمها أولئك الذين يخلطون النقد الذاتي بجلد الذات وبا"الحداثة" و"الانفتاح على الآخر" وسائر من المقولات التي أفرغت من أي مضمون بل "طنّتها ورنتّها" الصوتية تريد ان توحي ب"عمق" في الفكر و"عقلانية" وترويج ل"ثقافة" الحياة وإن كانت غائبة بالفعل عن عقل وسلوك مروّجي تلك اللغة الخشبية الجديدة.
وختاما أريد أن أحدثكم بعض الشيء عن آفاق هذا الفكر القومي الذي جسّدته ثورة 23 يوليو. السؤال الذي يمكن طرحه هو هل من مستقبل للفكر القومي العربي و لماذا؟ الإجابة هي نعم و ذلك لعدة أسباب.
أولا، إن الفكر القومي غنّي و قابل للتطوّر لأنه يسدّ حاجة في الوعي العربي كما تدّل مختلف الوثائق و النصوص الفكرية التي تمّ مراجعتها.
]فالمرحلة الأولى للفكر القومي و التي امتدت طيلة القرن التاسع عشر حتى الحرب العالمية الأولى كانت تهدف لمواجهة الاستبداد العثماني و الانفصال عن الدولة العثمانية كرد فعل على تتريك الدولة. أما في المرحلة الثانية التي امتدت من الحرب العالمية الأولى حتى نهاية الحرب العالمية الثانية فكانت لمكافحة الاستعمار و الحصول على الاستقلال و تميّزت ببلورة المضمون النظري للفكر القومي. أما المرحلة الثالثة التي امتدت من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى أواخر الستينات فكانت مرحلة التأييد الشعبي والالتزام بالبرامج الراديكالية. أما المرحلة الرابعة التي بدأت منذ أوائل السبعينات و ما زالت مستمرّة فهي مرحلة إدخال الديمقراطية إلى قاموس الخطاب القومي العربي و البحث عن المشروع السياسي للمرحلة الراهنة و المستقبلية لأن ذلك هو المطلب الذي يتجاوب مع منطق الضرورة وإلاّ لفقد الفكر القومي العربي دوره الوظيفي في تغذية الوعي العربي . و الجدير بالذكر أن تلك المرحلة شهدت ابتعاد القيادات و النخب القومية عن مفاصل الفكر القومي العربي و الانحراف في السلوك بسبب فقدان الآلية التي كان يمكن استخدامها في المشروع القومي العربي. هذه الآلية تمثّلت في الحزب و الجيش و الآفاق المسدودة التي آلت إليها.[
أما السبب الثاني الذي يدّل عن مستقبل مشرق للفكر القومي العربي فهو مناعة ذلك الفكر في مواجهة الاضمحلال بعد الهزائم و النكسات. لقد أشرت سابقا إلى إصرار أعداء الأمة على إعلان وفاة الفكر و المشروع القوميين بشكل دوري مما يدّل عن حيوية و ومناعة لا يتحملانها أعداء هذه الأمة.
لقد كانت المسألة المسيطرة على اهتمامات المثقفين القوميين العرب لفترة طويلة من الزمن البحث عن النظرية التي" تمنح الحركة القومية شخصيتها المميّزة وتضمن تقدمّها المطرد نحو تحقيق الغايات الكبرى". وبات واضحا من بعد مراجعة النصوص الأساسية للفكر القومي العربي أن التركيز كان على مسألتين أساسيتين في الفكر ألا وهما قضية الوحدة وكيفية تحقيقها وقضية الديمقراطية وأهمية توفرها كمبدأ أساسي في النهضة العربية الحديثة. والظروف الراهنة تفرض إضافة محور ثالث وهو استعادة التراث في الفكر القومي الذي تمّ التخلّي عنه بعض الشيء ويشكّل ذلك محورا أساسيا في حوارات التيار القومي مع التيار الديني. وهنا لا بد من لفت الانتباه أن التياّر القومي ليس حكرا على فئة بل يشمل كافة التيارات السياسية والدينية التي تعمل من أجل الأمة. فالمؤتمر القومي العربي الذي سيحتفل في السنة القادمة عامه العشرين يضّم روافد متعددة من القوميين التاريخيين كالناصريين والبعثييّن والحركييّن القومييّن العرب إضافة إلى التيار الديني والتيار الماركسي والتياّر الليبرالي. فكل ما يساهم في تنمية الفكر العربي هو قومي بالفعل. هذه هي قيمة المنبر الذي يشكّله المؤتمر القومي العربي.
ففي ذلك السياق أعتقد أن آفاق الفكر القومي العربي تكمن أولا في تطوّر الفكر العربي عامة؛ وثانيا في الارتباط بمشروع سياسي يؤدي إلى بناء دولة الوحدة في أحسن الأحوال أو الموقف المشترك في أسوأها على أسس توفّر الحرية للفرد وللمجتمع؛ وثانيا مشروع اقتصادي يمكّن التنمية والفرص للجميع؛ وثالثا رؤية اجتماعية تنصف كافة شرائح المجتمع وتمكّن المرأة؛ ورابعا منظومة ثقافية لا تمسخ التراث ولا تقف عائقا أمام التجدد الحضاري؛ أي مشروع واضح المعالم و المفاصل سمته المرونة ليشكل دليلا للعمل؛ وأخيرا، في إيجاد الآلية أو الآليات التي تكفل تنفيذ المشروع وتحوّله إلى واقع سياسي وثقافي يغذّي الوعي والمعرفة والوجدان العربي ولا تلغيه التطورات السياسية أو الأمنية الخارجية.
أيها الأخوة والأخوات، هكذا أستذكر ثورة 23 يوليو. فهي مستمرّة بفكرنا ومجهودنا وهي طريقنا لتحقيق التحرير أوّلا ثم الوحدة والحرية ومجتمع الكفاية والعدل.






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:43 AM رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو


عبد الناصر وفلسطين

"د. صلاح عودة الله **



تمر علينا الذكرى السادسة والخمسون لذكرى ثورة 23 يوليو المجيدة "ثورة الضباط الأحرار" وامتنا العربية من المحيط الى الخليج تعيش حالة من التشرذم لم يسبق لها مثيلا.. حالة من التمزق وانحسار الحس الوطني.. حالة انقسامات عربية-عربية وكذلك داخلية، وخير دليل على ذلك ما حدث في وطننا الغالي"فلسطين"..فلسطين التي احبها ودافع عنها القائد العملاق عبد الناصربالجسد والروح ورحل وهو يدافع عنها. في ذكرى ثورة 23 يوليو تحية لقائدها لزعيم الامة لباني

نهضة مصر الحديثة لنصير الامة من المحيط الى الخليج..ولا شك ان عبد الناصر الذي كان اول زعيم مصري يحكم مصر على مر عصور التاريخ منذ العهد الاول للفراعنة، خلق من المقومات ما سيمكن مصر من ولادة الف ناصر. .
لكن تبعاً لخلاصات التجربة الناصرية فإن الطريق إلى التكامل العربي أو الاتحاد بين البلدان العربية لا يتحقّق من خلال الفرض أو القوّة بل (كما قال ناصر) "إنّ اشتراط الدعوة السلمية واشتراط الإجماع الشعبي ليس مجرّد تمسّك بأسلوبٍ مثالي في العمل الوطني، وإنّما هو فوق ذلك، ومعه، ضرورة لازمة للحفاظ على الوحدة الوطنية للشعوب العربية.
كذلك، وضع جمال عبد الناصر منهاجاً واضحاً على صعيد مواجهة التحدّي الصهيوني، خاصّةً بعد حرب عام 1967، يقوم على بناء جبهةٍ داخليةٍ متينة لا تستنزفها صراعات طائفية أو عرقية ولا تلهيها معارك فئوية ثانوية، ويقوم أيضاً على وقف الصراعات العربية/العربية، وبناء تضامنٍ عربي فعّال يضع الخطوط الحمراء لمنع انزلاق أيّ طرفٍ عربي في تسويةٍ ناقصة ومنفردة، كما يؤمّن هذا التضامن العربي الدعم السياسي والمالي والعسكري اللازم في معارك المواجهة مع العدوّ الإسرائيلي.
هذه الخلاصات الفكرية والسياسية هي ما تحتاجه الأمّة العربية في مواجهة تحدياتها الراهنة، ومن أجل مستقبل أفضل لأوطانها وشعوبها. وهي أفكار وسياسات سارت عليها تجربة "ثورة يوليو" ونجحت في تأصيلها، لكن المسيرة توقفت، وانحرفت أحياناً، بعدما غاب قائدها.
"لا يمكن أن نقبل السلام بمعنى الاستسلام. نحن نسعى للسلام من أجل السلام ونحن لا نريد الحرب لمجرد الحرب ولكن السلام له طريق واحد هو طريق انتصار المبادئ مهما تنوعت الوسائل ومهما زادت الأعباء والتضحيات نحن نريد السلام والسلام بعيد ونحن لا نريد الحرب و لكن الحرب من حولنا وسوف نخوض المخاطر مهما تنوعت دفاعاً عن الحق و العدل"..."جمال عبد الناصر". .
في هذه الذكرى سأتطرق الى موقف عبد الناصر من القضية الفلسطينية: .
لقد زاد من حدة التناقص بين الأمة العربية والاستعمار ظهور الحركة التقدمية العربية الأمر الذي دفع الاستعمار إلى مغامرات عنيفة ومخيفة عبرت عن نفسها عام1967 والتي عرفت بحرب الأيام الستة والتي هي مقدمة لحرب ما تنته بعد.
ومن هذا يتضح لنا كيف أن عبد الناصر أدرك طبيعة الصراع العربي- الصهيوني وهي أن هذا الصراع صراع مصيري وقومي وحضاري ومن هذه القناعة تعامل عبد الناصر من هذا الصراع وتفاعل مع أحداثه.
بعد عام 1948 حاول الاستعمار أن يستغل المأساة التي حلت بالأمة العربية في حرب فلسطين ليبث في قلوب العرب روح الضعف والهزيمة ولكن القومية العربية النابضة في قلب كل عربي كانت لهم بالمرصاد. وان كان الأعداء قد انتصروا في حرب 1948 على شعب فلسطين فان القومية العربية أيضاً انتصرت لأن كل عربي أخذ يشعر في قرارة نفسه أنه لا بد من أن يتحد مع أخيه العربي حتى يحافظ على أمته من الزوال والتفتت والضياع. كانت مأساة فلسطين نصراً للعرب لأنها أشعلن نار القومية العربية في الصدور.
كان جمال عبد الناصر يرى أن الاستعمار قد أقان في قلب الوطن العربي للقضاء على القومية العربي ولضرب هذه الأمة ومنعها من بناء نفسها اجتماعيا واقتصاديا ودبلوماسيا. ولكن هل نجحوا؟ إن إصرار شعبنا على إزالة الاحتلال من جزء من الوطن العربي وهو فلسطين هو تعميم على تصفية جيب من أخطر جيوب العدوان الانتقادي ضد نضال الشعوب.
كان جمال عبد الناصر يرى أن تسوية الصراع العربي الإسرائيلي تتمثل في استعادة حقوق الشعب الفلسطيني ثم في استعادة الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وفي تجميد الخطر الإسرائيلي في حدود قرار التقسيم الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1947 باعتبار أن مواجهة الوجود الإسرائيلي هي عملية الأجل الطويل.
وكان بعد نكسة حزيران خرج الشعب الفلسطيني ليأخذ بنفسه زمام المبادرة ويدافع عن قضيته بنفسه. وانطلق حركة المقاومة الفلسطينية واستطاعت بنضالها أن تحول الشعب الفلسطيني من شعب من اللاجئين إلى شعب من المقاتلين واستطاع العمل الفلسطيني أن يفرض نفسه على العالم.
كان لعبد الناصر دوره في دعم المقاومة الفلسطينية فهو يقول: "لا يستطيع أحد أن ينكر دور جماهير الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال ويضيف ليس هناك معيار أو في أدق من الموقف الذي يتخذه أي فرد أو أي جماعة أو حكومة من قضية المقاومة الفلسطينية وأنباء الشعب الفلسطيني. ونرى الآن محاولات العدو وعدوانه للوقيعة بين رفاق المعركة الواحدة الشركاء في الواقع الواحد والمصير الواحد، ونرى ضرورة هذه المحاولات ولكننا في نفس الوقت ندرك أن إخواننا يرون في ذلك نفس ما نرى. أن وعيهم لضرورات هذه المحاولات ولكننا في نفس الوقت ندرك أن إخواننا يرون في ذلك نفس ما نرى. أن وعيهم لضرورات الموقف أعمق وأشمل مما نتصور، ولهم القدرة على تطويق كل هذه المحاولات وحصرها".
إن واجب الأمانة يتطلب منا أن نحدد موقفنا على النحو التالي: ولقد كان ذلك موقفنا دائماً إن المقاومة الفلسطينية تعتبر من أهم الظواهر الصحية في نضالنا العربي، وهي التجسيد العملي للتحول الكبير الذي طرأ على الشعب الفلسطيني تحت ضغوط القهر وحوله من شعب من اللاجئين إلى شعب من المقاتلين". كان جمال عبد الناصر يرى أن ليس أمامنا جميعاً بديل عن القتال من أجل الحق الذي نطلبه والسلام الذي نسعى إليه. كان دائماً يفرق بين القتال وبيت الاقتتال فيقول: "الاقتتال رصاص طائش يعرض الأخ لسلاح أخيه والقتال شرف.. الاقتتال جريمة...! .
تختلف وتتباين وجهات النظر حول جمال عبد الناصر، وأفكاره وسلوكه، وتأثيره على التاريخ العربي المعاصر، إذ يعتقد العديد أن العرب بحاجة الآن لقائد مثل جمال عبد الناصر لقربه من تطلعات الجماهير وآمالها في قراراته، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالقضية الأولى في العالم العربي، وهي القضية الفلسطينية..
بينما يعتقد آخرون أن من أسباب التخلف والفشل العربي الفكر الناصري والقومي، وأن آثار أفكار جمال عبد الناصر لا تزال موجودة لليوم، وتؤثر بشكل سلبي، ويستند المناهضون لجمال عبد الناصر لأسباب هزيمة 1967، ولسياسة جمال عبد الناصر بالتعامل مع الأحزاب والجماعات الإسلامية في مصر أثناء حكمه، وسياسة التأميم للممتلكات التي تبناها.
مما لا شك فيه أن جمال عبد الناصر كان وسيبقى شخصية محورية في التاريخ العربي المعاصر، ودوره في صنع تاريخ المنطقة وأجزاء أخرى من العالم خلال سنوات حكمه، والأثر والأفكار التي تركها، لا يمكن نكرانها. ولكن القدر لم يمهل الرئيس جمال عبد الناصر ليشهد تحرير الأرض ففي 28 ايلول عام 1970 رحل جمال عبد الناصر عن اثنين وخمسين عاماً. رحل وهو يحاول إيقاف نزيف الدم بين الأشقاء في الأردن، وكانت هذه آخر إنجازات الزعيم جمال عبد الناصر على الصعيد العربي.
وفي هذا الصدد خصص نزار قباني احد مقاطع قصيدته في رثاء عبد الناصر لمحاولة تعقيل الحدث الصدمي. وهذا التعقيل يتم عادة باسترجاع الملابسات والظروف التي تسببت بالصدمة في محاولة للإقتناع بأنها كانت النتيجة الطبيعية لهذه الملابسات والظروف. وهذا التعقيل يهدف في الغالب لمواجهة الميل إلى عدم تصديق الحدث. ومن هذا المقطع: .
رميناك في نار عمان... حتى احترقت/ أريناك غدر العروبة حتى كفرت..! .
رحل عبد الناصرتاركاً خلفه قضايا وصراعات وإنجازات لم تحسم بعد. وفي جنازته سار عدة ملايين من أبناء الشعب المصري والعربي وقد أذهلت الجنازة الأعداء والأصدقاء على حد سواء. خرج الشعب المصري بالملايين لينعى نفسه قبل نعي عبد الناصر فقد كان الزعيم جمال عبد الناصر بكل ما له وما عليه حلماً لم يكتمل ومشروعاً قومياً عظيماً لم يكتمل أيضاً. كانت جنازته تعبيراً جياشاً عن حجم الكارثة التي ستحدث في الأيام المقبلة.
بكى الشعب المصري جمال عبد الناصر بمرارة وبكاه العرب والعالم المتحضر أجمع. بكاه العالم وسنظل نبكيه كلما عظمت الخطوب واشتدت المحن وبلغت القلوب الحناجر.لم تفقد مصر وحدها بل فقدت الامه العربيه بأكملها زعيما من الصعب بل من المستحيل ان يأتي مثله.
معارك قاصمة خاضها هذا العملاق الأسمر المنحوت من طمي النيل حتي وجد نفسه حزينا‏..‏ فمات بالسكتة السياسية قبل أن يموت بالسكتة القلبية‏..‏ ولم يهدأ الأعداء بموته‏..‏ فقد راحوا يمثلون بسمعته‏..‏ وبدأت عملية الاغتيال الثاني له‏..‏ الاغتيال المعنوي لإزالة كل ما آمن به‏..‏ وما سعي جاهدا لتحقيقه‏..‏ ومنذ أن توفي وحتي الآن ومحاولات تحطيم شخصته مستمرة‏..‏ فالزهور التي تنبت في الصخور يجب أن تسحق كاملة.
كم نحن بحاجة اليك يا ابا خالد، لقد كنت خالدا في حياتك، وستبقى خالدا في قلب كل عربي حر وشريف الى يوم يبعثون..في ذكرى ثورة الضباط الأحرار..ثورة عبد الناصر, لن ننثني يا سنوات الجمر, وانا حتما لمنتصرون..!
د. صلاح عودة الله
القدس المحتلة"






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:44 AM رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

بقلم : يوسف أحمد/كاتب فلسطيني- لبنان

نعيش اليوم في رحاب ذكرى ثورة 23 يوليو التي قادها الرئيس الراحل والكبير جمال عبد الناصر، وهنا قد يختلف البعض في عملية التوصيف لهذه المرحلة، حيث يعتبرها البعض بأنها واحدة من الثورات الكبرى في تاريخ مصر والأمة العربية، وبعض آخر يعتبرها ظاهرة أو تجربة إختزنت الكثير من الإيجابيات والسلبيات.
ولعل أبرز الأخطاء أوالسلبيات التي يسجلها البعض على ثورة 23 يوليو أنها كانت تفتقد الى الديمقراطية والتعددية الحزبية والنقابية والسياسية، وإعتبار ذلك الخطأ بأنه شكل الحلقة الأضعف في التجربة الناصرية.

ولكن لا بد من القول، أن هناك ضرورة للتمييز بين تجربة ودور الرئيس عبد الناصر ومشروعه النهضوي وانجازاته الكبرى وبين الحلقة الغائبة وهي " الديمقراطية ".
وفي مقابل ذلك فقد كان الرئيس عبد الناصر يرفض رفضاً قاطعاً أعتبار 23 يوليو تجربة أو ظاهرة، بل كان يراها ثورة ومسارها يتواصل ومصيرها مضيىء، وأن غياب الديمقراطية في محطة من المحطات أو ظرف من الظروف كانت تفرضه مصلحة الثورة التي كانت تواجه الكثير من المؤامرات التي تستهدف إفشالها .
وبعيداً عن التوصيف والتشخيص، فإننا نستطيع القول أن تاريخ 23 يوليو هو تاريخ محفور في أذهان الملايين من أبناء الوطن العربي، ويمكننا القول أيضاً أن هذه التجربة وهذه الحقبة شهدت أنضج نهضة فكرية وثقافية وسياسية بعد النكبة الفلسطينية، كما قادت هذه الثورة سلسلة كبيرة من التحولات في النضال الوطني المصري والقومي والإجتماعي والطبقي نحو مشروع نهضوي تناول كل جوانب الحياة، السياسية، والاقتصادية والفكرية والطبقية ....
وبالتالي لا يمكن لأي إمرىء أن يتطرق الى هذه التجربة ويقفز على إيجابياتها والتحولات التي أحدتثها على الصعيد المصري والعربي، حتى وإن تعرضت هذه الثورة بعد رحيل الرئيس عبد الناصر عام 1970 الى انتكاسات عدة وتوقفت عن الحياة بعد مرور ثمانية عشر عاماً على تفجرها.
ومما لا شك فيه أن ثورة 23 يوليو التي جاءت رداً على واقع التبعية والتخلف والإنحطاط الذي إمتد مئات السنين، قد فتحت على الإستقلال الناجز والتحولات الإجتماعية الكبرى، حيث كانت المنطقة العربية تعيش حالة من التباينات والتناقضات والإختلافات في الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصاية....، فبعض هذه الدول كان قد استقل حديثاً، والبعض الآخر كان ما يزال واقعاً تحت الإحتلال المباشر، والبعض الآخر كان أيضا لا يزال نظامه السياسي تحت الوصاية والتبعية، كل ذلك وكان الجرح الفلسطيني ينزف بفعل النكبة الكبرى وإغتصاب فلسطين من قبل الكيان الصهيوني.
وقد إعتبر الرئيس عبد الناصر في إحدى خطبه الشهيرة عام 53 " أن ضياع فلسطين هو نتاج تفكك وتخاذل الأنظمة الرسمية العربية التي لم تفعل شيئاً لفلسطين سوى الكلام الخطابي والشعارات الفارغة التي حاولو فيها خداع وتظليل الشعوب العربية".
كما إعتبر الرئيس عبد الناصر" أن ضياع فلسطين يهدد جميع الدول العربية ولا يقتصر الأمر على فلسطين فحسب، لأن المشروع الإستعماري الصهيوني التوسعي يستهدف المنطقة العربية بأكملها ولا يوجد دولة عربية بمنئى من خطر هذا الكيان العنصري الإستعماري، وفي هذا السياق خاطب الرئيس عبد الناصر العرب قائلاً " أن العملية ليست عملية فلسطين، إنما هى عملية العرب، وعندما طعنت فلسطين طعن كل منا فى شعوره ووطنه وعروبته ".
وفي هذا المجال أيضاً، لا ننسى دعم الرئيس عبد الناصر لمقاومة وكفاح الشعب الفلسطيني وحقه في استرجاع أراضيه، ونذكر صيحته الشهيرة التي كانت تدوي دائماً " ان المقاومة الفلسطينية أنبل ظاهرة أنجبتها الأمة العربية، ولدت لتعيش إلى أن ينجز شعب فلسطين حقوقه الوطنية".
ثماني وثلاثون عاماً مضت على رحيل هذا الفارس والقائد الكبير، لكن صورته ومبادىء الثورة الكبرى التي قادها لا زالت تتجسد اليوم في صورة الأمل وفي طموح الشعوب لتحقيق المشروع النهضوي العربي الذي عمل من أجله الرئيس عبد الناصر، والذي تصدت له الكثير من قوى الإستعمار وحاولت إفشاله بكل الوسائل والطرق بما فيها شن الحروب العسكرية الشاملة والمدمرة ولعل أبرزها العدوان الثلاثي 1956، وحرب 5 حزيران 1967، ومن ثم حرب تشرين/أكتوبر1973، التي مني بها العدو الإسرائيلي بهزيمة كبرى.
واليوم فنحن لا نزال نواجه ذات التحديات وإن تغيرت المسميات والأسباب التي تتذرع بها الدول الإستعمارية لشن حروبها العدوانية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، فنحن لا نزال نعيش تداعيات حرب الخليج الأولى والثانية واستمرار العدوان الاسرائيلي على شعبنا الفلسطيني واحتلاله للارض الفلسطينية، بالاضافة الى الإحتلال الامريكي للعراق والحالة التي وصل اليها بعد الحرب التي شنت عليه بذريعة مواجهة أسلحة الدمار الشامل!، وقد تبث وإنكشف للعالم أجمع زيف هذا الإدعاء وهذه المبررات، وإنكشف الهدف الأساسي لإحتلال العراق الذي هدف الى تقسيم المنطقة العربية وإشعال الحروب الاهلية والطائفية داخلها وإستغلالها لبسط النفوذ الأمريكي من أجل السيطرة على ثرواتها ولا سيما الثروة النفطية.
ذكرى 23 يوليو، محطة لا بد لكن مواطن عربي أن يتوقف عندها، ويسأل نفسه، هل أصبح مشروع الوحدة العربية حلم مستحيل، وهل التبعية والرضوخ قدر لا يمكن مواجهته والتغلب عليه.
إن الجواب على هذه التساؤلات وغيرها من الأسئلة التي تجول في خاطر المواطن العربي لها جواب واضح ووحيد، وهو أن تغيير هذا الواقع العربي الضعيف مسؤولية ينبغي القيام بها من كل قوى وحركات التحرر العربية والاحزاب الوطنية وقوى المجتمع المدني، التي ينبغي عليها أن تستنهض دورها وتخرج من حالة الإحباط وتحمل مشروعاً تغييرياً وبرامج عملية وأن تحتل موقعاً جماهيرياً متقدماً بعيداً عن التبعية والإحباط.

فعلى الرغم من الوضع الرسمي العربي الذي نعيشه والميؤوس منه، إلا أن ذلك لا يعني بأن شعوب المنطقة التي تختزن الكثير من قوى المقاومة وسجلت الكثير من الإنتصارات والبطولات، قد أصبحت عقيمة ولا تنتج ثورات بحجم ثورة 23 يوليو. وبالتالي فإنه بإمكان شعوبنا أن تلعب دوراً مؤثراً في عملية التغيير والإنتقال بالأمة العربية من واقع التجزئة والضياع، الى التوحد والنهوض والقدرة على حماية مصالح الشعوب وثرواث المنطقة ومواجهة كل المخاطر والتهديدات والأعمال العدوانية التي تمارس بحق شعوبنا العربية ولا سيما في فلسطين ولبنان واستمرار احتلال الجولان..






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:46 AM رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو





بقلم :حسين العودات







ستبقى ثورة يوليو 1952 مالئة الدنيا وشاغلة الناس، وربما كان ما كتب أو قيل عن هذه الثورة خلال نصف القرن الماضي، يساوي بحق أضعاف ما كتب عن غيرها من أمثالها. ذلك لأنها شكلت منعطفاً بنيوياً، ليس في تاريخ مصر والعرب الحديث فحسب، بل أيضاً كان لها تأثير واسع جداً في تاريخ بلدان أفريقيا وبلدان أمريكا اللاتينية وآسيا.




وسواء كان المراقب أو الدارس معجبا بهذه الثورة أم كان ضدها، فلا بد له من الاعتراف بأنها كانت تشكل موجة جديدة من مساهمة الشعب المصري العظيم في تاريخ العالم، ومن دوره الفعال في رسم تاريخ المنطقة وتأسيس نهضتها وتحديث دولها ومجتمعاتها وتهيئة الشروط الموضوعية لذلك.




وقد قام الشعب المصري في الواقع بأداء هذا الدور منذ آلاف السنين وما زال، سواء بحضارته الغنية أو بثقافته المبكرة، أم بمواجهاته السياسية والعسكرية مع الإمبراطوريات التي كانت تقوم وتختفي من عصر إلى عصر شمال المتوسط وشرقه.




حقاً إن ثورة يوليو لم تكن نتيجة نضال حزب أو مجموعة أحزاب لها برنامج شامل متكامل واضح، قام بدراسة واقع الشعب المصري ومجتمعه وظروفه ودوره الإقليمي والدولي، ووضع الحلول المناسبة للانتقال إلى مرحلة جديدة، إنما هي حصيلة انقلاب عسكري تقليدي قام بها تنظيم الضباط المصريين الأحرار، الذين أقلقهم واستفزهم وأثارهم واقع شعبهم ودولتهم، فقاموا بانقلابهم رداً على مفاسد النظام الملكي ومباذله واستهتاره، وهزيمة الجيش المصري في حرب عام 1948 بسبب تزويده بالأسلحة الفاسدة والامتناع عن تأهيله تسليحاً وتنظيماً وتدريباً.




وإصرار النظام الملكي على اختيار قيادته من الضباط المترهلين الموالين له من أبناء الفئات الإقطاعية والأرستقراطية، واستسلام النظام للرغبات البريطانية وعجزه عن ترحيل القوات العسكرية البريطانية عن أرض مصر، هذا إضافة إلى تحكم فئة قليلة بخيرات مصر ومقدراتها دون شعبها، وإهمال مصالح الناس المعيشية والتعليمية والصحية وغيرها.




ورغم أن الضباط الأحرار لم يكونوا يملكون تصوراً أو خطة أو برنامجاً عما سيفعلونه، إلا أن ممارستهم للسلطة وإرادتهم السياسية وشعورهم الوطني العميق وتقديرهم لمسؤولياتهم، قادتهم إلى تبني سياسة داخلية وعربية ودولية واضحة وشاملة، استكملوها خلال فتر قصيرة من تسلمهم السلطة، وتوجهوا إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.




فأقروا مجانية التعليم لكل أبناء الشعب، وفتحوا للجميع باب الانتساب للجيش ومراكز الدولة العليا الإدارية والسياسية، وباشروا تطبيق الإصلاح الزراعي، وكانت تجربتهم في هذا المجال تجربة مبكرة في بلدان العالم الثالث، وأقاموا المشاريع الكبرى (كالسد العالي مثلاً) وصنّعوا البلاد، ثم أمموا قناة السويس وألزموا بريطانيا بترحيل قواتها العسكرية من مصر، وفتحوا أبواب التنمية الشاملة أمام الشعب المصري وحاولوا أن يتيحوا الفرصة له للمشاركة في تقرير مصيره.




وهذا ما أتاح تسمية انقلابهم ثورة، لأنه تحول إلى ثورة بالفعل، بغض النظر عن أدواتها شعبية كانت أم عسكرية.




من مآثر ثورة يوليو أنها جددت دور مصر الإقليمي والعالمي. وتؤكد لنا أحداث التاريخ أمرين، أولهما أن المجال الحيوي لمصر كان يمتد إلى بلاد الشام والسودان وغرب ليبيا والأطراف الغربية للجزيرة العربية واليمن، فقد خاض الحكام الفراعنة معارك عنيفة مع الحثيين وغيرهم في بلاد الشام لتأمين المجال الحيوي المصـري، ومثلهم فعل الفاطميون قبل أكثر من ألف عام.




أما محمد علي باشا فقد أدرك أهمية دور مصر وضرورته، فوصلت جيوشه إلى تركيا (الحالية) واليمن وغرب الجزيرة العربية وغيرها، وكادت مصر أيامه أن تصل إلى ما تستحقه من لعب دورها كدولة إقليمية كبرى. والأمر الثاني الذي تؤكده أحداث التاريخ، هو القدرة الخلاقة للشعب المصري والمسؤولية الكبرى التي تقع على عاتقه في توحيد العرب والوقوف في وجه موجات الغزو الخارجي، وهذا ما آمن به الضباط الأحرار وساروا في تطبيقه شوطاً بعيداً.




إن هذه السياسة الداخلية والخارجية التي تبناها الضباط الأحرار لاقت (كما هو متوقع) رفضاً ومعاداة من قوى الاستعمار القديم (البريطاني والفرنسي)، وبطبيعة الحال من قادة الدولة الصهيونية.




فشهدت مصر العدوان الثلاثي عام 1956 وعدوان يونيو 1967، وحصاراً اقتصادياً ورفض تسليح للجيش المصري، فضلاً عن حملات إعلانية شرسة. ومع ذلك كان لسياسة الثورة المصرية الدور الأساسي في انهيار الاستعمار القديم البريطاني والفرنسي، واشتعال أفكار حركات التحرر (العربية والأفريقية خاصة)، ونمو التيار القومي ورسوخ أسس النهضة العربية الحديثة، واحتلال مصر دورها الطبيعي في قيادة المنطقة.




يأخذ البعض على ثورة يوليو أنها أهملت تبني معايير الدولة الحديثة ووسائلها، وخاصة معايير الحرية والديمقراطية وتداول السلطة واحترم حقوق الإنسان، وسيطرة البيروقراطية (الإدارية والعسكرية) على الثورة، وتهميش الجماهير الشعبية ومنعها من إقامة منظماتها المدنية والسياسية، وتوسيع القبضة الأمنية.




ولعل معظم هذه التهم صحيحة، لكنها لا تلغي ما قامت به الثورة من قلب البنى المجتمعية وإشعال روح التحرر ونمو المشاعر القومية وتأكيد ضرورة الوحدة العربية، وقبل ذلك وبعده أنها أعادت لمصر وللشعب المصري العظيم ما يستحقانه من لعب الدور الأساسي في قيادة المنطقة وتحريرها وتطويرها.




لاحظنا خلال العقود الأربعة الماضية ردة وهجوماً من أعداء ثورة يوليو يمارسه البعض دون كلل، ومحاولات ظالمة لإلقاء خيبات الأمة العربية وفشلها في تحقيق أهدافها على عاتق ثورة يوليو، وخاصة على عاتق قائدها جمال عبد الناصر، ولم يعد يتذكر أعداء الثورة سوى سلبياتها، وتناسوا وما زالوا يتناسون إنجازاتها الهائلة ومآثرها الكبيرة.




وخاصة منها تغيير البنية الداخلية لاقتصاد مصر وثقافتها وقواها السياسية ودور شعبها التاريخي، وإطلاق حركة التحرر العربية والمساهمة في إنهاء الاستعمار القديم، وتغيير واقع المنطقة تغييراً لم يعد بالإمكان التراجع عنه كلياً، رغم ما جرى وما يجري في مصر.




كاتب سوري






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:23 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator