رحلة الأسرار في أنفاق الجدار

[أحمد اسماعيل]

رحلة الأسرار في أنفاق الجدار

بحث يسلط الأضواء على أنفاق الجدار الغربي للمسجد الأقصى وبالصور





نبذة عن البحث


المسجد الأقصى أرض الإسراء والمعراج، مجمع الأنبياء والرسل عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام، قبلة المسلمين الأولى، وثاني مسجد وضع في الأرض، وثالث مسجد تشد له الرحال، في فضله لا تسعنا الصفحات ولا المجلدات.

المسجد الأقصى هو المساحة المسوّرة الواقعة على جبل بيت المقدس في جنوب شرق مدينة القدس القديمة، يدخل في أحكامه وأهميته وقدسيته أسواره وكل ما هو داخلها، لذلك كان الحائط الغربي للمسجد الأقصى جزء لا يتجزأ منه وتنطبق عليه جميع أحكامه وأهميته .

الحائط الغربي للمسجد الأقصى هو أقدم أسوار المسجد فكان موجودا منذ قدوم النبي عليه الصلاة والسلام في ليلة الإسراء والمعراج،
الحائط الغربي فيه ربط النبي عليه الصلاة والسلام دابته البراق عند دخوله للمسجد، فسُمّي حائط البراق،
الحائط الغربي دخل النبي على الصلاة والسلام من أحد أبوابه فسُمّي بباب النبي،
الحائط الغربي أول جزء من المسجد الأقصى قابله النبي عليه الصلاة والسلام،
الحائط الغربي دخل الفاروق من بابه الجنوبي إلى الأقصى يوم الفتح العظيم، وطهّر المسجد من الرجس القديم، وعنده رابطت الثلة المجاهدة من أهل الدين.


توالت السنوات ومرت العصور والأعوام إلى أن جاء اليهود وادّعوا أن الحائط الغربي هو بقايا لهيكل -ما كان يوماً في الزمان ولا في المكان-، وأصبح الحائط الغربي نقطة أساس في مدينة مقدسة لشعب اليهود، وصارت مدينة القدس العتيقة تعرف بمدينة الملك داود، وحائط البراق أصبح حائطاً للبكاء، وجبل صخرة بيت المقدس صار جبل الهيكل، وأبواب المسجد تحولت إلى أبواب الدخول إلى جبل الهيكل، أما الحامية الغربية للمسجد الأقصى فقد تحولت إلى أحياء قد بنيت فوق أنقاض مدينة الملك داود، وزادت الأقوال وتفشت البدع والخرافات، وانطلقت حلقات الغدر والتزييف، فمنذ مائتي عام وبعثات التنقيب عن الآثار والحفريات تنهش الجدار الغربي، وظهر ما يعرف بأنفاق الحائط الغربي، وما زالت المخططات ترسم، والمعاول تدك في تربة حارة المغاربة وفي محيط السور الغربي للمسجد الأقصى.


[bimg]http://aqsa.ahba.in/Tunnels/7jr9.jpg[/bimg]


وفي هذا البحث:

نسير معاً في جولة في ذلك النفق وتحت تلك البيوت نسبح في المأساة، وتطفوا حولنا الأكاذيب فنحاول أن نجفف الزيف ونعريه كي لا يغرق فيه الكثير.

تمتد الأنفاق والحفريات في غرب المسجد الأقصى على طول جداره الغربي بأطوال وارتفاعات متفاوتة وبفراغات متعددة. نسبت هذه الفراغات والأنفاق إلى مزاعم صهيونية وعبرية لتشكل عقائد مختلفة لهم، حيث أنهم يربطون كل حجر داخل الأنفاق بتاريخ وقصص نسجتها عقولهم لتهويد المنطقة وتحويلها إلى أرض عبرانية، وارتبطت هذه الأنفاق وخاصة نفق الحائط الغربي بقضية بناء الهيكل التي يسعى لتحقيقها اليهود مكان المسجد الأقصى، وارتبطت أنفاق الحائط الغربي بعقيدة عودة مسيحهم المنتظر الذي سيقوم بلم شتات اليهود وتكفير خطاياهم، فما كان من مؤسسة الاحتلال الإسرائيلية إلا أن حوّلت هذه الأنفاق إلى آثار ادعت أنها تعود إلى عصر الحشمونائيم وعصر الهيكل الثاني والحكم الهيرودي. وما هذه الأنفاق والقنوات والفراغات إلا أساسات لمدينة القدس، وأساسات للمسجد الأقصى وجداره الغربي بنيت في العصور الرومانية والأموية وجلها كان عبارة عن قنوات مياه وخزائن للمياه بنيت وأعمرت في العصرين الأيوبي والمملوكي.

هدف هذه الأنفاق الأول والأخير هو إضعاف بنية المسجد الأقصى وأساساته إذ أنها تنخر الأساسات وتضعف التربة والأرضية بأعماقها الخيالية وتغيير تاريخ المنطقة ودس تاريخ زائف ومغاير تماماً للحقائق، ومن ثم بناء الهيكل وتحقيق الهدف الأساسي.





الأقصى قد تجاوز مرحة الخطر إلى مرحلة ما بعد الخطر..
الأقصى في أي لحظة قد يزول ولن يبقى لنا حينها مسجد ثالث كما كان
الأقصى يستصرخنا واحداً واحداً.. صغاراً وكباراً.. شيوخاً وولداناً أن أنقذوني وأنقذوا مدينتي

[أحمد اسماعيل]

من أمام النفق

نسير الآن أمام حائط البراق وعلى أنقاض حارتي المغاربة والشرف أنظر عن شمالي وعن يميني حاخام هنا ومتدين هناك، في الجهة الشمالية لساحة حائط المبكى ( البراق ) توجد بنايات قديمة البناء وأخرى تم تغيير معالمها وجددت واجهاتها بطريقة تبدو انها من نفس البناء القديم، نقف الآن أمام لافتة ثبتت على جدار احد الأبنية يقع في شمال ساحة البراق كتب عليها باللغات الثلاث ، العبرية ، والعربي ، والإنجليزية العبارة التالية (( نفق حائط المبكى مفتوح للزائرين على الزائرين الحجز مسبقا فقط . للحجز تلفون ( 1599-515-888) كان ترتيب الفقرات العبرية أولاً والإنجليزية ثانياً والعربية أخيراً فعلمت أين سوف نسير الآن وإلى أي فكر سنتوجه .
و بعد عناء ورفض وقبول قمنا بالحجز مسبقاً عبر مجموعة من الزوار العرب حيث أنه لا يسمح للزوار العرب دخول النفق فراداً ولكن يشترط أن يكون ضمن مجموعة بقيادة مشرف إما مستأجر بواسطة وزارة التراث التابعة للمؤسسة الإسرائيلية، أو مشرف المجموعة التي تود زيارة النفق ويتم التأكد من المجموعة التي ستزور النفق وتوجهاتها، كان مشرفنا لهذه الزيارة الأستاذ صادق .

أدخل الآن إلى بوابة البناية (بوابة النفق الغربي) وقد سبقني الجميع فنظرت إلى البوابة وقد كتب عليها بالعبرية والإنجليزية فقط (تراث الحائط الغربي)، كان التفتيش لكل من يدخل النفق، فضابط يشاهد التصاريح وأخر يقوم بالتفتيش

[أحمد اسماعيل]

قاعة الاستقبال

نصل الآن إلى بداية النفق وفي قاعة كبيرة متسعة قام بالكشف عنها شارل وارن ولقبها (باسطابل الحمير)، في هذه القاعة شاهدنا على الجدران الأضواء ترتسم عليها واللوحات الجدارية الزجاجية والورقية معلقة على الجدران كتب عليها نفق الحائط الغربي وأخرى توضح جولة النفق وغيرها عبارة عن خرائط للنفق وللمسجد الأقصى ومدينة القدس كانت اللوحات قد كتبت باللغتين العبرية والإنجليزية هنا قال لنا المرشد : (إن هذه القاعات استغرق العمل فيها وفي الكشف عنها وتوسعتها أكثر من 17 عاماً بإدارة شارل وارن) طبعاً هذا في ظل غفلة وصمت وموافقة من بعض الخونة الذين ما ضيع قضيتنا غيرهم .
تحلق الجميع حول مجسم أصم بسيط لجبل الهيكل ( هضبة بيت المقدس ) قد وضع على طاولة عرض في قاعة بداية النفق، بدأ المرشد بالحديث عن هذا المجسم وعن جبل صخرة بيت المقدس ( هضبة موريا )، هنا يقع الحائط الجنوبي للمسجد وهنا يقع الحائط الشرقي وفي هذا الموقع صلى النبي عليه الصلاة والسلام ......... إلى أن وصل إلى الحائط الغربي للمسجد وأشار بيديه إلى مكان حائط البراق على المجسم وأين نحن الآن من هذا الجبل فعلمت أننا سنسير تحت الأقصى وبمحاذاة السور الغربي للمسجد مسافة 480 متر ويزيد، كلها تحت الأرض تحت بيوت المقدسيين المرابطين حول الأقصى، بل وتحت المسجد الأقصى ومن أسفل منه. القلب في تلك اللحظات كان يخفق بحرقة ويتقطع باكياً على نصف كيلو متر من الويلات تخترق الأقصى سوف نسير بها كلها أقيمت وحفرت ووسعت تحت ظل الصمت العربي والإسلامي وعلى مدار عشرات الأعوام، ولكن سلوانا في هذه الرحلة أننا سنكشف حجم الزيف والكذب الذي تقنع به الصهاينة لتزوير التاريخ والحضارة.
عدت أنظر إلى المرشد وقد أخرج من أسفل المجسم مجسماً صغيراً لقبة الصخرة قام بوضعه في منتصف الجبل منتصف المسجد في مكانها الحقيقي داخل المسجد الأقصى، من ثم قام واستبدلها بمجسم أخر للهيكل قام بوضعه مكان قبة الصخرة، نظرت حولي المجموعة صامتة والذهول يغشاها، كان المشهد يرتسم في المخيلة لو أزيلت قبة الصخرة حقاً من داخل الأقصى وبني الهيكل سيكون رد العرب هو الصمت والذهول فقط؟! فكان جوابي لذاتي صمت وذهول أكبر... . تابع المرشد حديثه حول المجسم والمسجد والهيكل ووصف لنا شيء عن خطة المسير داخل النفق

[أحمد اسماعيل]

الممر السري

تبدأ الرحلة الآن داخل النفق، ويبدأ المشهد بالوضوح تدريجياً، تلك حجارة قديمة وأخرى جديدة أبواب مغلقة وسياج يحيط بأنفاق وحفر في كل زاوية وكل جدار
نسير الآن عبر ممر واسع وارتفاع كبير ذو سقف نصف برميلي قد أحاطت به الأضواء من أسفل جدرانه شعرنا برطوبة وقليل من البرد تخلله رعشة خوف واستغراب من هول المكان، فعلمنا أنا نسير في الجهة الشمالية لشارع السلسلة ونتجه شرقاً نحو الحائط الغربي للمسجد داخل ممر يعرف في عقائد اليهود( بالممر السري ) فيزعم اليهود أن ذلك الممر يشكل الطريق السري الموجود أسفل الجسر الذي كان يصل جبل الهيكل بمدينة القدس في عهد الهيكل الأول حيث كان يستخدم هذا الطريق لتنقل الملك داود من جبل الهيكل إلى قصره بشكل سري، ولكن حقيقة هذا الطريق أنه امتداد لطريق باب السلسلة وبني في عهد الفترة الصلاحية كأساس لرفع مستوى الأحياء المحيطة بالمسجد الأقصى وكان يستغل لتخزين المياه وكقنواتِ لها .. علقت داخل الممر لوحة زجاجية كتب عليها( الممر السري )
داخل هذا الممر السري ونحن نسير ببطئ شديد ونلتفت هنا وهناك إلى الحجارة والأضواء فإذ بغرف في شماله وعن شمالنا، ونحن سائرون تجاه الحائط الغربي دخلنا إحداها وهي مساحة فارغة على شكل قوس مكونة من حجارة مختلفة العهود فمنها ما هو روماني الأصل ومنها ما هو أموي العهد أو أيوبي وهي أحد الأقواس التي كانت تشكل شارع السلسلة والذي سمي بهذا نسبة لسلسلة الأقواس هذه والتي أصبحت أساساً لبيوت حارة السلسلة ومدارسها ومدارس الأقصى، في تلك الغرفة شاهدنا على الأرض حفرة عميقة بمساحة كبيرة قد غطيت بأرضية زجاجية فصلت بيننا وبينها، كانت بعمق يمتد طويلاً وقد وضعت داخلها الأضواء علمنا أنها تصل إلى مستويات المدينة القديمة بل إلى المستويات الرومانية وأسفل منها

[أحمد اسماعيل]

غرف وفراغات النفق

عدنا إلى الطريق السري لنواصل سيرنا نحو الحائط الغربي حتى وصلنا إلى باب قد أوصد بشبك حديدي على حفريات لم ندخلها ولم نشاهد ما فيها وإلى أين تمتد علماً أننا قد أصبحنا أسفل جدار المسجد الأقصى والباب يفضي إلى أنفاق تمتد نحو الشرق أي داخل المسجد الأقصى، فندخل إلى غرفة مقوسة جديدة عبر بضع درجات حديدية هبطنا بها إلى الأسفل، في داخل الغرفة شاهدنا لوحات تهويدية كتبت باللغتين العبرية والإنجليزية ووقفنا حول أحد الأرضيات الزجاجية لنشاهد فراغاً أرضياً قد وضع داخله سلم خشبي ويمتد بشكل أفقي أسفل منا، وعند باب الغرفة قد علقت لوحة زجاجية تشير إلى ارتفاع الباب حيث يبلغ 160 سم، دخلنا من هذا الباب إلى غرفة أخرى قد وضع فيها على مسند زجاجي كتيبات وصور للمسجد الأقصى ومدينة القدس وضعت كي تغير الحقائق وتشوه التاريخ بما يحلو لبني صهيون، ومن هذه الغرفة إلى أخرى عبر باب مشابه للذي قبله.
في هذه الغرف شاهدنا نساء يقرأن التوراة ويقفن ويؤدين صلاة البكاء أمام الجدران، قال عنهم مشرفنا ( إنهن نساء مستأجرات يستخدمن لقرأه التوراة بدوام رسمي ويتناوبن عليها حتى يكسبوا المكان أمام الزوار والسواح قداسة خاصة ويوهموا الزوار أن للمكان أهمية بالغة عند اليهود من الناحية الدينية ) أحسست أني أسير في معبد مقدس هذا الشعور هو الذي يريد اليهود أن يوصلوه إلى الأذهان، نساء وصلاة مستمرة وعندها يملكون حقاً في مكان مقدس له أهميته البالغة التي اخترعوها بأكاذيبهم.

في تلك الغرف شاهدنا زوايا وحفريات متشعبة وكثيرة موزعة هنا وهناك، منها ما يخترق الأرض للأسفل وقد غطي بألواح الزجاج، ومنها ما يمتد بشكل عرضي بأقطار صغيرة وأخرى لم ينته العمل منها بعد فهي غير مكتملة لا ندري إن توقف العمل بها أم أنها لا زالت حديثة العهد، شاهدنا حفريات صغيرة داخل الصخور ونحوتات حديثة واضح منها محاولة خلق حضارة دخيلة وفرضها على المنطقة ، فتعطي منظراً تهويدياً متكاملاً مع تلك الأضواء وتلك النساء المستأجرات

[أحمد اسماعيل]

قنطرة ويلسون

نخرج الآن من هذه الغرف عبر باب بطول يصل إلى المترين لندخل ممراً ضيقاً بعض الشيء مظلم قليلاً سرنا داخله بضع خطوات، وعن يمننا تشعب أخر لممر مشابه غير ممتد قد أوصد بباب حديدي صغير، واصلنا السير داخل الممر لنشاهد تشعباً أخر وأخر كلها ليست ممتدة ولكنها مغلقة ولا ندري هل هي مغلقة ولن يتم العودة لها أم أنها مراحل جديدة لحفريات جديدة، في أخر الممر استدرنا يميناً لنصل إلى غرفة بمفترق يطل على درجين أحدهما بخمس درجات للأعلى وصلنا عنده لنشاهد لوحة زجاجية كتب عليها ( إلى قنطرة ولسن ) وإن هذه الدرجات تفضي إلى مقصورة النساء في القنطرة حيث أن النساء يجلسن فيها وينظرن إلى الحائط عبر نوافذ زجاجية فيحرم دخول الرجال إليها، وعن القنطرة قال المرشد (( نحن الآن نقف بالقرب من باب السكينة أحد أبواب الأقصى وهذه القنطرة هي عبارة عن غرفة أو غرف كبيرة يعلوها سقف مقوس يدخل إليها من أسفل المدرسة التنكرية وحتى هذه القنطرة وقد اكتشفها الباحث الإنجليزي تشارلز ويلسون عام 1865م وادّعى أنها تعود لعهد الهيكل الثاني وأنّها كانت تُشكّل آنذاك جزءً من مجموعة قناطر كان يقوم عليها الجسر الذي يربط الهيكل بالمدينة والذي قال عنه Josephusجوزيفوس( وهو كما يدعي اليهود ذلك الجندي الذي ولد في 37م وأصبح متعاناً مع الرومان ) : إن اليهود قاموا الجسر أثناء حربهم ضد الرومان لتقليل خطر الهجوم على جبل الهيكل)). أما حقيقة هذه القنطرة فهي امتداد لأقواس أم البنات أو أقواس تنكز الناصري معمر وباني المدرسة التنكرية، والتي هي اليوم أحد نقاط حرس الحدود الإسرائيلي، وقد أكد على هذا نفي علماء الآثار أن تكون هذه القنطرة تعود إلى عهد الهيكل، بل ادعى بعضهم أن أساسات هذه القنطرة تعود إلى عهد الهيكل. ويجري العمل اليوم على توسعة هذه القنطرة حتى تستوعب أعداد أكبر من المصلين والمصليات، ويدعي اليهود أن اختلاط الأقواس داخل القنطرة ناتج عن أن هذه القنطرة قد بنيت مرة ثانية أثناء الحكم الروماني للمدينة في عام 132 م وتم تحويلها بدلاً من قوس واحد إلى عدة أقواس، رغم أن كل المؤشرات العلمية والتاريخية أثبتت أنها لا تمت بصلة للهيكل..

[أحمد اسماعيل]

القاعة الهيروديانية

عدنا للخلف قليلاً لنشاهد الدرج الثاني الذي يهبط بخمس درجات للأسفل ومن ثم بعدد كبير من الدرجات نتجه بها شمال غرب قنطرة ويلسون بقليل وعلى موازاة باب السلسلة، وهي عبارة عن قاعة واسعة تقع إلى غرب قنطرة "ويلسون" بقليل تحت حيّ باب الواد ، تعرض فيها مؤسسة التراث الإسرائيلية مجموعةً من الأحجار والأعمدة الرومانيّة، وتدعي أنّ هذه الآثار تعود لعهد الحشمونائيم في فترة الهيكل الثاني ويوجد في وسط هذه الغرفة عمود كبير وضع فيها كما يزعم اليهود لتدعيم الغرفة بعد أن تضررت من أحد الزلازل التي وقعت في تلك الفترة ويعرض بداخلها بعض الحجارة الدائرية التي كانت تستخدم كقذائف للمنجنيق أثناء الهجوم الروماني على الهيكل كما يدعون وقد اكتشف هذه القاعة تشارلز وارن خلال أعمال الحفر في أواخر 1860

[أحمد اسماعيل]

القاعة الكبرى

تابعنا المسير نحو الشمال داخل الممرات حتى وصلنا عبر بوابة حديدية كبيرة وأقواس ضخمة إلى أحد القاعات ( الفراغات الواسعة )، لنشاهد فيها رفوفاً من الزجاج وضع عليها أثار وتحف رومانية قديمة، وطاولة من الحجر والزجاج، وحولها مقاعد من الزجاج أيضا، سرنا فيها دون توقف وخرجنا منها عبر بوابة صغيرة لنجد أنفسنا داخل قاعة كبيرة جداً على منصة تطل عليها بدرابزين زجاجي، وضع في بداية هذه القاعة أعلام للدولة العبرية، شاهدت ستائر على الجدران وتشعبات لأنفاق عدة أظنها أربعة، لم نشاهد داخل هذه القاعة إلا بضع الأحجار الأثرية ولم نشاهد فيها مصلون نساء أو رجال، فيها مدرج ومجسم للهيكل، مجسم متطور جداً بأنظمة عرض متطورة وأضواء ورافعات ( هيدروليكية ) تقوم بتغيير الحقب الزمنية التي يدعي اليهود أنها مرت على الهيكل وتظهر شبكة الأنفاق الغربية للمسجد، قال مرشدنا ( هذه القاعة الكبرى وهي أكبر قاعات النفق وتعد تشعباً لأنفاق عدة، سنقف هنا لنطلع على الهيكل بمنظور يهودي وكما يزعمون ) جلسنا على المدرج لنستمع ونشاهد مجسم الهيكل، بدأ المشرف بالشرح عن الهيكل وعن الحائط الغربي فتعرفنا على أقسامه وعلى جنباته كيف كان وكيف توالت عليه العصور كلها بمنظور ومجسم يهودي، شاهدنا باب الدخول إلى جبل الهيكل الباب الغربي الجنوبي والمسمى بقوس روبينسون، شاهدنا باب المغاربة وباب باركلي الموجود أسفل منه كما يزعمون. ثم شاهدنا مراحل الحفريات ( أنفاق السور الغربي ) عبر خط سير من الأضواء خطت على السور الغربي للمجسم، وواصل مشرفنا الشرح عن أقسام الهيكل وأقسام الحفريات داخل السور الغربي وصولاً إلى العمرية أحد مدارس الأقصى

[أحمد اسماعيل]

الحجر الغربي

نزلنا من المنصة إلى الأسفل بدرجات تجاوزت العشرة إلى أن وصلنا إلى وسط القاعة، ومنها اتجهنا شرقاً نحو السور الغربي إلى أن أصبحنا أمام سور المسجد تماماً وعندها شاهدنا أكبر حجر في الأقصى بل أكبر حجر في العالم، أمام هذا الحجر وقف المشرف يقول لنا ( أنتم تقفون الآن أمام الحجر الأعظم يطلق على هذا الحجر الظاهر أمامنا .. الحجر الغربي .. أو الحجر الضخم يشكل هذا الحجر أساساً للحائط الغربي للمسجد، وهو أكبر حجر في العالم حتى أنه أكبر من حجارة الأهرامات وهو عبارة عن كتلة صخرية ضخمة جداً يبلغ طوله الأقصى 13.6 متر (44.6 قدم) ، و 3 متر (9.8 قدم) ارتفاعاً ويقدر عرضه بـ 3.3 متر (10.8 قدم)، ويزن 517 طن إلى (570 طنا) )، تراودت الحضور دهشة غريبة مما سمعوا عن أطوال ووزن هذا الحجر العملاق وعن عظمة وإبداع البناء في ذلك الوقت.
أما عن كيفية جلب مثل هذه الحجارة العملاقة قال المشرف لو نظرنا إلى شكل هذه الحجارة نشاهد أنه حفر حولها إطار مربع الشكل وهذه الإطارات ليست حديثة الصنع أو الحفر ولكنها كانت تحفر على الحجارة لتسهيل عملية نقلها فتشكل بروزاً على الحجارة، ويتم إلصاق قطعتين نصف دائريتين حول الحجر من جهتيه فيصبح عبارة عن حجر متدحرج فيتم دحرجته حتى يصل إلى مكانه ومن ثم يتم رفعه ووضعه في مكانه المناسب )، لذلك كان الاعتماد في بناء السور على حجارة الأساس، فتكون في البداية الحجارة كبيرة جداً ومن ثم تبدأ بالصغر تدريجياً ويزعم اليهود متذرعين بوجود مثل هذا الحجر هنا أنه دليل على وجود المحجر في شمال جبل الهيكل حيث أنه يسهل جر الحجارة إلى هنا .
وعن تلك الفتحات المربعة المحفورة داخل الحجارة قال هذه الفتحات الموجودة في الحجارة هي بفعل المؤسسة الإسرائيلية حيث كانت تحفر لتثبيت المساند الخشبية أثناء عملية الحفر والتوسعة ولتسنيد الجدران والأسقف )

نزلنا عبر بضع درجات حتى أصبحنا أمام الحجر تماما وداخل ممر يمتد على طوله نظرت إلى اليمين وأنا واقف أمام الحجر فشاهدت في أقصى اليمين سلماً حديدياً يؤدي إلى مقصورة صغيرة حفرت بالصخر يوجد بها بعض المستأجرات للصلاة والبكاء يرتكزن على الجدار ويمثلن صلاة البكاء بتمايل الأوساط العلوية

[أحمد اسماعيل]

بوابة وارن

سرنا بمحاذاة الحجر شمالاً في ممر ليس ضيقاً كثيراً، والأسقف المدعمة بالأعمدة الخشبية من فوقنا وعندما وصلنا إلى أخر الممر بعد نهاية الحجر بقليل صعدنا بضع درجات قد حفرن في الصخر وعلى يميننا وفي نفس خط الحجر الكبير رأينا جدار كبير يبدو عليه أنه حديث العهد ويظهر منه بروز لحجارة وطوب وأسلاك وخليط بناء من الأسمنت وغيره ، سألنا عن سر هذا الجدار فقال المشرف (( نحن الآن بالقرب من باب المطهرة وسبيل قايتباي، في أحد الأيام بعد خروج المصلين من صلاة الفجر سمعوا أصوات ضجيج تنبع من أسفل تلك المنطقة فتم الكشف عن البئر ليجدوا أن حفريات المؤسسة الإسرائيلية قد جففت البئر وفتحت أحد جدرانه وتحاول ضمه للنفق ، فقام المصلون والشبان وأهل بيت المقدس بإغلاق البئر بالأسمنت والماء والحجارة والحديد والردم وبعدها قامت مؤسسة الاحتلال بتسوية هذا الجدار وإزالة البروزات وقامت بتهويده)) كان هذا الجدار كما تزعم سلطات الاحتلال هو بوابة وارين والتي اكتشفها الباحث الإنجليزيّ "تشارلز وارن" عام 1867م، وادعى أنّها بوّابة نفقٍ يمتدّ بمحاذاة الحائط الغربيّ للأقصى كان -بحسب نظريّته- يقود إلى درجٍ يؤدّي إلى البوابة الغربيّة للهيكل الثاني، يدعي اليهود أن صلاح الدين هو من قام بإغلاق هذه البوابة بعد أن كانت مفتوحة منذ زمن الهيكل، هذا ما كتب على لوحة زجاجية قد علقت على هذا الجدار عنونت بـ ( بوابة الدخول إلى جبل الهيكل )