" نـــور "
كنتِ دوماً غارقة بإحصاء مسافات بقائك ، ولم تمنحي اللحظات زفرة تحسّر واحدة ..
أدرك أنني أحدثكِ لأول مرة كما أشتهي ، ورغم ذلك أتألم أكثر ..
ربما لأن الحزن يبدو ضئيلاً أمام جسدكِ المُسجى .. وربما لأني مختنقة بهذا السلام الكثير الذي يحتلكِ ويقضّ دمعي .. ..
أنا وأنتِ حين قررنا الرحيل عنّا يوماً لم نعلم أن الوداع الحقيقي هو استمرار اللحظات وذات الأشياء دوننا ..
.
.
أتذكرين . .
أيام الثانوية كم قايضتني بكتبِ أبيكِ الكثيرة كي أحرر لكِ رسائلكِ إليه !
ظننت وقتها أن الأمر لا يتجاوز موهبة الحرف ..
ولم أدرك أنكِ أنتِ أكثر فتيات المدرسة تفوقاً ونجاحاً وهيبة تخشى
الفشل في مجرد الاعتراف بالحب ولو بــ " حرف " !
كيف لم يرشدكِ ذكاؤكِ أن الحب ليس إلا لعنة طواعية
نبتهلها جميعاً كما لو كنا مفطورين على الألم . .
وحين بكيتِ بحرقة أمامي للمرة الأولى لأنه سريعاً مضى . .
لِمَ عجزتُ وقتها أن أخبركِ أن الوقت الذي لا يمنحنا إياه الآخرون ينقذنا
من عمر وجع كامل اسمه الذاكرة ..
.
.
يا للسخرية . .
المسافات ترحل بالمرء عن كل شيء إلا غربته . .
وها أنتِ اليوم لا يفصلني عنكِ شيء ورغم ذلك لا أشعر إلا بكثافة المسافة تثقل دمعي ..