لأننا نعرف بالتجربة أنّ المضادات الحيوية سريعة وفعالة، فإننا كثيراً ما نطلب من الطبيب أن يصفها لنا لكي نشفى بسرعة، لكن للطبيب طرقه الخاصة، التي يستعملها لكي يعرف هل يصف للمريض مضاداً، حيوياً أم لا، ذلك أنّ هذا الأخير يقضى على الأمراض البكتيرية، لكن ليست الفيروسية.
لابدّ أنك فكرت كثيراً في تناول مضادات حيوية كعلاج سريع لنزلة البرد أو السعال أو الزكام، ولست وحدك مَن يفكر كذلك، حيث يقول الدكتور توم كامبل، المتخصص في طب العائلة بنيويورك، إنّ المرضى غالباً ما يطلبون منه أن يصف لهم مضادات حيوية بمجرد ما تظهر لديهم بعض أعراض الزكام. فمنهم مَن يقول له: "في المرة الماضية ساعدني المضاد الحيوي على الشفاء التام". ومنهم مَن يتذرع قائلاً: "يجب أن أشفى سريعاً لأحضر زفاف ابنتي"، فهم يحاولون إستعمال كل الأعذار لدفع الطبيب إلى كتابة وصفة تتضمن مضاداً حيوياً. لكن هناك مشكلة واحدة، وهي: صحيح أنّ المضادات الحيوية دواء فعال في القضاء على البكتيريا (طبعاً شريطة أن يوصف لكل نوع من البكتيريا المضاد الحيوي المناسب للقضاء عليه). ولكنها تكون عاجزة تماماً أمام الفيروسات. وتسبب الفيروسات 90 في المئة من العدوى التي تصيب الجهاز التنفسي، بما فيها نزلة البرد.
- عدوى فيروسية:
"أغلب العدوى، التي تصيب الجهاز التنفسي الأعلى. تأتي نتيجة فيروسات، وقليل جدّاً منها ما يكون ناتجاً عن بكتيريا". يقول الدكتور لاري هيكس، المدير الطبي لبرنامج "كن ذكياً واعرف متى يكون المضاد الحيوي فعالاً"، وهو برنامج مُعمَّم على مراكز الوقاية والسيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة الأميركية. ويضيف الدكتور هيكس أن 2 في المئة فقط من إلتهابات الجيوب الأنفية مثلاً، تحدث بسبب بكتيريا وتتطلب مضاداً حيوياً.
- فائدة وضرر:
وقد يقول قائل بعد هذا: "إذن، المضادات الحيوية قد تساعد في العلاج وقد لا تساعد، لكنها بالتأكيد لا تضر"، كلا. هذا ليس صحيحاً. تشير الدلائل العلمية إلى إن إستعمال المضادات الحيوية بشكل عشوائي خطير من وجهة النظر الطبية، لأنّ هذا يمكن أن يطور في جسم المريض بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، بل الأكثر أنّه قد يؤدي ذلك إلى قتل البكتيريا النافعة الموجودة في جسم الإنسان، وقد يسمح ذلك للبكتيريا السامة بالإنتشار من دون مقاومة من البكتيريا النافعة.
مع ذلك، ففي بعض الأحيان يمكن لسيلان الأنف بسبب السعال، أن يستفيد من العلاج بالمضاد الحيوي. لكن كيف تعرفين إن كنت تحتاجين إلى مضاد حيوي ومتى؟
- كيف تعرفين؟
يأخذ الأطباء بعين الإعتبار بعض المعايير الرئيسية للإجابة عن هذا السؤال، ومع ذلك فلا تزال هناك أسئلة بلا أجوبة.
يقول الدكتور فرانك إيسبير، طبيب أطفال خبير في الأمراض المعدية في مستشفيات كليفلاند الأميركية إنّه "علم غير مضبوط، ومن الصعب أن نميّز بين العدوى الفيروسية الحادة وعدوى بكتيرية خفيفة إلى متوسطة الحدة بناء على الأعراض السريرية فقط".
إذن، غالباً ما يعتمد الأطباء على حدسهم، وهو مزيج من خبرة السنين والمعرفة العلمية، عندما يحتاجون إلى إتّخاذ قرار بشأن إستعمال المضاد الحيوي أم لا.
- خمسة معايير:
عموماً، هناك خمسة معايير يأخذها معظم الأطباء بعين الإعتبار قبل إتّخاذ هذا القرار، وهي:
الحمى: "إذا كان المريض يعاني حمّى ورعشة أو قشعريرة، فربّما يكون مصاباً بعدوى بكتيرية، لكن أحياناً تكون هذه أيضاً من أعراض الأمراض الفيروسية، مثل نزلة البرد"، بحسب ما يقول الدكتور إيسبير. حينها سيعتمد الطبيب على فحص مدى قابلية المريض للإصابة بنزلة البرد، وهل عدوى نزلة البرد منتشرة في محيطه حينها أم لا؟ وكم قابل المريض مريضاً بنزلة البرد في ذلك اليوم، وذلك لدحض فرضية العدوى البكتيرية. إن كان المريض يعاني حمّى وكانت نزلة البرد منتشرة في الجو، فإنّه قد يغادر عيادة الطبيب من دون أن يحصل على مضاد حيوي.
طول فترة العدوى الفيروسية المنتشرة في محيط المريض منذ فترة، حيث يمكنها أن تتحول إلى مشكلة كبيرة، مثل مشكلة عدوى الجيوب الأنفية، حيث يمكن أن تصل بكتيريا معيّنة إلى هذه المنطقة. إذن إذا كانت الأعراض قد ظهرت لدى المريض من أسابيع فإنّ إحتمال إعطائه مضاداً حيوياً يتزايد. لكن ومع ذلك فإنّه "في أغلب الأحيان تكون الأعراض، التي تدوم لفترة طويلة، ناجمة عن فيروس، وليس بكتيريا"، يقول الدكتور كامبل. إذن ماذا نستنتج من هذا؟ لا يمكننا أن نعتبر أنّ هذه أفضل طريقة لتحديد ما إن كان المريض سيستخدم المضادات الحيوية أم لا.
لون السائل المخاطي في الأنف: يميل لون السائل المخاطي، الذي يفرزه الأنف في حالة الزكام ونزلة البرد، إلى أن يكون سائلاً وشفافاً عند الإصابة بعدوى فيروسية. أمّا عند الإصابة بعدوى بكتيرية فإنّه يكون أخضر اللون أو أصفر. ومع ذلك فهنا أيضاً لا يمكن الإعتماد على لون السائل المخاطي لتحديد مدى الحاجة إلى مضاد حيوي، لأن أغلب إفرازات أنف المريض المصاب إصابة فيروسية تكون مائلة إلى اللون الأخضر.
إلتهاب الحلق: على الرغم من أن حلقك قد يبدو لك أحمر اللون ومنتفخاً، إلا أنّ الطبيب قبل أن يكتب لك مضاداً حيوياً، يبحث جيِّداً عن بقع بيضاء تدل على أنّ العدوى بكتيرية. أغلب نزلات البرد تبدأ في إلتهاب في الحلق، لكن الإلتهاب في الحلق دون بقية أعراض نزلة البرد، مثل سيلان الأنف، يمكن أن يكون إلتهاب اللوزتين أو غيره، ما يحتاج إلى المضادات الحيوية للقضاء على البكتيريا الخطيرة. ولكي يعرف المريض الإجابة القاطعة، يجب أن يقوم الطبيب بإجراء زراعة مختبرية أو إختبار جينات مضادة سريع، وهو يستغرق أقل من 20 دقيقة.
الإختبار: الإختبار فقط، هو الوسيلة الوحيدة الأكيدة لتحديد ما إذا كان المريض في حاجة إلى مضاد حيوي أم لا، حيث يأخذ الطبيب عينة من إفرازات الأنف أو عينة من إفرازات الحلق. وعموماً، فإن إختباراً مثل هذا، حيث تتم زراعة البكتيريا في المختبر، يستغرق يوماً أو يومين، لهذا فإنّ الأطباء غالباً ما يتجاوزون هذا الإختبار، إن رأوا أن في إمكانهم الإعتماد على باقي المعايير الأخرى المذكورة أعلاه لإتّخاذ قرار إعطاء مضاد حيوي أم لا.
03-01-2011, 07:40 AM
متى نحتاج إلى المضادات الحيوية؟
