العودة   شبكة صدفة > المنتديات الادبية > القصص والروايات

القصص والروايات قصص و روايات يختص بالقصص بشتى أنواعها : قصص حب غرامية، قصص واقعية , قصص خيالية , قصص حزينة , قصص غريبة , قصص تائبين , قصص رومانسية , قصص دينية , قصص خليجية طويلة ,روايات و حكايات شعبية, حكايا و قصص شعبية , الادب الشعبي, قصص مغامرات اكشن واقعية, قصص الانبياء, قصص قصيرة حقيقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04-25-2008, 10:29 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

علق بيل بوكنان:
"هذه أخبار جديدة. لقد كنت في اشد العجلة للرحيل في آخر مرة جئت فيها هنا"
و أضاف قائلا لكورد وعلي وجهه الصبياني ابتسامة:
"ربما كانت مريضتي تعاني من نكسة"
وأجاب كورد مبتسما:
"اعتقد أنها بدأت تحس بوجود بعض الأشياء الجذابة هنا. ففي وجود فتاة جميلة مثل ستاسي ينبغي لي أن أقوم بدور المرشد، لمنع الشبان من الوقوع تحت تأثير سحرها".
لاحظت ستاسي كيف شدد كورد علي اسمها حين نطقه. وقد فهمت انه لاحظ استعمالها لاسمه الأول، وتعمدت أن تقابل نظرته المتهكمة وكلماته اللاذعة.
لم تستطع ستاسي أن تفسر لنفسها سبب اشارتها للكلمات الغاضبة التي جرت بينهما من قبل. لقد استمتعت بصحبته عل التل وبالحديث الغني بالمعلومات. لماذا إثارته بكلماتها؟ هل تشعر أكثر بل أمان مع كلماته المتهكمة وابتسامته الساخرة؟ وتعمدت أن تغير موضوع الحديث إلي الحديث عن طفلي ماري . وأحست عدة مرات بعيني كورد تتأملان وجهها ولكنها تجنبت النظر إليه .
حاولت ستاسي أن تخفي اضطرابها لقرب كورد منها, فقالت بصوت خفيض:
"اخشي إن نكون مضيفين سيئين ياكورد. فحن لم نقدم للدكتور ماري أي مشروب".
وبلا أي سبب ارتفعت يدها لتمسك زراعه
رماها كورد بنظرة دهشة ولكنه كتم تلك النظرة سريعا بابتسامه لضيفيه بينما أبعدت ستاسي يدها بخجل.
"سأطلب من ماريا ان تحضر لنا شياء. أهناك شيء خاص تفضله يابيل وأنت ياماري "
ضحك بيل قائلا:
" لا. أي شيء بارد في كوب كبير".
تركهم كورد لإحضار المشروبات. واثنا غيابه جلست ماري وزوجها علي كرسيين من كراسي الحديقة، بينما جلست ستاسي علي اريكة ذات وسائد، وعاد كورد بعد بضع دقائق تتبعه المكسيكية البدينة وهي تحمل صينية المرطبات، واغتاظت ستاسي عندما جلس كورد علي الأريكة إلي جانبها.ولكن الضيفان لم يلحظا غيظها في غمرة توزيع المرطبات بينما ظهرت من ابتسامة كورد انه لاحظ ضيقها.
اتخذ الحديث طابعا خفيفا مما أراح ستاسي, ولكنها أحست عدة مرات بعدم ارتياح لإدراكها إن العينين البنيتان تراقبانها, وضايقها قربه منها , واحتكرت ماري الحديث بشخصيتها الحيوية, وأخذت تروي النوادر عن طفليها, ولكن الحديث عاد مرة أخري لموضوع ستاسي و الحادثة. فقالت ماري وهي تثرثر:
"عندما اخبرني بيل عن حادثتك صممت إن تأتي إلينا في المدينة. ولكنه أكد لي إن بقائك هنا أفضل حتى تكون لديك فرصة كافية."
قال الطبيب بابتسامة:
"في الواقع قصدت الهدوء والراحة وهذان الشرطان من الصعب تحقيقهما في بيتنا "
فسرت ماري كلامه قائلة:
" انه دائم الشكوة من الصبيين ولكنه يحبهما بقدر حبي انا لهما.في أي حال أري انه علي حق فأنت تبدين صورة حية لصحة، وبالطبع منذ الذي يستطيع البقاء في الفراش وسط كل هذا الجمال الطبيعي؟"
نظرت ماري لكورد نظرة جانبية وعيناها تومضان . وتكلمت ستاسي حتى لاتعطي الفرصة لمزيد من التلميح:
"هذه المزرعة جميلة , وكل الأرض حولها ساحرة . تذكر المرء بأنها كانت حدودا منذ وقت غير بعيد"
وامن الطبيب علي كلامها قائلا:
"إن تاريخ تكساس حقا مثير ."
ووجهت ماري سؤالها لكورد:
" " هل كنتما في المدافن عندما حضرنا ؟"
ثم أضافت بدون أن تنتظر جوابا:
" ليتك قابلت جدته يا ستاسي , كانت عجوزا رائعة , ولكن أبدا لم تشعر بأنها عجوز , كانت مليئة بالنشاط والحيوية . كنت في التاسعة أو العاشرة عند وفاتها , ولكني أذكرها جيدا ."
قالت ستاسي :
" لقد حدثني كورد عنها قليلا ."
واستمرت ماري في حديثهما :
" كانت رائعة . لقد ورثت عن أحد جدودها الاسبان روحا رائدة لا تعرف الكلل . ولكن كان لها طريقة في رفع رأسها , ونظرة ثاقبة للأنسان تذكر الناس بدمها الأزرق . كانت أمي دائما تقول أن دونا الينا هي الوحيدة القادرة علي السيطرة علي كورد."
وأضافت محدثة ستاسي في لهجة المتامرين :
" لقد كان مرعبا وهو طفل . عصبي المزاج للغاية."
ضحك كورد لهذه الكلمات قائلا:
" نسيت أن تذكري مزاج جدتي العصبي . كنت دائما أعتقد أنها تحبني كل هذا الحب لأنني ورثت عصبيتها ."
ثم أضاف في لهجة حانية لستاسي :
" الحمد لله أنني تعلمت اهز بيل بوكانان رأسه في شك وابتسم قائلا:
"أخشي أن تكون قد جعلتها تشك في كلامك كثيرا . ولكن لا تخطئي فهمي يا ستاسي , أنا واثق أن المرأة المناسبة تستطيع التعامل معه , ولكني أكره أن أتلقي عصبيته عندما يفقد السيطرة علي نفسه."
شعرت ستاسي بحرج لمحاولات الزوجين التوفيق بينهما بخبث , فأجابت إجابة مبهمة , ولحسن الحظ قاطعتها ماريا معلنة أن العشاء قد أعد.
"سأل كورد :
" سنتعشي سويا ... أليس كذلك ؟"
وبدات ماري في الأعتذار ولكن كورد قاطعها قائلا:
" لن أقبل منكما اعتذارا . فمن النادر أن يأتينا ضيوف , ولن نترككما هكذا سريعا . أليس كذلك ستاسي ؟"
ومد لها يده فلم تستطع رفضها حتى لا تلفت الأنظار . وانشغل بالها فلم تتنبه للزوجين , وهما يقبلان الدعوة بدعابة خفيفة , ولم تشعر بنفسها إلا وهي تدخل غرفة الطعام خلفهما , والمزارع وراءها . توترت عضلاتها وهي تكتم رغبتها في انتزاع نفسها من أمامه بعنف.
لقد أمدته بالطعم في أول الأمر بحديثها عن خلافهما السابق, ثم تصرفت كمضيفة بينما هي نفسها ضيفة عليه , كانت هذه اللعبة تسلية لستاسي في البداية , لأنها استمتعت برؤية الدهشة في عيني كورد , ولكنها أحست الآن بأنه يهزأ بها . لقد استطاع أن يقلب الوضع بأن يجعلها هي الأضحوكة , ولم يكن ذلك ليعجبها بأي حال.
همس لها كورد عندما أجلسها إلي المائدة كما لو كان قد قرأ أفكارها:
"كان عليك أن تتأكدي من قواعد اللعبة ".
نظرت إليه بقلق ولكنها لم تجد ما ترد به عليه . كان تعبير وجه وهو جالس أمامها لطيفا , غير أن عينيه تجمدتا عندما راقب حمرة خديها وهي تستدير لترد علي سؤال لماري . واضطررت أن تنظر بعيدا عن نظرته الغامضة مرتين خلال العشاء . وبدا كما لو كان العشاء سيستمر إلي الأبد , وقد بلغ بها التوتر مبلغا أحست معه أنها تجلس علي برميل بارود سينفجر في أي لحظة . ولكن الحديث ظل في مواضيع غير شخصية حتى جاءت ماريا بالقهوة والحلوى , شعرت بالارتياح لقرب انتهاء هذا الموقف.
وداعبتها ماري وهي تهز يدها أملم ستاسي :
" " هاي ... عودي إلينا . ألم تسمعي ما قلت ؟"
" آسفة يا ماري , أخشي أن أكون قد سرحت في أحلام اليقظة"
" كنت أتساءل عما أذا كانت الحادثة قد تسببت في تغير نيتك في البقاء؟"
أجابت ستاسي وهي تتجنب نظرة الاهتمام في عيني كورد :
"لا . سأبقي أسبوعين آخرين قبل العودة."
قال كورد بابتسامة:
" أخشي أن تكون بلادنا قاسية عليها . فأنا وأنت قد نشأنا هنا , واعتدنا في هذه الحياة , أما ستاسي فمن الشرق وأعتقد أن هذا المكان ممل بالنسبة لها."
وأجابت ستاسي بصبر نافذ :
" هذا ليس صحيحا بأي حال من الأحوال "
وداعبت شفتا كورد ابتسامة ساخرة وهو يقول :
"كل ما في الأمر أنه ليس أمامك مستقبل في هذه البلاد . أليس كذلك ؟"
تلعثمت ستاسي وهي تشعر أنه يهاجمها خفية:
" نعم ... أعني لا."
وبدأت ماري تقول:
"الآن يا كورد."
تابعونااااااااااا






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-26-2008, 10:20 AM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها




نور .. رائعة الاختيار


تسلمى على التسلسل الرائع تكملة القصة

تصلح لفيلم سينمائى رائع

ننتظر البقية قريباً



دعواتى لكى بكل الخير






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 05-02-2008, 06:44 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

احمد المصرى
الاخ الكريم
تسلم على المتابعة للقصة
سنكملها الحين
بارك الله لك
خالص شكرى واحترامى







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-02-2008, 06:45 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

عووووووووووودة
فقاطعها قائلا :
" لا بد أنك تفهمين أن حداثة المغامرة قد ولت بالنسبة لها. فالجبال كلها متشابهة... أناس كثيرون يأتون إلي الغرب بأفكار عظيمة , ثم يعودوا عندما يجدون العزلة والمضايقات فوق احتمالهم"
وأنكرت ستاسي كلامه قائلة:
" لا يهمني كل ذالك فأنا أحب هذه البلاد".
ونمد كورد أن يتجاهلها , فوجه كلامه لماري الجالسة عن يمينه:
" أتعلمين يا ماري أن بناء مستقبل في هذه الأرض يحتاج مقدرة كبيرة علي التحمل ؟ إن الرفاهية تصبح في غاية الأهمية عندما يحرم الإنسان منها بعد طول اعتياد عليها ".
وفكرت ستاسي بغضب إنه يقارنني بوالدته.
ثم قالت وهي تطوي فوطة السفرة :
" إنك لا تعلم عم تتحدث."
وأجاب ساخرا:
" بالطبع ... يالغبائي . كان علي أن افهم أن المظاهر تخدع . كان يجب أن أفهم أن وراء الثياب الأنيقة والسيارة السبور الثمينة , والحصان الأصيل , ينبض قلب فتاة ريفية لم تفسدها حياة التدليل".
امتلأ جو الغرفة بالتوتر, بينما تفرس كورد وستاسي كل منهما في الآخر .
تمنت ستاسي أن تهاجمه غير أنها كانت تعلم أنه سيستغل هذا لصالحه. وشعرت بانزعاج الزوجين فاغتصبت ضحكة ضعيفة وقالت:
" يبدو أنك قد فهمتني . إنني مجرد فتاة ريفية بسيطة."
مر علي وجه الأسمر تعبير إعجاب سرعان ما استبدله بنظرة تهكم وأجاب:
" إن كلمة بسيطة مناسبة للغاية , إذ أنها تشير إلي قلة العقل . لقد أظهرت قلة عقلك عندما جئت إلي هما وحدك حيث لا يوجد لك معارف , وعشت وحدك في كوخ منعزل بدون أية حماية , ثم ركبت حصانا لا تستطعين السيطرة عليه وذهبت إلي أماكن لا تعرفينها. إنها ضربة حظ كونك لم تصبحي جثة هامدة".
أجابت ستاسي وهي تدفع كرسيها بعيدا عن المائدة :
" لا أظن أن رائك في شخصي وفي تصرفاتي يهم ضيوفك."
ولحقت بها ماري في غرفة الطعام وسألتها :
" ما الذي يجري بينكما ؟"
أجابت ستاسي ويداها معقودتان :
"إننا لا نتفق , هذا كل ما في الأمر."
ونظرت خلفها بعصبية إلي الغرفة الآخري . واستمرت ماري في الحديث :
" لقد بدا لي إنكما صديقان عندما جئنا, حتى إنني وللحق تمنيت أن تتزوجا ."
صاحت ستاسي بغضب واشمئزاز :
"هذا مستحيل . اننا نستطيع ان نتحدث حديثا مهذبا بين حين وآخر, ولكننا ننتهي دائما وكل منا يمسك بخناق الآخر . ليس هناك أية فائدة في أن تدعي أن كلا منا يتحمل الآخر . إنه ساخر وأناني , إلي درجة يعتقد أن علي الجميع أن يركعوا عند قدميه , وهو لا يجدني خاضعة كما يريد."
ما أن نطقت ستاسي بهذه الكلمات حتى شعرت بوجود كورد في الغرفة , استدارت في تحد لتواجه نظرته الغاضبة . وبدا كما لو كان يملأ الغرفة بطوله الفارع وكتفيه العريضتين مصغرا كل ما عداه
تكلم كورد أخيرا قائلا
" إن ضيفينا سيرحلان ... هل توصلينهما للباب؟"
لم تجبه ستاسي بل استدارت لتمشي مع ماري التي أخذت حقيبتها واتجهت للباب الخارجي. شعرت ستاسي بظهرها يوخذها إنذارا بالشر لعلمها أن المزارع يمشي خلفها مباشرة . واعتذرت ستاسي لماري قبل أن تصل إلي ساحة الدار:
" إني آسفة لإقحامك في معركتنا يا ماري . لكم استمتعت بمجيئك هنا."
ونصحتها ماري :
" لا تدعي هذا يقلقك . انه يحدث لأحسن الناس . وما عليك إلا أن تسرعي بالشفاء."
أضاف بيل ويده علي كتف ستاسي :
" إنني أؤيد هذا الكلام , وكطبيب أنصحك بالراحة يومين آخرين علي أن تحدي من نشاطك , وبعد ذالك تستطيعين فعل كل ما تريدين ."
نظرت ستاسي إلي وجه الطبيب اللطيف بابتسامة وجلة . لقد طغي وجود الرجل الأسمر إلي جانبها علي كل إحساسها بالسعادة لطيبة أصدقائها الجدد . ومشي الزوجان إلي سيارتهما وهما يهتفان بعبارات الوداع المرحة , وأخذت ستاسي تنظر الي السيارة وهي تختفي في ثنية الطريق وقد أحست بالبؤس . واستدارت وهي عازمة علي مواجهة كورد وعينيه الساخرتين فوجدته قد ذهب . ونظرت حولها بسرعة فرات قوامه المألوف يخطو نحو الإصطبلات . وشعرت بالحيرة والارتياح في نفس الوقت ثم مشت إلي البيت.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-02-2008, 06:47 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

6- العقاب الجميل
666666666666666666666666
عملت ستاسي في اليومين التاليين على أن تتجنب لقاء كورد هاريس. ونجحت في هذا بمعاونة المزارع نفسه، الذي بدا انه أيضا لا يرغب في صحبتها. حفرت بحذائها في الأرض الرملية , وأخذت تنظر حولها في تردد. جاء أوان الحديث معه ولم تكن تتطلع إلى هذا أبدا. فقد استعادت قواها تماما وأرادت أن ترتب لعودتها للكوخ.كانت قد أتمت حزم حقائبها بعد الغداء، وكان أمامها أن تبحث عن كورد وهي مهمة غير مستساغة لها بالمرة . مشي كلبها الكبير إلى جوارها وهي تخطو أمام باب المكتب المفتوح . وبنظرة إلى الداخل تحققت من شعورها الداخلي بأنه غير موجود. وتنهدت في أسي ومشت إلى الاصطبلات. نظرت عبر المباني وفكرت بتجهم ؛ ربما كان في مكان ما علي الجبال. لمحت حصانا وراكبه يركضان عند الحظائر . ولم تعرف ستاسي الرجل فانتظرته وقد أثارت سرعته فضولها.وسمعت اصواتا تصيح قرب الاصطبلات فاستدارت لترى سبب الضجة.ولكن المباني حجبت عنها الرؤية. وتوقف الراكب عند باب الحظيرة ونزل عن الحصان .
" ما الخبر؟"
قال راعي البقر بصوت خافت:
"معذرة يا آنستي ولكني ذاهب لاستدعاء الطبيب"
وبدأ يسرع في طريقه .
هتفت ستاسي وفي ذهنها صورة مخيفة لكورد يرقد على الأرض مغشيا عليه :
" ماذا حدث ؟ من الذي أصيب ؟"
أجاب الرجل وهو يسرع نحو باب المكتب وستاسي تتبعه :
" هذا الشيطان الأحمر الذي يسمونه حصانا هرب من الحظيرة عندما دخلها كريس , وحاول الشاب المغفل أن يمسك به وهو يركب حصانه . فجن جنون الحصان وهاجمه . لحين الحظ كان السيد ونحن معه عائدين من الجبال , فرأينا ما حدث . لا اعلم مدى إصابة الشاب فانا ل لا استطيع الاقتراب منه".
تأملت الرجل وهو يمد يده للهاتف في غرفة المكتب وشهقت :
" ديابلو!"
قال الرجل في الهاتف بدون أن يوجه كلامه لستاسي:
" إن السيد بلغ به الغضب حد يجعله يقتل ذلك الحصان".
وجرت ستاسي خارج المكتب إلى الحصان الواقف بالخارج فقفزت علي ظهره ووجهته إلى حيث سمعت الأصوات . لم تكن أفكارها واضحة وهي تنادي على كلبها أن يتبعها وركضت بالحصان . كانت تعلم فقط أن عليها أن تكون هناك . يقتل ديابلو!
رنت الكلمات في إذنيها كجرس الموت . وضربت الحصان بلجام . من فرط اضطرابها وقفزت به حول المباني , ثم توجهت إلى راكبي الجياد. وعندما اقتربت منهم رأت راكبا محشورا تحت حصانه الساقط بينما وقف حصانها الأحمر بينه وبين الراكبين الآخرين. كان هناك حبل مفكوك يتدلى من رقبة ديابلو وهو يفلت من حبال الرجلين. كانت رقبته بيضاء من الزبد وهو مستمر في الهجوم بحوافره الشريرة .
صاح كورد عندما رأى ستاسي تترجل عن الحصان :
" ماذا تفعلين هنا ؟"
والتوى وجهه غضبا وهو يدور بحصانه الكبير ليواجهها قائلا :
" عودي إلى المنزل حيث مكانك "
وصاحت ستاسي وهي تستدير إلي حصانها الذي اندفع مهاجما الراكب الآخر باسنانه العارية :
"انه حصاني "
وزار المزارع وهو يقف بحصانه إلى جانبها :
" أيتها الأنثى المجنونة . ألا ترين أن هذا الحصان الملعون قد جن ؟"
في هذه اللحظة لمحت ستاسي وجود السوط في يد الرجل الغاضب وطرفه في الغبار الذي اثارتة حوافر الحصان 0تطاير الشرر من عينيها وهي ترفعهما لتلتقيا
بعينيه الداكنتين .
" ماذا تنوي أن تفعل ؟ أن تضربه حتى يستسلم ؟ "
" نعم إذا اضطررت إلى ذلك فهذا الفتي قد أصيب!"
وأمرته ستاسي
" ابتعد عن طريقي "
ودفعت حصانه بعيدا عنها ثم مشت لتواجه الحصان الأحمر. صفر ديابلو وهو يخدش الأرض بحوافره ويهز عرفه الأصفر لها . وشب الحصان وحافراه في الهواء وأذناه للخلف.و حاولت ستاسي أن تخترق ذهن الحصان المتهيج فأمرته :
" ديابلو, ديابلو إهداء! "
وظلت أذناه ملامستين لرأسه بينما اخذ يرفس الكلب من خلفه برجليه, ورأت ستاسي الحصان الساقط يحاول النهوض, إلا انه سقط على جنبه. وحاول حصانها مهاجمتها فنادته وصوتها يعلو بلهجة الأمر . اعتقدت ستاسي أنها رأت أذنيه ترتفعان وهو يقترب منها. عندما كاد أن يصل إليها خطت جانبا فاندفع بجانبها ، ثم استدار وواجها وهو يهز رأسه المحمومة . لمحت ستاسي من طرف عينها الراكبين . احدهما اتجه نحو المصاب بينما اتجه كورد نحو حصانها والسوط على سرجه وفي يده حبل يهزه استعدادا .
وتغير صوتها إلى همسة حانية :
"ديابلو... إهداء يافتى. إهداء...إن كل شيء علي مايرام ياطفلي . تعال هنا تعال"
ولكنه كان ثائرا وقد تذكر الجرح الذي أصابه في عنقه . ولم يستطع الحصان الأحمر أن يكبح جماح الغضب في داخله.واخذ رأسه الرقيق يعلو ويهبط والزبد يسيل على عنقه . لقد عرف الفتاة الواقفة أمامه ولكنه كان يمتلئ بالكراهية والقوة. لمح بطرف عينه الحصان وراكبه يصلان خلفه ، ورقص وهو يستدير لمواجهتهما . ونادته ستاسي وهي تخطو للأمام . ولكنه في هذه المرة استدار بسرعة وجري إليها مكشرا عن أسنانه ورأسه منخفض، وعندما حاولت ستاسي القفز بعيدا عن طريقه انحرف إليها راميا بها إلى الأرض بكتفه الكبيرة .
ووقفت مقطوعة النفس ولكنها لم تصب بسوء، ورأت كورد يسرع كالبرق خلف الحصان. زعق في الراكب الأخر فأحاط الحبلان في نفس الوقت برقبة الحصان الأحمر. وصرخ الحصان غاضبا وحاول أن يهاجم الراكب البعيد فأوقفه كورد بحبله .

تابعونااااااا







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-22-2008, 06:35 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

وصاح الراكب الأخر في انتصار بينما اخذ الحصان يقاوم الحبلين بلا جدوى :
" لقد أمسكت به ياريس! أمسكت به!"
وبعد بضع دقائق أدرك الحصان انه لن يستطيع الانتصار, وبسرعة قاده الراكبان إلى الحظيرة التي هرب منها .
ونفضت ستاسي الغبار عنها ورأت الراكب الثالث الذي كان قد ذهب يستدعي الطبيب راكعا إلى جانب الحصان الساقط وراكبه . واتجهت إليهم بسرعة فوصلت في نفس الوقت الذي وصل فيه كورد . كانت نظرته متجهمة وهو راكع بجوار راعي البقر الشاب الذي هزه الألم وقال كورد:
" إهداء ياكريس سوف نخرجك بسرعة .الطبيب في الطريق"
آن الفارس الشاب وهو يصر على أسنانه من فرط الألم :
" كسرت ساقي ، أخرجني من تحت هذا الحصان اللعين " .
قال كورد موجها كلامه للفارس الأخر الذي انشغل بتهدئة الحصان الساقط .
"إلى أي مدى جرحت ساق هذا الحصان ؟ "
وكانت الإجابة الوحيدة هزة رأس بالنفي .
وبلا أية كلمة وقف كورد واتجه للحصان ثم اخرج بندقيته من غمدها . ووقفت ستاسي كالمخدرة ترقب تحركاته بدون أن تقدر على الحركة . اصمت أذنيها طلقة البندقية وهي تخمد حياة الحصان المجروح . غلبتها الصدمة و الرعب فلم ترى وصول الطبيب و لا الفتى الذي حمل على نقالة . ولم تستطع رؤية أي شئ إلا الحصان الميت . حتى الدموع تجمعت في عينيها . و أخيرا حجب كورد الرؤية عنها بقوامه المغبرة .
وتصلبت وهي ترفع عينيها المليئتين بالدموع إلى وجهه الذي لم تره بوضوح . واغتصبت الكلمات بصعوبة بالغة و همست :
" لماذا ؟ "
" عندما حاول كريس الإمساك بحصانك هاجمه الحصان ، و أوقع بالحصان و الراكب فكسرت ساق كريس و كذلك ساق حصانه . الطبيب يقول انه سيشفى خلال ستة أسابيع ، ولكنه سيحتاج لعكازين لمدة شهر أو أكثر " .
غمغمت ستاسي بغير وضوح :
" لا . انه الحصان ! لماذا كان لابد إن تقتله ؟ لم يكن الخطاء خطأه " .
وبكت . كانت هذه أول تجربه لها مع ماظنته وحشية ، ولم تستطيع أن تمنع عينيها من الشرود نحو الحصان الميت . وانفجر كورد قائلا :
" الحصان ؟ إلا تفهمين انه كان من الممكن أن افقد رجلا ؟ إنسانا ! وكل ما يشغل بالك هو أمر هذا الحصان " .
بلغ غضبه حدا جعلها تفيق من صدمتها ، واستدارت لمواجهته مرة أخرى ، فقرات أمارات الاشمئزاز والامتعاض على وجهه . لم يكن يفهمها . لقد حزنت من اجل راكب الحصان ولكنها لم تستطع أن تتقبل قتل الحصان عمدا .
وقالت بصوت حاد من الصدمة وقد اقتربت من الهستريا :
" ولكنه سيشفى ويصبح على ما يرام . إلا تفهم . سيعود ولكن الحصان قد مات ، وأنت الذي قتلته ! كأنك لم تفعل أي شيء ! "
" لاشيء ؟ ألا تفهمين إنني أصبحت الآن بلا حصان ولا فارس ؟ أتعتقدين انه من السهل علي أن أجد من يحل محله في هذا الوقت من السنة ؟ "
وزار وهو يقبض على ذراعها بقبضة من حديد ثم أضاف :
"علي أن أشكرك على كل هذا ، أنت وحصانك هذا!"
صاحت بسخرية :
" أوه بالتأكيد ، إن الخطأ خطأي ... حسنا لا تقلق سأدفع حساب المستشفى وثمن أي خسارة أو إزعاج سببتهما لك ".
وأجاب كورد :
" بالطبع ستدفعين ... أنت على حق في هذا " .
ثم خفض صوته متوعدا :
" ولكن كل أموالك لن تشتري لك مخرجا من هذه الورطة . ستأخذين مكان كريس ، ولأول مرة في حياتك ستعرفين معنى أن تعملي حتى تسددي دينا ".
سألته ستاسي وجسدها يرتعش من الغضب :
" ماذا تقصد ؟ "
أجابها وفي صوته رنة سخرية عميقة :
" لقد مثلت دور اليتيمة المسكينة فحصلت على الكثير من العطف . أراهن أن قلبك انكسر حقا عندما توفي والدك وترك لك كل هذا المال ".
اخترقت كلماته قلبها كالسكين الحاد ، ولم تقو على الكلام من بشاعة اتهامه لها . وبلا شعور وجدت يدها تصفع خده . وشعرت براحتها تلسعها وهو يركز عليها عينيه بنيرانها العميقة مرة أخرى .
ضغط على أسنانه وتمتم :
" هكذا تلعب القطة . لقد افلت بفعلتك اليوم ولكن لو كنت مكانك لم حاولت أن افعلها مرة أخرى ".
ثم قال في لهجة الأمر :
" ستبدئين العمل غدا . وعليك أن ترتدي ثيابا عملية مثل الجينز . إننا لا نقيم عروضا للأزياء على الجبال "
تسمرت قدماها على الأرض ، وتساقطت دموع الغضب على خديها وهي ترقب خطوات كورد مبتعدا . وشدت قبضة يدها وهي تحاول أن تجد كلاما تصيح به خلفه ، ولكن فمها رفض أن يفتح ولم تخرج منه الكلمات أبدا . وقفت في مكانها ترتعش من غضب لا تقوى على السيطرة عليه ، ثم استسلمت تدريجيا للتشنج .وكان كورد قد امتطي جواده وانطلق في اتجاه بيت المزرعة قبل ان تتمكن ستاسي من ان تحرك من مكانها . ثم اتجهت ببط في نفس الاتجاه وذهنها مشوش بين افكارالكراهية للمزارع والشفقة علي الشاب المصاب والحصان الميت .
توجهت للمنزل في صمت غافلة عن كل ما يحيط بها . دخل تغرفة نومها وجلست علي السرير تنظر لحاجياتها التي كانت جمعتها لترحل.
مسحت دموع الغضب من عينيها بيد واحدة , وأخذت تستعيد حديثهما مرة اخري , كان من الخطأ أن تهتم بالحصان أكثرمن الانسان , ولكن مقتل الحصان صدمها بقوة . ربما كان من الخطأ أن تتهم كورد بقتل الحصان بوحشية بدون أن تفكر إذا كان في الامكان معالجة الحصان أم لا ولكن ستاسي لم تستطع أن تلتمس له عذرا في هجومه الظالم عليها بشأن والدها . ثم أنها لم تقل له أبدا أنها يتيمة . صحيح أنها أخبرت آل نولان عن يتمها ولكنها بالطبع لم تحدث أحدا عن المال الذي ورثته ! انطفأ الغضب في قلبها وحل محله شعور قاهر بالأس . كيف تأمل أن تقنعه بأن ما قاله غير صحيح ؟ دفعها اضطراب أفكارها للنهوض , واخذت تذرع الغرفة جيئة وذهابا . وراحت تغلي في داخلها من فرط استيائها من كورد هاريس.
تري كيف يستطيع أن يجبرها علي البقاء رغما عنها ؟ لن يستطيع بالطبع إجبارها علي العمل . ما الذي تعرفه هي بالظبط عن الزراعة ؟ وقفت ستاسي أمام المرأة وفي ذهنها فكرة تختمر , لن يستطيع أن يمنع رحيلها لأنه ليس موجودا . نظرت إلي بسرعة لساعتها ونظرت للخارج بنفس السرعة . لقد مضي وقتا أطول مما تصورت . غابت الشمس ولا بد أن كورد تغيب أكثر من ساعتين . إذا ليس أمامها الكثير من الوقت إذا شاءت أن ترحل قبل عودته . وبسرعة بدأت تجمع أشيائها وتضعها خارج الغرفة.
بالطبع سيتهمها بالهرب لرفضها مواجهة تحديه , ولكن ليفكر كيفما شاء . لسوءالحظ أنها أرغمت علي قبول ضيافته أثناء مرضها , ولكن لم يعد هناك داع لبقائها أكثر من ذالك , يكفي أنها عرضت دفع حساب المستشفي حيث يعالج الفتي , وعرضت دفع ثمن الحصان لكورد , أما إذا كانت غير قادرة ماديا علي الدفع فمعني هذا أن يجدوا طريقة آخري للتغلب علي هذه المشكلة , فهي اعترفت بمسؤوليتها عن حصانها.
وما كادت ستاسي تسرع بارتداء سترتها المزركشة , وتأخذ حقيبتها ثم تخرج من الغرفة حتى سمعت الباب الكبير المصنوع من خشب البلوط يقفل . وقفت كالمخدرة إلي جانب حقائبها , وأخذت تحملق في الرجل الطويل الواقف أسفل الدرحج . كانت ملامح كورد مختبئة في الظل , ولكن ستاسي استطاعت أن تتخيل الحاجبين الداكنين معوقودين , والفك الصارم , وفوق كل هذا تخيلت خط الفم المكتئب . وبدت عيناها واسعتين داكنتين من شدة الخوف وسرت القشعريرة في جسدها . لم ينطق أحدهما بكلمة وازدادت حدة التوتر بينهما .
وقال بصوت خفيض :
" هل أفهم أنك راحلة ؟"
وردت عليه ستاسي بتحد رافعة ذقنها :
" وماذا إذا كنت راحلة؟"
خرج كورد من الظلال ورد عليها ببرود :
" إذا أقترح أن تنسي هذا الأمر ".
ظهرت علي وجهه خطوط جديدة لم تلحظها ستاسي من قبل , ولكنها لم تكن لتخطىء رنة الخشونة في صوته , والقي نظرة آخري علي الحقائب وعليها ثم قال:
"من الأفضل أن تفكي حقائبك ".
وانفجرت ستاسي غاضبة :
" هل تظن حقا إن باستطاعتك الاحتفاظ بي سجينة هنا؟"
نظر إليها نظرة سريعة قبل أن يجيب :
" أنت مدينة لي , وأنا أضع شروط الدفع".
كان من المستحيل أن تحارب هذا الرجل , وسري اليأس في أوصالها . هزت كتفيها قليلا اعترافا بالهزيمة . وذهب الوهج من عينيها وحل محله اليأس والحيرة . حاولت أن تقاوم للمرة الأخيرة فقالت :
" لن أبقي في هذه الغرفة ليلة أخري ".
ظهرت في عينيه نظرة من يتسلي قبل أن يشيح بوجهه عنها
" كما تريدين . هناك غرفة للضيوف في الدور الأسفل , استعمليها"
وتوقف برهة ثم أضاف : " ربما كان يهمك أن تعرفي , سيكون الشاب في المستشفي لبضعة أسابيع , وبعد ذلك سيظل بلا نشاط لمدة شهرين ".
شعرت ستاسي بالحرارة تسري في وجنتيها خجلا لعدم اهتمامها بالسؤال عن حالة الفارس المصاب . لماذا كان يستطيع دائما جعلها تبدو في صورة من لا قلب لها ؟ شعرت بالانكسار فجمعت حقائبها وخطت إلي البهو وتوقفت عند أول باب علي يسارها . كانت في حالة من الضيق لم تسمح لها باستيعاب محتويات الغرفة . الغضب يسيطر علي كل أفكارها , ولم يكن في أمكانها التفكير إلا في عيني كورد الداكنتين ووجهه بملامحه المحددة . وضايقها هو أن تجعل من نفسها أضحوكة , وتزيد من اعتقاده بأنها مدللة وأنانية . وكانت ستاسي تعلم أنها لن تلقي منه أية رحمة . كان يتوقع منها أن تحل محل الفارس بغض النظر عن كونها امرأة .
وهمست لنفسها : حسنا يا سيد هاريس . أستطيع أن أتقبل أي شيء تدبره لي لن أطلب الرحمة ,
وفي الصباح التالي ما كادت الشمس تلمس السماء حتى سمعت ستاسي دقة عالية علي بابها . رفعت نفسها علي كوعها وقد غالبها النعاس نظرت من النافذة ثم إلي الساعة الموضوعة علي الخزانة . ومكثت لمدة دقيقة حتى تذكرت أحداث اليوم السابق فقالت:
" نعم؟"






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-22-2008, 06:36 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

جاءها صوت كورد من البهو:
" حان موعد استيقاظك , هذا أذا كنت تريدين تناول القهوة والإفطار قبل الذهاب إلي العمل".
لم ينتظر إجابتها بل مشي بخطوات واسعة بعيدا عن الباب , نزلت ستاسي من السرير وكلها إصرار . ولم تكن في حاجة لأكثر من دقائق قليلة لترتدي بنطلونها وقميصها ثم تجمع شعرها وتربطه خلف عنقها . وداعبت شفتيها الرقيقتين ابتسامة صغيرة وهي تنظر لصورتها في المرآة . يخطئ سيد هاريس إذا ظن أن البنطلون الجينز الأزرق والبلوزة البسيطة سيقللان من أنوثة مظهرها . لم تستطع إخفاء نظرة السرور في عينيها وهي تشاهد رقة قوامها . تأكدت من وجود قفاز الركوب في جيب سترتها الجلدية , ثم أخذت قبعتها ونزلت إلي غرفة الطعام .
لسوء الحظ لم تجد كورد. فسألت ماريا التي أجابت بأن سيد هاريس انتهي من تناول إفطاره وخرج ليعطي تعليماته للرجال , كان ارتباك ماريا ظاهرا إزاء التغير الذي حدث في مجريات الأمور , وأخذت ترمق الفتاة بنظرات حائرة . وعندما فرغت ستاسي من تناول الخبز القديد والقهوة أبلغتها ماري أن عليها أن تقابل السيد في الساحة . عندما وصلت ستاسي للساحة وجدت أن أغلب الرجال قد رحلوا بالفعل , وحمدت الله إذ أنه كان محرجا جدا أن تتعرض لأوامر المزارع البغيض في وجود رجاله . وتعرفت عليه من قوامه الفارع وهو يخاطب رجلين . كان ظهره في اتجاهها فلم يرها وهي قادمة , ولكن ستاسي كانت واثقة من أنه أحس بقدومها .
حاول الرجلان الواقفان معه تجاهلها . كان أطولهما قامة أكبر من ستاسي بسنوات قليلة , وبدأ عليه الحرج من هذا الموقف . ظل رأسه مطرقا وقبعته تخفي تعبيرات وجهه عن ستاسي . أما الرجل الآخر فكان أكبر بسنوات كثيرة وكان وجهه مليئا بالتجاعيد وأشبه بالجلد من كثرة التعرض للشمس , حتى أن ستاسي لم تستطع أن تحدد سنه . وعندما اقتربت من الرجال , قابلها الرجل المسن بنظرة واضحة , ورأت إمارات الشفقة والتعاطف مكتوبة في عينيه اللتين ظهر فيهما الحول في شمس الصباح . كان عزاء لها أن تجد فيه حليفا.
قال كورد بحدة وهو يدير لها ملامحه الشبيهة بملامح النسر:
" لقد آن أوان وصولك هنا يا ادامز . أريدك أن تذهبي اليوم مع هانك وجيم لتجمعوا قطيع الأبقار من المراعي الشتوية ".
ألقي بأوامره بدون أن ينظر إلي القوام القصير بجواره بأكثر من نظرة عابرة . ثم وجه كلامه للرجل المسن قائلا:
" أية أسئلة أخري يا هانك ؟"
هز الرجل رأسه بالنفي .
" حسنا أركبوا الجياد"ز
بدأت ستاسي في إتباع الرجلين وهما يسيران نحو الحياد المسرجة الواقفة في الناحية الأخرى من الحظيرة , ولكن كورد ناداها فاستدارت لتواجهه, وأخرجت قفازها من جيب سترتها وبدأت في ارتدائه محاولة تحاشي شعورها بالتوتر كلما واجهته . قالت وهي تنظر إليه في جرأة , وفي صوتها حدة مماثلة لحدة صوته :
" نعم "
لم تستطع ملاحظة تعبيرات وجهه.
لم يجبها وبعد دقيقة قال :
"سيريك هانك كل ما يلزم عمله ".
أجابت وقد تضايقت من نظرة عينيه الفاحصة التي بدأت وكأنها تتغلغل إلي أعماقها :
" حسنا. أي شيء آخر ؟"
" لا حظا سعيدا".
كان صوته ينم عن عدم الاكتراث بعكس رقة كلماته.
تركته ستاسي بسرعة , ومشت ألي حيث انتظرها الراكبان . ناولها هانك عنان مهر صغير . ركبته في صمت ووجهت حصانها ليتبع رفيقيها .
وبعد أن تركوا ساحة بيت المزرعة بوقت قصير سبقها الراكب الشاب تاركا ستاسي وحدها مع راعي البقر المتغضن ... في الظروف العادية كانت تسعد لركوب الخيل في الصبا الباكر , ولكن ظروف اليوم كانت تشعرها بمهانة الوضع الذي وضعت فيه , ومنعتها كبراؤها من النظر إلي الرجل الصامت السائر بجانبها .
وفجأة جاءها صوت هانك خشنا متسائلا :
" آنسة آدامز ... ليس هذا من شأني وتستطيعين أن تطلبي مني الصمت , ولكن بما أننا سنبقي معا طوال النهار فستغمرنا الوحدة إذا لم نتكلم إلا مع حيادنا . ليس لي أن أناقش أوامر السيد , ولكن لا أنا ولا أي من الشباب نحملك مسؤولية ما حدث للفتي أمس . سيكون اليوم طويلا علينا فوق صهوة الحياد . وبالذات بالنسبة لفتاة مثلك من المدينة . ولكن بالطبع سيمر النهار بسرعة أكثر إذا دارت بيننا الأحاديث".
كان انطباع ستاسي واضحا بأن هذا أطول تصريح للرجل . وابتسمت لمراعاته مشاعرها. كان يحاول أن يزيل عنها وعن نفسه الحرج بطريقته البسيطة ,
" أشكرك يا هانك . إني أقدر لك اهتمامك أكثر مما تتصوره".
" حسنا . إني أعمل في هذه الأرض منذ كان السيد يرتدي البنطلون القصير , وقد رأيت أشياء غريبة . ولكني أعترف أن هذه هي المرة الأولي التي أري فيها سيدة ترعي الماشية . وقد قال لنا السيد أن عليك القيام بعملك بنفسك بدون مساعدة ".
وهز رأسه مرتبكا .







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-22-2008, 06:37 PM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

أجابت ستاسي وعلي وجهها نظرة إصرار:
" وأنا أنوي هذا أيضا , إنني لا أعلم شيئا عن المزارع أو البقر , ولكني أستطيع أن أتعلم . علي الأقل أستطيع أركب الجياد كما أن صحتي علي ما يرام "
" حسنا آنستي , أعتقد أنك تستطيعين ركوب الجياد فعلا . ولكن عليك أن ترخي عضلاتك قليلا . إنك لست في معرض للفروسية لذا يجب ألا تهتمي بمظهرك , ولو كنت مكانك لما قلت بقرا . عليك أن تقولي ماشية , هذا أكثر أمنا هنا".
ضحكت ستاسي قائلة:
" لقد صححت معلوماتي . قل لي يا هانك , ما الذي سنفعله اليوم بالضبط ؟"
" غالبا سنبحث وسط الأشجار عن الماشية الهاربة من القطيع , ثم نعد القطيع للانتقال للمراعي الصيفية . نقل معظم الرجال جيادهم في الشاحنات للطرف البعيد للمرعي , وسيصلون في اتجاهنا ومعهم القطيع الأساسي".
" نقلو جيادهم في الشاحنات ؟"
" نعم هذا هو الغرب الحديث الذي ستجدينه . إنهم يفضلون شحن جيادهم في عربات النقل أو المقطورات بدلا من أن يضيعوا وقتا طويلا في الوصول إلي مكان القطيع "
صاحت ستاسي كما لو كانت تكلم نفسها :
"هذه معجزة , إنهم لا يستملون سيارات الجيب في تطويق القطيع "
"منذ بضع سنوات عندما كنا نحاول جمع الثيران والماشية الشاردة أمر السيد بإحضار طائرة هليكوبتر للبحث عنها . لقد تغيرت الأمور . أعتقد أن علينا أن نلحق بجيم "
وسري الدفء في هواء الصباح البارد مع شروق الشمس . واختفي ندى الصباح سريعا من فوق النباتات حينما اخترقت أشعة الشمس الظلال . ولم يكسر حدة الصمت سوي وقع خطوات الحياد . سار الثلاثة عدة أميال قبل أن يصلوا لأول سور محاط بالأسلاك الشائكة , ثم قطعوا السور حتى وصلوا للبوابة . مكثت ستاسي وهانك فوق جواد يهما بينما ناور جيم بحصانه حتى صار في وضع يسمح له بفتح البوابة لزميليه . وبعد أن مرا خلال البوابة تبعهما جيم ثم أقفل البوابة خلفه . قال هانك وهو يشير للأرض المتسعة أمامهم :
" هذا هو المكان الذي سنبدأ فيه عملنا يا آنسة".
نظرت ستاسي للمرعي الخالي قائلة:
" ولكني لا أري أية ماشية؟"
" هكذا يبدو لك . لو كانت الماشية ظاهرة لنا لما توجب علينا كل هذا العمل . ولكن الأبقار تعرف كل شجيرة وكل مخبأ في المنطقة وهي تنوي البقاء مختفية".
تساءلت في حيرة واضحة:
" ولكني كنت أظن أنكم تربون ماشية أليفة , نوعا من سلالات هيرفورد".
" نعم . ولكننا نتركها وحدها , وقد أصبحت تهاب الآدميين تماما مثل الأبقار البرية ذات القرون الطوال التي كانت ترعي قديما في هذه الأرض.إن الفرق الوحيد بين النوعين هو أن النوع الحالي لا يبلغ نصف قبح النوع القديم".
ثم أضاف وهو يمر بعينيه عبر الأرض الممتدة:
" عادة نفترق في هذه المنطقة ولكن ابقي قريبة مني لفترة يا آنسة".
ركض الفرسان الثلاثة وكل واحد يبعد عن زميليه خمسين ياردة لليسار , وبدأوا جميعا في مسح الشجيرات . كان العمل في هذا الجو الحار المغبر شاقا علي الحصان والراعي , ولم تمر فترة طويلة حتى خلعت ستاسي سترتها وربطتها بسرجها . وبدأ حصان ستاسي أيضا يعرق بسبب حرارة الشمس والحركة الدائمة . وجدا رأسين من الماشية وهما في طريقهما . وعندما انتصف الصباح كان أمامهم خمسة عشر رأسا من الماشية يسوقونها . طلب هانك من ستاسي قيادتها . بينما ذهب هو وجيم وراء عدد آخر من الماشية الشاردة.
في البداية ظنت أن هانك عهد أليها بالعمل السهل , حتى بدأت تتنفس الغبار الذي أثارته الماشية بأقدامها, لم تستطع حتى أن ترتاح على صهوة الحصان . ففي كل مرة سمحت لانتباهها أن يتحول عن القطيع كانت هذه اللحظة التي يقفز فيها احد الحيوانات الهرب مرة أخري من القطيع.وكان الحصان بغريزته يجري خلفه ويعيده إلى المجموعة . وفي عدة مرات كانت ستاسي واثقة من أن الحصان سيدور بسرعة قاذفا بها لتطير في الاتجاه الأخر. كانت ساقاها متعبتين من طول أمساكهما بجانبي الحصان , وجسدها مغطي بالغبار والقذارة والعرق الي درجة احست بانها لن تستطيع العمل بقية النهار عل هذا المنوال. وفي كل مرة كان هانك يضيف رأسا جديدا للقطيع , كانت ستاسي تمنع تنهيدتها بصعوبة لأنها تعلمت إن كل رأس من القطيع يستلزم أن يقطع حصانها ضعف المسافة التي كان يقطعها من قبل.
كان حلقها جافا وبه طعم الحصى , و خشيت أن تأخذ رشفة من الماء فيقرر رأس من القطيع الهرب, كانت ستاسي سعيدة لرؤية هانك يركب بجانبها ولكن ابتسامة الترحيب كانت مجهدة. لم ينظر أليها مباشرة ولكنها رأت شبح ابتسامة علي وجهه.
تمتم في الهواء النقي:
"انه حقا عمل شاق أن يركب المرء حصانه كل هذه المدة وسط الشجيرات الكثيفة . سنصل إلي صهريج الماء حيث نلتقي بالعربة المطبخ لتناول الغداء. اعتقد انك تحتاجين لقسط من الراحة؟"
أجابت ستاسي وهي تشعر بشفتيها تشققان بينما تتكلم :
"لا مانع من الاعتراف بهذا يهنك"
ثم أضافت وهي تربت بحنان علي رقبة الحصان:
" اعتقد انه يحتاج أيضا للراحة "
"كاد عمله اليوم أن ينتهي"
هتفت ستاسي وقد استرعي انتباهها شيء ما إلي اليسار:
"أوه. انظر. أليس هذا جيم قادم , ويبدو أن معه عجلا رضيعا يحمله علي سرجه"
التقي بهما جيم ومعه عجلا ابيض الوجه يرقد بالعرض على سرجه وأمه تـتبعه وهي تخور مهدئة صغيرها , هتفت ستاسي :
ط لإنه لطيف . كم عمره ؟"
أجاب جيم وخجله باد عليه وبدون أن ينظر مباشرة إلي ستاسي برغم فخره باهتمامها لما وجد :
" وجدتهما وسط الأشجار . لم يكن في استطاعة العجل اللحاق بنا , ففكرت أن أخذه معي حتى عربة العجول".
سألت ستاسي وقد تحول انتباهها عن الوجه الأبيض:
" عربة العجول؟ ما هي؟"
أجاب هانك وقد سره اهتمام ستاسي بالعجل:
" هناك عادة بعض الصغار التي لا تستطيع اللحاق بالقطيع , ولذا نضعها في مقطورة حتى نصل إلي مكان المبيت حيث تنظم لأمهاتها , خذ العجل الصغير يا جيم . سنصل بعد قليل ".
سألت ستاسي وهي ترقب جيم الذي يسبقها علي حصانه :
"أهذا ما يدعي دوغي أي عجل رضيع؟"
أجاب هانك :
" لا . أن الدوغي هو عجل بدون أم , ولكن الكثير من الناس يطلقون اسم دوغي علي العجول ".
علقت ستاسي وهي مستمتعة بحديث راعي البقر الخبير:
" لقد استقرت الماشية كثيرا . لابد أن السبب هو وجودك هنا . قبل ذلك كانت تتجه أحدي الأبقار كل خمس دقائق في اتجاه مختلف"
" لا . لست أنا السبب . أنها تشم رائحة الماء . فنحن نسير بالصدفة في الاتجاه الذي تريده"
بلغت الماشية والراكبان قمة مطلع في الأرض ثم وصلا إلي هضبة مرتفعة مغطاة بحشائش طويلة وشجيرات , واستطاعت ستاسي أن تري أمامها صهريج الماء وطاحونة الهواء وخلفهما سيارة ستيشن وبعض سيارات البيك أب والمقطورات .عبرت وجهها نظرة دهشة وهي تقول:
" أهذه سيارة المطبخ ؟"






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-04-2008, 08:54 PM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

عدنا
أفلتت من راعي البقر المسن ضحكة لاذعة:
" قلت لك أن الغرب القديم قد ولي . إنهم يحضرون الطعام من بيت المزرعة وينقلونه بالمقطورة إلي مكان الوقوف في الظهيرة".
ثم أبتسم متابعا :
"أذهبي أنت. لن تذهب الماشية إلي أي مكان غير صهريج الماء . ارتاحي كلما سنحت الفرصة لذلك . سنقضي فترة بعد الظهيرة الطويلة فوق سروج جيادنا".
أمسكت ستاسي بعنان جوداها وأدارته حول القطيع , ثم ركضت في اتجاه العربات المنتظرة , متجهة إلي حيث ينتظر أحد رعاة البقر بجانب الشاحنات . كان هناك عدد من الفرسان بجانب السيارة الستيشن . بعضهم يتناول طعامه بينما هم البعض لآخر بإحضار طعامه . ولاحظت ستاسي وجود اثنين من المكسيكيين يقومان بتهدئة بعض الجياد ويستبدلانها بجياد من الشاحنات .ترجلت عن حصانها ببطء , كانت عظامها وعضلاتها تؤلمها لدرجة أنها اضطرت للوقوف دقيقة حتى تستطيع أن تعتاد وجود أرض صلبة تحت قدميها , لم تكن واثقة من قدرتها علي السير . فمشت بضع خطوات حذرة في اتجاه السيارة حتى عرفت أنها تستطيع الاتكال علي نفسها , فانضمت إلي الرجال عند سيارة الستيشن حيث كان يوزع عليهم الطعام .
توقف المزاح اللطيف والدمدمة بين الرجال عندما وصلت ستاسي مما أشعرها بعدم الارتياح. كانت مرهقة وجائعة بعد إفطارها البسيط فنسيت وضعها الحرج . وأحمر وجهها وارتعشت يدها وهي تأخذ طبقا من الطعام ومعه شريحة سميكة من الخبز من أحد الطهاة , وكوبا ساخنا من القهوة من طاه آخر . أاستدارت بعصبية لتبحث عن مكان مظلل تستطيع أن تتناول فيه الطعام . كانت كل العيون متجهة إليها وهي تستدير , ونظر البعض بعيدا عنها فجأة بينما أخذ البعض الآخر ينظر إليها في جرأة.
جاءها صوت متردد عن يمينها :
"آنستي !"
التفتت ستاسي فرأت جيم يخاطبها :
"تستطيعين الانضمام إلي أذا شئت , فلم يعد هناك الكثير من الأماكن الظليلة".
نظرت لأول مرة في عيني راعي البقر الشاب قائلة:
" أشكرك يا جيم . أعتقد أن منظري يدل علي أني ضالة".
"نعم . يجب ألا تأبهي لهولاء الرجال. إنهم لم يعتادوا روية النساء في المسكر ".
نظرت إليه , كان وجهه شبه بالصبية مما يخدع من يريد تقدير سنه الذي كان في منتصف العشرينات.
سألته ستاسي أثناء تناول الطعام :
" هل تعمل هنا منذ وقت طويل؟"
" أعمل هنا من وقت لآخر طوال عمري . لقد انتهيت من الخدمة العسكرية منذ عامين وذهبت إلي الجامعة ولكني أعمل هنا فترة الصيف لأكسب مصاريف تعليمي".
" ماذا تدرس؟"
" علم الغابات والحفاظ عليها "
" هل تنوي أن تصبح حارسا للغابة ؟"
أجاب مستمتعا باهتمام ستاسي به:
" أرجو ذلك . لقد أقترح سيد هاريس علي العودة للمزرعة , ولكني أفضل ألا أفعل . في البداية كنت سأصبح طبيبا بيطريا ولكني اكتشفت اهتمامي أكثر بالناحية الزراعية والبيئية ".
قالت ستاسي وفي صوتها رنة مرارة فيما تمضغ قطعة من اللحم :
" لو كنت مكانك لما سمحت لرغبات سيد هاريس أن تتعارض مع ما أريد ".
جاء الرد في صوت خافت ساخر :
" لا . بالطبع لا".
انتفضت رافعة رأسها , وكادت تختنق من قطعة اللحم التي تأكلها وهي تحملق في وجه هاريس . بينما هب جيم واقفا في حرج .
قال وهو يشد علي فكه بقوة مدافعا عن ستاسي بطريقته ضد ابتسامة مخدومه الساخرة :
"كنا نناقش خططي في الدراسة يا سيدي ".
وقفت ستاسي بسرعة حتى تمنع الاستمرار في الحديث نيابة عنها , كان مهينا بما فيه الكفاية أن تضطر للنظر إلي أعلي ... لكورد , ولكن الجلوس تحت قدميه كان لا يحتمل مطلقا , ونقل كورد هاريس بصره من عامل المزرعة الشاب إلي الفتاة الواقفة أمامه بدون قبعة . قابلت نظرته بجرأة وهي تشعر مرة أخري بأن ثيابها ووجهها قد كساهما الغبار.
قال كورد وصوته يبين رغبته في إبعاد جيم :
" ربما وددت مراقبة الجياد يا كونورز".
ألقي راعي البقر بنظرة إلي الفتاة الواقفة بجانبه , ابتسمت له ستاسي بثقة أكثر بكثير مما كانت تشعر . كان نبضها مسرعا سرعة مزعجة . وتركها جيم كونورز رغما عنه واقفين وحدهما بجانب المقطورة.
" يبدو أنك استطعت أن تكسبي لنفسك معجبا !"
قالت ستاسي بصوت لاذع:
"لا تكن مضحكا ! لقد كان مهذبا فقط من الواضح أنه قد تعلم السلوك الحسن ولا أستطيع أن أقول هذا عن أناس آخرين ".
قال كورد متجاهلا أهانتها :
"أرى أنك في حالة جيدة علي الرغم من العمل طوال الصباح "ز
واستند إلي جانب المقطورة لشعل سيكارته . وبلا شعور أمسك بالثقاب حتى برد وهو ينظر طوال الوقت إلي وجه ستاسي المتسخ .
" نعم . قمت بعمل جيد بالرغم من الصعوبات . هل أنت مندهش ؟"
أجاب:
" لا أعتقد أنك تستطيعين عمل أي شيء تقررين عمله . إني فقط أتساءل‘إذا كانت عندك القدرة علي الاستمرار".
مشي إليهما هانك وقد جذبت انتباهه مهرة بنية اللون في الناحية البعيدة من المقطورة , وقال:
" أهلا يا سيدي , هل هذه المهرة التي اشتريتها في الأسبوع الماضي ؟ إنها بالتأكيد حلوة الشكل".
أما المهرة فقد كرهت القيود وأخذت تذرع الأرض في صبر نافد وتجر لجامها . لم تترك عينا كورد وجه ستاسي وقال:
" نعم إنها حلوة !"
شعرت ستاسي بحمرة الخجل تغمرها ولكنها لم تستطع أن تهرب من العينين المسيطرتين .
وسأل هانك :
" هل تعتقد أنها تستطيع الاستقرار في حياة المزرعة؟"
ثم وجه بقية كلامه لستاسي بدون أن يلاحظ أنها لا تعيره الكثير من انتباها :
" لقد دخلت السباق عدة مرات وهي معتادة علي الكثير من الضجة والصخب . تستطيع أن تقول إنها مدللة ".
داعبت شفتا كورد ابتسامة هازئة وهو يرقب أمارات الارتباك واضحة علي وجه ستاسي وقال:
" من الصعب أن أجزم يا هانك ".
استمر راعي البقر الكهل في الكلام وهو يهز رأسه :
" بالتأكيد إنها تبدو متعبة . ستحتاج للكثير من الصبر حتى تتغير طريقة تفكيرها".
قال كورد ضاحكا :
" بالطبع ستحتاج للصبر , ستحتاجه . حسنا يجب ألا أعطلكما أنتما الاثنين عن عملكما أكثر من ذلك . سأراكما فيما بعد ".
هز رأسه لستاسي , ثم ربت بود علي ظهر الحصان , ومشي بخطوات واسعة نحو المهرة المربو طة وعلي وجهه تعبير سرور مكتوم . فك لجام الحصان وقفز بسهولة فوق السرج , ولم ينظر في اتجاههما وهو يوجه الحصان نحو مجموعة من الركاب يتحدثون وهم يشربون آخر قدح من القهوة . لم تسمع ستاسي حديثهما ولكنها فهمت أنه يأمرهم بالعمل لأنهم تفرقوا بعد وقت قصير , وساروا إلي حيث ربطت جيادهم .
لمحت جيم من طرف عينها يمشي قائدا حصانين وأعطاها لجام حصان كبير ذي أنف روماني . وأحست ستاسي بأن جيم كان محرجا لتركها بين براُن كورد , ولكنها في تلك اللحظة كانت تري الوجه الذي لوحته الشمس واضحا في ذهنها , والضحكة اللذيذة الصادرة من الحلق ترن في أذنيها . وركبا في صمت وانضما إلي هانك ليبدوا عمل بعد الظهيرة.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 06-04-2008, 08:55 PM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

لن أطلب الرحمة
ظنت ستاسي أن الصباح طويل ومرهق , ولكن عندما بلغت الساعة السادسة مساء عرفت تماما معني أن يكون الإنسان مرهق حتى العظام . وتاقت نفسها للصياح فرحا عندما رأت طاحونة الهواء التي تشير إلي ارض مبيت الماشية تلك الليلة .
نالت ستاسي احترام هانك وجيم لامتناعها عن إلقاء أعباء عملها عليهما . وحاولا أن يعملا بدل منها عدت مرات إلا أنها لم تسمح بذلك . كان من السهل عليها استغلال كونها امرأة , وكانا سيسمحان بذلك علي الرغم من أوامر صاحب العمل.
واقترح عليها هانك أن تسبقهما وتحضر قدحا من القهوة لكل منهما , ولكنها رفضت محاولة الضحك بالرغم من شعورها بالإرهاق قائلة أنها سوف تحتاج للمساعدة حتى تنزل عن ظهر حصانها . في تلك اللحظة شعرت أنها فعلا لن تقدر علي ذلك ولم تعتبر ما قالته مزاحا . وبعد ذلك بفترة قصيرة انضم القطيع الصغير الذي جلبوه إلي القطيع الأساسي للمبيت علي بعد حوال مائة ياردة من المعسكر .
شعر الفرسان بالسلام م وهم في طريق عودتهم إلي المعسكر الغربي الحديث المكون من شاحنات ذات محركات , حيث امتزجت رائحة البترول والزيت برائحة عرق الجياد والماشية والآدميين . وقبلت ستاسي بلطف معاونة جيم لها للترجل عن الحصان . ولم تشعر بأي حرج وهي تعرج في طريقها إلي سيارة الست يشن حيث انبعثت رائحة القهوة الموعودة. وصل هانك قبلهما وأخذ يتحدث إلي الفرسان الذين تجمعوا حول البوابة الخلفية . نظرت ستاسي إلي عيني راعي البقر الكهل وعلي وجهها ابتسامة ألم ساخر , وقالت وهي تئن :
"هانك . أعتقد أنك تنظر إلي أول سيدة مقوسة الساقين تعمل راعية بقر . لن أستطيع المشي بساقين مستقيمين طوال عمري , وبالطبع لن أستطيع الجلوس!"
أثار هذا الحديث قدرا كبيرا من التعاطف والضحك من المجموعة , وأهم من ذلك أكسبها تقبلهم لها . ثم قدموا لستاسي قدحا ساخنا من القهوة وسط الدعابات والنكات . وبعد أن استنشقت البخار المتصاعد من القدح أفلتت منها تنهيدة إعجاب مسموعة . وصاحت :
" أيها الطاهي . إنك حقا طاه ماهر , ولكن قل لي أين ماء الحمام ؟"
قابلتها عاصفة أخري من الضحك , فأضافت :
" هل تتعرضون لهذا كل يوم ؟"
أجابها أحدهم :
" مرتين يوم الأحد ".
ثم ضحك من تعبير عدم التصديق الذي تصنعته ستاسي :
" لا تقصوا علي التفاصيل وساعدوني في الجلوس!"
خطا عدد من الفرسان إلي الأمام بينهم جيم كونورز , وبالغوا في الاهتمام بها وهم يساعدونها للجلوس علي الأرض . بدأت ستاسي تستمتع بوجودها معهم بالرغم من ألأمها وأوجاعها . وابتهج الرجال أيضا لوجودها معهم , فمن النادر أن توجد بينهم امرأة , وبالطبع لم توجد بينهم امرأة تضحك علي نفسها وعلي وضعها.
ولمعت عيناها وهي تبدأ في تعليق ساخر جديد فلاحظت أن الرجال قد هدءوا ونظروا خلفها . احتفظت بمرحها واستدارت بابتسامتها المتألقة لتشمل القادم بمرحها . ولكن ظل كورد هاريس كان يسقط علي الجمع . كان تعبير وجهه يدل علي الاهتمام الساخر بالفتاة والرجال المحيطين بها . ولم تستطع ستاسي معرفة كيف ولماذا أتتها قوة الأعصاب لتقول ما قالت :
"أوه ... سيدي! أرجو أن تسمح لهذا العامل المتواضع بالجلوس في حضرتكم العظيمة لأنني أقسم أنني لن أستطيع النهوض إذا أمرتني بذلك".
أطبق صمت بارد علي الرجال وهم ينتظرون رد رئيسهم , وروعت ستاسي بالكلمات التي نطقتها ولكن فات أوان سحبها . وأمسكت أنفاسها هي والرجال, وجاءت الضحكة الخافتة أخيرا فأراحت الجميع , خصوصا ستاسي .
فأمر كورد الطباخ وهو يبتسم قائلا :
"تشارلي ... أعطني قدحا من هذا الذي تطبخه بينما أجلس إلي جانب هذه الآنسة".
وأعل أحد الرجال نار للمعسكر, وركزت ستاسي انتباها علي النار بدلا من الرجل الجالس بجانبها , وحاولت أن تتجاهل اضطرابها عند سماعها لضحكته اللطيفة . بدأت الشمس في الغروب ملقية بظلالها الملونة علي المناظر الريفية . بينما أخذا يرشفان قهوتهما في صمت . أحضر لها الطاهي طبقا من شرائح اللحم والفول وأعاد ملء أقداح القهوة.
سألها كورد عندما شرعا في تناول الطعام:
"حسنا . مار أيك في قيادة الماشية ؟ هل هي كما كنت تتوقعين؟"
أجابت ستاسي بابتسامة:
"لا . أنا لا أقصد أن أشكو ولكن العمل أكثر كشقة مما ظننت".
" لقد أحرزت نصرا مؤكدا حتى الآن".
" هل تعني أنني لن أستطيع الاستمرار؟"
" لا أعني إلا أنك قد أحسنت العمل جدا"
لمعت عيناه وهو يضيف:
"يجب أن تعالجي عصبيتك هذه .إنك تشعرين بالاهانة بسرعة أكثر من اللازم".
أجابت ستاسي ونظرها ما زال مشغولا بوهج النار:
"ربما يكون لدي سبب لذلك".
ابتسم كورد وعيناه ترمقان وجهها الساكن:
"أصبت في قولك. أتصور أن تكوني في غاية الإرهاق بعد عمل اليوم. سيعود الرجال لبيت المزرعة بعد قليل. تستطيعين أن تركبي معهم أو تنتظري قليلا لأوصلك".
دهشت ستاسي وقالت:
"هل سيعود الجميع ؟ أتعني أنكم تتركون الماشية بدون رعاية لتشرد ؟"
ضحك كورد قائلا:
" لا سيبقي معظم الرجال ويأخذون ورديات لقيادة القطيع . لقد أحضروا فراشهم الذي يطوى".
وأشار إلي حيث كان الرجال يشرعون في إعداد فراشهم.
" إذا لماذا أعود أنا لبيت المزرعة ؟"
أجاب كورد باقتضاب :
" لأنك لست مستعدة للمبيت . وغير مسموح لامرأة بالمبيت هنا , ثم انك قد قمت من فراش المرض منذ أيام قليلة . ومن الحماقة أن تبالغي في إرهاق صحتك"
" ولكنني مجرد عاملة في مزرعتك . ألا تذكر؟"
قالت ستاسي قولها بسخرية وعيناها تشعان في وهج النار . قال بلهجته الحادة :
" أثناء النهار".
جاء صوت ستاسي منخفضا ومصمما :
"سأقضي الليلة هنا"
" ستعودين معي ".
" إذا ستضطر إلي حملي بالقوة من هنا , وهذا سينتج عنه منظر مثير . ولكنك لا تمانع من حدوث مثل هذه المناظر . أليس كذلك ؟"
وقال كورد :
"تنسين أنه لا يوجد لك مكان للنوم . ألم تتعلمي من تجربتك الأخيرة ما الذي يمكن حدوثه من برودة الليل ؟"
" أنا واثقة من أنني أستطيع اقتراض بطانية أو أي غطاء من أحد الرجال".






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:42 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator