العودة   شبكة صدفة > المنتديات الادبية > الشعر العربى القديم والحديث

الشعر العربى القديم والحديث شعر شعبي ، شعر فصيح ، قصة ، رواية ، مقال ، نقد،يحتوي على أقسام متخصصة بالأدب والشعر والخواطر وكذلك القصص والروايات.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 08-25-2012, 06:04 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش


يفاجئونك بموتهم
محمد عبد الله

بعض الأشخاص يذكرونك بأنك ستموت، منهم محمود درويش وجوزيف سماحة. كل يوم هناك وجبة موت. الموت مفهوم. لكن هناك أشخاصا يفاجئونك بموتهم. يؤكدون لك أن الموت حتمي في الحياة، ونقتنع بأننا سنموت. يقول درويش: »مطر ناعم في خريف بعيد/ والعصافير زرقاء زرقاء/ والأرض عيد/ ألا لا تقولي إنني غيمة في المطار/ فأنا لا أريد من بلادي/ التي سقطت من زجاج القطار/ غير منديل أمي وأسباب موت جديد«.


حيوية متفجرة
جودت فخر الدين

المكانة التي يحتلها محمود درويش في أدبنا الحديث مكانة فريدة، وأبرز ما فيها أنها لم تستقر على ثوابت أو إنجازات نهائية، بل ظلت جياشة، محفوفة بالقلق، خصوصا في مراحلها الأخيرة. لقد ظلت تجربة درويش الشعرية حيوية ومتفجرة على الدوام، ربما هي كفلسطين، بل هي فلسطين في تحولاتها المأسوية، وفي تقلبها المرير في العذاب والأمل. لكن محمود درويش عاش القلق على أنواعه، وبالأخص ذلك القلق الإبداعي الذي توهجت قصائده في ضوئه.
أمير المفاجآت
غسان مطر

هل حقا مات؟ اذاً في الأمر خيانة، فمحمود لا يتنازل بهذه السهولة. صحيح انه كان في شعره أمير المفاجآت، لكن ان كان مات حقاً فهو قد فاجأ نفسه هذه المرة، فقصيدة موته لا تعجبنا، ولو نشرت في الأرض كلها، ورددها الناس كلهم، لأنها قصيدة يتساوى فيها محمود مع كل الذين يموتون ومحمود لا يتنازل بهذه السهولة. إذاً في الأمر خيانة. ثمة من يريدنا أن نصدق ذلك لنكسر أقلامنا، او ثمة من يريدنا ان ننسى فلسطين وشمس الحرية، او ان نشعر باليتم، ليجتاحنا طوفان الهزيمة. هل حقاً مات؟ تأكدوا جيداً من الخبر، محمود لا يتنازل بهذه السهولة.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2012, 06:04 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

محمـود درويــش بشعــره
(النصوص من اختيار هنادي سلمان)


لم أكن بعد أعرف عادات أمي، ولا أهلها عندما جاءت الشاحنات من البحر. لكنني كنت أعرف رائحة التبغ حول عباءة جدي ورائحة القهوة الأبدية منذ ولدت كما يولد الحيوان الأليف هنا، دفعة واحدة. ... نحن أيضاً لنا صرخة في الهبوط إلى حافة الأرض.
لكننا لا نخزن أصواتنا في الجرار العتيقة... أحلامنا لا تطل على عنب الآخرين... نحن أيضاً لنا سرنا عندما تقع الشمس عن شجر الحور: تخطفنا رغبة في البكاء على أحد مات من أجل لا شيء مات، وتجرفنا صبوة لزيارة بابل أو جامع في دمشق، وتذرفنا دمعة من هديل اليمامات في سيرة الوجع الخالدة.
ـ ... إلى أين تأخذني يا أبي؟
ـ إلى جهة الريح يا ولدي...
ـ ومن يسكن البيت من بعدنا يا أبي؟
ـ سيبقى على حاله مثلما كان يا ولدي!
... تحسس مفتاحه مثلما يتحسس أعضاءه، واطمأن. ... »يا ابني تذكر، هنا صلب الإنجليز أباك على شوك صبارة ليلتين، ولم يعترف أبداً. سوف تكبر يا إبني، وتروي لمن يرثون بنادقهم سيرة الدم فوق الحديد...«.
ـ ... لماذا تركت الحصان وحيداً؟
ـ كي يؤنس البيت، يا ولدي، فالبيوت تموت إذا غاب سكانها...
[[[
... ويقول أب لإبنه: كن قوياً كجدك! واصعد معي تلة السنديانة الأخيرة \ يا ابني تذكر: هنا وقع الإنكشاري عن بغلة الحرب فاصمد معي لنعود.
ـ متى يا أبي؟
ـ غداً، ربما بعد يومين يا ابني !
[[[
... هل تعبت من المشي يا ولدي، هل تعبت ؟
ـ نعم يا أبي.
ـ ... نعود إلى البيت، هل تعرف الدرب يا ابني؟ نعم يا أبي...
ـ هل تعرف البيت، يا ولدي؟
مثلما أعرف الدرب أعرفه: ياسمين يطوق بوابة من حديد ودعسات ضوء على الدرج الحجري وعباد شمس يحدق في ما وراء المكان... وفي باحة البيت بئر وصفصافة وحصان وخلف السياج غد يتصفح أوراقنا.
ـ يا أبي هل تعبت؟ أرى عرقاً في عيونك؟
ـ يا ابني تعبت.. أتحملني ؟
ـ مثلما كنت تحملني يا أبي، وسأحمل هذا الحنين إلى أولي وإلى أوله وسأقطع هذه الطريق إلى آخري وإلى أخره. (لماذا تركت الحصان وحيداً ١٩٩٥)
[[[
هناك، عرفت من آثار النكبة المدمرة ما سيدفعك إلى كراهية النصف الثاني من الطفولة. فإن كنزة صوف واحدة، منتهية الصلاحية، لا تكفي لعقد صداقة مع الشتاء . ستبحث عن الدفء في الرواية، وستهرب مما أنت فيه إلى عالم متخيل مكتوب بحبر على ورق. أما الأغاني فلن تسمعها إلا من راديو الجيران. أما الأحلام فلن تجد متسعاً لها في بيت طيني، مبني على عجل كقن دجاج، يحشر فيها سبعة حالمين، لا أحد منهم ينادي الآخر باسمه منذ صار الإسم رقماً. الكلام إشارات يابسة تتبادلونها في الضرورات القصوى، كأن يغمى عليك من سوء التغذية...
تتذكر مذاق العسل الجارح الذي كان جدك يرغمك على تناوله فتأبى، وتهرب من مشهد جدتك التي تضع المنخل على وجهها لتتقي عقصات النحل وتقطف الشهد بيد جريئة. كل شيء هنا برهان على الخسارة والنقصان. كل شيء هنا مقارنة موجعة مع ما كان هناك. وما يجرحك أكثر هو أن »هناك« قريبة من »هنا«. جارة ممنوعة من الزيارة. ترى إلى حياتك التي يتابعها مهاجرون من اليمن دون أن تتدخل في ما يفعلونه بها، فهم أصحاب الحق الإلهي وأنت الطارئ اللاجئ. (لماذا تركت الحصان وحيداً).
[[[
وعشت لأن يداً إلهية حملتك من عين العاصفة إلى واد غير ذي زرع. وعشت في منزلة الصفر، أو أقل أو أكثر.
... وعشت لأن يداً إلهية أنقذتك من حادثة. عشت في كل مكان كمسافر في قاعة انتظار في مطار يرسلك، كبريد جوي، إلى مطار... عابراً عابراً بين اختلاط الهنا بالهناك، وزائراً متحرراً من واجبات التأكد من أي شيء.
وعشت لأن كثيراً من الرصاص الطائش مرّ من بين ذراعيك ورجليك ولم يصبك في قلبك، كما لم يشج حجر طائر في رأسك. (في حضرة الغياب ٢٠٠٦)
[[[
على هذه الأرض ما يستحق الحياة: على هذه الأرض سيدة الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارت تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق لأنك سيدتي، أستحق الحياة. (ورد أقل).
[[[
أحبك خضراء. يا أرضُ خضراءَ. تفاحة تتموج في الضوء والماء. خضراء. ليلك أخضر. فجرك أخضر. فلتزرعيني برفق... برفق يد الأم، في حفنة من هواء. أنا بذرة من بذورك الخضراء. (لاعب النرد)
[[[
وحين أعود للبيت و حيداً فارغاً، إلا من الوحدة / يداي بغير أمتعة، وقلبي دونما ورده / فقد وزعت ورداتي على البؤساء منذ الصبح... وحين أعود للبيت
أحس بوحشة البيت وأخسر من حياتي كل ورداتي وسرّ النبع.. نبع الضوء في أعماق مأساتي وأختزن العذاب لأنني وحدي بدون حنان كفيك / بدون ربيع عينيك! ... (قصيدة »أغنية«)
[[[
إن لم تكن حجراً يا حبيبي فكن قمراً في منام الحبيبة.. كن قمراً. هكذا قالت امرأة لابنها في جنازته. (حالة حصار)
[[[
مات ما فات فمن يكتب قصيدة في زمان الريح والذرة يخلق أنبياء.
... قصائدنا بلا لون بلا طعم بلا صوت إذا لم تحمل المصباح من بيت إلى بيت وإن لم يفهم البسطاء معانيها فأولى أن نذريها ونخلد نحن للصمت (عن الشعر)
[[[
تفاحةٌ للبحر، نرجسة الرخام، فراشةٌ حجريةٌ بيروت
شكل الروح في المرآة
وصف المرأة الأولى ورائحة الغمام
بيروت من تعب ومن ذهب، وأندلس وشام.
فضّة، زبد، وصايا الأرض في ريش الحمام.
وفاة سنبلة، تشرّد نجمة بيني وبين حبيبتي بيروت.
لم أسمع دمي من قبل ينطق باسم عاشقة تنام على دمي... و تنام ...
من مطر على البحر اكتشفنا الإسم، من طعم الخريف وبرتقال
القادمين من الجنوب، كأنّنا أسلافنا نأتي إلى بيروت كي نأتي إلى
بيروت ... (بيروت)
[[[
يسألني المتعبون، أو المارة الحائرون عن إسمي فأجهله.. إسألوا عشبة في طريق دمشق! وأمشي غريباً وتسألني الفتيات الصغيرات عن بلدي
فأقول: أفتش فوق طريق دمشق وأمشي غريباً ويسألني الحكماء المملون عن زمني فأشير / حجر أخضر في طريق دمشق / وأمشي غريباً
ويسألني الخارجون من الدير عن لغتي فأعد ضلوعي وأخطئ / إني تهجيت هذي الحروف فكيف أركبها؟
دال. ميم. شين. قاف فقالوا: عرفنا - دمشق! ابتسمت. شكوت دمشق إلى الشام كيف محوت ألوف الوجوه وما زال وجهك واحد! (طريق دمشق)
[[[
(إلى جمال عبد الناصر)
متى يا رفيقي؟ متى يا عزيزي؟ متى نشتري صيدلية بجرح الحسين.. ومجد أميّة ونبعث في سدّ أسوان خبزاً وماء ومليون كيلواط من الكهرباء؟
أتذكر؟ كانت حضارتنا بدوياً جميلا يحاول أن يدرس الكيمياء ويحلم تحت ظلال النخيل بطائرة.. وبعشر نساء ولست نبياً ولكن ظلك أخضر.. نعيش معك نسير معك نجوع معك وحين تموت نحاول ألا نموت معك ففوق ضريحك ينبت قمح جديد وينزل ماء جديد و أنت ترانا.
نسير
نسير
نسير . (الرجل ذو الظل الأخضر)
[[[
أغلقوا المشهد/ انتصروا/ عبروا أمسنا كله، غفروا/ للضحية أخطاءها عندما اعتذرت/ عن كلام سيخطر في بالها، غيروا جرس الوقت/ وانتصروا...
... التفتنا إلى دورنا في الشريط الملوّن، لكننا لم نجد نجمةً للشمال ولا خيمةً للجنوب. ولم نتعرّف على صوتنا أبداً. لم يكن دمنا يتكلّم في الميكروفونات في ذلك اليوم، يوم اتّكأنا على لغةٍ بعثرت قلبها عندما غيّرت دربها. لم يقل أحدُ لامرئ القيس: ماذا صنعت بنا وبنفسك؟، فاذهب على درب قيصر، خلف دخان يطلّ من الوقت أسود. واذهب على درب قيصر، وحدك، وحدك، وحدك، واترك لنا، ههنا، لغتك! (خلاف، غير لغوي، مع امرئ القيس)
[[[
خسرت حلماً جميلاً، خسرت لسع الزنابق، وكان ليلي طويلاً، على سياج الحدائق، وما خسرت السبيلا. (موال)
[[[
وسآتي إلى ظل عينيك.. آت/ وردة أزهرت في شفاه الصواعق، قبلة أينعت في دخان الحرائق فاذكريني.. إذا ما رسمت القمر فوق وجهي، وفوق جذوع الشجر مثلما تذكرين المطر وكما تذكرين الحصى والحديقة واذكريني، كما تذكرين العناوين في فهرس الشهداء. أنا صادقت أحذية الصبية الضعفاء أنا قاومت كل عروش القياصرة الأقوياء لم أبع مهرتي في مزاد الشعار المساوم لم أذق خبز نائم لم أساوم لم أدق الطبول لعرس الجماجم و أنا ضائع فيك بين المراثي وبين الملاحم بين شمسي وبين الدم المستباح جئت عينيك حين تجمد ظلي والأغاني اشتهت قائليها أريد مزيداً من العمر كي يعرف القلب أهله، وكي أستطيع الرجوع إلى... ساعة من تراب. (ورد أقل)
[[[
من أنا؟ أنشيد الأناشيد أم حكمة الجامعة؟ وكلانا أنا وأنا شاعر وملك وحكيم على حافة البئر، لا غيمة في يدي ولا أحد عشر كوكباً على معبدي. ضاق بي جسدي ضاق بي أبدي وغدي...
وكلما صادقت أو آخيت سنبلة تعلمت البقاء من الفناء وضده: »أنا حبة القمح التي ماتت لكي تحضر ثانية. وفي موتي حياة ما...
فنم هادئاً إذا ما استطعت إلى ذلك سبيلا / ونم هادئاً في كلامك واحلم بأنك تحلم، نم هادئاً ما استطعت، سأطرد عنك البعوض ودمع التماسيح، والأصدقاء الذين أحبوا جروحك وانصرفوا عنك حين جعلت صليبك طاولة للكتابة.
نم هادئاً قرب نفسك/ نم هادئاً، سوف أحرس حلمك، وحدي ووحدك في هذه الساعة/ الأرض عالية كالخواطر عالية والسماء مجازية كالقصيدة زرقاء، خضراء، بيضاء، بيضاء، بيضاء، بيضاء. (في حضرة الغياب).







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2012, 06:05 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

العالـم العربـي يـودّع محمـود درويـش
(ا ف ب، رويترز، يو بي آي، ا ش ا)
شاعر المقاومة محمود درويش رحل.. ليكتشف الفلسطينيون، والعرب وكل مَن آمن بقضيته، أن هناك دوماً مكاناً لمزيد من الحزن.
ومع وفاة درويش، انهالت التعازي إلى وطنه، من زعماء عرب، وقوى سياسية، وحزبية، ومثقفين، أجمعوا على أن رحيل عاشق فلسطين سيخلّف خواء.. لن تتمكن من سده سوى أشعاره، مطالبين بدفن الراحل، في قريته البروة، بعدما تحدثت أوساط فلسطينية عن احتمال دفنه في رام الله، بعد الجنازة الكبيرة التي ستقيمها له السلطة الفلسطينية غداً هناك.
توفي درويش، أحد أهم الشعراء الفلسطينيين، الذين ساهموا في بناء الشعر العربي الحديث، أمس الأول عن ٦٧ عاماً، في مستشفى في هيوستن، في ولاية تكساس، جنوب الولايات المتحدة، حيث كان يخضع لعملية في القلب.
وعلى الفور، نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، »نجم فلسطين وفارس فرسانها«، الذي »سيترك غيابه فراغاً كبيراً في حياتنا الثقافية والسياسية والوطنية«، معلناً الحداد العام ثلاثة أيام في الأراضي الفلسطينية.
وفي عمان، قال السفير الفلسطيني عطا الله خيري إن عباس سيوفد رئيس الديوان الرئاسي رفيق الحسيني إلى الولايات المتحدة و»سيرسل طائرة إلى هيوستن لنقل جثمان درويش إلى عمان«، حيث »ستجري له مراسم وداع غداً (الثلاثاء)، قبل نقله إلى رام الله«، مضيفاً أن عباس طلب من الجهات الفلسطينية مخاطبة السلطات الإسرائيلية، لدفن درويش في مسقط رأسه في الجليل.
وقالت وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني أبو دقة إن فلسطين ستودع »عاشقها« في جنازة رسمية غداً الثلاثاء، تقام في الضفة الغربية، مرجحةً أن تكون »الأكبر منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات«.
ورجّح عضو المجلس الوطني الفلسطيني في عمان حمادة فراعنة أن يدفن جثمان درويش في رام الله، قرب ضريح عرفات، في حال رفضت إسرائيل دفنه في قريته »البروة« في الجليل.
واتحد الفلسطينيون، من حركتي فتح وحماس، حزناً على وفاة درويش، الذي نعاه النائبان العربيان في الكنيست محمد بركة وأحمد الطيبي، حيث أوقف التلفزيون التابع للسلطة في الضفة الغربية بث برامجه العادية، فيما فتحت وزارة الثقافة الفلسطينية التابعة لحكومة إسماعيل هنية المقالة بيتا لتقبل التعازي بدرويش في قطاع غزة، كما أصدر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، والأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة، بيانَين نعيا فيهما الشاعر الراحل.
وطالب الوزير العربي في الحكومة الإسرائيلية غالب مجادلة، في رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة ايهود أولمرت، بدفن الشاعر في قريته.
عربياً، وجّه الرئيس السوري بشار الأسد برقيتي تعزية إلى عباس، والى أسرة درويش. كما بعث الملك الأردني عبد الله برقية مماثلة.
وفي القاهرة، نعى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى »شاعر فلسطين والعرب«.
وفي لبنان، أرسل رئيس البرلمان نبيه بري برقية تعزية، واتصل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بعباس معزياً، وبدوره أبرق رئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري إلى عباس. كما نعاه الحزب التقدّمي الاشتراكي، ورئيس ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية عباس زكي، ووزير الإعلام اللبناني طارق متري، والمؤتمر القومي العربي، واتحاد الكتّاب اللبناني، والأسير اللبناني المحرر سمير القنطار.
كي نعمل معاً من أجل أن تستعيد الأرض كلامها


وجهت مجموعة من اصدقاء الشاعر الكبير محمود درويش هذا النداء:
في هذه اللحظات المليئة بالأسى، ونحن نودع شاعرنا الكبير محمود درويش، نرى الحزن مرسوما على خريطة فلسطين، ونشعر بفداحة الخسارة التي جاءت تتويجا لزمن الخسارات الذي نعيش.
هذا النداء موجه الى اهلنا في فلسطين الذين كان درويش وسيبقى شاعر الحلم والمعنى في ارضهم. وهو نداء يتعلق بحق شاعر الجليل في ان يعانق ارض الجليل ويستريح في المكان الذي شهد ولادته الشعرية، وملأ قصائده بعطر اللوز والزيتون.
يحق لابن الجليل وشاعره ان يدفن في ارضه، ويجب ان لا يكون في مقدور احد ان يمنع هذا الفلسطيني الكبير من العودة الأخيرة الى بلاده.
هذا نداء موجه الى الجميع، كي نعمل معا من اجل ان تستعيد الأرض جسد كلامها، الذي صار شعرا عظيما كتبه شاعر عظيم.
وقع النداء: طه محمد علي، انطوان شلحت، رمزي سليمان، محمد بكري، محمد علي طه، محمد نفاع، سهام داوود، انطون شماس، ليلى شهيد، سليم بركات، مارسيل خليفة، الياس صنبر، محمد برادة، فاروق مردم، صبحي حديدي، عباس بيضون، فواز طرابلسي ، الياس خوري.








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2012, 06:05 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

كلنا موتى منفى
وديع سعادة
كل ما كتبه محمود درويش كان من أجل وطن، ومات بلا وطن.
قبله مات عرب كثيرون من دون أوطان. مات عرب كثيرون في الأحلام الخائبة.
وبعده، وبعدهم، سيموت كثيرون أيضاً في المنافي.
إنها أوطان تلد ناساً كي تنفيهم أوطان أخرى. أو أوطان تلد ناساً كي تنفيهم أوطانهم. أو أوطان تلد ناساً كي يعيشوا في أوطانهم منفيين... لا، إنها المنافي وليست الأوطان!
كل ما حلم به محمود درويش هو الوطن، ومات بلا وطن. مثل درويش حلم كثيرون وكثيرون لا يزالون يحلمون. وكلهم ماتوا ويموتون بلا وطن.
العرب كلهم يحلمون أحلاماً شبيهة بحلم محمود درويش. كلهم يحلمون بوطن. وكما مات درويش، يموتون كلهم الميتة ذاتها. يموتون كلهم في الحلم الخائب.
نادراً ما نرى مواطنين وشعراء وأدباء ومثقفين غربيين يموتون خارج أوطانهم، فلماذا نرى هذا الكم الهائل من العرب يموت في المهاجر والمنافي؟!
فهل الأوطان العربية حلم مستعصٍ؟
هل الأوطان العربية رهينة حلمين: حلم يجهضه الخارج وحلم يجهضه الداخل؟
حلم، إن لم يجهضه الغرباء أجهضه أهل بيته؟
كم من العرب يعيشون في المنافي ويموتون في المنافي؟!
كم من العرب نفاهم الغرباء من أوطانهم؟ وكم من العرب نفتهم أوطانهم؟ وكم من العرب يعيشون في أوطانهم منفيين؟!
... فيا صديقي محمود درويش، أنت وشعبك لستما حالة استثنائية.
كلنا يا صديقي نعيش بلا أوطان ونموت بلا أوطان.
كلنا حلم وطن... وموتى منفى.


تليق بك الحياة
زاهي وهبي
قبل شهرين كان آخر لقاء لي بمحمود درويش. زرته في بيته "العمّاني" برفقة الصديقين الدكتور أسعد عبد الرحمن والمطربة الجليلية (نسبة الى الجليل الفلسطيني) أمل مرقس. ما ان فتح الباب حتى بادرته قائلاً:
- كلما تقدمتَ في السن ازددتَ وسامة وشباباً (وكان أكثر نحافةً مما اعتدته).
- ليس المرء كما تظن يا زاهي، قال لي كمن يضمر شيئاً.
فهمتُ من جوابه أن قلبه عاود مشاكسته، وخصوصاً حين اخبرني أنه ذاهب الى اميركا لإجراء عمل طبي. واتفقنا على اللقاء في بيروت فور عودته.
قلتُ: هذه المرة ستأتي الى بيروت بلا التزامات عامة. لا أمسيات ولا ندوات. سوف ادعوك الى لقاء ثالث في "خليك بالبيت" وستكون الدعوة مجرّد ذريعة لنسهر ونخرج ونصعد الى الجبل. ستكون زيارة لأجل الحياة، مازحته ضاحكاً.
وافق محمود من دون أن يجادلني كعادته في مسألة التوقيت. فكّرتُ: كم تغّير. وكل تغيّر فيه كان دوماً نحو الأفضل. نحو مزيد من الشفافية والرقّة والتواضع.
في جلستنا الأخيرة تحادثنا في أمور كثيرة، ومازحنا قائلاً إننا قاطعناه عن متابعة مباراة كرة القدم من جملة مباريات كأس الأمم الأوروبية. وكانت كرة القدم احدى متع محمود درويش، هذا الشاعر الذي لا يشبه الشعراء الآخرين، لكنه يشبه الشعر الى حد التماهي. حتى بيته كان مختلفاً عن منازل الشعراء. "بيت شعر" اكثر مما هو بيت شاعر. قلت له ذلك. فحدثني عن بيتي وسألني عن رابعة ودالي. وسألته عن أمور كثيرة. وكنتُ كمن يسأل أخاً أكبر.
في طريق العودة اهديت الى أمل مرقس نسخة من كتابي "تتبرّج لأجلي" وأشرت الى قصيدة عنوانها "تليق بك الحياة"، كتبتها قبل نحو خمس سنوات لمحمود درويش. قالت امل: إقرأها لي، فقرأت:
"لا تعتذر عما فعلت/ قم في صيحة الديك/ في صوت المؤذن/ توضأ واكتب قصيدتك/ في الصباح لك أن ترشق الجندي بحجر/ أن تقطف وردة لعاشقة الورد/ أن تجد وقتا لاشيائك الحميمة/ أن تنتقي قميصا ربيعي المزاج/ أن ترفع صوت الموسيقى عاليا/ أن تخفف قليلا وطأة هذا الاحتلال./ لك ان تفعل ما تشاء/ صدّقني يليق بك الصيف/ مثلما يليق بك الشتاء/ إذن.../ لك ان تقاتل/ ولك ان تغني/ أن تطلق غزالة من اسر الخيال/ أن ترجع فتى مفتول الساعد والاحلام/ أن تتغاوى بشيب التجارب والمحن./ لك أن تفعل ما يحلو لك/ لك أن ترى في مدينتي ما تريد/ ولي ان اجعل قصائدك خبز الفقراء/ ليس الحزن ما يجعلك استثنائيا/ ولا الموت المتربص بك عند ناصية الايام/ حبك للحياة جدير بالحياة/ واخطاؤك الصغيرة لا تستحق الاعتذار/ إذن/ لا تعتذر عما فعلت/ وامش كما تشاء/ معتدل القامة
أو سنبلة ملأى/ ناحلاً، مائلاً/ أخضر الابتسامات/ ابتسم لتغيط الجندي المكفهر خلف بندقيته/ غنّ/ غناؤك يعكر مزاج الجنرال/ غنّ
ليس الحزن ما يجعلك استثنائياً/ بل دفاعك الرائع عن معنى الحياة".

•••

سوف يُكتب الكثير عن محمود درويش، ويمتزج الحبر بالدموع، سوف يُكتب عن شعره الذي لطالما اغضب المحتل الإسرائيلي وافزعه، وعن "فلسطينه" التي عشقها حتى الرمق الأخير، وعن نجمته بيروت، عن ريتا وعصافير الجليل، عن حصانه الذي تركه وحيداً، وسرير الغريبة الذي يشتاق دفء قصيدته، وعن أثر الفراشة الذي لن تقدر جرافات الاحتلال على محوه من ذاكرة فلسطين. مثلما سوف يُكتب عن شاعريته وفرادته وتمرّده حتى على شعره وجمهوره.
أما انا فسوف انتظره في بيروت مردداً "تليق بك الحياة" في الحياة وفي الموت الذي في حالة محمود درويش لا يكون كلياً.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2012, 06:06 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

مسيح جديد
محمد علي شمس الدين

لستُ أدري الى اين ذهب محمود درويش. هل عاد ليسلك تلك الرحلة التي وصفها في "جداريته"؟ هذا الشاعر مات اكثر من مرّة. لقد مات كثيراً حتى أمات الموت. وإنني اعرفه. أعرف أنه لم يكن يخاف من الموت. ولكنني أنا كنت أخاف عليه وما كانه. لأن رحلة الغامض لعلها اكثر رعباً من رحلة الشهادة.
دخل هذا الشاعر في معركة شرسة مع بدائل الموت منذ فتح عينيه في مكان هو فيه وليس فيه، له ولا يملكه. وعلى زمان أنشب في عينيه اشرس مخالب التاريخ. منذ تلك اللحظة ومحمود درويش يدافع الموت بعينيه كطفل يدافع الوحشة بصفاء نظرته، بالبراءة.
لستُ ادري اين هو الآن محمود درويش. أيواصل العذاب؟ أيلقي قصائده هناك على غيمة، حيث ليس ثمة من جمارك، ولا كلاب سلطة، ولا قتلة. أم أنه، وهذا ما لا اريده، يواصل العذاب؟ إني أخاف.
آخر مرة رأيته فيها، كنا في القاهرة، في الملتقى الأول للشعر العربي والعالمي. قرأنا في أمسية واحدة. وحين جلسنا في المقهى حدّقتُ في عينيه. اكتشفتُ شيئاً لم اكن اعرفه فيه. قلتُ له: "يا محمود، ما زال شكل وجهك شاباً، ولكن الحظ أن لك حاجبين أشيبين تماماً. لماذا حاجباك أبيضان الى هذا الحد؟". كان يستر حاجبيه بنظارتيه ولم اكن قد تفرّستُ في عينيه قبل ذلك. دخلتُ في بئر عميقة من ذاك الشغف المجنون بالحياة والحرية، في غابة.
كان محمود درويش يكاد يدافع عن قاتليه، وشعره يقول ذلك. كان قد انقسم في آخر شعره اثنين في جسد واحد: القاتل والقتيل. وكان القتيل يبكي قاتله، لأن نبض الشعر عند محمود تجاوز الوطن نحو دراما الإنسان بذاته. وأنا على العموم لم أكن منحازا كثيرا الى شعره السياسي ولكنني كنت شديد الانحياز الى جداريته، هذه الجدارية العجيبة التي دخل فيها الشاعر دخولاً في ذاته، بعدما زار الموت وعاد منه. لم يتكلم عن وطن، ولم يتكلم عن فلسطين. تكلم عن رحلته العجائبية، وأحببته جدا هنا. لقد زار آخر من الشعراء الكبار الموت وعاد منه اول مرة، هو نزار قباني. ولكنه لم يكتب بعد هذه الزيارة أثرا يشير إليها.
محمود غلب الموت بالموت. إنه مسيح جديد.


في كامل أسطورته
شوقي بزيع
يصعب على المرء، مهما أوتي من قوة اللغة وبلاغتها، أن يتفحص ملامح مثل هذه اللحظة، وهي تغرق في سديمها المبهم وتتشكل خارج كل ما يمكن الكلام أن يرسمه من معالم وإشارات. اللغة الآن عمياء وكسيحة، وهي تخوض أقصى امتحان لها أمام غياب شاعر أحبها ووهب لها حياته وروحه وشغاف قلبه. هل كان ينبغي لمحمود درويش ان يغيب لكي نكتشف في ضوء غيابه كم نحن هائمون الآن على وجوهنا وأقلامنا وكلماتنا، وكم المساحة الشاغرة التي خلّفها وراءه لا يمكن أحداً أن يردمها من بعده؟ لعله بعودته الى احشاء التراب الأم يخفف عن نفسه وعنّا هذا العبء القائم على ردم الهوّة بين امومة اللغة وأمومة الأرض. كانت الكتابة عنده على جمالها رديفة النقصان، وكان يريد في ضوء المنفى أن يستعيد فلسطينه المشغولة بالكلمات. وربما كان يريد أن يوفّر على الشعراء عناء الوقوع مثله في فخ البلاغة، ولذلك بدا كسيزيف راغباً في حمل الصخرة وحده على كتفيه.
محمود درويش هو من بين القلّة يغيبون في كامل أسطورتهم. ذلك انه لم ينفق جسده ونضارة وجهه كما فعل الآخرون، ولم يمت عجوزاً ولا شيخاً. مات وقصيدته أيضاً في أوج ريعانها. فهو لم يقبل كما فعل كثيرون سواه أن يقتات من فضلات أعماله السابقة. بل كان يؤثر أبداً أن ينقلب على نفسه وأن يحوّلها الى ساحة عراك مستمرة بين الممكن والمتخيّل، وبين المتحقق والمحلوم به. لعله من بعض وجوهه يستعيد تجربة المتنبي بامتياز، فإذا كان الثاني قد أنصت الى كل الأصوات التي سبقته مستوعباً كل ما تناهى إليه من مساقط شعرية سابقة عليه، من امرئ القيس وحتى ابي تمام، فإن محمود درويش قد فعل الشيء نفسه مصغياً الى نبض الحداثة الشعرية ومتلقفاً أصواتها المتعددة ليعيدها الى الحياة بشكل مختلف، ولتهضم قصيدته كل ما تلقفته من نسغ الكتابة محوّلاً إياها كما الشجرة الى ثمار ناضجة وبعيدة عن الأصل.
وإذا كان لمدينة أن تشعر بالثقل في هذه اللحظات، فهي بيروت بالذات، لأن محمود درويش كان جزءا من المعنى الذي ابتكرته لنفسها على مدى العقود الأخيرة. كان جزءا من مختبرها اليومي الذي واجهت به تحديات العصر وقيم الحداثة والذي انفجر في ما بعد تمزقات وشظايا وحروبا اهلية. تماما كما انفجر جهد محمود درويش بعدما ضاق ذرعاً بشياطين اللغة التي سكنته. وإذا كان لكل منهما صليبه، فلكل منهما قيامته ايضاً. وهي قيامة ليست ناجزة في أي حال، بل علينا نحن، كل من زاويته، ان نذهب بها حتى نهايتها الأخيرة.


إلى اللقاء بعد قليل بعد عامين وجيل
رامي الأمين

كان ذلك في معرض بيروت الدولي للكتاب في العام 2007 حينما كان محمود درويش يوقّع كتابه "كزهر اللوز أو أبعد" في جناح "دار رياض الريس للنشر". يومذاك، تقدمت إليه برفقة ناشرة كتابي "أنا شاعر كبير" لينا كريدية، حاملاً باكورتي الشعرية بين يديّ. أخذت لينا الكتاب من يدي وقدّمته إلى محمود درويش. قالت له: "هذا الشاب الصغير، شاعر كبير"، ثم قلبت الكتاب بين يديه لتريه ما كتب على الغلاف الخلفي.
كان يضع رجلاً على رجل، ويبتسم، حينما راح يقرأ بهدوء جميل المقطع المكتوب على الغلاف، وكان فيه: "أنا شاعر صغير/ لذا يحق لي ما لا يحق لكبار الشعراء/ من هنا، أستطيع أن أموت باكراً على سبيل المثال/ أو أن اتوقف عن النمو/ ويحق لي أن اسرق مقطعاً من قصيدة "ريتا والبندقية" لمحمود درويش/ لأن الصغار لا يحاسبون على أفعالهم السيئة/ ولأن الله يحبهم/ ويكره محمود درويش...". قرأه كاملاً، ثم رفع نظره إليّ وابتسم وقال: "هناك سوء تفاهم هنا، من يكره الآخر، أنا أم الله؟".
ضحكنا كلنا، أنا، لينا كريدية ورياض الريّس الذي كان جالساً إلى جانب محمود درويش. قلت له إن الشعور ربما يكون متبادلاً. قبل أن يقلب الكتاب ويرى العنوان، قال إن العنوان يجب أن يكون "أنا شاعر كبير". وابتهج عندما أصاب.
أعاد إليّّ نسخة الكتاب، فكتبت عليها إهداءً: "إلى محمود درويش، الله لا يحب الشعراء الكبار لأنهم يقارعونه". وهو كتب لي إهداءً على نسخة من كــــتابه "كـــــزهر اللـــوز أو أبعد": "إلى الشاعر رامي الأمين، بالمزيد من التقدم والنجاح". ما عناني في إهدائه، أنه أعطاني صفة الشاعر. شعرت كأني انتزعت اعترافاً من شاعر كبير بأني أنا شاعر وكان هذا يكفيني ويزيد.
عندما ورد خبر موته على التلفزيون شعرت بهول انتصار الله الدائم والحتميّ على الشعراء. عندما مات نيتشه كتب مناصرون للكنيسة: "نيتشه قد مات"، في ردّ على عبارته الشهيرة "الله قد مات". وفي ذلك الردّ من السخرية والألم ما يفوق القدرة على التحمّل.
ورد خبر آخر على الشاشات يقول إن محمود درويش لم يمت بعد، وإن حالته حرجة في المستشفى في تكساس. لكني كنت أعرف أن الرهان على بقائه على قيد الحياة كان خاسراً، مثل رهاننا على الإنتصار على فكرة الوجود.
فعلها ومات. لم ينتصر، ولم ينهزم. مات وحسب.
وعلينا، نحن الشعراء، أن نكتب كي نحرسه من "هواة الرثاء"، وأن نقول له كما كان يقول للشهداء عندما يذهبون إلى نومهم: "تصبح على وطن" يا محمود درويش. سلّم لنا على ممدوح عدوان ومحمد الماغوط وبدر شاكر السياب. وإلى اللقاء، "بعد قليل... بعد عامين وجيل...".

هيئات سياسية وثقافية
نعت "حامل ذاكرة فلسطين"

ابرقت امس شخصيات سياسية وهيئات ثقافية الى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس معزية برحيل الشاعر محمود درويش. كما تلقى مسؤولون فلسطينيون اتصالات مواساة من سياسيين، على رأسهم رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، نوهوا بمساهماته الشعرية لفلسطين ولبنان.
وأعلنت ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت الحداد ثلاثة أيام، على ان تقبل التعازي في دار نقابة الصحافة اللبنانية اليوم الاثنين وغداً الثلثاء وبعده الاربعاء من الرابعة عصرا حتى الثامنة مساء.
• رئيس مجلس النواب نبيه بري ابرق معزياً الى عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز دويك المعتقل في اسرائيل، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون. ومما جاء في البرقية: "بعد محمود درويش ستصبح يوميات الحزن الفلسطينية استثنائية بالألم والمرارة والأمل. معا سنواصل الحلم الفلسطيني، ومعا سنفتح بوابات العيون على شمس فلسطين المضيئة على تلال الكرمل ويافا وجبل الزيتون ودائما القدس. الشعراء لا يموتون لنا الرحمة ولفلسطين العزة".
• وزير الإعلام طارق متري اتصل بممثل "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان عباس زكي، وابرق الى عباس معزياً "بمن رحل به قلبه، بعيدا منا". و
نعى متري الراحل واصفاً اياه بأنه "فلسطيني بالاختيار الحر، وله انتماء الى بيروت، بالاختيار أيضا، يبحث فيها عن طفولة جديدة ودور لا يغلق عليه أو يضيق. ولم يغب عنه مرة، أن سلام لبنان حق له، وحرية فلسطين حق لها، وأن طريقنا الى السلام والحرية واحد. وواحد هو السعي لكي نستحق حقنا".
• وزير الثقافة تمام سلام ابرق الى وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني ابو دقة معزيا. واعتبر ان "الشعر الفلسطيني سيؤرخ لفترة ما قبل محمود درويش وما بعد رحيله. فقد كان عملاقا نسج الكثيرون على منواله في العقود الماضية". كما اتصل سلام بزكي مواسياً.
• النائب سعد الحريري ابرق الى عباس معزيا بـ"حامل ذاكرة فلسطين وقضيتها، الذي رفع راية ضد النسيان في أصقاع العالم كما حمل قضية لبنان الذي عاش فيه، وكتب فيه وعنه، وبخاصة عن عاصمته بيروت أجمل وأروع نصوص الصمود في وجه العدوان والظلم".
• ممثل "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان عباس زكي نعى "شاعر الوطن والشعب، عاشق فلسطين، زين شبابها، قصيدتها الأبدية، ومغنيها الأجمل(...)، والصوت الفلسطيني الموحد العصي على الإلغاء والتبديد المتمسك بزيتونة القدس، و زهر اللوز في الجليل، وكرمل حيفا، وتراب البروة في عكا".
كما نعى الراحل: "تيار المستقبل"، و"اتحاد الكتاب اللبنانيين"، و"الحركة الثقافية اللبنانية"، و"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"، والمكتب الثقافي لحركة "امل" والـ"المؤتمر القومي العربي" و"الحزب التقدمي الاشتراكي".






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2012, 06:06 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

محمود درويش الذي عرفت

عبد الباري عطوان


عندما التقيته للمرة الأخيرة، قبل ثلاثة أسابيع، على مائدة عشاء في مطعم ايطالي اختاره بعناية في جادة 'سان جرمان' المفضلة للشعراء والكتّاب والمثقفين في العاصمة الفرنسية 'باريس'، وبحضور الصديق المشترك، الناقد والأديب صبحي الحديدي، كان محمود درويش قلقاً لسببين، الأول أن القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة لم تمنحه تأشيرة دخول (فيزا) لمراجعة المستشفى المتخصص بالشرايين في هيوستن رغم أنه تقدم بطلب في هذا الخصوص قبل أربعة أشهر، والثاني ان نتائج الفحوص الأخيرة التي أجراها لدى طبيبه في باريس لم تكن مطمئنة، فالشريان الأورطي متضخم ويمكن أن ينفجر في أي لحظة، ولا علاج إلا بعملية زرع اخرى، ولكن العملية مثلما قال له الطبيب الفرنسي تعني أحد أمرين.. الموت أو الشلل شبه الكامل. سألني بغتة عما اذا كان جسمي مؤلفا للكوليسترول مثل جسمه.. لم يتركني أجيب وواصل قائلا بأن عقله يكتب الشعر، وجسمه 'يؤلّف' الكوليسترول اللعين، ويبدو... واصل مازحاً، أن انتاج الجسم أغزر كثيراً من انتاج العقل، ولكنه انتاج قاتل للأسف.
غيّرنا موضوع الحديث، وانتقلنا إلى موضوع تأشيرة الدخول التي ينتظرها، ويستعجلها، وكأنه يستعجل شهادته، ولقاء ربه، كان غاضباً على الأمريكان، ومعاملتهم له وكأنه زوج ابنة اسامة بن لادن أو أخته، أخذوا بصماته، وطلبوا منه توقيع عدة طلبات مرفوقة برزمة من التحاليل الطبية والرسائل المتبادلة مع المستشفى الأمريكي، ومع ذلك ورغم وساطة 'الرئيس' محمود عباس، وتدخل السيدة كوندوليزا رايس مثلما همس البعض في أذني لاحقاً، فقد كان الجواب دائماً بأن الرد لم يأت بالموافقة من وزارة الأمن الداخلي، وعليه الانتظار. امتد بنا الحديث في ردهة فندقه المفضل، وهو بالمناسبة الفندق نفسه الذي كان يرتاده الراحل ادوارد سعيد، حتى الساعة الثانية والنصف صباحاً، وشعرت انه يخشى الليل ويستعجل الصباح، أو ربما أراد أن يطيل أمد اللقاء، والأحاديث عن شعراء قصيدة النثر الذي قال انهم دمروا الشعر، ووصفهم بالفدائيين الذين يملكون جرأة غير عادية في القاء شعرهم في قاعات خالية إلا من بعض اصدقائهم وزوجاتهم وبعض الأقارب.
كان يخشى هؤلاء، ويبتعد عن الصدام معهم فهم مراكز قوى مدججة بالأسلحة، أو 'مافيات' تهيمن على الصفحات الثقافية في الصحف والمجلات العربية، ويجاملون بعضهم البعض، ويكرهون بعضهم البعض، واذا تصالحوا فلفترة قصيرة كان يسميها 'تحالفات الخمس دقائق'، ولكنهم والرأي للمرحوم محمود، يتوحدون ضد غيرهم من شعراء الوزن والموسيقى، ناهيك عن شعراء القوافي. قلت له سنلتقي في باريس لنحتفل بسلامتك، عندما تتوقف فيها في طريق عودتك، وفي المطعم نفسه المتخصص بطبق الحبّار الذي تحب، نظر إليّ وقال 'إذا عدت'، ثم تساءل: لا أعرف ما إذا كنت سأوافق على العملية الجراحية أم لا، ولكن الشيء الوحيد الذي أعرفه أنني لن أعود 'مشلولاً'، فإما في تابوت أو سيرا على قدمي.
افترقنا في اليوم التالي، عاد الى رام الله عن طريق عمّان، وعدت إلى لندن، ليهاتفني بعد ثلاثة أيام بأنه وجد الفيزا في انتظاره، وأنه سينطلق مع أواخر شهر تموز (يوليو) إلى هيوستن وبصحبته صديقه الصدوق أكرم هنية رئيس تحرير صحيفة 'الأيام' الفلسطينية، وسألني عن أصداء قصائده التي خص بها 'القدس العربي'، فشرحت له كمّ الردود الهائلة عليها في موقعنا الالكتروني، وشعرت كم كان مرتاحاً وسعيداً.
محمود درويش كان دائماً يعيش حالة قلق كلما كتب قصيدة جديدة، وكأنها القصيدة الأولى التي يكتبها في حياته، يسأل عما اذا كانت جيدة، وتصلح للنشر، فننهره بمودة، ونستغرب أسئلته هذه، ولكنه يقسم، وهو صادق، انه لا يعرف ما اذا كانت جيدة أم لا، ويريد رأينا قبل النشر وبعده، ثم بعد ذلك تدخل الطمأنينة إلى قلبه المتعب.
لم نعرف أن الحكومة الأمريكية اسدت إلينا معروفاً كبيراً عندما تلكأت في منحه الفيزا، فقد ابقته بيننا أربعة شهور، انجز خلالها اثنتين من أعظم قصائده، وشارك في عدة أمسيات احداها في رام الله، والثانية اقيمت في ملعب كرة قدم في جنوب فرنسا، ومحاضرة في باريس وسط نخبة من كبار الأدباء الفرنسيين، فقد يأتي الخير من باطن الشر الأمريكي.
لم يحدث أن اسيء فهم شخص في الثقافة العربية مثل محمود درويش، حيث ظلت تهمة الغرور تلاحقه من قبل الكثيرين، ولكنه لم يكن مغروراً ولا متكبراً، وانما شخص 'خجول' لا يفضل الاختلاط كثيرا بمن لا يعرف، ويتجنب الثناء والاطراء، وهو الذي يملك أرصدة ضخمة منهما على امتداد حياته الادبية. فهو لا يستطيع، كما كان يقول لي دائماً، أن يكون صديقاً للملايين من معارفه ومحبيه، ويحتاج إلى الخصوصية التي يتقوقع في داخلها في لحظات حياته بعيداً عن الأضواء.
عندما كان يقيم في باريس، وبالذات بعد استقالته من عضوية اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية احتجاجاً، ورفضاً، لاتفاقية أوسلو، واجه ظروفاً مالية صعبة جداً، فقد قرر الرئيس الراحل ياسر عرفات وفي خطوة مؤسفة، وقف الغالبية العظمى من مخصصاته المالية، ومن بينها أجرة الشقة المتواضعة التي كان يعيش فيها (غرفتان وصالة)، وكان بيننا اتصال هاتفي يومي في الساعة الثانية عشرة بتوقيت لندن، وفي احدى المرات، ولظروف قاهرة تتعلق بمشاكل مادية واجهتنا في الصحيفة استدعت قدوم محصلي الديون لمصادرة اجهزتنا وطاولاتنا وما تبقى من اثاثنا الهرم، لم اهاتفه كالعادة لمدة يومين فاتصل بي في اليوم الثالث غاضباً ومزمجراً بسبب انقطاعي عن الاتصال.
فاجأني عندما قال انه يعيش على هذه المكالمة اليومية، فهو لم يعد يستقبل غير مكالمتين فقط، الأولى مكالمتي المعتادة، والثانية من شخص عابر سبيل، وتساءل هل طلبتني في أي يوم من الأيام ولم تجدني، قلت لا.. قال معنى هذا أنني لا أخرج من البيت لأني لا أملك ما يجعلنى أخرج إلى القهوة أو المطاعم فقطعاً سيلتف حولي المحبون، ولا استطيع دفع الفاتورة. شعرت بالصدمة، فهذا الشاعر الكبير لا يجد من يهاتفه، وربما أحس بهذا التساؤل في ذهني، وقال: الأمر بسيط جداً: لا نقود.. ولا نفوذ.. ولا يهود.. وشرح لا نقود لأن الرئيس عرفات أوقف مخصصاته، ولا نفوذ أي لم يعد عضواً في اللجنة التنفيذية وقريباً من الرئيس مما يمكنه من حل مشاكل المحتاجين أو توظيف بعضهم، وأخيراً لا يهود.. أي أنه ليس منخرطاً في المفاوضات التي كانت على أشدها، حتى يكون في قلب الحدث الاعلامي والسياسي.
محمود درويش واجه 'خيبات أمل' كثيرة في حياته، ولكن أبرزها في رأيي، خيبة أمله في الشعب الفلسطيني عندما لم يثر غاضباً ضد اتفاقات اوسلو، فقد توقع هذه الغضبة، واراد ان يكون مع الشعب، لا مع الموقعين عليها، ولكن هذا الشعب فاجأه عندما رقص في معظمه طرباً، وصدق 'أكاذيب' قيادته بأن السلام قادم والدولة الفلسطينية المستقلة على بعد أربع سنوات فقط.
خيبة الأمل هذه اجبرته على ان يخفف من معارضته، وأجبرته ان يعود الى رام الله لانه لم يعد يستطيع العيش في باريس، وحتى لا يتهم بانه، وهو أحد المتشددين في الاصرار على حق العودة، رفض ممارسة هذا الحق عندما سنحت له الفرصة، مضافا الى ذلك ان معظم اصدقائه في تونس عادوا ولا يريد ان يتخلف عن الركب، وحرص ان يترك مسافة بينه وبين السلطة.
اما خيبة الأمل الثانية فتمثلت في رأيه بالأداء الفلسطيني، والفشل الكامل في اقامة المؤسسات والحكم النموذجي الذي كان يأمله، وفوق كل هذا انهيار المشروع الوطني الفلسطيني الذي كانت تبشر به السلطة وقادتها واتساع دائرة الفساد المالي بصورة مرعبة، وقال لي في احدى المرات ان امنيته ان يهاجر مرة اخرى الى باريس ويعيش في استديو صغير (غرفة واحدة) ويقضي بقية حياته هناك، ولكن ما يمنعه هو الخوف من الاتهام بانه يرفض الوطن، والتضحية من اجله.
محمود درويش استقال من كل مؤسسات منظمة التحرير، واعاد اصدار مجلة 'الكرمل'، ورفض كل ضغوط الرئيس الراحل عرفات لتوزيره في حكومة السلطة، وفضل ان تكون دائرته في رام الله صغيرة جدا، محصورة في مجموعة اصدقاء، بعضهم شعراء وكتاب، واكثرهم من الناس العاديين البعيدين عن الوسط الثقافي. لانه كان يبحث عن الجلسة المرحة للهروب من ضغوط مرضه، وامراض المثقفين المستعصية، من غيرة وحسد ونميمة مثلما كان يقول.
كان يكره القيود، ولهذا لم يتزوج ثالثة، كان يكره ان تشاركه امرأة حياته، وكان يفضل دائما ان يكون سريره مملكته، كنا نلتقي بصفة دورية في باريس، وكان يحب الحديث عن النساء ومغامراته، وفي احدى المرات سألته كيف تطلق 'فلانة' بعد ستة اشهر وبهذه السرعة، قال لي: وهل تعتقد ان ستة اشهر فترة قصيرة، لقد طوّلت اكثر من اللازم.
محمود درويش أحب العرب جميعا، ولم يكن غريبا ان تكون اقوى قصائده في بواكيره الاولى 'سجل انا عربي'، وكان يشعر بمودة خاصة تجاه ابناء المغرب العربي الذين بادلوه الحب بحب اسطوري، ولذلك لم يتردد في قبول دعواتهم لإلقاء اشعاره في تونس والجزائر والمغرب في فترات متقاربة.
ربما تكون المملكة العربية السعودية من الدول القليلة التي لم يزرها مطلقا، وهناك قصة غريبة وراء ذلك، فقد جاء احدهم يفاتحه قبل عشرين عاما بدعوة لحضور مهرجان الجنادرية الثقافي السنوي في وسط نجد، وعندما سئل عن الجهة المنظمة قالوا له انها 'الحرس الوطني'، فقال وما علاقة العسكر بالثقافة، ألا توجد رابطة او نقابة او هيئة تتولى هذه المهمة غير الحرس الوطني؟ وكانت هذه الكلمات نهاية العرض.
كان مولعا بالتدخين، وبعد عمليته الجراحية الاولى التي تكللت بالنجاح، قال له الطبيب ان اول شيء يجب ان يفعله ان يتوقف عن التدخين، فقال له دعنا 'نتفاوض'، فقال له الطبيب لا مفاوضات ولا تنازلات، فرد عليه: واذا توقفت عن التدخين ماذا سيحدث؟ فقال الطبيب: سيطول عمرك عدة سنوات، فقال له: سأستمر في التدخين، وليقصر عمري، لانه يعني تقصير شيخوختي. ولكنه اضطر للتوقف كليا بعد عمليته الثانية، وظل يجلس بالقرب من المدخنين ليستنشق ما هو محروم منه.
محمود درويش لم يعش الشيخوخة مطلقا وغادرنا وهو في قمة عطائه وعنفوانه وأناقته، وشخصيته المحببة، وتعليقاته الساخرة اللاذعة، شيء واحد لم يحققه، وهو الذي دخل قلوب وعقول الملايين، عدم حصوله على 'جائزة نوبل' التي ترشح لها عدة مرات في السنوات الاخيرة.
بعد محمود درويش لن يكون الشعر بالقوة نفسها او بالسحر نفسه، سيكون شعرا مختلفا، فبرحيله رحلت ظاهرة شعراء يملأون ملاعب كرة القدم بالمعجبين والمعجبات، ليس في الوطن العربي وانما في المنافي الاوروبية.
خسرته صديقا عزيزا، ورمزا من رموز هذه الأمة التي ربما لن تتكرر الا بعد قرون. محمود درويش اقول وداعا.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2012, 06:06 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

شاعر التحولات الفلسطينية وعميد الشعرية العربية يرحل في بلد الهندي الاحمر وهو يبحث للشعراء عن قمر يصلح لقصيدة حب

لندن ـ 'القدس العربي': من ابراهيم درويش: يرحل الشاعر وتبقى كلماته كلمات نزجيها لنعزي انفسنا بمصاب وفاة شاعر لكنها في لحظتنا الفلسطينية الحاضرة لا تكفي لأن تعزينا بمصاب رحيل الشاعر محمود درويش (1941 -2008) الذي رحل في مدينة هيوستن/ تكساس الامريكية بعد عملية جراحية خضع لها قبل ايام، وبعد معاناة مع مرض القلب لزمه منذ عام 1997. درويش لم يكن شاعرا عاديا مثلما لم تكن قصيدته عادية، فهو كان مبدعا اخلص لمهنته كشاعر، تنفس الشاعر ومن خلاله وعبره زفر احزان قومه الفلسطينيين داخل مناطق الـ 48 وفي منافيهم. خرج للعالم عبر قصائد غنتها الجماهير العربية من المحيط الى الخليج، وعاش عنفوان المد القومي العربي وشهد انهياره، انخرط في صفوف المقاومة الفلسطينية كاتبا وباحثا وصحافيا، ولحقها في المنافي التي توزعتها، كان داخل السياسة الفلسطينية التي مثلتها مؤسسات منظمة التحرير وخارجها، ظلمته السياسة وكرمه الشعر. درويش يظل اهم صوت شعري في الحركة الشعرية العربية منذ اكد صوته الاول عام 1960 وظل منجزه الشعري الاهم خلال العقود الاربعة الاخيرة. نكتب عنه اليوم ونحس بفداحة الخسارة، يرحل درويش الاكثر قراءة بين شعراء العربية اليوم والوجه الاكثر شهرة بين اقرانه ونعرف ان كاتب 'بطاقة هوية' و 'بيروت' و'جدارية' و'عابرون في كلام عابر' و'اعراس' و'عاشق من فلسطين' و'اوراق الزيتون' لن يكون بيننا منذ اليوم. لقد صعد على 'سلّم الله' كما قال، تاركا فلسطين التي احلها موقع الاسطورة المعمدة بالتاريخ والقداسة تبكي فقيدها الاوحد. ليس من بين شعراء فلسطين منذ بداية التمدد الاستعماري على الوطن الجريح من سجل بعنفوان وحب وعمق اسطوري مثلما سجل درويش معنى الرحيل والموت الفلسطيني. ولا يوجد بين شعراء فلسطين والحركة الشعرية العربية الحديثة من عاش مهموما بالقصيدة وكيف يبني الشعر حكاية وسردا لفلسطين كي يواجه 'الجنرال الذي يتناول المهدئات' حتى ينسى وجود الفلسطيني في الارض التي زعمها لنفسه عبر مقولات التاريخ والدين، في قصيدته 'عابرون في كلام عابر' التي قرأها رئيس الوزراء الاسرائيلي يتسحاق شامير واعتبرها اليمين الاسرائيلي قصيدة 'ابادة'، وهي القصيدة التي كتبها بعد ولادة الانتفاضة الثانية.
عندما غادر محمود درويش فلسطين عام 1970 كان العالم العربي قد استفاق على جودة الصوت القادم من داخل الوطن المحتل، الصوت الذي لا يتكلم الا العربية الفصيحة، وكان قد انجز العديد من الاعمال الشعرية التي كانت تحمل تفاؤل الفلسطيني وثقته بالنصر وايمان اليساري بالتحرر الوطني، الشاعر الذي كتب 'اوراق الزيتون' (1964) و'عاشق من فلسطين' (1966) و'آخر الليل'. بعد خروجه عرف درويش ان 'عمله' هو الشعر، ولهذا قرر ان يخلص للشعر بالدرجة الاولى، ومارس الكتابة الصحافية والادبية التي انتجها عندما كتب في صحيفة 'الاتحاد' و'الجديد' الحيفاويتين. واصبح محرراً في مجلة 'شؤون فلسطينية' ومحررا لمجلة 'الكرمل' التي اصدرها في الثمانينات واعاد إصدارها في التسعينات من القرن الماضي في رام الله وهي من اهم المجلات الادبية العربية. وافتتاحيتها فيها قدمت صورة عن شاعر مهموم بالقصيدة وقضايا المقاومة والوطن.
واثناء اقامته في باريس ساهم في بعض المجلات العربية هناك وتبادل الرسائل مع الشاعر سميح القاسم وقد نشرت في كتاب لاحقا. جل اسهام درويش كان في حقل الشعر ولكنه اصدر في النثر الذي يرقى للشعر منها 'يوميات الحزن العادي' و'وداعا ايها الحرب وداعا ايها السلم'. ومن نثره البالغ القوة كتابته اعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988 في الجزائر. تظل دواوين محمود درويش الاكثر توزيعا من اعمال اقرانه، وكانت مشاركته في المهرجانات وحفلات القاء اشعاره مناسبة لتجميع اعداد كبيرة من المحبين والمريدين له. وفي بيروت كانت مناسبات الالقاء صورة عن العنفوان الثوري والصوت العالي للثورة ولكنها لاحقا تلبست ثوبا اكثر هدوءاً وغالبا ما صاحبت حفلاته الشعرية الموسيقى. زار درويش عواصم العالم مغنيا لفلسطين وعاشقا منها ولها. وعاش في عدة عواصم كبيروت وباريس وعمان ورام الله اضافة لتونس وقبرص.
ولد الشاعر محمود في قرية البروة في الجليل الفلسطيني لعائلة فقيرة نزحت عام 1947. رحلت عائلته للبنان ثم تسللت عائدة لفلسطين وعاش ودرس في مدارس دير الاسد وكفر ياسيف. انضم مبكرا للحزب الشيوعي وعمل في حركة الشبيبة الشيوعية، بدأ يكتب الشعر مبكرا اثناء الدراسة، وبعد ذلك اخذ ينشر في مجلات الحزب، وتعرض لمضايقات الشرطة الاسرائيلية، حيث فرضت عليه الاقامة الجبرية اكثر من مرة بتهم تتعلق بنشاطاته السياسية. في عام 1970 ارسل للاتحاد السوفييتي السابق للدراسة لكن لم يعد وبعد عام سافر لمصر وعمل فترة في صحيفة 'الاهرام' وانتقل بعدها لبيروت كي يعمل في مؤسسات الثورة كاتبا ومسؤولا عن الدائرة الثقافية ومديرا لمركز الابحاث الفلسطيني، وعضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي استقال منها عام 1993. كما شغل منصب رئيس رابطة الكتاب الفلسطينيين. حصل درويش على جائزة لوتس عام 1969 وجائزة المتوسط عام 1980 وعلى درع الثورة الفلسطينية 1981 وعلى عددٍ كبير من الجوائز العربية والاجنبية. كانت اولى اعماله الشعرية 'عصافير بلا اجنحة' التي صدرت في عكا عام 1960 وبعدها اصدر خلال نصف قرن تقريبا عشرين مجموعة شعرية وكتابات نثرية. يظل محمود درويش شاعراً ليس محليا او عربيا /قوميا بل في تحولاته اصبح شاعرا انسانيا وعالميا دخلت تجربته وتجربة بلاده في التجربة الابداعية العالمية، وعليه تدرس من خلال هذا المنظور. قدم درويش للجماهير قصائده التي غناها المتظاهرون والفنانون العرب. ترجمت قصائده لأكثر من 22 لغة. يرحل الشاعر الكبير بعيدا عن فلسطين في بلد الهندي الاحمر وقد اختاره منفاه الاخير بنفسه، لان المنفى هو خلفية المشهد الملحمي.
درويش الذي يواصل قائلا 'ادافع عن حاجة الشعراء الى الغد والذكريات معا وادافع عن شجر ترتديه الطيور، بلادا ومنفى وعن قمر لم يزل صالحا لقصيدة حب'. شاعرنا الكبير زفر زفرته الاخيرة هناك وقد قال لنا عندما توحد مع غرناطة وابو عبدالله الاحمر 'ووداعا لتاريخنا هل انا من سيغلق باب السماء الاخيرة؟ انا زفرة العربي الاخيرة'... طبعا سياق القصيدة مختلف هنا لكننا نود ان نقول ان محمود درويش كان زفرة الشعر الاخيرة. فيا خسارة الشعر ولوعته لأنه امامنا والاجيال بعدنا وقت طويل لأن يجود الزمان علينا بفلتة مثله.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2012, 06:07 PM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

غاب وترك بطاقة هوية وكسرة خبز وفنجان قهوة
الحداد يعم فلسطين على درويش واسرائيل ترفض طلبا للسلطة بدفنه في الجليل والجنازة غدا برام الله




رام الله ـ غزة ـ 'القدس العربي''من وليد عوض واشرف الهور:'انقطعت أنفاسه ولم تعد، لكن صباح العاشقين لا زال يشرق، تدق معه قلوب فلسطين في الجليل وعكا وغزة ورام الله وتقول لنا الحاضر والمستقبل ولنا الدنيا هنا والآخرة.'أخذ الموت محمود درويش لكن بين الصفحات ظلت كلماته، تغني لأحمد الزعتر، وتقول أنه العربي الذي يحمل بطاقة رقمها خمسون ألفا، وأنه العنيف كالنسور والرقيق كالمتفائل، وأنه الفلسطيني الحنون لخبز وقهوة أمه، وأنه الذي حذر من غضب الفلسطيني وقال النار أولها غضب. غاب عن العيون وخلد للعقول كلمات العشق لفلسطين لأرضها وبرها وبحرها وقمحها وملحها وجرحها، وقال للآخرين ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا، وحذرهم من العيش في فلسطين وقال فاخرجوا من أرضنا من برنا من بحرنا.
تأثر وحزن كما حزنت فلسطين من الشقاق والقتال الفلسطيني، وعن الفرقة بين شطري الوطن، غزة ورام الله وقال في قصيدة أنت منذ الآن غيرك 'من يدخل الجنة أولاً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ؟'.
كانت ساعات مساء السبت الأشد وطأة على محبي محمود درويش، حين تفاجئوا بالإعلان الممهد لوفاته بخبر 'الانتكاسة الحادة' في الحالة الصحية ليحبسوا الأنفاس لفترة قلت عن مدة دورات العقرب الكبير للساعة، قبل أن يؤكد وفاة فارس فلسطين الأول.
كان حديث الصالونات الثقافية منذ أن غادر رام الله قاصداً ولاية تكساس الأمريكية للعلاج، بعض المحبين توقعوا عودته من هناك مفارقاً للحياة ليدفن مرة أخرى كالجنين في بطن فلسطين، وعزوا ذلك لما شاهدوه من علامات على وجهه في أمسيته الأخيرة، وآخرون لم يتوقعوا هول الخبر، بعضهم لم يخف دموعه، وآخرون قالوا أن الموت قاهر.. وقاهر وقاهر، وقال آخرون أنه سيكون خالد في كل فلسطين.
لم تكن إلا دقائق على الإعلان الرسمي عن وفاته الذي أعلنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس حتى انهمرت برقيات التعزية والرثاء لشاعر فلسطين الكبير محمود درويش.
وعم الحداد امس الاراضي الفلسطينية حدادا على وفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي رفضت سلطات الاحتلال الاسرائيلي السماح بدفنه في مسقط رأسه بمنطقة الجليل داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. وطلبت السلطة من اسرائيل السماح بدفن درويش في داخل الاراضي المحتلة عام 1948 الا انها رفضت الامر الذي اضطر السلطة لترتيب جنازة له برام الله غدا حيث سيوارى الثرى هناك.
وأعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه امس ان مراسم تشييع درويش ستجري غدا الثلاثاء مشيرا الى انه سيوارى الثرى في مدينة رام الله.
وقالت وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني أبو دقة إن جنازة درويش ستكون على الأرجح الأكبر منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004 وستقام في مدينة رام الله حيث مقر السلطة الفلسطينية.
هذا وغيب الموت مساء السبت درويش عن عمر يناهز 67 عاما جراء خضوعه لعملية جراحية في القلب في مشفى بالولايات المتحدة الامريكية. وتعرض الشاعر درويش لمضاعفات خطيرة عقب إجرائه عملية قلب مفتوح الأربعاء الماضي في مستشفى 'ميموريال هيرمان' في ولاية تكساس الأمريكية، وأجرى العملية الجراح العراقي الأصل حازم صافي، أحد أمهر الجراحين في الولايات المتحدة، وتضمنت إصلاح ما يقارب 26 سنتيمتراً من الشريان الأبهر (الأورطي)، الذي كان قد تعرض لتوسع شديد تجاوز درجة الأمان الطبيعية المقبولة طبياً.
توحد الفرقاء الفلسطينيون في نعيه ونعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشاعر درويش واعلن الحداد العام لثلاثة أيام في اراضي السلطة تكريما لروحه، وقال في بيان وجه للفلسطينيين ' كم هو مؤلم على قلبي وروحي ان انعي للشعب الفلسطيني والامة العربية والاسلامية وكل محبي السلام والحرية في العالم رحيل نجم فلسطين وزينة شبابها وفارس فرسانها الشاعر الكبير محمود درويش الذي انتقلت روحه الى بارئها'.
واضاف عباس 'ان غياب شاعرنا درويش عاشق فلسطين رائد المشروع الثقافي الفلسطيني الحديث والقائد الوطني اللامع والمعطاء سيترك فراغا كبيرا في حياتنا الثقافية والسياسية والوطنية لن يملاه سوى اولئك المبدعين الذين تتلمذوا في مدرسته وتمثلوا اشعاره وكتاباته وافكاره وسيواصلون حمل رسالته الابداعية لهذا الجيل وللاجيال القادمة.' وتابع عباس ' لقد كان صوت محمود درويش وسيظل عنوانا لارادة شعبه في الحرية والاستقلال وسيبقى اعلان الاستقلال الذي صاغه شاعرنا الكبير عام 1988 مرشدا لنا ونبراسا لكفاحنا حتى يتحقق حلمه في ان يرى وطنه مستقلا ومزدهرا بعد ان يرحل الاحتلال عن ارضه'. هذا ونعت منظمة التحرير الفلسطينية درويش أحد أبرز عمالقة الشعر العربي والإنساني في هذا الزمان، وفيما يلي نص النعي: تنعى منظمة التحرير الفلسطينية إلى الشعب الفلسطيني والأمة العربية والعالم الشاعر الفلسطيني والإنساني الفذ محمود درويش، أحد أبرز عمالقة الشعر العربي والإنساني في هذا الزمان، الذي شكل بقصيدته المتواترة التغير والتطور، والمشحونة حدّ الفيض بالوطنية والإنسانية، المتكئة على التراث الثقافي والروحي الإنساني العميق، رافعةً هائلة للنضال الوطني الفلسطيني بعمقيه الوطني والإنساني.
لقد سما محمود درويش بقضيتنا الوطنية وعدالتها سموًّا منقطع النظير، وأدخلها إلى قلوب وعقول الملايين من البشر من مغارب الدنيا إلى مشارقها وحولها بلغته الخاصة، وثقافته الموسوعية والمنفتحة على كنز الثقافة العالمية، إلى قضية ضمير للإنسانية أجمع.
وبالرغم من تواضع متنبي عصرنا، محمود درويش، إلا أن قامته الشعرية والنثرية الباسقة جعلت منه مدرسة تاريخية الإرث والتأثير، ستلهم كل من تعاطى أو سيتعاطى الأدب والثقافة والشعر.
لقد سمت العربية المعاصرة وناطقوها به إلى عليين، كما سبق أن سمت أمم عديدة بعظمائها وبقممها الأدبية والفكرية. وبرحيل شاعر الوطن والأمة والإنسانية، يفقد العالم معنا جزءًا من قلبه وضميره.
لقد تماهت حياة الشاعر الكبير مع حياة شعبنا ونضالنا الوطني، وساهم من موقعه في كفاح شعبه والتأريخ لتضحياته وكفاحه البطولي من أجل التحرر والاستقلال.
لقد لعب شاعر فلسطين الكبير وضميرها، دورًا رياديًّا في رعاية كفاح شعبه وتقديمه للعالم بوجهه الإنساني الأصيل.
لقد استلهم محمود درويش من سفر كفاح شعبنا الوطني أعظم قصائده، وساهم بمكانته وإمكانياته الكبيرة في صياغة البعد التحرري والإنساني لخطاب حركتنا الوطنية السياسي. فهو من ساهم في صياغة خطاب الرئيس الراحل ياسر عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 'لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي'، وهو من خطّ وثيقة التأسيس لكياننا ووجودنا الوطني، أي وثيقة إعلان الاستقلال، التي ضمّنها، وبعمق، رسالة شعبنا الوطنية والحضارية وتوقه الشديد لبناء مجتمع ديمقراطي يحمي التعددية السياسية ويصون حقوق المرأة ومكانتها الرفيعة في النضال الوطني والاجتماعي.
لقد آمن محمود درويش في بناء دولتنا الديمقراطية وقدرة شعبنا المتجددة على حماية أهدافه الوطنية وكيانه الوطني والديمقراطي.
واختتمت منظمة التحرير نعيها لدرويش بالقول: لقد رحل محمود درويش، ولكن إرثه الوطني والإنساني سيبقى ملهمًا لنا ولشعبنا وأمتنا والعالم أجمع.
وسادت الاوساط الفلسطينية امس مظاهر الحزن على وفاة درويش الذي تسابق جميع الفلسطينيين في نعيه فيما تجللت الصحف المحلية باللون الاسود فيما فتحت الاذاعات المحلية موجات بث مفتوحة للحديث عنه والاشادة به حيث اطلق امس اسمه على احد شوارع مدينة طولكرم الرئيسة.
هذا وكانت السلطة الفلسطينية اصدرت مؤخرا طابعا بريديا يحمل صورة درويش تكريما له.
ونعى كذلك رئيس مجلس الوزراء سلام فياض والحكومة الفلسطينية الفقيد وقال في رثائه لدرويش أنه كان 'شاعر الأرض والحياة، ورمز الثقافة الفلسطينية وأحد رموز الهوية الوطنية'.
وقال 'لقد حملت أشعاره قضية ومعاناة وطموحات شعبه وبلاده، بوديانها وجداولها وسهولها وجبالها، إلى كل أرباع الكون، وكل اللغات، لترسم صورة الإنسان الفلسطيني الذي يستحق الحياة وأرض فلسطين التي عليها ما يستحق الحياة '. ونعى خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس درويش، وقال أنه 'يعد أحد أعلام الأدب الفلسطيني والعربي والدولي'.
واعتبر مشعل في نعيه أن 'الأدب الفلسطيني فقد بوفاة درويش أحد ركائزه الأساسية'، مشيراً إلى الدور الذي لعبه الشاعر الفقيد في التعريف بالنضال الفلسطيني خلال مسيرته الأدبية المعاصرة، وقال 'الشعب الفلسطيني الذي أنجب درويش قادر على إنجاب غيره'.
كذلك نعت الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس في غزة درويش وأعلنت وزارة الثقافة عن فتح بيت عزاء للفقيد في مقرها.
حركة الجهاد الإسلامي قالت أن وفاة الشاعر محمود درويش 'خسارة كبيرة' للشعب والقضية الفلسطينية، وأنه أهم شاعر عربي ظهر خلال الخمسين عاماً الأخيرة .
ونعت كتائب الأقصى درويش، وقالت أنها 'تقدر' دور هذا الشاعر الوطني المغرد على أغصان الزيتون الفلسطينية كون أنه قاد مسيرة قضية وشعب من خلال أشعاره ومن خلال أبياته المؤثرة.
واعتبر النائب العربي في الكنيست الاسرائيلية محمد بركة السبت ان الشاعر الفلسطيني محمود درويش كان 'شاعر كل الفلسطينيين والوجه الجميل والمقنع لفلسطين'.
وقال بركة تعليقا على وفاة الشاعر الفلسطيني 'محمود درويش شاعر كل الفلسطينين من الامي حتى اكبر متعلم، يشكل لهم حالة خاصة وهو الوجه الجميل والمقنع لفلسطين'.
وقال الشاعر الفلسطيني سميح القاسم 'اعذروني لا استطيع الكلام، انا مصدوم، انا موجود بين اشقائي، اشقاء محمود درويش ووالدته، معنوياتهم عالية وهم مؤمنون، الوضع صعب علي'.
ونعت الحركة الاسلامية ورئيسها الشيخ النائب ابراهيم عبدالله صرصور الشاعر الكبير محمود درويش في بيان وصلت 'القدس العربي' نسخة منه.
ونعت الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي الشاعر الفلسطيني محمود درويش في بيان وصلت 'القدس العربي' نسخة منه، وجاء في البيان، 'فقدت فلسطين والامة العربية بغياب محمود درويش شاعرا كبيرا ومناضلا ومثقفا استثنائيا عبر مسيرته النضالية والثقافية عن عمق التكامل بين فلسطين والعروبة والانسانية، وسجل له تاريخه الناصع انه عربي يحمل تلازما بين مشروع النهضة وارادة المقاومة'.
الجامعة العربية ورؤساء وملوك ينعون 'شاعر فلسطين والعرب الكبير' ونعى الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الاحد 'شاعر فلسطين والعرب الكبير محمود درويش' الذي توفي في وقت متأخر مساء السبت في الولايات المتحدة.
وقال موسى في بيان 'ببالغ الاسى والحزن تنعي جامعة الدول العربية الشاعر المبدع محمود درويش والذي برحيله تفتقد فلسطين والعرب جميعا واحدا من ابرز اعلامها الشعرية والثقافية في العصر الحديث'.
واضاف موسى 'لقد تجاوز درويش بشعره وحضوره الثقافي والانساني المميز كل الحدود محطما قيود الوطنية الضيقة والانتماءات الصغرى ليكون بحق صوت فلسطين الحضاري المتواصل بالامه واحزانه وطموحاته مع روح العصر والفكر الانساني العالمي المبدع'.
وقال موسى 'يغمرنا الاسى ونحن نودع محمود درويش ونتقدم لعائلته وكذلك الى القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات والى شعراء فلسطين وادبائها ومثقفيها جميعا بخالص العزاء والمواساة بهذا المصاب الاليم وكلنا امل بان يتحقق حلم عاشق فلسطين في ان نرى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة كما كان يحلم بها شاعرنا محمود درويش وناضل من اجلها'.
وبعث العاهل المغربي محمد السادس برقية تعزية إلى السيد محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية على إثر وفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش.
ومما جاء في هذه البرقية 'علمنا ببالغ الأسى والأسف بالنبأ المحزن لرحيل الشاعر الفلسطيني الكبير المرحوم محمود درويش الذي وافاه الأجل المحتوم الذي لا راد لقضاء الله فيه، بعد عمر حافل بالنضال والتعبير الملتزم عن القضايا المصيرية للشعب الفلسطيني الشقيق، عبر كل مراحل كفاحه البطولي، من أجل الحرية والسيادة، وعن القضايا العادلة لشعوب الأمة العربية'.
وأعرب بهذه المناسبة الأليمة، ومن خلال السيد محمود عباس إلى أسرة الفقيد الكبيرة ومحبيه في كل أنحاء الوطن العربي والعالم، وبالأخص إلى الشعب الفلسطيني الباسل، عن أحر تعازي جلالته وأصدق عبارات.
وسادت الأحد مسحة من الحزن في تونس بسبب رحيل درويش مساء السبت عقب خضوعه لجراحة في القلب في مستشفى بولاية تكساس الأمريكية. وتصدر خبر الوفاة صفحات الجرائد كما بثت الإذاعات مقتطفات من قصائده.
أرسل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس برقية عزاء في وفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش مشيدا بإبداعاته ومواقفه.
وقال الرئيس التونسي في البرقية 'تلقيت ببالغ التأثر نبأ وفاة ابن فلسطين البار وشاعرها الكبير محمود درويش.
'إذ أشيد بابداعاته الرائعة ونضالاته الرائدة من أجل القضية الفلسطينية واسهاماته في خدمة الثقافة العربية فإني أتوجه إليكم وإلى عائلة الفقيد بأحر التعازي وأخلص مشاعر المواساة والتعاطف'.
وكان بن علي قد منح درويش هذا العام وسام الاستحقاق الثقافي تقديرا لجهوده في خدمة قضية شعبه.
ونعت الحكومة الأردنية على لسان وزيرة الثقافة نانسي باكير وفاة درويش، وقالت 'انه كان احد قامات الشعر العربي الذين أرسوا دعائم القصيدة العربية المعاصرة '.
حتى اعدائه نعوه ووجه الروائي الاسرائيلي الشهير ابراهام يهوشوع والشاعر حاييم غوري التحية لذكرى الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي توفي في وقت متأخر مساء السبت في الولايات المتحدة.
وقال الروائي ا ب يهوشوع في مقال نشرته صحيفة 'معاريف' الاسرائيلية الاحد 'محمود درويش قبل كل شىء شاعر كبير كان يمتلك قدرة شعرية حقيقية'.
واضاف 'سرعان ما اصبح شاعر الفلسطينيين، شاعر المنفى واللاجئين'.
واشار الكاتب الذي يدافع منذ سنوات عن قيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل الى مبادرة يوسي ساريد وزير التعليم في العام 2000 والذي اقترح حينها ادراج قصائد درويش ضمن البرنامج الادبي للمدارس الاسرائيلية.
واثار الاقتراح حينها ضجة في اسرائيل ولم يتم اعتماده.
وقال يهوشوع ان 'تعليم قصائد درويش في المدارس الاسرائيلية كان فكرة جيدة لان العرب والفلسطينيين ليسوا اعداء فحسب، انهم ايضا جيران علينا ان نجد معهم وسيلة للتعايش. حري بنا ان نعرف جيراننا، احلامهم وجراحهم'.
واضاف مؤلف 'العروس المحررة' الذي صور فيه شاعرا مستوحى من صورة محمود درويش ان الشاعر الفلسطيني 'كان خصما على المستوى السياسي وصديقا لانه كان جارا، عربيا اسرائيليا، يعرف العبرية والتقاليد اليهودية في المجتمع الاسرائيلي'.
التقى ا ب يهوشوا ومحمود درويش لاول مرة في حيفا في 1960 وللمرة الثانية في حيفا ايضا في 2007 حيث خصه العرب واليهود 'باستقبال حافل'.
ومن جانبه عبر حاييم غوري، احد كبار الشعراء الاسرائيليين، البالغ من العمر 85 عاما، عن 'حزنه' لوفاة درويش الذي وصفه بانه 'شاعر رائع'.
وكان غوري التقى درويش في الستينات خلال تظاهرة ضد الرقابة التي كانت تمنع المنشورات العربية.
وقال غوري لفرانس برس 'اشعر بالالم لوفاته لانه يجسد شخصية ماسوية، رجلا في منفى دائم، ارغم على العيش بعيدا عن قريته'.
وتابع الشاعر الاسرائيلي انه 'مع ذلك، في كتابه (حالة حصار) كان هناك بصيص امل، امل بان تنتهي الحرب بين الشعبين'. وتلا غوري واعاد تلاوة العديد من قصائد درويش.
بطاقة هوية ولد درويش عام 1941 في قرية البروة قضاء عكا التي دمرت عام 1948 ليهاجر مع عائلته الى لبنان قبل ان تعود العائلة وتعيش في الجليل. وأجبر درويش على مغادرة البلاد بعد ان اعتقل عدة مرات ثم عاد بعد التوقيع على اتفاقيات السلام المؤقتة.
ويعتبر درويش واحدا من اهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين امتزج شعرهم بحب الوطن والحبيبة وترجمت اعماله الى ما يقرب من 22 لغة وحصل على العديد من الجوائز العالمية.
وبعد إنهائه تعليمه الثانوي، كانت حياته عبارة عن كتابة للشعر والمقالات في صحافة الحزب الشيوعي الإسرائيلي، مثل 'الإتحاد' و'الجديد' التي أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة 'الفجر' .
ولم يسلم درويش من ممارسات الاحتلال الاسرائيلي الذي فرض عليه الإقامة الجبرية أكثر من مرّة منذ العام 1961 بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية، حتى عام 1972 حيث نزح إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد استقال محمود درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاق أوسلو.
شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين وترأس تحرير مجلة 'الكرمل'، وأقام في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث أنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء في وطنه، وقد سمح له بذلك.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2012, 06:07 PM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

رحل عاشقها الذي عاش فيها عقدا من الزمن... وستبقى صرخته 'سجل انا عربي'
بيروت بكَت من زرع الثورة في القلوب وإستنهض الامة

بيروت ـ 'القدس العربي' من سعد الياس:'تصدّر رحيل شاعر الثورة وعاشق فلسطين وبيروت محمود درويش عناوين الصحف ونشرات الاخبار في لبنان التي أبرزت صفاته وحنينه الى فلسطين وكلماته التي أطّرت الجماهير، ودمعت بيروت العاصمة التي أحبها الشاعر لغيابه. وستُقبل التعازي بوفاته في دار نقابة الصحافة اللبنانية ايام الاثنين والثلاثاء والاربعاء. ونعى رئيس ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت عباس زكي 'شاعر الوطن والشعب محمود درويش'.
وقال 'بأسف لا نملك التعبير عنه بالكلمات ننعي الى جماهير شعبنا وإلى كل محب لفلسطين في هذا العالم نجمة فلسطين محمود درويش. غاب محمود درويش، عاشق فلسطين، زين شبابها، قصيدتها الأبدية، ومغنيها الأجمل. غاب الذي كان صوته عنواناً لإرادة شعبنا في الحرية والإستقلال .غاب القائد الكبير، الذي خط بيده إعلان الإستقلال عام 1988. غاب أحد الكبار الكبار، الذين أعادوا إحياء الشخصية الفلسطينية المعاصرة، وأعادوا إختراع الحلم الفلسطيني ، فتعهدوه بالروح والفكرة النبيلة ، ثم غابوا فما ازدادوا إلا تألقاً وحضوراً في حياة شعبنا رغم الغياب. رحل الشاعر الذي علمنا أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة وبرحيله المبكر فقدنا صرحاً وعلماً وصل صوته العالي إلى أركان المعمورة ليرسم الأصالة الفلسطينية في مواجهة الإغتصاب الصهيوني ويعلي الصوت الفلسطيني الموحد العصي على الإلغاء والتبديد المتمسك بزيتونة القدس، و زهر اللوز في الجليل، وكرمل حيفا، وتراب البروة في عكا'. ورسمياً ، اجرى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة اتصالاً هاتفياً برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس معزياً برحيل الشاعر الكبير.كما وجه رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري برقية إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس معزياً.واعتبر ' أن فلسطين والأمة العربية تخسران برحيله مدافعاً فذاً عن العروبة والعرب وقضيتهم المركزية فلسطين '.
وجاء في البرقية: أتقدم من فخامتكم ومن سائر أشقائنا الفلسطينيين باسمي وباسم كتلة المستقبل النيابية وعموم تيار المستقبل بأحر التعازي بوفاة الشاعر الكبير محمود درويش، الذي كان له في وجدان لبنان واللبنانيين مكانة خاصة تبوأها بالكلمة الحرة والنص الجميل، وبدفاعه الدائم عن العروبة والعرب وقضيتهم المركزية فلسطين. لقد حمل الراحل الكبير ذاكرة فلسطين وقضيتها ورفعها راية ضد النسيان في أصقاع العالم كما حمل قضية لبنان الذي عاش فيه، وكتب فيه وعنه، وبخاصة عن عاصمته بيروت أجمل وأروع نصوص الصمود في وجه العدوان والظلم، وهي نصوص ستخلدها الأجيال، ما بقي اللبنانيون والفلسطينيون عربا متمسكين بعروبتهم. إننا جميعا اليوم، فلسطينيين ولبنانيين خصوصاً وعرباً عموماً نفتقد شعر محمود درويش الذي حمل في نص وإيقاع فريدين فكراً عروبياً حديثاً، داعياً إلى حرية الإنسان عبر العلم والتنمية من أجل تحرير الأرض، وصون العروبة في مواجهة الأخطار التي تتهددها من كل حدب وصوب'.
الى ذلك، نعى تيار المستقبل الشاعر محمود درويش ببيان جاء فيه 'فقدت بيروت ولبنان، كما فلسطين والقدس وكل ارض عربية بوفاة الشاعر الكبير محمود درويش، واحداً من كبار شعراء الأمة العربية وقامة شعرية وأدبية وانسانية شاهقة ممن أسهموا بما قدموه من ثراء فكري ومعرفي وشعري في إستنهاض الأمة وبعث الحياة في وجدانها. رحل ابن فلسطين وعاشقها، ومن كان عنواناً لإرادة شعبه في الحرية والإستقلال والعودة، رحل من علم الناس حب فلسطين ومن غرس قضيتها في قلب كل عربي وكل انسان في هذه المعمورة، ومن زرع الأمل والثورة في القلوب بشعره المقاوم الذي كان يصدح في كل مكان، مستنهضا شعبه لمواجهة المحتل وهز مضاجع الاعداء. رحل عاشق بيروت الذي عاش فيها عقد من الزمن، ورفض مغادرتها أثناء الحصار الإسرائيلي لها، الى أن أجبرته التهديدات الاسرائيلية على تركها وما عاد اليها الى بعد ان عادت تزهو بنهضتها الجديدة وبرائد نهضتها رفيق الحريري سنة 1990. محمود درويش، شاعر الوطن والقضية والمقاومة، الذي مزج الحب بالوطن، والثورة بالإنسان، والقضية بالأدب، كان شاعراً فلسطينياً وعربياً بقامة عالمية، كان صورة فلسطين وصوتها وأغنيتها، وصلة الوصل بين كفاح شعبه وكل قضايا العدل والمساواة في العالم. إننا في تيار المستقبل الذي أوجعنا وأحزننا غياب محمود درويش، والذي بفقدانه نشهر اننا خسرنا شيئا من صوتنا وأحلامنا، ندرك ان خسارة محمود درويش لن تعوض ما لم ندرك ما يمثله معنى شعره الذي سيبقى حتى بعد موته يزرع الأمل والثورة في قلوبنا وقلوب كل العرب، وسيظل حلمه بالعودة الى القدس وفلسطين حلمنا وقضيتنا. وستبقى صرخته 'سجل انا عربي' وحنينه الى 'خبز امه وقهوة أمه' والى 'احمد العربي' صرختنا وحنينا دائماً'.
كذلك أجرى وزير الإعلام الدكتور طارق متري إتصالاً هاتفياً بممثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي معزياً.وقد نعى الوزير متري الشاعر الفلسطيني بالقول: رحل به قلبه، بعيداً منا، قلبه ضلّ قليلاً وعاد. وهو يعيدنا اليوم الى حضرة غيابه. نحنّ اليه حزناً، وننتظر قوله كما ننتظر إطلالة القمر، يتجدد فينا. ويرتفع أمامنا كالشجر فوق ركام الكلام، الكلام العابر وكلام الترداد العقيم. كان يحلو له القول، إنه فلسطيني بالاختيار الحر، وأن له انتماء الى بيروت، بالاختيار أيضاً، يبحث فيها عن طفولة جديدة ودور لا يغلق عليه أو يضيق.ولم يغب عنه مرة، أن سلام لبنان حق له، وحرية فلسطين حق لها، وأن طريقنا الى السلام والحرية واحد. وواحد هو السعي لكي نستحق حقنا. سلام على محمود درويش فيما يوزع القمح الذي امتلأت به روحه، ويودع أرضنا وينثر فيها ملحاً كثيراً'.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-25-2012, 06:08 PM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

أعدّوا له الأرض كي يستريح فقد أحبّها حتى التعب!
رحيل الشاعر العربي الكبير محمود درويش:

لندن ـ القدس العربي ـ من حسام الدين محمد مات محمود درويش.
اغمضعينيه الجميلتين ومش في غمامته البيضاء
.
مات عاشق الحياة الكبير لأنه لم يرد انيجلس منتظرا الموت
.
ااعرف ان الزمان لا يحالفني مرتينب قال ذات قصيدة. لكنالزمان حالفه مرتين فأراد ان يلعب النرد معه للمرة الثالثة فغلبه
.
اهل يموتالشاعر؟ب مرّرت هذا السؤال اليه بعد عمليته الاول وكنا مجتمعين في استديو االام بيسيب بلندن فحدّثنا عن لون الموت الابيض والغمامة التي دخل فيها وغف
.
كتب درويشعن ميتات اصدقائه كما لم يكتب احد وسألهم ان لا يموتوا وان ينتظروا سنة واحدة فقط: اسنة اخر فقط تكفي لكي اعشق عشرين امرأة وثلاثين مدينةب
.
شهداء فلسطين الكباركانوا احبابه وكتب اجمل قصائده فيهم من راشد حسين ال ماجد ابو شرار وعز الدين القلقومعين بسيسو... وصولا للشهداء المجهولين. كانت القصائد ايقافا للموت وحراسة للحياةوالا كيف نفهم قصيدته في الشاعر العراقي سعدي يوسف (أطال الله عمره): اأعد لأرثيكعشرين عاما من الشعرب غير كونها تعويذة من شاعر لصديق له ضد الموت؟ االموت ضرب منالغدرب قال مرة في رثاء له لحمادي الصيد وكونه لاعب الموت وتهرب منه مرتين فقد قالعنه: اأما الموت فلا شيء يهينه كالغدر: اختصاصه المجرّبب
.
هل طلب محمود اسنة اخرفقطب في حجرة العمليات التي أقلّته ال موعده كما قال في كتابه افي حضرة الغيابب: افلأذهب ال موعدي فور عثوري عل قبر لا ينازعني عليه احد من اسلافيب
.
هل ارأ ماأراد من البحرب في اهبوب النوارس عند الغروبب؟ مات كاتب الملحمة الفلسطينية الاكبرالتي رافقته منذ تهجيره من قريته في شمال فلسطين وعودته اليها ثم اوديسته الطويلةبين البلدان والعواصم
.
مات اكثر الشعراء العرب اصالة ولا اعرف ان كان النقادلاحظوا خط الديمومة في الشعر العربي من امرء القيس مرورا بالمتنبي ووصولااليه
.
مات شاعر الحداثة الكبير الذي كانت الحداثة بالنسبة اليه علاقة باللغةوالارض والواقع والعالم ولم تكن بحثا عدميا عن اللامعن والانقطاع في الصيرورةالأصيلة للمكان والزمان والناس: اان نكون عبثيين او لاعبين او ساخرين لا ان نرد علاللامعن بلامعنب قال مرة في حوار معه
.
لعل اهم مزايا محمود درويش في اعتقادي انهاستطاع ابتداع المعادلة الاعجازية لشعر عميق وعظيم ومليء بالفذاذة الفلسفيةوالسخرية السوداء والنحت الرائع عل اللغة في الوقت الذي كان قادرا دائما عل الوصولللجمهور العام للشعر. كانت امسيات محمود درويش الشعرية مناسبات عامة ترسل كما لوكانت طاقة كهربائية عالية مسّا روحيا عاليا لم تكن لتجده الا عند الشعراء ذويالقامات الكبر في التاريخ
.
ولأنه شاعر كبير وذو رؤيا فقد شاهد موته في قصيدتهالاعب النردب التي نشرها في االقدس العربيب قبل أسبوع فقال: مَنْ أَنا لأخيِّب ظنَّالعدم ؟ مَنْ أنا ؟ مَنْ أنا ؟ لم يخيّب الشاعر فم الفناء الفاغر لكن جسده اخلالمكان لشعره الذي سيفتح الآن صفحة حياته الخاصة التي لا يمكن للعدم انيطالها
.
االقدس العربيب كانت عل علاقة شديدة الخصوصية بالشاعر الراحل الذياهداها الكثير من اجمل قصائده. ها هنا شهادات لمثقفين عرب في رحيله:


الكثيرون سيتذكرون ضحكاته ودموعه المتأثرة بتكريمه في كثير من العواصم العربية
صنعاء ـ الرباط ـ القدس العربي من خالد حمادي والطاهر الطويل سيظلبيننا ما بقيت الكلمة وبقي الشعر عبد العزيز المقالح (شاعر من اليمن) بداية أعتقدأن غياب الشاعر العربي الكبير محمود درويش، لم يكن خسارة للشعر العربي فحسب، بل كانكذلك خسارة للشعر الإنساني كله، فقد كان محمود شاعرا عربيا إنسانيا في شعره وفيمواقفه. وعظمة هذا الشاعر الكبير تتجلى في أنه كان شاعرا بكل ما في الكلمة من معانإبداعية وأخلاقية، فقد كان شاعرا في سلوكه وفي طريقة تعامله، قبل أن يكون شاعرا فيكتابة القصيدة في أرقى مستوياتها، موقفا وفنا. لم يحاول محمود في أي يوم من الأيام،أن يخوض فيما خاض فيه الآخرون، من خلافات وافتعال لمعارك وهمية، لذلك فقد احتفظبمكانته في القلوب، شاعرا وإنسانا، واستطاع أن يكون مدرسة قائمة بذاتها في حياتناالأدبية. عرفته في بداية السبعينيات، واستمرت علاقتي الحميمة به حتى الآن. كان دائمالسؤال عن أصدقائه، أكثر مما يسألون عنه، لا يكف عن مهاتفتهم والسؤال عن أحوالهم،وتلك ميزة نادرة من الكبار.
لم يمت محمود وإنما ماتت همومه وآلامه التي تصاعدتفي الآونة الأخيرة، جراء ما يحدث بين الأهل من اقتتال لا مبرر له سوى الجري المحموموراء سلطة موهومة، ووعود تتبخر كالدخان في الهواء أو كالسراب في الصحراء. محمودأيها الشاعر الإنسان سلام عليك، وستظل بيننا وفي حياة أمتك ما بقيت الكلمة وبقيالشعر. زيتونة المنفى حاتم الصكر (كاتب من العراق يقيم في اليمن) زيتونة المنفىواحد من أسماء محمود درويش التي أطلقت على الشاعر الحي بين الولادة والموت كما أرادقاطعا مسافة المابين بين وهو عنوان الكتاب الذي أصدرته حلقة مهرجان جرش في إحدىدوراتها النقدية مكرسا للدراسات التي تناولته
.
بين الزيتونة والمنفى يتمدد درويشالذي لا يرى نفسه ممكنا بلا منفاه كالمنتظرين برابرة قادمين ضروريين للإفاقة، وفيتدقيق هوية ادوارد سعيد ومرثيته يتحدث عن عالم منشطر بين الهنا والهناك ولسانين لميعد يدري بأيهما يحلم
.
وذلك هو درويش في تفاعلاته الحياتية كلها منشطرا بين مزاجحاد وطرافة دامعة، بين كفاح حقيقي واستراحة هانئة، حب وصراع، أسى وفرح، تحديثوالتزام، استطراد ووزنية، لكن من له في هذا الكون الشعري الفسيح لغة درويش وتوليدهالصور من كل ما حوله، وكيف يؤاخي الصورة والفكرة والعاطفة والواجب والحرية والوطنفي قصيدة يقولها حرة إلا من وجوده الإنساني الذي جعله سفير قضية وطنه بأفضل مما فعلالسياسيون وشعاراتهم وكسب لصف حرية وطنه وعرض حقيقة احتلاله وعنصرية محتليه ما جعلرؤياه رؤية العرب المغلوبين على حرياتهم والأحرار في العالم المنحدر تراجعيا صوبالغابة والتسلط بعصي الأقوياء المطورة
.
ولمحمود درويش مع الموت وشيجة لم تجعلهيتلقاه كواقعة مفاجئة بل هذا هو في آخر نصوصه المنشورة ( لاعب النرد) يرمزه ويداعبهكعهده حين يسأله أن يتمهل وينتظر حتى يعد الحقيبة أو يرصد موته السريري المؤقت فيعملية القلب المفتوح الأولى ويشكل من الموت تجربة فريدة لم تتهيأ لكثير من الشعراءالذين كتبوا استباقا عن موتهم بل هو يصنع معراجا روحيا سماويا يلاقي فيه الشعراءوالفلاسفة هائمين في سديم الأبدية متحولا بدوره (ذرة في العالم العلوي) صانعاجدارية تؤاخي الفن بالشعر كما يؤاخي هو الفكر والنغم ويحفظ للنثر رونقه داخل النصويقول عنه: (أحب من الشعر عفوية النثر والصورة الخافية/ بلا قمر للبلاغة
).
منسوى محمود درويش ينزل الشعر لقارئ أعزل يتصفح كتابا من نور وامرأة عاشقة تصفدهاالعيون، وغزال وحيد في برية الروح، وطفل منتظر عودة الأب في قصيدة، ومنفي بلا غدسوى السراب؟ ربما لن يتكرر صوت درويش في تاريخ الشعرية العربية لا بموتهالدراماتيكي شأن رعيل الشعراء العرب الذين مستهم لعنة الحداثة وغادروا الحياةغاضبين عجلين فحسب، بل ببصمته الفريدة في مدونات المتن الشعري الذي وهبه محموددرويش للقصيدة وفضائها الصوري ولغتها المتفاعلة بالجمال والفن، رغم ثقل الصليبالفلسطيني الذي حمله ماشيا طيلة حياته وفكر قليلا كي يستريح فجاءه نداء القلب الذيتعب من الحياة وتدبر أمره ماكرا بنا في ذلك اليوم الصيفي المشؤوم
.
كثير منجراحنا تفتحت على ألمها الكامن حين نعت الأنباء محمود درويش وكثيرون هرعوا إلىصورهم في الذاكرة أو المخيلة عن زيتونة جميلة خضراء لكنها غريبة في تربة المنفى،وكثيرون استعادوا صورة يوسف الجميل آخر الأخوة في جب التجربة وكثيرون سيسمعون كماأسمع الآن ضحكاته في بهو الفندق بالقاهرة قبل أكثر من عام في مهرجان الشعر العربيالذي نال جائزته ويتذكرون دموعه المتأثرة في مشهد تكريمه المتكرر في أكثر من عاصمة،كما بكى المدن الضائعة في شعره وصنع لها جغرافية جديدة في الضمير ..شعره الذي هوواحد من تجليات حضوره الأبدي في قلب الغياب
.
صداقة عميقة ثريا جبران (فنانةمغربية) فضلت ثريا جبران (وزيرة الثقافة المغربية) أن تقدم شهادتها كفنانة مسرحية،إذ قالت وهي تقاوم حالة التأثر الكبيرة وبكاءها الذي كان يصل مراسل االقدس العربيبعبر الهاتف: اعلاقتي بمحمود درويش تعود إلى أوائل السبعينيات، حيث كنا مجموعة منطلبة معهد المسرح في الدار البيضاء نقدم عروضا مستلهمة من أشعار درويش، تحت إشرافالفنان الأستاذ فريد بنمبارك، ونقوم بها بجولة عبر عدد من الجامعات المغربية. وخلالالسنوات الأخيرة كان كلما أتى محمود درويش إلى المغرب حرصت على تقديم لقاءاته علىخشبة المسرح، مما قوى من صداقتنا العميقة، بحيث كان يشرفني بالحضور إلىبيتي
.
وقبل ثلاثة أشهر جمعني به لقاء رائع على مائدة عشاء في الأردن؛ ضحكناكثيرا، وتأكد لي أنه مفعم بالأمل وبالإقبال على الحياة بشكل سام وراق. هذا اللقاءسيظل راسخا في ذاكرتي ما حييت
.
كنا ننتظر مجيئه إلى المغرب في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لنحتفي به وبكتاباته ولكن ربنا أخذه بعدما أعطاه لنا. وسيظل دائماحاضرا في وجداننا
.
عُرف عن درويش مواقفه الصلبة التي لا تتغير. كان شعره يضيءأيامنا الحالكة. وكلنا أحب شعره، كلنا اعتبره أكبر رمز للقضية الفلسطينية وللقضاياالعربية القومية. ومن هنا، فرحيله خسارة كبرى لن تعوض للوطن وللأمةوللقضية
.
أعزي بهذه المناسبة كل مثقفي ومفكري الوطن العربي، وأعزي عائلته في رامالله والأردن.ب القاء خاص عبد الحميد عقار (رئيس اتحاد كتاب المغرب) وفاة الشاعرالفلسطيني الكبير محمود درويش ـ ذي الصيت العربي والعالمي اللافت والمؤثر ـ تمثلخسارة كبرى للمشهد الشعري والنثري عربيا وإنسانيا. فقد كان درويش واحدا من أبرزشعراء هذا العصر، في شعره تنصهر وتتلاقح غنائية عميقة متحررة من الرخاوة ومنالبكائية، وذلك في رمزية مثقفة ذات عمق كبير. كما كان في إبداعه الشعري والنثرييمتلك قدرة خاصة على الاشتغال على النبرة الساخرة
.
لقد ملأ بشعره فراغات الروحوالوجدان لدى قرائه وقارئاته، وأشبع فضولهم الفكري والجمالي، بغنى الصور، بكثافةالعبارة، بقوة الإيحاء، بتملكه الخاص ليس فقط للثقافة العربية برمزياتها، بلللثقافات الإنسانية في قيمها الإبداعية والفكرية. تميز محمود درويش، كذلك، بوصفهشاعرا، بإلقاء شعري خاص استرعى اهتمام المهتمين بالشعر، من غير الأدباء والشعراء. في هذا الإلقاء تتضافر الكلمات والعبارات والجمل بصور شعرية وبظلال المعنى، هذاالمعنى الذي يشكل في شعره موضوع بحث واستقصاء وتطلع. لدرويش جانب آخر، هو نضاليتهالثقافية والسياسية لصالح حرية الإنسان والإبداع. ومن خلال ذلك حرية الشاعر وحقه فيالوجود
.
كانت لدرويش علاقة خاصة بالمغرب منذ ثمانينيات القرن العشرين، حيث تعودالمغاربة ممن يتذوقون الشعر على حضور أمسياته الشعرية والقوية والمعبرة والتي لاتكرر نفسها أبدا. مكانة درويش في المغرب وصلة المغاربة به عمقت من الارتباطالوجداني بهذا الشاعر وارتباطه هو بالبلد وأهله
.
لذلك فالخسارة ـ كما قلت ـكبيرة جدا. ولعل آثاره الشعرية العميقة وإبداعاته النثرية المميزة تخفف من هول هذاالرحيل المفجع وتسمح بهذا العزاء
.
أجمل هدية لشعبه عبد الرحمن طنكول (الرئيسالسابق لبيت الشعر في المغرب) مما لا شك فيه أن موت الشاعر محمود درويش خلف أثراقويا في نفوس كل المبدعين والشعراء والمثقفين سواء في عالمنا العربي أو على المستوىالعالمي، نظرا للقيمة الشعرية المتميزة التي طبع بها هذا الشاعر المُنجَز الإبداعيمع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين
.
ويعتبر محمود درويش منمؤسسي القصيدة الحديثة الملتزمة، فقد استطاع أن يخرج بالقصيدة من القوانين الشعريةالمعروفة خاصة تلك التي عرف بها الشعر الملتزم إبان الأربعينيات والخمسينيات، سواءفي أفريقيا أو أوروبا، بحيث استطاع أن يضع القضية الفلسطينية في قلب الشعريةالعالمية، مع الارتقاء بها إلى أعلى مدارج الإبداع، ما جعله يتبوأ مكانة خاصة فيالمشهد الشعري العالمي. فدرويش ارتبط شعرياً بالقضية الفلسطينية، لكن بإبداعيةكبيرة، استطاع بها أن يعطي لهذا الشعر قوة جعلته يتسامى على مختلف الأجناس الأدبية،فالقصيدة عنده تأخذ تارة لونا نثريا، وتارة لونا رومانسيا أو سورياليا، وهذا ماجعله ينفرد بموقع داخل الخريطة الشعرية العالمية
.
لم يؤثر محمود درويش في الشعرالفلسطيني والعربي والمغربي فقط، وإنما أيضا في الشعر العالمي، أينما حل وارتحل. كان يحمل وطنه في يده، ويحمل قصائده في قلبه، ليجعل منها فضاء للتلاقي والتلاقح بينمختلف أصوات الشعوب التواقة للحرية والانعتاق. وباختياره للغربة فإنه ـ في الحقيقةـ اختار أن يعطي للشعب الفلسطيني والإبداع الفلسطيني موقعا على امتداد الكرةالأرضية، فكان بذلك أحسن سفير للنضال الفلسطيني، وهذا ما جعل المهتمين يترجمون شعرهإلى مختلف اللغات
.
لقد كان درويش محبوبا عند الشعراء والكتاب العالميين، وكانمحط إعجاب عند السياسيين، لأنه لم يسجن قضية وطنه في شعارات مستهلكة أو مفاهيمدغمائية، بل جعل هذه القضية قضية إنسانية، واستطاع بذلك أن يخلدها في سجل من ذهب،من غير أية نزعة شوفينية، لأن حلمه الوحيد كان دائما هو أن يمنح للإنسانية قصيدةتعمق النظر في عتمات الآتي ومتاهات المجهول لتنير الطريق أمام الإنسانية
.
ولاأريد أن أختم هذه الشهادة دون أن أشير ـ مرة أخرى ـ إلى التأثير الذي أحدثه درويشفي القصيدة المغربية منذ الستينيات إلى اليوم. ومن غير أن نضفي أي طابع تقديسي علىشعر درويش، فيمكن لأي متتبع أن يقول ببساطة إن اسم هذا الشاعر سيظل ملتصقا بحداثةالشعر العالمي. وهذا الأمر في حد ذاته يعتبر أجمل هدية قدمها لشعبه وللإنسانية. وموته بعيدا عن فلسطين، في بلاد الغربة والاغتراب، له دلالات رمزية ستحفر لمدةطويلة في ذاكرة الشعر الإنساني
.
وإذا كان الشاعر الفرنسي أراغون قال إبان مقاومةالشعب الفرنسي للنازية: اافتحوا قلبي.. تجدوا فيه باريس'، فدرويش يقول لنا وهو فاتحقلبه: القد حملت فيه الإنسانية وجعلت منه موطنا لكل الغرباءب
.
بعدك ثمة بكاءكثير شوقي شفيق (شاعر يمني) برحيلك أيها الصديق الكبير يفقد مثلث الكبار الأخير أحدضلوعه المهمين. مثلث الكبار الذي أقصده هنا هو مثلث: أدونيس ـ سعدي ـ درويش. هلأعزّي نفسي وأترابي من الغاوين إياك في اليمن، أم أعزّي العربية وشعراءها، أم أعزّيشعراء العالم بذهابك
.
كم أنت كبير برحيلك! وكم نحن يتامى لفقدك! بوقت طويل ستعجزالكلمات عن توصيفك ووصفك. ولزمن طويل، طويل، ستعجز العربية عن تعويضك. لن ننساك بينفراشتين، ولن تسافر الغيوم كي ما تشردك بعد الآن، فأحمد العربي الذي كنته أو صنعتكينونته سيظل فينا رمزا للحياة كما ينبغي للفلسطيني أن يكون
.
أنت لم تعدفلسطينيا؛ أنت صرت عالما في عالمنا، محيطا تتراكض إليه مياه بحارنا وبحورنصوصنا
.
أيها المعلّم الأكبر، يا ساحرنا الذي علمنا ريتا وبندقيتها، والزعترالبلدي، والمزامير الأولى وتفاصيل البلاد
.
أب في الشعرية العربية لا نعوضه ولانستعيض عنه
.
بعدك، ليست ثمة أغنية في البال، ليس ثمة كلام؛ ثمة بكاءكثير
.
قرر أن يكون الأعلى نبيلة الزبير (شاعرة يمنية) إذا كانت الكتابة أيا كانمجالها قهراً وتحدياً للموت فإن الشاعر العملاق محمود درويش قهر الموت بطاقة أوبإبداع ما يعادل عشرات الشعراء. بمعنى أنه لا خوف عليه من حادثة عابرة كهذه، وإنكانت حادثته اليومية الأخيرة، التي يطلق عليها اسم الموت
.
هذا الهزيل الذي سخرمنه مرارا وعطف عليه وناجاه وخاطبه، يكفيك أنه آخر الأمر قال له: تعال، ربما لم يكنيدعو صديقا، اسمه الموت لكنه على أية حال ليس العدو الذي اسمه الإعاقة، تكفيك هذهالشجاعة، في اتخاذ القرار وهذه القدرة على تقريره، أيهما القاتل أن يقعد فوق الحياةمعاقا يستثير العواطف أم يمشي إلى الخلود، مستحثا كل الإعجاب والتقدير، شخص منذالبداية قرر أن يكون الأعلى، حتى على الموت. أي حياة هنالك خلف ظلال التخيل! د. ابتسام المتوكل (شاعرة يمنية) مات محمود درويش! خبر حيّر القصيدة ووارى الكلمات. إذن أمام بلاغة الموت ماذا بوسع الأحرف الشاحبة أن تقول؟ وكيف لها أن تتجسد وأنتكتسي بالحياة؟ إنه الموت ثانية يعود ليجيب درويش القصيدة والحياة ليقول (أنا هنا،ولا أهزم!) فتبدو عبارة درويش (هزمتك يا موت) طفوليّة جدا ولا علاقة لها بمنطقالنهايات وصرامة الموت. الموت ليس عدوا لأحد ولا هو بصديق لأنه موظف مخلص جدا ويقومبعمله في صمت، ولهذا فهو لم يكن يرد على درويش أو يترصده. إنه فحسب كان ينتظر أنيأتيه دونما مقاومة ودون اعتراض
.
هل مات درويش حقا؟ نعم على الأقل هذا ما تقولهالأخبار وتتناقله وسائلها. ولكن درويشهم الذي مات غير درويشنا فهو حي لا يموت. درويشنا شأن كل الشعراء الحقيقيين لا يموت لأن شعرهم يخلدهم وهم منذ اقترفواالقصيدة منذورون للبقاء
.
وهكذا فدرويش منذ عرفت قصائده خصوصيتها وصار هنالك فيالقصيدة العربية نزعة درويشية أمكن للشاعر فيه أن يركن إلى الخلود تحت فيء الكلام .. الكلام الذي ليس يعبر.. الكلام الذي يمر ليبقى ليحفر في الروح موقعه ويغرس فيروابي التذكر أشجاره
.
يا لدرويش شاعرا عظيما كسبته القصيدة واستكان إلى مجدهاشاعرا أنه قد خط صورته في الحروف التي صارت رفيقته وبها أدرك أي سر تحملهالاستعارات وأي حياة هنالك خلف ظلال التخيل
.
سلام عليكت ولك سلام على الشعروالبهجة الممكنة
..
سلام على تربة أنجبتك وأنت تمرست في عشقها سلام على كل حرفوكل القصائد وكل الوطن
.
اسم عالمي حسن مخافي (أستاذ جامعي وناقد من المغرب) محمود درويش يعد علامة بارزة في مسيرة القصيدة العربية الحديثة، وينتمي إلى شعراءالجيل الثاني في مسيرة هذه القصيدة. وقد عرف في النقد العربي الحديث بوصفه شاعراللمقاومة؛ ولكن هذا لا يحجب شعرية القصيدة عنده، حيث عمد طيلة حوالي خمسين سنة فيمسيرته الشعرية إلى تطوير هذه القضية. ومن هذه الزاوية لا يمكن الحكم على شعره حكماعاما، بل إن التطور الذي خضع له يجعل من هذا الشعر مدرسة متجددة. ولا يعني هذا أنالشاعر قد خضع لنوع من التجريب، بقدر ما عمل على تطوير نفسه باستمرار، ولذلك اندرجشعره في البداية (خلال الستينيات) في إطار ما يسمى القصيدة الملتزمة، وفي إطار هذاالمفهوم اشتغل محمود درويش على إبراز القضية الفلسطينية شعرياً، دون التفريط فيمقومات القصيدة لغة وصورة وإيقاعا
.
ثم تلت هذه المرحلة ما يمكن أن نطلق عليهاالقصيدة الملحمية'، التي عرفت عنده بالقصائد الطوال المعروفة أو ما يمكن أن نسميهالقصيدة/ الديوان. ومن أمثلة هذه الأعمال امديح الظل العالي'، 'بيروتب وغيرها منالقصائد التي تستغرق دواوين شعرية بكاملها
.
لتأتي المرحلة الثالثة التي عاد فيهامحمود درويش إلى استبطان الذات ضمن محيطها الوطني والقومي والعالمي. ومن هنا عادإلى كتابة السيرة الذاتية الشعرية، واحتاج ـ لأجل ذلك ـ إلى التخلي ظاهريا عنطريقته القديمة، محتفظا بجوهر القضية عنده الذي هو القضية الفلسطينية. كما استندفنيا إلى توظيف الإمكانات التي تتيحها قصيدة النثر، دون أن يكتب هذه القصيدة، لأنشعره ظل موزونا، ولكن بتنويعات كبيرة، جعلته ينخرط في تجديد الإيقاع الشعري العربيبما يسمح بابتكار إيقاعات جديدة خارج أوزان الخليل وخارج إكراهات تفعيلاته. وقد بدأهذه المرحلة الثالثة بديوانه المؤسس الماذا تركت الحصان وحيدا؟'، وأتبعه بمجموعة منالدواوين الأخرى
.
وطيلة هذه المراحل الثلاث التي تختزل مسيرة محمود درويشالشعرية ظل مشدودا إلى قضيته التي كان يعتقد أنه وُجد لأجلها، أي القضيةالفلسطينية. كما أن لدرويش اجتهادات إبداعية خارج الشعر، تتمثل في نثره الذي لا يقلشعرية عن قصائده. ويتمثل ذلك أساسا في يومياته ورسائله ومقالاته المتعددة التي نُشربعضها في مجموعات، ويبقى على المهتمين وأصدقاء الشاعر أن يجمعوا ما هو منثور منهافي المجلات والصحف ولم يظهر ككتب
.
إن وفاة محمود درويش خسارة كبيرة للشعر العربيخاصة وللشعر العالمي عامة، فقد ترجم إلى عدة لغات، وأصبح بذلك اسما عالميا وكونيا،بقدر ما هو اسم فلسطيني. وأتصور أنه لو أمهله الموت لسار بالقصيدة العربية الحديثةشوطا جديدا آخر، ولكن عزاء المثقفين والنقاد والشعراء العرب هو أن درويش ترك لهتلامذة في جميع أصقاع العالم العربي من المحيط إلى الخليج، ممن سيحملون لواء الشعرالعربي إلى العالمية
.
ولادة جديدة أسامة اسبر ( شاعر من سورية) جاء موت محموددرويش كصدمة. منشأ هذه الصدمة أن الشعر العربي خسر إحدى قاماته الكبرى، ولكن موتالشاعر في الوقت نفسه إعلان لولادة من نوع آخر، لقد توقف القلب واستعادت الطبيعةعناصرها البيولوجية،ولكن محمود درويش ظل ينبض في الطبيعة الثانية التي يبتكرهاالفن، وهذه ولادة جديدة للشاعر، ولادة في الضمائر وفي الأذواق وفي توق الثقافةالعربية المغايرة إلى المحافظة على استمراريتها. لقد كان محمود درويش شاعراً ذاطبيعة مختلفة في نسيج الشعر العربي، وبوسعي أن أسميه شاعر القضيتين، القضية الأولىهي الجرح الفلسطيني الذي ظل يسكن جوهر تجربته الشعرية والفكرية، هذا الجرح الذي جعلالشاعر محافظاً لقضيته وعلى تجديده للصوت الفلسطيني المخنوق تحت الاحتلال. أماالقضية الثانية فهي إخلاص محمود درويش للعناصر الفنية التي تجعلنا نقول عن كلام ماأنه شعر يختلف عن الكلام العادي، وفي التوحد بين قضية الفرد وقضية الإنسان ولدتقصيدة محمود درويش وستظل مستمرة عبر الأجيال والأزمنة مع الإبداعات الشعرية الكبرى،وبهذا المعنى نقول أن محمود درويش لم يمت
.
هازم الموت هالة زرقا ( شاعرة منسورية) يبدو أن محمود درويش قد هزم الموت في لغته مرات عدة، فالشعر هو تمرين علىالحياة، هو الذي كان في كل نص أو كتاب يستخدم كل الميثيولوجيات القديمة ليؤكدحضوره، حضورناس وانتماءنا إلى هذه الأرض التي نُنفى عنها قسراً
.
محمود درويش كانالمعلم الأول لجيلنا، في الحب وفي عشق الوطن، وفي مقاومة إحساسنا بالغربة والوحدةفي هذا العالم القاسي. لذلك لا أعرف إذا كان يحق لي أن أقول له: عليك أن تعتذر الآنعما فعلته بنا !.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:16 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator