السراب
جلست في حلكة الليل، تدق أعقاب الماضي، وترسم حول جفنيها هالات قزحية، عبثت يوم ما بدماغها الصغيرة، حاولت تسلق رموشها بعض قطرات نداها الحميم، ولكن أبت إلا الوقوف على شرفة مآقيها، شكت وجعها بصمت للظلام ولضوء خافت منبعث من شاشة حاسوبها، واخذت الغصص تأكل حلقها ، وتزداد مرارة أحاسيسها، كانت أنا بذاتي تشهق وتزفر، ولا تكاد تلمس خفق قلبها، رحل مع قوس قزح .. !
حاولت رسم معان جميلة للرحيل، حاولت تلوينها وتغيير الخيارت والخصائص كما تفعل مع برامجها الرقمية، لكنها ارتطمت بأن الصفر والواحد لا يتعانقان بالمطلق، هما حبيبان حميمان غريمان، لا يملان السفر بعيدا عن حقيقة اختلافهما، ولا يأبهان بقيمة ما تلفظه الالسن من إطراء وتوبيخ إذا اختلفت قيمتهما، في ميزان العين البشرية...
رمت بصرها بعيدا عن عقلها المبرمج على لغة لا تفهمها سوى الأنا المدفونة بذاتها، وحاولت السير خلف ظلال تهادت من حولها، تنادي باسماء كياسمين وأماني وباسل، ولكن سرعان ما ارتطم رأسها بحقائق كون الياسمين زهرة تذبل وسرعان ما يذهب عبقها بمجرد حلول أماني الفصل القادم، ومحاولته لفرض وجوده، وهكذا تبقى الأماني تحوم، وتقتات على حلم ميت وآخر قادم...
أما باسل فقد توقف طويلا أمام عينيها كأنه حلمها الوردي وها قد تربع أمامها وتجندلت ذرات الهواء لتحملها إليه، وتوقفت مفاصلها تحاول أن تصمت أكثر، لتدرك أكثر، أن السراب لا يرحم !
منقولى