تَائِبَةٌ مِن شَرْنَقَةِ الفَسَاد ...
مُجرَّدُ عُبور وَ منْ ثّمًَ عودَةٌ لمَكامِن العَدَم
~:~
مُنْطَرِحَةً عَلَى مَضْجَعِ العَتَمَة ..
بَيْن غَيبُوبَةُ يقَظَتهَـا وَ صِراعَاتِ أحْلاَمِهَا ..
قَوّسَت مِنّصاتِ أذْرُعِها حوَل مَزيجِ غُموضِ ساقَيهَا
وَ غَمرت وَجْهَهَا بزَنديْها
مُخفِيَّةً لهَياكِلِ مَلاَمِحِهَا !
سَخِيَّةٌ فِي حُزنِهَا!
مُشبَّعةٌ بتَراتِيلِ الجُروحِ التِي أدمَتْهَا ..
مُتَوجِعةٌ بِخُيوطِ المَكر !
ارتَخَتْ عَلَى سَتَائِرِ ذُنُوبٍ أمَاتَتْهَا..
:
أهِيَّ انتِفاضَة؟!
لرُكُودٍ أصَابَ مَطَبات النَشأة
أمْ اغتِرابٌ وسَطَ الحَياة
أوْ ..
تَلوِيثُ الأورَاقِ بجُبنِ الحرف!
أجَهِلتُ الوُضوح! وإرتدَيتُ الغُمُوضَ حِجَابَا ..
:
أَكَيانٌ هُو..
بأسطُولِ العَبَرات وَ مَدَامِعِ الجُفُون وَ النَوافِير ..
يُوَاصِلَُ الغَزو .. عَلَى وَقعِ أنِينٍ و نَحِيب ..
:
سُقِيَت خَلاً وَ عَلْقَمًا وَ اختَمرَ هَواءُهَا بأنفَاسِ الفَساد وَ الرَذِيلة
:
بِلا استِئذَان ..
قررتْ دَفنَ حَياةٍ سارَتْ فِي الظَلام ..
لِكسْر ضُعفٍ عانَقَهَا وَ كَآبةٍ سَكَنَتْهَا ..
وَ أنوثَةٍ حَبَسَتْهَا وَ عَثَرَاتٍ جَمعتْ فيهَا أرواحَ الجَوامِد ..
أثْقَلَتْهَا أنْفاسٌ سوْدَاء وَ وُجُوهٌ قبيحَةٌ خَرساء ..
:
قِوى خائِبةٌ مُنهَكَة أوحتْ بهَزالَةِ جِسمِهَا ..
وَ عينَانِ غائِرتَان مَدفُونَتان فِي مَدَامِعِ اليُتم
وَ فَجأة ..
ترَردَ صَوتُ الآذَان عَلَى مَسامِعِهَا ..
فَتَذَكَرتْ أيَّامَهَا فِي مَسجِدِ حَارَتِهَا
أمِنت لِصَدَى المُؤذِنِ النَدِي ..
فَتَوَضَأت بِماءِ دُمُوعِهَا وَ غَطَت جَدائِلَ شَعرِهَا بِردَاءٍ أبيضَ كالثَلجْ!
أهدَتْهُ إياهَا أمُهَا التِي فارَقتْ الحَياةَ فِي حُروبِ الحُريَّة
فنَاولتْ "القُرآن الكَريم" ..
وَ تلتْ بسمِ الله .. و سَجدَت للعَظِيم ..
رَفَعتْ بِيدَيهَا إلَى السَّماء ..
وَ تَفوَهتْ بأن يَا الله ..
وَ تَوالَتْ أسماءُ الوَدُود الغّفار العَفُو التَوَّاب أرجاءَ جُثَتِهَا الهَامِدَة وَسطَ المَآسي ..
فأيْقَظَتْ أشجَانَهَا وَ حرّكت مَشاعِرَها ..
وَ أنَارَتْ سَوَادَ مَكَانِها
تَسَلَلتْ دُموعُهَا عَلَى وِهَاد الجُفون ..
مُطَهِرّة صَدرَهَا مِن آثامٍ الغَفلَة ..
لِيَنابِيعِ الهداية الشَافيَّة ..
ثارَت بِبَقَايَا إيمَانٍ غمَرَت فَجَواتِ فُؤادٍ اكْتَوَى بنارِ الغَدر ..
بَيْنَ عِتابٍ نَفسِ إختَنَقتْ بحَبلِ الخَشيَة وَ الخَوف مِن ربِّ الكَون ..
وَ رَجاءِ العَفوِ وَ المَغفِرة مِن رحْمَنٍ رحِيم ..
إطمَئنَتْ أنفَاسُهَا وَ توالتْ مَدامِعُها تَشُقُ بُحورَ الخَوف
بيْن يدَي العزِيزِ فِي عُلاه .. فَصّلت وَ دَعتْ وَ اسْتغفَرت ..
:
بَعدَ آلامِ المَخاض ..
دَنَا مَلكُ المَوت مِن مَضْجَعِهَا ..
وَ هِي تُحَاوِلُ إلقاءَ نَظَراتِ الأمِ الحَنُون عَلَى مَوْلُودِهَا الأول ..
لِتُوقِظَ نَغمَةَ الحَياةِ من جَدِيد فِي جَنِينِ خرَجَ مِن نُور أحشاءِها إلى أجفَانِ ظَلامِ دُنْياهَا
حَانَ أوَانُ خُروجِ رُوحِهَا
فشَقتْ ملامحُ شِفاهِهَا إبتِسامَةً طَويلَةَ الأرجاء وَ عظِيمَةَ المَناحِي ..
وَ هَمَسَت "بِأن لاَ إلهَ إلاَّ الله مُحمَدٌ رَسُولُ الله".. وَ دَعَت ..
"يَا رَبُّ إنَكَ قدْ وَفقْتَنِي لِتَوبَةٍ نَصُوحٍ عُدتُ بهَا لِطَريقِك ..
وَ ألهَمتَنِي وَلَدًا أضْفَى السَعادَة فِي رُبوعِ وَ جنَباتِ أيامِي ..
فيَا رَبَّ العالَمِين إنِي قدْ وَهبتُكَ إياهُ وَ أنتَ الواهِب الرَازِق ..
فإجعَلهُ اللهُم صالِحًا تَقِيًّا عابِدًا لَكَ وَحدكْ مُقتَدِيًا بحَبيبِكَ مُحمد ..
وَ صَلَى اللهُ علَى مُحمد وَ علَى آله وَ صحْبِه و سلم ..
وَ السَلامُ إلَى يومِ ألقَاهُ فِي جِنانِكَ يا أكْرَمَ الأكرمِين ..."
:
إنْقَطَعتْ أنفاسُها وَ غارَتْ أطْيافُها فَـمَاتَتْ تَحتَ ظِلالِ التوَبَة
مُشتَاقَةً للِقَاءِ رَبٍ عفُو ..
وَ جِنَانٍ خُلد مَع الحَبيبِ المُصطَفَى مُحمد عليهِ الصَلاةُ و السلام
فَرَحلَتْ رُوحُهَا إلى علِيمٍ رحمَنٍ رحيم
:م0ن