العودة   شبكة صدفة > المنتديات الادبية > الشعر العربى القديم والحديث

الشعر العربى القديم والحديث شعر شعبي ، شعر فصيح ، قصة ، رواية ، مقال ، نقد،يحتوي على أقسام متخصصة بالأدب والشعر والخواطر وكذلك القصص والروايات.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06-10-2011, 08:43 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .

التعجّب

التعجب هو استعظامُ فِعْلِ فاعِل، وله صيغتان قياسيتان هما: [ما أَفْعَلَهُ] و[أَفْعِلْ بِه](1). مثال استعمالهما قولك في التعجب من حُسن الربيع: [ما أَجْمَلَ الربيعَ] و[أَجْمِلْ بالربيع]. فإذا تعذّر صوغ هاتين الصيغتين أمكن التوصل إلى التعجب بأن يُؤتى بمصدرٍ، بعد [أَكْثَر] أو [أَعْظَم] ونحوهما. فيقال مثلاً: [ما أَعْظَمَ إنسانيّةَ زهير، وأَعْظِمْ بإنسانيته]، و[ما أَكْرَمَ استقبالَه، وأَكْرِم باستقباله].

أحكام:

¨ لا تَعَجُّبَ إلا من معرفة، وأما النكرة فلا يتعجب منها، فلا يقال مثلاً: ما أجمل ربيعاً، ولكن إذا تخصّصتْ جاز ذلك. نحو: [ما أجمل ربيعاً تَكْثُر أزهارُه].

¨ صيغتا التعجب هما هما، لا تغيير فيهما، ولا تقديم ولا تأخير. تقول:

يا رجل ويا رجلان ويا رجال أَجْمِلْ بالربيع

يا امرأة ويا امرأتان ويا نساء أَجْمِلْ بالربيع

¨ الفعل المضعّف مثل: عزّ وحبّ وشدّ وعدّ وقلّ... يُفَكّ إدغامه في صيغة [أفعِلْ به]، فيقال: أَعْزِز وأَحْبِبْ وأشدد وأعدد وأقلل...


¨ في صيغتي التعجب تُصَحَّح عينُ المعتلّ، نحو: [ما أطْوَلَ ليلَ المريض، وأطوِلْ به].



تذييل:

قد يكون التعجب من الشيء بواسطة [يا]، في تراكيب ثلاثة، لا تتغيّر ولا تتبدّل. مثالها أن تتعجّب من روعة البحر فتقول: يا بَحر، يا لَلْبحرِ، يا بَحْرا.

وقد يستعمل العربي في تعجّبه، كلمةَ [العجَب] نفسها، فيقول:

[يا عَجَبَا] و[يا لَلْعَجَب].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال التعجب

· قال جميل بثينة (الديوان /179):

وتثاقلتْ لمّا رأتْ كلفي بها أَحْبِبْ إليَّ بذاك مِن مُتَثاقِلِ

[أَحْبِبْ]: الصيغة هذه صيغة أمر. والأمر إذا كان مبنياً على السكون - كما ترى هنا - جاز فيه وجهان: الفكّ والإدغام، أي: [أحبِب وأَحِبَّ]. لكنّ المُجمَعَ عليه، أن صيغة التعجب: [أفعِلْ به] من الفعل المضعّف نحو: [عزّ وحبّ وشدّ إلخ...] لا يجوز فيها إلا الفكّ. فيقال: [أعزِزْ وأَحبِبْ وأشْدِدْ إلخ...]. وعلى ذلك قول جميل: [أحببْ]. فالإدغام إذاً هنا ممتنع، وإن كان في غير صيغة التعجب جائزاً. ومنه قول عليّ كرم الله وجهه وقد رأى عمارَ بن ياسر - أبا اليقظان - صريعاً يوم صفين (همع الهوامع 5/61): [أَعْزِزْ عَلَيَّ - أبا اليقظان - أن أراك صريعاً مُجَدَّلاً].

· وقال رضي الله عنه (نهج البلاغة - د. الصالح /277): [ما أَطْوَلَ هذا العناءَ وأبعد هذا الرجاءَ].

[ما أطوَلَ]: هاهنا مسألة إعلالية، إذ القاعدة أن حرف العلة إذا وقع في حشو الكلمة، نُقلت حركته إلى الحرف الساكن الصحيح قبله. ولكن يستثنى من هذه القاعدة صيغتا التعجب: [ما أَفعلَه وأفعِلْ به] فلا تُعَلاّن. ولولا تصحيح الواو في قوله: [ما أطول...] لقُلبت ألفاً فقيل: ما أطال هذا العناء...!!

· قال الطغرائي:

أُعَلِّل النفسَ بالآمال أَرقُبُها ما أضيقَ العيشَ لولا فُسحةُ الأَمَلِ

يقال هاهنا ما قيل آنفاً في قول عليّ، ولولا تصحيح الياء لقيل: ما أضاق...!!

· قال امرؤ القيس (الديوان /69):

أرى أُمّ عمروٍ دمعُها قد تحدّرا بكاءً على عمروٍ، وما كان أَصْبَرا

[ما كان أصبرا] فيه مسألتان:

الأولى: زيادة [كان] بين [ما] التعجبية وصيغة [أفعل]. وقد عالجنا ذلك في بحث [كان وأخواتها]، وذكرنا جوازه.

والثانية: أن الشاعر حذف المتعجب منه وهو الضمير [ها]، إذ الأصل: [وما كان أصبرها]، وإنما حذفه لدلالة السياق عليه، وحذفُ ما يعلم جائز.

ومنه قول عليّ كرّم الله وجهه:

جزى اللهُ قوماً قاتَلوا في لقائهم لدى الرَّوع قوماً ما أعزّ وأكرما

فقد حذف المتعجب منه مرتين وهو الضمير [هم]، إذ الأصل: [ما أعزهم وأكرمهم].

* * *







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:44 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

تعليق شبه الجملة (الظرف والجار والمجرور)



تبيين للشداة وغير المتخصّصين:

إذا لم يَرْبِط شبهَ الجملة: (الظرف والجارّ والمجرور)، رابطٌ معنويٌّ، بما قبلَه أو بعدَه، كان شبه الجملة في العبارة لغواً أو إحالة(1).

فمِن اللغو والإحالة أن يقال مثلاً: [شَرِبَ خالدٌ بالقلم]. وذلك أنّ [بالقلم] لا يربطهما بـ [شرب] ولا بـ [خالد] رابطة معنوية. إذ الشُّرب لا يكون بالقلم.

وليس كذلك قولك: [كتب خالد بالقلم]، فهاهنا ارتباط معنوي بين [كتب] و[بالقلم]، وذلك أن الكتابة تتحقق بواسطة القلم. ومن هنا أن المعربين يقولون: [بالقلم: جار وجرور متعلّقان بكتب].

ومن اللغو أيضاً والإحالة أن يقال: [نام سعيدٌ تحت الماء]، وذلك أن [تحت الماء] لا يربطه بـ [نام] رابط معنوي، إذ النوم لا يكون تحت الماء.

وليس كذلك قولك: [نام سعيدٌ تحت السقف]، فهاهنا ارتباطٌ معنوي، لأنّ النوم ممكنٌ تحقُّقُه تحت السقف. ولذا يقول المعربون: [تحت: ظرفُ مكان متعلقٌ بنام].

فإذا قيل: إن العربي يقول: [خالد في البيت]، وشبه الجملة هنا لا يرتبط معنويّاً بخالد. وليس هاهنا كلمة أخرى يرتبط بها.

ففي الجواب نقول: إنّ شبه الجملة لما كان - في هذه الحال - هو الذي أتمّ معنى المبتدأ، استقلّ بنفسه فاستغنى عن التعلّق والارتباط بسواه. فشبه الجملة إذاً يفتقر إلى رابط معنوي، في نحو: [كتبت بالقلم] لأن الكتابة تتحقق بالقلم، وأما إذا كان شبه الجملة في موضع الخبر فتمّ به معنى المبتدأ، في نحو: [خالدٌ في البيت] أو [الكتاب على الطاولة]، فإنّ شبه الجملة هو نفسه، يكون الخبر.

وأمّا موضع التعليق (أي: بمَ نعلّق شبه الجملة؟) ويسمّيه النحاة: [المتعَلَّق]، فإنه إدراك عقليّ؛ وصحّةُ المعنى وحدَها، هي الحَكَمُ والفَيْصَلُ، في تعيينه.



البحث

¨ تعليق شبه الجملة (الظرف والجارّ والمجرور)، هو ربطٌ معنويّ بما قبله أو بعده في العبارة، نحو: [خالدٌ جالسٌ فوق السطح (التعليق بجالس)، يستدفئ بحرارة الشمس (التعليق بيستدفئ)، وبعد قليل يذهب إلى السوق (التعليق بيذهب)].

¨ إذا كان شبه الجملة في موضع الخبر، كان هو نفسه الخبر، فاستغنى عن التعليق، نحو: [العلم في الصدور] و[الجنة تحت أقدام الأمهات].

* * *



نماذج من تعليق شبه الجملة لمزيد من الإيضاح:

يقال مثلاً في نَقْد ممثِّل، لا يؤثِّر دورُه في حركته ولا في نُطْقه: [فلانٌ خشبةٌ على المسرح]: شبه الجملة [على المسرح] يتعلّق بـ [خشبة].

وتقول مثلاً في حديثك عن سفرك بالطائرة:

أُفٍّ للسيارة (التعليق باسم الفعل أفّ)،

فقد سافرتُ بالطائرة (التعليق بالفعل سافرت)،

فكانت مُتْعَة سفري عليها (التعليق بالمصدر سَفَر)،

كمتعة إنسان على بساط الريح (التعليق بإنسان)،

أو طفل في المهد (التعليق بطفل)، وهكذا...

ويتبين من هذه الأمثلة أنّ التعليق (الربط)، مسألةُ فهمٍ وإدراكٍ للمعنى، وليس شيئاً وراءَ ذلك.

* * *








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:45 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

التمييز

التمييز: اسمٌ نكرةٌ فضلةٌ منصوب، يرفع إبهامَ ما تقدّمه مِن مفرد نحو: [عندي رِطلٌ - عسلاً]، أو جملة نحو: [حَسُنَ خالدٌ - خُلُقاً] (1).

وهو نوعان:

الأول: أن يتقدّم المضافُ إليه على المضاف، فيصير المضاف إليه فاعلاً أو مفعولاً به، ويصير المضافُ تمييزاً. وذلك نحو: ]واشتعل الرأسُ - شَيباً] (2) والأصل: [اشتعل شيبُ الرأس](3). و ]وفجّرنا الأرضَ - عيوناً] (4) والأصل: [فجّرنا عيونَ الأرض](5).

والنوع الثاني: أن تحتاج الكلمة المفردة، أو الجملة، إلى تبيينٍ يُزيل ما فيهما من الإبهام، فيؤتى باسم هو التمييز، يرفع ذلك الإبهام ويُزيله، نحو:

عندي مِتْرٌ - جوخاً:

لو اجتزأنا بـ [عندي مترٌ]، لكان كلامنا من الوجهة الصناعية تامّاً، إذ هو مؤلف من مبتدأ وخبر. ولكن الإبهام هاهنا يعتري قولنا، فلا يُدرَى: أمتر حرير هذا المتر، أم متر كتان، أم متر حديد تُقاس الأطوال به؟

فإذا أُتِيَ بالتمييز، فقيل: [جوخاً]، زال الإبهام، واتضح القصد.

لي قصبةٌ - أرضاً:

ما قلناه في المثال الأوّل، يقال هنا. فقولنا: [لي قصبةٌ]، كلام تامّ، إذ هو من الوجهة الصناعية، مؤلف من مبتدأ وخبر. ولكن الإبهام يعتريه، فلا يُدرَى: أهذه القصبة قصبةٌ مما تُنبت الأرض، أم قصبة مما يُكتَب به، أم قصبة تقاس بها الأراضي عند مسحها؟ فإذا أتينا بالتمييز، فقلنا: [أرضاً]، زال الإبهام، واتضح القصد.

خالدٌ أكبر منك - سِنّاً:

قولنا: [خالدٌ أكبر منك]، هو من الوجهة الصناعية،كلام تامّ، مؤلّف من مبتدأ وخبر. ولكنّ الإبهام يعتريه، فلا يُدرَى أخالدٌ أكبر منك حجماً، أم عُمراً، أم قَدْراً ؟ فإذا أُتِيَ بالتمييز، فقيل: [سِنّاً]، زال الإبهام، واتّضح القصد.

امتلأ قلبُ زهير - سروراً:

جملة: [امتلأ قلب زهير]، تصدق على أشياء كثيرة يمتلئ بها القلب، من فرح وسعادة وحُزن وغبطة إلخ... وذلك مدعاةُ إبهام، وللتبيين والإيضاح، أُتِيَ بكلمة [سروراً]، فأوضحتْ وفسّرتْ، وأزالت الإبهام، وبيّنتْ أنّ قلب زهير إنما امتلأ بالسرور، لا بغيره مما يمتلئ به في الحالات المختلفة.

وقس على ذلك قولَك: [عندي ذراعٌ - حريراً]، و[لك قنطارٌ - عسلاً]، و[أعطِ الفقير صاعاً - قمحاً]، و[ما في السماء قَدْرُ راحةٍ - سحاباً]، و[عندي جَرَّةٌ - ماءً]، و[لنا مثل ما لكم - خيلاً، ولنا غير ذلك - غنماً]، و[عندي خاتمٌ - ذهباً]، و[كفى بالشيب - واعظاً]، و[عَظُمَ عليٌّ - مقاماً]، و[ارتفع سعيدٌ - رتبةً]، و[ملأتُ بيتي - كتباً]، و[سموتَ - أدباً]، و[ما أكرمكَ - رجُلاً]، و[أَكرِمْ بسليم - خطيباً] إلخ...



تنبيهات:

1- قد يتقدّم التمييز على فعله، نحو: [نفساً يطيب خالدٌ]، إلاّ أن يكون فعلاً جامداً نحو: [ما أحسنه فارساً]، فيمتنع ذلك.

2- لا يتقدّم تمييز المفرد على المميَّز، قولاً واحداً. فلا يقال مثلاً: [نجح طالباً عشرون].

3- التمييز اسمٌ جامد، ولكن قد يكون مشتقاً نحو: [لله درّه فارساً].

فوائدُ تجلوها مقابلةُ الحالِ بالتمييز:



الحال
التمييز

الأصل في الحال أنها مشتقّة
الأصل في التمييز أنه جامد

الحال على معنى [في]
التمييز على معنى [مِن]

قد تحذَف الحال فيفسد المعنى
يُحذَف التمييز فلا يفسد المعنى

الحال تفسِّر هيئة صاحبها
التمييز يفسِّر ما انبهم من مفرد أو جملة

الحال تكون اسماً وجملة وشبه جملة
التمييز لا يكون إلاّ اسماً




* * *


نماذج فصيحة من استعمال التمييز

· ]رأيتُ أحدَ عشَرَ كوكباً[ (يوسف 12/4)

[أحدَ عشرَ كوكباً]: تجري كتب الصناعة على أنْ تُعرِب الاسم المنصوب [أي: المعدود]، بعد العدد تمييزاً، من الأحد عشر إلى التسعة والتسعين. وترى نموذج ذلك في كلمة [كوكباً] مِن الآية، فإنها المعدود بعد العدد: [أحد عشر] فتُعرَب تمييزاً منصوباً(6).

ومثل ذلك، قوله تعالى: ]إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً[ (ص 38/23)، فالتمييز هنا هو: [نعجةً]. وقوله أيضاً ]فانفجرت منه اثنتا عشْرةَ عيناً[ (البقرة 2/60)، فالتمييز هنا هو: [عيناً].

· قال الشاعر:

إذا المرء عيناً قرَّ بالعيش مُثرِياً ولم يُعْنَ بالإحسان، كان مذمَّما

[المرءُ عيناً قرّ]: الأصل في التركيب هو: [قرّتْ عينُ المرءِ]، ثم يُقدّم المضاف إليه [المرء]، فيكون فاعلاً لـ [قرّ]، ويؤخَّر المضاف [عين] فيكون تمييزاً. هذا هو الأصل؛ لكنّ الشاعر قدّم كلمة [عيناً] على الفعل فقال: [عيناً قرّ]. والتمييز يجوز أن يتقدم على فعله، إلاّ أنْ يكون فعلاً جامداً فيمتنع ذلك.

· قال المتنبي (الديوان 2/75):

فهنَّ أَسَلْنَ دماً مُقلتِيْ وعذَّبن قلبيْ بطول الصدودِ

[أسلنَ دماً مقلتي]: الأصل في التركيب هو: [هنّ أسلْنَ مقلتي دماً]، غير أنّ الشاعر قدّم التمييز وهو: [دماً]، فأتى به بين الفعل ومفعوله. ولقد قدّمنا آنفاً أنّ التمييز يجوز أن يتقدم على فعله، وإذا جاز تقديمه على الفعل، فتقديمه على المفعول أحرى.

· ومن تقديم التمييز أيضاً قول الشاعر:

أنَفْساً تطيب بنَيْلِ المنى وداعِيْ المَنُون ينادي جِهارا

[أنفساً تطيب]: الأصل في التركيب هو: [أتطيب نفساً؟]، غير أنّ الشاعر قدّم التمييز وهو: [نفساً]، على الفعل. وذلك جائز كما ذكرنا آنفاً.

· ومن التقديم أيضاً قول الشاعر:

ولستُ - إذا ذَرْعاً أَضِيقُ - بضارعٍ ولا يائس عند التعسُّرِ من يُسْرِ

البيت بعد حلِّه يصير إلى: ((إذا ضقتُ ذرعاً، فلست بضارعٍ (لست بمتذلّل)، ولا يائسٍ من يُسرٍ عند التعسّر)). والذي نريده من البيت هو [ذرعاً أضيق]، فإنّ الأصل تأخير التمييز، فيقال: [أضيق ذرعاً]. غير أنّ الشاعر قدّمه فقال: [ذرعاً أضيق]، وقد كررنا القول: إنّ ذلك جائز.

· ]قُلْ لو كان البحرُ مداداً لكلمات ربي لنفِدَ البحرُ قبل أنْ تنفَدَ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً[ (الكهف 18/109)

تعبِّر كتب الصناعة عن مجيء كلمة [مثل] وكلمة [غير] مبهمتين في الكلام، بقولها: [ما دلَّ على مماثلة، وما دلّ على مغايرة]. فأما المماثلة فمنها ما نحن بصدده، وهو قوله تعالى: [جئنا بمثله مدداً]، وذلك أنّ كلمة [مِثل] يعتريها الإبهام، فإذا سمعك امرؤ تقول: [خالدٌ مثل الجبل] لم يدرِ أهو مثله في التَوَطُّد أم الثبات أم الارتفاع إلخ... حتى إذا أتيتَ بالتمييز فقلتَ: [مثل الجبل ثباتاً]، ارتفع الإبهام واتّضح القصد.

وقُل الشيءَ نفسه في الآية. فإنّ المرء لا يدري أمماثلةُ البحر هنا بالكميّة، أم بسهولة الاستمداد، أم بالاتّساع؟ فلما قيل: [مدداً]، ارتفع الإبهام واتّضح القصد.

وكذلك الشأن - طِبقاً - في استعمال [غير]. تقول مثلاً لمن تحدّثه: [عندي خيلٌ وغير ذلك]، فلا يدري ما الذي عندك غير الخيل، حتى إذا أتيت بالتمييز فقلت: [وغير ذلك غَنَماً] ارتفع الإبهام واتّضح القصد.

· قال جرير (الديوان /89):

ألستم خيرَ مَن ركب المطايا وأندى العالمين بطونَ راحِ

قول الشاعر: [ألستم....أندى العالمين] - من الوجهة الصناعية - كلامٌ تامّ، غير أنّ الإبهام يعتريه، إذ لا يُعرَف بمَ كانوا أندى العالمين، أَهُمْ أنداهم نباتاً (مِن نَدِيَ النبات إذا أصابه الندى)؟ أم هم أنداهم صوتاً، (مِن نَدِيَ الصوتُ إذا علا وامتدّ)؟ حتى إذا أتى الشاعر بالتمييز فقال: [بطونَ راح] ارتفع الإبهام وتبيّن أنّ الشاعر أراد: ألستم أندى الناس كفّاً؟ (مِن النَدى، أي: الكَرَم).

· ]فلن يُقبَل مِن أحدهم مِلءُ الأرض ذهباً[ (آل عمران 3/91)

[لن يُقبلَ ملءُ الأرض]: الكلام مِن الوجهة الصناعية تامّ، مؤلَّف من فعل ونائب فاعل، غير أنّ الإبهام يعتريه، فلا يُدرى: أهذا الذي لن يُقبَل هو ملءُ الأرض نحاساً أم فضةً أم جواهرَ إلخ... حتى إذا جيء بالتمييز فقيل: [ملْءُ الأرض - ذهباً]، زال الإبهام واتّضح القصد.

* * *








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:45 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

التنازع



التنازع: أنْ يطلب المعمولَ عاملان تقدّما عليه. نحو قولك: [سافر وعاد خالدٌ]. فكلٌّ من الفعلين المتقدمَيْن: [سافر ورجع] يطلب فاعلاً هو كلمة: [خالدٌ]. ونحو الآية: ]آتوني أُفْرِغْ عليه قِطْراً[ (الكهف 18/96) فكلٌّ من الفعلين المتقدمين: [آتوني وأفرغ] يطلب مفعولاً به، هو كلمةُ [قِطراً]: (القِطر النحاس الذائب).



الحكْم:

لك أن تُعمِل في الاسم الظاهر أيَّ العاملين شئت، فيكون العامل الآخرُ عاملاً في الضمير(1).

* * *

نماذج مشروحة من التنازع!!

(النماذج هنا والتعليق عليها مقبوسان من شرح ابن عقيل)

ظنَّني وظننتُ زيداً قائماً إيّاه - ظننتُ وظنّنيهِ زيداً قائماً.

ظننتُ وظنّني إيّاه زيداً قائماً - أظنُّ ويظنّاني زيداً وعمراً أخوين.

ولقد رأى ابن عقيل - أثابه الله- أنّ ما صاغه ابن مالك ومثّل له، في باب التنازع، محتاج إلى شيءٍ !! من الشرح، وهو قولُه:

وأظهرِ انْ يكن ضمير خَبَرا لغير ما يطابق المفسَّـرا

نحو: أظنُّ ويظنّاني أخَا زيداً وعمراً أخوين في الرَخا

فانبرى يشرح ذلك فقال ما نصّه: (1/555)

[يجب أنْ يُؤتى بمفعول الفعل المهمل ظاهراً إذا لزم من إضماره عدمُ مطابقته لما يفسِّره، لكونه خبراً في الأصل عما لا يطابق المفسِّر، كما إذا كان في الأصل خبراً عن مفرد ومفسِّرُهُ مثنى، نحو (أظن ويظناني زيداً وعمراً أخوين) فـ (زيداً) مفعول أوّل لأظُنُّ، و(عمراً) معطوف عليه، و(أخوين): مفعول ثانٍ لأظنُّ، والياء: مفعول أوّل ليظنّان، فيحتاج إلى مفعول ثانٍ. فلو أتيت به ضميراً فقلت: (أظنّ ويظناني إيّاه زيداً وعمراً أخوين)، لكان (إيّاه) مطابقاً للياء، في أنهما مفردان، ولكن لا يطابق ما يعود عليه وهو (أخوين)؛ لأنه مفرد، و(أخوين) مثنى؛ فتفوت مطابقة المفسِّر للمفسَّر، وذلك لا يجوز].

وتابع ابن عقيل شرحه وتبيينه فقال (1/556):

[وإن قلت: (أظنُّ ويظنّاني إيّاهما زيداً وعمراً أخوين) حصلت مطابقة المفسِّر للمفسَّر؛ وذلك لكون (إيّاهما) مثنى، و(أخوين) كذلك، ولكن تفوت مطابقة المفعول الثاني - الذي هو خبر في الأصل - للمفعول الأول، الذي هو مبتدأ في الأصل، لكون المفعول الأول مفرداً، وهو الياء، والمفعول الثاني غير مفرد، وهو (إيّاهما)، ولابدّ من مطابقة الخبر للمبتدأ، فلما تعذّرت المطابقة مع الإضمار وجب الإظهار؛ فتقول: (أظنّ ويظنّاني أخا زيداً وعمراً أخوين). فـ (زيداً وعمراً أخوين): مفعولا أظنّ، والياء مفعول يظنان الأول، و(أخا) مفعوله الثاني، ولا تكون المسألة - حينئذٍ - من باب التنازع لأن كلاً من العاملَين عمل في ظاهر].

وإنّ من أيسر اليسير، أنْ نقبس من مطولات كتب الصناعة، شيئاً كثيراً من هذا المعجن، نحو: [كنتُ وكان زيدٌ صديقاً إيّاه]، و[أظنّ ويظنّانني أخاً الزيدين أخوين] إلخ... ولكننا أعرضنا عن ذلك، إذ بعض الشيء يغني عن كله، إذا كان هذا هذا.

* * *







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:46 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

التوكيد

¨ التوكيد: تكرير اللفظ لتثبيته في النفس، اسماً كان أو فعلاً أو حرفاً أو ضميراً. ويتبع في إعرابه إعرابَ المؤكَّد قبله، رفعاً ونصباً وجرّاً، ويسميه النحاة اصطلاحاً: [التوكيد اللفظي]. ودونك الأمثلة: [جاء خالدٌ خالدٌ، وجاء جاء خالدٌ، ونعمْ نعمْ، وسافرتَ أنتَ، وسنسافر نحن].

¨ وقد يكون التوكيد بإحدى الكلمات السبع التالية، وهي: [العين، والنفس، وجميع، وعامّة، وكُلّ، وكِلا، وكِلتا] ويسمّونه: [التوكيد المعنويّ]. ودونك الأمثلة: [جاء الضيفُ عينُه، والزائرةُ نفسُها، والجيرانُ جميعُهم، ونظرنا إلى الطلاّبِ عامّتِهم، ثم كرَّمْنا الناجحِين كلَّهم، وصفّقنا للمتقدِّمَيْن كليهما، والمتقدِّمَتَيْن كلتيهما].

¨ قد يراد توكيد التوكيد وتقويته، فيؤتى بكلمة [كلّ]، وبعدها إحدى أربع كلمات هي - على حسب الحال -: [أجمع، أو جمعاء، أو أجمعون، أو جُمَع]، ودونك الأمثلة: [جاء المعهدُ كلُّه أجمعُ، يصحب الهيئة الإداريةَ كلَّها جمعاءَ، مع الطالباتِ كلِّهنَّ جُمَعَ، والطلاّبِ كلِّهم أجمعين](1).



أحكام:

· التوكيد خاصّ بالمعارف، غير أنّهم أكّدوا النكرات إذا كانت محدودة المقدار، كاليوم والشهر والسنة، نحو: [غبتُ سنةً كلَّها].

· المُظهَر يؤكَّد بمُظهَر نحو: [سافر خالدٌ نفسُه]، وأما الضمير فيؤكَّد بمضمَرٍ ومظهَر، نحو: [سافرنا نحن، وسلّمنا عليكَ نفسِك].

· إذا أكّدتَ ضمير الرفع بالنفس والعين، فلا بدّ من أنْ تقوّيه أوّلاً بضميره المنفصل، نحو: [سافرتُ أنا نفسي، وسافروا هم أنفسُهم، وخالدٌ نجح هو عينُه...].

· المؤكَّد، يؤكَّد بمثله، إلاّ المثنى فيؤكَّد بمثله وبالمفرد وبالجمع أيضاً، نحو: [جاء الرجلان نفساهما، أو نفسهما، أو أنفسُهما].



* * *

نماذج فصيحة من التوكيد

· ]فسجد الملائكةُ كلُّهم أجمعون[ (الحجر 15/30)

[أجمعون]: توكيد لكلمة [كلُّ]، التي هي أصلاً توكيدٌ لكلمة [الملائكةُ]، فهاهنا -كما ترى - توكيدٌ للتوكيد، والغرض من ذلك التقوية. فإذا لم تُرَد التقوية،لم تسبقها [كلّ]. ونذكّر بأنّ ما يؤتى به لتوكيد التوكيد أربع مفردات هي: أجمع وجمعاء وجُمَع، وأجمعون التي نحن بصددها.

· ]لأُغويَنَّهم أجمعين[ (ص 38/82)

[أجمعين]: اسمٌ منصوب، لأنه توكيد للضمير [هم] الذي هو في محل نصب مفعول به. وكلمة [أجمعين]، هي من الكلمات الأربع التي قلنا آنفاً: إنها يُؤتى بها مسبوقةً بـ[كل]، إذا أريدَ توكيد التوكيد (للتقوية). فإذالم تسبقها [كل] أفادت التوكيد فقط، كما ترى في الآية.

· ]هيهات هيهات لما توعَدون[ (المؤمنون 23/36)

[هيهات هيهات]: هيهات الثانية، توكيدٌ للأولى، وهو توكيد يسميه النحاة: [التوكيد اللفظي]، لأنه يكون بتكرير اللفظ. والغرض من تكريره وإعادته، تثبيتُه في النفس. وتلاحظ أنّ المؤكَّد هاهنا اسم فعل، ولكنْ قد يكون فعلاً، واسماً، وحرفاً، وضميراً،كما ترى بعدُ.

· قال جميل بثينة (الديوان /79):

لا لا أبوحُ بحبّ بَثْنَةَ إنها أخذتْ عليَّ مواثقاً وعهودا

[لا لا]: هاهنا توكيدٌ لفظيّ، وهو من توكيد الحرف بالحرف، بإعادة الأول بلفظه.

· قال الكميت بن زيد (الهاشميات /31):

فتلك وُلاةُ السوءِ قد طال ملكُهم فحتّامَ حتّامَ العناءُ المطَوَّلُ

[حتّامَ حتّامَ]: حتّامَ الثانية توكيدٌ لفظيّ للأولى، وهو من توكيد الجارّ والمجرور بجارّ ومجرور. الأصل: [حتى ما؟] ثم حذفت ألف [ما] الاستفهامية، على المنهاج في حذفها كلما دخل عليها حرف جرّ.

· قال الشاعر (شرح المفصل 2/25):

فإيّاكَ إيّاكَ المراءَ فإنّهُ إلى الشرّ دعّاءٌ وللشرّ جالبُ

[إيّاكَ إيّاكَ]: توكيد لفظيّ، وهو من توكيد الضمير بضمير، بإعادة الأول بلفظه.

· قال قطريّ ابن الفجاءة (شرح ديوان الحماسة: التبريزي 1/50):

فَصَبْراً في مَجال الموت صَبراً فما نَيْلُ الخُلودِ بمستطاعِ

[صبراً صبراً]: توكيد لفظي، وهو من توكيد الاسم الظاهر باسم ظاهر، بإعادة الأول بلفظه.

· قال النابغة للنعمان (الديوان /26):

مهلاً فداءً لكَ الأقوامُ كلُّهمُ وما أُثَمِّرُ من مالٍ ومن ولدِ

[كلُّهُم]: توكيدٌ لـ [الأقوامُ]، ويسميه النحاة اصطلاحاً: [التوكيد المعنويّ]. وهو توكيد يكون بكلمة من سبع كلمات هي: [العين والنفس وجميع وعامّة وكِلا وكِلتا، وكلّ: التي نحن بصددها هاهنا في البيت].

· ]يا آدمُ اسكنْ أنتَ وزوجُكَ الجنّة[ (البقرة 2/35)

[اسكنْ أنتَ]: هاهنا فعل أمر: [اسكنْ]، فاعله ضمير مستتر وجوباً. وأما الضمير [أنتَ] الظاهر، الذي تراه، فهو توكيد للضمير المستتر. وهذا صنف من صنوف التوكيد اللفظي، إذ هو تكرير للضمير المستتر، وإعادة له.

· قال الشاعر (الخزانة 5/168): يذْكر مرضعاً وابنها:

[إذاً ظلِلْتُ الدهرَ أبكي أجمعَا]

[الدهرَ... أجمَعا]: كلمة [أجمع] توكيد لـ [الدهر]، وهي واحدة من أربع كلمات يؤتى بها بعد [كلّ]، لتوكيد التوكيد، إذا أريد تقويته، هي: [جمعاء وجُمَع وأجمعون وأجمع (التي نحن بصددها)]. ويتوجّه النظر هاهنا، إلى أنّها لم تُسبَق بـ [كل]، ولذلك تكون في استعمال الشاعر للتوكيد، لا لتوكيد التوكيد (التقوية). وقد وجّهنا النظر آنفاً، إلى أنّ ذلك وارد في كلامهم. وأوردنا له شاهداً قوله تعالى: ]لأُغْوِيَنَّهمْ أجمعين[.

· ]وإنّ جهنمَ لَموعدُهم أجمعين[ (الحجر 15/43)

[أجمعين]: توكيد مجرور، للضمير المتصل: [هم] الذي هو في محلّ جرّ. وقد ذكرنا آنفاً أنّ [أجمعون] من الكلمات الأربع التي يُؤتى بها للتوكيد، إلاّ إذا سبقتها [كلّ] فتكون لتقويته. ولما كانت هنا في الآية غير مسبوقة بـ [كلّ] كانت للتوكيد فقط، لا لتقويته.



* * *







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:47 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

توكيد الفعل بالنون



يؤكَّد الفعل بالنون لتقوية معناه في نفس المستمع. ودونك أحكام ذلك في أحواله الثلاث:

1 - أما الفعل الماضي فلا يؤكد بالنون مطلقاً.

2- وأما فعل الأمر فلك الخيار - بغير قيد - إن شئت لم تؤكده، وإن شئت أكدته. وعلى ذلك تقول: [اذهب أو اذهبنّ، واكتب أو اكتبنّ]. قال عبد الله بن رواحة:

فأَنزلنْ سكينةً علينا وثبّتِ الأقدامَ إن لاقينا

وتلاحظ التوكيد مرة: [أنزلنْ]، وعدمَه مرة: [ثبت].

3- وأما الفعل المضارع فتوكيده بالنون ذو فرعين:

الفرع الأول: أن يكون هذا الفعل جواباً لقسم متصلاً باللام. ولا مناص في هذه الحال من توكيده. [توكيده واجب]. ومنه الآية: ]تالله لأكيدنّ أصنامكم[ (الأنبياء 21/57) فالمضارع [لأكيدنّ] واجبٌ توكيده لأنه جواب لقسم: [تالله]،لم تُفصَل اللام عنه.

فإذا لم تتصل به اللام، لم يؤكَّد بحال من الأحوال: (توكيده ممنوع). ومنه الآية: ]ولسوف يعطيك ربك فترضى[ (الضحى93/5) وقد فصلتْ [سوف] بين اللام وجواب القسم [يعطيك] فامتنع التوكيد. ولولا هذا الفصل لوجب التوكيد، فقيل: [ليعطينّك ربك].

ومن بديع الشواهد والأمثلة في هذا الباب، قوله تعالى: ]لئن أُخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم لَيُوَلُّنَّ الأَدبار[ (الحشر59/12) ففي الآية -كما ترى - ثلاثة أجوبة للقسم.

فأما الأول والثاني، أي: [لا يخرجون] و[لا ينصرونهم]، فلم تتصل بهما اللام، فامتنع توكيدهما، وأما الثالث وهو: [ليولُّنَّ]، فقد اتصلت به اللام فوجب توكيده.

والفرع الثاني: ألاّ يكون المضارع جواباً لقسم؛ وفي هذه الحال يجوز توكيده، وعدم توكيده: [لك الخيار]. تقول: [ألا تسافرُ وألا تسافرنَّ، ولا تتأخرْ ولا تتأخرنَّ]...

ولا يستثنى من ذلك إلا الفعل الذي تُنْبِئ به مخاطبك نبأً ما، نحو: [يشرب خالد، وينام سعيد، ويلعب محمد...] فهذا لا يؤكده العربي(1).



أحكام:

1- تُحذَف من المضارع الذي يراد توكيده بالنون: ضمّةُ الرفع في المفرد، ونونُ الرفع في الأفعال الخمسة.

2- يجوز تثقيل النون وتخفيفها في كل موضع، إلاّ بعد ألف التثنية ونون النسوة، فليس إلاّ التثقيل، نحو: [تشربانّ وتشربنانّ].

3- إذا وقفتَ على النون الخفيفة جاز أن تقلبها ألفاً نحو: [يا زهيرُ سافِرَنْ = يا زهير سافِرَاْ].

4- يعامَل فعل الأمر عند توكيده، كما يعامل الفعل المضارع.

تطبيق على توكيد الفعل مقترناً بفاعله:

¨ فاعلُه: مفرد مذكَّر (نحو: تسافر): يُبنى على الفتح:

واللّه لَتُسافِرَنَّ ولَتسعَيَنَّ ولَتَدعُوَنَّ أصدقاءَك ولَتقضِيَنَّ حَقَّهم

سافِرَنَّ واسعَيَنَّ وادعُوَنَّ أصدقاءَك واقضِيَنَّ حَقَّهم

¨ فاعلُه: مثنى (نحو: تسافران): تُكسَر نون توكيده:

واللّه لَتُسافِرانِّ ولَتسعَيَانِّ ولَتَدعُوَانِّ أصدقاءَكما ولَتقضِيَانِّ حَقَّهم
سافِرانِّ واسعَيَانِّ وادعُوَانِّ أصدقاءَكما واقضِيَانِّ حَقَّهم

¨ فاعلُه: جمع مذكّر (نحو: تسافرون): تُحذَف واو الجماعة إلاّ مع المعتلّ بالألف:

واللّه لَتسافِرُنَّ ولَتسعَوُنَّ ولَتدعُنَّ أصدقاءَكم ولَتقضُنَّ حَقَّهم

سافِرُنَّ واسعَوُنَّ وادعُنَّ أصدقاءَكم واقضُنَّ حَقَّهم

¨ فاعلُه: مفردة مخاطَبَة (نحو: تسافرين): تُحذَف الياء إلاّ مع المعتلّ بالألف:

واللّه لَتسافِرِنَّ ولَتسعَيِنَّ ولَتدْعِنَّ صديقاتك ولَتقضِنَّ حَقَّهن

سافِرِنَّ واسعَيِنَّ وادعِنَّ صديقاتك واقضِنَّ حَقَّهنّ

¨ فاعلُه: جمع مؤنث (نحو: تسافرْنَ): الفعل هو هو، لكنْ يُزاد بعده ألِف:

واللّه لَتُسافِرْنانِّ ولَتسعَيْنانِّ ولَتَدعُونانِّ صديقاتكنّ ولَتقضِينانِّ حَقَّهنّ

سافِرْنانِّ واسعَيْنانِّ وادعُونانِّ صديقاتكنّ واقضِينانِّ حَقَّهنّ

* * *

نماذج فصيحة من توكيد المضارع بالنون وجوباً، وامتناع ذلك،

وجواز توكيده وعدمه

· قال النابغة:

فلَتأتِيَنْكَ قصائدٌ ولَيَدفَعَنْ جيشٌ إليكَ قوادمَ الأَكوارِ

(الأكوار للإبل بمنْزلة السروج للخيل. يتوعّده بجيش يأتيه على الإبل، حتى إذا حلّ بساحته نزل الأبطال عنها وامتطوا الخيل). وللبيت رواية أخرى: [جيشاً إليك قوادمُ].

[لَتَأْتِيَنْ]: فعل مضارع، واجبٌ توكيده، لأنه جواب قسم (القسم محذوف) وقد اتصلت به اللام، فتحقق شرط الوجوب. ومثله: [لَيَدفعَنْ]: والنون في كليهما هي الخفيفة(2).

· ]والقمرِ إذا اتّسق لَتركبُنَّ طبقاً عن طبق[ (الانشقاق84/18-19)

[لتركَبُنَّ] فعل مضارع واجبٌ توكيده، لأنه جواب قسم اتصلت به اللام؛ والنون هي الثقيلة.

· قال امرؤ القيس (الديوان/134):

والله لا يذهبُ شيخي باطلا حتى أُبيرَ مالكاً وكاهِلا

القاتِلينَ الملكَ الحُلاحِلا خيرَ مَعَدٍّ حَسَباً ونائِلا

(أبير: أُهلِك، الحلاحل: الشريف).

فهاهنا قسم: (والله)، وجواب القسم: (لا يذهبُ). وتوكيده بالنون ممنوع؛ وإنما امتنع ذلك مع أنه جوابُ قسم، لأن شرط التوكيد الذي لا بد منه، وهو اتصال لام القسم بالفعل، لم يتحقق. ومن هذا تعلم أن المسألة ليست مركوزة في القَسَم، وإنما هي مركوزة في اتصال اللام بجواب القسم!!

· وقال الشاعر:

فحالِفْ، فلا والله تَهبطُ تَلْعَةً من الأرض، إلا أنتَ للذلّ عارِفُ

(يقول الشاعر: حالفْ مَنْ تَعِزُّ بِحِلْفه، وإلا عرفت الذل حيث توجهت من الأرض).

قوله: (تهبط) جواب للقسم: (والله)، وتوكيده ممنوع، وإنما امتنع لأن شرط التوكيد، الذي لابد منه، وهو اتصال لام القسم بالفعل،لم يتحقق(3).

· ]واتّقُوا فتنةً لا تُصِيبَنَّ الذين ظلموا منكم خاصّة[ (الأنفال8/25)

[لا تصيبَنَّ]: تلاحظ توكيد المضارع بالنون. ولولا أن النص قرآني لجاز أن يقال: [لا تصيبُ الذين...]. وذلك أن المضارع ليس جواباً لقسم، فجاز التوكيد وعدمه.

· وقال الأعشى (الديوان /137):

وذا النُّصُبَ المنصوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ ولا تَعبدِ الأوثانَ والله فاعْبُدَا(4)

[تنسكَنَّ]: مضارع سبقته [لا] الناهية، وهو مؤكَّد بالنون، ولكن لو قيل: (لا تنسُكْه) لجاز. وقد أوضحنا سبب ذلك في الشاهد السابق، إذ قلنا إن المضارع إذا لم يكن جواباً للقسم، جاز توكيده وعدم توكيده.

ومن ذلك أيضاً، الآية: ]ولا تقولَنَّ لشيء إني فاعل ذلك غداً[ (الكهف 18/23) فلولا أن النص قرآني لجاز عدم التوكيد، أي: (ولا تقلْ...). وذلك أن المضارع ليس جواباً لقسم.

ومن هذه النماذج أيضاً قول امرئ القيس (الديوان /358):

قالت فُطَيْمَةُ: حَلِّ شِعرَكَ مَدحَهُ أَفَبَعْدَ كندةَ تَمْدَحَنَّ قَبيلا

[تمدحنَّ]: مضارع ليس جواباً للقسم، فيجوز فيه التوكيد وعدمه، ولو قيل: [أفبعد كندة تمدحُ] لجاز.

· ومثل ذلك قول الشاعر:

فهل يمنعنّي ارتيادي البلا دَ مِن حَذَرِ الموتِ أنْ يَأْتِيَنْ

[يمنعنّي]: مضارع ليس جواباً للقسم، وقد أُكّد بالنون، ولو لم يؤكَّد فقيل: [فهل يمنعُنِي] لجاز.

وقس على ذلك ألا يكون جواباً للقسم، فيجوز فيه الوجهان:

نحو: لِيُسافرَنَّ، فيجوز: لِيُسافِرْ

ونحو: ألا تسافرَنَّ، فيجوز: ألا تسافِرُ

ونحو: هلاّ تسافرَنَّ، فيجوز: هلاّ تسافِرُ

ونحو: ليتك تسافرَنَّ، فيجوز: ليتك تسافِرُ

ونحو: لعلك تسافرَنَّ، فيجوز: لعلك تسافِرُ

ومن هذه النماذج أيضا، أن يكون المضارع، مسبوقاً بـ [ما] الزائدة، ومنه قول الشاعر:

إذا مات منهم ميِّتٌ سَرَق ابنُهُ ومِنْ عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكيرُها

(يريد إذا مات منهم ميت سرق ابنه مساوئه، فكان شبيهاً به، فمن رأى هذا ظنه ذاك. و[العضة]: واحدة [العضاه]، وهو شجر عظام. و[الشكير]: صغار الورق والشوك).

[ينبتَنَّ]: مضارع ليس جواباً للقسم، وقد أُكّد بالنون، وسبقته [ما] الزائدة، ولو قيل: [ما ينبتُ] لجاز.

· ومن ذلك غير قليل من أمثال العرب:

منها قولهم (مجمع الأمثال 1/100): [بعينٍ ما أَرَيَنَّكَ] . ولو قالوا: [بعينٍ ما أراك] لجاز. [المعنى: اعمل كأني أنظر إليك، يُضرب في الحثّ على ترك البطء، و (ما) زائدة].

وقولهم (مجمع الأمثال1/107): [بألَمٍ ما تُخْتَنَنَّ]. ولو قالوا: [بألمٍ ما تختَنُ] لجاز.

وقولهم (مجمع الأمثال 1/102): [بسلاحٍ ما يُقْتَلَنَّ القتيل]. ولو قالوا: [بسلاحٍ ما يُقتَلُ] لجاز.

· ومنه الآية: ]إمّا يبلغَنَّ عندك الكبرَ أحدُهما أو كلاهما[ (الإسراء17/23)

[إما = إنْ الشرطية+ما الزائدة]، [يبلغَنَّ]: مضارع ليس جواباً للقسم، مؤكدٌ بالنون، ولو لم يكن النص قرآنياً لجاز: [إما يبلغْ].

· ومثل ذلك الآية: ]فإمّا تَرَيِنَّ من البشر أحداً[ (مريم 19/26)

ولولا أن النص قرآني لجاز: [إما تَرَيْ].

· ومما جاء من هذا غيرَ مؤكد بالنون قول الشاعر:

يا صاح إما تجدْني غير ذي جِدَةٍ فما التخلّي عن الخِلاّنِ من شِيَمِي

[إما تجدْني]: مضارع ليس جواباً للقسم، غير مؤكد بالنون، سبقته [ما] الزائدة، ولو أُكِّد بالنون فقيل: [إما تجدَنِّي] لجاز.



* * *








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:47 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

الجامد والمتصرف

إذا كان الفعل ممّا يلزم صيغة واحدة لا يَعْدُوها، سَمَّوْه جامداً. ثم قد تكون صيغةَ ماضٍ نحو: [عسى- ليس...] أو صيغة أمرٍ نحو: [تعالَ - هاتِ...].

فإذا كان ممّا يتحوّل من صيغة إلى أخرى سمَّوه: متصرّفاً.

ثم هو تامُّ التصرّف، إذا كان يأتي منه الصيغ الثلاث: (الماضي والمضارع والأمر)، نحو: [شربَ - يشربُ - اِشربْ]، و[فتحَ - يفتحُ - اِفتحْ].

وهو ناقصُ التصرف إذا كان يأتي منه صيغتان فقط، مثل: [كاد - يكاد]، و[أوشك - يوشك]، و[يَذَرُ- ذَرْ]، و[يَدَعُ - دَعْ].



* *







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:47 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

الجامد والمشتقّ



تمهيد: كل اسم لا يرجع إلى كلمة تسبقه في الوجود فهو [جامد]. فالشمس والقمر والحجر والشجر، والعِلم والنصر والرَكض...كلها أسماء جامدة. لأن ألفاظها لا ترجع إلى كلمات أخرى سبقتها في الوجود.

وأما الاسم المشتقّ، فهو الذي يؤخذ من كلمة سبقته في وجودها؛ فالمُشمِس والمُقْمِر والمتحجّر والمشجَّر، والعالِم والمنصور والراكض، كلها أسماء مشتقّة، لأنها ترجع إلى كلمات سبقتها في الوجود، ذكرناها آنفاً. فكما يكون الصخر جامداً ثم يخرج منه الماء، كذلك شأن الجامد من الكلمات، هو جامد ومنه تؤخذ المشتقات.



البحث

ذكرنا آنفا ما يدل على الاسم الجامد. ولمزيد من الدلالة عليه، نقول: إنه لا يخلو من أن يكون مما تقع عليه الحواسّ، فيسمُّونه: [اسم ذات]، كالحجر والدرهم والرجل والشمس والقمر... أو يكون مما يدركه العقل، فيسمّونه [اسم معنى]، كالرَّكْض والشُّربِ والنَّوم... فهذه الثلاثة ونحوُها، أمور لا تقع عليها الحواسّ، وإنما يدركها العقل؛ فالرائي إنما يَرى الراكضَ والشاربَ والنائمَ، ولكن لا يرى الركضَ والشربَ والنوم...

ومن المشتقات: اسم الفاعل، واسم المفعول، واسم التفضيل، واسم الآلة، إلخ...



* * *







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:48 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

جزم الفعل المضارع



ما يَجزم الفعلَ المضارع ضربان: أحدهما يجزم فعلاً مضارعاً واحداً، والآخر يجزم فعلين مضارعين.

¨ فما يجزم فعلاً واحداً، أربعة أحرف، دونكها في أمثلة:

- (لَمْ): ومن خصائصه أنه يقلب زمن المضارع إلى ماضٍ. نحو: [لم نسافِرْ]. أي: لم نسافر في الماضي.

- (لَمّا): ومن خصائصه أنه ينفي حدوث الفعل من الزمن الماضي حتى لحظة التكلم. نحو: [عزَمْنا على السفر، ولمّا نسافرْ]. أي: ولم نسافر حتى الآن.

- (لام الأمر): نحو: [لِنُسافرْ، فمَن سافر تجدَّد](1).

- (لا الناهية): نحو: [لا تسافرْ وحيداً، فالرفيق قبل الطريق].

¨ وما يجزم فعلَيْن عشر أدوات، دونكها في أمثلة(2):

- (إنْ): نحو: [إنْ تدرسْ تنجحْ]. وهو حرف. وسائر الأدوات التالية أسماء، وهي:

- (مَنْ): للعاقل نحو: [مَنْ يدرسْ ينجحْ].

- (ما): لغير العاقل نحو: [ما تفعلْ مِن خير، تنلْ جزاءَه].

- (مهما): لغير العاقل نحو: [مهما تَكتُمْ خلائقَكَ تُعْلَمْ].

- (متى): للزمان، نحو: [متى تزرْنا نُكرمْك]. وقد تلحقها (ما) الزائدة: [متى ما تزرْنا نكرمْك].

- (أيّان): للزمان، نحو: [أيّان يَصُنْكَ القانون تُصَنْ]. وقد تلحقها (ما) الزائدة: [أيان ما يصنْك القانون تُصَنْ].

- (أين): للمكان، نحو: [أين تجلسْ أجلسْ]. وقد تلحقها (ما) الزائدة: [أينما تجلسْ أجلسْ].

- (أنّى): للمكان، نحو: [أنّى تُقِمْ نَزُرْكَ].

- (حيثما): للمكان، نحو: [حيثما تستقمْ تُحْتَرَمْ].

- (أيّ): اسم مبهم معرَب، نحو: [أيَّ كتابٍ تقرأْ يُفِدْكَ]. وقد تلحقها (ما) الزائدة: [أيَّما كتابٍ تقرأْ يُفِدْكَ]. وتمتاز من الأدوات الأخرى، بمزيتين، إليكهما:

ا- لا بدّ بعدها من مضاف إليه ظاهر، نحو: [أيَّ كتابٍ تقرأْ يُفِدْكَ]، أو مقدَّر، نحو: [كتابَ أيٍّ ... تقرأْ يفدْكَ]. أي: كتاب أيِّ مؤلِّفٍ...

2 - تأتي مرفوعةً ومنصوبة ومجرورة، على حسب موقعها من الكلام(3).


الشرط والجواب

تدخل أداة الشرط على فعلين، فيسمى الأول فعل الشرط، ويسمى الثاني جواب الشرط. ويكون ذلك على أربعة أضرب، إليكها في أمثلة:

إنْ تدرسْ تنجحْ: (الشرط والجواب مضارعان).

إنْ درست نجحت: (الشرط والجواب ماضيان).

إنْ تدرسْ نجحت: (الشرط مضارع والجواب ماضٍ).

إن درست تنجحْ: (الشرط ماضٍ والجواب مضارع)(4)

فإذا لم يكن جواب الشرط فعلاً مضارعاً ولا فعلاً ماضياً، أوكان أحدَهما، ولكن تعذّر تأثير أداة الشرط فيه - لمانع يمنع من ذلك، كما سترى – يُؤتى عند ذلك بفاءٍ(5) تدخل على الجواب، فتربطه بالشرط. وقد نُظِمت هذه الموانع في بيت من الشعر لتيسير حفظها، نورده فيما يأتي، مع التعليق على كلٍّ منها للإيضاح:

اِسميّةٌ طلبيَّةٌ وبجامِدٍ وبـ(ما) و(لن) وبـ(قد) وبـ(التنفيسِ)

اِسمية: يعني إذا كان الجواب جملة اسميّة، نحو: [إن تصفحْ فـ الصفحُ أجمل](6).

طلبية: أو كان الجواب ذا صيغةٍ طلبية، نحو: [إن أخطأتَ فـ اعتذِرْ].

جامد: أو كان الجواب فعلاً جامداً، نحو:[إن تتعبِ اليوم فـ عسى أن ترتاح غداً].

ما: أو كان الجواب مصدَّراً بـ [ما]، نحو: [إن تجتهدْ فـ ما نجاحك بعجيب].

لن: أو كان الجواب مصدَّراً بـ [لن]، نحو: [منْ يستقمْ فـ لن يندمَ].

قد: أو كان الجواب مصدَّراً بـ [قد]، نحو: [إن أساءت الأيام فـ قد تُحْسِنُ].

التنفيس(7): أو كان الجواب مصدَّراً بالسين أو سوف، نحو: [من يسِرْ على الدرب فـ سيصلُ، من يسرْ على الدرب فـ سوف يصلُ].



الجزم بالطلب

يُجزم الفعل المضارع، إذا جاء مسبَّباً عن طلبٍ(8) قبله، نحو: [ادرسْ تنجحْ]، فالفعل [تنجحْ] إنما جُزم، لأنه مسبب عن طلبٍ قبله هو [ادرسْ]، فإن لم يكن كذلك لم يكن جزم، ومنه قوله تعالى: ]ولا تَمْنُنْ تستكثرُ] (9) (المدثر 74/6)

أحكام:

¨ تذكير بقاعدة كليّة: ما يُعلَم يجوز حذفه، ومنه قول الشاعر:

فطلِّقْها، فلست لها بكفءٍ وإلاّ... يعلُ مفرقَكَ الحسامُ

أي: وإلاّ تطلِّقْها يعلُ. فحَذَفَ فعل الشرط، للعلم به.

ومنه قولهم: مَن أكرمك فأكرمه، ومَن لا فلا !! أي: ومن لا يُكرمْك فلا تُكرمْه. وفيه حذْفُ الشرط والجواب معاً، وقد دلّ السياق على ما حُذِف.

¨ قد يتقدَّم جواب الشرط على الشرط والأداة. نحو: [أنت ظالم إن فعلت]. والكلام قبل تقدُّم الجواب: [إن فعلت فأنت ظالم](10).

¨ إذا اجتمع شرط وقسم، فالجواب للأول منهما، نحو: [والله - إن نجحتَ - لأكافئنّك]. و[إن تسافرْ - والله - أسافرْ]. فإن تقدّم عليهما ما يحتاج إلى خبر، جاز أن تجعل الجواب لأيهما شئت. تقول: [خالدٌ والله - إن يجتهد - لينجحنَّ] و[خالدٌ - والله - إن يجتهد ينجحْ].

تبيين: بين مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة خلاف في تقدُّم الفاعل على فعله. ففي نحو: [خالدٌ سافر]، تقول الكوفة: يجوز أن يتقدم الفاعل على فعله. فيكون [خالدٌ: فاعلَ (سافر)]. والبصرة تقول: [بل (خالدٌ): مبتدأ، وفاعلُ [سافر] ضمير مستتر تقديره [هو] يعود إلى [خالد]، وجملة: [سافر] خبر (خالدٌ)].

وبناءً على ما قدّمنا مِن اختلافهم، يكون لكلمة [الضيوف] من قولك: [إنِ الضيوفُ حضروا فاستقبلْهم] إعرابان:

فبناءً على رأي الكوفة:

[الضيوف] فاعلٌ لفعلِ [حَضَر] والواو علامة جمع. شأنها كشأن التاء مِن: [زينبُ سافرتْ]، فإنها علامة تأنيث.

وبناءً على رأي البصرة:

[الضيوف] فاعل لفعلٍ محذوف، يفسّره الفعل المذكور، أي: [حضر]. والتقدير: [إنْ حضر الضيوف حضروا فاستقبلهم].

ملاحظة: نكرر هنا ما قلناه في الحاشية قبل بضعة أسطر من أن العرب قالت: [إنِ الضيوف حضروا فاستقبلهم]، واختلاف المدرستين في إعراب هذا التركيب، لا يغيّر منه شيئاً!!

* * *

نماذج فصيحة من استعمال الجزم

· ]مَن كان يريد حرثَ الآخرة نزدْ له في حرثه[ (الشورى 42/20)

دخلت أداة الشرط [مَن] على ماضٍ: [كان]، فمضارعٍ فجزمته: [نزدْ].

· ]ومن كان يريد حرثَ الدنيا نُؤتِهِ منها[ (الشورى 42/20)

دخلت أداة الشرط [مَن]، على ماضٍ: [كان]، فمضارع فجزمته: [نؤتِ].

· قال قعنب ابن أمّ صاحب (المغني /772):

إن يسمعوا سُبَّةً طاروا بها فرحاً عنّي، وما يَسمعوا مِن صالحٍ دَفَنُوا

[إن يسمعوا... طاروا]: دخلت أداة الشرط [إن] في صدر البيت على مضارع فجزمته: [يسمعوا]، فماضٍ: [طاروا]؛ كما دخلت أداة الشرط [ما] في العجُز، على مضارع فجزمته: [يسمعوا]، فماضٍ: [دفنوا].

· [مَنْ يَقُمْ ليلةَ القدر إيماناً واحتساباً، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر]. (حديث شريف)

وقد دخلت أداة الشرط [مَنْ] على مضارعٍ: [يقمْ] فجزمته، فماضٍ: [غُفِر].

· قال الحطيئة (الديوان /81 ولسان العرب 15/57):

متى تأتِهِ - تعشو إلى ضوء ناره - تَجِدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ موقِدِ

[متى تأتِه... تجد]: دخلت أداة الشرط [متى] على مضارعين: [تأتِ وتجدْ] فجزمتهما. والأصل: [تأتي] وجُزم بحذف الياء، و: [تجد] وجزم بالسكون.

· قال الأحوص (الديوان /190):

فطلِّقْها فلستَ لها بكفءٍ وإلاّ يَعْلُ مفرقَكَ الحسامُ(11)

(إلاّ = إنْ لا). حُذِف فِعلُ الشرط من التركيب، للعلم به، والأصل: إلاّ تطلِّقْها يعْلُ مفرقَكَ الحسام. ففعل الشرط المحذوف [تطلقها] مجزوم بالسكون، وجواب الشرط: [يعلُ]، مجزوم بحذف الواو، إذ الأصل: [يعلو].

· ]فإن استطعتَ أن تبتغيَ نفقاً في الأرض أو سلَّماً في السماء[ (الأنعام 6/35)

[إن استطعت...]: دخلت أداة الشرط [إن] على فِعلٍ ماضٍ: [استطعت]، وأما الجواب فمحذوف، والتقدير: [إن استطعت أن تبتغي... فافعلْ].

· ]لئن اجتمعت الإنسُ والجنُّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله[ (الإسراء 17/88)

[لئن اجتمعت... لا يأتون]: في الآية قسَمٌ، دلّت عليه اللام الموطِّئة، وبعده شرطٌ أداتُه [إنْ]. والقاعدة: أنّ الشرط والقسم إذا اجتمعا، فالجواب للأول منهما. والقسم في الآية هو الأول، فالجواب إذاً له، وهو: [لا يأتون]، ولم ينجزم، لأنه جواب القسم، ولو كان جواباً للشرط لانجزم فقيل: [لا يأتوا].

· قال عبد الله ابن الدُّمَينة يتغزَّل (الديوان /17):

لئن ساءني أنْ نلتِني بمساءةٍ لقد سرَّني أني خطرتُ ببالكِ

[لئن ساءني... لقد سرني]: اجتمع في البيت قسمٌ وشرط، والقسم هو الأول، فالجواب إذاً له، وهو: [لقد سرني]؛ يدلُّكَ على ذلك قوله في الجواب: [لقد]، ومعلومٌ أنّ اللام و[قد]، إنما تقعان في جواب القسم، لا في جواب الشرط.

· ]وإنْ أحدٌ من المشركين استجارك فأجِرْه حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه[ (التوبة 9/6)

في الآية مسألتان: الأولى، دخول أداة الشرط على اسم: [إنْ أحدٌ]، بناءً على رأي الكوفيين. والثانية تقديم الفاعل [أحدٌ] على فعله [استجارك]، بناءً على رأيهم أيضاً.

· ومثل ذلك قول السموءل:

إذا سيّدٌ منا خلا قام سيّدٌ قؤولٌ لما قال الكرام فعولُ

وفيه مسألتان مماثلتان هما: تقَدُّمُ الفاعل [سيدٌ] على فعله [خلا]، ودخول أداة الشرط [إذا] على الاسم [سيد] (من المفيد أن نشير هنا إلى أنه لا فرق في هذا بين أداة شرط جازمة، وأداة شرط غير جازمة) ويطابقهما في كل ذلك قولُ تأبط شرّاً:

إذا المرء لم يَحْتَل وقد جدَّ جدُّهُ أضاع وقاسى أمره وهو مدبِرُ







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:48 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .جزء 2

وأما على حسب رأي البصريين ففي كل ذلك: يُعَدّ الاسم بعد أداة الشرط فاعلاً لفعل محذوف يفسّره الفعل المذكور. ومن ثم تكون الأداة قد دخلت على فعل. ويكون التقدير في الآية: [وإنِ استجارك أحدٌ من المشركين استجارك فأجره]. وفي قول السموءل: [إذا خلا سيّدٌ منا خلا سيِّد قام سيّدٌ]. وفي قول تأبّط شرّاً: [إذا لم يحتل المرءُ لم يحتل المرء أضاع]...

· ]وإن تصبْهم سيِّئةٌ بما قدَّمتْ أيديهم إذاْ هم يقنطون[ (الروم 30/36)

[إن تصبهم... إذا هم يقنطون]: جواب الشرط جملةٌ اسمية: [هم يقنطون]، وهذا يوجب اقترانها بالفاء الرابطة، وهو الأكثر. ولكن يجوز إقامة [إذاْ] الفجائيّة، مُقام الفاء، كما ترى هنا، إذ كلاهما جائز.

· قال سعد بن مالك (المغني /264):

مَنْ صَدَّ عن نيرانها فأنا ابنُ قيسٍ لا براحُ

[من صدّ... فأنا...]: جواب الشرط جملة اسمية هي: [أنا ابن قيس]، ومتى كان الجواب جملة اسمية وجب ربطها بالفاء، ولذا قال الشاعر: [فأنا...]، والاستعمال إذاً على المنهاج.

· ]قالوا إن يسرقْ فقد سرق أخٌ له من قبل[ (يوسف 12/77)

[إن يسرق... فقد سرق]: جواب الشرط: [قد سرق]، مصدَّرٌ بـ [قد]، وذلك مانعٌ مِن تأثير أداة الشرط فيه، ولذا وجب ربطه بالفاء: [فقد...]، والاستعمال على المنهاج.

· ]ومن أحياها فكأنما أحيَا الناس جميعاً[ (المائدة 5/32)

[من أحياها فكأنما]: الجواب: [كأنما أحيَا] مصدّرٌ بـ [كأنما]، وذلك مانع مِن تأثير أداة الشرط فيه، وهذا يوجب ربطه بالفاء، ولذا قيل: [فكأنما...].

· ]بل لمّا يذوقوا عذابِ[ (ص 38/8)

[لمّا] حرف جازم، من خصائصه أنه ينفي حدوث الفعل من الزمن الماضي حتى لحظة التكلم. فيكون المعنى في الآية: أنهم لم يذوقوه حتى الآن، ولكنهم سيذوقونه.

· ]فلْيَستجيبوا لي ولْيُؤمنوا بي[ (البقرة 2/186)

لام الأمر حرف جازم، حركته الكسر، ولكن يجوز إسكانه إذا دخلت عليه [الفاء، أو الواو، أو ثمّ]، وما تراه من سكونه في الآية، فلدخول الفاء عليه مرّة، ودخول الواو عليه أخرى.

· ]مَنْ يُضْلِلِ الله فلا هاديَ له[ (الأعراف 7/185)

[من... فلا هادي له]: [من]: أداة شرط، جزمت فعل الشرط: [يضللْ]، وأما الجواب فيتعذّر تأثيرها فيه، لأنه جملة اسمية: [لا هاديَ له]، فاستوجب ذلك ربطَها بالفاء، ولذا قيل: [فلا...].

· ]أرسلْه معنا غداً يرتعْ[ (يوسف 12/12)

[أرسله... يرتعْ]: [أرسلْه]: فعل أمر، فهو إذاً طلب، وفعل: [يرتعْ]، جواب الطلب، وهو مسبَّب عن الطلب قبله، ولذلك جُزِم. وتجد الشيء نفسه في الآية الآتية:

· ]اقتُلوا يوسفَ أو اطرحوه أرضاً يَخْلُ لكم وجه أبيكم[ (يوسف 12/9)

[اقتلوا... يخلُ]: هاهنا فعل أمر: [اقتلوا] معطوف عليه فعلُ أمرٍ آخر: [اطرحوا]، والأمر - كما علمتَ - طلب، وجواب الطلب هو [يَخْلُ]، مسبَّب عن الطلب قبله، ولذلك جُزِم فحُذفت الواو، وأصله [يخلو]. وما قلناه هاهنا، يقال في الآية الآتية:

· ]قاتلوهم يعذِّبْهم الله بأيديكم[ (التوبة 9/14)

[قاتلوا... يعذِّب]: فعل الأمر: [قاتلوهم] طلب، وجواب الطلب [يعذِّبْهم]، وهو مسبّب عن الطلب قبله، ولذلك جُزِم.

· قال امرؤ القيس:

قفا نبكِ مِن ذكرى حبيبٍ ومنْزلِ بِسِقْطِ اللِوى بين الدَخُولِ فحَوْمَلِ

[قفا نبك]: في البيت: فعل أمر، والأمر طلب، وجواب الطلب: [نبكِ] وهو مسبب عن الطلب، ولذلك جزم. وعلامة جزمه حذف حرف العلة، والأصل قبل الجزم [نبكي].







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:04 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator