العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > ابحاث علميه و دراسات

ابحاث علميه و دراسات Research , analysis, funding and data for the academic research and policy community , ابحاث , مواضيع للطلبة والطالبات،أبحاث عامة ،بحوث تربوية جاهزة ،مكتبة دراسية، مناهج تعليم متوسط ثانوي ابتدائي ، أبحاث طبية ،اختبارات، مواد دراسيه , عروض بوربوينت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 12-21-2009, 01:58 PM رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

شوكاوالا

أول حيوان سنستقبله اليوم هو سحلية، تنتمي إلى فصيلة الإغوانا، وهي تنتشر في المناطق الجنوب غربية من الولايات المتحدة، وفي أرياف المكسيك أيضا. لدى هذه السحلية اسما غريبا، فإما أن يطلق عليه اسم شوكاوالا، أو شوكوالا أو باختصار شديد شوك.

إذا تأملنا بشوكوالا، سنرى أن جسمها متمدد ورقيق نسبيا، يعتبر رأسها كبير بالنسبة لسحلية بهذا الحجم، كما يمكن أن تلاحظ جلدها الفضفاض هنا على جانبيها، كما وعلى جانبي عنقها. الميزة الأخرى لشوكوالا هو أن قوائمها قصيرة إلى حد كبير نسبيا، كما أن ذيلها، لا يفوق طول الجسم إلا قليلا، علما أن ذيل السحالي عادة ما يكون أطول من جسمها بكثير، أما هذه فلا يفوقه إلا قليلا، وإذا تأملنا به سنلاحظ أنه رقيق، وكأن أحدا ما داس عليه فجعله على هذا الحال. الجانب الآخر من شوكوالا هو أنك إذا لامست جلدها، ستلاحظ أنه مختلف جدا عن جلد وحراشف السحالي الأخرى، على اعتبار أن غالبية السحالي تتمتع بحراشف مسطحة فوق جسمها، أما هذه فلديها حراشف من حبيبات دائرية، وإذا مررت إصبعك فوق جلدها ستشعر كأنك تمررها فوق ورقة زجاج قاسية وحادة. وإذا بألوانها سنلاحظ بأن فيها ما يشبه الخطوط الدائرية كالخواتم المتتالية بين مائل إلى السواد وآخر يميل إلى الصفار، على طول جسمها. هناك عدة عوامل تلعب دورها في تحديد ألوان الشوكوالا. السن هو أحدها، فعندما تكون صغيرة بعد تبرز ألوانها بوضوح تام لتمتد على طول الذيل والجسم، وعندما تتقدم بالسن تتلاشى الألوان تدريجيا. العامل المؤثر الآخر على ألوان جسمها له صلة بنشاطها، فإذا كانت هادئة أو نائمة مثلا، تهبط درجة حرارتها، لتميل إلى اللون البني الداكن. وحين تزداد نشاطا وترتفع حرارتها عندما تقوم ببعض التمارين كرفع الأثقال والعدو وغيرها أي أنها حين تعمل بنشاط، يميل لون البشرة إلى الصفار، أي أن هذا العامل يؤثر على ألوانها. وهناك عامل هام آخر يؤثر على ألوان جسمها، فعادة ما يميل الذكر إلى اللون الداكن، بينما تميل الأنثى إلى اللون الفاتح. وإذا كانت تسكن في منطقة تميل ألوان الصخور فيها إلى السواد أو الألوان الداكنة مثلا، تميل ألوانها إلى الألوان الداكنة أيضا، أما إذا كانت ألوان الصخور في المنطقة التي تسكن فيها فاتحة، فإن ألوان السحلية تكون فاتحة أيضا. أي أن هناك عوامل مختلفة تحدد ألوان هذه السحلية، التي عادة ما لا تكون كبيرة لأن طولها يتراوح بين ستة عشر وثمانية عشر إنشا، وقلما يتعدى طولها الإنشان في أقصى الأحوال حتى أنها حينها تعتبر شوكوالا عملاقة.
يعرف عن الشكوالا أنها تنشط خلال النهار، وهي تتواجد في المناطق الصحراوية الصخرية القاسية، أما في الليل فهي تمضي الوقت في الجحور وتحت الأرض وبين تشققات الصخور، وهي تمضي الليل هناك للنوم، وعند بزوغ الفجر صباحا، تستيقظ باكرا وتخرج من الجحور وتشققات الصخور، لتجلس فوق صخرة معرضة للشمس، وذلك طلبا للدفء، لهذا تمضي هناك حوالي ساعتين، حتى تسخن وتسخن بما يكفي، وبعد ذلك، تخرج بحثا عن الطعام والغذاء، فتأكل ما يتيسر لها من الفاكهة والخضار والنباتات، وهي تأكل منها على وجه الخصوص أوراق الشجر والأزهار. وهي تتواجد بين أعشاب محلية تعرف باسم كرياسوت، تعتبر المصدر الرئيسي لغذائها لهذا فهي هامة بالنسبة لها.
تمضي سحلية الشكوالا الكثير من الوقت، مستلقية على الصخور تستحم بأشعة الشمس، وهذا هو السواد الأعظم من حياتها، وهي تقوم بذلك صباح كل يوم وفي وقت متأخر من بعد الظهر، وذلك للحصول على قد عال من الدفء.
ماذا تفعل الشوكوالا برأيك للتخلص من أعدائها؟ هل تعتقد أنها تلجأ إلى الاختباء؟ كلا، فهي تمضي وقتا طويلا جالسة على الصخور، ولا أظنها تختبئ هناك إذ يمكن رؤيتها عبر مسافة بعيدة، أي أن هذه ليست طريقة في التخلص من أعدائها. هل تظنها ستقاتل إذا؟ يمكن أن نؤكد بأن هذه ثاني أكبر سحلية في المنطقة التي تنتشر فيها، والسحلية الوحيدة التي تفوقها حجما هناك تعرف بوحش هيلا، وهو عادة لا يتردد في مقاتلة أعداءه، علما أنه يتسلح بالسم، ما يجعله ثاني سحلية في العالم تتسلح بالسم. ولكن هذه السحالي تختلف عن الأفاعي، إذ ليس لها أنياب، ولكنها تتسلح بكثير من السم. وهي تستخدمه بعض الحيوان وجرحه ليتدفق السم بعدها من الفم، قد يبدو كاللعاب ولكنه سم بالطبع، تدخله في الجراح. لا شك أنها ليست أفضل طريقة لسم الحيوان ولكنها عضة مؤلمة، يمكن أن تكون خطيرة جدا. هذه هي الطريقة التي يدافع بها وحش هيلا عن نفسه، ولكن المسكين شوكوالا لا يتسلح بالسم الذي يمكنه من القتال. يمكن أن تلاحظ بأنه سحلية صغيرة على خلاف تلك السحالي التي تتمتع بفكين هائلين ومخالب حادة وذيل طويل يستعمله كالسوط، تلك سحال مقاتلة، وهذه السحلية ليست منها.
بما أنها لا تقاتل ولا تختبئ، فهل تعتقد أنها تفر هاربة من أعدائها؟ كلا فلديها قوائم صغيرة جدا، وهي لا تساعدها على الفرار. غالبية الحيوانات السريعة في العدو، تتمتع بقوائم طويلة كالغزلان الفهود، إنها سريعة جدا بلا شك، أما هذه السحلية فلا تصلح للعدو وإذا حاولت ذلك ستخسر بلا شك. ولكن ما يستطيع القيام به فعلا هو التسلل بين الصخور بسرعة كبيرة، أما سبب هذه البراعة فهو أن في نهاية أصابعه الخطوط التي تقوم بدور الحذاء الرياضي بالنسبة لنا، حين تساعد المرء في كرة السلة على التأقلم مع الأرض، أو خطوط عجلات السيارة التي تتمسك بالشارع، أي أن هذه الخطوط في أصابعه تساعده على التمسك بالصخور بحيث تمكنه من العدو بين الصخور بسرعة. أما إذا تحدثنا عن العدو لمسافات بعيدة، فلا يمكنه أن ينجو بنفسه.
ولكن كيف يمكنه التخلص من أعدائه إذا؟ ماذا يمكنه أن يفعل؟ لنفترض أنه يجلس فوق صخرة ما في الصباح، يحاول الحصول على بعض الدفء ويجهز نفسه للخروج بعيدا بحثا عن غذائه الصباحي، وفجأة يجد أمامه مجموعة ثعالب تحيط به، فلا يجد أمامه إلا أن يقفز ويلجأ إلى جحر في الصخر يأوي إليه، وحين يجد نفسه في ذلك التشقق الصخري، يأخذ نفسا عميقا ثم ينفخ نفسه بكل ما لديه، تماما كما ينفخ المرء بالونا، هل تذكر الجلد الإضافي الذي رأيناه حول جانبي جسمه، وذلك الجلد الإضافي حول عنقه؟ ليست هناك بلا جدوى، بل هي منفوخة تماما بالهواء، وهكذا يصبح كبيرا وضخما فيعلق في التشقق الصخري. والحقيقة أن وجوده هناك على هذا النحو يمنع الثعالب من إخراجه، يمكن أن يأتي أحدهم وهو يعتقد أنه سيلتهمه أولا، فيبدأ في حفر الصخر، ولكنه يحفر في الصخر، ولا يمكن للمخالب أن تحفر بالصخر، ما يجبر الثعلب على الاستسلام، فيأتي الثعلب الآخر ويقول سأنال منها بأظافري، ولكنه لا يستطيع، لأن الشوكو عالق في التشقق الصخري. فيأتي الثعلب الثالث ويرى أنه صغير الحجم لهذا سيحاول أن يدخل فمه في الجحر حتى أنال من الشوكوالا حتى أخرجه من هناك. وهكذا يدخل الثعلب فمه في التشقق الصخري، حتى يمسك بالشوكوالا فيحاول أن يسحبه، ولكن دون جدوى، فلا يستطيع إخراجه من هناك، وهل تعرف لماذا؟ لأنه عالق بشدة هناك، وهل تتذكر تلك الحبيبات الخشنة التي هي حراشف جلده، إنها تتمسك في الصخر بأشد ما بوسعها، وهي هنا تقوم بدور العوائق المانعة والمثبتة، أي أنه يلتصق هناك وكأن في جسمه مادة الصمغ.
وهكذا تفشل الثعالب بإخراجه من هناك، فالطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي استخدام الديناميت، وحتى إذا استعملوا الديناميت لن يبقى من الشكوالا ما يمكن أكله بعدها.
وهكذا تقرر الثعالب الرحيل فيخرج الشوكوالا من جحره وينفض الغبار عن نفسه ويعود إلى حمام شمسه الصباحي المفضل، فيستلقي على الصخرة نفسها حتى يسخن تماما، لا يفكر إلا بالزهور والنباتات التي سيأكلها عندما يحصل على الدفء.
أعتقد أنكم توافقوني بأن الشوكوالا يتمتع بطريقة غريبة للتخلص من أعدائه، لا نعتاد رؤيتها في عالم السحالي.
=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن إلى ثعبان جميل، يعيش في أدغال أمريكا الجنوبية، وهي تسمى بوا شجر الزمرد، يمكن أن تعرف من اسمها أنها تسكن في أعالي الشجر، وإذا تملت به جيدا ستلاحظ لونه الجميل جدا، فهو مغطى باللون الأخضر كليا، إلى جانب بعض البقع البيضاء والزرقاء، إنها من الأفاعي الجميلة جدا. لا شك أن هذه البقع تشكل جزءا من ألوانه الوقائية. قد يقول البعض أن هذا مستحيل لأنه من السهل رؤيته عبر خمسة أميال، ولا شك في ذلك إن كان يجلس على قارعة الطريق أو ما شابه ذلك، ولكن هذه الأفعى تسكن فوق الشجر، وهي تجلس فوق غصن ما كما تجلس الآن على هذه القطعة الخشبية، وعندما تجلس هناك عادة ما تكون محاطة بأوراق الشجر الخضراء والأغصان الكثيفة في أمريكا الجنوبية، ما يسهل عليها الاختباء في تلك الأشجار، وعندما تنجب صغارها نذكر هنا أن صغار البوا تولد أحياء فهي لا تضع البيض، تولد بلون آخر، ليس أخضرا بل نوع من اللون البرتقالي الذي يميل إلى البني الفاتح، وعندما تولد تحت الأرض بالطبع تحتاج لأن تتأقلم مع لون التراب ولحى الشجر والجذور، أي مختلف الألوان التي على الأرض، لهذا فإن اللون البني الفاتح يناسبها تملاما.
وعندما تكبر تبدأ بتسلق الأشجار ويصبح لونها أخضرا كحية ناضجة، وهكذا تصبح مثل هذا الثعبان تماما. أي أن لهذه الأفعى ألوان واقية جيدة، ولكنها تختلف مع اختلاف مراحل حياتها. تجلس بوا شجر الزمرد على هذا النحو فوق الأغصان، حيث تبقى ساكنة هكذا لمدة ساعات طويلة، أما السبب في قدرتها على ذلك فهو تمتعها بذيل إمساكي، أي أنه كذيول القرود يمكن أن تمسك به وتتأرجح به بين الأشجار، فهو شبيه بقدرات يد الإنسان، فهو يستطيع أن يمسك الأشياء بذيله كما يمسك الإنسان الأشياء بيده.
لا شك أن هذا يساعده على الجلوس باستقرار تام، كما يعينه على الاختباء من أعدائه، وخصوصا الطيور منهم كالنسور والصقور التي تحلق في السماء بحثا عن أفعى يأكلونها، بينما يجلس هو ساكنا، تذكر بأن لونه ينسجم جدا مع لون أوراق الشجر، كما أن السكون يلغي الحركة التي تلفت انتباه تلك الطيور، ما يعني أنه بارع في الاختباء، وهذا يضمن له التخفي من الحيوانات التي تحب الثعابين أكلها، أي أنها لا تحاول الاختباء منه فهي لا تراه هناك.
نعرف الكثير من ثعابين البوا التي تعيش على الأرض، وهي تنمو لتصبح كبيرة جدا، وأحيانا ما تصل إلى سبعة عشر قدم، وهي تتغذى على حيوانات كالجرذ والفئران، كما يمكن أن تأكل الماعز والخرفان. هل تعتقد أن هذه الأفعى يمكن أن تأكل حيوانات كهذه؟ هل سبق ورأيت خروفا يتسلق شجرة؟ وماذا عن الماعز؟ لا أعتقد بالطبع، وماذا عن الفئران والجرذ؟ طبعا قلما نرها على الشجر، لأنها تفضل الحفر والعيش تحت الأرض.
تعيش هذه الأفعى فوق الأشجار، فعلى أي حيوانات يمكن أن تتغذى هناك؟ الطيور، على اختلافها العصافير منها الصغيرة والكبيرة، هذه هي أطعمة بوا الشجر الخضراء. هل حاولت أن تمسك بعصفور ما؟ لا شك أنك فشلت إذا حاولت ذلك. أما سبب فشلك فهو أن للطيور نظرة ثاقبة وسمح حاد، وروح ساخرة جدا، فما أن يعرف الطير بأنك تحاول الإمساك به، هل يحلق فورا؟ كلا، بل ينتظر أن تقترب منه، وتحاول الإمساك به، وحينها يحلق بعيدا، وهو يفعل ذلك ليسخر منك حين تفشل في القبض عليه. أي أنه من الصعب جدا الإمساك بالطيور، ولكن لنفترض أنك وفقت في العثور على عصفور عجوز ضعيف الرؤية وخفيف السمع، فليس له إلا عين واحدة، بالكاد يرى بها، فتمكنت من الإمساك به وأصبح في يدك، أتعرف ماذا سيحدث؟ سيحلق بعيدا. لأن ما أمسكت به هو بعض الريش، الذي بقي في يديك بينما حلق الطير بعيدا، أي أنك لم تمسك بالعصفور بل بالريش. هل هذا ما يحدث مع بوا الزمرد الشجري؟ هل ستكون هذه مشكلته؟ على الإطلاق، لأنه معتاد جدا على اصطياد العصافير فوق أغصان الشجر.
إليك ما يفعله: نعرف أنه يتمتع بأسنان حادة وكبيرة في مقدمة فمه، إنها كبيرة وحادة لدرجة أنها تشبه الأنياب، ولكنها ليست أنياب بل أسنان ليست مجوفة ولا تحتوي على السم، وهي أسنان صممت لغوص عبر الريش إلى داخل جسم الطير، وعندما يمسك بالعصفور يعني أنه أمسك بجسمه وليس بريشه فقط. أي أنه حين يرى عصفورا يقترب على غصن ما إل جانبه ينقض عليه مباشرة حتى يمسك به ويلف جسمه حوله حتى يعصره ليعجز عن التنفس فيأكله لأن جميع أفاعي البوا من العاصرات.
من المحتمل ان يتساءل البعض وكيف تمكن من ذلك دون أن يقع عن تلك الشجرة؟ لأنه يتمتع بذيل إمساكي، أي أنه من المحتمل أن يكون قد أمسك بالطير وهو مقلوب رأسا على عقب، والعصفور ما زال في فمه حتى يحكم القبض عليه وذيله ممسك بالشجرة، ليقوم بعد ذلك مباشرة بابتلاع الطير كاملا، أي أنه متأقلم جدا مع ظروف اصطياد وقتل وابتلاع هذه الطيور.
هل تعتقد أن الثعابين التي تعيش على الأرض تستطيع القيام بذلك أيضا؟ لنقل أولا أنها تواجه المشاكل في الصعود إلى أعالي الشجر في بادئ الأمر لأنها كبيرة وسمينة، فما أن تتمكن من التسلق للوصول إلى الأغصان الرفيعة حتى تتحطم بها وتسقط على الأرض أشلاء .
أي أنه لا يستطيع تسلق الأشجار، ولكن ماذا إذا تمكنت إحدى الأفاعي من تسلق شجرة إلى أعلى قمتها؟ سيبذل جهدا كبيرا في المحافظة على التوازن، وما أن يسعى ليمسك بالطير ماذا سيحدث؟ سيسقط عن الغصن، لأنه لا يتمتع بذيل إمساكي. وماذا إن وفق في القبض على طير في فمه؟ سيحلق الطير بعيدا، لأنه لا يتمتع بالأسنان المميزة التي تعبر الريش حتى تصل إلى جسم الطير. أي أن البوا الكبيرة معتادة على العيش تحت الأرض، لتأكل حيوانات مثل الفئران والجرذ والغراف والماعز وما شابه ذلك. أما بوا الشجر فهي معتادة على العيش فوق الأغصان العالية، حيث تمسك الطيور وتأكلها. وهكذا فإن فصيلة البوا متنوعة جدا، فيها من الأفاعي المتخصصة في العيش ضمن ظروفها.
=-=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على واحدة من أصغر وأكثر ثعابين فصيلة بيت فايبر فتكا. وهي تسمى بذات الحراشف المنشارية، وهي تنتشر في الصحاري الممتدة من المغرب إلى حدود غانا الأفريقية، كما تنتشر أيضا في المناطق الصحراوية من الهند وسيلان، كما وفي بعض المناطق الصحراوية من جنوب آسيا. لا شك أنها ليست من الثعابين الكبيرة، فعادة ما يتراوح طولها بين ستة عشر واثنين وعشرين انشا، أي أنه أصغر حية في فصيلة فايبر، ولكنها فايبر حقيقية، يمكن أن نرى ذلك من شكل رأسها القوسي، كما أنها تنجب صغارها أحياء، ولديها أنياب تنطوي في سقف فمها، كما تتسلح بسم قوي فتاك. ويقال أنه سام جدا بالنسبة للبشر. وهكذا نرى بأن منشارية الحراشف تعيش في المناطق الصحراوية الجافة، ولكنها تتأقلم جدا، يمكن أن تعيش في المناطق الصحراوية الصخرية، أو في المناطق الصحراوية الرملية، يمكن العثور عليها في الغابات الجافة، أو في الجبال الجرداء، على ارتفاع يصل إلى ستة آلاف قدم. أي أنها تتأقلم جدا مع الظروف.
كما تستطيع هذه الأفعى التأقلم مع أساليب حياة متنوعة، فإذا كانت تعيش في منطقة ترتفع الحرارة فيها جدا، يصبح نشاطها ليليا أي أنها تخرج في الليل. أما إذا كانت تعيش ضمن مناخ بارد، يصبح نشاطها نهاريا فتخرج خلال النهار، أي أنها تنسجم مع الظرف.
تعشق هذه الأفعى المناخ الدافئ جدا، وهي تستريح لدرجات الحرارة التي تتراوح بين ثمانين وتسعين درجة، وحتى المناخ التي تعتبره غالبية الثعابين حار بالنسبة لها.
في فصل الشتاء تمضي هذه الثعابين غالبية وقتها بين الأعشاب، أما السبب في ذلك فهو أنها تكره التعرض للبلل، أي أنها لا تحب الخوض في برك المياه، أي أنها قادرة جدا على التأقلم. تعيش هذه الثعابين على أكل الفئران والعصافير الصغيرة، كما أنها تأكل الحشرات أيضا، أي أنها تهاود في وجباتها الغذائية أيضا.
ما هي طريقة ذات الحراشف المنشارية في التخلص من أعدائها؟ أول ما تفعله هو الاختباء، فهي تمضي غالبية وقتها مختبئة تحت الرمال، وعادة ما يكثر تواجدها في المناطق التي تحدثنا عنها، ولكن بما أنها تمضي الكثير من الوقت تحت الرمال لا يكتشف الكثير من أعدائها أنها هناك. ولكن إذا ما شاهدها أحد أو ما تفعله هو محاولة الفرار، أما إن لم تفلح في ذلك فهي تلجأ مباشرة إلى مواقعها القتالية والدفاعية. ماذا تفعل في تلك المواقع؟ عادة ما تحاول إخافة عدوها، ثم تقاتله، بلا تردد، وهي تبدأ ذلك باتخاذ شكل رقم ثمانية، عندما تفعل ذلك تنشر حراشفها جيئة وذهابا، ومن هنا جاء اسم الحراشف المنشارية، لأنها تنشر الحراشف جيئة وذهاب، ما يثير صوتا عاليا أشبه بشي اللحوم، أو قلي اللحوم بالمقلاة، وهو أداء عادة ما يخيف أعداءها، كما تلجأ للاستقامة التامة لتوحي بأن حجمها كبير جدا، ثم تهاجم بعنف كل ما هو متحرك، قد تبدو أفعى صغيرة ولكنها تتمتع بمسافة قتالية طويلة.
إذا لسعت شخصا ما، يمكن اعتبارها لسعة خطيرة، لأن لسعات أفاعي الحراشف المنشارية عادة ما تكون فتاكة، وفي المناطق التي تكثر فيها يتعرض الكثير من البشر للسعاتها، و الكثير من الوفيات. لأن ما يحدث عندما يتعرض المرء للسعاتها هو أنه ينزف حتى الموت. وحالة النزيف هذه عادة ما تكون داخلية وخارجية في الوقت نفسه، أي أن النزيف يشمل جميع أنحاء الجسم، ولا يوجد سبيل لوقف حالة النزيف. الغريب في الأمر هو أن هذا لا يحدث على الفور، فعادة ما يتعرض الشخص للنزيف بعد ما يتراوح بين الإثني عشر والستة عشر يوما من تعرضه للسعاتها. ولم يعرف الناس لفترة طويلة بأن هذه الأفعى قاتلة، حتى أن الناس في البداية لم تكن تتوقع بأنها من الثعابين السامة على الإطلاق. أمات السبب في ذلك فهو أن المصاب لا يتعرض لمكروه في بداية الأمر، ولكنه بعد أسبوعين من الحادثة، يتعرض لحالة نزيف شاملة، ليموت بعدها دون أن يتذكر أحد أنه تعرض للسعات الثعبان قبيل أسبوعين من موته. أي أن أحدا في بادئ الأمر لم ينبه إلى خطورة الأفعى، أما في الواقع فإن هذه واحدة أكثر الثعابين خطورة.
يمكن أن نعتبر أن هذه حية صغيرة جدا، ولكن لسعتها كبيرة جدا.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2009, 01:59 PM رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

صِلّ الليل

أولى الثعابين التي سنتعرف عليها اليوم هي عضو غير اعتيادي من فصيلة فايبر، وهي تسمى صِلّ الليل، وهي تنتشر إلى الجنوب من الصحراء الكبرى في أفريقيا، وهي تختلف جدا عن غالبية ثعابين الفايبر وأفاعي هذه الفصيلة. فإذا تأملت بها ستلاحظ أنها صغيرة الحجم علما أنها تكبر أكثر من ذلك بقليل، ولكن طولها لن يزيد أبدا عن القدمين، أي أنها قصيرة الطول وتتمتع بجسم نحيل جدا، بالإضافة إلى أن ذيلها دقيق ونحيل أيضا، ما يجعلها تختلف عن باقي ثعابين الفايبر، على اعتبار أن غالبية أفاعي الفصيلة تتميز بأجسام قصيرة وبدينة، بالإضافة إلى ذيول قصيرة وسمينة، ما يعل صلة الليل على العكس تماما. إذا تابعنا التأمل بهذه الأفعى سوف نرى أن هناك تمايز آخر بين ثعابين الفايبر وصلة الليل. نذكر أولا أن أن لغالبية ثعابين الفايبر رؤوس كبيرة وبدينة، ثم تنحني لتسفر عن عنق ضيق ورفيع جدا، أما إذا تأملنا بهذا الثعبان سنلاحظ أن شكل رأسه شبه بيضاوي، وهو أكبر من الرأس ولكن ليس بكثير، أي أن التغير ليس ملحوظا حين تنتقل من الرأس إلى العنق. أضف إلى ذلك أن لثعابين الفايبر بؤبؤ عمودي كعيون القطط، ما يساعدها على الرؤية في الليل على اعتبار أن غالبيتها تنشط في الليل.

صلة الليل كما يوحي اسمها تنط في الليل أيضا، فلولا ذلك لما سميت صلة الليل، كما أن عيناها عاديتان، وهنا يكمن الاختلاف. هناك مسألة غريبة فعلا، وربما كان الفارق الأكبر بين صلة الليل وباقي ثعابين الفايبر هو التالي: تميز فصيلة الفايبر بأن صغارها يولدوا أحياء، أما صلة الليل، فهي تضع البيض، وهذا فرق كبير يميز ثعابين الفصيلة نفسها. وضع صلة الليل للبيض بدل الإنجاب يوحي بأنها من ثعابين الفايبر البدائية، لإن وضع البيض هو حالة بدائية بالمقارنة مع إنجاب الصغار أحياء، ما يعني أنها قد تكون أول عضو تطور في فصيلة فايبر.
هناك فوارق أخرى تميز صلة الليل عن باقي ثعابين الفايبر، من بينها أن هذه الأفعى تأكل أطباق متنوعة جدا، خصوصا وأنها تتغذى على جميع أنواع الضفادع، وهي حيوانات دم بارد، علما أن غالبية الثعابين تفضل حيوانات الدم الساخن، كالعصافير والجرذ والفئران وما شابه ذلك. يكمن الآخر بالسم والأنياب، لنوضح هنا أن جميع ثعابين هذه الفصيلة بما في ذلك صلة الليل تتسلح بالسم والأنياب، ولكن لدى غالبيتها أنياب طويلة، حتى أن لحية الغابون أنياب طولها إنشان، أما هذه الأفعى فلها أنياب قصيرة، أضف إلى ذلك أن السم لدى أبناء فصيلتها يتميز بأنه قوي جدا، أما صلة الليل فسمها خفيف وضعيف جدا، حتى أن قوته لا تكفي للفتك بشخص عادي. هذه هي مجموعة الفوارق بين ثعابين الفايبر وأفعى صلة الليل التي معنا اليوم هنا، والتي تتميز أيضا بحجم الغدد السامة الكبيرة جدا لديها، علما أن هذه الغدد هي المسؤولة عن إنتاج السم، وهي غالبا ما تكون في مؤخرة الرأس أو في الأجزاء المحيطة بالفكين، أما هذه الأفعى ورغم حجمها الصغير جدا، تتمتع بغدد هائلة، وحين يبلغ طولها قدمين، تتمدد العدد عبر عنقها نحو الخلف لثلاثة أو أربعة إنشات، ما يجعلها كبيرة جدا بالمقارنة مع حجمها ككل. يعني ذلك أنها تسلح بكمية كبيرة من السم، ولكن الحقيقة هي أنها لا تستخدم الكثير من هذا السم، حتى أنها حين تحاول الفتك بضفدعة كي تأكلها، لا تجد حاجة لحقنها بالسم بل تمسك بها حتى تشعر بالتعب وتستسلم، وحين تنهكها تبتلعها وهي على قيد الحياة.
لا شك أن سمها كفيل بقتل الضفادع حتى أنه يستهدف حيوانات الدم البارد على ما يبدو، ومع ذلك لا تلجأ لاستخدام السم على الدوام. سبق أن أوضحنا بأن هذه الأفاعي تسكن في القارة الأفريقية إلى الجنوب من الصحراء الكبرى، ولكنها تحب العيش في المروج والسهول حيث تكثر الأعشاب، كما تتواجد أيضا على ضفاف الأنهر وكأنها تفضل المناطق الرطبة. كما يمكن القول أن هذه الأفاعي تبقى على الأرض أي أنك لن تجدها فوق أغصان الشجر، كما أنها تفضل أن تحاط منطقتها بالكثير من الخضار، أي أنها تمضي الكثير من الوقت هناك.
والآن كيف لهذا الثعبان أن يتخلص من أعدائه؟ لا شك أن العثور عليه ليس أمرا سهلا خصوصا وأنه يتحرك في الليل ومن الصعب أن نراه في الظلام، أما في النهار فهو يبقى تحت كميات من الأعشاب لهذا لا يمكن أن تراه كثيرا هناك أيضا، أما إذا حاصره العدو يوما ولم يتمكن من الهرب، حينها فقط يتبع سلوك فصيلة الفايبر، فيستقم جسمه في الهواء، ويبسط عنقه بالكامل ما يمنحه ملامح شريرة، ثم ينفخ جسمه بالهواء، كما تفعل ثعابين فايبر، ثم ينفث وينفخ، كما تفعل ثعابين الغابون، ثم يهاجم مرة بعذ أخرى بعد أخرى، ليؤكد بذلك انتمائه إلى فصيلة الفايبر.
عندما يلسع شخصا ما، لا يسبب الكثير من الأذى، بل يحيط الجرح بعضا من الاحمرار، كما يشعر ببعض الألم، ولكن لسعتها لن تكون مميتة. حتى أن الأطباء لن يعطوه جرعة مضادة للسم على اعتبار أنه مهما ازدادت كمية هذه الجرعة لا يمكن أن تميته ضمن الظروف العادية. أي أن هذا الثعبان هو نموذج عما يختلف تماما عن باقي الأفاعي ضمن عائلة فايبر. كما تتمتع بأضعف سم ، وبأقصر أنياب، كما أنها إحدى أصغر ثعابين هذه الفصيلة. أي أنك إذا أردت التعرض للسعات ثعبان من الفايبر، عليك بهذه، لن تجد المتعة في ذلك ولكنها أسهل بكثير من أفعى الغابون أو منشارية الحراشف أو ما شابه ذلك، فهي ثعابين قاتلة، أما هذه فقد تسبب لك جروحا طفيفة، ولكنها لن تفتك بأحد.
=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على ثعبان يأتي اسمه مما يحب أن يأكله، فهو يسمى بآكل البيض، وهو ليس من الحجم الكبير علما أنه ما زال يافعا بعد، ولكن طوله قد يتراوح بين قدمين وثلاثة أقدام في بعض الأحيان، ولكن حتى الكبير منها يبقى نحيل جدا، عادة ما تكثر هذه الثعابين في القارة الأفريقية وهناك مجموعة منها تنتشر في الهند. أين تعتقد أن آكل الثعابين يمكن أن يقيم؟ لا شك أنه سيسكن في أماكن يجد فيها الكثير من البيض. من أين يأتي البيض؟ من الطيور عادة، ما يعني أنه يسكن فوق أغصان الشجر إذا. هذا صحيح لا شك أنه يمضي الكثير من الوقت يتسلق الأشجار ويبحث عن عش الطيور المليء بالبيض. ولكن هل تعتقد أنه يتجول عشوائيا فوق الأشجار بحثا عن أعشاش الطيور؟ أم أنه يفعل ما هو أكثر من تمني العثور عليها؟ لا شك أنه يستخدم لسناه، يمكن أن ترى بأنه يخرج لسانه على الدوام، وذلك في محاولة للبحث عن البيض، أي أنه يستخدم اللسان كوسيلة للعثور على البيض. يمضي هذا الثعبان الكثير من الوقت في تسلق الأشجار، هل يعني ذلك أنه في مأمن من أعدائه؟ نعلم بأن حيوانات كثيرة تتسلق الأشجار للهرب من أعدائها، هل تعتقد أن هذا ينطبق عليه خصوصا وأنه يسافر كثيرا فهل هو دائما في أمان؟ على الإطلاق، لدى هذا الثعبان أعداء كثر فوق الأشجار، ولا شك أن الطيور هي بعض منهم، أي أنه يأكل بيض الطيور والكيور تأكله. وخصوصا الطيور الجارحة كالصقور والنسور فهي تأكل الثعابين على الدوام وهي تعتقد أن طعمها لذيذ جدا. من أعدائه فوق الأشجار أيضا الأفاعي، كما هو حال الصنوبرية وغيرها من تلك التي تقتنص الفرص كي تأكل هذه الأفعى. هناك عدو آخر عادة ما يهاجمه وهو على الأرض، هذا العدو هو الإنسان، الذي ما أن يراه حتى يطارده ليحطم رأسه. ولكن الإنسان حين يفعل ذلك لا يفكر بقتل ثعبان آكل البيض، بل يسعى بذلك لقتل صلة الليل، أي أنه يعتقد بأن هذا الثعبان هو صلة الليل، خاصة وأنهما متشابهان جدا، كما أن سلوكهما متشابه للغاية، أي أن تصرفاتهما شبيهة جدا ببعضها البعض. يسفر ذلك عن قتل الناس لهما دون تمييز، وليس في هذا أي غرابة، يمكن أن ترى بأن الناس في غالبية الأحيان، حين يرون ملكة الأفاعي في الولايات المتحدة، يعتقدون أنها الأفعى المرجانية، فيفرون هاربين، أما في أفريقيا، فعندما يرون هذا الثعبان يظنونه صلة الليل، فيطلبون رأسه. يوحي ذلك بأن المبدأ السائد بين الثعابين يقول أنك إذا أردت التشبه بثعبان ما، فليكن سيئا وشريرا، ولا تبدو كثعبان لديه سم ضعيف كصلة الليل، التي لم يخلص تقليده هذه الأفعى من المطاردة والقتل، أي أن خطة التقليد التي يتبعها، باءت بالفشل.
آكل البيض هذا لا يأكل البيض فقط بل يضع البيض أيضا، ولكنه لا يضعه على طريقة الثعابين الأخرى، التي تضع كل بيضها في كومة واحدة، كما تفعل الطيور عندما تضع بيضها كلة في عش واحد، أما هذه الأفعى فحالها مختلف، إذ أنها تضع بيضة هنا، ثم تنتقل إلى مكان آخر لتضع فيه بيضة أخرى وثالثة في مكان ثلاث وهكذا حتى تضع دزينة من البيض في أماكن مختلفة، أما السبب في ذلك فهو رغبتها في حماية البيض، على اعتبار أن الحيوانات قد تعثر على واحدة أو اثنتان أو ثلاثة، ولكنها لن تجد الدزينة كاملة، أي أنها طريقة مناسبة لحماية بيضها. لا شك أن هذه الأفعى تعيش على البيض وهي ليست الوحيدة التي تأكل البيض، فالكثير من الأفاعي تعيش عليه، وهي تبتلع البيضة كاملة، وبعد أن ترقد البيضة في أمعائها لبضعة أيام حتى تتلف قشرتها، فتتمكن الأفعى من هضم البيضة، أما الأفعى الصنوبرية، فقد أحرزت بعض التقدم حين ابتلعت البيضة بكاملها، حتى تتخطى الحنجرة، حيث توقفها، وتسندها على الأرض، ثم تضغط بكل عضلاتها حتى تحطم قشرتها. عندها تبتلع البيضة والقشرة المحطمة لتبدأ عملية الهضم على الفور.
أما أفعى البيض فقد أحرزت تقدما يتعدى باقي الثعابين في هذا المجال، فهي تسعى أولا للعثور على البيضة، تذكر أنها تستعمل اللسان لاستكشافها، وعندما تعثر عليها تستعمل اللسان أيضا لتفحصها من جميع الجهات، وذلك للتأكد مما إذا كانت البيضة بحالة جيدة أو سيئة، لأنها لا تقبل بالأخيرة بل تأكل البيض االجيد فقط، حين تتأكد من جودتها تمسك البيضة في فمها وتسندها على انحناء من جسمها، ثم تضغط فمها فوق البيضة. عادة ما تأكل هذه الثعابين بيضا أكبر منها وهي تستغرق عشرون دقيقة لإدخال البيضة في فمها، أي أن العملية بطيئة جدا، عندما تدخل البيضة في فمها يصبح الجلد المحيط بفمها أرق من قطعة ورق ناعمة، وعندما تصل إلى حلقها تصبح في منطقة ضيقة جدا، حيث يوجد قطعة عظمية حادة، تتدلى من أعلى الحلق، عند وصول البيضة إلى هناك تحكم عنقها بطريقة تمكنها من نشر البيضة بالقطعة العظمية الحادة جيئة وذهاب، حتى تشقها، في هذه الأثناء تكون البيضة التي في حلقها قد دفعت باتجاه الأمعاء، ولا يمكنها العودة إلى الفم لوجود حلقة ضيقة تحول دون ذلك، وهكذا تستمر بمحاولتها حتى تحطم البيضة بكاملها فيتابع محتوى البيضة إلى الأمعاء، بينما تبقى القشرة هناك، لتقوم بعد ذلك بالتخلص من القشرة وبصقها نهائيا. نرى بذلك أن آكلة البيض قد ابتدعت فنا جديدا لأكل البيض.
أي أن هذا ثعبان متأقلم جدا، مع ظروف الحياة التي يعيش فيها.
=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن أحد أبناء فصيلة الوَرَل. يسمى هذا الورل بخوخي الحلق، وهو ينتمي بالطبع إلى فصيلة الورل، التي تضم أكبر أنواع السحالي في العالم أجمع، ومنها دراغون كومودو، الذي يصل طوله إلى اثني عشر قدم ويبلغ وزنها ثلاثمائة رطل. لا شك أن خوخي الحلق لا يصل إلى هذا الحجم تقريبا، إذ أن طوله لا يتعدى أربعة أقدام، كما أن وزنها أقل بكثير من ثلاثمائة رطل. يسكن هذا الورل على شواطئ غينيا الجديدة، وهو من البارعين جدا في السباحة لأنه من السحالي المائية كما أنه متسلق ماهر، يمضي الكثير من وقته فوق الأشجار، كثيرا ما يتواجد في المستنقعات والبحيرات وغابات المطر الاستوائية. يقوم تضع أنثى هذا الورل كجميع أبناء جلدتها البيض، وهي عادة ما تضع البيض في تشققات الشجر المتعفنة. قد يستغرب البعض ذلك ويتساءل لماذا تضع هذه السحالي بيضها في أماكن متعفنة؟ وسأجيب فورا على ذلك، ولكن لنسأل أولا، ماذا تفعل الطيور عندما تضع البيض؟ ترقد عليها. وهل تفعل ذلك لأنها تشعر بالراحة؟ كلا، طبعا لا، بل تجلس عليها لأنها تمنح حرارة جسمها للبيض، حرارة الطيور مرتفعة جدا، حرارة جسم الإنسان هي ثمانية وتسعين درجة، أما الطيور فتتراوح درجات حرارتها بين مائة وعشرة ومائة واثني عشر درجة، أي أنها حيوانات دافئة جدا. عندما تنتقل حرارة الطير إلى البيضة ينمو الطير الذي داخلها بسرعة أكبر ما يجعله يفقس بوقت مبكر، وهذه مسألة بغاية الأهمية، على اعتبار أنه كلما اختصر الوقت الذي تمضيه داخل البيضة كلما كانت في أمان أكبر.
ولكن هذا لا ينطبق على الورل إطلاقا، فالسحالي من ذوات الدم البارد، ولن يدي جلوسها على البيض إلا بتحطيمه، ولكنها لن تسخنها إطلاقا، أما وضعها في شجرة متعفنة سيساعدها جدا، على اعتبار أن تعفن الخشب يؤدي إلى مسألتين، إذ تنجم عنها الرطوبة أولا، كما تنجم عنها السخونة أيضا. نعلم أن البيض يمتص الرطوبة ما يجعلها تنمو بسرعة أكبر كما تمتص السخونة ما يساعد على النمو السريع أيضا، ما يؤدي إلى الخروج من البيض بوقت أقصر مما يستغرق وهو تحت الأرض.
يعتبر خوخي الحلق من آكلي اللحوم، وهو يتغذى على أشياء كالحيوانات الميتة والمتعفنة التي يعثر عليها في المستنقعات أو في الغابات، كما يتغذى على بعض الحيوانات التي يصطادها بنفسه. من الواضح أن هذا الورل يسكن في ظروف مناخية متعددة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه يعيش في المياه وفي غابات المطر وفوق أغصان الشجر، أي أنه يأكل أنواع كثيرة من الحيوانت كما هو حال القشريات، والأسماك، كما يأكل أشياء كالثديات الصغيرة، كما يأكل العصافير وبيض الطيور، ويتغذى على الثعابين والسحالي وصغار التماسيح، ولا يرفض بيض هذه لثعابين والسحالي والتماسيح. أي أنه يتغذى على أنواع من الحيوانت المختلفة وعلى أنواع من البيض.
يتمتع هذا الورل بالقدرة الكبيرة على القتال، فلديه فكين قويين، مليئين بالأسنان الحادة والمنحنية، ولديه أيضا مخالب طويلة ومدببة، يستعملها لتسلق الأشجار ولمقاتلة الأعداء فيها، كما ترى بأن لديه ذيل طويل يستخدمه كالسوط، يضرب فيه الحيوانات ويعمي أبصارها ويصيبها بجروح مؤذية، أي أن لديه الكثير من الأسلحة التي يمكنه استخدامها في الدفاع عن نفسه.
إذا تأملنا بأنيابه يمكن أن نرى بأنها حادة ومنحنية، ولا تستخدم هذه الأسنان في عض الحيوانات وقتلها فقط، بل يستعملها للتمسك بالحيوانات، أي أنه إذا أمسك بحيوان ما عادة ما يعضه مرة بعد أخرى حتى يفتك به، إلى أن يتمكن منه وحينها يغرز أنيابه ويضغط عليها بفكيه، القوية والكفيلة بتحطيم العظام، وهو حين يمسك بحيوان ما يجره فوق الأغصان وعلى الأرض، ويضربه بكل ما حوله، وفي هذه الأثناء يحطم الكثير من أسنانه، ولكنها تتبدل لحسن حظه خلال فترة قصيرة جدا. أي أنه ما أن يفقد سنا حتى ينبت غيره، مرة بعد أخرى طوال حياته، والحقيقة أن أسنانه لا تدوم أكثر من ثلاثة أشهر في أغلب الأحيان، ولكنها لا تستعملها معا وإلا لتعرضت للمشاكل. أي أن الورل يفقد سنا ويستبدله بآخر دون أي مشكلة تذكر.
يستخدم الورل في عضته قوة كبيرة، والحقيقة أنه ينتزع جزءا من جسم الحيوان الذي يعضه خلال فترة وجيزة جدا من الوقت. كما أن بعض أحجام الورل الكبيرة مثل الكومودو دراغون، إذا حصلت على واحد منها يزن مائة رطل، يمكن أن تتأكد بأنه يستطيع أن يلتهم، خروفا يزن ثمانين رطلا بأقل من عشرين دقيقة، إنها سرعة مذهلة فعلا، أما السبب في هذه البراعة فهي أسنانه الحادة القادرة على تقطيع اللحم، إلى جانب عضلات عنقه الصلبة التي يستعملها لتمزيق الحيوان أجزاء، وجميع أنواع الورل تتسلح بهذه العضلات القوية جدا في أعناقها، وفكين صلبين، والميزة هنا هي أن الفكين والأسنان الحادة تساعده على أن ينهش بخصمه، أي أنه لا يقفل فكيه بل ينهش بهما مثل فكي التمساح، وذلك بسرعة عالية، ما يجعل الورل على مستوى من البراعة في الصيد، لأنه ينال من تلك الحيوانات الرشيقة والخفيفة الحركة، ما يتطلب التسلح بأسنان حادة وفكين قويين في آن معا. أعتقد أنك توافقني في أن الورل خوخي الحلق متأقلم جدا على السباحة والتسلق والدفاع عن نفسه والقيام بكل ما يلزم للبقاء على قيد الحياة.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2009, 02:00 PM رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

البوا الزهرية

أرى أن نبدأ حلقة اليوم بالتحدث عن ثعبان غير اعتيادي يعيش في مكان غير اعتيادي. تعيش هذه الأفعى في الجنوب الغربي من الولايات المتحدة، أعرف أن البعض قد يتساءل وأين الغرابة في ذلك؟ فهناك عدة ثعابين تسكن في الجنوب الغربي من الولايات المتحدة، ومنها المجلجلة والأفعى الملكة وأفعى الجرذ وأنواع أخرى كثيرة من الثعابين، فما الغرابة في هذه الأفعى إذا؟ تكمن الغرابة في أن أحدا لا يتوقع العثور على البوا العاصرة هناك، ومع ذلك فهذه تسمى البوا الزهرية، وهي واحدة من نوعين من البوا المنتشرة في الولايات المتحدة، أما الثانية فتدعى البوا المطاطية، التي لا تتواجد في تلك المناطق على الإطلاق بل يمكن العثور عليها في الشمال الغربي من الولايات المتحدة، فهي تنتشر في أنحاء متعددة من مونتانا وأيداهو وواشنطن، كما يمكن العثور عليها في شمال كليفورنيا وفي أوريغون، وهي عادة ما تكثر في المناطق الجبلة وفي الغابات هناك.

أما البوا الزهرية فهي لا تتواجد هناك بل كما قلت في المناطق الجنوب غربية من الولايات المتحدة، وتحديدا في جنوب كليفورنيا ومن هناك باتجاه الجنوب الغربي من ولاية أريزونا، كما وفي أرياف المكسيك.
عندما أتحدث عن البوا العاصرة أي شكل من الثعابين تتخيل؟ من المحتمل جدا أن تتصور واحدة من الأفاعي الكبيرة جدا والثقيلة الوزن، ومن المحتمل جدا أن تتخيلها تزحف في الأدغال أو المناطق الشجرية وغابات المطر الاستوائية أو بالقرب من الأنهر البطيئة التي تنساب وسط هذه المناطق، هذا هو الانطباع الذي نحمله عن البوا العاصرة، أما البوا الزهرية فلديها بعض المزايا المشابهة لتلك التي في أمريكا الجنوبية إلى جانب عدد من الفوارق أيضا. من المزايا المشتركة نذكر أن الجنوب أمريكية والزهرية من الثعابين العاصرة، أي أنها تعصر فريستها حتى تعجز عن التنفس فتبتلعها. كما أن لكلاهما أجسام بدينة وثقيلة تنتهي بذيل قصير جدا. ومن المزايا المشتركة بينهما الحراشف الناعمة واللامعة جدا التي تعلو جسمها، كما أن بؤبؤ عيناها عمودي بالإضافة إلى أنها تنجب صغارها أحياء.
ومع ذلك فهناك فوارق كثيرة أيضا، من بينها أن البوا الزهرية قصيرة جدا، علما أن الفكرة الشائعة عن البوا هي أنها طويلة، حتى أن طول بعضها قد يصل إلى سبعة عشر قدم أي أنها طويلة جدا، أما الزهرية فيتراوح طولها بين قدمين وقدمين ونصف، حتى أن الكبيرة جدا منها لا تتعدى ثلاثة أقدام ونصف، أي أنها ليست من الثعابين العملاقة أبدا.
تذكر أننا قلنا يوما بأن ثعابين البوا تسكن في الأدغال أو المناطق المشابهة لها، أما البوا الزهرية فهي لا تسكن في هذا النوع من المناطق، بل تفضل العيش في المناطق الصحراوية القاحلة والجافة، أي أن ظروفها تختلف جدا عن الأدغال. ومع ذلك فهي تسكن في المناطق الصحراوية الجافة والقريبة من المياه، كما هو حال الواحات مثلا وهي برك صغيرة تتوسط رمال الصحراء، أو بالقرب من الجداول أو الجداول الموسمية في المناطق القاحلة والجافة. والمقصود بالجداول الموسمية هنا تلك الجداول التي تنساب فيها المياه عندما تمطر، حيث تمتلئ ممرات الجداول وتنساب المياه في عروقه حتى يتوقف المطر وتجف الممرات ثانية ولا يبقى فيه إلى بعض البرك المتباعدة. ومع ذلك فإن البوا الزهرية لا تحتاج إلى موارد مائية دائمة حيث تعيش. قد يتساءل البعض، طالما أنها لا تحتاج إلى الماء ، فلماذا تعيش بالقرب منها في الصحاري؟ إنها لا تعيش هناك طلبا للماء بل بحثا عن الحيوانات التي تأتي طلبا للماء، أي أنها تجد الطعام هناك.
تمضي البوا الزهرية غالبية وقتها في الزحف على الأرض،ومع ذلك فهي أحيانا ما تتسلق الأشجار، كما تتمتع بذيل شبيه جدا بالذيل الإمساكي، أي أنه ليس بجودة الذيول الإمساكية لدى الثعابين الأخرى التي يمكن الاعتماد عليها للتمسك بالأغصان، فهي تنفعها جزئيا للتمسك.
تحاول هذه الثعابين القبض على الحيوانات التي تأتي إلى الماء كي تشرب، أي أنها تحصل على الطعام من هناك لهذا تبقى قريبة من الماء، وهي تتغذى على الجرذ والفئران وبعض السناجب والطيور. ولكن متى تذهب الفئران للحصول على ماء الشرب؟ عادة ما تفعل الفئران ذلك ساعة الغروب، وهذه هي الفترة التي تنشط فيها هذه الثعابين تحديدا منذ غروب الشمس وحتى ساعات متأخرة من الليل. أي أنها تنشط ليلا. عندما تنزل هذه الحيوانات للشرب، تمسك بها الزهرية، وجميعنا يعرف أنها بطيئة وكسولة، لدرجة أنها أحيانا ما لا تعصر الفأر أو الجرذ أو السنجاب، بل تتمسك به حتى يشعر بالتعب الشديد، ثم تبتلعه وهو حي بعد. أي أن هذه طريقة مناسبة لاصطياد الحيوان وقتله وأكله. ولكن كيف لها أن تصطاد الطيور؟ علما أن الطيور ثاقبة النظر وسريعة جدا، لهذا من الصعب جدا اصطيادها. ولكن ماذا تفعل الطيور في الليل؟ تصعد إلى عشها، وتنام. وبما أن هذه الأفعى تتسلق الأشجار، لهذا يمكنها أن تنتهز الفرصة في الليل، كي تبحث عن عش الطير، حتى تعثر عليه وتمسك بالطير ثم تعصره أحيانا ولا تفعل في أحيان أخرى، بل تكتفي بابتلاعه مباشرة. وهكذا فهي معتادة جدا على التأقلم مع ظروف صيد الطيور وسط الليل، وصيد الحيوانات الأخرى بعد المغيب.
والآن كيف للبوا الزهرية أن تنجو من أعدائها؟ لا يمكنها الفرار بالطبع فهي بطيئة جدا لا يمكن أن تنجو بنفسها إذا حاولت الهرب لأنها بطيئة وكسولة جدا. يمكن أن ترى بأنها لا تكثر من الحركة هنا في يدي أيضا، أي أنها لن تحاول الفرار، لأنها ليست مهيجة فحتى لو تعرضت لهجوم، لا تلسع مباشرة للدفاع عن نفسها، بل عادة ما تلجأ إلى الالتفاف حول نفسها حتى تصبح كالكرة، ثم تخبئ رأسها داخل الكرة، وتبقى ساكنة هناك، ببساطة على أمل أن يتركها العدو وشأنها ويرحل بعيدا، أحيانا ما تفلح في ذلك.
لنفترض أن ثعلبا شاهد هذه الأفعى وأراد التهامها كوجبة غداء أو عشاء، ما أن يقترب إليها حتى تخاف وتخبئ رأسها داخل جسمها. نعلم بأن الثعلب مفترس، ومن عادة الحيوانات المفترسة ان تمسك فريستها من العنق، ولكنه عندما ينظر إلى كتلة البوا، لا يتمكن من رؤية الرأس، فيقلبها إلى عدة جهات دون أن يعثر على الرأس، لنرى إن كانت قابلة للالتفاف على نفسها هنا، يبدو أنها أفلحت، المهم أنه لا يعثر على الرأس، وبعد فترة من الوقت يتساءل الثعلب في نفسه، ما بهذا الحيوان الذي ليس له راس، يحار الثعلب جدا في أمره وهو يقول لا بد أن هناك مشكلة يستحيل أن يكون هذا حيوان. يستاء الثعلب جدا ويقرر أن يبحث عن حيوان له رأس، لا يمكن أن أقبل بشيء دون رأسه، فيتركها ويرحل، أي أن البوا الزهرية تنجو بنفسها أحيانا على هذا النحو، ولكن ليس دائما، لأن بعض الثعالب لا تكترث بالرأس بل تعض الجسد وتأكل الثعبان بشهية. لهذا فهو لا يتمتع بالطريقة الفضلى للخلاص من أعدائه، ولكنها تبدو محببة للبوا الزهرية.
=-=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن أحد أفراد عائلة أغاميد للسحالي. وهو يسمى دراغون الماء الأخضر. تعيش هذه السحلية في أستراليا وغينيا الجديدة وحتى في بعض المناطق الواقعة في جنوب شرق آسيا. يمكن القول أن دراغون الماء الأخضر من أكبر سحالي عائلة أغاميد للسحالي ذلك أن طوله يصل إلى ثلاثة أقدام، ما يعني أنه كبير نسبيا علما أن السواد الأعظم من طوله يكمن في الذيل الذي هو أكبر جزء في جسمه، وإذا تأملت في ذيله يمكن أن ترى بأنه مضغوط عموديا، أي أن جانبيه أعرض من سطحه، وهو ليس مسطح من فوق بل من الجانبين. وهناك عدة أسباب تجعل الذيل على هذا النحو.
نعرف من اسمه دراغون الماء الأخضر بأنه قد يمضي الكثير من وقته في الماء، ومن المحتمل أن يكون سباح ماهر، وهذا الذيل يساعده في السباحة. إذا سبق لأحدكم أن أبحر في مركب لا بد أنه لاحظ الدفة، وهي أداء تستخدم لتوجيه المركب، وهو يستخدم ذيله المسطح لتحديد وجهته أثناء السباحة. كما يمكن أن يستعمله للتجديف، تماما كما نستعمل المجداف في الزوارق، ولا شك أنه يستعمل الذيل أيضا ليساعده على السباحة بسرعة أكبر. أي أن ذيله يؤكد تأقلمه مع ظروف السباحة في الأنهر والبحيرات التي يسكن بالقرب منها.
تسكن هذه السحالي في غابات المطر الاستوائية والأدغال والمناطق المشابهة الأخرى، وعادة ما نجدها بالقرب من الأنهر والبحيرات، كما تمضي الكثير من الموقت فوق الأشجار فهي بارعة في التسلق أيضا، وكثيرا ما تجلس فوق الأغصان التي تتدلى من فوق الماء، أما السب في ذلك فهو أنها تتمكن من القفز في الماء عندما يقترب العدو منها، وتلوذ بالفرار بعيدا، وهذا مفيد جدا إلا إذا كانت تفر من شيء آخر كالتمساح، فإذا حالت السحلية ذلك سيأكلها التمساح على الفور. وهذا ما لا تريده، لهذا أحيانا ما لا يشكل القفز في الماء الخطوة المثالية. ماذا بوسعها أن تفعل إذا طاردها التمساح؟ يمكن أن تصعد إلى الشجرة، تذكر بأنها بارعة في التسلق، وهكذا ينجو بنفسه لأن التمساح لا يستطيع تسلق الأشجار، ولكن ماذا لو طارده حيوان يمكنه تسلق الأشجار كما هو حال القط البري أو النسر أو الصقر؟ حيث يمكن لأي منهم أن يأكله بسهولة فوق الشجر، فلن ينجو بنفسه. ولكنه أحيانا ما يواجه عدوا لا يستطيع الهرب بتسلق الأشجار أو السباحة، فهل له وسيلة أخرى للنجاة من عدوه؟ طبعا، يمكنه أن يعدو أيضا، فهذه من السحالي السريعة، طبعا يمكن أن تعدو بسرعة هائلة لدرجة أنها حين تبلغ سرعتها القصوى يرتفع الجزء الأمامي من جسمها عن الأرض، فينتهي الأمر بالعدو على قوائمه الخلفية فقط، ليحقق سرعة هائلة. أي أن هذه السحالي تتقن السباحة وتسلق الأشجار والعدو بسرعة، وهذه ثلاثة سبل يستعملها للنجاة من أعدائه، وما عليه سوى اختيار الطريقة المناسبة للهرب، من العدو المناسب، فلا يحاول العدو أمام حيوان سريع العدو، أو تسلق الشجر من عدو يتسلق الأشجار أو الهرب في الماء من عدو يتقن السباحة وإلا لن يتمكن من الخلاص من براثنه.
ومع ذلك أحيانا تقع هذه السحلية في يد عدوها مهما بذلت من جهود، وعند ذلك تجبر على القتال، وهي بارعة في القتال أيضا إذا أنها تتمتع بفكين قويين وعضاتها تؤلم كثيرا كما تتمتع بمخالب طويلة وحادة كما ترى في نهاية الأصابع، وهي تستعملها لتجرح أعدائها، كما تستخدم الذيل أيضا كالسوط، أي أنها تتمتع بوسائل فعالة إذا أجبرت على القتال، ولكنها تفضل الهرب، على القتال، ذلك أن القتال عادة ما يصيب بجروح، ودراغون الماء الأخضر لا يحب أن يصاب بجروح.
قلنا بأن هذه السحلية تسكن في غابات المطر الاستوائية بالقرب من البحيرات والأنهر، كما أنها تأكل أنواعا كثيرة من الأطعمة. هناك الكثير من سحالي أغاميد التي تعيش على أكل اللحوم، كما أن البعض الآخر منها يعيش على اللحوم والأعشاب في الوقت نفسه، بينما يأكل النوع الثالث النباتات وحدها، أما دراغون الماء الأخضر فيأكل النباتات واللحوم في وقت واحد. من النباتات تتغذى على الأعشاب وأوراق الشجر، كما تتغذى عل عدة أنواع من الفاكهة كالبطيخ وغيره أي أنها تتغذى على أشكال مختلفة من الأطعمة النباتية، كما أنها تتغذى على أنواع مختلفة من الحيوانات، ومن بينها الضفادع والقشريات من الماء، وعلى اليابسة وفوق الأشجار تأكل العصافير والسحالي، أي أنها تتغذى على تنوع من الأطعمة، أي أنها متأقلمة على ظروف العيش، في الأدغال وغابات المطر الاستوائية التي تنتشر فيها.
خضعت هذه السحالي مؤخرا للدراسة من قبل الباحثين لمعرفة ما يسمى بالتطور التحولي، أما التحول فيعني تغير الحيوان خلال فترة من الزمن، فإذا شهد متغيرات جيدة يمكن أن يزدهر وتكثر أعداده، أما إذا شهد متغيرات سيئة من المحتمل جدا أن يموت وينقرض، كما أصاب الديناصورات التي لم يعد هناك الكثير منها.
تشكل هذه السحالي نموذجا عن التطور التحولي، ما يعني أنه لدينا نوعين من الحيوانات التي تنمو في منطقتين جغرافيتين مختلفتين من العالم، ولكنها تعيش في الظروف نفسها، أي أنها تتغذى على أنواع الأطعمة ذاتها وتعيش ضمن الظروف البيئية نفسها، أي أنها تعيش على أسلوب الحياة نفسه، وعندما يحدث ذلك عادة ما يتشابه كل منهما بالآخرن حتى أنهما قد يبدوان قريبا، جدا رغم أنه لا يوجد بينهما أي علاقة على الإطلاق.
إذا تأملنا بدراغون الماء الأخضر وقارناه بالإغوانا الخضراء، سوف نرى فيهما نموذجا عن التطور التحولي، فالإغوانا الخضراء تعيش في العالم الجديد، ودراغون الماء الأخضر في العالم القديم، أي أنهما لا تعيشان في الأماكن ذاتها، ومع ذالك يمكن أن ترى بأن رأسيهما متشابها وهذا هو حال الجسد أيضا وحال الذيل والقوائم كذلك، ولديهما الكفاءات نفسها في التسلق والسباحة والعدو السريع على الأرض، وكلاهما تأكلان النباتات واللحوم في آن واحد، وتسكنان في الأدغال وغابات المطر الاستوائية، أي أنهما متشابهتان جدا، مع أنها لا ترتبط بصلة القرابة أبدا.
نجد المثال الآخر عن التطور التحولي بين البوا والأصلة، حيث تسكن البوا في العالم الجديد والأصلة في العالم القديم، وهما متشابهتان جدا وتعيش ضمن الظروف البيئة نفسها وتتغذى على نفس الأطعمة، ولكن هل هما متقاربتان؟ على الإطلاق، أي أن التشابه بين الحيوانات لا يعني أنها ترتبط بصلة قرابة على الإطلاق.
=-=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن أطول أفعى في العالم، وهي تسمى الأصلة المتشابكة، تسكن هذه الأفعى في جنوب شرق آسيا وفي جزر الفليبين وفي شرق الهند. تنمو الأصلة المتشابكة ليبلغ طولها اثنين وثلاثين قدم، ما يجعلها الأفعى الأطول في العالم، أما الأفعى التي معنا اليوم فهي أنثى، وقد أطلق عليها اسم سالي، تبلغ من العمر عشرة أعوام، وما زالت قابلة للنمو جدا كثيرا بعد، يبلغ طولها الآن عشرون قدم، وهي تزن مائتي رطل، أي أن حجمها كبير نسبيا.
تعيش هذه الثعابين في الأسر حتى تبلغ الثلاثين من العمر، ما يعني أنه من الضروري جدا للآباء الراغبين بشراء ثعبان صغير لولدهم، أن يعرفوا القليل عن الثعبان قبل شرائه.
لنفترض أن أحدهم أراد شراء الأصلة المتشابكة لابنك أو ابنتك البالغة من العمر ثمانية أعوام، ماذا سيحدث بعد عشرة أعوام؟ سيبلغ ابنك الثامنة عشرة ويذهب إلى الجامعة، فيبلغ طول الأصلة عشرون قدم، ولا يمكنها الذهاب إلى الجامعة مع ابنك أو ابنتك، بل ستبقى في البيت مع الأم والأب، لهذا من الأفضل أن تعرف القليل عن الثعبان الذي تشتريه، فجميعها تبدأ بأن تكون صغيرة جدا، ليبقى بعضها صغيرا ويصبح البعض الآخر هائل الحجم كما هو حال سالي. لهذا لا بد أن تعرف القليل عن الثعبان الذي تشتريه، يرغب الكثيرون بشراء ثعابين صغيرة، ولا يريدون الحصول على ثعبان كبير كهذا، لأنه يحتاج إلى الكثير من العناية وإلى قفص كبير ويأكل الكثير من الطعام لهذا فهو يكلف الكثير، لهذا لا بد من التأكد مما تشتريه قبل أن تصبح في ظرف لا يمكن التراجع عنه.
تحاول سالي أن تلوذ بالفرار كما ترى، يبدو أنها تتمدد قليلا، ويبدو أنها لن تسبب المتاعب، ولكن الأفاعي التي بهذا الحجم، لا تحتمل البقاء في مكان واحد لمدة طويلة.
يمكن أن ترى بأن سالي من الثعابين الكبيرة جدا، كما أنها غاية في الجمال، إذا تأملت فيها دعني أحاول أن أقلبها قليلا، من السهل أن ترى بأن ألوانها تميل إلى الألوان السوداء والبنية والذهبية إلى جانب الحراشف اللامعة فوق جسمها، أي أنها غاية في الجمال.
قد يتساءل البعض من أين جاء لقب المتشابكة هذا؟ على اعتبار أن أسماء الثعابين تتحدث عنها دائما، خذ على ذلك مثال الأصلة الدموية، فهي تميل إلى اللون الأحمر الدموي، ومثال الأصلة الهندية، لأنها تعيش في الهند، والأصلة الكروية تلتف حول نفسها لتصبح كروية الشكل في مواجهة الأعداء، ولكن أين التشابك في هذه الأصلة؟ خصوصا وأنها كلمة كبيرة يصعب لفظها أحيانا، ولكن إذا علمنا ما تعنيه الكلمة سنكتشف أن الاسم يناسبها جدا، تعني المتشابكة أنماط معقدة جدا كتلك التي على السجاد الشرقي، حسنا، إذا تأملنا بالبق التي على ظهر سالي،.. دعني أرفعها كي نرى المزيد منها، يمكن أن ترى بأن البقع التي على ظهرها معقدة جدا، وهي شبيهة جدا بأنماط النسيج في السجاد الشرقي، أي أن لقب المتشابكة مناسب جدا لهذه الثعابين، ولا يقتصر الأمر على صعوبة لفظها أحيانا.
يمكن أن نعتبر هذا الثعبان عملاق جدا، قد يقول البعض في نفسها أنها تأكل عشرة مرات في اليوم الواحد، كلا على الإطلاق، حتى أن قلة منها تأكل مرة في اليوم، وهناك ثعابين تأكل مرة في الأسبوع، أما الثعابين المشابهة لسالي فهي تأكل مرة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أسابيع، ولكنها حين تأكل فهي تلتهم الكثير.
يمكن لهذه الأفعى أن تلتهم حوالي خمسة وأربعين رطلا من الطعام، في الوجبة الواحدة، أي أنها حين تأكل تلتهم كل ما حولها، ولكنها لا تأكل في فترات متقاربة، قد يعتقد البعض أنها تأكل حيوانات هائلة، ليس هذا صحيح أبدا، فهي عادة ما تتغذى في البرية على حيوانات بحجم الأرنب، أو الجرذان الكبيرة، وما شابه ذلك، لهذا فهي تأكل أعداد كبيرة منها، بدل أن تأكل حيوان كبير واحد، مع أنها أحيانا ما قد تأكل عنزة برية أو غزالا أو ما شابه ذلك ولكن غالبية ما تأكله في البرية يقتصر على كميات من الحيوانات الصغير.
يمكن للبعض أن يتساءل كيف للمتشابكة أن تنجو من أعدائها؟ لا شك أن ليس لهذه الأفعى الكثير من الأعداء بل يمكن القول بأن عدوها الوحيد هو الإنسان الذي يعادي جميع الحيوانات، وإذا ما حاول شخص ما أن يهاجمها أو يصطادها عادة ما تلسعه، فهي تتمتع بفم كبير وأسنان حادة، فإذا تعرض شخص لعضاتها ستجرحه عميقا وتؤلمه جدا، دون الحاجة لأن تكون من الأفاعي السامة، نعرف أنها ليست من الأفاعي السامة، ولكنها تستطيع أن تسبب جراحا عميقة.
ما زالت سالي تجرجر بقاياها في أنحاء المنطقة هنا، المهم أني أريد الجميع أن يرى بأنها من الأفاعي الكبيرة والجميلة جدا، وأحيانا ما تكون ودودة للغاية، ولكنها أكبر بكثير مما يمكن أن تحتويه للعيش معك في البيت، لهذا من الأفضل أن تعرف القليل عن الأفعى التي تريد شرائها، قبل أن تتورط بها قبل أن تعرف مواصفاتها المتكاملة.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2009, 02:00 PM رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

الأصلة الدموية

ارتأيت أن نبدأ بهذه الأفعى التي تسكن بعيدا في جنوب شرق آسيا، وهي تسمى الأصلة الدموية. أعرف أن بعضكم يتساءل الآن ما تعنيه كلمة دموية، هل هي من مصاصو الدماء؟ هل تشرب من دم ضحاياها؟ كلا على الإطلاق فهي تحمل هذا اللقب لأن جزء كبيرا من جسمها عادة ما يميل إلى الاحمرار، بما أن الدم أحمر أطلق على هذه الأفعى لقب الدموية.

علما أن لون هذه الدموية داكنا، وهو يميل إلى اللون الأحمر الممزوج بالبني الذي يغطي جسمها. يمكن أن ترى بأنها ليست من الثعابين الطويلة ولكنها ثقيلة الوزن وبدينة جدا، تتميز بسماكة غير اعتيادية. كما أنها بطيئة جدا أي أنها لا تتحرك بسرعة كبيرة. إذا أردت البحث عن أصلة دموية في جنوب شرق آسيا، يمكن أن تعثر عليها في مناطق تغطيها غابات المطر، وكثيرا ما تجدها بالقرب من الأنهر والجداول، وإذا فكرت مليا تعرف بأنك ستجد الكثير من الأفاعي السمينة إلى جانب الأنهر والجداول والبحيرات والبرك. أما السبب في ذلك فهو أن الثعابين الكبيرة أن تعمل بجهد كبير كي تزحف على الأرض، أي أن ذلك يتعبها جدا وتستهلك الكثير من الطاقة في الزحف. أما إذا كانت تسبح في الماء فهذا يساعدها على الحركة بسهولة أكبر، لأن الماء يساعدها على حمل جسمها الثقيل، وهذا ما ينطبق على الناس. فإذا ما تأملت بشخصين أحدهما سمين والآخر ضعيف، وهما يركضان أي منهما يبذل جهدا أكبر وأي منهما يستهلك المزيد من الطاقة؟ لا شك أنه السمين بالطبع، لأنه يجد صعوبة أكبر في تحريك جسمه على الأرض، أما إذا وضعتهما في المسبح، فمكن المحتمل أن يتمكن البدين من السباحة بالسهولة والكفاءة التي يتمتع بها الضعيف لأن الماء تساعده على حمل وزن جسمه. لهذا كثيرا ما نجد الثعابين السمينة تسكن إلى جانب البرك والبحيرات والأنهر، وهذا ما ينطبق على الأصلة الدموية.
رأينا إذا أنه هذه الأفعى السمينة جدا تسكن في المناطق الاستوائية، وهي معتادة على أكل الجرذ والفئران والحيوانات الأخرى الصغيرة، وخصوصا الثديات الصغيرة منها على وجه الخصوص.
أما الطريقة التي يعتمدها هذا الثعبان للصيد فهي انتظار تلك الحيوانات على مقربة من الماء حتى تأتي كي تشرب من هناك. قد يتساءل البعض ماذا يفعل تحديدا لاصطيادها؟ جميعنا يعرف أن الأصلة كجميع بنات جلدها من العاصرات، أي أنها تمسك الفريسة بفمها ثم تلف جسمها حوله وتعصر حتى يعجز عن التنفس ويموت، فتبتلعه عل الفور. ولكن كيف تتمكن من الإمساك بالفأر أو الجرذ؟
يمكن اختصار ذلك بالقول أن الثعبان يختبئ بين بعض الأعشاب القريبة من النهر أو البحيرة، ويجلس بهدوء وسكينة تامة. قد يقول البعض أنه من الصعب على ثعبان كبير بهذا الحجم ان يختبئ جيدا، تذكر بأن ألوان هذه الثعابين عادة ما تكون لامعة، كالأحمر اللامع والأصفر الفاقع والبقع الأخرى الساطعة فوق جسمها. قد يقول البعض أنه من السهل رؤيته حتى لو اختبأ تحت الأعشاب الكثيفة. ولكن الحقيقة هي أنك إذا تأملت في المنطقة التي يختبئ فيها ستلاحظ بأن أوراق الشجر والنفايات تميل إلى البني الداكن والأحمر، حتى أن لون الوحل الذي هناك عادة ما يميل إلى الاحمرار. أي أن ألوان جسم الأفعى تتناسب جدا وألوان المنطقة التي تحيط فيها. كما أن الكثير من أوراق الشجر التي تختبئ بينها ميتة، وعندما تموت أوراق الشجر تصبح صفراء. وهكذا رغم أن جسم الأفعى مغطى بالبقع الحمراء سيجد الكثير من الأوراق الصفراء والحمراء فوقها أيضا، ما يساعدها على الاختباء جيدا. ما يساعد الأفعى أيضا هو أن الحيوانات عادة ما تنزل إلى الأنهر للشرب عند غروب الشمس، أي عندما تخيم الظلال على المكان. وهكذا فإن البقع الداكنة تساعده على الاختباء بين الأعشاب ببراعة فريدة.
وهكذا فإن هذه الثعابين تستطيع الاختباء جيدا بين الأعشاب القريبة من البحيرات والأنهر، بحيث يصعب على الفريسة أن تراها جيدا. ولكن كيف للأفعى أن تعرف بأن الجرذ أو الفأر هناك؟ نعرف أنها لن تسمع خطوات أيا منهما. طبعا فليس للثعابين آذان، أي أنها لا تسمع شيئا على الإطلاق. مع أنها تشعر بذبذبات عبر الأرض ما يبلغها بوجود حيوان كبير قريب من هناك كالإنسان أو البقر أو الثيران أو حصان أو ما شابه ذلك. عند ذلك يعرف الثعبان أي موقع خصمه. ولكن إن كان الحيوان صغيرا كالفأر والجرذان المحتمل ألا ترتج الأرض تحته إطلاقا، أي أن هذا الأمر لن يساعده . ولكن ماذا عن عيناه؟ وهي كبيرة كما ترى، ولكن الثعابين ترى عبر مسافات قصيرة، كما أنها لا ترى إلا الأشياء المتحركة، ما يعني أنه إذا كان الفأر متسللا ولا يتحرك بسرعة قد لا يتمكن الثعبان من رؤيته جيدا. كما أن الظلال تخيم على المكان ساعة الغروب ما يساعد الفأر على الاختباء من الثعبان أيضا، إلى جانب اختباء هذه الأخير من الفأر في الظلال. ولكن كيف له أن يكتشف وجود الفأر؟ حسنا نعرف أنه يعتمد على لسانه كعضو للشم، ما يعني أنه سيبلغه بوجود الفأر أو غيره، ولكنه لن يحدد له بدقة مكان وجود الفأر.
يتمتع هذا الثعبان بشيء آخر، يمكن أن يساعده، وهو قدراته، على التركيز لمعرفة وجود هذه الحيوانات. تتمتع هذه الثعابين بصبر جميل جدا، إذ يمكنها الجلوس دون أن تأتي بأي حركة لساعات طويلة جدا، ودون أن يصدر عنها أي صوت على الإطلاق. وأخيرا عندما يتسلل ذلك الفأر أو الجرذ من جانبه ويصبح على مسافة قريبة منه ينقض عليه الثعبان ويمسكه بين فكيه ويعصره حتى يعجز عن التنفس ويبتلعه.
وهكذا نرى بأن الأصلة الدموية معتادة جدا على العيش ضمن الظروف الخاصة بالغابات الاستوائية لجنوب شرق آسيا.
=-=-=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن ثعبان جميل يعيش في الولايات المتحدة، والحقيقة أنه من الثعابين الأشد سما في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تسمى بالأفعى المرجانية، التي تنتشر في الكثير من الولايات الجنوبية من أميركا، كما تتواجد في كرولاينا جنوبا نحو جورجيا وألاباما ومن هناك إلى فلوريدا لتعبر الخليج إلى تكساس ومن هناك إلى أريزونا. كما تنتشر في الكثير من أرياف مكسيكو. والحقيقة أنك إذا تابعت المسير جنوبا عبر المكسيك، ستعثر على عدد من أقاربها، فهناك أفاع مرجانية تعيش في أمريكا الوسطى والجنوبية أي أن هذه الأفعى تنتشر في عدة مناطق من القارة الأمريكية. يمكن أن ترى بأنها أفعى جميلة جدا تتمتع بثلاثة ألوان لامعة على شكل حلقات تغطي جميع أنحاء جسمها ذات ألوان حمراء وصفراء وسوداء. وهناك بعض التنوع في هذه الألوان، إذ يمكن للأحمر أن يكون زهري أو برتقالي كما يمكن للأصفر أن يكون عاجيا أو حتى أبيض ناصع، ولكنها عادة ما تكون حمراء وصفراء وسوداء في أغلب الأحيان.
نعرف بأن المرجانية ليست من الأفاعي العملاقة، والحقيقة أنها لا تبلغ أحجاما كبيرة بل عادة ما يتراوح طولها بين قدمين أو قدمين ونصف القدم، وهي تصبح كبيرة جدا عندما تبلغ ثلاثة أقدام، وهذه مرجانية كبيرة جدا كما ترى، حتى أنها تقارب الأربعة أقدام، ومع ذلك تستطيع أن تلاحظ بأن الكبيرة منها نحيلة جدا، أي أنها على خلاف ما قد تبدو عليه أفعى مانسون المائية.
تعتبر المرجانية من الأفاعي الحفارة، فهي من الثعابين التي تمضي الكثير من الوقت في الحفر تحت الأرض، وهي تحب العيش هناك بين الحطب القديم وأوراق الشجر وأماكن مشابه، أي أنها تتصرف بسرية وكتمان، لهذا قلما يشهد المرء هذه الثعابين من حوله. علما أنها تنتشر في الأماكن التي تكثر فيها العيدان أو النباتات المنتصبة حيث يفاجئك سماع أحدهم يصرخ هناك أفعى مرجانية. وكأن انقلاب حدث بين الحضور الذي يتركون المعاول والعصي ويتراكضون إلى البيت ليوصدون الأبواب ويتصلون بالشرطة، ويفعلون ما بوسعهم للخلاص من تلك الأفعى.
والحقيقة أن هذه هي الطريقة المناسبة للنجاة من هذه الأفعى والخلاص من لسعاتها.
لا شك أن هذه الأفعى لا تنتشر فقط في الحدائق ومزارع الورود فحسب، بل يمكن أن تجدها في الغابات الصغيرة، كما يمكن أن تعثر عليها في الأماكن المحيطة بالأنهر والبحيرات، وفي الأماكن المشابهة جدا بالأدغال، وقد تجدها في منطقة تعرف بأفرغلاد في ولاية فلوريدا، أو في مستنقعات ولايات مثل لويسيانا أو مسيسبي. أي أنها تنتشر في أماكن متنوعة ومختلفة جدا. ولكنها حيثما كانت ستبقى تحت شيء ما فهي عادة ما لا تخرج للزحف في المناطق المفتوحة. لا شك أن المرجانية تمضي الكثير من الوقت تحت الأشياء، وهي تتفذى على السحالي والضفادع ولكن طعامها المفضل هو الثعابين. لهذا فهي إن كانت حياة أليفة عادة ما تتغذى على الأفاعي لهذا ليس من السهل تدجينها أي أنها ليست من الحيوانات التي يحب المرء اقتنائها لعدة أسباب. أي أنها تأكل الكثير من الأفاعي فهي طعامها المفضل.
والآن كيف لأفعى المرجانية أن تنجو من أعدائها؟ عادة ما لا تواجه عدوا لأنها تمضي الكثير من الوقت تحت أشياء كثيرة، أي أن هذه ليست مشكلة كبيرة بالنسبة لها، ولكن إذا واجهت عدوا ما، قد تلوذ بالفرار إلى الأخاديد والحفر كأي ثعبان آخر، كما أنها أحيانا ما تلجأ إلى وسيلة غير اعتيادية، وذلك بلف ذيلها حتى يصبح على شكل كرة، ثم ترميه في وجه العدو. عندما تفعل ذلك غالبا ما يعتقد العدو أنه رأس الأفعى، فيرتد إلى الوراء في محاولة منه لتفادي لسعاتها، وعندما يفعل ذلك يمنح المرجانية بضعة ثوان لا تحتاج إلى غيرها للزحف والفرار بعيدا. أي أن هذه الثعابين تتمتع بطريقة جيدة للنجاة من أعدائها.
أضف إلى ذلك أنها إذا عجزت عن الفرار، عادة ما تلسع مهاجمها، وتحقنه بسمها القوي جدا. يتميز هذا السم بأنه من النوع العصبي، أي أنه يهاجم الأعصاب ويوقفها، ويشل المرء تماما حتى أنه يوقف خفقان القلب، ويوقف تنفس الرئتين، وعندما تحصل أشياء من هذا النوع، يموت المصاب، أي أنها لسعات فتاكة.
الجانب الآخر من المسألة هي أن وسيلة حقن السم كسولة وبطيئة جدا، فهي تجد صعوبة في جعل السم يصل إلى الضحية، ذلك أن أنيابها صغيرة جدا، وفمها صغير أيضا، وهذا هو الحال بالنسبة لرأسها أيضا. لهذا تجد صعوبة في لسعاتها وحقن المصابين بالسم. كما أنها لا تفلح لسعاتها في عبور الأحذية، وهي تجد صعوبة في اختراق الملابس السميكة، أو قفازات العمل أو السترات الجلدية الثقيلة. أي ا،ها تواجه صعوبة في لسع الضحية، وحتى إذا لسعت أحدا وهو حاف لا يلبس حذاء، عليها أن تطيل العضة حتى تمكن من حقن السم في الجرح لأن أنيابها ليست طويلة، علما أنه إذا تعرض أحدكم لهذه العضات الطويلة عليه أن يبعد الأفعى عنه، دون أن يتركها تعض لأنها كلما أطالت العضة كلما تمكنت من حقن المزيد من السم. المهم أنها تواجه صعوبة في حقن السم، ما يناسب البشر جدا، ولا يناسب الثعبان.
حقيقة أن للمرجانية أنياب قصيرة لا يعني أنها ليست من الأفاعي الخطيرة، بال بالعكس تماما، ولا أريد لأحد أن يتعرض لما أصاب صديق لي في تكساس، كان يتنزه على أحد الأرصفة فظن أه شاهد في حديقة مجاورة، عقد ملون. فاقترب ليلتقط العقد ويتأمل به ولكنه وجد نفسه يحمل أفعى مرجانية. تنبه إلى الأمر متأخرا بعض الشيء ولكن رمى الثعبان وتوجه إلى المستشفى. ولكنه قبل ذلك فكر بأن يحمل الثعبان معه، فأحضر كيسا وأمسك الأفعى بيده ووضعها هناك، فلسعته للمرة الثانية، عند ذلك أصبح بحالة سيئة، ولكنه وصل إلى المستشفى وتوجه إلى غرفة الطوارئ حيث أبلغ الجميع بأن أفعى مرجانية قد لسعته، فجاء الطبيب لرؤيته ولكنه فتح الكيس الذي معه، وأمسك بالأفعى المرجانية التي لسعته للمرة الثالثة.
وكانت النتيجة أنه تعرض لإصابة خطيرة كادت تقتله. مع أنه حصل على جرعة مضادة للسم ونجى بنفسه ولكن أحدا لا يريد التعرض لمثل هذه التجربة، فإذا لسعتك أفعى خطيرة كهذه لا تحاول أن تمسك بها أو تقتلها أو تأخذها معك إلى المستشفى، لأن هذا سيسبب لك المزيد من المتاعب. لهذا إن رأيت هذه الأفعى دعها وشأنها.
قد يتساءل البعض وكيف لي أن أعرف بأنها المرجانية؟ هذا سؤال جيد جميعنا يعرف بأن لها ثلاثة ألوان الأحمر والأسود والأصفر على شكل حلقات متتالية، علما أن هناك ثعابين أخرى تتمتع بحلقات من هذه الألوان أيضا، ولكنها ليست مرجانية وليس لديها سم. وهي تسمى بالمزيفة ومنها أفعى الحليب والأفعى الملكة بين غيرها. تتمتع الثعابين المزيفة بحلقات يعلوها الأحمر والأسود والأصفر، ولكن الحلقات السود تفصل بين الحلقات الحمر والصفر. وحدها المرجانية تملك الحلقات الحمر خلف الصفر، وأفضل طريقة لتذكر ذلك، التفكير بإشارة السير، حيث ترى الأصفر إلى جانب الأحمر ما يدعوك للتوقف والحذر والتباطؤ، وإذا رأيت ثعبان تتوالى الحلقات الصفر فيه بعد الحمر يعني الأمر نفسه، التوقف والحذر والابتعاد عنه كليا، فلديه سم فتاك فعلا. تذكر أن الأحمر إلى جانب الأصفر يعني أنها مرجانية فعلا، ولا داعي أن تمنحها الفرصة لأن تلسعك.
=-=-=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن ثعبان جميل يسكن الشرق الأقصى، وهو يسمى الأفعى المتهادية. وه تنتشر في مناطق مثل جزر فلبين، وفي إندونيسيا وماليزيا، وبورنيو، ولا شك أن المتهادية جزء من فصيلة بيت فايبر، ونحن في الولايات المتحدة لدينا أفراد من هذه العائلة، نذكر من بينها المجلجلة ومائية ماكنسن ونحاسية الرأس وجميعها جزء من هذه العائلة. نذكر أن المتهادية شبيهة جدا بقريبة لها تسكن الولايات المتحدة، وهي مائية ماكنسن، التي تشبها من حيث البنية، كما وفي شكل الرأس، من الواضح أن للمتهادية رأس كبير وكثيف تماما كرأس الماكنسن، ولديها أيضا جسم ثقيل وبدين وقصير نسبيا، ومع ذلك فإن أفعى ماكنسن تعتبر أكبر من هذه لأن طولها قد يبلغ ستة أقدام وحتى أطول من ذلك، أما المتهادية فيتراوح طولها بين قدمين وثلاثة أقدام، وإذا عثرت على واحدة تزيد عن ثلاثة أقدام ونصف فستسجل رقما قياسيا بين هذه الثعابين.
لدى المتهادية أيضا بعض الفوارق الأخرى التي تميزها عن مائية ماكنسن. ولكن يجب القول أولا أنهما متشابهتان في الأنياب وبأنهما من الثعابين السامة طبعا، كما أن مائية مانكسن تمضي الكثير من الوقت في الماء، كما تحب تسلق الأشجار التي تتدلى من فوق الأنهر أو البحيرات، ما يساعدها على القفز في الماء حالما تتعرض لأي خطورة فتصبح في أمان، ولكن إذا كانت الشجرة مستقيمة لا يمكن لتلك الأفعى أن تتسلقها لأنها لا تتقن تسلق الأشجار، أما المتهادية فهي من الأفاعي الشجرية، وتعيش فوق الشجر، أي أنها تمضي الوقت في تسلق الأشجار.
تكثر هذه الأفاعي وسط الأدغال الكثيفة كما أنها تعيش في مزارع الجزر في فيليبين، وأماكن أخرى مشابهة. حيث تمضي الوقت فوق النباتات والشجيرات الصغيرة.
لا شك أنها تأكل الكثير من الحيوانات التي تجدها فوق تلك الشجيرات، ومن بينها العصافير، كما تأكل السحالي، دون أن تتخلى كذلك عن الفئران والجرذ التي تعثر عليها تحت الشجيرات، وهي تتدلى من فوق لتلسعها وتقتلها وتأكلها. أي أنها تأكل أنواعا كثيرة من الطعام تفوق ما تأكله الثعابين الشجرية المشابهة الأخرى.
مع أنها من الثعابين التي تسكن الأشجار، ولكنها لا تتحرك بسرعة أبدا، بل هي من الثعابين البطيئة والكسولة، تتقن التسلق دون أن تتحرك بسرعة. كما تتمتع بذيل إمساكي، أي أنها تستعمله كي تمسك به أغصان الشجر كما يمسك المرء الأغصان بيديه، أي أنها تجيد التسلق ولكنها لا تقفز بين الأشجار كما تفعل الكثير من الثعابين الشجرية الأخرى، بل تتحرك ببطئ شديد فوق الأغصان.
نعرف بأن للأفعى المتهادية أسم آخر تشتهر به، فهي تسمى بأفعى المعبد، أما السبب في ذلك فهو أنها تتحرك بحرية كاملة في أحد المعابد المنتشرة في جزيرة بانينغ، يمكن العثور هناكعلى كميات كبيرة من هذه الثعابين تتسلق الأشجار والنباتات الكثيرة داخل المعبد، وهي تسكن هناك لأن الناس يغذونها. يوجد هناك الكثير منها، والكثير من الناس المعجبين بالثعابين، علما أنها لا تلسع أي شخص منهم. وهذه مسألة غريبة ولكن يقال أنها حقيقة واقعة في تلك الجزيرة.
الأمر الغريب الآخر بشأن هذه الأفعى هو أنها مدعى للتفاؤل، وذلك في جزيرة بورنيا، الكثيرين من سكان الجزيرة يحبون أن تسكن إحدة هذه الأفاعي فوق الشجيرات المجاورة لبيوتهم لأنها مدعاة للتفاؤل بالخير والصحة والسعادة وتحسين كل شيء بالنسبة لسكان البيت المجاور.
قد يعتقد الناس هناك بالأمر جديا، علما أن هذا الاعتقاد لن يجعل البعض يتصل بتلك الجزيرة طلبا لبعض الثعابين، لأني متأكد بأن باقي أنحاء لعالم من الولايات المتحدة إلى أمريكا الجنوبية وأفريقيا وإسبانيا وبريطانيا ستتمسك بأسباب تفاؤلها الخاصة كالأرانب والحمائم وحدوة الحصان، ولا أظن أن أحدا اليوم يجمع هذه الأشياء لأنه يتفاءل بها.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2009, 02:01 PM رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

أفعى الجرذ الصفراء

ارتأيت أن نبدأ بالتعرف على حية تعيش في الجنوب الشرقي من الولايات المتحدة الأمريكية.

تمتد مناطق هذه الأفعى تحديدا من شمال كارولاينا، نزولا نحو عبر الجنوب نحو ولاية فلوريدا، وهي أحد أفراد عائلة ثعابين الجرذ، الكبيرة والمتشعبة جدا، فمن بينها الأحمر والأسود والزهرية وأفعى جرذ إفيرغلاد وغيرها الكثير من الثعابين التابعة لهذه الفصيلة، أما هذه فتعرف بلقب أفعى الجرذ الصفراء، التي تعتبر من الأكثر عددا بين أفاعي الجرذ، وهي ليست الأكثر، كما هو حال أفعى الجرذ السوداء.
يمكن لطول الصفراء أن يتراوح عادة بين أربعة وستة أقدام، علما أنها أحيانا ما تصل إلى سبعة أقدام، أي أنها كبيرة جدا. عادة ما يكون جسم هذا الثعبان كباقي أبناء فصيلته، على شكل رغيف الخبز الإفرنجي. أعني بذلك أن بطنها مسطحا، كما أن جانبيها مستقيمان، أما ظهرها فينحني بنصف دائرة.
هناك ثعابين أخرى تتمتع بهذه المواصفات، ومع ذلك عادة ما تكون ملامح ثعابين الجرذ على هذا النحو، فإذا عثرت على ثعبان وأردت التأكد مما إذا كان من أفاعي الجرد، فإن لم يكن جسمه بهذه المواصفات، فهو ليس كذلك.
عادة ما تضع الصفراء البيض ، كغيرها من أفاعي الجرذ، أما بيضها فهو غريب نسبيا لأنه عادة ما يكون بيضاوي طويل الشكل. عندما يخرج الصغار من البيضة، لا تبدو كالثعابين الكبيرة أبدا، بل تغطي جسمها الكثير من البقع ، كما يمضي الكثير من الوقت قبل أن تبدو شبيهة بمن يكبرها، فمع نموها ونضوجها تتخلص من البقع تدريجيا، لتعزز بالوقت نفسه الخطوط الطويلة الأربعة التي تمتد على طول جسمها. من الطبيعي أن تحمل الأفعى الصفراء اسمها من ميلها نحو اللون الأصفر، وهناك بعض التنوع في اللون الأصفر لديها، فهي في ولاية فلوريدا تتميز بلون أصفر شديد الوضوح، لدرجة أن الخطوط الطويلة التي تعلوها تبدو وكأنها خطوط ذهبية براقة تمتد على طول جسمها، ولكن كلما توجهت شمالا، كلما أصبح لونها داكنا، حتى أنها تصبح في بعض المناطق بلون البيج الداكن أو ما شابه ذلك، موشحة بخطوط بنية أو حتى سوداء على طول ظهرها. أما الثعابين التي تسكن أقاصي الشمالي فهي تتزاوج من أفاعي الجرذ السوداء، وعادة ما نجد في تلك المناطق أفاعي جرذ من لون ثالث، وهي المخضوضرة اللون، التي تنجم عن التزاوج بين أفاعي الجرذ السوداء والصفراء، وهكذا إذا أضيف الأصفر على الأسود ينجب الأخضر، ما يزيد لونا إضافيا على عائلة أفاعي الجرذ الملونة جدا على أي حال.
يعرف عن الأفعى الصفراء أنها عاصرة قوية جدا، وهي تعتمد هذه الطريقة لاصطياد وأكل الحيوانات التي تعيش عليها. كما يعرف عن هذه الأفعى أن تتقن تسلق الأشجار، علما أن جميع أفاعي الجرذ تتقن ذلك، ولكن بعضها يمضي الكثير من الوقت على الأرض، كما هو حال الحمراء منها التي تمضي غالبية وقتها على الأرض، أما الصفراء بالمقابل فهي تمضي غالبية الوقت فوق الأشجار. والحقيقة أن أكثر الناس الذي يلتقون بالأفعى الصفراء هم الذين يعبثون في أشجار النخيل، ولكن هذا ليس بالمكان الوحيد الذي تسكنه، بل تنتشر أيضا في المستنقعات، فإذا ذهبت إلى هناك من المحتمل جدا أن تجدها فوق الأشجار القبرصية، فهي تحب العيش في تلك المناطق، كما تحب أن تعشش بين الأخشاب، وأحيانا ما تجدها في حقول المزارع المهجورة، وقد تعثر عليها في المنازل والأطلال المتروكة منذ زمن بعيد، كما تحب العيش أيضا في الحظائر، وعما تبحث هناك؟ عن الجرذ والفئران، على اعتبار أنها الطعام المفضل للأفعى الصفراء، التي لها اسم آخر، فهي عادة ما تعرف باسم أفعى الدجاج. وهي لا تحمل هذا الاسم لما لها من ريش أو لأنها تتميز بالجبن، بل لأنها تحب أكل الدجاج وبيض الدجاج.
وهكذا فإذا عثر المزارع على الثعبان في الحظيرة فلا بأس بذلك وفي الحقول أيضا أما إذا عثر عليها في قن الدجاج، فلن يسره الأمر، لأن مجرد أفعى واحدة من هذه طولها ستة أقدام تستطيع أن تأكل من ستة إلى ثمانية بيضات دجاج الواحدة خلف الأخرى، هذه كمية كبيرة فعلا، ما هو مفيد جدا للثعبان الأصفر وليس للمزارع بالطبع، لهذا فهو لا يحب أن يراها في قن الدجاج ويفضل أن تبقى في الحظيرة أو في الحقول.
أي أن أفعى الجرذ الصفراء تحب أكل الجرذ والفئران والدجاج والبيض وما شابه ذلك، ولكنها تحب الطيور البرية أيضا وبيضها، أي أنها إذا عثرت فوق الأشجار على عش مليء بالبيض، لا تتردد بالتسلق وأكل ما فيه. وكثيرا ما يكون زوج الطيور في منطقة مجاورة فيحاولان الدفاع عن العش ويقتربان منه فيأكلهما أيضا. أي أن هذه الثعابين تتمتع بالقدرة اللازمة لاصطياد الأطعمة التي تأكلها.
كيف تتخلص أفعى الجرذ الصفراء من أعدائها؟ طبعا تمضي هذه الأفاعي الكثير من الوقت فوق الشجر دون أن يتنبه أعدائها بأنها هناك. وعندما يفاجئها حيوان ما عادة ما تتسلق الأشجار لتصبح بعيدا عن منال حيوان يستهدفها. ومع ذلك أحيانا ما يحشر وهو على الأرض، فهذه الحالة لا يجد بدا من القتال، وأول ما يفعله هو لف جسمه حول نفسه ثم يفتح فمه ليهاجم عدوه مرة بعد أخرى ، وفي هذه الأثناء ينفذ ويرفع ذيله ليلوح به ويهزه بشدة كما تفعل المجلجلة، أي أنه عدواني جدا عندما يقاتل أعدائه.
إن لم يتركه المشاكس وشأنه يلسعه مرة بعد أخرى،، وهو يتسلح بفك قوي وأسنان حادة، صحيح أنه ليس لديه أنياب ولا سم ولكن لسعاته مؤلمة جدا، ولكن عندما يرى بأن العدو لن يتركه وشأنه يرشه برائحة كريهة. إذا تمكن العدو من حمله وأوشك النيل منه، يرشه بالرائحة، قد يوحي ذلك بأنه يبول عليه مع أنه يفعل ذلك بالوقت نفسه أيضا، ولكن هذه الرائحة هي سائل ينثره فوق جميع أرجاء جسم عده، يطلق رائحة كريهة جدا،، لا تحتمل. عندما يفعل ذلك يضطر الحيوان لإفلات الأفعى الصفراء ويلوذ بالفرار للتخلص من تلك الرائحة الكريهة، ولكن لسوء حظه لا يمكنه التخلص من الرائحة بسهولة ما يعني أن هذه الرائحة ستنطلق من ذلك الحيوان البائس لبضعة أيام. أي أن هذه الأفعى تعتمد على سبل رائعة للتخلص من أعدائها كما أنه بارع في اصطياد الأطعمة التي يحبها.
=-=-=-=-=-=-=
والآن سنتحدث عن أحد أفراد عائلة الوَرل، وهو يسكن في جنوب تايلاند وجنوب بورما، كما في إندونيسيا وماليزيا، وهو يسمونه ذات العنق الفظ. يمكن أن تروا بوضوح من أين جاء بهذا الاسم إذا تأملتم في العنق لترون كل هذه النتوءات الصلبة التي تعلوه، ما يوحي بأنها قاسية جدا، أي أن ذات العنق الفظ اسم مناسب لهذه السحلية.
نعرف عن هذه السحلية أنها ذات حجم كبير نسبيا مع أنها ليست عملاقة مثل كومودو دراغون الذي يبلغ طوله اثني عشر قدم، ولكن ذات العنق الفظ قد يصل إلى خمسة أقدام أو أكثر بقليل. أي أن حجمه كبير نسبيا.
لدى جميع السحالي ألوان وبقع متنوعة أما ذات العنق الفظ، فإن لونه الأساسي هو الأسود، لنوضح أكثر نقول انه بدل أن يكون له لون عادي فهو عادة ما يتميز بالسواد. أي أنه نقيض للأبرص مثلا، ذات لون أبيض أساسي، أما هذا فلونه الأساسي أسود.
عادة ما يعلو رأس الورل العادي، اللون البني، واللون البني فوق خديه وجنبات عنقه، إلى جانب خطوط تمتد من عينيه إلى عنقه، كما ترتسم عبر كتفيه خطوط صفراء لتعبر ظهره وقوائمه الأمامية. وعادة ما يتميز أيضا بعض البقع الصفراء التي تعلو جسمه وذيله. أي أن هذا ما يبدو عليه الورل ذات العنق الفظ. أما السوداوي منها فهو مغطى بالسواد التام. أما الذي معنا هنا فهو يسمى ذات العنق الفظ الأسود، وهو ليس سوداوي بالكامل، بل لديه بعض البقع الصغيرة فوق ظهره التي يمكن أن نراها هنا، كما يمكن أن نرى بعض الخطوط المميزة التي تصل بين ظهره وقائمتيه الأماميتين، علما أنها داكنة أكثر مما يتميز به الورل العادي من هذه الفصيلة.
لا شك أن ذات العنق الفظ ينتمي إلى فصيلة الورل، التي تنتمي إلى السحالي التي تعيش على اللحوم، وهي تأكل أنواع مختلفة من الحيوانات، فمنها من يعتاد على أكل الفئران والجرذ والقشريات والأسماك، ومنها من يأكل العصافير وبيضها، والتماسيح وبيضها، ومنها ما يأكل حيوانات أكبر من هذه، كما هو حال الخراف والماعز، وقد نتحدث عن ورل كبير جدا مثل كومودو دراغون الذي قد يأكل الأبقار أو حتى الثيران. أي أنه من السحالي التي تأكل أنواع مختلفة من الحيوانات.
ولكن من الأطعمة الفضلة لدى غالبية أنواع الورل، اللحوم المتعفنة ذات الروائح الكريهة، التي تعثر عليها وسط الغابات التي تسكنها. أما ورل العنق الفظ، فيأكل بعض الأشياء المختلفة. نذكر أولا أن هذا الورل يسكن في ظروف بيئية محددة، فهو لا يوجد إلى في الغابات الاستوائية الخضراء دائما، وهي ليست أماكن عادية في أي مكان من العالم، كما أنها لا تتغذى على نفس الأطعمة التي يأكلها باقي أنواع الورل، لأنه يتغذى على الحشرات وحدها على الأرجح، من الأطعمة التي يفضلها النمل الأبيض، وحتى يشبع من أكلها لا بد أن يأكل كميات كبيرة جدا. كما يأكل أيضا نوع من النحل الذي يسكن الأشجار، كما يأكل حشرة أخرى تكثر في تلك الأدغال وهو يعرف بفازميد، قد يتساءل البعض عن شكله وهو في الواقع يسير مستقيما وكأنه قش متحرك، أحيانا ما يجدونها في حدائق المنازل القريبة من هناك. أي أن هذا الورل يعيش على أكل الحشرات، مع أنه قد يأكل أحيانا بعض القشريات أو الضفادع أو حتى العنكبوت، ولكنه في أغلب الأحيوان يتغذى على الحشرات وحدها.
يتمتع الورل الأسود بعدد من المزايا الخاصة التي تساعده في العيش على هذا النحو. لننظر أولا إلى مخالبه، يمكن أن ترى بوضوح أن لديه مخالب طويلة وثقيلة وحادة جدا، وهو يستخدمها لعدة أهداف، فبما أنه يسكن فوق الشجر تفيده في براعة التسلق، ذلك لأنها تمكنه من التمسك بالأغصان والتحرك هناك بكثير من الرشاقة. أضف إلى ذلك أنه يستعملها لرفع لحى الشجر للوصول إلى الحشرات، كما تمكنه من تمزيق الأخشاب المتعفنة للنيل من الحشرات التي تختبئ فيها، وهو مدرب على ذلك جيدا. أي أن المخالب هامة جدا بالنسبة لذات العنق الفظ. الميزة الأخرى بالغة الأهمية بالنسبة لنمط حياته، هو الأنف، لنتأمل جيدا بالأنف، علما أنه من الأفضل أولا أن نعثر على أنفه. عندما تتخيل سحلية ما أين تتصور أنفها؟ في نهاية المخروط الأمامي حيث يكون أنف السحالي. ولكن هذا الورل يختلف تماما. أريدك أن تتأمل بجانب وجهه، وعلى مسافة قريبة من عينه، بعيدا عن فمه، هناك ثقب صغير. هذا هو الأنف، أي أن أنفه ليس في نهاية فمه. هناك أسباب لهذه الميزة، منها أن هذا الورل يتغذى كما قلنا على النمل الأبيض. أما طريقة أكل النمل الأبيض فهي تكمن بفتح ثغرة في موقع خليتها حيث يدس بفمه ويبدأ بالأكل دون توقف. ماذا يحدث له لو كان أنفه فوق فمه، كما هو الحال بالنسبة لأنف البشر المفتوح باستمرار؟ ماذا لو كان أنفه هناك؟ ماذا سيحدث؟ من الطبيعي أن يدخل مئات النمل إلى أنفه، ما قد يصيبه بالجنون حتى وإن كان فظ العنق.
أما هنا فنلاحظ أن الأنف في أعلى الوجه، وهكذا يمكنه أن يغمس فمه ليأكل ما يريده من النمل الأبيض، دون أن يتعرض أنفه للأذى، وحتى إذا تمكنت من الوصول إلى أنفه، نرى أنه يتمتع بنوع من الصمامات، حين يقفلها لا يمكن لأي نوع من الحشرات أن يدخل إلى أنفه. أي أن هذه ميزة مناسبة، ولكن هناك سبب آخر يجعل هذه الثقوب على جانبي وجهه وليس في أسفله، هو أن هذه السحالي تعيش فوق أشجار الغابات الاستوائية، التي عادة ما تكثر في أشجارها الأشواك الحادة، ولو كان أنفه متدنيا لتعرض لإحدى هذه الأشواك، كان ذلك ليؤلمه جدا، وهكذا فإن وجود الأنف بعيدا بالقرب من العينين، وبما أنه يتمكن من إقفالها، فهو غير مجبر على القلق بهذا الشأن .
وهكذا يمكن أن ترى بأن ورل العنق الفظ يتمتع بالمزايا اللازمة التي تمكنه من الحصول على الأطعمة التي يحبها، و من العيش وسط الغابات الاستوائية الخضراء.
=-=-=-=-=-=-=
نتحدث الآن عن ثعبان يسكن في غينيا الجديدة وأستراليا، وهو يسمى أصلة السجاد. قد يتساءل البعض الآن أي اسم هذا؟ وهل يسمى أصلة السجاد لأن الناس تمشي عليه؟ كلا. أم انه يحمل هذا الاسم لأن الناس يستعملون جلده لصنع السجاد؟ كلا. إذا تأملت بالبقع التي على ظهره قد تشعر وكأنك أمام نمط قديم من الحياكة بألوان باهتة جدا. ليست فاتحة اللون ولا داكنة بل مجرد ألوان باهتة من أثر السنين، هذا هو مصدر اسم ثعبان السجاد. علما أن اللون الأبيض الداكن يغلب على جسمه مع الكثير من البقع البنية الداكنة اللون فوقه، وهو ليس موحد الألوان أو بعدة ألوان كما يمكن أن نرى. له قريب يسمى الأصلة الماسية، وهو أكثر تلونا منه، على اعتبار أنه نسيج من الأزرق والأسود وتعلو حراشفه بعض البقع الصفراء، التي هي بشكل الألماس اللامع فوق جسمه، لتمنحه هذا الاسم.
كان الناس ولفترة طويلة يعتبرون أن الأصلة الماسية وأصلة السجاد هما اسمان لأفاعي متفرعة من فصيلة واحدة، أما اليوم فقد تبين أنهما من فصيلتين مختلفتين، ولكنا اليوم لن نخوض فيما إذا كانتا من فصيلة واحدة أم لا، ما يهمنا في الأمر هو أنهما متقاربتان جدا أيا كان تصنيفهما.
عادة ما تبلغ كل من الأفعى الماسية وأفعى السجاد أحجاما كبيرة، إذ يمكن لهذه أن تتراوح بين ثمانية وعشرة أقدام، مع أنها أحيانا ما تصل إلى أربعة عشر قدم. أي انها كبيرة فعلا. نعرف عن هذه الأصلة بأنها من العاصرات، أي أن هذا هو الأسلوب الذي تتبعه للحصول على غذائها، فهي ثعبان قوي مثل جميع العاصرات، وكالكثير منها ، إذا كنت تمشي في غينيا الجديدة وأستراليا بحثا عنه، قد تجده قريبا من مجاري المياه، فالكثير من هذه الثعابين يسكن قريبا من الماء، لهذا يمكن أن تجدع إلى جانب الأنهر والبحيرات والبرك والقنوات بين غيرها. كما يمكن العثور على أصلة السجاد فوق الأشجار، فهذه الثعابين ليست ماهرة في السباحة فحسب، بل تتقن التسلق أيضا، فالحقيقة هي أن للأصلة ذيل إمساكي، يمكن أن تراه الآن ممسكا برسغ يدي، أي أنه يمسك بأغصان الشجر بشدة، كما يمسك المرء بها تقريبا، ما يجعلها متسلقة بارعة.
عادة ما تعيش أصلة السجاد على حيوانات مثل الفئران والجرذ وما شابه ذلك، علما أنه في كثير من أنحاء أستراليا وغينيا الجديدة، يبحث العديد من المزارعين عن هذه الثعابين في الجوار، ويأتوا بها ليطلقونها في الحظائر والحقول، أي أنهم يستخدمونها لمكافحة الفئران ولجرذ والأرانب هناك. أي أن هذه الثعابين عادة ما تكون ودية للمزارعين في أستراليا.
لدى أصلة السجاد ظروف غير اعتيادية أخرى في أستراليا، لنذكر أولا أنها ليست من الثعابين السامة كجميع ثعابين الأصلة، علما أن أستراليا هي البلد الوحيد الذي يحتوي على عدد من الثعابين السامة أكبر من تلك الغير سامة، ففي أي مكان من العالم، بدءا من جنوب أمريكا وشمالها وأوروبا وغيرها، فهي تحتوي على عدد الثعابين الغير سامة أكبر من تلك السامة، أي أنها في أمريكا الجنوبية عادة ما لا تكون سامة، أما في أستراليا فغالبا ما تكون سامة.
على هذه الأصلة أن تنافس الثعابين السامة، فمن يعمل بجهد أكبر؟ لنفكر بالأمر ونأخذ أفعى النمر مثالا على ذلك لأنها من الأفاعي السامة في أستراليا، لنفترض أنها رأت أرنبا، ماذا تفعل كي تأكله؟ تلسعه لتقتله وتبلعه. وماذا عن أصلة السجاد؟ عادة ما تمسك به وتلف جسمها حوله وتعصر حتى يعجز عن التنفس، وبعد أن تقوم بذلك، تمسك به للتأكد من موته، ثم تطلق سراحه، وتراقبه لبضع لحظات للتيقن من موته فعلا، ومن أنه لا يدعي الموت، وحينها، تبتلعه. من يعمل أكثر؟ أصلة السجاد. عليها أن تقوم بعمل أكبر لتأكل الحيوان ذاته، لهذا من الصعب على عاصرة كأصلة السجاد أن تنافس الثعابين السامة، التي تتقن الصيد أكثر وتستطيع أن تأكل أكثر. ولكن المجال الذي تتفوق فيه الأصلة هو أنها تستطيع الصيد في ثلاثة ظروف بيئة مختلفة. فهي تصطاد فريستها عند الماء، وفوق الأشجار وعلى الأرض أيضا، أما الأفعى السامة فهي لا تأكل إلا في ظرف بيئي واحد ومحدد، فإما أن تكون أفعى مائة أو شجرية أو برية. ما يمكن هذه الأصلة عبر قدرتها على العيش في ظروف بيئة متنوعة، من صيد المزيد من الحيوانات ما يمكنها من منافسة الثعابين السامة، رغم أنها لا تتمتع ببراعة في القتل تماثلها.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2009, 02:02 PM رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

بوا قوس قزح

أريد أن أبدأ بالتحدث عن هذه الأفعى التي تتمتع باسم جميل جدا. عندما أخبركم عن اسم هذه الأفعى سيقول البعض في نفسه أن أتحدث عن أفعى مختلفة، فقد يبدو لكم أنه لا يرتبط بهذا الثعبان. تحمل هذه الأفعى لقب بوا قوس قزح. أعرف أن البعض يتذكر الآن بأن قوس قزح يعج بالألوان وهو يسطع في الأفق أحيانا بألوانه المتعددة بين الأحمر والأخضر والأصفر عندما تمطر السماء في الأيام المشمسة، وهو مشهد رائع الجمال، أما هذه الأفعى فيغلب عليها لون الوحل البني، فلماذا يسمونها بوا قوس قزح؟ لا يعود الفضل بهذا الاسم لشكلها في الظروف العادية، بل لما تبدو عليه من ألوان في الأيام المشمسة جدا، حين تسطع الشمس تعكس هذه الثعابين بعض الضوء، حين تضربها أشعة الشمس تؤدي الحراشف التي فوق جلدها إلى انعكاس الضوء، مشحون بالكثير من الألوان التي تنعكس خضراء وحمراء وزرقاء وصفراء لامعة حول جسمها، فتبدو رائعة الجمال، ومن هنا يأتي اسم بوا قوس قزح. وبما أن هذا يوم غائم نسبيا لا يمكن الحصول على ذلك المزيج من الألوان التي نراها في الأيام المشمسة، مع أني إذا حركتها قليلا يمكن أن ترى بعض الألوان البسيطة، ولكنها لا تشبه تلك التي تسطع تحت أشعة الشمس.

يمكن أن ترى بأن هذه الأفعى بالغة الجمال، تلمع بألوان ساطعة في الشمس، أما في الظل فيغلب عليها لون الوحل كما ترى فتبدو مختلفة عما تراه تحت أشعة الشمس.
تعيش هذه الأفعى في أمريكا الوسطى والجنوبية، وهي تنتشر في المساحات الممتدة بين كوستا ريكا جنوبا نحو الأرجنتين، وتسكن تحديدا في الأدغال وغابات المطر الاستوائية وما شابه ذلك من مناطق على وجه الخصوص.
هذه هي الظروف البيئية التي تعيش في وسطها، وهي تتغذى هناك بشكل رئيسي على حيوانات كالفئران والجرذ، وعادة ما تعثر عليها على الأرض، على اعتبار أن بوا قوس قزح تمضي وقتها في الزحف على الأرض، فهي من الثعابين البطيئة والكسولة جدا، كما أنها ليست كبيرة الحجم بل تميل إلى البدانة وثقل الوزن، وقلما يتعدى طولها حوالي أربعة أقدام، مع البوا عادة ما تكون طويلة وضخمة إجمالا إلا أن هذه قصيرة وبدينة في أغلب الأحيان، ولا يطول حجمها كثيرا.
ذكرت بأنها تمضي وقتها زحفا على الأرض ومع ذلكم فهي أحيانا ما تتسلق الأشجار. أما على الأرض فتقوم الحية باصطياد فريستها من الفئران والجرذ، ولكن قد يتساءل البعض هنا، كيف تصطادها؟ مع أنها بطيئة جدا ولا يمكن أن تطارد أحدا في العدو خلفه أو ما شابه ذلك، ولكن ملا تقوم به هو الاختباء تحت كومة من الأعشاب أو النباتات بانتظار أن يمر فأر أو جرذ حتى تنطلق لتقبض عليه، ثم تعصره لأن البوا دائما من العاصرات، التي تخنق فريستها وتبتلعها. لا بأس بذلك مع أني أشعر بأن أحدكم يعترض بالقول وماذا إن كان الجو مشمسا؟ سوف تسطع الشمس والثعبان مختبئ تحت العشب، ما يجعل حراشفه تعكس الأشعة بألوانها المتعددة فيبدو وكأن قوس قزح صار تحت العشب، سيستغرب الفأر والجرذ ما يجري لأنه يعرف بأن قوز قزح لا يظهر من تحت الأعشاب، وسيبقى بعيدا، ما يحول دون اصطياد الثعبان لأي فريسة هكذا. قد يكون ذلك صحيحا لو أن النباتات التي تكثر هناك لا تعكس النور أيضا، غالبية النباتات في تلك المناطق تعكس أشعة الشمس بالأحمر والأخضر والأزرق والأصفر، تماما كما يفعل الثعبان من تحتها، أي أن النباتات تعكس الضوء كالثعبان تماما، ولو لم يكن الثعبان هكذا لتمكنت الحيوانات من تمييزه بسهولة، ولكن بما أنه والنباتات متشابهان، لا يمكن رؤيته بسهولة، لأنه يتخفى تحت ألوان جسمه الواقية، ما يحول دون رؤية الفأر له فيقترب جدا منه ليقع بين فكيه، وهذه طريقة مناسبة لحصول هذه الثعابين على غذائها.
قد يتساءل البعض إذا كان ما هرا في اصطياد فريسته على الأرض، لماذا يتسلق الأشجار؟ لأنه يجد بعض ما يحب جدا أن يأكله فوق الأشجار. أعرف أن بعضكم قد يقول الآن بأنه يحب أكل الطيور. كما أن البعض الآخر قد يفكر بأنه يحب أكل السحالي. أحسن من توقع الاحتمالين ولكنه أخطأ في التقدير. هل تعرف ما يحب اصطياده فوق الأشجار؟ الخفاش! الذي يسمونه أيضا بالوطواط، وهي طيور عادة ما تشاهدونها في أفلام مصاص الدماء. وهذا الثعبان يحب أن يأكل الخفاش.
تتقن هذه الثعابين تسلق الأشجار رغم أنها قصيرة الحجم وبدينة نسبيا، مع أن غالبية أنواع البوا الشجرية نحيلة تتمتع بتسلق الأشجار ببراعة وإتقان، أما هذه الثعابين فهي كسولة وبطيئة جدا في الحركة فوق الشجر. علما أنها تتمتع بذيل إمساكي كما ترى هنا أنها تمسك بإصبع يدي بشدة، وهي تستعمله للتمسك بالأغصان كي لا تسقط عنها، أي أنها ليست سيئة التسلق بل هي بطيئة في الصعود والحركة إجمالا.
كيف لهذا الثعبان أن يصطاد الخفاش؟ علما أن الخفاش يحلق في الليل، ولكن كيف يرى الخفاش في الليل؟ لا يعتمد الخفاش على عينيه في الليل ولكنه يتمتع بما يشبه الرادار الكاشف، التي ترسل إشارات تساعدها على تحديد مواقع الأشياء من حولها، لهذا لا يمكن أن يصطدم بالأشجار وأعمدة الكهرباء وأسلاكها وما شابه ذلك، فالخفاش لا يواجه مشاكل من هذا النوع. ولكن كيف لأفعى قوس قزح أن تصطاد الوطواط؟ الظلام حالك ولا يمكنه الرؤية بسهولة، إذا تمعنت النظر في وجه الأفعى سترى بالقرب من عينها ثقب صغير، أما وظيفة هذا الثقب فهي الإحساس بالحرارة، تماما كما هو الحال لدى الأفعى المجلجلة، وهي تعتمد على ثقوب حاسة الحرارة لتحديد مكان الخفاش، خصوصا وأنه من ذوات الدم الدافئ كجميع الثديات، وهكذا يمكن للثعبان أن يحدد مكان الوطواط من خلال حرارة جسمه، أي أنه يتمكن دون رؤية الخفاش أن ينقض عليه ويلف جسمه حوله ويعصره حتى يعجز عن التنفس، وهكذا يقتل الخفاش ويتمكن من ابتلاعه بسهولة، يقوم بكل هذه العملية وهو يتلى في الهواء ممسكا بذيله كي لا يسقط عن غصن الشجرة.
أي أن هذا الثعبان يتأقلم جدا مع ظروف الصيد على الأرض وفوق أغصان الشجر، وهو معتاد جدا على ظروف العيش في أمريكا الوسطى والجنوبية.
=-=--=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن سحلية صغيرة تسكن في الجنوب الغربي من الولايات المتحدة، وهي تسمى رشيقة الألف شوكة، يمكن أن ما يبرر هذا الاسم إذا تأملت بكمية الأشواك الهائلة التي تنتشر في جميع أرجاء جسمها بما في ذلك ذيلها وقوائمها وظهرها، ويقال أنها رشيقة لأنها سريعة جدا فما أن تنطلق حتى تعبر مسافة طويلة إنها سريعة فعلا، لهذا تحمل صفة الرشيقة كجزء من اسمها. ولكنها أحيانا ما تسمى أيضا بذات البطن الأزرق لأن لون جانبي بطنها يميل إلى الزرقة، وعلى جانبي الوجه أيضا يمكن ان ترى ميولها إلى الزرقة. لهذا يطلقون عليها هذا اللقب أيضا.
تسكن هذه السحلية في جنوب أريزونا والمكسيك، كما تنتشر في الأرياف المكسيكية أيضا، حتى مدينة فيراكروس، أي أنها تسكن في مناطق شاسعة. يعرف عن هذه السحالي أنها تسلق أعالي الجبال، أي أنها تتواجد فوق مرتفعات تعلو أكثر من خمسة آلاف قدم، كما يمكن العثور عليها فوق سفوح تعلو أحد عشر ألف قدم، أي أنها تعيش في القمم وليس فوق التلال. أما هناك فهي تفضل اللجوء إلى المناطق المعزولة كما هو حال المناطق الصخرية النائية، وأحيانا ما تسكن في سفوح تغطيها أشجار الصنوبر والسرو على أنواعها، مع أنها قد تتواجد أيضا عند أقدام الجبال وذلك في مناطق تسودها الرطوبة حول البرك والجداول أو في المساحات المبللة وما شابه ذلك. أي أن هذه السحالي تعيش على الأرجح في المناطق الجبلية النائية.
عادة ما تمضي هذه السحالي ليلتها في شقوق وتصدعات الصخور، وعندما تخرج في الصباح، يغلب عليها اللون الأسود الداكن، مع أنها كما ترى تميل إلى اللون البني المرقط ببعض البقع البيضاء الفاتحة، أي أن ألوانه تتراوح بين البني والأسود والأبيض وما شابه ذلك، ولكنه عندما ينام في الأخاديد وبين الصخور يغلب على جلده اللون الأسود، وهكذا عادة ما نلاحظ لونها داكنا عندما تخرج صباحا لتستلقي فوق الصخور ما يجعلها مميزة وبارزة بوضوح هناك.
يمكن أن نرى بأن هذه السحالي صغيرة الحجم ولكنها بالغة النشاط. وهي تتغذى على أكل اللحوم تحديدا، أما اللحوم التي تفضلها فهي الحشرات والعناكب، التي عادة ما تعثر عليها في تصدعات الصخور وأخاديدها وفوق الأشجار عندما تتسلق إليها بين الحين والآخر، مع أنها تمضي غالبية الوقت بين الصخور وفوق جدران السفوح الخرية، التي تفضل العيش فيها.
ما هي الطريقة التي تتبعها هذه السحلية لتنجو من أعدائها؟ أول ما يمكن أن تفعله هو القفز والفرار، وهي سريعة جدا تذكر أن اسمها رشيقة، وهذه طريقة جيدة للفرار من الأعداء، وهناك طريقة أخرى تعتمدها من خلال التلاعب معهم، فهي فضولية جدا، تترك العدو حتى يقترب جدا منها، وعند ذلك تقفز وتختبئ على الجانب الخلفي من الصخرة، وتنتظر حتى يتبعها العدو إلى هناك فتلتف حوله وتأتي إلى المقدمة، وحين يتبعها العدو تعود إلى الخلف، وهكذا تستمر في التنقل بين الخلف والأمام، وهذه طريقة أخرى للتلاعب مع العدو، أما عندما يقترب جدا، تغوص الحلية في تشققات الصخور كي تختبئ هناك. وعندما تختبئ هناك تهبط حرارة جسمها فتميل إلى السواد الداكن من جديد. ما يجعلك تراها تختفي تماما في عتمة الأخاديد هناك، فهي تزداد سوادا حتى تعجز فعلا عن رؤيتها، من الممتع جدا رؤية ذلك إذا حصلت على هذه الفرصة، الطريقة الأخرى للتخلص من عدوها هي بجعله بضعها في فمه، وما أن يحاول أن يلوكها حتى تطعنه أشواك الذيل والرأس والجسم، فيضطر للتخلص منه على الفور وهو يقول في نفسه أنه لا يرغب بلقمة شائكة كهذه بل يفضل عليها لقمة سائغة، وهذا ما يخلص السحلية أيضا، وهناك طريقة أخرى تعتمدها جميع السحالي للخلاص من الأعداء، وهي بتحريك الذيل للفت أنظار العدو الذي يمسك بالذيل فينفصل عن الجسد، ليلهي به العدو فتتمكن السحلية من الفرار بين الصخور أثناء انشغال عدوها بالذيل، وهذه طريقة أخرى للخلاص. وبعد ذلك تنبت ذيلا جديدا، يمكن أن ترى بأن هذه السحلية أنبتت ذيلا آخر. وهو هذه القطعة المميزة، يمكن أن ترى بأن الذيل الجديد أصغر حجما ويختلف في اللون كما أنه لم يغطى بعد بالشوك، وإذا تأملت مليا تلاحظ أن لا عظام فيه، ومع ذلك يمكنه أن يحركه بسهولة كذيله الأساسي ما يمكن من استخدامه على هذا النحو عدة مرات ليخدع أعدائه. تتفوق هذه السحلية على غيرها في أنها لا تضع البيض، قد يعتقد البعض أن ليس هذا أي فارق بل هو فارق كبير لأنها تنجب الصغار أحياء، وإذا ما هاجمهم عدو ما بعد الولادة مباشرة هل يمكنهم الفرار؟ طبعا، هل يمكنها الاختباء؟ بلا شك، وهل يمكنها القتال؟ من المحتمل جدا أن تتمكن من ذلك أيضا. أما إن كانت تبيض فما هو مصير البيض، بكل بساطة لا يمكن للبيض أن يلوذ بالفرار أو الاختباء ولا القتال طبعا. أنه من الأفضل للسحلية أن تنجب صغارها أحياء دون أن يبقوا في البيض عاجزين عن الحراك. الجميع يأكل البيض، ومن الأصعب أن يمسك أحدهم بصغار السحالي، أي انها متفوقة جدا في هذا المجال.
وهكذا يمكن أن ترى بأن الرشيقة ألفية الأشواك معتادة جدا على ظروف العيش في أعالي الجبال في مكسيكو وأريزونا وجزء من أرياف المكسيك.
=-=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن واحدة من الأفاعي التي تنمو لتصبح واحدة من أكبر الثعابين في العالم، حتى أنها تنمو لتصبح الأثقل والأشد بدانة في العالم، وهي تسمى أناكوندا الخضراء، تعيش هذه الأفعى في أمريكا الجنوبية، ضمن مناطق تمتد من كولومبيا حتى البراغواي، وهي عادة ما تنتشر في الأدغال الاستوائية، وتحديدا في المناطق التي تنساب فيها الأنهر ببطء شديد. هذه إلى الأجواء التي تحب العيش فيها، تنمو أناكوندا الخضراء لتصبح كبيرة الحجم، حتى أن طولها قد يبلغ تسعة وعشرون قدم، ومع ذلك فهي ليست أكبر الثعابين في العالم فالأصلة المتشابكة يمكن أن تبلغ اثنين وثلاثون قدم، علما أن هذه الأفعى تصبح أثقل وزنا وأكثر بدانة من أطول أصلة متشابكة، أي انها أثقل وأكثر الثعابين بدانة في العالم.
سأعطي فكرة عن الحجم الذي يمكن أن تبلغه الأناكوندا الخضراء، لقد كان لدينا واحدة منها منذ فترة مضت، وكانت ذكرا، بلغ طولها تسعة عشر قدم، وصل وزنها إلى مائتين وخمسة وثلاثون رطلا، وعندما قمنا بقياس الدائرة الأوسع في جسمها، بلغت ثلاثة أقدام، أي أن عرضها يوازي خصر شخص قياسه ستة وثلاثين، أي انها ضخمة فعلا. ومع ذلك لم تكن بحجم قريب من الأناكوندا العملاقة جدا، بل كانت صغيرة نسبيا، أي أنها تصبح عملاقة فعلا.
سبق أن ذكرت بأنها تعيش في الأدغال الاستوائية وغابات المطر على جوانب الأنهر الساكنة والبحيرات، لأنها تمضي الكثير من وقتها في الماء، وهي تحب المياه الهادئة جدا، فإذا ما وجدت نهرا تتدفق المياه فيه بسرعة أو تكثر فيه الشلالات أو ما شابه ذلك، لا يمكن أن تعثر على أناكوندا إلى جانبه، لأنها تفضل المياه الساكنة الهادئة التي تبدو وكأنها راكدة. وهذه هي الطريقة التي تتحرك فيها أيضا، فهي على الأرض تتحرك ببطء شديد، كما أنها ليست سريعة في المياه أيضا، فرغم انها تمضي الكثير من وقتها في الماء، لا يمكن اعتبارها سباحة بارعة، ذلك أنها ثقيلة وكبيرة الحجم كما قلنا، لهذا فهي تتحرك في الماء ببطء شديد، وليست رشيقة وسريعة كما هو حال أفعى البحر والأفاعي الأخرى المشابهة التي تتقن السباحة برشاقة. أي أن هذا لا ينطبق على أناكوندا، التي هي بطيئة في الماء وبطيئة على اليابسة، مع أنها تسرع أكثر بقليل في الماء منه عل اليابسة.
بما أنها تمضي الكثير من الوقت في الماء، قد يعتقد المرء بأنها تأكل الكثير من الأسماك، ولكن هذا غير صحيح، فهي لا تأكل الأسماك أبدا، أما السبب فيكمن في صعوبة صيدها. هل فكرت يوما بصيد سمكة في يديك؟ يكاد يكون مستحيلا، مع أن المثابرة قد تمكنك من ذلك، ولكن هل يمكن لأحد أن يصطاد سمكة في فمه؟ طبعا لا، وهذا هو حال الأناكوندا أيضا، خاصة وأنها مجبرة على الصيد بفمها لأنها لا تتمتع بالأيدي. أي أنها ليست صيادة ماهرة، غالبية الحيوانات التي تصطادها في الماء كما هو حال الطيور البحرية أو البط أو العصافير الأخرى التي تعيش بالقرب من الماء، أو تلك التي تنزل إلى الماء كي تشرب، أما طريقة اصطياد هذه الحيوانات والطيور فهي نصب الكمائن لها، عادة ما تخفي جسمها تحت سطح الماء، وتبقي عيناها والأنف مفتوحة فوق سطح الماء، ثم تنتظر نزول الحيوانات كي تشرب، وما تكاد تبلغ الماء، حتى تنطلق الأفعى من مكانها وتنقض فوق الحيوان وتلف جسمها على جسمه وتعصره حتى يعجز عن التنفس خصوصا وأنها عاصرة قوية، وبعد أن تخنقه تبتلعه كاملا. سبق أن أوضحت بأنها تأكل البط والطيور على أنواعها، كما تأكل القوارض الأمريكية التي تنتشر هناك، وكثيرا ما تتغذى على حيوانات كبيرة الحجم. كما هو حال بعض الأغنام البرية كالماعز وما شابه ذلك، إلى جانب البابير وهو حيوان يأكل النمل وله خرطوم قصير نسبيا قد يبدو فيه كصغار الفيلة، وهذه الأفعى قادرى على ابتلاعه. وأحيانا ما تبتلع تمساحا بكامله، من تلك التي تسكن في أمريكا الجنوبية، أي أنها تأكل أنواعا كثيرة من الأطعمة.
كيف لأناكوندا أن تنجو من أعدائها؟ نذكر أولا أن ليس لها الكثير من الأعداء، ولكنها بارعة في التخفي، فعادة ما تعج الأنهر التي يعيش إلى جانبها بالأعشاب والنباتات الكثيفة، التي يزج نفسها بينها فلا يعد بالإمكان رؤيته. وحتى لو لم تكثر الأعشاب هناك عادة ما تميل مياه تلك الأنهر إلى اللون الأخضر أو البني أو تعج بالطحالب، وهكذا يمتزج الثعبان لونه بسهولة مع تلك الألوان، خصوصا وأن البقع التي فوق جسمه تفيده جدا في ذلك. إذا اقترب منه شخص ما عادة ما يخافه، فإنسان عدو له، أما باقي الحيوانات الأخرى التي هناك فهي جميعها تخافه بما في ذلك التمساح والفهود الكبيرة فلا أحد يريد أن يتعارك مع الأناكوندا فه أفعى خطير جدا، ومع ذلك فهي عادة ما تتفادى البشر، وذلك بالغوص في أعماق النهر حيث تكمن هناك بانتظار رحيله من المنطقة بكاملها، خصوصا وأنها تستطيع البقاء تحت الماء لمدة تزيد عن عشر دقائق، ما يساعدها على الخلاص، ولكن ماذا إن أصر أحدهم على الإمساك بها؟ عند ذلك لا يجد هذا الثعبان الهائل مفرا من لسعه. يتمتع هذا الثعبان بفم كبير وأسنان حادة وطويلة جدا، أي أن عضتها مؤلمة جدا، كما أنها تهاجم بسرعة وتنقض على خصمها حتى تصيبه بجروح عميقة. صحيح أنها غير سامة، ولكنها لا تحتاج إلى السم. أي أن هذه من الثعابين القوية والصلبة تصيب بلسعات سريعة ومؤلمة جدا.
لهذا نصيحتي لك هي ألا تقترب كثيرا من الأناكوندا، فعندما تظهر لك جسمها، يعني أنها ستلسعك. يجب أن تحاذر من التعامل معها في الأسر وإياك أن تحاول إمساكها في البرية، لأنك ستواجه متاعب كثيرة.
--------------------






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2009, 02:02 PM رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

ثعبان الثور

رأيت أن نبدأ بالتعرف على ثعبان يسكن في وسط الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها تنتشر في جنوب الأراضي الكندية، نزولا إلى وسكانسا ومينوسوتا، لتعبر مباشرة من قلب أمريكا الشمالية ، وصولا إلى أرياف المكسيك. وهو يسمى ثعبان الثور. عادة ما يتواجد هذا الثعبان في السهول العشبية والمروج، كما أنه أحيانا ما يعيش في المناطق الرملية في إلونوي وإنديانا، كما يمكن العثور عليه في المناطق القاحلة شبه الصحراوية في تكساس ومكسيكو، أي أنه يسكن في تنوع بيئي مختلف، علما أنه يفضل المروج العشبية على وجه الخصوص.

يعتبر ثعبان الثور من الأفاعي الكبيرة بل هو من أكبرها في الولايات المتحدة، فهو عادة ما يتراوح بين خمسة وستة أقدام، علما أن هذا ما زال صغير بعد، ولكنه أحيانا ما يصل إلى ثمانية أقدام، أي أنه كبير فعلا.
لهذا الثعبان قريبين يسكنان في أمريكا، وهما أفعى الصنوبر في شرق الولايات المتحدة وأفعى الغوفر في المناطق الغربية منها. تجمع بين هذه الثعابين الثلاثة عدة مزايا مشتركة، فهي جميعا تتمتع بالملامح نفسها من حيث الطول والكثافة والوزن عند النضوج. الميزة المشتركة الأخرى هي أنها جميعا من العاصرات التي تتمتع بقوة كبيرة، أما الميزة الثالثة فهي أنها جميعا تتسلق الأشجار، علما أن ثعبان الثور، لا يتسلق الأشجار بكثرة كمثليه القريبين، وربما كان السبب في ذلك هو أن المنطقة التي يسكن فيها لا تحتوي الكثير من الأشجار لهذا لا يجد فرصة للتسلق، أما باقي قريبيه فلديهما الكثير من الأشجار يتسلقونها. هناك ميزة أخرى تجمع بين هذه الثعابين الثلاثة وهي أنها بارعة جدا في حفر الجحور والثقوب تحت الأرض، وهي تتمتع للقيام بهذه الأعمال بتجهيز عضوي في مقدمة وجهه وفوق الأنف تماما هناك حراشف تلف تلك المنطقة من الوجه بالكامل، ما يساعده في حفر الجحور، حيث يمضي الثعبان الثور غالبية أوقاته تحت الأرض، حتى أنه يمضي فترة أطول من أفعى الصنوبر أو أفعى الغوفر.
نعرف عن أفعى الثور أنها تنشط مبدئيا في النهار دون الليل، ولا يتغير ذلك إلا عندما ترتفع الحرارة جدا. عند ذلك تمضي فترات بعد الظهر تحت الأرض بين الثقوب والجحور الباردة، لتخرج منها لاحقا عند ساعات الغروب. وهذا هو الوقت الذي تخرج فيه حيوانات أخرى من جحورها في أيام الصيف الحارة.
ما هي الحيوانات التي يتغذى عليها ثعبان الثور؟ نعلم بأن أفاعي الجرذ تأكل الجرذ، فعلى لثعبان الثور أن يأكل الثيران؟ كلا على الإطلاق، حتى الثعبان العملاق منها، لا يمكن أن يبتلع ثورا. تعيش هذه الأفعى على أكل الجرذ والفئران، كما تتغذى على العصافير والبيض، وتقتات أيضا على السناجب والغوفر. أي أنها تأكل أنواع متعددة من الحيوانات، ولكن غالبيتها هذه عادة ما تكون، من ذوات الدم الحار. أما صغار أفعى الثور، فهي تختلف في غذائها إذ أنها كثيرا ما تأكل السحالي، ولكنها عندما تنضج تتحول إلى أكل الحيوانات ذات الدم الحار، بين فئران وجرذ وعصافير وبيض وما شابه ذلك.
إذا نعلم بأن أفعى الثور تأكل عدة أنواع من الحيوانات، وهي لا تكتفي بذلك التنوع فقط، بل تأكل الكثير من الحيوانات كما، دعني أعطيك مثال على عدد الفئران التي يمكن أن تأكلها.
منذ بضع سنوات خرج أحد المزارعين بسيارته في أيوا، فشاهد سيارة تدوس إحدى الأفاعي، فترجل من سيارته وتوجه نحوها ليتبين بأنها من ثعابين الثور ولكنها كانت بدينة جدا، فاعتراه فضول عما يجعل أفعى الثور تبلغ هذا الحجم، فقرر أن يفتح بطنها، هل تعرف ماذا وجد بداخله؟ أربعة وثلاثون فأرا. ولكنها لم تكن من الفئران الناضجة بالطبع، كانت صغيرة بعد ولكنها ثلاثة وأربعون، مجموعة كبيرة جدا.
لو كان أحدكم مزارعا ألا يحب أن يجد في حقوله وحظائره ثعابين كهذه، تخلصه من الجرذ الفئران التي هناك؟ بلا شك، فجميع المزارعين يحبون انتشار الثعابين في حظائرهم وفي الحقول أيضا، ولكنهم لا يحبون رؤيتها في قن الدجاج، يجب أن نتذكر، بأن أفعى الثور تتغذى أيضا على الطيور والبيض، والدجاج من الطيور، أي أنها تأكل الدجاج وبيضه معا، حتى أنها إذا دخلت إلى قن، ستأكل كميات من البيض، قد تصل أحيانا إلى أربعة عشر بيضة الواحدة تلو الأخرى، لا شك أنها كمية كبيرة، أما سبب تجرع هذه الكميات فهو أنها تقوم أولا بابتلاعها ثم تحطمها وهي في الحلق، لتبتلع القشور ومحتوى البيضة معا، ما يجعلها تحتل مساحة أصغر ويسهل عليها تناول كمية أكبر من البيض في وقت واحد، فبدل أن تأكل ثلاثة أو أربعة دون أن تحطمها لتبقى في الأمعاء كاملة، أي أن هذه طريقة مناسبة للثعبان ولكنها غير مناسبة للمزارع.
أحيانا ما تبالغ هذه الأفعى في الأكل لدرجة أنها عندما تنتهي من الأكل، تصبح بدينة بشكل لا يسمح لها بالخروج من الجحر الذي دخلت منه إلى القن، حين يحدث ذلك، تواجه متاعب كثيرة. لأنه حين يأتي المزارع صباح اليوم التالي كي يفتح القن، يجد بأن أفعى الثور سمينة جدا، أما البيض، فهو في بدنها، وأما الدجاج، فهو في بطنها أيضا، ما يعني أنها تقتل نفسها بالأكل، لأن الأفعى ستواجه مشكلة مع المزارع، لأنه لن يسمح للأفعى في البقاء بتلك المنطقة على الإطلاق.
أي أن أفعى الثور تأكل عدة أنواع من الحيوانات المختلفة، ولكن كيف لها أن تتخلص من أعدائها؟ بما أنها تمضي الكثير من الوقت في الجحور تحت الأرض قلما يتمكن الأعداء من رؤيتها، ولكن إذا ما حوصرت يوما فوق سطح الأرض، عادة ما تلجأ إلى عرض عضلاتها العدواني، لتأكيد استعدادها للقتال. وأول ما تفعله عادة هو لف جسمها حول نفسها ثم تستقيم برأسها وتهز ذيلها وتنفث في وجه العدو وتهاجمه بتردد وهي تفتح فمها مرة بعد أخرى بعد أخرى، وكلما هاجمت مرة تنفث بأعلى صوتها، علما أنها من أفضل الثعابين قدرة على النفث في العالم أجمع، أما سبب ارتفاع صوتها فهو وجود نوع من الغضروف عند أنفها، وكلما نفثت يمر الحواء الذي تبعثه من ذلك الأنبوب الغضروفي فيطلق صوتا عليا، يشبه وضع قطعة معدنية حارة في مياه باردة، وهو صوت يمكن سماعه أحيانا عبر مسافة خمسين قدم, أي أنه صوت مرتفع جدا.
من هنا جاء لقب أفعى الثعبان، ليس لأنها تأكل الثيران، بل لأن صوتها شبيه جدا بعطس الثور قبل أن يهاجم أعدائه.
هذه الثعابين عدوانية جدا عندما تدافع عن نفسها وإن لم يتركها العدو وشأنها تنتقل من المهاجمة والنفث، إلى اللسعات والعض، ولا أحد يريد أن تعضه هذه الأفعى، لأنها ليست لسعات ممتعة. وهكذا يمكن القول أنه مفيد جدا في الحظائر وفي الحقول، وضار بقن الدجاج، ولا بد من البقاء بعيدا عنه.
=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على سحلية هي من فصيلة أم حبين، التي عادة ما تنتشر في شمال شرق أفريقيا، وبالتحديد في الصحارى المصرية، كما تنتشر في عدد من صحارى بلدان الشرق الأوسط المجاورة لها، وهي تسمى الحبينة، وأحيانا ما تسمى بالحبينة ذات الذيل الشائك. نعرف هنا من أين يأتي اسمها، إذا تأملنا بالشوك الذي يغطي أرجاء ذيله، تعتبر الحبينة من ذوات الحجم المتوسط في فصيلة أم حبين، التي غالبا ما تصل إلى ثلاثة أقدام، ومع ذلك، فإن الحبينة ذات الذيل الشائك فلا يتعدى طولها ثمانية عشر إنشا، أي أنه حجم مقبول بالنسبة لهذه الفصيلة بل يعتبر فوق المعدل العام من حيث الطول هنا.
إذا تأملنا في جسم هذه السحلية يمكن أن نرى بأنه شبيه جدا بجسم سحلية الشوكوالا التي تسكن المناطق الجنوب غربية من الولايات المتحدة، فهو جسم رقيق متسع، ورأس ضخم نسبيا، كما يبرز حجم قوائمها الصلبة والكبيرة، هناك تشابه آخر بين الشوكوالا وذات الذيل الشائك وهو أن كلاهما تسكنان في المناطق الصحراوية والصخرية الساخنة والجافة، أي أنها من السحالي الصحراوية فعلا.
في المناطق التي تسكن فيها الحبينة أو أم حبين لا يوجد أي نوع من المياه، أي أنه لا يوجد بحيرات أو أنهر أو جداول أو برك وما شابه ذلك. أي أن هذه السحالي لا تتمكن من الذهاب لشرب الماء، ذلك أنها تعيش وسط الصحاري، ولو كان هناك بحيرة واحدة لما كانت صحراء. وهكذا فإن هذه السحالي لا تتمكن من شرب الماء، مع أننا نعرف بأن على جميع الحيوانات أن تحص على الماء بطريقة أو بأخرى وإلا فقد تموت، إذ لا يمكن لأي حيوان أن يعيش على وجه الأرض بدون ماء نهائيا. كيف لها أن تحصل على الماء إن كانت لا تستطيع الشرب؟ تحصل على الماء بتناول النباتات، التي تحتوي على الماء ضمنا، أي أنها تأكل الخضار والحشرات والزهور والجذور، أي أنها تأكل كل أنواع النباتات لتحصل بذلك على ما تحتاجه من ماء.
كما تعتمد هذه السحلية على نظام مميز جدا، يساعدها على تحمل جفاف الصحراء، يعرف هذا بلقب النظام بإعادة الامتصاص، وهو يعمل في داخل جسمه على إعادة امتصاص الماء قبل أن يلجأ إلى البراز، حتى أن هذه السحالي لا تكاد تبول على الإطلاق، وهذا تأقلم رفيع المستوى لكائن يعيش في وسط الصحراء. يمكن أن نرى بأنها تتمتع بذيل طويل وواسع نسبيا وهو واضح جدا هنا، وهو يستعمله لتخزين الدهون بداخله، الجميع يعلم بأنه يستعمله كطعام احتياطي، إن لم تعثر السحلية يوما على ما تتغذى عليه، هذا ما تفعله حيوانات كثيرة، ولكن للحبينة نظام خاص، تستطيع من خلاله أكسدة دهن الذيل، كي ينتج عنه الماء في الجسم. أي أن الذيل لا يخزن الطعام فحسب، بل يخزن الطعام والماء معا، وهكذا يمكن ان نرى وسيلة أخرى تمكنه من البقاء حيا وسط الصحراء القاحلة.
يعرف عن أبو حبين أنه بارع في حفر الجحور والثقوب يمكن أن ترى ذلك في قوائمه القوية جدا التي يستخدمها في الحفر تحت الأرض، لدرجة أنه يستطيع بناء خندق يبلغ طوله عدة أقدام، لتصبح فيما بعد بيته الدائم. لكل من هذه السحالي جحرها الخاص، وقد تسكن في مساحة أرض واحدة يجتمع فيها عدد من السحالي، ولكن لكل منها نفق خاص به، فهي لا تسكن معا، الفترة الوحيدة التي تجتمع فيها اثنتين من هذه السحالي هي مرحلة التزاوج حيث تسكن الأنثى مع الذكر في فترة محددة يعود كل منهما بعد ذلك إلى جحره الخاص به. عادة ما تحفر هذه الخنادق بطريقة استراتيجية تمكن أم حبين من الخروج بسهولة والوصول إلى حيث يتوفر الطعام، وصخرة مسطحة لتعرض جسمها لأشعة الشمس.
نذكر بأن هذه السحالي تسكن في الصحراء الحارة جدا، وبما أنها تخرج صباحا لتعريض جسمها لحرارة الشمس، فهي إذا تنشط في النهار، تخرج من خنادقها نهارا، وهذه مسألة غير اعتيادية بالنسبة لحيوانات الصحارى، على اعتبار أن غالبيتها تخرج للسعي في الصحارى بعد\ غروب الشمس أي أنها تنشط في الليل، أما هذه فبالعكس، لأنها تخرج عندما تزيد الحرية عن تسعين وخمس وتسعين درجة وأكثر من ذلك، أي أنها غير اعتيادية لدى فصيلة الزواحف. ولكنها تحب التعرض للشمس والبحث عن طعامها في أماكن قريبة من جحرها، وهي عندما تبتعد عنه تصاب بالتوتر، وتمضي الوقت بالنظر من حولها دون أن تتمكن من الحصول على أي طعام . أي أنها تبقى قريبة من خنادقها.
تأكل هذه السحالي كميات كبيرة من النباتات، ولكنها تتغذى أيضا على بعض الحشرات بين الحين والآخر كما قد تتناول بعض الحيوانات الصغيرة جدا التي لا يزيد حجمها عن أحجام الحشرات. أي أنها تأكل النباتات واللحوم علما أن كمية النباتات لديها تفوق اللحوم بمعدل مرتفع، أي أنها تفضل النباتات على غيرها، أي تسع وتسعون بالمائة من النباتات مقابل واحد بالمائة من اللحوم فقط. وهكذا فهي تكثر من النباتات.
كيف لهذه السحلية أ، تدافع عن نفسها بوجه الأعداء؟ لا شك أنها تمضي الكثير من الوقت في الجحور أو بالقرب منها، لهذا من الصعب عليها أن تمسك بهذه السحالي، ولكن ماذا إن حشرت على مسافة بعيدة من النفق. ماذا ستفعل حينها؟ إن لم تتمكن من الوصول إلى النفق، ستجبر على القتال. نعلم بأن لهذه السحلية ذيل طويل إذا تأملت به نرى أنه شائك وحاد وصلب جدا، وهي تستخدمه كالهراوة، نعلم أن بعض السحالي تستعمل ذيلها كالسوط أما أم حبين فهي تعتمده كهراوة تضرب به الحيوان المعادي فتجرحه أو تسبب له الأذى، أو تلقي به أرضا إن كان حيوان صغير، وما أن توقع الأذى به حتى تتوجه مباشرة إلى النفق، حيث تتمتع بالأمان. أي أنها تجد سلاحا مناسبا في هذا الذيل، ولكنها طبعا عندما تصل إلى النفق، تصبح في مأن منه. أي أن هذه السحالي متأقلمة جدا مع ظروف العيش في الصحراء، بكميات قليلة من الطعام، وعدم وجود أي نوع من المياه.
=-=-=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن أصغر ثعابين الجرذ في الولايات المتحدة، ولكن هل تعلم؟ ربما كانت هذه أكثر ثعابين المجلجلة عدوانية في الولايات المتحدة، وهي تعرف بلقب المجلجلة القزم، يمكن أن تلاحظ بأني لا أستطيع النظر إلى الكاميرا باستمرار أما السبب في ذلك فهو أني مجبر على مراقبتها باستمرار، فهي رشيقة وسريعة الحركة جدا، تنتشر هذا الثعابين في المناطق الجنوب شرقية من الولايات المتحدة، وهي تتواجد في الأراضي الممتدة بين ولايتي كارولينا وفلوريدا، وعبر شواطئ الخليج حتى شرق تكساس. كما يمكن ان تعثر عليها في بعض المناطق الممتدة بين أوكلاهوما وتيناسي، وميسوري، أي أنها تنتشر فوق مساحات شاسعة.
لا شك أن أن الأفعى القزم هي من فصيلة بيت فايبر، وبالتالي فهي تملك جميع مزاياها. يمكن أن ترى ملامح رأسها المعين، وإذا تأملت عن قرب في وجهها سترى الثقوب التي بين العينين والأنف وهي ميزة هامة، وبما أنك تتأمل في الوجه يمكن أن ترى بأن في عيناها بؤبؤين عموديين، وهي من الأفاعي السامة كغيرها من الفايبر، كما أنها تتسلح بأنياب حادة، ومع أنها من الأفاعي الصغيرة ولكن أنيابها مع ذلك تعتبر طويلة نسبيا، وهي تنطوي تحت سقف فمها، وبما أنها مجلجلة، يمكن أن ترى الجرس الذي تحمله في مؤخرة ذيلها.
يتساءل الكثيرون عن الجرس وعما إذا كان ساما وهل تلسع فيها؟ كلا، فهو لا يحتوي على أكثر من المادة التي تتألف منها أظافر أصابعك. أي أن الجرس ليس خطيرا وهو لا يثير إلا الخشخشة.
أين يمكن العثور على المجلجلة القزم؟ عادة ما تسكن هذه الثعابين في الغابات القريبة من البرك أو المحاطة بالمستنقعات أو البحيرات، كما يمكن العثور عليه في المروج الرطبة، كما أنها تحب العيش في المستنقعات. أي أنها باختصار شديد تحب الأماكن المبللة والرطبة جدا، فتلك هي ظروف عيشها الطبيعية.
أي نوع من الحيوانات يمكن أن تأكل؟ نعرف أن عددا كبيرا من أنواع الأفاعي المجلجلة تتغذى على الفئران والجرذ والأرانب وما شابه ذلك، أو بعض الثديات الصغيرة في أغلب الأحيان، والقزم يأكل هذه الحيوات أحيانا، علما أنه يتغذى بشكل رئيسي، على الضفادع والسحالي والثعابين. أي أنه يعتمد أكثر على حيوانات الدم البارد أكثر من ذوات الدم الحار. أي أنه يعتمد أسلوب مختلف في الصيد، عن ذلك الذي تتبعه المجلجلة الماسية، التي عادة ما تلسع أحد الأرانب، وما أن يخطو خطوتين، حتى يقع على الأرض، فتأكله الماسية، ولكن عندما يلسع القزم ضفدعة، من المحتمل أن تسير إلى الماء لتموت بعيدا عنه، فيفقد طعام الغداء، لن ينفعه ذلك أبدا. لهذا ما تفعله هذه الأفعى هو أنها تلسع الحيوان، وتتمسك جيدا فيه، وتنتظر حتى يموت ثم تبتلعه. أي أنها لا تلسعه وتفرج عنه بل تبقى ممسكة به كي لا يموت بعيدا عنها وتبقى هي بدون غداء، لهذا عليها أن تتبع تقنية مختلفة هنا.
ما هي الطريقة التي تتبعها المجلجلة القزم للدفاع عن نفسها ضد الأعداء؟ نرى أولا أنها تعتمد على ألوان واقية ممتازة. من الواضح جدا أنها تختبئ بين أوراق الشجر والحطب كما أن حجمها الصغير يساعدها على التمويه بسهولة، لهذا من الصعب على غالبية أعدائها أن يرونها.
ولكن ماذا إن شاهد هذا الثعبان حيوان ما وهاجمه، ماذا يمكنه أن يفعل؟ يصيبه الجنون، بل يفقد صوابه، ينتصب شامخا ويخشخش ذيله بشدة، ثم يفتح فمه قدر الإمكان وينفث بكل ما لديه من قوة ويهاجم مرة بعد أخرى بتكرار مستمر دون توقف، وكأنه أصيب بالجنون التام. فيتساءل الحيوان بنفسه، لماذا يفعل ذلك؟ فينتابه خوف شديد.
لنفترض أن ثعلبا يهاجمه. يأتي الثعلب راغبا في أكل المجلجلة القزم فما الذي ستفعله برأيك؟ سيلجأ مباشرة إلى استعراض جنونه المعتاد، ولنفترض، أنه لسع الثعلب، وحينها يغضب الثعلب جدا لأنه يتألم جدا، فيتمكن من الإمساك به ويمزقه نصفين فيقتله. من المحتمل جدا أن يموت الثعبان بعد ذلك، من سم المجلجلة القزم، فهل يفيد موته في شيء؟ كلا، فلقد مات القزم، أي أن ما يحاول القيام به هو تفادي القتال، ما يحاول القيام به هو إصابة عدوه بخوف ورعب شديدين، بحيث لا يتجرأ على العبث مع القزم إطلاقا. بل أن يقرر الابتعاد عنه مباشرة وهو يقول في نفسه يا إلهي، يجب أن أبتعد عن هذا الثعبان فهو مجنون فعلا، يبدو أنه مصاب بمس في عقله. وهذا ما يريده الثعبان، فهو لا يحبذ القتال، لهذا يحاول أن يعكس أبشع صورة عن وحشيته وشره، وهي محاولة ناجحة، فعندما ترى غالبية الحيوانات أن قزم المجلجلة غاضب ومستاء جدا، فيرون ذيله يتحرك بغضب وهو يكرر هجماته مرة بعد أخرى، عادة ما يحسم الجميع أمره ويقرر الرحيل على الفور لا أريد هذا البائس أن يلسعني، أي أنها طريقة مناسبة للدفاع عن نفسه






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2009, 02:03 PM رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

البوا العاصرة

رأيت أن نبدأ بالحديث عن ثعبان غير اعتيادي يسكن في مناطق غريبة جدا، ما كان لأحد أن يتوقع وجود هذه الأفعى فيها. تسكن هذه الأفعى في القارة الأفريقية. أعرف أن البعض قد يتساءل وما الغرابة في ذلك، هناك الكثير من الأفاعي في أفريقيا، فهناك الأصلة وأنواع كثيرة من الفايبر والكوبرا وثعابين أخرى مختلفة، وليس هذا غير اعتيادي، أين الغرابة في أن تسكن هذه الأفعى هناك؟ الغرابة في الأمر هو أن هذا الثعبان هو من البوا العاصرة. أعرف أن بعضكم سيعترض على ذلك بالقول أن البوا العاصرة تسكن في القارة الأمريكية، ولا يمكن العثور عليها في مناطق أخرى من أوروبا إلى آسيا وأفريقيا وأستراليا، فهي لا تسكن هناك. ولكن، لنرى من المحتمل أني أخطأت وهذه ليست من فصيلة البوا، ربما كانت من الأصلة، التي تسكن في هذه القارات فعلا، ولكن كلا، فهي من البوا.

هناك عائلة واحدة من البوا التي تسكن خارج أمريكا، يسكن بعض أفرادها في أفريقيا بينما يسكن البعض الآخر في الشرق الأوسط وفي بعض مناطق آسيا. تحمل هذه العائلة لقب البوا الرملية.
تشتمل هذه العائلة على عدد من العناصر، تعرف منها هذه على وجه التحديد بلقب بوا كينيا الرملية، ما يعني أنها تسكن في كينيا بالقارة الأفريقية. لا تعيش هذه الأفعى في أماكن قريبة من باقي أفراد عائلتها الآخرين الذين ينتشرون في أنحاء أخرى من العالم، مع أنها تنتمي لعائلة البوا العاصرة، كما أنها تتميز بجسمها البدين كباقي أفراد العائلة وذيل قصير كبنات جلدها، أضف إلى أنها من العاصرات، أي أنها تمسك بحيوان ما وتلف جسمها حوله وتعصر حتى يعجز عن التنفس فتبتلعه، هذه هي الطريقة التي تتبعها لاصطياد الطرائد التي تعيش على أكلها، كما أنها تنجب صغارها أحياء، نعلم بأن البوا تنجب صغارها أحياء، كما نعلم بأن الأصلة تضع البيض.
وهكذا يتبين لنا بأنها من عائلة البوا دون شك. نعرف بأن البوا من الثعابين الطويلة جدا حتى أن طول بعضها قد يصل إلى سبعة عشر قدم،أي أنها عملاقة فعلا.
أما هذه الأفعى التي معنا اليوم، فهي أقصر بكثير، فهي غالبا ما تكون تحت الثلاثة أقدام، علما أن معدل طولها عادة ما يكون قدمين أو قدمين ونصف القدم، أما الثلاثة أقدام فهو حدها الأقصى، أي أنها ليست من عمالقة العاصرات بل من القصيرات جدا.
عادة ما تسكن هذه البوا في مناطق تكثر فيها الرمال تماما كما يوحي اسمها. من المحتمل أن تنتشر في أفريقيا عبر المناطق الصحراوية الساخنة والقاحلة، أي أنها تعيش بشكل رئيسي في الصحاري الأفريقية. تعتبر هذه الأفعى من الثعابين التي تحب الحفر. ولكن كيف لها أن تحفر تحت الأرض؟ تعتمد في الحفر على الرأس والوجه، إنها بارعة في إزالة الرمال من طريقها تحت الأرض كي تختفي تماما بين الرمال، أي أنها ماهرة في الحفر تحت الأرض.
تقوم هذه الأفعى بالحفر طوال الوقت وهي تتمتع ببعض المزايا التي تساعدها في ذلك. إذا حاول المرء أن يحفر بوجهه ورأسه من المؤكد أنه سينزف من الأنف والوجه والفم وصباحه دون شك أليس كذلك؟ أما أفعى الرمال فلا تكترث للأمر لأنها تتسلح بطبقة حراشف قاسية وسميكة فوق انفها، وهي تقوم بدور الدفاع الواقي الذي يحمي الأنف من الضربات والجروح، أي أنها وسيلة وقائية هامة بالنسبة لثعبان حفار، أضف إلى ذلك أننا إذا تأملنا جيدا في حراشيفه، سنلاحظ أنها صغيرة جدا ومتماسكة بين بعضها البعض، بحيث لا يمكن لشيء أن يتسلل تحتها، لو لم تكن حراشفه متماسكة على هذا النحو لدخل بعض الرمل بينها، ما يجعلها تهتز مع الوقت وتتحرك إلى الأمام وإلى الخلف حتى تنفصل. الميزة الأخرى التي تساعد الثعبان في الحفر هي أن حجم عيناه صغيرتان جدا.
إذا حاول المرء أن يحفر بوجهه من المحتمل جدا أن تدخل الرمال في عينيه لتجرحه وتؤذيه، فكلما صغر حجم العينان كلما كانت أقل عرضة للأذى.
تكمن الميزة الأخرى التي تساعد هذا الثعبان في الحفر بأنفه. إذا أراد المرء أن يحفر بوجهه، سيكون الأنف أول ما يعج بالرمال. أما هذا الثعبان فلا يواجه مشكلة كهذه لأنه يعتمد على أنف على شاكلة ثقوب صغيرة جدا وليست شبه مستديرة كأنوف البشر. كما أنها ليست صغيرة فحسب، بل ومعززة بصمامات يمكن أن تقفلها تماما بحيث لا تسمح للرمال والغبار بالدخول، ما يسدي له خدمة جليلة. أي أن هذه الثعابين معتادة جدا على الحفر تحت الرمال في القارة الأفريقية.
تمضي هذه الثعابين غالبية وقتها بين رمال الصحراء، فما هي الحيوانات التي تأكلها برأيك؟ هل تعتقد أنه يأكل البقر أو الماعز؟ لا أظن ذلك، فحجمها لا يسمح لها بذلك، لذا عليها أن تأكل حيوانات أصغر، على أن يكون بحجم الفأر، أو العصفور مثلا. ولكن كيف يصطادها؟ هل تعتقد أنه إذا رأى فأرا بين الرمال، هل تعتقد أنه يعدو خلفه بسرعة كبيرة قبل أن يتمكن من الفرار؟ كلا لا أعتقد ذلك. هل تعتقد أن إذا رأى عصفورا سيسرع نحوه قبل أن يحلق بعيدا؟ كلا على الإطلاق، لنه ينجح في ذلك. هل تعتقد أنه يستطيع التسلل نحوه؟ ولكن، كيف له أن يتسلل عبر الرمال، في الصحراء؟ فعادة ما يتسلل البعض من خلف الصخور أو الأشجار أو الأعشاب على الأقل، وليس في الصحراء شيئا من هذا القبيل لهذا لا يمكنه التسلل نحوه.
ماذا يفعل إذا؟ عادة ما يقوم بجعلهم يأتون إليه. وكيف ذلك؟ يحفر في الرمل كي يدفن الجزء الأمامي من جسمه تحت سطحها وليس عميقا بل تحت السطح فقط، ثم يلف جسمه حول نفسه كالنابض، ثم يبرز ذيله على هذا النحو من فوق الرمال، ثم يبدأ بتحريكه. فما أن يرى الفأر أو الطير هذا الذيل هكذا، يتساءل في نفسه عما قد يكون، فينطلق نحوا مندفعا بفضوله المعتاد، وما أن يصبح على مسافة قصيرة حتى يهاجمه الثعبان ويمسك به بإحكام ويلف جسمه حوله ويعصره حتى يعجز عن التنفس ليبتلعه بالكامل. أي أن هذه الأفعى معتادة على اصطياد الحيوانات التي تأكلها.
ولكن كيف له أن يتخلص من أعدائه؟ تمضي هذه الأفعى تسعة وتسعون بالمائة من وقتها تحت الرمال دون أن يعرف أحد مكان وجودها، أي أنها لا تعرض نفسها للخطر، ولكن ماذا إن خرجت يوما من الرمال فوجدت عدوا لها هناك، تمكن من الإمساك بها مباشرة؟ أتعرف ماذا يمكن للأفعى أن تفعل؟ تلجأ مباشرة إلى توجيه لسعة جانبية خاطفة، على هذا النحو، تقوم بذلك خطفا وبقوة كبيرة، ما يعرض الحيوان لألم كبير لا يحتمل ما يجبره على ترك الأفعى مباشرة. ما أن تصل تلك الأفعى إلى الرمل بعد أن يتركها حتى تختفي تماما، وكأنها عملية سحرية.
جئنا معنا بعلبة رمال إلى هنا، كي نعرض أمامك، السرعة التي تحفر فيها هذه الأفعى في الرمل، حالما تصل إلى هناك. سنضع الأفعى الآن في الرمال، لنرى أنها تختفي أمام أعيننا، على الفور. ولا بد أن نعرف أيضا بأنها لا تشعر الآن بالخوف، بل تتحرك بثقة كبيرة دون أن تشعر بالخوف. أي أن هذه الثعابين تختفي أمام عينيك مباشرة.
=-=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن سحلية جميلة، هي من أفراد عائلة غاكو للسحالي، وهي ليست من هذه الفصيلة فحسب بل ومن النهارية منها تحديدا. تعتبر هذه فصيلة كبيرة من السحالي، لدرجة أن هناك أكثر من ستين نوع منها، أي أنها عائلة كبيرة فعلا.
تنتشر هذه السحالي في عدة مناطق من مدغشقر وما حولها. قد يتساءل البعض وأين تقع مدغشقر؟ إنها جزيرة كبيرة تقع في الجنوب الشرقي من القارة الأفريقية. يحيط بمدغشقر أعداد كبيرة من الجزر الصغيرة جدا، يمكن العثور على الغيكو النهاري في تلك الجزر مجتمعة بما في ذلك جزيرة مدغشقر نفسها.
توجد هذه السحلية بأحجام متنوعة ومختلفة جدا، قد لا يتعدى بعضها مجرد إنشين لا أكثر، بينما يكاد يتخطى البعض الآخر اثني عشر إنشا عند النضوج، أي أن منها الصغير جدا وذات الحجم المقبول نسبيا.
تجمع بين سحالي الغيكو عدة مزايا مشتركة، نذكر منها أولا أنها تنشط خلال النهار كما يوحي بذلك اسمها، ولكن ما لا يرد في اسمها هو أن بعضا منها ينشط أيضا خلال فترة من الليل أيضا. أي أن بعضها يذهب إلى النوم مع غياب الشمس بينما يستمر البعض الآخر في العمل بعد حلول الظلام بفترة طويلة. ولكن هذه الأخيرة تنشط في النهار أيضا ما يجعل نهارها أطول من نهار غيرها.
ليس لأي من سحالي الغيكو النهارية جفون، أي أنها لا تستطيع ان ترمش، كما يمكن أن ترى بأن بؤبؤ عينيها مستديرا، ما ينطبق على جميع الزواحف التي تنشط خلال النهار. أي أن البؤبؤ العمودي يوحي بأن الحيوان ينشط في الليل بينما يوحي البوبو المستدير بأن صاحبه ينشط في النهار.
تميل ألوان هذه السحالي إلى الاخضرار أي أنها جميلة جدا، كما يوجد العديد من البقع فوق جسمها، يمكن أن ترى علامات حمراء فوق رأسها، وبعض البقع الأخرى فوق ظهرها، وحتى فوق جزء من ذيلها أيضا. تساعد هذه العلامات تمييز سحلية غيكو نهارية من غيرها ضمن هذه العائلة، لأنها عادة ما تكون متشابهة جدا.
أضف إلى ذلك أنك إذا تأملت بقوائمها ستلاحظ أصابعها الكبيرة المسطحة، وهي تتمتع بجلد ماص في أسفلها، أي أنها تستطيع المشي فوق جدار مستقيم، كما أنها بارعة في تسلق الأشجار والنباتات على أنواعها، نذكر هنا أنها من السحالي الشجرية، أي أنها تمضي كل وقتها بين الأشجار. ولكنها تعتبر أيضا من السحالي الحدودية، لا يعني ذلك أنك ستعثر على عشرة منها فوق نبتة واحدة، بل هي عادة ما تنثر رائحتها في المنطقة التي تخصها، وبالتالي تكافح لإبقاء سحالي الغيكو الأخرى بعيدا عن حدودها. أي أنها من السحالي الشجرية والحدودية.
يحمل هذا النوع من الغيكو النهاري تحديد لقب العملاق. علما أنه لا يمكن أن يتعدى اثني عشر إنشا. عادة ما يكون الذكر أكبر من الأنثى أي أنك إذا وجدت واحدا منها بطول اثني عشر إنشا ستعلم بأنه ذكر وليس أنثى.
تتواجد سحالي غيكو النهارية العملاقة في المناطق الشمالية من جزيرة مدغشقر، وفوق بعض الجزر الواقعة إلى الشمال من مدغشقر.
تعيش هذه السحالي على أنواع مختلفة من الأطعمة، ما يعني أنها تتغذى على اللحوم والنباتات في آن معا. أما من اللحوم فهي تتغذى على الحشرات بأنواعها المختلفة. ومن النباتات فهي تتغذى على البراعم واللقاح والرحيق، وعصير الفاكهة، إلى جانب ميلها إلى تناول الأطعمة المتعفنة. هذه هي الأشياء التي تعيش هذه السحالي على أكلها.
نعرف بأن الغيكو النهاري يعيش فوق الأشجار، ولكن نذكر هنا أن من مواصفاته أنه يضع البيض، وهذا هو حال غالبية أنواعها، أما هذا الغيكو فله طريقة فردة في وضع البيض. تبحث أنثى السحلية عن شجرة رطبة كما هو حال أشجار الموز، فتصعد إلى أعلى الشجرة بحثا عن زاوية تجتمع فيها طبقتين معا، لتضع جسمها في زاوية بينهما، مرفوعة الرأس إلى أعلى، ثم تضع البيضة. بعد أن تضع البيضة تمسكها بقوائمها الخلفية، وتبقى ممسكة بها حتى تجف البيضة بالكامل، فلا تعد صدفتها لزجة، عند ذلك تحمل البيضة وتضعها بين أوراق الشجر عند أسفل جذع الشجرة. بعد ذلك تعاود الصعود إلى الموقع نفسه كي تضع البيضة الثانية، فتمسكها بقوائمها الخلفية وتنتظر حتى تجف الصدفة، لتحملها وتضعها إلى جانب البيضة الأولى. وهي لا تضع إلا بيضتين، وهذا غير اعتيادي، لأن السحالي عادة ما تضع كميات من البيض، ومع أنها تضع البيض أيضا إلا أنها الأكثر غرابة بين السحالي فهي تنتظر حتى تجف الصدفة ثم تحملها وتنزل بها نحو جذع الشجرة بين الأوراق هناك. لا شك أنها طريقة فريدة بين السحالي في وضع البيض.
جميعنا يعرف أن الغيكو النهاري يتغذى على أنواع مختلفة من الأطعمة ولكن من أين يحصل على ماء الشرب؟ نعرف بأن على جميع الحيوانات الحصول الماء، وقد يقول البعض ا،ها تحصل على الماء من الطعام الذي تأكله. قد يكون هذا جزء من الماء ولكنه ليس المصدر الرئيسي، وما أعرفه شخصيا هو أنه لا توجد بحيرات فوق الشجر أليس كذلك؟ من أين تحصل على الماء؟ تحصل عليها من قطرات الندى التي تعلو أوراق الشجر في الصباح، فهي تنهض صباحا وتلعق الماء من على أوراق ولحى وأغصان الشجر. يمنحها ذلك ما يكفي من المياه للبقاء على قيد الحياة، أي أنها معتادة جدا على العيش فوق الأشجار.
كيف لهذه السحلية أن تتخلص من أعدائها؟ يمكن أن ترى بأن لون هذه السحلية يميل إلى الخضار ما ينسجم جدا مع لو الأغصان، أي أنها تعتمد على تمويه ألوانها، ولكن ماذا إن تمكن العدو من رؤيتها واستطاع الإمساك بها؟ من الطبيعي أن تحاول الفرار نحو الأغصان وأوراق الشجر، ولكن كيف تفعل ذلك؟ عندما يحاول الفرار يحاول العدو الإمساك بها فينقطع ذيلها على الفور، ثم تتحرك يمينا ويسارا بانفعال، فيشعر الحيوان بالحماس لاعتقاده بأنه أمسك بالسحلية كلها وهكذا يبدأ بأكل الذيل، في هذه الأثناء يتمكن الغيكو من العبور إلى أوراق الشجر في الأغصان المجاورة ليختبئ في مكان آمن، لا شك أن الذيل ينمو لاحقا لتتكرر التجربة مرة بعد أخرى.
أي أن سحالي الغيكو متأقلمة مع ظروف العيش فوق أشجار جزيرة مدغشقر.
=-=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن ثعبان سام، ينتشر في مناطق تمتد من جنوب المكسيك، إلى أرجاء أمريكا الوسطى، وهو يسمى بالأفعى القافزة. أثناء الحديث عن هذه الأفعى يجب أن أحسن مراقبتها جيدا، لأن لقب القافز بليق جدا به، فهو يقفز فعلا، كما أنه من الثعابين السامة، لهذا لن أنظر إلى الكاميرا بالوتيرة المعتادة نفسها. نعرف أن القافزة تنتمي إلى فصيلة بيت فايبر، ولديه أقارب في الولايات المتحدة مثل المجلجلة ونحاسية الرأس ومائية ماكنسون، علما أنها ليست كباقي هذه الثعابين مجتمعة، علما أن شكل الرأس المعين هو نفسه وضيق العنق الذي يتبعه مباشرة كجميع أبناء جلده، كما له بؤبؤ عين شبيه بعين القط. كما تنجب هذه الأفعى صغارها أحياء، وهناك ثقوب حاسة الحرارة بين العينين والأنف. ولكن هناك بعض الفوارق الأخرى بينها، يمكن أن ترى بأن القافزة تتسلح بسم ضعيف جدا، علما أن جميع أبناء فصيلتها يتسلحون بسم فتاك جدا، كما أنها تتسلح أيضا بأنياب طويلة تنطوي تحت سقف فمها. يمكن أن نرى بأن للقافزة أنياب في سقف فمها أيضا، ولكنها تعتبر قصيرة نسبيا، وهكذا فهي بالمقارنة مع أفاعي الفصيلة تتسلح بأنياب قصيرة وسم ضعيف، بدل الأنياب الطويلة جدا والسم القوي الفتاك. أي أنها لا تشبه كثيرا باقي ثعابين فصيلة البيت فايبر.
كثيرا ما تصبح القافزة من الثعابين الطويلة، نعرف أن طول المجلجلة الشبيهة بها يمكن أن يصل إلى سبعة أقدام، أما هذه القافزة فهي عادة ما تتراوح بين الثمانية عشر والأربعة وعشرين إنشا. أي أنها ليست من أفراد العائلة العمالقة جدا.
تنتشر هذه الثعابين كما قلت في جنوب المكسيك وأمريكا الوسطى، ولكن في أي نوع من الظروف البيئية تعتقد أنها قد تعيش؟ تسكن هذه الأفاعي في تلال غابات المطر الاستوائية، كما أنها تنتشر في مزارع أمريكا الوسطى. نعرف أن هاتين المنطقتين، تعجان بالأشجار الكثيفة. قد يعتقد البعض هنا أنها من الثعابين الشجرية، وهذا خطأ جسيم، لأنها لا تعيش فوق الأشجار بل ولا تتسلقها أيضا، وتمضي كل وقتها عل الأرض.
والآن بما أنها تعيش على الأرض، أي نوع من الحيوانات تعتقد أنها تأكل؟ عادة ما تتغذى هذه الثعابين على الفئران والجرذ. ولكن كيف تصطادها؟ إذا تأملت بها جيدا ستلاحظ أنها تتمتع بألوان واقية جيدة، خصوصا وأن البق التي تعلو جلدها تمكنها من الاختفاء بين أوراق الشجر الجافة على الأرض، حتى تصعب رؤيتها، وهكذا تجلس على الأرض ساكنا بانتظار أن يمر بجانبها فأر أو جرذ، وما أن يقترب أحدهما منها تهاجمه فجأة، وتلسعه وتحقن السم فيموت فتأكله.
أذكر أني قلت بأن لها أنياب قصيرة وسم ضعيف، ولكن الأفعى القافزة، تتمتع بأنياب طويلة وسم يكفيان لقتل حيوانات كالفئران والجرذ.
نعرف إذا أنها تأكل الجرذ والفئران وما شابه ذلك ولكن كيف تتخلص من أعدائها؟ لا شك أن ألوان البقع الواقية تحميها جيدا، ولكنها إذا تعرضت لهجوم معادي، تعتمد على براعة تميز اسمها، فهي عادة ما تلجأ إلى الالتفاف حول نفسها وكأنها نابض، وحينها تحدق مباشرة بالعدو وتنطلق مباشرة نحوه. وهي تفعل ذلك باستقامة جسمها بحركة خاطفة أحيانا ما تؤدي إلى الارتفاع فوق الأرض، مع أن ذيلها يشحط خلفها في بعض الأحيان، ولكنها تكاد تحلق فعلا. يمكن لهذه الأفعى أن تقفز عبر مسافة أبعد من أي ثعبان آخر. عادة ما تتمكن غالبية الثعابين من القفز عبر مسافة لا تتعدى ثلاثي طولها أثناء مهاجمة هدف ما، أما القافزة فتستطيع أن تتخطى مسافة طول جسمها، أي أنها من بين أفضل الثعابين في هجماتها.
جميعنا يعرف أنها تتسلح بأنياب قصيرة وسم ضعيف، ما يعني أنها حين تلسع شخصا لا يشهد نفس العوارض التي عادة ما تصيب من يتعرض للسعات ثعابين فصيلتها الأخرى، أحيانا ما يعتبر بعض سكان المناطق التي تسكنها هذه الثعابين أنها غير ضارة، وهذه مسألة ليست صحيحة أيضا، مع أنها ليست ضارة بالقدر التي هي عليه قريبتها سيدة الأعشاب، أو ذات السهم، التي إذا لسعت أحدا، سيواجه مشاكل معقدة.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2009, 02:03 PM رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

الأفعى المرجانية

سوف نبدأ بإلقاء نظرة على هذا ثعبان جميل. وهو ينتشر في أرجاء الجنوب الشرقي من الولايات المتحدة، يمكن أن تعثر عليه من شمال نزولا كارولينا باتجاه شواطئ الأطلسي جنوبا، وعبر ولاية فلوريدا، وعلى شواطئ الخليج حتى نهر المسيسبي. أعرف أن بعضكم قد يصرخ الآن قائلا: يا إلهي إنه يمسكه في يديه سيواجه مشكلة كبيرة سوف تلسعه وقد تفتك به. أعرف ما تفكر به، أظنك تعتقد بأني أمسك الآن بالثعبان القاتل السام الذي يعرف باسم الأفعى المرجانية. على الإطلاق، لا يمكن أن تكون هذه الأفعى المرجانية، بل هي واحدة من تلك التي تقلد المرجانية، وهي تعرف باسم أفعى الملكة القرمزية، التي تتقن تقليد الأفعى المرجانية ببراعة كبيرة. ولكن رغم التشابه الكبير بينهما هناك فوارق هائلة بين المرجانية والقرمزية.

أولا تتسلح المرجانية دائما بالسم وبالأنياب ، وإذا ما لسعت شخصا من المحتمل جدا أن يموت.
أما القرمزية التي أمامنا الآن، فهي لا تتسلح بالسم، وليس لها أنياب، وإذا ما لسعت شخصا لا يمكن أن تقتله، ولا يصاب بالمرض، حتى أن لسعتها لا تلحق الأذى. فإذا عضت شخصا كما ترى الآن أنها تعض علي يدي قليلا، لو كانت هذه عضة من المرجانية لا بد أن أذهب فورا إلى المستشفى، أما بعد عضة القرمزية فما على المرء إلا أن يغسل أثر اللسعة بالماء والصابون مع أني لا أرى أثرا واضحا للعضة لأن أسنانها صغيرة بعد. ما عليك إلا أن تضع مضادا للالتهاب وتنسى الأمر تماما، كما أنك لن تشعر بالألم إطلاقا.
الفارق الآخر بين المرجانية والقرمزية، هو أن للأولى أنف أسود، أما القرمزية فيمكن أن ترى من خلال هذه بأن لها أنف أحمر على الدوام. ولكن هذه ليست علامة فارقة يمكن من خلالها أن تميز بين المرجانية والقرمزية، لأن لون الألى لا يتضح أحيانا ورغم أن لهذه أنف أحمر إلا أنه قلما يمكن تميز الفارق في الألوان بوضوح تام في الظل، أو في الظلام أو حتى ساعة غروب الشمس، وهي عادة ما تتواجد في أماكن كهذه، فقد يعتقد المرء أن لونه أحمر فعلا ولكن ما أن تمسك بها في يديك حتى تتنبه إلى أن أنفها أسود، سيكون الوقت متأخرا.
وحتى في وضح النار عندما تكون الشمس ساطعة وتسبح ألوانها جذابة جدا من الصعب جدا أن نعرف ما إذا كان لون أنفها أحمر أو أسود. حتى وإن كانت تحت أشعة شمس براقة.
لدى هذه الثعابين عناصر تمايز أخرى، من أهمها حلقات سوداء وحمراء وصفراء فوق أجسامها، وهذا هو الفارق الذي سيحدد ما إذا كانت مرجانية أم قرمزية وليس الأنف أو الجسم، يمكن أن ترى بأن للقرمزية التي معنا الآن حلقات سوداء وصفراء وسوداء، كالمرجانية أيضا، ولكن في هذه الأخيرة فقط، تتلامس الحلقات الحمراء مع الصفراء، بينما إذا تأملت بالقرمزية ستلاحظ أن هناك حلقات سود بين الحمراء والصفراء. فإذا رأيت الأحمر وع الأصفر، فهي أفعى مرجانية، وإذا رأيت الأسود بين الأحمر والأصفر فإما أن تكون القرمزية أو غيرها من الثعابين التي تقلد المرجانية. هذا هو الفارق بينها.
الفارق الآخر بينهما هو أن القرمزية التي هي من الأفاعي الملكية بالطبع، تعتبر من العاصرات، أي أنها تصطاد الحيوان بلف جسمها حوله وتعصره حتى يعجز عن التنفس، فتقرر ابتلاعه بعد أن تفتك به.
أما الأفعى المرجانية فهي ليست عاصرة بل تستخدم الأنياب والسم لقتل الحيوانات التي تتغذى عليها.
يمكن القول أيضا أن هذه الثعابين لا تعمل في نفس الوقت من الليل والنهار. فمن عادة المرجانية أن تنشط في وضح النهار، أما القرمزية فهي تنشط في الليل بشكل رئيسي، مع أنهما قد تلتقيا ساعة الغروب فهما تعملان في تلك اللحظات في وقت واحد، ولكن المرجانية تنشط في الليل، بينما تعمل القرمزية في النهار.
وهما تلتقيان أيضا على نوع الغذاء فكلاهما تأكلان الثعابين وهو طبقها المفضل، كما تأكلان السحالي، والفئران الصغيرة إذا ما توفرت، كما تأكلان الضفادع. لا شك أن القرمزية تأكل بتنوع أكبر من المرجانية، لأنها تتغذى أيضا على الديدان والحشرات وكل ما هو بحجم يمكنها من صيده وابتلاعه.
أي أنهما تتشابهان جدا من حيث أنواع الطعام الذي تعيشان عليه علما أن القرمزية تأكل أنواع إضافية أخرى.
هل تذكر أني حين بدأت الحديث عن القرمزية قلت أنها بارعة في تقليد المرجانية؟ هناك ثعابين أخرى تقلد المرجانية أيضا، ذكرنا القرمزية أولا وغيرها من أفاعي الملكة، ولكن هناك ثعبان آخر يسمونه بحية نوك، وهي جميعا تقلد المرجانية. ولكن يمكن القول بأن القرمزية هي الأكثر براعة في تقليدها، لأنها تشبه المرجانية في الشكل وفي السلوك أيضا.
ولكن ما الذي يجعلها تقلد حية سامة فتاكة؟ لنفترض أنك تريد أن تقلد شخصا ما، أي نوع من الأشخاص تحب ان تقلد، هل ستقلد شخصية رياضية؟ كلاعب كرة القدم مثلا أو كرة المضرب أو ما شابه ذلك؟ أم تفضلأن يكون نجما سينمائية أو نجما تلفزيونيا؟ أو طبيب أو شرطي أو رجل إطفاء، هناك العديد من الشخصيات التي قد يحاول المرء تقليدها بين الحين والآخر، ولكن لا أحد يحب أن يقلد مجرم سفاح، أو قاتل محترف، لا أحد يريد أن يقلد شخصا كهذا. فلماذا تصر هذه الحية على تقليد الأفعى المرجانية القاتلة؟ لأن الجميع يترك الأفعى المرجانية وشأنها لا أكثر، فإذا نظر دب كبير إلى المرجانية لن يتردد في الابتعاد عن المكان فورا، وإذا شاهدها أحد الكلاب سيقرر الابتعاد أيضا، وإذا رأيتها بنفسك ستقرر الابتعاد عنها في الحال. أي أن الجميع يترك الأفعى المرجانية وشأنها، وإذا شاهد أحدهم القرمزية سيخرج مسرعا من المنطقة بكاملها، هذه هي الطريقة التي تتخلص فيها القرمزية من أعدائها. لنفكر مليا بالأمر، هذه الحية كبيرة الحجم وقوية وصلبة جدا، كلا، فإذا أجبرت على القتال ستواجه المشاكل. هل هي حية سريعة تستطيع الفرار للتخلص من أ‘دائها؟ كلا، فهي بطيئة جدا. وهل لها ألوان واقية تمكنها من الإختباء من أعدائها؟ كلا، ما يعني أنها ستواجه المشاكل إذا اختبأت أيضا. الأمر الوحيد الذي يبقيها على قيد الحياة، هي حقيقة أن الجميع يظنها حية مرجانية، بلا شك، وإلا لما طال أجله كثيرا. أي أن القرمزية ترتدي ملابس المرجانية طوال أيام السنة، وهذا ما يحميها من الأعداء.
=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على سحلية، في الواقع كبيرة نسبيا، وهي واحدة من أفراد عائلة الورل، وهو يسمى ذات الحلق الأسود، وإذا تأملنا في حلقه يمكن أن نعرف سبب هذه التسمية، فهي سوداء فعلا. يسكن ذات الحلق الأسود في القارة الأفريقية، وتحديدا في تنزانيا، علما أن أفراد عائلة الورل يقيمون في عدد من المناطق الأفريقية، فلديه أقارب قي جنوب أفريقيا وفي شرقها وفي أنغولا، أي أن لذات الحلق الأسود أقارب في أنحاء مختلفة من أفريقيا.
تعتبر هذه السحلية كبيرة جدا، إذ أن طولها قد يصل إلى سبعة أقدام، أي إنها كبيرة فعلا. يمكن أن ترى بأن لها جسم سمين ورأس كبير، وقوائم صلبة وذيل طويل وقوي، أي أنها كبيرة وقوية فعلا.
عادة ما يسكن هذا الورل في السهول الجرداء، أي في المناطق العشبية المفتوحة، قد يكون في هذه المناطق بعض الأشجار ولكنها متباعدة نسبية وليست كما في الغابات. يعتبر هذا الورل من البارعين في التسلق فهو قادر على ذلك بسهولة، علما أنه لا يوجد الكثير من الأشجار في مناطقه، ولكنه يستطيع النزول إلى ما تحت الأرض، بحثا عن الطعام هناك بين الجحور، أي أنه يمضي غالبية الوقت على الأرض وتحتها فهو من النوع الذي يفضل البقاء بين هذه الأماكن.
كما يحب البحث عن صخرة عالية يمد جسمه فوقها ويستحم بحرارة الشمس، لدرجة أنه كثيرا ما يسمى ورل الصخر ذات الحلق الأسود.
بما أنه كبير الحجم، قد يعتقد بعضكم أنه يختار الحيوانات الكبيرة لتكون طعاما له. أرى منطق واضح في ذلك، نعلم أن قريبة الكومودو دراغون الورل الأكبر في العالم، يستطيع أن يأكل حيوانات مثل الأبقار أو الثيران، وهي حيوانات كبيرة. يسكن ذات الحلق الأسود في القارة الأفريقية طبعا، فمن المحتمل أن يتغذى مثلا على الغزلان، أو على حمار الوحش أو الزرافات، هل تعتقد أن هذه هي الحيوانات التي يقتنصها هذا الورل ويتغذى عليها كل يوم؟ على الإطلاق، فهي حيوانات أكبر من أن يقتلها، وأسرع من أن يطاردها. أي أنه لا يصطاد هذه الحيوانات ليتغذى عليها. هل تعرف ما الذي يتغذى هذا الورل الضخم القوي والصلب ؟ الضفادع، والخنافس الكبيرة. قد يتساءل البعض أي ضفادع وخنافس؟ هل تعرف ما هو عدد الضفادع والخنافس التي يجب أن يأكلها ليشعر بالشبع. لا شك أنه بحاجة إلى كميات كبيرة تقاس بالأرطال. ما يعني أنه يمضي أغلب الأوقات في البحث عن الغذاء والأكل. وهناك نوع آخر من الغذاء الذي يأكله، ولكنه لا يصطاده، إنه الجيف، أي لحم الحيوانات الميتة، التي تنبعث منها رائحة العفن الكريهة، التي تنتشر أشلاءها في السهول، قد تكون هذه لحوم حمار الوحش أو زرافة أو غزال، ولكنه ليس حيوان يصطاده بنفسه، بل قتله حيوان آخر أو مات بمفرده، وما عليه إلا أن يأكل لحمه. تعلم أن للجيف رائحة كريهة جدا، وهذه السحالي تشتم رائحتها من على مسافة أميال. ولكن لسوء حظه هناك حيوانات أخرى في أفريقيا تشتم هذه الرائحة أيضا، ومن بينها الضباع وابن آوى وبعض الطيور الجارحة، أي أنه للحصول على هذه اللحوم عليه أن يكافح من أجلها. ولكنه يتفوق على هذه الحيوانات بميزة لا يملكونها. يمكن أن نرى بأن رأسه كبير جدا بلا شك، وفكيه قويين جدا وأسنانه حادة للغاية، أي أنه ينتزع قطعا كبيرة من اللحم ليأكلها، ولكن هذه الحيوانات الأخرى تمتلك هذه المزايا، فهي تتمتع بفك قوي ينهش قطعا كبيرة من اللحم. يقال أيضا أن لهذا الورل مخالب طويلة وحادة يمكن أن تراها عند نهاية أصابعه، يمكن أن يستخدمها لتمزيق الجيفة والحصول على حصة كبيرة منها، يحتفظ بها لنفسه، بكل ما فيها من لحم، ما يساعده على الأكل بسرعة أكبر حين يختلي بها لنفسه. ولكن تلك الحيوانات تتمتع بمخالب طويلة وحادة، ويمكنها أن تأكل بسرعة كبيرة أيضا. فما هي الميزة التي يتفوق عليهم بها؟ بماذا يختلف؟ يختلف بالذيل، لديه ذيل طويل وقوي يستعمله كالسوط.
لنفترض أن ضبعا ينهش في تلك الجيفة، وفجأة يشعر بأن حيوان آخر جاء يشاركه فيها ويزعجه وربما يهاجمه، ما تتوقع من الضبع أن يفعل؟ سيترك الجيفة وشأنها، ويتجه نحوه، ليتعارك مع منافسه ويعضه وربما سيطارده بعيدا، ولكن في هذه الأثناء، سيأتي حيوان آخر ليأكل من الجيف، أما الورل فلا يحتاج إلى ذلك، فإذا كان منشغلا بأكل الجيف، وجاء ضبع من خلفه يحاول إزعاجه، بماذا يردعه، (..) سيضربه بالذيل. أي أن الذيل يضمن له حماية خلفية فعالة. لأنه قادر على ضربه بشدة وجرحه وإذا ما نال من وجهه يمكن أن يعميه تماما بهذا السوط.
أي أن الذيل يمكنه من الاستمرار في الأكل، ليدافع عن نفسه وعن الجيفة بالذيل دون أن يتوقف عن الطعام، ليبعد به الجميع عنه.
تستمر هذه العملية بالنجاح، إلى أن يصل الأسد، الذي ما أن يصل حتى يحين موعد رحيل، لأنه إذ ضرب الأسد بذيله، سيقوم هذا بأكله أولا كمقبلات ويكمل طعام الغداء بالتهام الجيف. أي أنه لا يواجه الأسد، وما عدى ذلك، فهو يستطيع مواجهة جميع الحيوانات الأخرى المحيطة بالمكان.
ولكن ما هي طريقته في التخلص من أعدائه؟ يمكنه تسللق الأشجار، أو العودة إلى الجحور، وإذا أجبر على القتال، يلجأ إلى فكيه القويين وذيله الطويل والفعال.
أي أن هذا الورل متأقلم جدا مع ظروف العيش في سهول، تنزانيا.
=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن على ثعبان جميل جدا، وهو أحد أفراد عائلة أفعى الجرذ، وهو يسمى أفعى جرذ تكساس. أين تعتقد أنه يسكن؟ تماما في تكساس. ولكن هل تعتقد أنه المكان الوحيد الذي تجد فيه هذا الثعبان؟ كلا، بل يمكن أن تجده في أنحاء من لوسيانا. قد يتساءل البعض لماذا لا نسميه إذا بأفعى جرذ لوسيانا وتكساس؟ لمجرد أنه اسم طويل لا أكثر، فرغم أنه يسكن في لوسيانا أيضا يحمل اسم تكساس وحدها.
عند نمو هذا الثعبان يصل إلى حجم كبير نسبيا، فهو يتراوح بين أربعة وستة أقدام، ولكنه قد يصل أحيانا إلى سبعة أقدام، ولكن هذا لا يجعله أكبر أفاعي الجرذ، لأن أكبرها هو الأسود، الذي قد يتعدى طوله الثمانية أقدام، ولكنه أحد أكبرها، خصوصا عندما يبلغ قمة نضوجه.
إذا تأملت مليا بهذا الثعبان يمكن أن ترى بأنه جميل فعلا، أنظر إلى لون جسمه، هل ترى اللون الأصفر الفاتح الذي يميل إلى العمبر؟ أنظر إلى ظهره لترى بعض البقع المائلة إلى اللونين البني الفاتح والأحمر، وإذا تأملت عن قرب يمكن أ، ترى لون الحراشف يميل إلى الاحمرار، وفي أعلى رأسه لمعان أسود. إنه جميل فعلا… ماذا؟ هل تعتقد أني أحمل ثعبان خاطئ؟ دعني أتأكد من ذلك، كلا، إنه أفعى جرذ تكساس.
ولكن أتعلم؟ أنت محق، لأن مواصفاته لا تتطابق مع مواصفات الثعبان الذي كنت أصفه. كلا، فهذه الأفعى تبدو، بيضاء! ولكن، أي نوع من الثعابين هي البيضاء؟ لا شك أن بعضكم يقول الآن أنه الأمهق، حسنا، لنتأمل بالثعبان ونرى إن كان الأمهق. غالبا ما يكون الأمهق أبيضا ولكن ليس بالضرورة، فهو أحيانا ما يميل إلى البياض المهم ألا تكون فيه ألوان داكنة، لا يمكن أن يميل إلى الأحمر الداكن أو الأسود والبني الداكن وما شابه ذلك، المهم في الأمهق أنه عادة ما يتمتع ببقع بيضاء، يمكن أن ترى من خلالها عبر جلده بألوان فاتحة. فعلى ظهر هذه الأفعى مثلا أن يكون مرقطا ببقع حمراء وسوداء، على أن تعكس لونا … أنظر إليه، لا يوجد أي بقع، حتى أن بياضه الكامل يميل إلى اللون الزهري، ليست هذه مواصفات الأمهق أبدا.
هناك ميزة أخرى تبرز لدى الأمهق دائما، وهي لون عيناها الزهري. لنرى ذلك. هذه ليست زهرية، وإذا تأملت جيدا بها سترى أنها زرقاء، لون عينيه زرقاوان. هذا غريب فعلا، بل يعني بأنه ليس الأمهق، فهو يسمى بأفعى جرذ تكساس اللوسيستيك، ما يعني أنه أزرق العينين وأبيض الجسم، صحيح أنه ليس الأمهق ولكن جسمه أبيض فعلا، ولا يحمل أي بقع على الإطلاق.
تسكن أفعى جرذ تكساس في ظروف بيئية متنوعة جدا، يمكن أن تجدها في مستنقعات لويسيانا مثلا، يمكن أن تجدها في البرك أيضا، وعندما تصل إلى تكساس قد تجدها على ضفاف الجداول وبين الأشجار، وحتى في بعض المناطق الصخرية. أي أنها تسكن في ظروف بيئية متنوعة.
ولكن بما أنها تسكن في ظروف بيئية متنوعة، ما هي الأطعمة التي تتغذى عليها؟ حسنا بما أنه من ثعابين الجرذ، من المتوقع أن يتغذى على أكل الجرذ والفئران، ولكن ماذا تتوقع أن يأكل إلى جانبها؟ هل تعتقد أنه قد يأكل السحالي؟ بلا شك، وماذا عن العصافير وبيض الطيور؟ طبعا لا شك أنه يتغذى عليها. ولكن هل تعتقد أنه يواجه مشكلة في النيل من هذه الحيوانات؟ من المحتمل، فإذا تسلل نحو الفأر، قد يراه الأخير ويفر بعيدا، وإذا رأى طيرا وصعد إليه، سيراه ويحلق بعيدا، ولكن هل تعتقد أنه سيتمكن يوما من أكل أحدها؟ الاحتمال ضئيل. هل تعتقد أنه من السهل عليه الحصول على الطعام؟ لنرى الفأر والجرذ، صعبة عليه، وماذا عن الطيور والسحالي إنها صعبة أيضا، ماذا عن بيض الطيور؟ هذه هي الأسهل. طبعا فلا يمكن للبيض أن يختبئ أو يفر هاربا أو أن يعضه، فلا يمكن للبيض أن تراه. وهكذا يجد ما يمكن أن يأكله، لكنه سيواجه الصعاب للحصول على أي من تلك الحيوانات، ما يعني أنه لا يتمكن من أكل ملا من الطعام ما يوازي باقي أفاعي الجرذ، ما يعني أنه أكثر عرضة للمرض وأبطأ في النمو، أي أنه ليس بحالة صحية جيدة كباقي أبناء الفصيلة.
وماذا عن مواجهة أعدائه؟ المشكلة نفسه، إذا اختبأ فوق الشجر يمكن رؤيته، وعلى الأرض؟ سيرونه وبين الأعشاب؟ سيشاهدونه، أي أن العدو سيشاهده بسهولة طالما هو فوق سطح الأرض.
لا شك أنه ثعبان طوله سبعة أقدام، ولكن بعض الحيوانات مثل الثعلب معتاد على ذلك وهو مستعد لقتله وأكله دون أن يفكر بالأمر. وهكذا بما أنه يجد صعوبة بالاختباء عادة ما يكون فريسة سهلة بالنسبة لأعدائه. ثعابين اللوسيستيك سواء كانت من أفاعي الجرد أم لا فهي لا تعيش طويلا في البراري، لأنه من السهل رؤيته فإما أن يهرب أن يأكله، لهذا فإن الحياة صعبة جدا على هذه الثعابين.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2009, 02:05 PM رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الزواحف البرية

ذات الشامة

رأيت أن نبدأ بالتعرف إلى هذه الأفعى، التي تسكن في المناطق الجنوب شرقية من الولايات المتحدة، يمكن أن نجدها تحديدا في أرجاء ميرواند، نزولا إلى الشواطئ الأطلسية، وصولا إلى شواطئ ولاية فلوريدا، علما أنها لا تصل إلى نهاية الشواطئ بل عند أول الخليج. كما يمكن العثور عليها في غرب ألاباما وأرجاء تينيسي، وهي واحدة من أفراد عائلة الأفعى الملكة، إذا تأملت بها يمكن أن ترى بأنها ليست من الأفاعي الشرقية، كما أنها ليست من أفاعي السلسلة، كما أنها طبعا ليست من الأفاعي القرمزية. بل يسمونها أفعى الملة ذات الشامة. قد يتساءل بعضكم ولكن لماذا يسمونها ذات الشامة؟ حسنا لنتأمل بها جيدا، لنبدأ أولا من الرأس، وفي الجسم، وذيلها تحت، لننظر إلى بطنها، وملامحها، كلا، ليس في جسمها أي شامة تذكر. ليس على الإطلاق. قد يقول البعض أنها لم تحمل هذا الاسم لهذا النوع من الشامات، وهذا صحيح، فهي تحمل اسم حيوان صغير يسكن تحت الأرض، وهو يسمى الشامة، وهذه الثعابين تمضي غالبية وقتها تحت الأرض أيضا، لهذا يسمونها ذات الشامة، يجب أن نعلم بأن هذه الأفعى صغيرة جدا بعد، ولكن عادة ما يتراوح طولها بين ثلاثين وأربعين إنش، حتى أنها قد تبلغ أحيانا أربعة أقدام. أي أنها من الحجم العادي كأفعى الملكة.

ولكنها أحيانا ما تحمل اسما آخر، فهناك من يلقبها أفعى الملكة البنية. مع أن هذا اللقب أربكني حين سمعته لأول مرة، فتساءلت كيف يسمونها بنية؟ لا شك أن فيها بعض اللون البني ولكن أنظر إلى كل تلك البقع على ظهرها وجانبيها وفي كل مكان، وجميعها بقع بنية داكنة، فقلت في نفسي من الأجدر تسميتها بذات البقع البنية أو ذات الرقع البنية، أو شيء من هذا القبيل يوضح الأمر أكثر. ولكنهم أرادوا أن يطلقوا عليها اسم أفعى الملكة البنية فقط. السبب الرئيسي الذي جعلهم يطلقون عليها هذا الاسم هو أنه إذا تأملت بهذه البقع، عندما تتقدم الحية بالسن، تتضح ألوانها تدريجيا، ويصبح لون جسمها داكنا، وعندما يكتمل نضوجها، تتخلص من البقع كليا، لتصبح أفعى ملكة بنية، أي أن الاسم يليق بها تماما. ولكنها ستبقى معروفة باسم ذات الشامة، لأنها تعشق الحفر تحت الأرض.
حسنا والآن لإشباع فضول البعض فقط حدث يوما ما أن جلس أحدهم مع هذه الثعابين بعد أن جمع حشدا كبيرا منها، وأخذ يعد البقع التي على جسمها، لا أعرف لماذا فعل ذلك، ولكن هذا ما حدث وقد تبين له أن لديها خمس وخمسون بقعة في جميع أنحاء الجسم، لهذا إذا رأيتها يوما وأردت أن تعد البقع تأكد مما إذا كانت خمس وخمسون هذا هو العدد التقريبي مع أنها تزيد أحيانا ولكن هذا هو المعدل.
لا شك أن هذه تنتمي إلى فصيلة أفعى الملكة. إذا ما هو الطعام الذي تتناوله برأيك؟ بما أنها تنتمي إلى هذه الفصيلة فمن الطبيعي جدا أن تتغذى على الثعابين، بالطبع، فهي تحب طعم الثعابين، إلى جانب ذلك فهي تحب أن تأكل ثعابين ذات الشامة مثلها، وترى أنها لذيذة الطعم، لهذا يمكن أن تأكل أمها وأبوها وأخيها وأختها وأطفالها وأحفادها وأجداد أجداده إذا عثر عليهم. أي أنها تأكل جميع أنواع ذات الشامة، دون أن تكترث إن كانت من أقاربها، علما أنها لا تعرف ذلك بالطبع، وأعتقد أن الأمر سواء بالنسبة لها، فهي تحب طعم الثعابين مع أنها تأكل حيوانات أخرى أيضا، فكثيرا ما تتغذى على الفئران والسحالي وحتى على الضفادع إذا توفرت إلى ما هنالك.. ولكن أكثر ما تحب أكله هي الثعابين.
والآن أين تعتقد أنه بالإمكان العثور على ذات الشامة؟ كثيرا ما يمكن العثور عليها بين أخشاب الشجر القديمة، ولكن الأماكن المفضلة بالنسبة لها هي حقول المزارع، إلى جانب الحقول المزروعة الأخرى أو الحقول الفارغة، فهي تحب المراعي، أو أماكن أشبه بالمروج، حتى أنك يمكن أن تعثر عليها أيضا في في الحدائق المنزلية ضمن مناطق سكنية.
نعلم أنها تمضي خمس وتسعون بالمائة من وقتها تحت الأرض، وهي لا تخرج من جحورها إلا عندما ينهمر المطر غزيرا فتمتلئ الجحور بالماء، فتجبر على الخروج منها كي لا تغرق في الوحل، أي أن هذه هي اللحظة المناسبة التي يمكن أن تشاهد فيها.
ماذا تفعل هذه الثعابين للتخلص من أعدائها؟ قد يتساءل البعض ومن أين لها الأعداء وهي تمضي غالبية وقتها تحت الأرض؟ ولكن عدوها الوحيد، يسكن تحت الأرض. هل تعرف من هو؟ إنه أفعى الملة ذات الشامة أيضا، بلا شك، فإذا التقت بأفعى مثلها تماما، وكان حجمها أكبر، ستأكل الأفعى الأخرى، وإذا كانت الأخرى أكبر، ستأكلها. بلا شك هذا هو الحال بين هذه الثعابين، وعليها أن تتنبه من أمثالها كعدو رئيسي لها. أما عدوها الآخر فهو فوق سطح الأرض، ولكنه ليس حيوان، كلا، بل هو المحراث. قد يتساءل البعض أي محراث؟ تعلم بأن الفلاح يستعمل المحراث لحرث أرضه قبل أن يزرعها، وهو أداة حادة جدا تقلب سطح التربة. فإذا كان الثعبان يزحف تحت التربة، ليعبر المحراث من هناك، يمكن أن يقطعه نصفين.
هل تعلم ماذا يحدث لنجم البحر إذا قطعته نصفين؟ يتحول إلى نجمتي بحر بصحة وعافية.
هل تعرف ما يصيب ذات الشامة إذا قطعتها نصفين، تموت على الفور مقطوعة نصفين. لا يمكنها أن تعيش بعد ذلك، أما إذا انقطع ذيلها فحسب، فالأمر يختلف، يمكنها العيش على هذا الحال، كأي شخص فقد أحد أطرافه، ولكن إذا ما قطه من النصف، هل سيحيى؟ لا يمكن، وهذا حال الثعبان، فإذا ما قطعت من النصف، ستموت في الحال، لهذا فالمحراث يشكل خطورة عليه. ما يجعله يسكن في حقول المزارع هو وفرة الأطعمة فيها، ولكنه مكان خطير وقد يكون أكثر أمنا إذا سكن في المراعي والمروج، وحتى في الحديقة الخلفية، حيث لا يمكن أن يقطعه المحراث.
=-=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن إلى هذه السحلية التي تعيش في جنوب المكسيك وفي غرب تكساس وفي أرياف مكسيكو. وهي تسمى سحلية شوك التصدع. لا شك أنك ترى بوضوح سبب هذه التسمية من خلال الأشواك المنتشرة في جميع أرجاء جسمه، على رأسه وظهره وقوائمه وحتى فوق ذيله، هي أشواك حادة منتشرة في كل مكان فوق جسمه.
تنتمي هذه السحلية إلى فصيلة السحالي الرشيقة، التي تتمتع بتنوع فريد بين أفرادها. إذ يمكن أن ترى بعض هؤلاء يسكن على مستويات تحت سطح البحر، كما يسكن بعضهم الآخر، على ارتفاع ثلاثة عشر ألف قدم فوق سطح البحر. أي فوق جبال ترتفع لبضعة أميال. وهذا فارق كبير. يمكن أن نجد بعضها يسكن في غابات المطر، وبعضها الآخر في الصحاري القاحلة، كما تنتشر فوق الجبال المغطاة بالأشجار، أي أنها تسكن في ظروف بيئية متنوعة جدا.
تنجب بعض السحالي الرشيقة صغارها أحياء، أما البعض الآخر فيضع البيض. كما يمضي بعضها حياته فوق الشجر، بينما يعيش البعض الآخر تحت الأرض، أي أن هناك تنوع كبير في هذه العائلة، أما هذه الرشيقة الشائكة، أو المتصدعة الشائكة كما يقال، هي واحدة من أكبر سحالي هذه العائلة، حتى أن طولها أحيانا قد تصل إلى أحد عشر إنش ونصف. ما يجعلها من كبار هذه العائلة، رغم أن نصف طولها ذيل، ولكن هذا حجم لا بأس به.
ما هو المكان الذي تعيش فيه الشائكة المتصدعة؟ عادة ما تسكن في الصحاري الحارة والساخنة والقاحلة، وكثيرا ما يتواجد بين الصخور والنتوء الصخرية، وتحديدا في المناطق المرتفعة منها. المهم أن تكون هذه المرتفعات مغطاة بالصخور، وهناك عدة أنواع من الصخور التي تنتشر فيها فقد تكون كلسية أو بركانية أو غيرها، هذه هي طبيعة المنطقة التي يسكن فيها.
بما أن هذه السحلية تسكن في الصحاري قد يراهن أحدكم على أنها تنشط ليلا، لأن المناخ حار جدا في النهار، لهذا تخرج في الليل، ولكن كلا، بل بالعكس، فهي تنشط في النهار فقط، أما في الليل فهي تمضي الوقت بين تصدعات الصخور في الحفر تحت الأرض، ومن هنا جاء لقب المتصدعة في اسمها، إلى جانب الشائكة بالطبع. المهم أنها عند بزوغ الفجر تخرج من التصدعات ، وتستلقي فوق إحدى الصخور الكبيرة جدا، لتستحم بأشعة الشمس حتى يسخن جسمها تماما وهي تحب ذلك، إذا تأملت بها عبر مسافة يمكن أن ترى الكثير منها منتشر فوق الصخور، ولكن ما أن تقترب منها، حتى تختفي، طبعا لا تتحول إلى دخان، بل من المحتمل جدا أن تكون قد عادت إلى الثقوب والتصدعات الصخرية، ولكن لا، فهذه السحالي تحب مشاكسة أعدائها، لهذا فهي تذهب إلى الجانب الآخر من الصخرة، وتختبئ هناك بانتظار وصول العدو إليها، عندما يكون العدو أمام الصخرة، تختبئ خلفها، وحين يأتي العدو إلى الخلف، تذهب إلى الأمام، وعندما يعود إلى الأمام تذهب هي إلى الخلف، من الأمام إلى الخلف باستمرارية دائمة دون أن يرى أحدهما الآخر، وكأنك أمام مسرحية متلفزة حيث يدخل ويخرج الممثلون، دون أن يرى أحدهما الآخر. من المحتمل أن تتعب السحلية من الأمر أو أن يفز العدو من فوق الصخرة، أو شيء من هذا القبيل حينها تدخل في تصدع الصخور، ثم تنفخ نفسها بالكامل، لا أعني حتى ينفجر وتتناثر أجزاء السحلية وأشواكها في كل مكان كلا، بل أعني أنه ينتفخ كالبالون، وعندها يعلق تماما في نتوء ذلك التصدع الصخري. يمكن لهذه السحلية أن تبقى هناك لفترة طويلة وهي تستنشق بعض الهواء بين الحين والآخر لتزداد انتفاخا وبالتالي تعلقا في الصخرة حتى يعجز أي حيوان من إخراجها من هناك. ينطبق هذا تحديدا على الصخور البركانية، التي عادة ما لا تتميز بالثقوب، لهذا تغرز السحلية هذه الأشواك في الصخور البركانية حتى تعجز العصي عن إخراجها، لأنها ستعلق تماما بصلابة كاملة، هذه طريقة مناسبة للخلاص ولكن ماذا إن أمسك بها أحد قبل الدخول إلى التصدع؟ إذا تمكن من الإمساك بها وحاول أن يأكلها، ما أن يضعها في فمه، حتى يواجه المشاكل، أعني الحيوان المعادي للسحلية. هل ترى هذه الأشواك؟ إنها صلبة وحادة ومدببة، لهذا ليس من السهل على أي كان ملامستها من الممكن جدا أن تجرح فمه ولسانه، ما يتسبب في إفلات السحلية على الفور وعودتها إلى التصدع مرة أخرى، حيث تنتفخ وتنتظر محاولته الأخرى إذا أراد ذلك.
ما هي الأطعمة التي تعيش عليها هذه السحالي في تلك المناطق القاحلة التي تسكنها؟ لا شك أنها تتغذى على أنواع مختلفة من الأطعمة، فهي تأكل اللحوم والأعشاب، أي أنها لا تقتصر على نوع واحد، فبالنسبة للحوم تتغذى على الحشرات، أما من النباتات فهي تأكل أوراق وبراعم النباتات. بما أن المناطق التي تسكنها جرداء قاحلة فيها أزمة من الأطعمة، لهذا تتغذى على أنواع مختلفة جدا منها دون تردد. أي أن هذه السحالي قادرة على العيش في ظروف لا يمكن للكثير من الحيوانات أن تبقى على قيد الحياة.
=-=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن إلى حية كبيرة، وهي من أفراد عائلة البوا العاصرة، تنتشر البوا العصرة في عدة أماكن، فهي تتواجد في أمريكا الجنوبية وفي أمريكا الوسطى، وفي بعض مناطق أمريكا الشمالية، حتى أن هناك نوع من البوا العاصرة التي تنتشر في أفريقيا والشرق الأوسط وحتى في آسيا. أما هذه البوا فلا تسكن هناك، بل في إحدى جزر بحر الكاريبي، وهي تسمى البوا الكوبية، إذا أين تسكن برأيك؟ طبعا! في جزيرة كوبا، ولكن هذا ليس المكان الوحيد الذي تجد فيه البوا الكوبية، لأنها تنتشر في جزيرة أخرى تعرف بجزيرة الصنوبر.
تعتبر البوا الكوبية جزء من مجموعة ثعابين البوا العاصرة، التي تسمى إبيكراتيس، التي تجتمع على عدة مزايا مشتركة، أولا أنها من البوا العاصرة الحقيقية، أي أنها تصطاد الحيوانات التي تأكلها بالالتفاف حول جسمها وعصرها حتى تعجز عن التنفس وتموت فتبتلعها. الميزة الأخرى التي تجمع بين البوا العاصرة، هي أنها تنجب صغارها أحياء، أي أنها لا تضع البيض، والميزة الأخرى التي تجمعها هو جلدها الجميل جدا. قد ينظر إليها البعض قائلا أنها لا تبدو جميلة بالنسبة له، ولكني إذا وضعتها تحت الإنارة يمكن أن ترى جمال ألوانها المميزة، خصوصا وأنها تنعكس أشكالا عبر حراشفها تحت الضوء، خصوصا إذا كانت تحت أشعة شمس ساطعة، يمكن حينها أن ترى ألوان ساطعة بين أبيض وأحمر وأخضر تنعكس منها لتبدو جميلة جدا.
لا شك أن البوا الكوبية هي واحدة من أكبر ثعابين مجموعة إبيكراتيس، إذ أن طولها يتراوح بين تسعة و عشرة أقدام، إلا أنها قد تصل أحيانا إلى أربعة عشر قدم. أي أنها كبيرة فعلا، هذا ما يجعل البوا الكوبية الأكبر على الإطلاق ضمن مجوعتها ولا أتحدث هنا عن مجموعات أخرى بل تلك الموجودة في جزيرة كوبا. أي أنها عملاقة جدا في تلك الجزيرة.
يعيش هذا الثعبان في ظروف متنوعة ضمن الجزيرة، من بينها مناطق غابات المطر الشبيهة بالأدغال، كما يمكن العثور عليها أيضا في مزارع قصب السكر. مع بداية الخمسينات بدأت الحكومة الكوبية تركز محور اقتصادها على زراعة قصب السكر، ما تسبب بوجود مساحات شاسعة جدا من مزارع قصب السكر في جزيرة كوبا، لهذا تكثر هذه الثعابين في مزارع قصب السكر إلى جانب غابات المطر، لماذا مزارع قصب السكر؟ لأنها مليئة بالجرذ والفئران، بل هناك الملايين منها، لهذا فهي أماكن مناسبة جدا لهذه البوا الكوبية التي يمكن أن تتغذى عليها طوال الوقت، لا شك أنها تأكل الجرذ والفئران، إلا أنها ليست غذائها المفضل الذي تحب أن تأكله باستمرار. فالمعروف عن هذه الثعابين أنها شجرية، أي أنها تمضي الكثير من الوقت فوق الأشجار، ولكن الجرذ والفئران لا تكثر فوق الأشجار. إذا ما هي الأشياء التي تعثر عليه هناك إذا؟ قد يفكر بعضكم أنه يأكل الإغوانا. هذا صحيح فهي تكثر فوق الأشجار وهي بعض مما تأكله البوا هناك، ولكن ماذا أيضا عن العصافير؟ طبعا هناك الكثير من العصافير فوق الأشجار، ولكن هل تعتقد أنها من أطعمته المفضلة؟ كلا، لنحاول مرة أخرى. تصطاد هذه الثعابين الحيوانات التي تحب أن تأكلها في الليل، في الظلام. ما هي الحيوانات التي تكثر فوق الأشجار في الظلام التي يمكنه اصطيادها؟ إنه الخفاش. بلا شك، فهي تحب أكل الخفاش، تماما كتلك التي يسمونها الوطاويط تظهر في أفلام مصاص الدماء. لا شك أن الخفاش هو طعامه المفضل فعلا، وهو أكثر ما يأكله بين الحيوانات الأخرى. ولكن كيف لهذا الثعبان أن يصطاد الخفاش؟ خصوصا وأن الظلام الحالك لا يمكنه من رؤيته، ولا يمكنه سماعه لأنه أصم، هل يستخدم لسانه في ذلك؟ بلا شك، فلسانه يحدد ما إذا كان هناك خفاش في مكان قريب. لا بأس بذلك، ولكن لسانه لا يحدد مكان الخفاش قد يسعى إليه. ولا يمكن أن يفتح فمه ويقفله طوال الليل على أمل أن يعلق به الخفاش، لا جدوى من ذلك. وهكذا فهو يعتمد على ثقبين في وسط الوجه وهي تسمى بيتس. وهي تعمل كحاسة للحرارة، تحدد مكان وجود حيوانات ذات الدم الحار مثل الخفاش من سخونة جسمه، نعلم أن هذه الثقوب موجودة لدى المجلجلة، كما هي موجودة لدى بعض البوا العاصرة، وهكذا يعثر الثعبان على الخفاش ذات الدم الحار، أي أنه مجهز جدا للقبض على الخفاش، فهو ينتظر اقتراب الجسم الحار لينقض عليه فجأة، وينال منه.
والآن كيف لهذا الثعبان أن يدافع عن نفسه حيال أعدائه؟ هناك طريقة محددة لديه، وهي العض، ولا شك أن لسعاته قوية، أعرف ذلك عن خبرة، وخصوصا هذا الثعبان، لقد عض إصبعي مرة، يبدو أنه كان جائعا فاعتقد بأن إصبعي أشبه بالفأر فعضه. لهذا أؤكد لك بأن عضته مؤلمة جدا، خصوصا وأن أسنانه طويلة وحادة جدا. عندما غرز أنيابه في إصبعي علقت يومها في اللحم ما جعلني أبذل جهدا في تخليصه ولم تكن تجربة سهلة لم أستطع انتزاع فمه مباشرة بل كان علي أن أخلص أسنانه العالقة في اللحم، كأسنان الصنارة، كان ذلك مؤلم جدا. إن لم يتنبه المرء للأمر يمكن أن يجرح نفسه عميقا ويؤذي فم الثعبان أيضا، وأنا لا أريد أن يحدث أي من الأمرّين.
أي أن هذه الثعابين مجهزة للحصول على غذائها وقادرة على الإمساك بالخفاش، أي أنها متأقلمة جدا على ظروف العيش في جزيرة كوبا.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator