العودة   شبكة صدفة > المنتدى السياحـى > سياحة الدول العربيه

سياحة الدول العربيه السياحة العربية في تونس والمغرب والجزائر ومصر والاردن وليبيا ولبنان وسوريا وعثمان، السياحة في شرم الشيخ، السياحة في المناطق الطبيعية العربية، سياحة الأثار العربية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03-13-2008, 03:10 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

5518 فنون عربية وعالمية

~*~فنون عربية وعالمية~*~


الفن التشكيلي في فلسطين

ما قبل 1948:
شهدت هذه المرحلة عدة محاولات في مجال الفن، ولكن هذه المحاولات -وحتى الخامات المستخدمة- تعتبر بُدائية ضعيفة بالنسبة للفن في سائر الدول العربية وقتها، وكان هذا نتيجة لعدم الاستقرار والاضطرابات التي كانت تعصف بفلسطين آنذاك، هذا خلال الفترة الأولى من هذه القرن، إلا أن بعض الفنانين الفلسطينيين استطاع أن يبرهن عن موهبة رغم هذه الظروف، ومن أهمهم الفنان جمال بدران، الذي وُلد في حيفا سنة 1905، وبدأ حياته الفنية بالدراسة في مصر، وقام هناك بدراسات في الفن الشرقي والخط العربي (فن الكتابة) وكان هذا سنة 1927، وتبع ذلك بالذهاب إلى لندن لدراسة الفنون التطبيقية، ثم قفل عائدًا إلى فلسطين وقام بالاشتغال



مدرسًا للفن والحرف اليدوية، ثم أصبح مساعد مفتش في المدارس الفلسطينية.
ويرجع الفضل إليه في اكتشاف عدد من الفنانين والموهوبين، وتشجيعهم وإعانتهم على مواصلة دراسة الفنون، بالذهاب إلى القاهرة في أواسط الثلاثينيات، ولقد ظهر تأثيره في كثير من أعمال تلاميذه.
ظهر في العشرينيات من هذا القرن فنانان آخران هما : حنا مسمار، وفضول وده. الأول درس فن السيراميك في ألمانيا، والثاني قام بدراسة فن التصوير الزيتي والرسم في إيطاليا. ولكن أعمالهم كانت محدودة بالنسبة لأعمال جمال بدران، ومن الطبيعي أن يقوم الفنان بمعارض لعرض لوحاته وأعماله على جمهور الناس للبيع والمشاهدة، إلا أن هذا لم يكن متاحًا للفنان الفلسطيني في فترة ما قبل 1948، والأعمال الفنية التي نتجت في هذه الفترة كانت أعمالَ مَن يقومون بتدريس الحرف اليدوية والفن ؛ فأُطلق عليهم الفنانون الهواة، ومعظم أعمالهم إما أنها أُهملت في المخازن، وإما عُلِّقت في البيوت والمدارس والنوادي العامة، ولكن سجل هذه الأعمال لم يكن له صلة بما يحدث على الساحة الفلسطينية، فقد كانت تنحصر في البورتريهات، والمناظر الطبيعية، المواضيع الدينية والتاريخية والملاحم العربية، إلا أن معظم هذه الأعمال كانت منقولة من أعمال شهيرة.
رواد الفن الفلسطيني المعاصر:
الأحداث المروعة لسنة 48 كانت بمثابة صدمة أثرت على كل الفلسطينيين بجميع الفئات، هذا بجانب حياة الذل والهوان في مخيمات اللاجئين، ولكن مع كل هذا استطاع إسماعيل شموت ذو الـ18 عامًا أن يشق طريقه إلى القاهرة، بعد سنتين في مخيمات اللاجئين في غزة، وهناك التحق بكلية الفنون الجميلة، ولكنه اكتشف بعد التحاقه أنه انتقل جسديًّا من مخيمات اللاجئين، ولكن عقله وقلبه وتفكيره كان هناك؛ فظهرت شخصيته الفلسطينية في أعماله، فمعظم أعماله تعالج وتناقش المعاناة التي تعرض لها اللاجئون.
وفي عام 1953 أخذ كل أعماله التي أنتجها خلال فترة وجوده في مصر وذهب إلى غزة حيث أقام أول معرض له، وكان لهذا المعرض وضع خاص؛ إذ كان أول معرض فني يقام في فلسطين لفنان


فلسطيني، وقام بعرض حوالي 60 لوحة ما بين لوحة زيتية مائية ورسومات، وكانت من ضمن هذه اللوح أشهر أعماله "إلى أين"، وقد كان هذا المعرض بمثابة حدث بَعَث الروح للفلسطينيين، وفي المواهب الشابة لتطوير أنفسهم في هذا المجال.
وفي عام 1953 وصلت فنانة فلسطينية أخرى إلى القاهرة للدراسة هي: تمام الأكحل التي وُلدت في يافا سنة 1935 وكانت من ضمن اللاجئين الذين ذهبوا إلى لبنان، وقد أرسلها والداها إلى القاهرة للدراسة، وهناك انضمت إلى إسماعيل شموت، وانضمت إليهما بعد ذلك فنانة فلسطينية أخرى هي: نهاد سيباس وأقاموا معرضًا لأعمالهم عام 1954، وكان هذا أول معرض يقام لفنانين فلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية، وقد لاقى هذا المعرض قبولا وتغطية إعلامية واسعة.
ومع عدم اعتياد الفلسطينيين على هذا النوع من الفن التشكيلي فإنه أصبح نوعًا من الهوية الثقافية للفلسطينيين، وقُوبل هذا المعرض بحماس من جميع الأوساط الفلسطينية والعربية؛ فهذا النوع من الفن ليس لمجرد تجميل الحياة، ولكنه نوع من التعبير عن الحياة وعن كل ما يحيط بالفنان من أحداث ومواقف، وتعبير عن الحلم الفلسطيني وتجسيد للجرح.
وفي أواسط الخمسينيات تبع هؤلاء الفنانين مجموعةٌ أخرى كانت تُعتبر من الوجوه والمواهب الجديدة في هذا المجال، وفي أوائل الستينيات تخرجت هذه المجموعات من الأكاديميات والكليات الفنية التي درسوا فيها، وأصبحت هذه المجموعة نشيطة جدًّا في الأوساط الفنية، سواء الفلسطينية أم العربية؛ فقد أقيمت المعارض الجماعية لهذه المجموعة الجديدة، سواء من فلسطينيين أم مشتركة بين فلسطينيين وعرب، كان من فناني هذه المجموعة الجديدة: توفيق عبد الله، ميخائيل نيجر لبنان، إبراهيم حازيمة، سمير سلامة في سوريا، سامية تأتأ، محمد بوشناق، عذاف عرفات في الأردن، وغيرهم كثير في جميع الدول العربية.
كانت معظم اللوحات ـ وإن لم يكن كل لوحات هذه الفترة ـ يتبع المدرسة الواقعية الانطباعية مع استخدام الرموز، ويرجع هذا لأسباب منها:
1- أن الأكاديميات العربية تدرس وفقًا لمنهج أكاديمي بحت، وهو تقليد أو محاكاة ما تراه العين.
2- ولأن كل فناني هذه الفترة كانوا من الناجين من أحداث 48 واللاجئين المقيمين في المخيمات؛ لذلك درسوا الفن ليس لأجل الفن، ولكن لتجسيد معاناتهم كفلسطينيين، وللتعبير عن شعب يحاول استرجاع وطنه.
وفنانو


الخمسينيات كانوا قد وهبوا أنفسهم للقضية الفلسطينية والدفاع عنها بكل قدراتهم ومهارتهم الفنية، وكان لهم مطلق الحرية في التعبير عن كل ما آمنوا به.
آفاق ومعتقدات جديدة:
وبحلول الستينيات شهدت الساحة الفلسطينية تغيرات كثيرة: كتغير الشخصية الفلسطينية، وضياع الهوية وتكوين المنظمات المسلحة، وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وبداية المقاومة المسلحة.
فتبين الفنان الفلسطيني هذه القضية ووقف في الجبهة يؤازر هذه الحركات المتنامية، واتسمت أعمال هذه الفترة بالتوحد مع القضية الفلسطينية والدعوة لها ومساندتها، مع الوعي الكامل بالتغيرات الجارية على الساحة، وبعد حرب 1967 التي أسفرت عن هزيمة ثلاث دول عربية وانتصار إسرائيل التي ضمت إليها بقية فلسطين: الضفة الغربية وقطاع غزة، وبهذه الهزيمة وهذه التغيرات أدرك العرب والفلسطينيون قوة وخطورة الحركة الصهيونية، وظهر الفدائيون وبدأت أعمالهم وأُعلن تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.
وبدأت حقبة جديدة أو عصر جديد لفن ولفناني فلسطين؛ فقبل تأسيس المنظمة كان الفنان يعتمد على جهده وقدرته ومهارته المحدودة، ولكن بعد تأسيسها أصبح الفنان الفلسطيني لأول مرة من الدعائم الأساسية والشرعية لهذه المؤسسة الوطنية.
ومنحت التسهيلات والفرص الآتية:
1- توحدت المنظمة لدعم نشاطات الفنانين ومساعدتهم للترويج لأعمالهم.
2- توظيف كثير من الفنانين في نشاطات ثقافية ومعلوماتية خاصة بالمنظمة وحركات المقاومة



الأخرى.
3- إنشاء الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين (1969) الذي حمل على عاتقه تنظيم المعارض الخارجية والداخلية للفنانين والمساعدة على تنمية المهارات والخامات الفنية.
4- تحديد المواهب الشابة الواعدة وإرسالهم لاستكمال دراستهم في مجال الفنون في أي من الدول الصديقة، فأدت هذه التطورات إلى تأثير واضح على الفن والفنانين الفلسطينيين؛ فلقد تخلصت من قيود الواقعية والانطباعية واتجهت إلى آفاق ومدارس جديدة: كالرمزية والسريالية، وتطور استخدام الألوان، ولكن الفن التشكيلي الفلسطيني لم يتحرر من الموضوع الرئيسي والهمّ الفلسطيني؛ ففلسطين واستقلالها ومعاناة شعبها كان الموضوع الرئيسي في أي عمل، ولكن في هذه الفترة تحررت الأعمال نوعًا ما من المأساة والكآبة التي اتسمت بها أعمال الخمسينيات.
الفنان الفلسطيني تحت الحكم الإسرائيلي:
تبع الاحتلالَ للضفة الغربية وقطاع غزة كثيرٌ من النشاطات الفنية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي؛ فكثرت الأعمال الفنية والمعارض مما أدى إلى تعرّض هؤلاء الفنانين إما إلى مصادرة أعمالهم وإما إلى إغلاق المعارض الفنية وحبس الفنانين، وإعاقة وصول الأعمال الفنية إلى المعارض، وما إلى ذلك من أعمال لإخراس المقاومة الفنية.
ومن الفنانين الذين تعرضوا لمثل هذه الأعمال القمعية: كامل مغني الذي تخرج في الفنون الجميلة بالإسكندرية، وعمل مدرسًا في كلية النجاح بنابلس، الضفة الغربية فقد حُكم عليه بالسجن لمدة عامين، وقاموا بنسف منزله وتلفيق التهم له على أن له صلة بحركات المقاومة الفلسطينية.
أما سليمان منصور فقد تخرج من معهد الفنون "بزالل" القدس فقد استُدعي من قِبل الجيش الإسرائيلي لاستجوابه ووضعه تحت المراقبة وصُودرت لوحاته.
أما فتحي الجبين من غزة فتم سجنه، لمدة سبعة أشهر لتميزه باستعمال ألوان العلم الفلسطيني في جميع مواضيع لوحاته الفنية، وتم إغلاق معرضه الذي أقيم 1979 برام الله وفي قاعة العرض الوحيدة، الموجودة بالضفة الغربية وصُودرت أعماله.
وكان


من ضمن نشاطات هذا المعرض: عرض خامات محلية كالرمل، والطين، والصبغات والجلود، والأخشاب، وما إلى ذلك من الخامات المستخدمة في مجال الفن … إلخ؛ وقاموا بهذا العمل لإجبار الفنانين على استعمال المواد الخام التي تتيحها لهم إسرائيل.
ولكن مع كل هذا فهناك سمة واحدة مشتركة بين جميع الفنانين الفلسطينيين ـ سواء المقيمون في فلسطين أم المهجَّرون أم الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين ـ وهي أن فلسطين قضيتهم في جميع أعمالهم بوجهة أو بأخرى.
وأخيرًا مع تأخر نهوض الحركة الفنية في فلسطين وضعفها في البداية، ومع إنجازات الأربعين سنة الماضية -فإنها أصبحت الآن في موازاة الحركة الفنية العربية؛ فحققت تواجدًا واضحًا خلال هذه الأعوام القليلة، إلا أنها ما زال أمامها مشوار كبير لتقطعه؛ لأن الإبداع ليس له حدود.

تابع







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 03:12 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الرسم التونسي المعاصر


لم يعرف تاريخ الفنون العربية المعاصرة، كالتي بالعراق أو بالمغرب أو بالجزائر أو بمصر، صراعا واضح المعالم وخفيّ كالصّراع الذي تطرحه وضعيّة الفنون التشكيليّة التّونسية في ما يسمّى بالتشخيص والتجريد.
تحت عنوان استمراريّة التّشخيص، يشير علي اللّواتي إلى أنّ التّشخيص لم يخسر مواقعه في الفنّ التّشكيلي التّونسي في قمّة سيطرة الاختيارات التجريديّة موضّحا أنّ عددا غير قليل من التّجريد التونسيين قد تخلّوا عن أساليبهم القديمة للانخراط في تجربة إبداعيّة جديدة. فهل يعني ذلك أنّ التّجريد لم يقنع ممارسيه بالقدر الكافي ؟ أم أنّ المغامرة التّجريديّة لم تجد منافذ جديدة تؤمن استمراريتها ؟ أم أنّ للمؤثّرات الخارجيّة كالسّرياليّة والتشخيصيّة المحدثة عند الغرب كانت وراء التخلّي عن التّجريد لفائدة التّشخيص ؟ أو الاستمرار في التّشخيص بالنّسبة لتجارب سابقة ؟
إنّ تجارب، مثل تجربة الحبيب بوعبانة الجديدة أو الأمين ساسي منذ أواسط الثمانينات أو كذلك عودة الحبيب شبيل إلى التّشخيص بالإضافة إلى تغيّر مسار عادل مقديش نحو الحضور المكثّف للشّخصيات، تشكّل منعطفات في التّجارب الفنّية الفرديّة لكلّ رسّام من هؤلاء. كما تشكّل في نفس الوقت واجهة جديدة من الممارسة التشكيليّة التشخيصيّة ذات الصّيغ "الجديدة"، نقصد بذلك جديدة العهد على الفنون التشكيليّة التونسيّة. لذلك لنا أن نتساءل عن هذه التحوّلات لدى هؤلاء الفنّانين، خاصّة وأنّنا نلاحظ ذات الملاحظة التي أوردها علي اللّواتي بخصوص تمسّك العديد من الفنّانين بالتّجريد كخيار فنّي مثل رشيد الفخفاخ وابراهيم العزّاببي والناصر بن الشيخ ولطفي الأرناؤوط وسمير التريكي ونجيب بلخوجة وغيرهم. فهل يمكن أن نقول أنّ هذا التّشخيص محدث ؟ مع وعينا بأنّ التشخيصيّة الجديدة مصطلح غربي يفيد ويدلّ على تجارب تشكيليّة غريبة، لها تصوّراتها وعلى صلة وثيقة بتاريخ الرّسم الغربي كتجربة فرانسيس بايكن أو فلاريو آدمي وهارفي تيليماك وغيرهم ؟ وهل يمكن اعتبار ذلك من القطائع الايبستيمولوجية ؟
إنّ التّناظر أو التّوازي بين الوجه المحلّي للتّحديث في صلب التّشخيص و الوجه الغربي ليس ممكنا لاختلاف الحيزين



الثقافيين لكلا لممارستين. وسوف نحاول في ما يلي تبيّن أوجه التحديث في ممارسة التّشخيص من خلال بعض التّجارب.
تنطلق قراءات تاريخ الفنّ التّشكيلي بتونس من معطيات ثابتة، تتمثّل أوّلها في تأثير فنّ المستوطنين والمستعمرين في أرضيّة الفنون التشكيليّة كممارسة وثانيها في تمكّن مدرسة تونس من سلطة كبيرة في حقل الفنون التشكيليّة من خلال تصدرها لواجهة الأحداث وللمشهد الثقافي محليّا ودوليّا. وهي معطيات مؤثّرة لما تكتسيه من بعد تاريخي ومن سلطة تأخذ شكل الأبوّة كما تأخذ شكل العادات والتقاليد المتأصّلة في المشهد الثقافي المحلّي. لذلك وجب التنبّه إلى مدى حضور وإلى مدى تأثير هذه الممارسة التصويريّة المشخّصة، التي تعكس أبعادا مشهديّة على علاقة مباشرة بالواقع. لأنّ لهذا الحضور الممتد تاريخيّا ولهذا التاريخ المتمكّن من وسائله السلطويّة والإعلاميّة رواسب في التلقي والإدراك، غذتها فئة مثقفة لها علاقات بمدرسة تونس وفئة أخرى من أصحاب المجموعات ومن أصحاب الأروقة، التي لها منافع خلف الترويح الفنّي المشهدي الموروث عن الحقبة الاستعمارية وعن الرّواد. وهي عوامل وإن تضافرت، لم تنف ولم تمنع ممارسة تجريديّة عند بعض الرسّامين أعضاء مدرسة تونس كنالّو ليفي وآدقار النقاش أو عند الهادي التركي وحسن السّوفي أو صفّية فرحات. والقول بصراع بين التجريد والتشخيص ليس وجيها أو صائبا. ففي صلب مدرسة تونس نفسها أعضاء يمارسون هذا النّوع من الفنّ. فأين تكمن إشكاليّة الصّراع بين التّشخيص والتّجريد، بما أنّ المعلن من هذا الصّراع لا يتجاوز حدود الاتّهامات بالفلوكلور في اتّجاه مدرسة تونس وبالاستسهال واتّباع الغرب في اتّجاه الفنّانين الجدد؟ وهل يمكن حقّا، الإقرار بوجود قطائع ايبستيمولوجية في مسار الفنون التشكيليّة التونسية، خاصّة وأنّنا نعلم أنّ هناك العديد من الآراء المتضاربة حول مدرسة تونس وحول التّجريد منذ الستّينات ؟
يقدّم لنا كلّ من محمد بن مفتاح وعادل مقديش وفتحي بن زاكور عوالما سحرية يخرج فيها كلّ فنّان كائناته الآدمية على هيئة وفي شكل مستحدث بين الطرافة وبين التجاوز للأسلوب الأكاديمي. يقدّم بن مفتاح أعمالا مائية وأخرى محفورة وثالثة بتقنية الأكليريك. يطرح من خلالها رؤى تشكيلية تتداخل فيها المرجعيات بين المرجعية الغربية في مستوى التقنيات وممارستها حرفيا وبين المرجعيات الشرقية التي تتضح في تحويل شكل الجسد بمنحه فرصة الإنعتاق من الشكل الآكاديمي وإمكانية التشكل حسب تصورات ايروسية من جهة وحالمة من




جهة أخرى. وبإحكام الخطّ يخرج الشكل من اعتياديه ظهوره إلى تعبير يسيطر عليه التبسيط والزخرف و الرهافة. ومع بن مفتاح ليس هنالك مشهدا مرسوما على الطّريقة التقليدية، بل هنالك لوحة تتشكّل بكائنات آدمية تخترق البعد الواقعي للإقامة في تداعيات الحلم. وهو ما يسمح بتمرير الرّؤى إلى سطح الّلّوحة، مشحونة بهواجس شخصية وبتجربة منفصلة تؤكّد ذاتيتها وخصوصيتها أكثر فأكثر. إنّ صور النساء المبسطة إلى حدّ تلامس فيه وجه المنحوت الشرقي للعصور الغابرة وكذلك التنويع في تأويل الشكل الآدمي إلى كائنات آلية وأخرى تعيش رهن حداثة واهية أعطت للتشخيص عند بن مقتاح أبعادا تشكيلية ومضامين فنّية وإنسانية تعكس عمق الإنساني في الفنّان الذي يتجاوز المجال المحلّي الضيّق دون أن يتنّصل من انتمائه إلى الثقافة الشرقية.
أمّا بن زاكور فهو يقدّم من خلال كائناته المجنّحة وجها ملائكيّا لرسومه المتحركة. فهو يتّبع تقنيات المنظور من جهة ومنجهة أخرى يبسّط رسومه حتّى تغدو خطوطا قليلة العدد ووفيرة التعبير. فالأشخاص التي يرسمها بن زاكور متحركة تتملص من الجاذبية لترقص في الفضاء، يضفي عليها مسحة من الشفافية بالحجب ومسحة من الخيال بإضافة الأجنحة. وهو ما لم نتعوّده في الرّسم التونسي سابقا. وإذا ما تثبتنا جيّدا في الأبعاد المرجعية لأعماله لأمكن لنا تميز ثرائها وتوغّلها إلى حدود عصر النهضة، حيث نتذكّر رسومات الملائكة المجنّحة والوجوه المعبّر وهو ما حاول بن زاكور شحنه في لوحاته التي يتحوّل الكائن فيها إلى طائر يتلقّى النّور ويعكسه ويجوب الفضاء المضاء كالملاك، لذلك يعدّ مجدّدا شأنه شأن بن مفتاح رغم عدم تخلّيهما عن الصبغة الكلاسيكية في صياغة نسب الجسم الآدمي أو في التّأكيد على الرسم الخطّي.
وفي زمن متقدّم، يفاجئ عادل مقديش محبّي الفنّ بصورة مستحضرة من الفضاء الأسطوري والخرافي




والشعبي بالرّجوع إلى الجازية وسيرة بني هلال وبإستدعاء الصّور المتخيّلة شفويّا والمتناقلة مروية. فيحوّل هذه الخامة الابداعية إلى صور تستمدّ أسسها من الخيال ومن جميع أنواع المنمنمات التي تحتوي البعد الغرائبي، يصرّ في ذلك على أنّ فنّه ليس سريـاليّا نظـرالأنّ المخيال العربي يحتوي هذهالأبعاد العجائبية بمعزل عن التنظير للحلم السريالي. وقد سعى عادل مقديش إلى كسب المعادلة بين حذق التقنية خطّيا ولونيّا وبين استلهام المرجع الأصلي الكامن في ايروسية التاريخ العربي والتاريخ الإنساني. وهو بذلك ينفي التأثّر المرجعي بالسريالية ويؤكّد على بعد تراثي بدأ في عمقه مختلفا عن أدوات فنّاني مدرسة تونس. وتستمدّ أعمال عادل مقديش وقار حضورها من بلاغة تقنياتها وكذلك من تمرّدها الدّاخلي وانسحابها إلى حضن أسطوري يؤسّس الوعي بغيابه والحاضر بالذكرى. ورغم ذلك تشمل مفرداته بعضا من أساليب فنّاني مدرسة تونس في إخراج مختلف وبمرونة أكثر شاعرية.
أظهرت تجربة لمين ساسي تحوّلا نحو تشخيص حرّ بعد أن كان الفنّان تجريديّا. فمنذ أن استولت الأشخاص الأشباح على فضاء لوحته ولمين ساسي يحاول التنويع تقنيا وتركيبيا على مشهد لا زمان ولا مكان له، تنعتق فيه الأشخاص من جاذبية الواقع وتتحرك من ثقل تفاصيلها، إلى أن نمت في تجربته بوادر تجاوز وتنويع تقني ومادي بالأساس قدّم بها رؤى حالمة وتصوّرا جماليّا عميقا. فالثّراء الذي تحتويه تشخيصه الأمين ساسي ناتج عن تطلّع الرسام إلى عدم التقيّد وإلى محاولة الإخارج باستعمال أوضاع وهيئات الأشخاص وكذلك بتوجيه الإبصار لعبة بين الكائن والكائن. ليس هنالك حدّة في لوحاته كما أنّه ليس هنالك صلابة في تكويناته إلاّ في التّوجيه إلى الأفق وإلى الأعلى. وعادة ما تنجذب أشخاص الأمين ساسي إلى الأسفل وإلى الأمام. فالمتعة مختلفة عند الفنّانين ( بن زاكور وساسي ) إذا يطلق بن زاكور أشخاصه كالطّيور ويكبح لمين ساسي جماح أشخاصه كالخيول لذلك يصطدم المتأمّل في أعمالهما بتشابه شكلي إزاء إفتراق جوهري.
تكمن اللّذة، في الأصل، عند بن زاكور في الإعتاق طريق للخلاص أمّا لدى لمين ساسي ففي القبض على اللّحظة الحدث وهو الجوهري حسب رأينا. بينما يختلف موقع كلّ من بن مفتاح وبن زاكور ومقديش وساسي من مشاهدهم المرسومة من منطلق اختلاف المقاربة التشخيصية في زمن الإدراك وأثناء التشكيل الفنّي. رغم أنّ المعطيات المرجعيّة تتّصل بعوالم جماعية كالحلم والرؤيا والتراث والتقنية وشرقية الرّوح وليس من أمر ثابت





بينهم غير إصرارهم على معانقة المطلق في المشهد بمغادرة الواقع كمعطى تكرّس عند سابقيهم وعلى إخراج الأشخاص من الإطار المحلّي الثابت إلى محليّة تعبيريّة كلّ حسب آلياته وتقنياته.
عندما غادر الحبيب بوعبانة تجاربه التجريدية وجد نفسه نموذجا لفنّه ومرجعا ذاتيا يعتمد عليه قبل كلّ شيء. لذلك اصطبغت أعماله بتمرد الفنّان على ذاته وبالتقاط التفاصيل الشارعية التي ميّزت لوحاته الأخيرة. فكان الهامه مرتبطا بلذّة الإقبال على الحياة وبألم ممارسة هذه الحياة في نفس الوقت وهو ما طبع لمسته بالحرية وباختراق أكاديمية الرّسم. فكانت الألوان والّلمسات وتحويل الأشكال الآدمية عن طبيعتها تقنيات تستلهم جانبا كبيرا من الوحشية ومن التعبيرية المتمردة في بدايات القرن العشرين، غير أنّ ما امتازت به أعماله من صدق ممزوج برؤية نقدية ثاقبة هو الذي شحنها بطابع خاص أنقذها من بؤرة المرجعية. فتّشخيصية الحبيب بوعبانة وإن تشابهت مع الكثيرين إلاّ أنّها تنحاز لمبدعها لأنّها تلتحم به وبحياته ذاتالبعد التفصيلي. لذلك يمكن أن نقول أنّ بوعبانة قناص للعابر يثبّته فيحوله مرئيا من شحوبه اليومي إلى نضارته اللّوحة.
إنّ العيّنة الأخيرة التي نريد الإشارة إليها هي أعمالأحمد الحجري فهذا الفنّان ولدت تجربتهبالخارج ونمت هناك. وشكل بعفويته وبفنّه الخام وجها جديدا من وجوه التعامل مع التّشخيص الحرّ الذي يجد صداه في حكايات ألف ليلة وليلة وفي المرويات الشعبية، حيث يحاول أحمد الحجري تجسيمها بمزاجية فيها طرافة السّرد والحكاية وذكرى الطفولة في تدفّقفطريّ يضمر تأثّرا برسم المنمنمة وغيرها من فنون الكتابفي الحضارات الشّرقية ولعلّ نجاحه في أوروبا ناتج عن توفيره لأعمال مطلوبة حسب اختيارات غرائبية الذّوق وهو ما مكّنه من تصدير تجربته إلى تونس مستعينا بالإعلام والنّقد الغربيين.
من خلال هذه النماذج التي أتينا عليها يمكننا أن نصوغ مجموعة أفكار حول هذه التوجهات الجديدة في التّشخيص :
أوّلا: نشير أنّها تجارب منفصلة كلّيا عن بعضها البعض رغم تراسل بعض التجارب تقنيّا إذ نجد إمكانية التحاور بين بن مفتاح ومقديش من جهة وبن زاكور وساسي من جهة أخرى والحبيب بوعبانة وساسي في وجه ثالث وكذلك بين الحجري وبن زاكور في مستويات أقلّ.
ثانيا: تتمسّك هذه التجارب بعدم التّشبّث بتثبيت المحلّي بوصفه قيّمة جمالية لذلك تتأكّد مطلقيتها ورحابة انفتاحها على الذّاتي كمطلب ضمني للممارسة التشكيلية.
ثالثا: يصرّ كلّ فنّان على استقلاليته دون التحرّج من المرجعية، بل نلتمس في تجارب مثل تجربة مقديش وبن مفتاح والحجري تأكيدا على المرجعية، خاصّة التراثية.
رابعا: اختار هذه التجارب تكريس المستويات التقنية والتّواصل في العمل اليومي الأمر الّذي جعل من الفنّ مهنة أساسية ممّا مكّنها من اكتساب سوق جديدة رغم أنّ بعضها سعى إلى الحفاظ على حرفائه بالتّضحية بتعطيل تقدّم التجربة حتّى كأنّ ببعضهم أضحى يكرّر نفسه.
خامسا: تقدّم هذه التجارب مقترحات تشكيليّة وجمالية ذاتية تنهل من الحلم ومن الأسطوري لتنجز مشروعا متحرّكا لفنّ تشخيصي غير مقنّن ولا استشراقي، رغم أنّها تستجيب في بعض من ملامحها إلى قانون سيطرة صورة غرائبية وعجائبية يمتدحها الغربي قبل المحلّي.

خاتمـــة


تكمن الإشكاليّة الرئيسيّة ظاهريّا في قناعات الرسّامين و في اختياراتهم لكنّها تبطن اختلافات جوهريّة وممارسات ثقافية لها علاقة بالسّوق الفنّية من جهة وبتأثيرات أصحاب القاعات وأصحاب المجموعات الفنّية وكذلك يوجّه العلاقة مع الثقافة الغربيّة ومنها خاصّة الفرنسيّة. إنّه لا يمكن الحديث عن حركة تشكيليّة بتونس ولا في أيّ بلاد عربيّة أخرى فمفهوم الحركة والتّيار له دلالة سكركستيكيّة واضحة وكذلك أسلوبيّة منخرطة في تاريخ مرتاكم كتاريخ الفنّ الغربي. وحيث أنّ تجربة الفنون التشكيليّة في تونس مازالت حديثة العهد لا يتجاوز عمرها القرن وبضع السنوات، فإنّه لا يمكن الذهاب في اتّجاه التّنطير للقطائع أو القول بوجود حركات وتيارات. فنحن نلاحظ أنّ الفنّ التشكيلي التونسي ظلّ وعلى مدى أكثر من نصف قرن متبعا للسّلف الغربي من التيارات الحديثة يأخذ من الاستشراق ومن الانطباعيّة ومن الوحشيّة والتّكعيبيّة أدواته ووسائله بشكل مباشر وأحيانا بشكل غير مباشر. لذلك يمكن أن نقول بوجود إرهاصات التّجاوز والبحث عن الهويّة من داخل الممارسة المنقولة تصوّرا وتطبيقا.
إنّ تقسيم تاريخ الفنّ التشكيلي بتونس إلى حقب أمرا غير مجديا كما أنّ النّظر إلى تاريخ الرّسم بتونس بالاعتماد على المجموعات وتكوّنها ومساراتها لا يسمح بتحيين قراءة هذا التاريخ. لأنّ أهمّ ما يمكن استنتاجه هو تأسّس مدرسة تونس وتمكّنها من السّيطرة على أوضاع الفنون التّشكيليّة منذ خمسينات القرن العشرين إلى تسعيناتهوبروز محاولات التّكتّل في صلب مجموعات أخرى لا أكثر ولا أقلّ .وحتّى وإن ظهر التّجريد متأخّرا واتّضح أنّه وجه من وجوه الانفلات عن مسار مدرسة تونس وعن أسلوبها فإنّه لا يعكس صبغة طلائعيّة اكتسبت حضورا مسيطرا على ساحة الأحداث التشكيليّة.
وفي خاتمة حديثنا هذا لا يمكننا أن نقرّ بوجود تشخيصية محدثة على أساس أنّها تيّار أو توجّه بقدر ما نرى في هذه التجارب محاولة لكسر طوق المتعارف عليه من بعد مشهديّ في تاريخ الفنّ التشكيلي التونسي وهي مبادرات فردية أثّرت المشهد الفنّي المحلّي وموّلته بإمكانيات جديدة أمام تعثّر المنحى التّجريدي عند البعض كما تعثّر به في الغرب. ولعلّه من الممكن القول أنّ الثبات على ممارسة لا تجد حلولا وآفاقا لأصحابها ليس سهلا فإنّ اتّجاه هؤلاء إلى التشخيص كان منفذا يستجيب إلى حاجات ذاتية ونفسية قبل أن تكون مادية والتي صارت في نهاية الأمر مكسبا. وقد يكون من الطريف أن ننظر إلى بعض أعضاء مدرسة تونس وهم يغيّرون في تقنياتهم وفي انتاجاتهم انخراطا في حركة التحوّل المتأثّر بلزوم ما يلزم في المجال التشكيلي.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 03:28 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفنون التشكيلية في البحرين1/2

تـتـصـفُ طـبـيـعـة الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن مُـنـذ انـبـعـاثـهـا مـع بـدايـات الـتـعـلـيـم


الـنـظـامـي الـحـكـومـي و حـتـى الـيـوم بـالاستمراريةِ والـتـفـاعـل و الـنـشـاط الـدؤوب ، مـع تـنـوع غـنـيّ مـلـحـوظ فـي الأسـالـيـب و الـتـقـنـيـات و الاتـجـاهـات و الـمـذاهـب فـي الـنـاتـج الـفـنـي. و لا شـك فـي أن أسـبـاب ذلـك عـائـدة إلـى عـوامـل عـديـدة مُـخـتـلـفـة، لـعـل أهـمـهـا يـكـمُـن في تـَـميّـز مُجـتـمـع جُـزر مـمـلـكـة الـبحـريـن بالـتـسامـح و الانـفـتـاح الـذهـني والـمعـرفي عـلى مُخـتـلـف ثـقـافـات العـالم ، لـكـون الـبحـريـن ثـغـراً مُـهـماً من الـثـغـور في هـذا الجـزء الـجـنـوبـي الـشـرقـي مـن الـشـرق العـربي الـمـجـيـد، و مـركـز حـضـاري مـوغـل فـي الـقـدم ، قـد الـتـقـت عـلى أرضه مُـنذ أقـدم العـهـود أمم و شعـوب مُـخـتـلـف حـضـارات الـعـالم، و أيـضـاً يعـود هـذا الـتـنـوع الـغـني فـي الإنتاج إلـى ارتـفـاع مـلحـوظ في نـسـبة فـئـة الـعُـمـر الـشـبـابـيّـة فـيه.
و بالـتالي فـإن مُجـتـمع البحـريـن مُجـتـمع فـتـىّ، يـتـصف بالحـيـوية و الـنشاط، و تـغـلبُ عـلى تـوجـُهـاتـه الـعـامة و رؤاه نـزعـة الـتـغـيـيـر و الـتجـديـد الـمُـسـتـمـرة، كـل ذلـك فـي إطـارٍ مُعـطيات حـضارية و اجـتـماعـيـة مـتيـنة موغـلة فـي الأصالة و القـدمِ ، و مُـستـندة إلى إرث راسخ عـظيـم من التاريـخ العـربي الإسلامي العـريـق الـذي يـتـمـتـع و يـعـتـز بـه أهـل ممـلـكة البحـريـن.
فـفـي هـذا الـجـزء مـن الـعـالـم ، عـلـى شـواطـئ الـخـلـيـج الـعـربـي الـدافـئـة و مـن عـمـق أراضـيـه الـفـيـحـاء، اخـتـرع الإنـسـان فـي نـهـايـة الألـف الـرابـع قـبـل الـتـاريـخ أول كـتـابـة عـرفـتـهـا الـبـشـريـة، عـلـى هـيـئـة صـور رمـزيـة نـُـقِـشـت بـالـقـلـم فـي رُقـيـمـات مـن الـطـيـن الـمَـمـشـوق. و مـنـذ أول مُـحـاولاتـه الـكـتـابـيـة تـلـك ظـهـر فـي سـجـلات مُـعـامـلاتـه الـتـجـاريـة و الإداريـة، و كـذلـك فـي نـصـوص ابـتـهـالاتـه الـديـنـيـة الـمـكـتـوبـة، أسـم الـمـكـان (تـلـمـون)، هـذا الاسـم الـقـديـم لـلـبـحـريـن. و قـد ظـهـرت أهـمـيـة هـذا الـمـكـان و سـره، عـنـدمـا تـكـرر ظـهـور الاسـم (تـلـمـون) فـي الـعـديـد مـن قـصـص و أسـاطـيـر الأولـيـن،



عـنـدمـا عـثـر عـلـى أقـدم نـصـوصـهـا مـكـتـوبـة فـي قـطـع صـغـيـرة مـن الـطـيـن بـيـن آثـار أقـدم مـعـابـد و قـصـور حـضـارات الـعـالـم فـي وادي الـرافـديـن.
فـفـي تـلـك الـكـتـابـات الأولـى لـلإنـسـان، و الـتـي اعـتـبـرهـا الـعـلـمـاء أول دلائـل تـحـضّـره و انـتـقـالـه مـن عـصـر الـكـهـوف الـحـجـريـة إلـى الـمَـدنـيّـة، و الـتـي تـضـمـنـت أيـضـاً خـلاصـة مُـعـتـقـداتـه و طـقـوسـه الـتـعـبـديـة و أسـمـاء آلـهـتـه و مـلـوكـه و أبـطـالـه، ظـهـرت (مـمـلـكـة تـلـمـون) عـلـى أنـهـا الـمـكـان الـطـاهـر الـنـظـيـف، الـذي أضـطـجـع فـيـه أحـد أهـم أركـان ديـانـتـهـم، ألا وهـو الإلـه (أنـكـي) إلـه الحـكـمـة و المـيـاه الـعـذبـة و واهـب الحـيـاة ، أضـطـجـع فـيه مـع زوجـتـه الآلـهـة (نيـن حـور شـاق)، و فـيـه أيـضـاً اخـتـار أن يُـشـيّـد عـلـى نـبـع الـمـاء الـعـذب (الأبـزو) أول مـعـابد البـشـريـة.
و لـِمـن يَـهـمُـه تـتـبـع خـيـط الإبـداع و تـقـصـي مـصـدر نـشـأتـه الأولى عـنـد الـبـشـريـة، عـلـيـه الـعـودة إلـى تـلـك الأشـعـار و الـقـصـص و الأسـاطـيـر الأولـى الـتـي شـرحـت ، كـيـف حـول هـذا الإلـه الأسـطـوري الـمـكـان ( تـلـمـون ) مـسـرحـاً لـجـمـيـع أفـعـال الـخـلـق و الإبـداع الأولـى ، حـيـث صنع من الطـيـن الـممـشـوق، الذي اســتـخـرجـه مـن قـاع نـبـع الـمـاء ( الأبـزو ) فـي ذلـك الـمـعـبـد الأول، أنـواعـاً مـن الـتـمـاثـيـل ، فـكـانـت آلـهـةً و بـشـراً، و حـفـر الآبـار و بـنـى، و اسـتـصـلـح الأرض وزرعـهـا بـالـنـخـل ثـم اخـتـرع الـكـتـابـة.
و مـع مجيء الإسـلام و سـطـوع نـوره مـن و عـلـى أرض الـحـضـارات، فـقـد الـفـن و إلـى الأبـد، عـنـد أهـل هـذه الـمـنـطـقـة الـعـربـيـة الـعـريـقـة، قـاعـدتـه الـوثـنـيـة الأولـى، إذ لـم يَـعُـد فـعـل الإبـداع الـمُـطـلـق عـنـدهـم، مـن صُـنـع الآلـهـة الـوثـنـيـة و لا فـي يـد كـهـانـهـم ، و إنما هـو ــ و كـما جـاء به الـديـن الإسلامـي الحـنـيـف ــ عـائـد إلى الله عـز و جـل، فـهـو؛ الواحـد الأحـد ، الـفـرد الـصـمـد، و هـو الـخـالـق، والـمُـبـدع، و الـمُـصـور، و إلـيـه تـرجـع الأمـور.
فـأدى هـذا الـتـبـدل فـي أسـس و مـفـهـوم الـفـن و الإبـداع بـالإنـسـان الـعـربـي الـمُـسـلـم فـي هـذه الـحـوض الـثـقـافـي، إلـى الـتـوجـه بـحـِسـه الـمُـرهـف و بـفـنـه ، إلـى تـوظـيـفـهـمـا فـيـمـا هـو أكـثـر نـفـعـاً ومـوائـمـة فـي حـيـاتـه و مـع مُـجـتـمـعـه.
فـبعـد أن كـان الفن، مُـسخراً لـلاستحـواذ عـلى الإنـسان و عـلى فـكره من أجـل إخـضاعـه لـسـلـطـان الـمـلـوك الآلـهـة الـوثـنـيـيـن، و لـسـحـر و جـبـروت كـهـانـهـم ، أصـبـحـت وظـيـفـتـه الأولـى مـن شـأن الـنـاس و الامـتـزاج الأمـثـل بـمـعـطـيـات و مـتـطـلـبـات حـيـاتـهـم و بـيـئـتـهـم .
فـظـهـر نبـوغ الـمـسـلـمـون و تـجـلـت إبـداعـاتـهـم في حـرفـهم و صـنـاعـاتـهم اليـدويـة، و عـلى هـذا الأساس ازدهـرت تـلـك الـصـنـاعـات و الـحـرف الـيـدويـة فـي جـمـيـع أرجـاء مـمـلـكـة الـبـحـريـن و غـيـرهـا مـن الـبـلاد الإسـلامـيـة ، و أتـقـنـت فـنـونـهـا لـدرجـة ظـهـرت عـنـد الـبـعـض، عـلـى أنـهـا قـد وصـلـت إلـى غـايـة فـي الـتـرف ، إذ قـال عـنـهـا الـعـلامـة أبـن خـلـدون فـي مُـقـدمـتـه الـشـهـيـرة: "و أمـا الـيـمـن والـبـحـريـن و عـمـان و الـجـزيـرة، و إن مـلـكـتـه الـعـرب، إلا أنـهـم تـداولـوا مـلـكـه آلافـاً مـن الـسـنـيـن فـي أمـم كـثـيـرة ، و اخـتـطـوا أمـصـاره و مـدنـه ، و بـلـغـوا الـغـايـة مـن الـحـضـارة و الـتـرف مـثـل عـاد و ثـمـود و الـعـمـالـقـة و حـمـيـر مـن بـعـدهـم الـتـبـابـعـة و الأذواء، فـطـال أمـد الـمـلـك و الـحـضـارة و اسـتـحـكـمـت صـبـغـتـهـا و تـوفـرت الـصـنـائـع و رسـخـت ، فـلـم تـبـلـى بـبـلـى الـدولـة..".
و بـعـد انحـسـار حـقـبـة ازدهـار صـنـاعـة الـغـوص عـلـى الـلـؤلـؤ الـطـبـيـعـي الـنـفـيـس، الـذي



اشـتـهـرت بـه الـبـحـريـن و اعـتـمـدت عـلـى عـائـداتـه مـنـذ بـدء حـضـارتـهـا، و ذلـك بـسـبـب تـوصـل الـشـرق الأدنـى إلـى اسـتـزراع شـيـئـاً شـبـيـهـاً بـه صـنـاعـيـاً فـي مـطـلـع الـقـرن الـعـشـريـن، جـاء اكـتـشـاف الـنـفـط بـيـن عـامـي 31 ــ 1932 م و تـدفـق عـائـداتـه عـلـى الـبـحـريـن، و قـبـل أيـة دولـة مـن دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة ، بـمـثـابـة الـحـل الـعـصـري، الـذي أخـرج الـمـجـتـمـع فـيـهـا قـبـل غـيـرهـا مـن نـمـط الـحـيـاة الـسـائـد آنـذاك، و الـذي كـان قـائـمـاً فـي الأصـل عـلـى الـحـرف و الـصـنـاعـات الـتـقـلـيـديـة، و عـلـى مـا كـانـت تـقـتـضـيـه طـبـيـعـتـهـا مـن نـظـام اجـتـمـاعـي قـديـم مـتـوارث، و خـرج إلـى هـذا الـنـمـط الـحـيـاتـي الأوروبـي الـذي عـمّ الـعـالـم بـاسـم الـحـيـاة الـحـديـثـة أو الـعـصـريـة.
يُـقـــال بـأنـك إن أردت أن تُـؤرخ لـلـــفـن، فـسـيـتـوجّـب عـلـيـك قـبـل أن تـحـشـد الـوقـائـع و الأحـداث والأسمـاء و الـسـنـوات ، بأن تـأتـى بـتـعـريـفٍ لـمـا هـو الـفـن أولاً. وإذا أردت أن تُــؤرخ لـلـــفـن الـحـديـث، فـعـلـيـك أن تُــعـرّف مـا هـي الـحــداثـة فـي الــفـن.. هـكـذا إذن ، فـأنـنـا إن أردنـا أن نـؤرخ لـلـفـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، و جـوانـب الحـداثـة فـيـه، سـنـجـد أنـفـسـنـا فـي مواجـهـة هـذه الـمـسـألة، وسـيـكـون مـطـلـوبـاً مـنـا تـعـريـف مـا هـو الـفـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن و كـذلـك تـحـديـد مفـهـوم مـا هـو الـجـانـب الـحـديـث فـيـه.. !
فـمـا هـو تـعـريـف الفـن فـي الـبـحـريـن .. يـا تـرى؟
لا شـك عـنـدي و أيـضـاً أعـتـقـد بـأنـه كـذلـك عـنـد أغـلـب الـنـاس ، بـأن سـؤالاً كـهـذا لـهـو مـن الـمـسـائـل الـتـي لا يـرد طـرحـهـا عـلـى الـذهـن، لا لـشـيء، إلا لأن مـسـألـة تـعـريـف الـفـن، لـهـي مـن الـمـسـائـل الـتـي يـعـتـقـد الـكـثـيـرون مـنـا بـداهـةً، بـأنـهـا مـن الـمـواضـيـع الـمفـروغ منهـا، أو من الإجـابـة عـلـيـها ، و ذلـك لأن الغـالبـيـة مـن الـنـاس تـعـتـقـد بـأنـهـا تـعـلم بـالـفـطـرة ؛ مـا هـو الـفـن.. مـثـلـمـا هـي واثـقـة فـي الـعـادة مـن عـلـمـهـا بـمـا هـو الـجـمـال.. !
ولـو حـدث وأن طُـرح مـثـل هـذا الـسـؤال (مـا هـو الـفـن؟) عـلـى أحـداً.. لـوجـدت جـوابـه ــ بـعـد ابــتـسـامـة واهـيـةٍ فـي أغـلـب الـحـالات ــ بـأن الـفـن هـو: هـذا الذي نـراه مـن حـولـنـا، أي أنه هـذا الذي يُـحـيـط بـنـا مـن أعـمال تـشـكـيـلـيـة؛ مـثـل الـلـوحـة أو الـصـورة و الـتـمـثـال و مـا شـابـه..
و مـمـا لا شـك فـيـه بـأن جـوابـاً بـديـهـيـاً كـهـذا ، لـن يـحـل لـنـا مـن الـجـانـب الـفـكـري أو الـفـلـسـفـي أو الـتـاريـخـي مـسـألـة الـبـحـث عـن تـعـريـف لـلـفـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، لأن هـذا الـذي



نـراه و يـحـيـط بـنـا مـن أنـتـاج فـنـي هـو فـي الـحـقـيـقـة، مـشـابـه إلـى درجـة الـتـطـابـق فـي شـكـلـه و طـبـيـعـتـه و أحـيـانـاً حـتـى فـي محـتـواه أو مـضـمـونه ، ذلـك الذي نـعـرفـه مـن الإنـتـاج الـفـنـي، و الذي عـادةً مـا يـكـون مـثـلـه مـوجـوداً فـي أي مـكـان مـن الـعـالـم، و لـيـس فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن وحـدهـا و حـسـب..!
فـهـل هـذا هـو مـا يـمـثـل الـفـن فـي الـبـحـريـن؟ أو بـسـؤال مـخـتـلف؛ هـل يـمـكـن اعـتـبـار ذلـك الـنـوع مـن الإنـتـاج فـنـاً بـحـريـنـيـاً أصـيـلاً؟
ــ فـإن كـان الـجـواب عـلـى هـذا الـسـؤال بـالإيـجـاب.. فـسـيـصـبـح تـعـريـف الـفـن هـنـا مـسـألـة سـهـلـة و عـامـة ، و ذلـك لأن صـفـات و مـواصـفـات الـفـن هـنـا بـاتـت مـسـألـة عـالـمـيـة عـامـة أو شـائـعـة، مـسـألـة سـقـطـت مـنـهـا قـضـيـة الـهـويـة أو الـمـحـلـيـة ، بـل و تـسـقـط مـنـهـا أيـضـاً مـيـزة الـخـصـوصـيـة، بـكـل صـفـاتـهـا و أهـمـيـتـهـا الـدقـيـقـة الـمـعـروفـة فـي الـفـن، و الـفـن الـحـديـث عـلـى وجـه الـتـحـديـد، فـسـؤال مـثـل: مـا هـو تـعـريـف الـفـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن؟ لـن يـتـطـلـب فـي هـذه الـحـالـة مـنـا أي جـهـدٍ فـكـري خـاصٍ بـضـرورة الإتـيـان بـتـعـريـفٍ مـخـتـلـف و مـن مـنـظـورٍ محـلـيٍ أصـيــلٍ.
و لـكـن و بـمـجـرد إدراك أولـئـك الـذيـن ردوا عـلـى هـذا الـسـؤال بـالإيـجـاب، لـمـسـألـة سـقـوط مـوضـوع الـهـويـة مـن تـعـريـفـهـم لـلـفـن، لـوجـدنـا أن مـوقـفـهـم الـعـام يـنـقـلـب رأسـاً عـلـى عـقـب، ولـوجـدتـهـم أيـضـاً مـن أول الـداعـيـن إلـى تـأكـيـد مـكـانـة الـهـويـة و دورهـا فـي الـفـن و تـعـريـفـه مـن الـمـنـطـلـق الـمـحـلـى، بـل و مـن أي مـنـطـلـق آخـر مُـغـايـر.. !
إذ أن الـمـتـتـبـعـيـن لـحـركـة الـفـنـون فـي الـعـالـم الـعـربـي، يـعـرفـون تـمـامـاً مـا قـد شـكـلـتـه و تـشـكـله و إلى الـيـوم ، مـسـألـة (الأصــالة و الـمـعـاصـرة) فـي الـثـقـافـة العـربـيـة الحـديـثـة ، و يـدركـون أكـثـر من غـيـرهـم، مـدى خـطـورة مـا قـد ثار و احـتـدم و ما زال في موضوعـهـا من آراء و اطروحـات، لا عـد لها و لا حـصر.
ــ و أما إذا كان جـوابهـم عـلى سـؤال ما إذا كان ذلك فـناً يمـثـل البحـرين بالـنفـي، و هـذا أمـراً نـادراً، فـإنـنـا سـنـضـطـر فـي حـيـنـهـا أن نـسـأل هـؤلاء عــن تـعـريـفـهـم الخـاص لما هو الفـن في ممـلـكـة الـبحـريـن، و ما هي طـبيعـة مضمونه؟
و لاشـك عـنـدي أن الـمـوضـوع فـي هـذه الـحـالـة، أي عـنـد دعـوة الـنـاس هـكـذا لـتـعـريـف الـفـن، سـيـصـبـح الـمـوضـوع دعـوة عـامـة مـفـتـوحـة لـكـل مـجـتـهـدٍ بـأن يـأتـي بـمـا عـنـده، و فـي كـلا



الـحـالـتـيـن، سـيـكـون لـمـوضـوع الـهـويـة فـي صـيـاغـة الـتـعـريـف أهـمـيـة لا مـنـاص مـنـهـا.. !
و هـا أنـا ذا أحـاول أن أدلـو بـدلـوي، و مـا سـوف أعـرضـه هـنـا مـن إجـابات أو تـعـريـف لـلـفـن فـي الـبـحـريـن، و تـحـديـد الـجـانـب الـحـديـث مـنـه تـسـهـيـلاً لـتـأريـخـه و فـهـمـه، مـا هـو فـي حـقـيـقـة الأمـر إلا اجـتـهـاداً فـرديـاً مـتـواضـعـاً، أدعـوكـم بـإلـحـاح لا إلـى قـبـولـه عـلـى مـا هـو عـلـيـه، و إنـمـا إلـى الـتـصـدي لـه تـأمـلاً و تـحـلـيـلاً و نـقـداً.. عـلـنـا جـمـيـعـاً مـن قـدح الـفـكـــر نـشـتـعــل.. !
فماذا يمكن أن يكون تعريف الفن التشكيلي في مملكة البحرين أو ما هو نوعه؟
أن مـجـتـمـع الـبـحـريـن، و كذلـك مجـتـمـعـات دول الخـلـيـج العـربـيـة عـامةً؛ لم تـعّـرف الـفـن بـمـفـهـومـه الأوروبي، المـصـطـلح عـلـى تسـمـيـتـه بـفـن الـشـفـالـيـه Chevalet الـمـتـمـثـل فـي الـلـوحـة الـتـصـويـريـة الـمـؤطـرة مـثـلاً، أي لـوحـة الـمـسـنـد ــ إلا مـع بـدايـات انتشار الـتـعـلـيـم الـعـام النظـامي الحكومي.
و الـسـؤال الذي يـطـرح نـفـسـه هـنـا هـو ؛ مـا هـو مـفـهـوم الـفـن الذي كـان سـائـداً فـي هـذه الـمـنـطـقـة قـبـيـل مـجـئ الـفـن بـمـفـهـومـه الأوروبي إلـى الـبـحـريـن و دول الـخـلـيـج ؟ وهـل كـان هـنـاك أي نـوعٍ مـن فـن الـتـصـويـر مـثـلاً ؟
أن حـالـة الـفـن فـي الـبـحـريـن و فـي دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة آنـذاك ، كـانـت امـتـداداً طـبـيـعـيـاً لـتـقـلـيـد فـكـري و تـقـني أو حـرفـي، كـان سـائـداً فـي الـمجـتـمع ، شـأنـه شـأن جـمـيـع تـلـك الـتـقـالـيـد الاجـتـمـاعـيـة الأخـرى الـمـتــوارثـة، الـتـي يـتـطـابـق حـالـهـا الـذي كـانـت عـلـيـه و حـالـة الـوجـود الـسـاكـن.. !
هـذه الحـالـة الـتي كـانت تـعـيـشـها أيـضـاً الـفـنـون الـعـربـيـة الـتـقـلـيـديـة، أو تـلـك الـتي تسـمـى بالإسـلاميـة، في مخـتـلـف أقـطـار الـعـالـم الـعـربـي و الإسـلامـي ، وذلـك قـبـيـل أن تـقـع تـلـك الأقـطـار تحـت طائل المـد الـعـارم لـلـمـدنـيـة عـلـى الـنـمـط الأوروبي مـن أثـر زحـف الـمـسـتـعـمـر الأوروبـي عـلـيـهـا وعـلـى مـدنـيـتـهـا.
أن الـفـن بـمـفـهـوم لـوحـة الـمـسـنـد الـقـادم لـنـا مـن مـعـطـيـات فـكـر عـصـر الـنـهـضـة الأوروبـيـة، لـم يـكـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، و لا فـي دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة ، فـنـاً مـعـروفـاً أو مـألـوفـاً. و أن مـسـألـة


حـصـر الاسـتـمـتـاع الـذهـنـي و البصـري فـي حـيـز الـلـوحـة الـمـقـفـل، أو فـي إطـارٍ محـددٍ، كـمـا تـمـلـيـه و تـشـتـرطـه لوحـة الـمـسـنـد، لم يـكن أمراً وارداً فـي الـفـكر المحـلى عـلى الإطـلاق، و لـم أجـد لـه فـي تـراث هـذه الـمـنـطـقـة الـعـربـيـة أي أسـاس ، و ذلـك لأن مـفهـوم الفـن الـسـائد ، منذ أن كان هـناك فـنـاً فـي هـذا الـعـالـم الـعـربـي و الإسلامي.
إذ لـم تـكـن هـنـاك فـواصـل أو حـدود بـيـن الـفـن و واقـع الـحـيـاة الـيـومـيـة لـلـنـاس فـي الـبـحـريـن عـبـر الـتـاريـخ ، فـلـقـد كـان الـفـن مـهـارة فـائـقـة و إتـقـان يـتـمـيـز بـهـمـا و يـمـتـلـكـهـمـا أصـحـاب الـحـرف الـيـدويـة و الـصـنـاع، مـن مـثـل؛ صـانـع الـفـخـار، و الـحـائـك الـمـشـتـغـل بـالـنـسـيـج والـخـيـاطـة، و الـقـلاف صـانـع الـسـفـن و الـنـجـار، و الـبـنـاء و مـزخـرف و مـجـصـص الـمـنـازل، و الـحـداد و الـصـفـار و صـانع الـحـلـي و الـخـنـاجـر و الـسـيـوف، إذ كـانـت كـل تـلـك الحـرف الأصـيـلـة المـتـوارثـة من غـابـر الأزمـنـة، تـشـكـل ركـنـاً أسـاسـيـاً و هـامـاً، مـكـمـلاً لأهـم نـشـاطـات أهـل مـمـلـكـة الـبـحـريـن الـيـومـيـة حـتـى قـبـيـل اكـتـشـاف الـنـفـط فـيـهـا، و لـم يُـعـرف الـفـن الـتـشـكـيـلـي بـمـفـهـومـه الأوروبـي الـحـديـث إلا مـع بـدايـات الـتـعـلـيـم الـنـظـامـي الـحـكـومـي .
وقـد قـمـت ــ و حـسـب امـكـانـاتـى الـمـتـواضـعـة ــ بالاسـتـقـصـاء عـن مـا يـمـكـن أن يـتـوفـر فـي الـسـاحـة الـمـحـلـيـة، مـن نـمـاذج أو أعـمـال فـنـيـة تـاريـخـيـة أو قـديـمـة، قـد تـسـمح طـبـيـعـتهـا بأن تـدرج تحـت الـمفـهـوم الأوروبي لـلفـن، فـلم أعـثـر عـلى أي شيء فـنـي، يـمكـن أن تـكون له نفـس وظـيـفـة أو مـفـهـوم (لـوحـة الـشـفـالـيـه) أو لـوحـة الـمـسـنـد ، يـمكـن أن يـؤرخ بـفـتـرة مـا قـبـل تـاريـخ مـجـيـئـهـا مـع مـنـاهـج الـتـعـلـيـم الـنـظـامـي إلـى الـخـلـيـج !
الـلـهـم إلا هـذا الـنـوع مـن الأعـمـال الـتـصـويـريـة، الـذي هـو عـبـارة عـن رسـومـات أو تـصـاويـر مـلـونـة، تـكـون فـي الـعـادة لأنـواع مـن الـسـفـن الـشـراعـيـة الـمـحـلـيـة الـكـبـيـرة الـمـشـهـورة أحـيـانـاً بـيـن أهـل الـبـحـر.
و قـد وجـدت مـنـهـا فـي بـادئ الأمـر ، نـمـاذج عـنـد بـعـض الـمـشـتـغـلـيـن بـالـبـحـر و الـسـفـن، ورأيـت مـنـهـا فـي الـسـتـيـنـيـات نـمـاذج كـانـت مُـعـلـقـة عـلـى الـجـدران ، فـي بـعـض المقاهي الـشـعـبـيـة



الـعـامـة، و أحـيـانـاً فـي مـجـالـس أهـل الـغـوص عـلـى الـلـؤلـؤ و تـجـاره، أو مـعـلـقـة فـي دكـاكـيـنـهـم .
و كـان انـطـبـاعـي الأول عـنـهـا، و تـفـسـيـري لـنـوعـهـا و طـبـيـعـتـهـا؛ بـأنـهـا أعـمـالاً تـصـويـريـة تـراثـيـة قـديـمـة، قـد تُـمـثـل امـتـداداً لـنـمـط مـحـلـى أصـيـل مـن فـن الـتـصـويـر و الـرسـم، أو أنـهـا بـقـايـا ذلـك الـتـقـلـيـد الـعـريـق الـذي أرسـتـه نـمـاذج الـمـنـمنـمـات الـتـي تـضـمـنـتـهـا الـتـصـاويـر و رسـومات الـكـتـب و الـمخـطـوطـات الـعـربـيـة الإسـلامـيـة الـقـديـمـة، مـنـذ انـتـشـار الإسـلام فـي ربـوع هـذه الأرض الـفـيـحـاء.
و يـأتـي هـذا الـتـشـابـه الـمـدهـش بـيـنـهـمـا ، لا مـن حـيـث الانـطـبـاع الـعـام و الـهـويـة و حـسـب، و إنـمـا مـن حـيـث مـعـطـيـاتـهـا الـتـقـنـيـة الـتـشـكـيـلـيـة الـتـي اتـصـفـت بـهـا و تـمـيـزت الـفـنـون الـتـقـلـيـديـة فـي الـبـلاد العـربـية والإسـلامـيـة، و قـيـمـها الـجـمـالـيـة و طـبـيـعـة مـضـمـونـهـا الأدبي و مـعـطـيـاتـهـا.
و لـكن بعـد الـفـحـص و الـتـدقـيـق فـي تـفـاصـيـلهـا الـفـنـية و نمـطـهـا، و بعـد تـقـصى مـصدرهـا الأصـلي، و البحـث عـن مـنـتجـيـهـا ، وجـدت أن هـذه الرسـومات و الـصـور الـمـحـلـيـة، مـا هـي فـي حـقـيـقـتـهـا إلا نـوعـاً جـديـداً مـن الـرسـومـات، الـتـي كـان يـرســم مـثـلـهـا من يـسـمـون بالأسـاتـذة (الـقـلافـون) و هـم صـنـاع الـسـفـن الـتـقـلـيـديـة الـمـحـلـيـون، و ذلـك مـن أجـل أن يـسـتـخـدمـوهـا كـدلـيـلٍ فـنـي حـرفـي أو هـنـدسـي تـفـصـيـلـي عـنـد صـنـاعـة الـسـفـيـنـة ، مـن أجـل تـحـديـد شـكـلـهـا و نـوعـهـا وتـفـاصـيـلـهـا الإنـشـائـيـة أو الـبـنـيـويـة و مـقـاسـات حـجـمـهـا و أظـهـار نـسـب أجـزائـهـا و مـا شـابـه، أي أن وظـيـفـتـهـا مـشـابـهـة لـدرجـة كـبـيـرة لأي رسـم هـنـدسـي صـنـاعـي .
و فـي أكـثـر الأحـيـان تـسـتـخـدم أيـضـاً، لـغـرض عـرض تـلـك الـنـمـاذج مـن الـسـفـن الـمـرسـومـة، عـلـى الـشـخـص الـذي أوعـز بـصـنـاعـتـهـا أو عـلـى مـالـكـهـا، و ذلـك قـبـل الـبـدء بـمـشـروع بـنـاء الـسـفـيـنـة نـفـسـهـا، و مـن أجـل أخـذ الـرأي و الـمـوافـقـة الـنـهـائـيـة عـلـى مـا سـتـكـون عـلـيـه الـهـيـئـة الـعـامـة لـلـسـفـيـنـة ، بـعـد الـتـصـنـيـع .
و نـظـراً لـلـطـبـيـعـة الـفـنـيـة و الـهـنـدسـيـة الأصـلـيـة لـهـذه الـتـصاويـر و الـرسـومات ، نـسـتـطـيـع أن نـقـول أنـهـا مـن أنـتـاج هـؤلاء الـصـنـاع الـمحـتـرفـيـن، الـذيـن يـطـلـق عـلـيـهـم أسـم (الـقـلالـيـف؛ و هـي جـمـع قـلاف) ثـم انتشرت فـيـمـا بـعـد، و تـم تـداولـهـا كـنـوع مـن الـوثـائـق بـيـن مـن يـطـلـق عـلـيـهـم في الـلـهـجـة الـمـحـلـيـة (بـالـنـوآخـذه؛ وهـى جـمـع نـوخـذه) وهـم ربـابـنـة الـسـفـن، و أحـيـانـاً هـم مـتـضـمـنـيـهـا أو مـلاكـهـا الأصـلـيـيـن أيـضـاً ، ثـم اشـتـهـرت تـلـك الـتـصـاويـر و شـاعـت في أوسـاط أهـل الـبـحـر عـامـةً، أو بـشـكـل خـاص بـيـن أهـل الـغـوص عـلـى الـلـؤلـؤ و بـيـن تـجـاره و الـمـشـتـغـلـيـن فـي صـنـاعـتـه .
فـمـع تـقـهـقـر صـنـاعـة الـسـفـن الـتـقـلـيـديـة، بـعـد انـتـكـاسـة الـتـجـارة الـبـحـريـة و تـعـطـل خـطـوط الـمـلاحـة بــسـبـب الـحـروب الـعـالـمـيـة الـعـظـمـى، و كـذلـك تـدهـور سـوق الـلـؤلـؤ الطبيعي، وانـتـكـاسـتـه الأخـيـرة فـي الـبـحـريـن و الـخـلـيـج ، عـنـدمـا تـم الـتـوصـل إلـى اسـتـزراع نـوع مـن الـلـؤلـؤ صـنـاعـيـاً مـن قـبـل الـيـابـانـيـون فـي مـطـلـع هـذا الـقـرن الـعـشـريـن، تـحـول الـبـعـض مـن الـمـشـتـغـلـيـن بـصـنـاعـة الـسـفـن إلـى صـنـاع نـمـاذج مـصـغـرة لـلـسـفـن الـتـقـلـيـديـة مـن أجـل بـيـعـهـا عـلـى الـجتالـيـات الأجـنـبـيـة الـمـتـواجـدة فـي الـبـحـريـن و الـخـلـيـج آنـذاك، و حـدث تـبـدل جـذري فـي طـبـيـعـة و وظـيـفـة تـلـك الـتـصـاويـر و الـرسـومـات الـتـقـلـيـديـة الـحـرفـيـة، و ذلـك بـتـحـولـهـا شـيـئـاً فـشـيـئـاً إلـى مـجـرد صـور تـذكـاريـة ، قـد فـقـدت وظـيـفـتـهـا الـصـنـاعـيـة الأصـلـيـة، و أهـمـيـتـهـا الـعـلـمـيـة الـهـنـدسـيـة الـمـعـهـودة. فـأخـذت لـهـا وظـيـفـة جـديـدة تـعـادل فـي طـبـيـعـتـهـا و مـكـانـتـهـا مـا تـقـوم بـه لـوحـة الـمـسنـد، و ما لـهـا مـن مـدلـول فـي الـفـن الـتـشـكـيـلـي الأوروبي أو الـفـن بـشـكـل عـام . فـأصـبـحـت تـلـك الـتـصـاويـر فـي هـيـئـتـهـا و وظـيـفـتـهـا الـجـديـدة شـيـئـاً قـيّـمـاً يـمـيـل إلـى اقـتـنـائـه ملاك الـسفن و أهـل الـبحـر، و خـاصة أولـئـك الـذيـن سكـن البـحـر و أمـجـاده وجـدانهـم عـمـيـقـاً، إلـى حـيـث أصـبـحـت فـيـهـا تـلـك الـتـصـاويـر عـنـدهـم رمـزاً خـالـداً لـمـاضٍ تـلـيـدٍ.
و لـقـد حـدث كـل ذلـك الـتـبـدل فـي وظـيـفـة تـلـك الأعـمـال الـفـنـيـة الـمـحـلـيـة مـتـزامـنـاً و مـتـفـقـاً مـع حـركـة تـحـول مـجـتـمـع الـبـحـريـن و الـخـلـيـج، و تـغـيـر اقـتـصـاده، مـن ذاك الـذي كـان مـعـتـمـداً عـلـى الـبـحـر و صـنـاعـة الـغـوص عـلـى الـلـؤلـؤ الـتـقـلـيـديـة، إلـى الاعـتـماد بـصـورة شـبـه كـلـيـة و حـيـويـة عـلـى صـنـاعـة الـنـفـط الـحـديـثـة و عـائـداتـهـا الـكـبـيـرة الـتـي بـدأت تـدرهـا عـلـى مـجـتـمـعـاتـنـا الـخـلـيـجـيـة مـنـذ اكـتـشـافـهـا.
و أكـثـر مـا وصـل إلـيـنـا مـن نـمـاذج مـن هـذه الـرسـومـات و الـتـصـاويـر الـمـحـلـيـة الـمـمـيـزة و الـنـادرة، هـي مـن الأعـمـال الـتـي تـم إنتاجها حـديـثـاً نـسـبـيـاً .. وأن أقـدم نـمـوذجٍ أصـليٍ مـن هـذه الـرسـومـات استطعت الـحـصـول عـلـيـه فـي الـبـحـريـن قـد لا يـزيـد عـمـره ــ فـي تـقـديـر الـشـخـصي ــ عـلى الـستـيـن أو الـسـبـعـيـن عـامـاً ، حـتـى تـاريـخ كـتـابـة هـذه السـطـور






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 03:32 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفنون التشكيلية في البحرين2/2


ومع بـدء الـتـعـلـيم الـعـام الـنـظـامـي الحكومي في الـبحـريـن في نهـايـة العـقـد الثاني مـن هـذا الـقـرن الـعـشـريـن،

أنـتـشـر عـن طـريـق مـنـاهـج الـتـعـلـيـم الـعـام أو مـن خـلال طـرق الـتـدريـس فـي الـمـدارس الـحـكـومـيـة الـفـن بـمـفـهـومـه الأوروبي وعـلـى أسـاس وتـقـلـيـد فـكـرى وتـقـنـى من معـطـيـات عـصـر الـنهـضـة الأوروبـيـة .

فـعـرفـنـا أول مـا عـرفـنـا مـن هـــذا الـــفـن هـــو؛ رمـــوزه الـكــبـيـرة مـمـثـلـة في الـفـنـان لـيـونـاردو دا فـــنـشـى Leonardo de Vinci ولـوحـــتـه الـشهـيـرة الـمـونـالـيـزا Monaliza وعـرفـنـا كـذلـك مـايـكـل أنـجـلـوMichael Angelo وقـصـة مـعـانـاتـه فـي رسـم سـقـف كـنـيـسـة الـسـكـسـتـيـن Sixtine في الـفـاتـيـكـان بـرومـا أو إبـداعـاتـه في تـصـمـيـم واجـهات قـبـور عـظـماء إيـطـالـيا ومـلـوكـها و الـبـابـوات .. وكل تـلك الـمـعـلـومـات والـمـعـارف التي عـظـمـت لـنـا أوروبـا إلـى درجـةٍ تـراكـمـت فـيـهـا عـلـى ثـقـافـتـنـا وتـربـيـتـنا وجـذورنا الـعـربـية طـبـقـات سـمـيـكـة وثـقـيـلـة مـن غـبـار الـحـضارة الأوروبـية!

لـقـد تـعـرفـنـا عـلـى كـل أولـئـك الـفـنـانـون الأوروبـيـون الـرواد، عـنـدمـا وردت أسـمـاؤهم، لا فـي سـيـاق تـدريـس مـادة الـفـن أو مـنـاهـجـهـا، و إنـمـا وردت في كـتـب الـتـاريـخ الـعـام، إذ لـم يـكـن لـمـادة الـفـنـون الـجـمـيـلـة آنـذاك أي نوع مـن الـمـراجـع أو الـكـتـب، بـل و لم يـكـن لـهـا أي مـنـهـج تـعـلـيـمـي مـكـتـوب، إذ كـانـت الـفـنـون تـلـقـن تـلـقـيـنـاً شـفـويـاً ومـن خـلال الـمـمـارسـة الـتـعـلـيـمـيـة الـعـمـلـيـة.

و هـكـذا وجـدنـا أن الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن بـعـد هـذا الـتـلـقـيـن الـمـدرسـي عـلـى الـفـن بـمـفـهـومـه الأوروبي، قـد اتـجـهـت حـركـتـهـا و أتـجـه عـقـلـهـا (هـذا إن كـان لـلـفـنـون عـقـلاً!) وبـشـكـل تـلـقـائـي آلـي فـي اتـجـاه مـحـدد مـعـروف، وهـو نـفـس الاتجاه الـذي سارت عـليه مخـتـلـف الـمـجـتـمـعـات فـي الـعـالـم؛ ألا وهـو اتـجـاه الـتـحـضـر عـلـى الـنـمـط الأوروبي الـشـائـع، نـظـراً لـمـا كـانـت تـمـر بـه دول الـخـلـيـج بـل ودول الـعـالـم قـاطـبـةً آنـذاك مـن تـحـولات اجتماعية و ااقتصادية وسـيـاسـيـة شـامـلـة، و نـظـراً لـتـصّـدر ثـقـافـة الـدول الـمهـيـمنة و ما كـان لهـا مـن تـأثـيـر نـافـذ و خـطـيـر عـلـى تـوجـهـات الأمـم و شـعـوبـهـا و عـلـى طـرق


مـعـيـشـتـهـا وأسـالـيـب انتقالها مـن حـلـقـات ثـقـافـاتـهـا الـوطـنـيـة أو الإقليمية الـتـقـلـيـديـة الـمـقـفـلـة إلـى سـاحـات مـا كـان يغـزو الـعـالـم آنـذاك مـن مـعـطـيـات حـضـارة الـغـرب!

و الـسؤال الـذي يطـرح نفـسه هـنا بعـد هـذه الإشارة الـصريحـة إلـى أثـر حـضـارة الغـرب عـلـى الـعـالـم هـو؛ مـاذا نـتـوقـع أن نـجـد فـي الـسـاحـة الـتـشـكـيـلـيـة الـمـحـلـيـة مـن إبـداعـات؟

ما يـبـدو لي جـواباً صـالحـاً هـو؛ أنـهـا فـي غـالـبـهـا إبـداعـات تـأسـسـت عـلـى هـذا الـذي قـد فُـرش من أرضيـة ثـقافـية و معـرفـية عـامة ، أُجـيـز لـنـفـسـي هـنـا بـوصـفـهـا (مُـسـتـغـربـة) بكـل ما تـذهـب إلـيه كـلـمة الاستغراب هـنا من مـعـانـي و أبـعـاد..! فـسـيـان عـنـدي إن كـان ذلـك استغرابا بـمـعـنـى الاتجاه إلـى الـغـرب، أو استغرابا بـمـعـنـى الاندهاش أو الانبهار؟

تـلـك كـانـت مـقـدمـة مـخـتـصـرة لـكـيـف وجـد الـفـنـان التشكيلي الـمـحـلـى نـفـسـه مـنـجـرفـاً مـع تـيـار تـمـدن الـبـحـريـن مـنـذ ابتداء فـتـرة مـا بـعـد اكتشاف الـنـفـط ، و دخـول الـمـجـتـمـع البحريني مـدنـيـة الـقـرن الـعـشـريـن. وعـلـى أسـاس مـا ذهـبـت إلـيـه هـذه الـمـقـدمـة يـمـكـنـنا الـقـول؛ بـأن الـحـركـة الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن هـي حـركـة حـديـثـة بـطـبـيـعـتـهـا، و هـي كـذلـك فـي تـوجـهـاتـهـا الـتـي كـانـت و مـا تـزال ، مـن تـوجـهـات نـفـس هـذه الـفـتـرة الانتقالية الـحـرجـة مـن تـاريـخ الـبـحـريـن الـحـديـث، و هي أيـضـاً مـن نـوع تـفـاعـلـهـا التنموي الثقافي و الفكري الـعـام في مـرحـلـتـه الـمـعـاصـرة هـذه.

ومن المهم الـتـنـبيـه هنا إلى أن إضافـة صفة الحـداثـة لعـنوان وأسم الفن التشكيلي المحلى في هـذا الـسـيـاق لـم يـقـصـد بـه أبـداً الـدلالـة عـلـى مـدى حـداثـة مـضـمـون الـفـن التشكيلي الـمحـلى، بـقـدر مـا هي إشـارة إلـى عـمر الفـنـون الـتـشـكـيـلـة الـحـديـث نـسـبـيـاً في الـبـحـريـن.




لـقـد كـان لـتـتـالـى إقـامـة مـعـارض الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة الـجـمـاعـيـة مُـنـذ ولادة فـكـرتـهـا مـن بـيـن أروقـة و أدراج صـفـوف مـدارس الـتـعـلـيـم الـعـام الـحـكـومـيـة، و نـجـاح بـدايـات هـذه الـمـعـارض الـمـفـتـوحـة لـعـامـة الـنـاس نـجـاحـاً إعـلامـيـاً مـلـحـوظـاً، بـعـد أن حـظـيـت بـالـتـرحـيـب و الإقـبـال الـكـبـيـر مـن الـحـكـام و الأعـيـان و كـبـار الـمـسـئـولـيـن و الـنـاس عـلـيـهـا، و ذلـك مـنـذ أن أقـيـم الأول مـن هـذه الـمـعـارض فـي عـام 1956 م بـنـادي الـعـروبـة، و الـثـانـي فـي عـام 1957 م بـالـنـادي الأهـلـي فـي مـديـنـة الـمـنـامـة الـعـاصـمـة، أثـراً إيـجـابـيـاً بـالـغ الأهـمـيـة، وضـع مـنـذ الـوهـلـة الأولـى حـركـة الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة و أفـرادهـا عـلـى سـلـم اجـتـمـاعـي و مـعـرفـي ٍ صـاعـدٍ ، وصـل بـالـفـن و الـفـنـان فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، بـعـد أن خـرج مـن مـخـاض الـتـأسـيـس، و ولادة أول الـتـجـمـعـات الأهـلـيـة الـتـخـصـصـيـة فـي هـذا الـمـجـال؛ كـأسـرة هـواة الـفـن الـتـي تـأسـسـت فـي عـام 1956 م، إلـى مـكـانـة مـرمـوقـة مـتـصـدرةٍ الـنـشـاط الـثـقـافـي ، بـل تـصـدرت جـميـع الـمجـالات الـثـقـافـيـة الـمـعـروفـة في مـجـتـمـع ممـلـكـة البـحـريـن الـنـاهـض.

و أول من ظـهـر و أشـتـهـر من فـنـانـي هـذه الـحـقـبـة الـتـأسـيـسـيـة الأولـي، الـفنان يـوسـف قـاسـم، هـذا الـفـنـان الـمـتـعـدد الـمـواهـب و الـقـدرات، فـإلـى جـانـب اشـتـهـاره كـفـنـان تـشـكـيـلـي مـتـمـيـز، كـان يـعـد ، بـعـد الـمـرحـوم الـمـصـور الشعـبي محـمـد الـمـاص، مـن أوائـل مـن فـتـح لـه مـن الـفـنـانـيـن الـبــحـريـنـيـيـن محـلاً تجـاريـاً (أسـتـوديـو) لـلـتـصـويـر الـضـوئي، و كان أيـضاً عـازفـاً مـاهـراً عـلى آلـة الـعـود و الـكـمـان، رافـق بـعـزفـه الـعـديـد مـن الـمـغـنـيـن المعـروفـين الأوائل.

ثـم ظـهـر فـي نـفـس الـفـتـرة عـدد مـن الـفـنـانـيـن الـتـشـكـيـلـيـيـن الـمـوهـوبـيـن، كـان مـن أبـرزهـم الـمـرحـوم الـفـنـان الأسـتـاذ أحـمـد الـسـنـي الـذي أصـبـح أول مـوجـه لـمـادة الـرسـم و الأشـغـال الـيـدويـة فـي مـدارس



الـبـحـريـن، و مـن أول مـن سـاهـم فـي إقـامـة أول الـمـعـارض الـجـمـاعـيـة الـمـشـتـركـة لـلـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن فـي الـخـمـسـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن، فـتـعـددت هـذه الـمـعـارض بـنـجـاحـهـا، و انـتـقـلـت مـن أروقـة الـمـدارس و جـمـاعـات الـنـشـاط الـمـدرسـي الـصـغـيـرة، إلـى قـاعـات الأنـديـة الـثـقـافـيـة الأهـلـيـة، فـعـزز هـذا الـمـنـاخ آنـذاك ظـهـور نوع من الجـماعـات الثـقـافـية الـصغـيـرة المـسـتـقـلـة، مـثـل نـدوة الـفـن و الأدب بالمنامة العـاصـمة الـتـي كـان وراء فـكـرة تأسـيـسـهـا الـمرحـوم أحـمـد يـوسـف الـقـصـيـبـي و شـاركـه فـي إخـراجـها إلى حـيـز الوجـود الفـنان عبد الـكريـم العـريـض و عـدد مـن الـتـلامـيـذ زملاء الدراسـة.

و أثـنـاء هـذه الـحـقـبـة الأولـى ظـهـر أيـضـاً، رسـام الـكـريـكـاتـيـر الأول فـي دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة آنـذاك الـفـنـان عـبـد الله الـمـحـرقـي، و كـان مـن أبـرز و أكـثـر الـفـنـانـيـن شـهـرة و نـجـاحـاً، فـقـد اسـتـطـاع بـالإضـافـة إلـى رسـمـه لـلـكـريـكـتـيـر فـي الـصـحـف الـيـومـيـة و الـمـجـلات، أن يـقـتـرب كـثـيـراً بـأعـمـالـه الـتـصـويـريـة الـطـبـيـعـيـة الـمـسـتـوحـاة مـن واقـع حـيـاة أهـل الـخـلـيـج الـتـقــلـيـديـة، مـن ذوق عـامـة الـنـاس و أن يـحـقـق سـمـعـة طـيـبـة لـفـنـه، و أن يـكـتـسـب شـهـرة لـم يـحـظـى بـهـا أحـد مـن الـفـنـانـيـن مـن قـبـلـه، لا عـلـى الـمـسـتـوى الـجـمـاهـيـري الـمـحـلـي و حـسـب، و إنـمـا عـلـى الـصـعـيـد الـحـكـومـي الـرسـمـي، و عـلـى مـسـتـوى دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة أيـضـاً.

و نـظـراً لـتـصـدر أسـرة هـواة الـفـن الـتـي تـحـول أسـمـهـا فـيـمـا بـعـد إلـى أسـرة فـنـانـي الـبـحـريـن، الـنـشـاط و الـوسـط الـثـقـافـي و الـفـنـي فـي مـطـلـع الـسـتـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن، نـظـراً لـتـنوع وتـعـدد نشاطـاتـهـا الـفـنـيـة كـالـمـسـرح و الـمـوسـيـقـى و الـغـنـاء، اسـتـطـاعـت هـذه الـمـؤسـسـة الأهـلـيـة الـمـسـتـقـلـة و الـوحـيـدة مـن نـوعـهـا فـي الـبـحـريـن و دول الـخـلـيـج آنـذاك، مـن اسـتـقـطـاب مـجـمـوعـة مـهـمـة مـن الـفـنـانـيـن و الـهـواة، مـن مـخـتـلـف مـنـاطـق الـبـحـريـن، تـشـكـلـت مـن بـيـنـهـا مـجـمـوعـة مُـتـمـيـزة مـن الـفـنـانـيـن الـتـشـكـيـلـيـيـن، لـتـكـون مـن تـلاحـمـهـا أول نـواة صـلـبـة مـن الـتـشـكـيـلـيـيـن الـمـحـلـيـيـن. و قـد كـان مـن أهـم أعـضـاء هـذه الـطـلـيـعـة مـن الـفـنـانـيـن الـتـشـكـيـلـيـيـن، هـم كـل مـن: عـزيـز زباري و الـمـرحـوم راشـد سـوار و إسـحـاق


خـنـجـي و المـرحـوم حـسـيـن الـسـنـي و عـبـد الـكـريـم الـعـريـض و راشـد الـعـريـفـي و نـاصـر الـيـوسـف و أسـامـة صـالـح و عـبـد الـكـريـم الـبـوسـطـة و أحـمـد بـاقـر.

و قـد أقـامـت هـذه الـطـلـيـعـة مـن الـتـشـكـيـلـيـيـن مـنـذ الـسـتـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن، الـعـديـد مـن الـمـعـارض الـجـمـاعـيـة الـنـاجـحـة، كـانـت أحـيـانـاً مُـرافـقـة بـعـروض مـسرحـيـة و غـنائيـة و مـوسـيـقـيـة ، فـي أمـاكـن مـخـتـلـفـة مـن مـمـلـكـة الـبـحـريـن، و أقـامـة أيـضـاً و لأول مـرة خـارج الـبـحـريـن مـعـرض لـهـا بـدولـة الـكـويـت الـشـقـيـقـة.

و فـي الـسـبـعـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن فـتـح بـعـض الـفـنـانـون لأنـفـسـهـم أمـاكـن و صـالات خـاصـة لـلـعـرض، كـان أولـهـا دكـان كـريـم الـعـريـض الـذي ابـتـدأ بـعـرض مُـشـتـرك مـن الأعـمـال الـتـشـكـيـلـيـة لـمـجـمـوعـة مـن الـفـنـانـيـن أعـضـاء أسـرة هـواة الـفـن آنـذاك ثـم تـحـول لـمـرسـم و مـعـرض خـاص بـه، ثـم فـتـح أحـمـد بـاقـر بـقـلـب سـوق الـمـنـامـة مـعـرض خـاص بـأعـمـالـه ، فـتـبـعـه بـعـدهـا افـتـتـاح الـمـعـرض الـسـيـاحـي لـصـاحـبـه راشـد الـعـريـفـي، و غـالـري الـبـانـوش لـصـاحـبـتـه شـهـرزاد يـتـيـم .

و فـي الـبـدايـة، كـان لاقـتـنـاء الـجـالـيـات الأجـنـبـيـة الـمـتـواجـدة فـي الـبـحـريـن و دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة، و إقـبـالـهـم عـلـى شـراء الـلـوحـات الـتـي تـذكرهـم عـلى مـا يـبـدوا بـمـعـالـم الـبـحـريـن و الـخـلـيـج الـتـقـلـيـديـة، دور مُـشـجـع عـلـى اسـتـمـرار الـعـديـد مـن الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن فـي الإنـتـاج، و تـوجـهـم بـاسـتـمـرار إلـى نـقـل و تـصـويـر مـشـاهـد الـحـيـاة الـيـومـيـة و الـطـبـيـعـة و مـعـالـم الـبـيـئـة الـمـحـلـيـة الـتـقـلـيـديـة، و خـاصـة تـلـك الآيـلـة للانـقـراض. ألا أن ذلـك و عـلـى الـرغـم مـن كـل إيـجـابـيـاتـه و عـوائـده الـمـالـيـة الـمـشـجـعـة لـلـفـنـانـيـن ، قـد أدى إلـى انـشـغـال الـعـديـد مـنـهـم بـتـكـرار أنـفـسـهـم ، و تـصـويـر مـا كـان مـنـاسـبـاً لـذوق الـمـسـتـهـلـك الأجـنـبي، فـنـتـج عـند الـبـعـض عـزوف عـن الـبـحـث و تـنـمـيـة الـقـدرات الإبـداعـيـة، أو الـتـحـقـق بـأقـل تـقـديـر مـن الـنـفـس أو تـحـقـيـق الـهـوية.

فـكـانـت أول الأعـمـال الـمـنـتـجـة مـتـشـابـهـة، و مـمـا كـان يـزيـد الأمـر تـشـابـهـاً و تـقـاربـاً، هـو قـلـة عـدد



الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن نـسـبـيـاً، و عـمـلـهـم كـمـجـمـوعـة مـتـقـاربـة حـمـيـمـة فـي عـلاقـاتـهـا بـبـعـضـهـا الـبـعـض، نـظـراً لـتـشـابـه و تـقـارب ظـروفـهـم و مـسـتـويـاتـهـم الـمـعـيـشـيـة و الـتـعـلـيـمـيـة، و صـغـر حـجـم حـدود دائـرة تـحـركـهـم و احـتـكـاكـهـم بـالآخـريـن.

لـقـد كـان مـفـهـوم الـفـن لـدى الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن الأوائـل، هـو نـفـس الـمـفـهـوم الـذي سـاد الـمـنـاهــج الـدراسـيـة لإدارة مـعـارف حـكـومـة الـبـحـريـن آنـذاك، و هـو أيـضـاً نـفـس الـمـفـهـوم الـذي كـان قـد عـمّ أوروبـا، و مـنـبـعـه إيـطـالـيـا الـقـرن الـسـادس عـشـر، و الـقـائـل بـأن الـفـن هـو عـمـل ناتـج عـن جـهد معـرفـي ذهـنـي بـالـدرجـة الأولـى، مـثـلـه فـي ذلـك مـثـل عـلـم الـريـاضـيـات و الـهـنـدسـة و مـا إلـى ذلـك، و لا يـمـكـن اعـتـبـاره عـلـى أنـه حـرفـة كـبـاقـي الـحـرف و الـصـنـاعـات الـيـدويـة الـتـي لا يـتـطـلـب إنـتـاجـهـا إلا الـجـهـد الـعـضـلـي.

فبدون أية خبرة سابقة، عـمل الفـنـان الـمـحـلـي، و ذلـك عـن طـريـق الـتـجـربـة و الخـطأ و الـمـمـارسـة العـمـليـة الـمُـسـتـمـرة، عـلـى اكـتـشـاف مـجـلات الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة، و ذلـك بمـحـاكـاة الـنمـوذج الأوروبـي الـتـقـلـيـدي، الـكـلاسـيـكـي بـوجـه خـاص ، فـكـانـت الـنـتـيـجـة أعجـاباً و شـغـفـاً متـزايـداً بـفـنـون الـغـرب، و تـقـدمـاً كـان لا بـأس بـه عـلـى صـعـيـد الـتـقـنـيـة.

و جـاءت أول الأعـمـال الـمُـنـتـجـة مـحـلـيـاً، تـحـمـلُ فـي إطـارهـا و مـضـمـونـهـا مـلامـح مُطابقـة لأعـمال مـشاهـير الفن الأوروبي، إذ امتازت بصـياغـات تشـكيـليـة مـتـقـدمـة و موزونة، و ذلـك مـن حـيـث الـمـظـهـر الـشـكـلـي الـعـام، كـالاهـتـمـام بـمـصـادر الـضـوء و الـتـكـويـن و الأبعـاد و الـنـسب و الـمنـظـور الـمـنـطـقـي الأوروبـي، و بـطـرق مـزج الألـوان و دهـن الـلـوحـة.

و لـعـل تـحـرر الـمـدرسـة الانـطـبـاعـيـة الأوروبـيـة مـن الـقـيـود و الـصـرامـة الأكـاديـمـيـة، و الـقـواعـد الـكـلاسـيـكـيـة الـدقـيـقـة، و لـجـوئـهـا إلـى لـمـسـات الـفـرشـاة الـعـريـضـة الـحـرة، و تـبـسـيـط و تـسـطـيـح الأشـكـال و الـكـتـل و الـتـغـاضـي عـن الـتـفـاصـيـل الـدقـيـقـة، بـل و غـمـر الـلـوحـة بـالـضـوء و الألـوان الـفـرحـة الـبـهـيـة، حـبـب و سـهـل لـجـوء مُـعـظـم الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن، إلـى الأسـلـوب الانـطـبـاعـي الـجـمـيـل و الـمـعـروف، و لا لـبـس عـنـدنـا فـي ذلـك ، لأن حـال الـفـنـان الـمـحـلـي آنـذاك كـان مـشـابـهـاً لأحـوال مُـعـظـم الـفـنـانـيـن الـعـرب، خـاصـة إذا مـا عـرفـنـا بـأن هـذا الأسـلـوب الانـطـبـاعـي الأوروبـي، قـد كـان هـو الـنـمـط الأكـثـر شـيـوعـاً فـي


الـعـالـم آنـذاك، و أن مـُـعـظـم الـمـدرسـيـن الـمـشـتـغـلـيـن فـي تـعـلـيـم مـادة الـفـنـون الـجـمـيـلـة أو الـرسـم و الأشـغـال الـيـدويـة فـي مـدارس الـبـحـريـن ، قـد كـانـوا مـن الـمـدرسـيـن الـعـرب الـمُـسـتـقـدمـيـن، و مـن الـذيـن تـتـلـمـذوا فـي بـلـدانـهـم عـلـى نـفـس الـنـمـط الـدراسـي الـمـنـتـهـج لـنـفـس الـرؤى الأوروبـيـة فـي تـعـلـيـم الـفـنـون.

ألا أن انـتـمـاء الـفـنـان الـمـحـلـي الـعـضـوي بـبـيـئـتـه و تـاريـخـه و تـراثـه، أعـاده و بـالـتـقـنـيـة الـتـشـكـيـلـيـة و الـمـُعـطـيـات الـجـمـالـيـة الأوروبـيـة نـفـسـهـا الـتـي تـعـلـمـهـا، إلـى تصويـر ما قد اعتـادت أن تراه عـيـنـاه مـن حـولـه، و ما قـد شـبت عـلـيـه أحـاسـيـسـه تشتـهـيـه، أعـادتـه إلـى رسـم و تـصـويـر بـيـئـتـه الـمـحـلـيـة الـتـي كـان يـعـيـشـهـا عـمـيـقـاً فـي وجـدانـه.



ألا أن ذلـك لـم يـدم طـويـلاً ، حـتـى خـرج بـعـض أفـراد هـذه الـطـلـيـعـة مـن الـفـنانيـن المحـليـيـن إلى الـدراسة و الـتـخـصص الدقـيـق في الـفـنـون الجـميلة في الخـارج، و كان أول هؤلاء، هم كل من: الـفنان المرحـوم أحـمد الـسني الـذي أرسـل إلـى دورة قـصـيـرة إلـى الـمـمـلـكـة الـمـتحـدة، و الـفـنان عـبـد الله الـمحـرقـي الـذي تـخـصـص فـي هـنـدسـة الـديـكـور مـن كـل مـن مـصـر ثـم سـوريـة، و الـفـنـان حـسـيـن الـسـنـي الـذي درس بـمـعـهـد الـفـنـون الجـمـيـلـة بـبـغـداد، ثـم الـفـنـان أحـمـد بـاقـر الذي ذهـب فـي نهـايـة الـسـتـيـنـيـات من الـقـرن الـعـشـريـ ، إلـى فـرنـسـا و بـريـطـانـيـا لـلـدراسـة حـتـى نـال فـي نـهـايـة الـمـطـاف درجـة الـدكـتـوراه فـي الـفـنـون الـجـمـيـلـة و عـلـومـهـا و تـقـنـيـاتـهـا مـن جـامعـة الـسوربون.


و عـنـدمـا قـل نـشـاط أسـرة هـواة الـفـن و ضـعـف دورهـا و وهـن ، ظـهـر دور جـمـعـيـات جـديـدة تـخـصـصـت فـي مـجـالات الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة، مـثـل جـمـعـيـة الـفـن الـمـعـاصـر الـتـي تـأسـسـت فـي عـام 1970 م، إثـر مـبـادرة مـن الـسـيـدة فـلـنـون و شـوقـي الـزيـاني عـندمـا أقـيـم أول مـعـرض تـأسـيـسـي لـهـذه الـجـمـعـيـة بـفـنـدق الـخــلـيـج بـالـمـنـامـة، و شـارك فـيـه كـل مـن: عـبـد الله الـمـحـرقـي و الـمـرحـوم حـسـيـن الـسـنـي و اسـحـاق خـنـجـي و راشـد الـعـريـفـي و عـبـد الـكـريـم الـعـريـض و يـوسـف زعـل و شـوقـي الـزيـانـي و أحـمـد نـشـابـه و أحـمـد الـخـاجـة و أحـمـد أمـيـن و أحـمـد الـعـريـفـي و مـنـصـور رضـي و الـشـيـخ راشـد بـن خـلـيـفـة آل خـلـيـفـة و الـشـيـخ سـلـمـان بـن مـحـمـد آل خـلـيـفـة.

و مـنـذ اسـتـقـلال دولـة الـبـحـريـن فـي عـام 1971 م، دخـلـت الـثـقـافـة و الـفـنـون حـقـبـة جـديـدة تـوفـرت فـيـهـا


لـلـفـن و الـفـنـانـيـن مـظـلـة مـن الـرعـايـة و الـدعـم الـحـكـومـي الـرسـمـي، الـذي لـم يـتـوفـر مـثـلـه لـلـفـنـون و الـثـقـافـة فـي الـسـابـق، فـبـعـد أن أكـد دسـتـور الـدولـة الـحـديـثـة الـصـادر فـي عـام 1973 م عـلـى هـويـة الـبـحـريـن الـعـربـيـة الإسـلامـيـة فـي الـمـادة الأولـى مـن الـبـاب الأول، نـصـت الـمـادة الـسـابـعـة مـن الـجـزء ألـف عـلـى (رعـايـة الـدولـة لـلـعـلـوم و الآداب و الـفـنـون، و تـشـجـيـع الـبـحـث الـعـلمـي، كـما تـكـفـل الـخـدمات الـتـعـلـيـمـيـة و الـثـقـافـيـة لـلمـواطـنـيـن).

و من أبـرز ظـواهر هـذا الاهـتـمام الـرسـمي الحـكومـي بـالـثـقـافـة و الـفـنون، قـيـام الـدولـة بـإنـشـاء الـهـيـئـات الـرسـمـيـة، الـمـعـنـيـة بـتـنـظـيـم شـؤون الـثـقـافـة و الـفـنـون و الآداب و إدارتـهـا، و اعـتـمـاد الـمـوازنـات الـمـالـيـة و الـجـوائـز الـقـيـمـة لـهـا و رعـاية الحـرفـيـيـن و الحـرف الـيـدويـة و الـصـنـاعـات الـتـقـلـيـديـة، و إنـشـاء الـمـتـاحـف و تـرمـيـم الـمـعـالـم الـتـراثـيـة و الأثـريـة، ثـم أحـتـفـاء الـدولـة مُـمـثـلـة فـي مـقـام حـضـرة صـاحـب الـسـمـو الـشـيـخ خـلـيـفـة بـن سـلـمـان آل خـلـيـفـة رئـيـس مـجـلـس الـوزراء الـمـوقـر ، بـالـفـن و الـفـنـان، و ذلـك بـرعـايـة سـمـوه الـشـخـصـيـة لـلمعـرض السنوي لـلـفـنـانـيـن الـتـشـكـيـلـيـيـن الـبحـريـنـيـيـن، الـذي اعـتـادت تـنـظـيـمـه إدارة الـثـقـافـة و الـفـنـون مـنـذ عـام 1972 م.

و لـمـا كـان هـذا الـمـعـرض هـو الـمـعـرض الـسـنـوي الـعـام الـوحـيـد فـي الـبـحـريـن، و الاشـتـراك فـيـه خـاضـع لـشـروط و مـواصـفـات مـعـيـنـة و تـقـويـم لـجـنـة تـحـكـيـم، مـمـا يـحـول أحـيـانـاً دون ظـهـور بـعـض الأعـمال إلـى الجـمـهـور، ارتـأت مـجـمـوعـة مـن الـفـنـانـيـن أعـضـاء فـي جـمـعـيـة الـفـن الـمـعـاصـر، و مـن أجـل تـفـعـيـل دور الـجـمـعـيـة، الـتـي لـم تـقـم بـأي نـشـاط يـذكـر مـنـذ مـعـرضـهـا الـتـأسـيـسـي الأول مـنـذ أكـثـر مـن ثـلاث سـنـوات و اسـتـقـطـاب الأعـضـاء الـجـدد، ارتأت تـلـك الـمـجـمـوعـة فـي عـام 1974 م و بـمـبـادرة مـن أحـمـد بـاقـر الـذي كـان أمـيـن سـر الـجـمـعـيـة آنـذاك، تـأسـيـس مـعـرض جـمـاعـي سـنـوي، مـواز لـلـمـعـرض الـسـنـوي الـعـام الـرسـمـي ، و ذلـك عـلـى غـرار فـكـرة صـالـون الـفـنـانـيـن الـمـرفـوضـيـن الـفـرنـسـي، و أطـلـق عـلـيـه مـعـرض الـربـيـع، و شـارك فـي هـذا الـمـعـرض الـذي أقـيـم بـنـادي الـعـروبـة بـالـمـنـامـة كـل مـن: أحـمـد بـاقـر و إبـراهـيـم حـسـن إبـراهـيـم و أحـمـد الـخـاجـة و أحـمـد الـعـريـفـي و أحـمـد الـمـنـصـوري و إسـحـاق خـنـجـي و إسـمـاعـيـل نـيـروز و أصـغـر إسـمـاعـيـل و حـامـد عـبـيـد و راشـد الـعـريـفـي و صـالـح بـوعـيـنـيـن و صـفـيـة سـوار و كـامـل بـركـات و



عـلـي كـاظـم و عـبـد الإمـام بـرنـي و عـبـد الـرسـول غـلـوم و عـبـاس المحـروس و عباس الموسوي و عباس سلـمان حـسن و عـبـد الـرحـيـم شـريـف و عـبـد الـرحـمـن جـابـر و عـبـد الـكـريـم الـبـوسـطـة و عـبد الكريـم العـريض و الـمرحـوم عـبد الـلـطـيـف مـفـيـز و الـمرحـوم عـبـد المـنعـم الـبـوسـطـة و عـدنـان إبـراهـيـم و مـحـسـن الـتـيـتـون و مـنـصـور مـحـمـد رضي و ناصـر الـيوسـف و نجـمـه محـسـني و يـوسـف هـزيـم و المرحـوم حـسـيـن الـسني.

و قـد لاقـى هـذا الـمـعـرض الأول الـذي وضـع تـحـت رعـايـة صـاحـب الـعـظـمـة الـشـيـخ حـمـد بـن عـيـسـى آل خـلـيـفـة مـلـك مملـكة البحـريـن و الذي كان ولـياً لـلـعـهـد قـائـداً لـقـوة دفـاع الـبحـريـن آنـذاك، نجاحاً بـاهـراً و إقـبـالاً شـديـداً مـن الـجـمـهـور و الـمـقـيـمـيـن فـي الـبـحـريـن، أقـيـمـت عـلـى أثـره أول نـدوة فـكـريـة عـن الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن، شـارك فـيـهـا كـل مـن: عـبـاس الـمـحـروس و عـبـد الـكـريـم الـعـريـض و راشـد الـعـريـفـي و أحـمـد بـاقـر .

كـمـا صـدر بـعـيـد هـذه الـفـتـرة أول كـتـاب عـن الـفـن الـتـشـكـيـلـي فـي الـبـحـريـن ، و كـان بـعـنـوان (الـفـن الـتـشـكـيـلـي الـمـعـاصـر فـي الـبـحـريـن) مـن تـألـيـف أحـمـــد بـاقـر ، فـتـلـتـه فـيـمـا بـعـد إصـدارات مـتـعـددة عـن الـفـنـون.

لـقـد شـهـدت الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن مـنـذ الـسـبـعـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن، طـفـرة نـوعـيـة مُـهـمـة، خـاصـة بـعـد عـودة الـعـديـد مـن الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن الـدارسـيـن فـي الـخـارج، حـيـث ازداد بـشـكـل كـبـيـر و مـلـحـوظ عـدد الـمـعـارض الـفـرديـة و الجـمـاعـيـة، و ظـهـرت الـجـمـاعـات و تـعـددت الاتـجـاهـات و الـتـوجـاهـات الـفـكـريـة، فتبايـنـت نـوعـاً مـا الـفـوارق، و دخـل الـفـنـانـون فـي سـجـال مـؤثـر فـيـمـا بـيـنـهـم، مـمـا أبـطـأ أحـيـانـاً انـدفـاعـهـم الـمـعـهـود إلـى الأمـام. إذ لـم يـكـن ذلـك الـذي احـتـدم بـيـن الـفـنـانـيـن من جـدل، فـي حـيـنـهـا ، نـاتـج عـن أي اخـتـلاف فـكـري إبـداعـي أو ثـقـافـي مـعـيـن، بـقـدر مـا كـان صـراع و جـود و نـفـوذ بـيـن الأجـيـال. فـجـمـيـع الـفـنـانـون، و بـمـخـتـلـف أجـيـالـهـم ، صـاروا يـنـزعـون و بـصـورة عـامـة و شـامـلـة، إلـى نـفـس الاتـجـاهـات الـحـديـثـة أو الـمـعـاصـرة الـسـائـدة فـي الـفـن فـي الـعـالـم الـعـربـي و الـعـالـم، أو عـلـى الأقـل إلـى مـا كـان يـبـدوا لـهـم كـذلـك.

و فـي عـام 1993 م و بـمـبـادرة مـن الـفـنـان الـشـيـخ راشـد بـن خـلـيـفـة آل خـلـيـفـة و أحـمـد بـاقـر، قـامـت مـجـمـوعـة مـن الـفـنـانـيـن و غـالـبـيـتـهـم كـانـت مـن المؤهـلـيـن عـلـمـيـاً، بـتـأسـيـس جـمـعـيـة جـديـدة تـحـت اسـم جـمـعـيـة الـبـحـريـن لـلـفـنـون الـتـشـكـيـلـة، و قـد وقـع عـلـى طـلـب إشـهـارهـا كـل مـن:

الـشـيـخ راشـد بـن خـلـيـفـة آل خـلـيـفـة، الـدكـتـور أحـمـد بـاقـر، عـبـد الله الـمـحـرقـي، الـمـرحـوم راشـد سـوار، عـزيـز زبـاري، يـوسـف قـاسـم، الـمـرحـوم عـبـد الـلـطـيـف مـفـيـز، حـامـد الـيـمـانـي، عـبـاس الـمـحـروس، مـحـمـود الـيـمـانـي، عـبـد الله يـوسـف، أسـامـه صـالـح، صـفـيـة سـوار، إبـراهـيـم حـسـن إبـراهـيـم، عـبـد الـرحـيـم شـريـف، إبـراهـيـم بـوسـعـد، بـديـع الـشـيـخ، مـحـمـد صـالـح خـمـيـس، عـبـد الـحـمـيـد سـعـيـد، عـلـى يـوسـف ق


ـاسـم، عـبـد الإلـه الـعـرب، سـعـيـد الـعـلـوي، صـبـاح الـمـوسـوي، خـاتـون الأنـصـاري، عـيـسـى الـشـربـتـي، أحـمـد غـلـوم.

لـقـد كـان لـتـأسـس جـمـعـيـة الـبـحـريـن لـلـفـنـون الـشـكـيـلـيـة بـرعـايـة و دعـم مـن لـدن صـاحـب الـسـمـو رئـيـس مـجـلـس الـوزراء الـمـوقـر الـشـيـخ خـلـيـفـة بـن سـلـمـان آل خـلـيـفـة حـفـظـه الله، و مـتـابـعـة الـفـنـان الـشـيـخ راشـد بـن خـلـيـفـة آل خـلـيـفـة الـمـبـاشـرة و الـمـسـتـمـرة، و ذلـك مـن أجـل تـفـعـيـل دور الـجـمـعـيـة و أنـشـطـتـهـا و مـؤازرة الـفـنـانـيـن، أثـر مـهـم و كـبـيـر عـلـى تـطـور مـسـار الـحـركـة الـتـشـكـيـلـيـة فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، و عـلـى نـمـاء سـمـعـة الـفـنـان الـبـحـريـنـي إقـلـيـمـيـاً و دولـيـاً، إذ ازدادت بـشـكـل مـلـحـوظ مـشـاركـاتـه فـي الـمـعـارض و الـمـنـاسـبـات الـعـربـيـة و الـدولـيـة، كـمـا نـشـطـت الـجـمـعـيـة فـي اسـتـضـافـة الـعـديـد مـن الـنـدوات و مـعـارض الـفـنـانـيـن الـعـرب و الأجـانـب. و بـمـبـادرة مـن أحـمـد بـاقـر أفـتـتـح بـمـقـر الـجـمـعـيـة بـالـمـنـامـة، أول مـدرسـة مـسـتـقـلـة تـحـت أسـم (مـدرسـة الـبـحـريـن لـلـفـنـون الـجـمـيـلـة) لـتـعـلـيـم الـفـنـون الـجـمـيـلـة بـمـخـتـلـف فـروعـهـا و تـخـصـصـاتـهـا، و أنـشـئـت فـيـهـا الـورش و الـمـراسـم الـخـاصـة و قـاعـة عـرض دائـمـة.

لـقـد اسـتـطـاعـت هـذه الـمـعـارض الـسـنـويـة الـجـمـاعـيـة الـهـامـة، و جـمـيـع تـلـك الـفـعـالـيـات و الأنـشـطـة الـمُـتـنـوعـة، الـتـي كـانـت تـسـاهـم فـيـهـا و بـشـكـل مـتـواصـل و فـعـال الـجـهـات الـرسـمـيـة الـحـكـومـيـة و الـجـمـعـيـات، و يـبـادر بـهـا الـفـنـانـون أحـيـانـاً، أن تـؤسـس لـعـلاقـة واسـعـة مـتـطـورة و مـتـيـنـة ربـطـت بـيـن المـجـتـمـع و الـفـن و الـفـنـانـيـن، و دفـعـت إلـى تـحـسـن نـوعـي مُـسـتـمـر فـي طـبـيـعـة الإنـتـاج الـتـشـكـيـلـي الـمـحـلـي و أوجـدت لـه سـوقـاً مـحـلـيـة رائـجـة؛ فـمـن مـُعـتـرك الـتـجـارب الـتـأسـيـسـيـة و حـب الإطـلاع و مـحـاولات الاحـتـراف الأولـى لـلـفـنـانـيـن، و مـن إرهـاصـات تـقـنـيـات الـتـشـكـيـل و تـحـديـات صـيـاغـة جـسـم الـلـوحـة و إبـداع مـضـمـونـهـا، أي بـعـد تـراكـم الـخـبـرات، و بـعـد تـزايـد عـدد الـفـنـانـيـن الـمـمـارسـيـن، و ظـهـور الـمـطـلـعـيـن و الـمـؤهـلـيـن تـأهـيـلاً عـلـمـيـاً مـتـقـدمـاً مـنـهـم، اسـتـطـاع الـفـنـانـون في مـمـلـكـة الـبـحـريـن أن يـخـرجـوا، لا إلـى الـسـاحـة المحـلـيـة و الإقـلـيـمـيـة و حـسـب، و إنما إلـى الأرحـب مـنـها، بإنـتـاج تـشـكـيـلي مَـرمـوق يَـتـسـمُ بـالـتـنـوع و الـغـزارة و الـحـرفـيّـة الـمُـتـقـدمـة، و يـتـمـيـز بخـصـوصـيـة ظـاهـرة تـنـم عـن مـدى عـمـيـق لحـب الإنـسـان فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن لـلـفـن و الإبـداع، بـل لـلحـضارة






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 03:35 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفن الجزائري الحديث.. محاولة للإبداع

لو اعتبرنا الفن التشكيلي أدبا تكتب فيه مئات الصفحات في لوحة واحدة، أداته الفرشاة، ومادته الألوان والأصباغ، تنبثق أبعاده ومدلولاته من واقع الشعب وتاريخه وانتمائه وأحلامه، لقلنـا إن الفنـانين التشكيليين الجزائريين برعوا في هذا الأدب وسجلوا فيه مئات الصفحات الخالدة التي انتزعت إعجـاب خبراء الفن الغربيين.
قـال أحـد النقاد الغـربيين وهو يصف الفن الجزائري: "إن رسامي الشرق كـانوا من بين أفضل أولئك الـذين


تمكنـوا من تحويل أنـاملهم إلى عدسات!". ولقـد أقـامت في الجزائر خلال القرن التاسع عشر نخبة من كبار المستشرقين والرسامين الغـربيين الـذين انبهـروا بثراء البيئـة الاجتماعيـة الإسلامية، وترك العديد منهم لوحات وأعمالا ناطقة تعبر عن انجذابهم إلى سحر هـذه البيئة وعمقهـا وأصالتها وثرائها بالتراث المتميز، وكان من أبرز هؤلاء "دولاكروا" و"فرومنتين" و "سكاسريو" و "إيتيان ديني" وغيرهم من الذين أضافوا لمعروضات المتحف الوطني للفنون الجميلة أعمالا رائعة. ولقد بلغ تأثر بعضهم بهذه البيئـة حد التمسك بالإقامة الدائمة في الجزائر لتدريس الطريقة الغـربية في التعبير الانطباعي في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالعاصمة الجزائرية. ولقـد ذهب الرسام الفرنسي الشهير "إيتيان ديني" في تأثره بهذا التراث إلى حد إشهار إسلامه عام 1913 وسمى نفسـه "نـاصر الـدين"، ومـات عقب أدائه لفريضة الحج عام 1929 ودفن في مدينـة بوسعادة الجزائرية بعد أن أقام عدة معارض فنية في الجزائر وبـاريس أبرز من خـلالها عمق التراث الإسـلامي وأبعاده الحضارية والإنسانية.
ولعل السمة الأساسية في الفن الجزائري الحديث، التي تبرز جليا في معظم الأعمال المعروضة في المتاحف وبيوتات الفن - إن لم نقل فيها جميعا - تكمن في أنه عبّ بعمق من منابع الفن الإسلامي الأصيل الذي كتب له أن يتطور على نحو مثير للإعجـاب في دول المغرب الإسلامي كافة. وكانت فنون كتابة آيات القرآن الكريم بالخط العربي، المصبوبة في أطر من الزخارف الهندسية المتشابكة، إلى جـانب تصـوير المساجد والجوامع والأحياء الشعبيـة، تمثل المادة الرئيسـة التي تنـاولها الفنانون ببراعة وثـراء. ويمكن أن ينسب للفنانين الجزائريين فضل المساهمة البناءة في تطوير شكل الحرف العربي وأبعاد الهندسة الزخرفية بشكل مستمر خلال فترة متميزة دفعتهم فيها وطنيتهم إلى الإبداع أثناء سعيهم الدءوب للتعبير عن انتمائهم وهويتهم.
الفن الانطباعي في الجزائر
وكانت محصلـة هذه الجهود قد تمثلت ببروز فنانين مشاهير ذوي مدارس متميزة أثروا الحركة الفنيـة الجزائرية بمجموعات مهمة من التحف التشكيلية التراثية. وقـد تكـون أبـرز سمات الفن الانطبـاعي في التشكيل الجزائري هي تلك

التي يتضح فيها الارتباط الوثيق والتناسق البنائي بين فن كتابة الخط وأبعاد الزخرفة الهندسية. ولعل من الخطأ التصور إن المدارس التشكيلية الجزائرية هي امتداد لنظيراتها المشرقية العربية أو الإسلامية، لأن المشاهد المتمعن في نتاجاتها سرعان ما يقع على تميزها الذي فـرضته ظروف المنطقة وإيحاءاتها ومدلولاتها. وعلى الرغم من التركيـز على الجانب الانتمائي في الفن التشكيلي الجزائري فإن الفنانين لم يكـونوا متحجـرين وصادين عن التأثر بالمدارس الفنيـة الغربية وأساليبها في التعبير الانطباعي. ولقد سعى العديد منهم إلى توظيف هذا التزاوج بين المدرستين لتجـديد الدم الذي كـان يجري بحيوية في عروق الحركة الفنية الجزائرية..
ضمن هـذه البيئة من التمسك بالأصل والتراث، والانفتاح المقنن على الغرب ترعـرع العديد من الفنانين التشكيليين الجزائريين الذين سنتعـرض لسير وأعمال أهمهم.
ولد محمد راسم في العاصمة الجزائرية عام 1896. وهو ينحدر من أسرة عريقة في ضروب الفن التشكيلي سعت إلى إبراز التراث التقليدي والانتماء الإسلامي للشعب الجزائري. ويعـد راسم من رواد المدرسـة التقليدية حيث اهتم برسم المناظر الطبيعية والأحياء والزوايا الشعبية بالزيت، كما برع في فنون النمنمة والزخرفة، برزت قدراته الإبداعية أثناء عمله أستاذا في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة في مدينة الجزائر، وفاز بـالجائزة الجزائريـة الكبرى في الفن التشكيلي عـام 1933، كما أحرز ميدالية الفنانين المستشرقين التي كانت تمنحها رابطة الفنانين الغربيين المقيمين في الجزائر لكبار الفنانين. وبلغ صيته أقـاصي أوربا حيث منح العضوية الشرفية لجمعية الفنانين الملكيـة في إنجلترا. وأقام العديد من المعارض الشخصية في لندن وباريس وفيينا والقاهرة واستوكهولم وكوبنهاغن وأوسلو وتونس وفرصوفيا وبيروت وبغداد والجزائر. وتوجد العديد من أعماله الزيتية ومنمنماته في المتحف الوطني للفنون الجميلة في مدينة الجزائر وكمقتنيات في العديد من المتاحف وصالات العرض عبر العالم. وفي عام 1960 كثر كتـابا بعنـوان "الحيـاة الإسلاميـة في الماضي"، كما نشر عام 1971 كتابا مفصلا حول سيرته وفنه بعنوان "محمد راسم الجزائري".
محمد تمام
فنان فـذ، متعـدد المواهب، ذائع الصيت، احترف الفن التشكيلي بمختلف منـاحيه وضروبه، فبرع في التصويـر


بالزيت وبالزخرفة العربية الإسلامية وفن المنمنمات وتأثر أيما تأثـر بـالفن الموسيقي الأندلسي، واهتم بتاريخيه، والكتابة عن رواده، وكان يجيد العزف على العود والقيثار..
ولد محمد تمام في الثالث والعشرين من شهر فبراير من عام 1915 في حي القصبة العتيـد بالعاصمة الجزائرية. وظهر ميله للإبداع في الفن التشكيلي منذ صغره بسبب نشـوئه في وسط فني، فكـان صـديقا ملازما للفنانين والحرفيين البارعين الذين دأبوا على تخليد التراث الإسـلامي من أمثال الأخـوين عمر ومحمد راسم والفنان التركي البارع دلاشي عبدالرحمن ومصطفى بن دباغ. واتصل بـرواد الحركـة الفنيـة الاستشراقيـة الأوائل وعلى رأسهم "لادولاكـروا" و"فرمنتان" و "رينوار" و "إيتيان ديني" والمؤرخ "جورج مارسيه" و"سوبيرو" و"لانغلوا"، كما استقى الكثير من الخبرة في فن الرسم وتدبيج الألوان خلال فترة انتسابه إلى "مدرسة الفنون الزخرفية والمنمنمات الإسلامية" التي أسسها عمر راسم وكـانت تحمل مشعل إحياء التراث الجزائري الإسلامي والتصدي للأهداف الاستعمارية الكامنة في حركة الاستشراق. وكان محمد تمام يجمع في شخصيته بين اتجاهين متناقضين ظاهريا، حيث كان شـديـد التمسك بـالتراث العـربي الإسلامي، وفي الوقت نفسه كان دائم التوثب للاطلاع والانفتاح على إبداعات الحضارة الغربية..
تعلم تمام القواعد الأولى لفن الزخرفة والنمنمة على يـدي معلمه الأول عمر راسم في بداية عام 1931، واتصل بالعـديد من الفنـانين الجزائريين الملتزمين فشجعوه على الانتساب إلى مدرسـة الفنون الجميلة فتفوق فيها حتى خصـه الحاكـم العام الفرنسي لمدينـة الجزائر بمنحة خـولته الانتساب إلى المدرسة العليا للفنون الزخرفية في باريس عام 1936. ولقد تمكن في فترة دراسته من الاتصال والاحتكـاك برواد المدارس الفنية الحديثة في أوربا. وعاد تمام إلى الجزائر بعد قضاء 27 عاما في فرنسا ليبدأ فترة العطاء الغزير والإنتاج الرفيع من الأعمال الفنية التي تشهد الآن على براعتـه الفائقة وأصالته الراسخة وإحساساته المرهفـة العميقة. ويبـدو ميل محمد تمام للمدرسة الانطباعية من خـلال أعمالـه الأولى التي صور فيها بالزيت مناظر طبيعية ومواضيع اجتماعية. وسرعان ما استحوذ فن الزخرفة الإسلامية على الكثير من اهتماماته، حيث رسم زخـارف فـائقـة الجـمال لصفحـات القـرآن الكـريم بالإضـافة لمواضيع أخرى ذات طابع ديني وتراثي..
عمل محمـد تمام أستـاذا في الزخرفة والمنمنمات في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، وساهم في تأسيس الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية عام 1967. وشارك في العديد من المعارض الفنية، الشخصيـة والجماعية، في العديد من دول العالم.
مصطفى بن دباغ
يعـد مصطفى بن دباغ أحـد رواد الفن التشكيلي الجزائري. ولد في الخامس من شهـر سبتمبر من عام 1906 في حي القصبـة الـذي خـرج العـديـد من الشخصيات الوطنية والفنية، وهـو ينتمي لعائلة عرف عنها الضلوع في الحرف ذات الطابع الفني، فكان أبوه مساحا، وجده لأمه عالما في الفلك والرياضيات عرف باسم "أحمر خدو". برع ابن دباغ في فنون الزخرفة منذ صغـره، حيث تتلمـذ على الفنـان التركي دلاشي عبدالرحمن ودرس فن صناعة الخزف في مدرسة الفنون الجميلـة على الأستـاذين "سـوبيرو" و"لانغلـوا" المتخصصين في فن الزخرفة الفارسية. واهتم بعد ذلك بالغوص في فضاءات فن الزخرفة الإسلامية وقرأ حولها العديد من الدراسات المنشورة للمؤرخين والفنانين المستشرقين من أمثال "ميجون" و "بـايو" و"ريكـار" و "مارسي". وتلازم ظهور نبوغه في فن الزخرفة مع تصاعد شعوره الوطني وميله للدفاع عن أصالـة الشعب الجزائري العربي المسلم والتصـدي لحملات التشـويه والتشكيك التي كـانت تقودها السلطات الاستعمارية الفرنسية ترسيخا لاستراتيجيـة ضم الجزائر إلى فـرنسا، فأسس "جمعيـة شمال إفريقيا للفنون الزخرفية" التي كانـت مقرا للنضال الـوطني إلى جـانب العمل الفني، فبادرت السلطات الفرنسية إلى تبـديل اسمهـا إلى "جمعيـة


الحرفيين المسلمين الجزائريين". وفـازت هذه الجمعية الجديدة بتأييد كبار الشخصيات الوطنية الجزائرية لما كان لها من أبعاد نضالية فأغدقوا عليها العطايا والهبات حتى بلغت من النجاح أكثر مما كان ينتظر مؤسسوها. وبـرزت أعمال ابن دباغ الزخرفية المتميزة من خلال المعارض التي أقامتها الجمعية، ففضلت السلطـات الفرنسية الاستفادة من خبراته وعينته أستاذا في مدرسة الفنون الجميلة، ليصبح أول جزائري يرتقي إلى هذه المرتبة.. ولا بد أن نشير، في آخر هذا العرض الموجز، إلى أن رواد الحركـة التشكيلية الجزائريـة الحديثة أكثر من أن يتسع هذا المقام لذكر سيرهم وأعمالهم ومآثرهم، فهم بدون شك، يستهلون الكثـير من البحث للتعريف بأعمالهم المتميـزة التي بهرت خبراء المدارس الفنيـة الغربية. وقـد يكـون لي، أو لغيري، حظ الحديث، في عجالة أخرى، عن المآثر الفنية لمحمد إسياخم، ومحمد غانم، وصمصـوم إسماعيل، ومحمـد خـدة، وعلي خـوجة، وبشير يلس، وقرماز عبدالقادر، وفارس بوخاتم، والفنانة باية، وأزواو معمري، وغيرهم.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 03:39 AM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الحركة التشكيلية السورية


تتميز الحركة التشكيلية السورية بذلك التواصل الذي يمتد من بدايات القرن العشرين وحتى الآن من دون انقطاع أو قطيعة، وإنما مسيرة متناغمة ذات إيقاع عاكس لإيقاع الواقع ومتغيراته. ولأن المسيرة طويلة نسبيا، فـأي محاولة للتأريخ لها لا بد من أن يشوبها بعض اختصار واختزال وربما انتقاء، فالهدف في النهاية ليس التأريخ بعينه،



ولكنه العثورعلى أهم الملامح المشتركة والوقوف عند المنتجات الاهم، من أجل إعطاء صورة أقرب إلى الحقيقة عن تلك المسيرة.
وهنا يحاول الناقد عبدالله أبوراشد، رسم لوحة واقعية ذات أبعاد نقدية للحركة التشكيلية السورية المعاصرة، والتي قسمها إلى ثلاث مراحل يرى أنها تمثيل صادق لثلاثة منحنيات خطرة في طريق هذه الحركة.
مما لا شك فيه، ان الحركة الفنية التشكيلية السوريا. هي حركة فنية معاصرة شأنها في ذلك كـمثـيـلاتها في العالم العربي. وهي من أكثـر المنتجات الثقافية تفاعلا، وتواجدا في مساحة العروض الفنية في سوريا وخارجها. والنشاط الكمي الأكثر تميزا وزخما وجوديا فى كافة معابر التواصل البصري مع المبتكروجمهوره ونقاده وصحفييه، ومروجي العمل الفني ومقتنيه، وان حركة المعارض الفنية الجماعية والفردية المليئة بالتجارب الفنية التشكيلية السوريا، ذات النفحة المتفردة لخـصوصيـة هذا الفنان وتلك الفنانة، تستحـضر كـافة الأجـيال والمدارس والاتجـاهات الفنية التقليدية، والتسجـيليـة والسياحـية والفكرية الحداثية، ما بعدالحداثة "الشيئية" او سـواها. يمكن للمـتلقي والبـاحث ونقـاد الفن، ووسائط الإعلام المسموعة، المرئية، والمكتوبة، أن تلحض الخط البياني التصاعدي لهذه الحركة الفنية التشكيلية النشطة كميا التي لها من العمر نحو سبعين عاما من العطاء المستمر القائم على التنوع والاختلاف المنهجي والمحـتوى الموضوعي والاسلوبية الشكلية والمعالجـة التـقنيـة، لهذه التجرية الفنية اوتلك، إذ يمكن رصدها وتوثيقها منهجيا في ثلاث مراحل زمنية رئيسية.
المرحلة الأولى: منتجـات فناني الرعيل الأول الذين تربوا وتدربوا على انفسهم في منتجـاتهم، . وتجاربهم الفنية الابتكارية التي وجدت في فنون التقليد والمحاكاة، واستنساخ الأعمال الفنية في سياقـها النمطي، والمؤسسـة في بعضها على النزعات الفطرية (فن الناييف) شكلا مالوفـا لآليات العمل الفني.
المرحلة الثانية: المنتجات التي توافقت مع الروح الأكاديمية المدرسية ذات النفحات الأيديولوجـية المحـمولة وفق توجـهات المؤسسـة الرسمية والحكومية النقابية كتعبير مطابق لثقافة السلطة السائدة.
المرحلة الثالثة: المنتجات المتساوقة مع روح العصر"ما بعد الحداثي"، المتوجهة إلى خصخصة الفنون التشكيلية لحساب الصورة البصرية، كجزء لا يتجزأ من حركية المجتمع الاستهلاكي.
في كل الاحـوال، لا بد من القـول ان الفن التشكيلي السوري يتسم بصفات وخـصائص عديدة، إنه مفتوح على التجارب العالمية متدثر بأثواب الحرية التعبيرية المنفلتة من عقال اللمسة الأيديولوجية، وإن كانت هي الصفة التعبيرية الأكثر حضورا في عموم التجارب والاجيال الفنية المتعاقبة. السبب كامن في جوهره بآليات الصراع العربي- الصهيوني، وما حمله هذا الصراع على مدار خمسين عاما من المآسي والخلفيات، والأفكار الأيديولوجية المعمقة لتفاعلاته على كل المستويات الإنسانية الابتكارية في كافة منتجات العمل الفني والتشكيلي على كل وجه الخصوص. تجارب فنية تشكيليـة متنوعة، متجاوزة احـيانا للنزعات المدرسية الأكاديمية، او جامعة لمجموع




مدارس وتيارات فنية، وتقنيات حتى في التجربة الفنية الواحدة في بعض الاحيان. تلبس المنتجات الفنية، والفنانون التشكيليون من داخل البيت الفني المدرسي الأكاديمي ومن خارجه، أثواب العصر الحديث، والحقبة العولمية، بينما نجد في الوقت ذاته تيارات وتجارب تقف راسخة البنيان والمقولات في الانخـاه المقابل. منحـازة للذات الفنيـة في إيقاعاتها المحلية القومية. منتمية لجماليات المكان السوري وثقإفته المعرفية والبصرية، وأبعاده التاريخية والحضارية، وهويته العريية القومية في زخمها الجمالي الإسلامي، تخوض معركة إثبات الذات المحلية والخصوصية التعبيرية، من خلال التغني بحرفية الأرابسك والاشتغال على مكونات وعناصر "التشكيل الحروفي" حينا. أو استحضار الفن السوري التـراثي القديم وتقديمه في إطار وجبات لونية وخطية وفكرية غنية في الاستحضار المجازي "الفنتازيا" كعبث أسطوري لذاكرة بصرية ومفـردات، ونص فني تشكيلي متنوع الخـامات والتقنيات والمحـتوى الموضوعي المرصوف على موائد الثقافة البصرية السوريا حينا آخر. لتشكل مثل تلك التجارب إسقاطا لمفاهيم "أيديولوجيا" من نوع آخـر. كمحاولة قومية عربية مشروعة للدفـاع عن الهوية والبـحث عن الذات الفنيـة والخصوصية المحلية في معابرالتأليف التقنى والشكلي في انسـاق عالمية الفن حداثة وتوحدا إنسا نيا.
تعود بدايات الحركة الفنية التشكيلية السوريا. كوجود زمني وصيرورة تطورية إلى النصف الأول من القرن العشرين، حـيث كان للواقـع السياسي الذي تعيشه المنطقة العربية عموما وسوريا خصوصا، من انضواء تحت مظلة وسيادة الحقبة العثمانية التي ساهمت في تكريس الفنون العربية الإسلامية ذات الصبغة والأسلوبية العثمانية، لم تتـجاوز المنتجـات الفنيـة آنذاك إطار الفلسفة الإسلامية في أنماطها الجمالية كنوع من الحرف والمهن الفنية التطبيـقية الضرورية والملبـية لحاجات يومية محددة، المبتعدة بطبيعة الحال عن سياقات الفنون الجـميلة "التشكيلية" في الغرب الاوروبي في إحـالاته الفنية والمعرفية والجمالية والتـقنيـة، كـتلك الاعمال ذات البناء التـقني والشكلي النحـتي في كـتل مليـئـة بالموضوعات الإنسانية "التشخيصية" أو الحفرية الترسيمية المتبعة في مختلف الدول والكيانات الثقافية وفي الفلسفات الأوروبية البينية، وإن مجموعة من المواهب الفنيـة السـوريا وجـدت في الحقبـة العثمانية مكانا مناسبا لذاتها الابتكارية، من خـلال التعـامل الفني مع اللوحات التـصويرية الزيتية التزيينية ذات الطبيعة الاستنساخـية، المكرسة لشخوص القادة والأمراء الأتراك الذين عبروا على سوريا، وتسجيل المواقف ألبصرية لمأثرهم في كافـة المدن والمحـافطات السوريا من مساجد، وتكايا وقصور واسواق ومزارات، ومعالم تاريخـية حـضـارية، وجمالية تخلد ذكـراهم، أو محاولة استلهام التاريخ واستحضار صور للخلفاء والفـاتحين العـرب والمسلمين، وتصـوير المعـالم الدينية الإسلامية، ومعاركهم الحاسمة في مفاصل التاريخ. وثمة نمط آخر من



الفنانين التشكيليين السـوريين الاوائل. الذين وجـدوا في الحـقـبـة الاستـعـمـارية الاوروبيـة ا لغـربيـة (الانتـداب الفرنسي)، مجـالا متاحا لصقل مواهبهم، ورعايتها، عبر ما تتيحه السياسة الاستعمارية من احتواء واهداف توسعية، حيث وجد الاستعمار الأوروبي الفرنسي ضـالتـه المنشـودة في قنوات الثقافة عموما والبصرية خصوصا. أولى محاولاته للدخول المريح من خلال معابر الفنون الجميلة "التشكيلية"، كسياق طبيعي "تطبيعي استعماري"، وعامل مهم في تشكيل ذاكرة بصرية سوريا تتناغم وذاته الابتكارية، تدور في فلك مرجعياته الثقافية والبـصرية التي تدين بالوجود والولاء للنزعات الفرنسية (الفرانكوفونية)، التي عملت جاهدة على تكوين ثقافـة بصرية سوريا تابعة لفنونها الفرنسية الطابع والأسلوبية التقنية والمحتوى الموضـوعي، وقـد كـانت اللمـسـة الاوروييـة "الاستـشراق"، المجـال الحـيوي العـريض والمثـير للدهشـة والإبهـار لدى الفنانين التـشكيليين السوريين في تلك المرحلة الزمنية، مما يسر وسهل عمليات استمالتهم إلى بيانها الفني التشكيلي، والعمل الفاعل لاستقطاب وظيفي للعديد من المواهب الفنية السوريا، لا سيما شرائح الشباب، وتبنيهم فنيا رعاية ودعما متنوع الموارد، وصقلا لمواهبهم عبر المنح التعليمية التي كانت تقدمها سلطة الانتداب الفرنسي آنذاك في هذا السياق. لقمـد برزت مجـموعة من الفنانين التـشكيليين السوريين الذين درسوا في الغرب الاروبي عموما وفرنسا خصوصا "المدرسة الوطنية- بوزار باريس". وارتهن وجودهم الزمني والمكاني إلى إنتاجية فنية تميل نحو التقليد والتبعية والمهنة الحرفية اكثر منها للروح الابتكارية والآكاديمية. نذكر من هؤلاء الفنانين على سبيل المثال: توفيق طارق، ميشيل كرشة، محمود جلال، عبدالوهاب أبوالسعود، سعيد تحسين، صبحي شعيب، خالد معاذ، أنور علي أرناؤوط، وفتحي محمد.
لقد كان الفنان توفـيق طارق الذي عاش ما بين 1875 و1940، من الاوائل الذين سخروا مواهبهم وخبراتهم الفنية التجريبية، وثقافاتهم المعرفية والبصرية للأجيال الفنية الناشئة التي تتلمذت على يديه في محترفه الفني بمدينة دمشق. شكل عاملا موثرا في تعميم الأنماط الفنية التسجيلية ذات الصبغة المهنية الاحترافية المطابقة تاليفا وبناء تكوينيا، وذات طبيعة مهنية أقرب إلى الحرفة والصناعة منها إلى الفن التشكيلي الأكاديمي التعليمي. بل اتخذ أسلوبية العين واليد الخبيرة في تصوير المناظر الطبيعية والمشاهد الخلوية واللوحـات الشخـصـية للقـادة والامراء العرب المسلمين. والمعـارك الفاصلة في التاريخ العربي الإسلامي، وتسجـيل اللقطات البصرية الموثقة للمعالم الإسلامية من مساجد واحياء دمشقية باعتبارها الشغل الشاغل، والمجال الحيوي لعموم رسومه ومنتجه الفني التشكيلي الذي رافقه طيلة حياته الفنية. ومن أبرز لوحاته "معركة حطين". أما الفنان "عبدا لوهاب أبوالسعود" الذي عاش ما بين 1897 و 1951، والذي كـان متـعدد المواهب الفنية التي توزعت ما بين المسرح والفن التشكيلي، والعمل التربوى الوظيفي كمدرس في مدرسة التجهيز الأولى بمدشق، فقد كان له اكبر الأثر في رعاية مجموعة من الفنانين والمواهب السوريا التي امست تلك المدرسة موئلا ومكانا مميزا لرعاية الموهوبين، ومركز



ااساسيا في تفعيل الحضور الفني لحـركتي الفن التشكيلي والمسرح في سوريا. كان ماخوذا بالجماليات العربية الإسلامية، وبفنونها الزخرفية وعمارتها المتميزة التي رافقته في كل لوحـاته ومنتجـاته الفنيـة توثيقا ولمسة تقنية ومواقف بصرية تسجيلية. من أشهر لوحاته "فتح الأندلس- قصرالحمراء".
بينما جسد الفنان "سعيد تحسين" الذي عاش مـا بين 1904 و1985 النقلة النوعـيـة في تاريخ الحـركة الفنية التـشكيلية السوريا، من الفن الفطري ذي النفحة المهنية الشعبية، إلى الصيغة الاكاديمية ذات الأبعاد المهنية الدراسية، مستفيدا من وجوده في بغداد (1924) كمدرس للفنون في دار المعلمين مما اتاح له تمثيل الروح القومية العربية التي كانت تجد لها فسحة واسعة في تلك الفترة، حيث كانت اللوحة التاريخية والشعبية والسياسية الاجتماعية التحررية هي عناوين بارزة في عموم لوحـاته. من اهم أعماله "صلاح الدين الأيوبي، قصف المجلس النيابي".
اما الفنان "محمـود جلال" الذي عاش ما بين 1911 و 1975. فيعتبـر حجرالأساس في ولادة المنهج الاكاديمي في الفن التشكيلي السوري. من موقـعه كتربوي وفنان منتج في وقت واحد، فقد سمحت له مواقـعه الوظيفية في اطارالسلك التربوي، خوض غمار البـحث عن طرق ومنافذ اكاديمية لرعاية وصقل المواهب الفنية السوريا من خلال البعثات التعليمية في دول الغرب الأوروبي ومصر العربية المتقدمة فنيا، فكانت جهوده المبذولة خطوة البداية لإيفاد عشرات الأسماء الفنية التي تبوأت مكانة مرموقة في الحركة الفنية التشكيلية في عموم الأراضي السوريا ومدينة دمشق وحلب على وجه الخـصوص. لقد كان الفنان محمود جلال تربويا فـاعلا ومصورا ونحاتا مميزا أنتج العديد من الأعمال الفنية من اشهرها لوحاته التصويرية "صانعة ا لقش".
بينما تفرد النحات "فتحي محمد" الذي عاش مـا بين 1917 و 1958، والذي وجـد نفسـه وذاته الابتكارية في ميادين النحت في تقنياته المتنوعة الخدمات والقدرات لا سيما خامة "البرونز"، في أسلوبيته التعبيرية المتاثرة بالمدارس الإيطالية وبالفن ذي النسب المذهبية التقليدية. حيث اسس لوجـود نحت سـوري مـعـاصر خـارج المألوف الاجتماعي والنفحة الدينية التحريمية، مقدما مجموعة من التماثيل والنصب التذكارية التي ازدانت بها الساحات العامة المنتشرة في سوريا، ابرزها تمثال الشهيد عدنان المالكي الموضوع في ساحة المالكي في حي أبي رمانة في دمشق.
بناء على ما تقدم، نجـد ان المنح الدراسيـة الممنوحة لأصحاب المواهب السوريين. قد قدمت الفرصة المناسبة


لترسيخ معارفهم وخبراتهم، وثقافتهم البصرية والتقنية، من خلال الاطلاع على تجـارب الدول المتقدمـة في هذا السيـاق. وهناك عشرات الفنانين الذين درسوا وتخرجوا من الاكاديميات الفنية في الدول الأورويية الغربية مـثل: فـرنسا، بريطا نيا، ألما نيـا، وايطا ليـا، وفي مرحلة لاحقة في الدول الاوروبية الشرقـيـة الإشتراكية مثل: روسيا، بولندا، روما نيا، بلغاريا والمانيا الشرقية. وآخرون وجدوا في مصر العريية مجـالا جيدا لمتابعة الدراسة الفنية الاكاديمية، بحيث أمسى هؤلاء الخريجون اللبنات الاساسية في بناء الحركة الفنية التشكيلية المعاصرة، كرعيل أول متشكل اساسا في سياق تجمعات فنية في باديء الأمر. مثل: "جمعية أصدقاء الفن". أو من خلال محترفات الفنانين الميسورين أنفسهم، الذين وضعوا مشاغلهم ومراسمهم في خدمة الثقافة البصرية لأصحاب المواهب من شرائح الشباب.
لقد كان لولادة كلية الفنون الجميلة، بجامعة دمشق في ستينيات القرن العشرين أكبر الأثر في رعاية المواهب الفنية السوريا والعربية، وصقلها في الاتجاهات المدرسية الاكاديمية المرغوبة، وأ مست كليـة الفنون الجـمـيلة منذ ذلك الوقت وحـتى اللحظة الموئل الاساسي الرافد للحـركة الفنية التشكيلية السوريا المعاصرة بالمواهب الفنية في سوق إنتاجية العمل الفني التشكيلي. إذ تخرج هذه الكلية في كل عام افـواجـا من الدارسين في مجالات الدراسة الاكاديمية، الموزعة في خمسة فروع وأقسام رئيسية هي: التصوير بأنواعه، النحت بأنواعه، الحفر والطباعة اليدوية، الاتصالات البصرية، الإعلان، التصميم الداخلي والديكور. يشكل مـجـموع الدارسين في كل عقد زمني مرحلة من مراحل الأجيال الفنية الاكاديمية المتعاقبة. إضافة إلى مجموع المواهب الدارسة في المراكز الثقافية التابعة لوزارة الثقافة السوريا وفي كل المحافظات السوريا. ويمكن القول إنه كان هناك نحـو أربعة أجـيال فنية متعـاقـبة متنوعة الاخـتـصـاصـات الفنيـة مـا بين 1965 و1995. استطاعت قلة منهم متابعة رحلة الفن والحياة عبر الخامات والمواد الفنية المتنوعة ذات الصلة بميادين الدراسة الاكاديمية. وكثير منهم حققوا لذاتهم الفردية الابتكارية حضورا ثقافيا وبصمة فنية مميزة لصيقة باسمهم كمثال يحتذى للعديد من الدارسين والفنانين التـشكيليين السـوريين والعرب.
نرى من المفيد في هذا السياق ان نذكر بعضا من اسماء تلك العلامات الفنية السوريا التي كان لبعضهم وما زال لآخرين حضورهم الإنتاجي المشهود في أجيال الحركة الفنية التشكيلية، بعيدا عن مراتب الأهمية وسعة الانتشار والخصوصية، والترتيب الأبجدي، وميادين التخصص الأكاديمي لكل منهم. هذا لا يعني إهمال أوالتقليل من شان أسماء فنية تشكيلية سوريا لم نأت على ذكرها في متن الأسماء المسرودة أدناه. نراها وفق التسلسل الزمني التالي:
فنانو الرعيل الاول:
نذكـر منهم: توفـيق طارق، عـبـدالوهاب أبوالسعود، سعيد تحسين، ميشيل كرشة، محمود جـلال، رشـاد مصطفى، صبحي شعيب؟ ناظم جعفري، خير الدين الأيوبي، عبدالعزيز نشواتي، صلاح الناشف، سهيل الاحدب، رويير ملكي، خالد معاذ، أنور أرناؤوط، شريف أورفلي، ميلاد الشايب، نصير شوري، محمود حماد، أسعد زكاري، إقبال قارصلي، الياس زيات، تيسير حباس، جاك ورده، رولان خـوري، زياد الرومي، سـامي برهان، طالب يازجي، عـبـدالقـادر أرناؤوط، ناجي عـبـيـد، عبد الرحـيم تاتاري، عبـد الظاهر مراد، عدنان انجيله، عدنان رفاعي، عاصم زكريا، غالب سالم، غازي الخالدي، غسان سباعي، غياث الاخرس، فاتح المدرس، فيصل عجـمي، لؤي كيالي، ليلى نصير،

لبـيب رسـلان، معد اورفلي، نذير نبـعة، وهبي الحريري، ممدوح قشلان، ادهم إسماعيل، برهان كركوتلي، زهيرة الرز، خالد المز، خزيمة علواني، عبدالمنان شما، عبدا لقادر النائب، مروان قصاب باشي، نعيم إسماعيل.
فنانو الرعيل الثاني:
نذكر منهم: (إحسان عنتابي، نزار علوش، هالة مهايني، نزيه فريجات،هيال ابازيد، وليد الشامي، وحيد مغاربة، وضاح الدقر، يوسف عبدلكي، عاصم الباشا، جاسم محمد علي، خالصة هلال، جمال عباس، خالد جلال، إنصاف الشوا، تركي محمود بك، جليـدان الجـاسم، علي الصـابوني، فـائق دحـدوح، خلدون شيشكلي، خليل عكاري، ممدوح النابلسي، سهام منصور، جرجس سعد، سعيد طه، ممتاز البحرة، ظافر سرميني، أسعد عرابي، حيدر اليازجي، عبدا لقادر عزوز، نشأت رعدون، طلال معلا، عبداللطيف الصمودي، عبدالسلام شعيرة، عبدالكريم فرج، عبدالله السيد، عبدالله مراد، عز الدين شموط، نشات الزعبي، الفـريد حـتمل، مامون الحمصي، مجيد جمول، محمد حسام الدين، محمود شاهين، مصطفى يحيى، لجينة الأصيل، علي سرميني، علي سليم الخالد، غسان جديد، فؤاد ابوسعده، لميس ضو شوالي، أسماء فيومي، ثائر حسني، معد اورفلي، أنور دياب، منى قولي، خالد الأسود، نهلة هلال، نعيم شلش، عدنان برش، سعيد مخلوف، اريينية فوسكانيان.
فنانو الرعيل الثالث:
نذكر منهم: محمد غنوم، عتاب حريب، جمود شنتوت، زهيرحسيب، فؤاد طوبال، جورج كفا، غالب الصفدي، احمد الياس، وليد اغا، اكثم عبدالحميد، نزار صابور، نذير نصرا لله، سوسن جلال، إدوار شهدا، نزيه الهجري، سمير غنوم، شفيق اشتي، شريف محرم، صادق الحسن، جمانة جـبـر، حـسين يونس، زياد قات، زياد دلول، أمير حمدان، أيمن الدقر، أكوب جامكوجيان، جورج فرح، جميل قاشا، احمد إبراهيم، أحمد يازجي، محمد بعجانو، عبدالحكيم الحسيني، عبدا لرزاق السمان، عبدالرحمن مهنا، صبحي عبدالنايف، زهيردباغ، سوسن الزعبي، عصام درويش، علي سليمان، عبدالحي حطاب، عماد لاذقـاني، سمير الجندي، صفوان داحول، احمد معلا، فؤاد دحدوح، باسم دحدوح، إملي فرح، نبيل السمان، يعقوب إبراهيم، يوسف عقيل، ربيع الأخرس، غسان نعنع، مرفق مخول، مصطفى علي، محمد ميره، نذير إسماعيل وجورج ماهر.
فنانو الرعيل الرابع:
نذكر منهم: إبراهيم الحميد، امد برهو، اكرم حـمـزة، اسعد فرزات، امل زيات، باسم دحـدوح، عبدالله أبوعسلي، فارس قره بيت، كرزيلا بريدي، محمد صالح بدوي، نداء طنوس، نداء الدروبي، هويدا ابوحمدان، وضاح السيد، ياسر حمود، يوسف البوشي، منصور حناوي، محمود حسو، مامون البوشي، محمد شبيب، محمد سموقان، جهاد

مسعود، علي العبود، فادي يازجي، ايمن اسمندر، وائل دهان، لانا سعد، عصام الشـاطر، عماد كسحوت، سناء فريد، إسماعيل نصره، غزوان العلاف، إياد بلال، حسان حرفوش، علي علي، عامر سعدون، احمد كريم منصور، نصرورور، سارة شمة وعبيد الحميد عبدالله.
ذاكرة الفن التشكيلي السوري البصرية
ننطلق من مـقـولة أن الفنون الجـمـيلة "التشكيلية" هي اللغة البـصرية الوحـيدة التي تحقق التفاهم الإنساني، وتعمق اواصر الصداقة والتوافق والاحتواء والتفاعل النفعي الحضاري، والثقافي والجمالي ما بين الشعوب والافراد، بعيدا عن تأويلات الكلام المكتـوب حـول النص الفني التـشكيلي. وهي بذلك تشكل لغة عالميـة فـوق القوميات وحدود الجغرافيا الإقليمية للدول والأديان وأنماط الايديولوجية المحلية والقومية. متجاوزة لكل المفاهيم الإيهامية بمحدودية الفن التشكيلي وقدرته على التواصل في صنح حضارة إنسانية شمولية متكاملة البصمات، وجامعة للهويات والخـصوصيات، نرى ان الحركة الفنية التشكيلية السوريا لم تتبلوركوجود ثقافي وذاكرة بصرية مستقلة عن مرجعيات منتمية إلى ثقافة وبصريات الآخر في الضفة الاورويية الأخرى. وما زالت في طورالتجريبية المبررة، والمفتوحة على التنوع والاختلاف المفاهيمي والشكلي والتقني، في إنتاجـية كمية (نشاطية) تدعو إلى التفاؤل ومشروعية الطموح المستمر في إيصال المنتجات الفنيـة الفـردية السوريا ورودا طرية وندية في حـديقـة الفن التـشكيلي العالميـة، حـاملة في منتجاتها المكونات الرئيسية في هذه الحركة من حـيث المنتج الفني (الفنان)، والعـمل الفني، وجمهورالنخـبة المتمثل بالمقتني والتاجرالمروج والصحافي الإعلامي، والناقد الفني المتخصص، ووسائل الإعلام المتنوعة في مجملها تدور في فلك التفاعل مع الآخر الثقافي محاكاة وتقليدا، لا سيما الفن الأوروبي الغربي الذي تشكل منتجاته وتجاربه الفنية التشكيلية مركز الاستقطاب العالمي، كمرجعيات لا فكاك من الاقتداء بها في اي عملية ابتكارية، او تجربة فردية معرفية او بصرية ليس في سوريا وحسب، بل في عموم بقاع الكرة الارضية. من هنا نعتقد ان الإشارة إلى مرجعيات وذاكرة الحركة الفنية التشكيلية السوريا المعرفية والاكاديمية البصرية ضرورة منطقية ومنهجية، يتحقق من خلالها عملية التكامل والشمولية الثقافية ما بين الشعوب والدول والهويات المحلية والقومية المجتمعة في بوتقة عالمية واحدة. يمكن تصنيف هذه التراكمات المعرفية البصرية المرجعية
في أربعة مصادررئيسية هي:
1- الذاكرة البصرية الاوروبية الأكاديمية (نمط منتجات عصر النهضة الايطالية).
2- الذاكـرة البـصـرية الاوروييـة الحـديثـة " "الحداثة وما بعدها" (نمط منتجات أوروبا الغريية والشرقية)..
3- الذاكرة البصرية المصرية ذات المرجعيات الأورويية والغريية والشرقية.
4- الذاكرة البصرية الاستلهامية من وحي التراث المتحققة بحرفية الارابسك، اي التشكيل الحروفي. والحرف


المهنية، والأوابد التاريخية الحضارية للممالك السوريا القديمة المغرقة في القدم والمحملة بمقولات اسطورية، واخرى تسجيلية للاماكن الخلوية للطبيعة السوريا المتنوعة.
هذه المرجعيات الاربعة التي تضم في خلفياتها الفكرية والبـصرية، بحسب التوصيف الأوروبي الغربي كمجـالات ومـيـادين الفنون الجميلة "التشكيلية" الخمسة سالفة الذكر في سياقها التخـصصي المعمول به اكاديميا في كلية الفنون الجميلة والمعاهد الفنية السوريا ذات الصلة، تدور في كل الاحـوال بدوامـة التـفـاعل البـصـري التجريبي، وفردية الفن ونخبويته في كافة المسارات التواصلية، والتي لاتنفصل بشكل او بآخر عن النزعات المركزية الغريية الأوروبية.
مدارس وعلامات فنية مميزة في الفن التشكيلي السوري
كما سبق وأشرنا، فالفنان التشكيلي السوري ابن تجربته الثقافية البصرية غير المحدودة في نمط قـسـري اكـاديمي.. ومنتـجـاته الفنيـة التشكيلية أساسا قائمة على الحرية التاليفية في اخـتيار الموضوعات، وعناصر ومفردات ورموز التكوين، وتقنياته وبنائية العمل الفني في صورته التعبيرية النهائية واللصيقة بطبيعة الحال بالتفرد الاسلوبي والخصوصية التعبيرية والتقنية لكل تجرية فنية سوريا. فإن التنوع والاختلاف هما المجـال الحـيـوي لكل ذلك النشـاط الكمي في الحركـة الفنية التشكيلية الذي لم يفرزحـتى اللحظة فنا تشكيليا سوريا خالصا. بل تنهل عموم التجارب الفنية من بحرالتنوع المدرسي والمعالجة التقنية. إذ نجد في المنتج الفني الواحد عموم المدارس والاتجاهات الفنية ذات استنسابية أوروبية غربية في سياق مستنسخ حينا، ومنسوخ في كثير من الأحيان، موزعة ما بين الواقعية الكلاسيكية، مرورا بالتعبيرية، الواقعية، الرمزية، وحرفية الأرابسك، وصولا إلى التجـريد، وفنون مـا بعد الحـداثة "الشيئية". وان كانت غالبية الاعمال الفنية التشكيلية متراوحة في كثيرمن الأحيان ما بين المدارس ا لثلاث الاساسية (الواقعية التعبيرية، والتعبيرية الرمزية، التعبيرية التجريدية). أي انهـا تراوح في حدود المدرسـة التـعبيـرية ذات الأنفاس الألمانية التي تجد لدى الفنان التشكيلي السوري راحة تأليفية، وانسجاما نفسيا وانفعاليا واستحـضارا ملهما لذاته الفكرية والفلسفية والبصرية. متوافقا مع حقيقة الواقـع العربي المعاش، وما يتعرض له الوطن العربي عموما والسوري من تحـديات داخلية وخارجية لا سيما مسالة الصراع العربي- الصهيوني، واندماج الفنان التشكيلي السوري مع أحداثه وتفاعلاته وطنيا وقوميا وانسانيا.
ثمة علامات فنية تشكيلية سوريا فردية حفرت لذاتها الابتكارية "الإبداعية" بصمات عميقة في مساحة الفن التشكيلي السوري والعربي والعالمي، والمدربة فنيا وتقنيا وفق التريية الفنية الاكاديمية الغربية الاورويية. ففي مجال التصوير برع الفنان "فـاتح المدرس"، في تكريس ذاته الفنيـة كـحـالة ثقافية سوريا مشهودة، وجعلته ذاته الابتكارية المتنوعة الاهتمامات يلعب دورا رئيسيا في ثقافة العـديد من الأجـيال الفنية السوريا، وأمسى مـرجـعـيـة لهم في اعمـالهم على الرغم من مرجعياته الأوروبية الغريية.
أما في مجال النحت مقد تفرد الفنان النحات سعيد مخلوف، بذاته الابتكارية، وتفرده الأسلوبي والتقني، وخروجه الملحوظ عن مرجعيات الذاكرة البـصـرية الاكاديمية والاوروبية الغـربيـة في آن واحد. مقدما تجاربه البحثية في اكتشاف قدرات الخامات البيئية السوريا على التطويع والعطاء الفني المثير للتفاعل والبصريات الحافلة بكل أسرار وجماليات المكان السوري في حديثه وقديمه عبر توليفاته التقنية والشكلية على خـامات الخـشب المتنوع والصلصـال والزجـاج والعظام وسواها، مستنبطا خصوصية سوريا خالصة في هذا الاتجـاه الابتكاري "الإبداعي". وشكل ذاكـرة بصـرية للعـديد من النحـاتين السـوريين، في تعبيريته الفطرية المحملة بهموم الإنسان اولا وأخيرا.
أما في مجال فنون الحفر"الغرافيك" فقد بقي هذا الفن اوروبيـا خـالصا على الرغم من وجـود ملامح جمالية وتقنية حافلة في المواقف البصرية التاريخية العربية المغرقة بالقدم مثل الأختام الاسطوانية والمسكوكات والألواح الطينية المكرسة لابجـديات التاريخ الإنساني. حاول الفنان علي سليم الخالد، من خلال تقنيته المفضلة الحفر الحجري "الليتوغراف"، ان يستحضر رموزه من البيئات السوريا المتعددة لا سيما اوابد مدينة تدمر في توليفة تقنية ومحتوى موضوعي يحـدد تجريبيته النشطة، وليشكل من اسلوبيته ملاذا بصريا لبـعض الحـفارين في الوسط الفني التشكيلي السوري.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 03:41 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

دلالات الرمز في الفنون التشكيلية الفلسطينية 1

الفنون التشكيلية الفلسطينية مفطورة ابتكارًا ومنتجًا ودلالات مفاهيمية على قيم الرمز ومكوناته


وتعبيراته شكلياً وخطيا ولونياً وبناءً فنيًا تشكيلياً. فالرمز جزء لا يتجزأ من تاريخ وتراث وحضارة وجماليات الشعب العربي الفلسطيني في كافة مناقبه الحياتية اليومية والمهنية والثقافية والدينية والاعتقادية يلازمه في كافة حقبه التاريخية والزمانية والمكانية. سواء أكانت في عصوره المغرقة بالقدم أو الحديثة أو المعاصرة،ومدى ارتباطه الوثيق بمحيطه العربي كوحدة قومية وهوية عربية نضالية ودلالة كفاحية مستمرة في التاريخ العربي المعاصر وحدوث نكبة فلسطين عام 1948 بفعل الغزوات الاستعمارية الغربية الأوربية التي رافقت بدايات القرن العشرين لاسيما بعد احتضان وولادة الحركة الصهيونية في مؤتمر بال عام 1897 وعقد اتفاقيات سايكس – بيكو عام 1916 ، والتي أمست المشكلة الفلسطينية منذ ذلك التاريخ بمثابة القضية المركزية للأمة العربية الناهضة في أنظمتها الوطنية ضد أشكال الاستعمار القديم والحديث. وأصبحت تحتل مساحة من الوجدان العربي ونبض الشارع ومقياساً تضامنياً لحقيقة العواطف والأحاسيس والهم الوجودي المشترك في معركة الوجود للشعب العربي مع الكيان الصهيوني،وما شكلته هذه القضية المصيرية والحيوية من محمولات دلالية ورمزية وترميزية في كل المسالك والدروب وأنماط التفاعل الإنساني وبكل الاتجاهات والميادين.
نكبة فلسطين عام 1948 التي قسمت الشعب العربي الفلسطيني إلى قسمين مؤلمين. واقع الاحتلال والقمع والسطوة الصهيونية الاستيطانية.وواقع التشرد وفقدان الأرض والوطن في أماكن اللجوء العربية والدولية،وما تعرض له هذا الشعب المُقسم من مؤامرات عربية وأوربية وغربية وأمريكية متكررة لإنهاء وجوده كشعب وهوية قومية عربية وإنسانية وحضارية وجمالية.وما شكله الرمز في سياقه المفاهيمي الواسع في كافة منابت الإبداع من مكانة فاعلة في صيرورة التصدي لحلقات المؤامرة على هذا الشعب العربي الفلسطيني المكافح إلى "يوم الدين".وقد كان للرمز في مساحة الإبداع الفني التشكيلي الفلسطيني الأهمية البارزة والتواجد الدائم في كافة أعمال الفنانين



التشكيليين الفلسطينيين والعرب والمكافحين العالميين في نصرة وعدالة القضية العربية الفلسطينية لوحة وملصقة وحفرية ونصباً نحتيًا وسواها من أشكال التعبير الفني التشكيلي.
الرمز في المنتج الفني التشكيلي الفلسطيني المعاصر مرتبط مباشرة بواقع الاحتلال الصهيوني،ومنخرط في الحدث الفلسطيني الكفاحي عِبر قنواته النضالية المتاحة.حيث وقف الفنان التشكيلي الفلسطيني في الخندق الدفاعي الأول عن الحقوق الوطنية والقومية والتاريخية والحضارية والجمالية للشعب العربي الفلسطيني في فلسطين ومن خارجها والمتفاعل مع مسألة الصراع العربي – الصهيوني وتفاعلات اللحظة الآنية والمعايشة اليومية لدروب الآلام الفلسطينية. تُقحم الفنان التشكيلي الفلسطيني بالتعاطي مع الرموز التعبيرية تواصلا كفاحياً مشروعاً في أخذ زمام المبادرة التحريضية والدعائية لأشكال النضال الفلسطيني وبكل مستوياته وآلياته وأدواته،ربطا مباشرا ودلالياً لهدف منشود من وراء كل عمل فني تشكيلي منفذة بأساليب تقنية متعددة المفردات والعناصر الفنية التشكيلية الرصفية لبنائية التكوين وتوصيل أفكاره ومحموله الفكري والنضالي والسياسي والجمالي،بحيث يُشكل المنتج الفني التشكيلي الفلسطيني المعادل الموضوعي لمجمل طرق النضال الفلسطيني في المعابر الإبداعية الأُخرى الموازية والمندمجة في سياق تكاملي وشمولي مع ماهية وكينونة الفنون الجميلة التعبيرية. سواء أكان هذا الرمز الدلالي عنصراً متفرداً ومتكرراً في أبعاد العمل الفني أو مُتشكل من مجموعة عناصر فنية متجانسة ومتكاملة خطياً ولوناً وفكرة تعبيرية ومواقف مشهدية. حيث تُشكل ثلاثية الأبعاد الشكلية (الخط،اللون،بناء التكوين) مجالاً حيوياً لإيصال الفكرة القصدية في شكل رسالة جمالية إنسانية حضارية وكفاحية معبرة عن واقع وحياة الشعب العربي الفلسطيني وتاريخ أمة،وتظهر تجليات الفكرة التصويرية في مدخلاتها الدلالية الرمزية البصرية المرئية في توليفات التكوين بالعمل الفني تقنيًا وفكرياً مقولة الفنان الوجودية والتعبيرية والدور الوظيفي والكفاحي كجزء لا يتجزأ من مخرجات العملية النضالية في مجملها الكفاحي.


إن أية نظرة موضوعية عامة سبرية أو مسحية أو متفحصة ومتبصرة في عموم المنتج الفني التشكيلي الفلسطيني داخل فلسين وفي مناطق الاغتراب العربية والعالمية التي واكبت حركة النضال الوطني والقومي الفلسطيني منذ بداية القرن العشرين وتواصلت مع انطلاقة النضال الفلسطيني المسلح في الفاتح من كانون الثاني عام 1965 وحتى اللحظة الآنية المعايشة وما تلاها من خطوات إقدام وإحجام ملتصقة بهموم الوطن الفلسطيني ومسيرته النضالية وبالمواطن والهويّة والانتماء،وعوامل النكوص والإحباط والانسلاخ والتشظي في تداعيات القطرية العربية والانحياز للوطن القطري الضيق والتخلي عن مركزية القضية الفلسطينية في مساحة الفعل العربي الرسمي.وقنوات الأمل والتفاؤل المشوبة بدماء الشهداء والتضحيات العربية والعالمية والفلسطينية،وإلى ما هنالك من تعبيرات وصفية أدبية ورمزية التي أوجدت للفنان التشكيلي الفلسطيني وسواه من المناضلين فسحة رحبة لدور نضالي مميز،ليجد الفنانين ذواتهم الابتكارية والإنسانية داخل الحدث جنودا مجهولين في تشكيل لحمة إضافية لتوثيق عرى التواصل النضالي مع القضية الفلسطينية كتفًا بكتف مع المقاتلين في مواقع الصمود والتحدي وحروب الوجود.
ارتبط الرمز في أشكاله الخطية واللونية والفكرية عِبر عناصر ومكونات فنية شكلية مثل (البندقية، الفدائي، الشمس، القمر، الغزال، الخراف، الديوك، الكوفيات، الأسماك، الماء، الأشجار، الأيقونات، الأساطير، الزخارف النباتية والهندسية والحيوانية،المهن اليدوية،العادات والتقاليد، الأزياء،الهلال ورماة الحجارة) وغيرها من رموز ودلالات مفاهيمية وفكرية مستحضرة ومنشودة من مِخيال الذاكرة الشعبية والموروث الحضاري والجمالي والحكايات والأشعار والمقولات والأهازيج والأغاني والذات الفنية المبتكرة والمتضافرة مع روحية الذات النضالية والوجودية في معركة البقاء. مشغولة في اللوحات التصويرية في أناقة تعبيرية مناسبة لمدلول اللون في الذاكرة لتشكل الدائرة اللونية الأساسية(الأحمر،الأصفر،ال زرق) والمساعدة المتممة(الأبيض والأسود) وتدرجاتها اللونية الاشتقاقية بروداً وحرارة وحِدة لونية، ووحدة عضوية متكاملة لمعزوفة الوطن والنضال الوطني الفلسطيني في إيقاعات بصرية فنية تشكيلية. وليمة بصرية حاشدة لكل الرموز والدلالات المعبرة



والموحية.تبعاً لذات الفنان الابتكارية وقدراته في امتلاك أدواته ومفرداته الوصفية والتقنية والمتوافقة مع اتساع مساحة التأليف الرمزي لتجليات الأفكار والحدس والابتكار.اللون "الأحمر" كمدلول معبر عن الثورة والحركة المقاومية وتدفق شلال الدماء في شرايين الثوار المكافحين الذين يقدمون أرواحهم قرابين حب ووفاء وولاء على مذبح الحرية ومسالك العودة إلى فلسطين أعراساً وشهداء في قافلة الأجيال.بينما "الأخضر" كمدلول رمزي للطبيعة والخير والعطاء وازدهار الحياة وتألقها واستمرار جذوة الكفاح.أما "الأزرق" بدلالاته متعدد الخصائص والسمات وإحالاته الإلهية والكونية، والمعبر عن الحرية ونبض الحياة والانعتاق وسمو النفس البشرية وحالات التصوف والهيام في مساحات الوطن وأماني أبنائه في تحقيق الأهداف النضالية الكبرى في مسيرة الآلام الفلسطينية عِبر قرن من الزمن،وغيرها من الملونات المجتمعة في حضرة الوطن وفضاء القضية الفلسطينية في سياق فنون تشكيلية أصيلة معبرة عن الذات والوجود وموقعنا في خارطة الصراع.أنهاراً جمالية متدفقة تصب في واحة الوطن العربي الفلسطيني وأماني العودة ودروب التحرير متعددة المسالك والأشكال.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 03:43 AM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

دلالات الرمز في الفنون التشكيلية الفلسطينية 2

في أزمنة الانهيارات الكبرى والهزائم تتعلق الشعوب بقشة محاولة واعتقادا منها بأنها بيت الخلاص،ودفعاً قسرياً انفعالياً في استمرارية نبض ووهج الحياة. وبالتالي التنكر لواقع مفضوح ورفض هذا الواقع المأزوم والمنكوب والمهزوم.والحال هذه عقب هزيمة الأنظمة العربية في حرب حزيران 1965 أمست حركة المقاومة الفلسطينية الناهضة، والفدائي الفلسطيني – الرمز دلالة نضالية وهويّة قومية عربية وجسد بحركته الدينامية والاستشهادية في لحظة يعربية تلك "القشة" الرمز والمُعطى والمرجعية الكفاحية في رفض الواقع الرسمي العربي المهزوم.
تنوعت المصادر الإبداعية باختلاف الوسائط التعبيرية. في السياسة والأدب والفنون الجميلة من مسرح



وموسيقى وسينما وأغاني ورقص وتشكيل. ممجدة ذلك الفدائي الفلسطيني "الرمز" في كل مفاصل الحياة العربية اليومية،ولعب الفن التشكيلي العربي الفلسطيني على قدم المساواة في التعبير عن هذه الحالة الكفاحية الاستثنائية في حركة النضال القومي العربي المعاصر. فكانت الأعمال الفنية التشكيلية تنطق في أسلوبيتها ومعالجتها التقنية لزخم الموضوعات والتجليات الابتكارية للفنانين والحدسية التفاعلية مع الرؤى والتوصيفات المشهدية البصرية المجازي والمعبرة عن هذه الطاقة الإنسانية الخلاقة "الفدائي" المندفعة نحو الأرض والوطن مؤمنة بالأهداف التي رسمتها قوافل الشهداء الأولى في رحلة التحرير والعودة ومعركة الوجود،ورصد للواقع ومجموع الأماني والأحلام المتفاعلة مع ذكريات "المخيم" وأماكن اللجوء متعددة الأسماء والأماكن، حيث ولد الفدائي"الرمز" في أحشاء البؤس والتشرد والقهر الإنساني والمعاناة.حاملاً معه أوجاعه وآمال شعبه وأمته وآلامه. عنواناً لقضية عادلة وتكريساً فاعلاً لهويّة نضالية تحتل فلسطين فيها موقع القلب المدمى للأمة العربية.وكانت مادة حية حافلة بالمواضيع الاستلهامية ودفق الحياة وصخب قنوات التعبير الفني التشكيلي الخطي واللوني المتفاعلة مع الأحاسيس الإنسانية الصادقة في توليفات ومفردات تشكيلية تحدد مقولة كل فنان تشكيلي فلسطيني ومدى تواصله مع دوره النضالي وقضيته شكلانياً وتعبيرياً وتقنياً وتوصيفاً مشهدياً وفاء لدماء الشهداء، وهم يعتمرون كوفياتهم المزركشة تُلثم تفاصيل الوجوه وعيون يقظة متفائلة بالعودة وغناء معزوفة التحرير منارات مضيئة على الطريق. يتمنطقون ثيابهم "الخاكية أو المرقطة الملونة"من كل الفئات العمرية. فتية ، شباباً، رجالاً، كهولاً ونساء. قوافل عابرة إلى فلسطين جسوراً أزلية لا تنتهي في حدود الجراح والاعتقال والداء والشهداء. هذا الفدائي سواء أكان ذكراً أم أنثى احتل مساحة من الوجدان العربي وأضاء الذاكرة الثقافية والنضالية والبصرية كأفراد وكشعوب، ولنا في كل المواقع النضالية مآثر جميلة وبيارق وتذكارات وشواهد، لا سيما بعد هزيمة حزيران 1967 حيث غدا الفدائي"الرمز" الأنموذج الأمثل للتضحية وتعبيراً عن نضال الأمة العربية مجتمعة،ومساراً واضحاً للصمود والتحدي وشرطاً موضوعياً ملازماً لمقولة"إزالة أثار العدوان". وحافزا مثيرا لدافعية الشبان للانخراط في صفوف الثورة الفلسطينية من كل الجنسيات العربية والعالمية. والتغني بأفعاله في مواقع البطولة والاستشهاد.
الفدائي"الرمز" الذي احتضنته اللوحة والمنحوتة والملصقة الفنية التشكيلية كدلالة معرفية ووجدانية معبرة عن هويّة وجودية وكفاحية،معتمدة على التكوين الشكلاني في صياغة واقعية للحالة المرصودة.أي المواءمة ما بين



الشكل والمضمون والمعالجة الأسلوبية والتقنية في تحميل اللحظة التوصيفية أشكالاً تعبيرية تحريضية تثويرية،وإدخال الفن التشكيلي في مجالاته الوظيفية في المجتمع وكل أنماط السلوك الاجتماعي والحياة.وتنوعت الموضوعات بتلون الحالة الرصدية وتفاعلات الفنان التشكيلي وصدقه التعبيري والفكري والجمالي وقدراته المهنية والتقنية والأكاديمية في توصيل الغاية المنشودة من منتجه الفني وتأثره بالثقافات الفنية التشكيلية السائدة من مدارس واتجاهات موزعة ما بين المدارس "الواقعية،التعبيرية، الرمزية،السوريالية،الروما نسية، والتجريدية". معتمدة في غالبية الأعمال الفنية في سياقها الإبداعي التأليفي على المعايشة اليومية للحالة الانفعالية المتفاعلة مع مجريات الحدث الكفاحي.قائمة على النمط البنائي التحفيزي للصورة البصرية المقصودة والتي يتموضع فيها مفردة وهيئة الفدائي "الرمز" كمكون أساسي في مساحات العمل الفني واندماجه الكامل مع بقية العناصر والمفردات التشكيلية الأخرى المتممة لجمالية التأليف البصري وأنساق التوصيف الدلالي والجمالي من "خط،لون، كتل بنائية، مساحات، ورموز متوازنة الصياغة ومتجانسة مع روحية الفكرة التعبيرية والمنفذة بأساليب وتقنيات عابقة بخصوصية كل فنان بذاته الإبداعية المستقلة عن الآخرين، والتي تشكل مع الأخر الإبداعي لوحة تكاملية لأهزوجة الفدائي"الرمز". تصوغها الأيدي الماهرة ما بين اللوحة التصويرية الزيتية والمائية والباستيلية. أو المنحوتة المنفذة بخامات متنوعة في أوضاع حركية ثلاثية الأبعاد بأعمال "نصبية أو بارليف جداري ملحمي". أو الملصقات الإعلانية التحريضية (الملصق السياسي) باعتبارها من أكثر الأدوات الإعلامية بروزاً في كافة فصائل حركة المقاومة الفلسطينية لأهمية دورها الوظيفي التحريضي كقيم بصرية مباشرة سواء أكانت هذه الغائية للذات التنظيمية أو الهويّة النضالية باعتبارها أكثر يسراً وتدولاً حيث يستحضر الفنان التشكيلي صورة الفدائي "الرمز" في تعبيرات خطية ولونية وجمالية تُفصح عن كينونتها الأيديولوجية وتجليات الحالة التواصلية مع هذا الرمز في ضمير وأدوات ومفردات الفنانين التشكيليين ومؤثراتها في الشارع العربي المقاوم.
لقد اتخذ الفنانون التشكيليون عموما من أوضاع الحركية للفدائي بواقعيته التشخيصية في مواقف قتالية متنوعة ومتوازية مع الخلفيات الشكلانية المناسبة وقصدية الفكرة التأليفية المعبرة، وهو يرتدي لباسه القتالي الميداني المدجج بالسلاح كأسلحة فردية معهودة ومدلولات استعداده التام والمعقلن لخوض معركة الفداء والاستشهاد ضد


لعدو الصهيوني. أو رافعاً يده بإشارة النصر الطقسية. أو إظهاراً للتعبيرات الحسية في ملامح الوجوه الملثمة والعيون المشعة والمشبعة بالتفاؤل والقدرة على التضحية بالنفس والاستشهاد. أو إظهار حالات الاشتباك مع قوات العدو الصهيوني في أشكال ملحمية حيث تغدو التكوينات الفنية التعبيرية والموضوعية تفسح عن المباشرة الشكلية والواقعية الوصفية لحقيقة المواقف البصرية والمشهدية. والتي تأخذ في بعض الأحوال قسوة الخطوط وصراحة الملونات التناقضية فوق سطوح الخامات محددة لماهية التكوينات ومقولاتها الدلالية وكينونة اللحظة الحدسية والتفاعلية لخيال الفنان، والتي تجد في حركيتها عنفوان اللحظة وجودة التوصيف والتقاط ومضات الاندهاش الأولى في عين المتلقي كامتداد طبيعي لجمالية الفكرة والتي تأخذ هيئة الفدائي"الرمز" بعض المبالغات الشكلية لدى بعض الفنانين لتشكل في مجموع الأعمال الفنية التشكيلية الفلسطينية معزوفة قومية عربية صادحة بكل ملونات الفداء والبقاء والصمود، وأهمية الفدائي المقاوم في مساحة الوجدان وتشكيل الذاكرة البصرية والكفاحية للشعب العربي الفلسطيني المناضل.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 03:46 AM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الحركة التشكيلية في المملكة العربية السعودية.


تعتبر الستينيات الميلادية بداية فعلية لحركة الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية, فمع بداياتها انطلقت البعثات لدراسة الفن والتربية الفنية خارج البلاد, ومع منتصفها بدأت حركة العروض الفردية في بعض مدن المملكة.


كان ابتعاث عبدالحليم رضوي وعبدالرشيد سلطان ومحمد عبدالحميد محبت وجميل مرزا واحمد عائش الدشاس, وآخرين منطلقا لبعثات اخرى خلال الستينيات او السبعينيات الى الولايات المتحدة الامريكية وايطاليا, مثل محمد الصقعي وبكر شيخون وعلي الرزيزاء ومحمد الشليم وضياء عزيز وخالد العبدان وكمال المعلم وجميعهم درسوا في ايطاليا كما درس فؤاد مغربل ومحمد الرصيص في مصر, وعبدالحميد البقشي وعبدالله المرزوق وحمزة باجودة ويوسف العمود وناصر الرفاعي في الولايات المتحدة الامريكية وابتعث فيصل السمرة الى فرنسا ودرست منيرة موصلي في مصر ونبيلة البسام في الولايات المتحدة الامريكية, وواصل عبدالستار الموسى دراسته الفنية خارج المملكة على حسابه الخاص, مثل نبيلة ومنيرة, كما تلقت صفية بن زقر دراسات حرة في مصر وبريطانيا.
يعتبر عبدالحليم رضوي 1939م صاحب اول معرض فردي يقيمه بعد عودته الى المملكة مباشرة في العام 1964م, في مدينة جدة, واقام عبدالرشيد سلطان معرضه الاول في جدة عام 1965م واقام عبدالعزيز الحماد معرضه الاول في نفس العام, واقام محمد السليم اول معارضه الفردية عام 1967 في الرياض, وبعد عام اقامت (صفية بن زقر ومنيرة موصلي) معرضا مشتركا في مدينة جدة كما اقيم في مدينة الرياض معرض جماعي كبير عام 1969 نظمته المديرية العامة لرعاية الشباب, وانطلقت خلال السبعينيات معارض عديدة في مختلف مدن المملكة العربية السعودية.
في العروض الأولى كانت الأعمال الفنية تلامس المظاهر البيئية والاجتماعية كان الفنان عبدالحليم رضوي قد عاد بعيدا, بعض الشيء, عن المحاكاة والتمثيل, الا ان ردة الفعل كانت قوية حيث العزوف عن حضور معرضه وهو ما وقع مع الفنان عبدالعزيز الحماد في معارضه الأولى في الدمام.
كانت اعمال رضوي, فيما بعد, بتعبيرية استفاد منها من معالجات (فان جوخ) وحرارة تلويناته, وقد وظف, رضوي, المنازل الشعبية والكتابات, والطيور, والشخوص, تحتشد للتعبير عما سمّاه بالتموجات الفكرية والشحنات الانفعالية, وقدّم مؤلفا في هذا الصدد ولعلها دلالة على حيوية هذا الفنان الذي اندفع الى الساحة بقوة نشاط الشباب, وقابل هذا النشاط المتقد لرضوي اسم مهم في حركة الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية, وهو محمد موسى السليم 1938 ــ 1997م الذي اصبح ورضوي خلال سنوات قطبي النشاط التشكيلي, باقامة العروض الفردية, ولقد عمل السليم لترسيخ بعض المفاهيم لتأكيد اهمية انتماء العمل الفني الى بيئة محلية كانت مصادره فيها المحيط البيئي والطبيعي في الصحراء, والارياف فرسم النباتات والمخططات الجديدة, والمتغيرات, كما رسم مواضيع الأمومة والفلاحة وغيرها, وميز اعماله صدقها الفني واصالتها. لقد كانت تبقيعاته المتأثرة بأعمال بعض الانطباعيين مستهلا لخوض غمار تجارب متصلة انتهت بما اسماه (الافاقية) في اشارة الى امتداد معالجاته, اللونية وتلخيصاته الشكلية وايحاءاته لمفردات وعناصر محلية بينها الخيمة,والجمل, والبيوت الطينية والاشجار والحروف, وغيرها.


يعتبر عبدالجبار اليحيا 1931م من الرعيل الاول وان بدا حضوره متأخرا, لقداسهم في اواخر الستينيات بالنشر في احدى الصحف المحلية عن الفن التشكيلي, واقام اول معارضه الفردية عام 1973م, وان رسم وعرض في اطار ضيق, محيط عمله الوظيفي, واعمال هذا الفنان بدأت بمحاكاة الطبيعة, والمظاهر الحياتية خاصة في الرياض, الا ان اهم المتغيرات في اعماله كانت تناوله لمواضيع تمس المرأة وتربطها ببعض العناصر كالنخلة, او المنازل الطينية او حتى الرجل حينما رسم احدى اروع لوحاته (البناء) التي تجسدت فيها البساطة والاختزال وكثافة الفكرة.
ومنذ اعمالها المبكرة انشغلت صفية بنت زقر 1940م بتسجيل المظاهر الحياتية في منطقة الحجاز عامة, ومكة المكرمة على وجه الخصوص. وثقت للعادات والتقاليد الاجتماعية, وغاصت في اعماقها, رسمت بعفوية وبساطة مظاهر الاعراس وحركة الاسواق وجلسات النساء, والرجال, وقد نشطت (صفية) في نقل اعمالها للعرض خارج المملكة مبكرا.
وسجّل سعد العبيد 1944م مظاهر اجتماعية منذ بداياته وحتى فترة قريبة, كما رسم الصحراء, والاطفال, وكبار السن, والمواضيع الانسانية, المستوحاة من المحيط في دلالات رمزية احيانا, ومباشرة غالبا مستفيدا الى حد ما من معالجات الانطباعيين التنقيطية, ويلتقى مع اهتماماته محمد الصندل 1944م الذي رسم المظاهر الاجتماعية في مدينته الاحساء.
رسم مظاهرها الريفية (الفلاحون والبائعات, والمزارع) كما رسم بعض المظاهر الاجتماعية, ويلفت في اعماله انحيازه الى مواضيع معينة مثل (البناء, الخباز, الحناء, المرفاعة), وغيرها, والتقى معه في هذا الاتجاه نحو المحيط وعلى تنوع المواضيع, واختلاف المعالجة عبدالرحمن الحافظ 1953 واحمد المغلوت 1950م وعلي الصفّار 1953 الذي استفاد من بعض معالجات الانطباعيين في ضربة لونية تعبيرية, وكذلك منير الحجي الذي لون بانطباعية غنائية, المزارع, واهتم برسم المراكب والمنازل القديمة.
مظاهر اجتماعية
وظهر الاهتمام بالمظاهر الاجتماعية في اعمال العديد من الفنانين التشكيليين السعوديين مثل ابراهيم الزيكان الذي رسم المزارع والمنازل الشعبية, وفوزية عبداللطيف التي نقلت باحساسها الفطري حيوية الحارة الشعبية وجلسات وعادات النساء, وعبدالرحمن الحواس الذي زخرف ولوّن بمبالغة, وبحرفية منازله الطينية النجدية بتأثير اعمال الفنان علي الرزيزاء 1944م ويعتبر الفنان عبدالله الشلتي واحدا من ابرز الانطباعيين السعوديين ذلك ان للبيئة التي عاش فيها الفنان تأثيرا في حلوله الفنية التي منحت لوحته تأثيرها. رسم الشلتي الطبيعة العسيرية, بمزارعها وجبالها المخضرة, ومنازلها التي يميزها نمطها المعماري, ولقد ترك هذا اثره في عدد من الفنانين مثل عبدالله شاهر وحسن عسيري وسعود القحطاني وفايع الالمعي خلال فترة من حياتهم الفنية وآخرين, وجميعهم من ابناء منطقة هذا الفنان.
ونوّع محمد المنيف 1953 على مواضيع استلهمها من بيئته وبدرجة من الرهافة وهو يوظف الالوان المائية.
وجاءت اعمال الامير خالد الفيصل دافئة وشاعرية في تناوله للطبيعة البرية بكل ما تحمله من جمال ربيعي, موحيا بعلاقة شعرية, وصفية, في لوحته, وباشر ضياء عزيز في تناول مواضيع اجتماعية شعبية يستوحيها من الحارة او من العادات اليومية للنساء في منازلهن, كما رسم مواضيع نسائية اخرى ابرزها كان عن القضية الفلسطينية.
وتطرح اعمال بعض الفنانين التشكيليين السعوديين, على تأثرها بتيار فني حديث ـ اهتماما بالبيئة وبالمحيط الاجتماعي.
فنجد حلولا تستفيد من اعمال التكعيبيين, واخرى من السيرياليين او التجريديين ففؤاد مغربل رسم بداية محاكيا للمظاهر المعمارية في المدينة المنورة الا ان هذه المحاكاة اتصلت فيما بعد بتقطيعات جزئية في لوحته وكأنه يسعى لتحليل مساحات,



وإحالتها الى منشور تنعكس فيه درجات عديدة للون واحد, الا ان محمد عبدالرحمن سيام, تناول مواضيع اخرى اقرب الى اعمال التكعيبيين المركبة التي تتألف فيها المساحات وتنبسط العناصر للتعبير عن فكرة عامة, اهتم فيها بمجموعات لونية يحاول من خلالها ايصال افكاره, اما على حسن هويدي فقد كانت منطلقاته محاكية ومباشرة برسم مواضيع قريبة للنساء والاطفال, والاسواق, وغيرها وقد تراوحت اهتماماته بين المباشرة احيانا, وبين اضفاء غلالة من المساحات الهندسية التي تشف الشكل وتتلون معه المساحات قريبا من الاختيار العام, بحيث ان رهافة الفنان وحساسيته تجعله يبقى على حال اللون, دونما اشغاله او الاضافة اليه من مجموعة اخرى. وقد عبرت بعض اعمال هويدي المبكرة عن قدرة تركيبية تمثلت في مجموعة من الاعمال حملت عناصر ومفردات مستوحاة من الابنية, والشواهد او الرموز المعمارية الاسلامية حققت للفنان مكانة وتأثيرا مبكرين.
ويستفيد محمد الرصيعي من اعمال وحلول التكعيبيين في احالتهم عناصرهم الى حدودها الهندسية, محافظا على الهيئة العامة للموضوع وموظفا ألوانه بحيوية, وطرح سعدون السعدون اعمالا بتأثير التكعيبية تناول فيها مواضيع محددّة واخرى جمالية كانت اكثر تعبيرية بمعالجاته اللونية.
وتبرز في تجارب الفنانين التشكيليين السعوديين اعمال عبدالحميد البقشي الذي اطلق منتصف السبعينيات اعماله التي تأثرت بصياغات وافكار السيرياليين, الا ان الفنان البقشي كان يوظف عناصر محلية منحت عمله بعدها الاجتماعي, وقد تركت هذه الاعمال بمهارات الفنان وقدراته الفنية, وبتلويناته وغرائبية عناصره تأثيرها في اعمال بعض الفنانين, وسواء كان هذا بالالتقاء به او الابتعاد عن حلوله, الا ان هذا التأثير بدا وضحا في اعمال عبدالعظيم شلي وسامي الحسين, وفنانين آخرين من الناشئين وكانت اعمال خالد الامير على علاقة بتأثيرات سيريالية وهو يتناول مواضيع مختلفة بينها ما يعبر عن قدرات ومهارات هذا الفنان وصدقه, كما كانت اعمال خليل حسن خليل بكل ما تحمله من محاولة للتعبير عما هو اجتماعي او تاريخي يسقطه على حاضره, وحملت اعمال صالح خطاب حلولها الخاصة, ورموزها ودلالاتها في تعبير عن الانسان والحياة والموت, كما كانت اعمال حميدة السنان التي تأثرت بالاجتماعي او التاريخي.
التوجه نحو الموروث
يعتبر التراث منهلا ومرجعا مهما في تجربة العديد من الفنانين التشكيليين السعوديين, وعلى ان عددا منهم قد حاكاه في مظاهره المعمارية او الحياتية والاجتماعية موثقا ما اصبح في حال من المتغيرات او لم يبق من اثره الا القليل, فان صوتا اخر ظهر مبكرا في استلهام هذا التراث, وبعثه في صورة تأليفية تباشر احيانا, وتوفق احيانا وتسعى ان تجدد وتغاير في حالات اخرى.
فقد شكّل التوجه نحو الموروث المحلي خاصة والعربي والاسلامي عامة تيارا قويا وبارزا منذ وقت مبكر, وقد شهد ذلك



العروض التي حاول بعض الفنانين بعث هذا الأثر في صور متعددة, وهي عروض مبكرة اختلطت فيها المحاولات, واتيحت للمشاركة فيها الفرصة للفنانين والهواة فمثلت لوحة عبدالحليم رضوى وفي صيغ تأليفية, تركيبية وحداتها وعناصرها في بعث لعناصر محلبة اراد لها (عصرنة) واحالة جديدة على خلاف المشاهد المباشرة وهي الصيغة التي دافع عنها ايضا, وباختلاف بيّن, الفنان محمد السليم الذي استوحى من الخيمة, والصحراء ليصيغ موضوعا مختلفا من منطلقات تراثية شعبية كان يتعامل معها بحميمية, ولقد توجه ذات المنحى سمير الدهام 1954 الذي لخص عناصره ومنحها بعدها او دلالاتها الرمزية, وتعامل مع تلوينات دافئة خاصة من البني والاصفر, فرسم الاسواق الشعبية والرقصات, والتقط مواضيع شعبية ميّزت تجربته الفنية مبكرا, كما كانت اعمال علي الرزيزاء الذي عاد الى المعمار الشعبي في نجد, عاد الى الرسوم الجدرانية والنقوش ليستوحي منها متعاملا مع المعاجين والالوان النحاسية والذهبية لعمل فني يحمل نفسا متميزا ومختلفا ترك اثره في بعض تلامذته الفنانين الشباب.
واستوحى عبدالله الشيخ 1936 من المعمار التقليدي العراقي وموظفا عناصر لوحته لتقديم موضوع ذي ابعاد شعبية بتوظيفاته اللونية الحميمة واشكاله لواجهات المنازل والنوافذ والابواب. وهو ما وظفه عبدالله المرزوق في صياغات تجريدية هندسية لخص معها الشكل, واختار ألوانا محدودة قرّبت فكرته الفنية, ومنحت لوحته عمقها ودلالتها, وجاءت لوحة طه صبان لتبعث فيها الرموز والعناصر المحلية, والمواضيع العامة للحارة وللبحر ولحركة يومية جرّد معها الاشكال في اثر تجريدي مميز, وكانت اعمال ابراهيم بوقس تستوحي من الشعبي, المحلي, في تلوينات زاهية وعناصر بينها الهندسي والعضوي, والكتابي, وكانت اعمال سليمان باجبع تكرس لصيغة شعبية لها رموزها وعناصرها بينها الوجوه الأدمية والطيور والخيول والكتابات وعلى نحو تبسيطي يستفيد من تسطيح الفنون الاسلامية والشعبية, ويلتقى معه احمد السبت على اختلاف تلوينات (السبت) الشفافة التي عبّرت عن شخصيته الفنية وعلى ان فنانا نحاتا مثل علي الطمسي قد تعامل مع خامة صعبة هي الرخام الا ان مواضيع هذا الفنان انحازت الى ما هو تراثي في تبسيط لبعض العناصر المحلية, والكتابات, وانحازت الى ما هو تراثي في تبسيط لبعض العناصر المحلية, والكتابات, وقد تجاوز الفنان هذه العناصر ـ المواضيع الى تشكيلات جمالية عبّرت او اوحت بالأمومة في معظم الاحيان.
الحرف العربي
منذ السبعينيات كان الحرف العربي يحضر في اعمال بعض الفنانين التشكيليين السعوديين, الا ان هذا الحضور كان ثانويا وكان ـ كما يبدو ــ بتأثير التيار القوي الذي ظهر عند بعض الفنانين العرب, واستقبلته الساحة العربية بمعرض (البعد الواحد).
من بين من تأثر بالتيار الحروفي محمد الصقجي الذي تناوله مباشراً ومكتوباً على شكل آية قرآنية كريمة او قول مأثور او غيره الا ان هذا الحرف اتخذ منحى مغايرا فيما بعد في محاولة للاستفادة من طواعيته, ومعطياته الجمالية, الا ان فنانا اخر هو محمد السليم كان الحرف لديه صيغة مجرّدة تتجرد وسط الارتدادات المسطحة التي تنبعث في لوحته الفنية, ومعها يوجد الحرف وسط امتداداته اللونية الطاغية في اللوحة.
محالا من حالته المباشرة الى تشكيلات تتآلف وعناصر او موحيات اخرى. الا ان الفنان سعى فيما بعد الى تناول مباشر للحروف فكتب بخطوط حرّة آيات وادعية واقوال مأثورة وقدّم بكرشيخون الحرف كاضافة او اشغال لمساحاته وتكويناته الفنية مستوحيا ـ كما يبدو ـ هذه الكتابات من الحشوات والزخارف الاسلامية, وجاورت الكتابات في بعض اعمال علي الرزيزاء, الاشكال الزخرفية وكتبها عبدالحليم رضوي لايصال وتكثيف فكرته عندما كتب القدس تناديكم او اين الضمير, او الشهادتين, وغيرها, وحملت لوحات ناصر الموسى شخصيتها الحروفية منذ 1983 عندما تناول الحرف بكثافة ظهر معها معرضه الشخصي الذي يعتبر اول معرض فردي اختص بالحرف العربي, وفيه كانت المعالجات دافئة وعفوية منحت التجربة ـ في بداياتها ـ دفئها واهميتها, ويواصل الفنان تناول الحرف العربي في معظم اعماله الفنية حتى التي تنشر هالة باستمرار (مجلة التوباد) الدورية, كمخرج فني لها.
حضر الحرف في تجربة عبدالعزيز عاشور في مباشرة اهتم معها باللون والتصميم الذي تنبثق معه الحروف من مركز واحد, وتعود اليه, خلاف يوسف احمد جاها الذي توازعت حروفه مساحات اللوحة, كما ظهرت بتقطيعاتها وتجزيئاتها كمن يبحث في علاقات ما بينها, وحضرت الحروف ايضا في اعمال لحمزة باجودة يباشر بوجودها بينما جاءت عند فهد الربيق لتقدم رؤيته الفنية المتأثرة بالتونسي نجا المهداوي, وهي تجربة استمرت اعواما قليلة عاد بعدها الفنان الى صياغاته الحلمية الخاصة والتي ظهر منها على حروفه شفافية التلوين ورهافة المعالجة, بينما كان الحرف العربي عند سليمان الحلوة شاعريا والصياغة على درجة من الرهافة والرومانسية, وقد تناول الحرف العربي عدد من الفنانين التشكيليين السعوديين تباينت حلولهم واختلفت نتائجهم وسنجد أهمها عند تركي الدوسري ويحيى شريفي وعلي عيسى الدوسري ورضا وارس واحمد منشي واحمد السبت واحمد الاعرج, وآخرين, وقد يكون لبعض الفنانين العرب الاثر الواضح في تجارب بعض التشكيليين السعوديين الحروفية, كما كان الاثر ايضا للمشاريع الخاصة بالمطارات الكبرى الثلاثة والتي استهلت في بداية الثمانينيات في مطار الملك عبدالعزيز بجدة وشارك فيه العديد من الفنانين العرب مثل ضياء العزاوي ووجيه نحله واحمد شبرين ومزيد بلكاهية ومحمد المليجي ونجا مهداوي, والقائمة طويلة.
جاءت اعمال فيصل السمرة 1954 لتعبر عن حداثة جديدة للوحة التشكيلية السعودية, فالفنان منذ عودته من فرنسا ــ بعد اكمال دراسته الفنية ـ خاض تجارب تنوعت معها الصيغ والخدمات وانتهت باستخدامه في اخر معارضه بجدة الاسلاك والصفائح المعدنية او الحديد, ورابطا بين علاقة انسانية, وحالة من العودة الى ما يحقق معادلة جماليات, وحداثة اللوحة ـ العمل الفني, بينما وظفت منيرة موصلي الخامات والاصباع والتلوينات الشعبية لتلعبير عن هوية محلية لعملها الفني الذي تناولت عناصره بشكل فطري وفق استخدام الخامات كانت اعمال تحديثية لسعر الخليوي وصديق واصل ومهدي الجريبي ومحمد الفاوري وحمدان محارب وهاشم سلطان, وآخرين.
لقد عبّرت العديد من الاسماء التشكيلية في الساحة السعودية عن توجهات سعت مبكرا من عمر تجاربها الى بحث, وسعي عن





صيغة مميزة, وسنجد مثل ذلك في اعمال عثمان الخزيم وزمان محمد جاسم ومحمد المصلي ومحمد الحمد وعبدالعزيز الماجد وعبدالله ادريس ونايل ملا وعبدالله حماس وعبدالله نواوي وسعد المسعري وابراهيم النغيثر وعبدالوهاب عطيف وخالد العويس ورائدة عاشور وشادية عالم وبدرية الناصر واضواء بنت يزيد وشريفة السريري وصالح النقيدان ومفرح عسيري وعبدالعظيم الضامن ونوال مصلي وكمال المعلم واحمد فلمبان.. واخرين.
لقد بدأت عدة قنوات حكومية وخاصة في رفد الساحة التشكيلية بالمملكة بالمعارض التي شجعت الفنانين والفنانات منذ قيام الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون 1973 ثم افتتاحها لعدة فروع تزيد حتى الان على العشرة, والرئاسة العامة لرعاية الشباب التي تكثف بقيامها وانشاء ادارة الشئون الثقافية, قسم الفنون التشكيلية المعارض الجماعية التي خصصت لها الجوائز المادية واتسمت هذه المعارض (المعرض العام للمقتنيات, والمعرض العام لمناطق المملكة, ومعرض الفن السعودي المعاصر, والمعرض العام للمراسم) بجانب معارض اخرى واقامة معارض سعودية في الخارج واستضافت معارض عربية او دولية لفنانين عرب واجانب, ونظم الحرس الوطني السعودي معرضا جماعيا للفنانين السعوديين بشكل سنوي منذ 1985م من خلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة, وتنظم الخطوط الجوية العربية السعودية مسابقة منذ 1993م تحت مسمى مسابقة (ملون السعودية) تمنح جوائز مادية للفائزين فيها, وتقوم عدة صالات عرض خاصة بتنظيم معارض شخصية ومشتركة وجماعية للفنانين من داخل السعودية, ومن خارجها, وبرزت بين المؤسسات الفنية (المنصورية للثقافة والابداع) التي اخذت على عاتقها شكلا رياديا تنظيميا اهتمت منه بالفنانين.
وتبنت عروضهم داخل المملكة العربية السعودية وخارجها, وقد قامت في السعودية بعض الجماعات التشكيلية من ابرزها كجماعة فناني المدينة المنورة, وجماعة درب النجا, وجماعة الفنون التشكيلية بمركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف في المنطقة الشرقية, وجماعة الاصدقاء الخمسة, وغيرها.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 03:48 AM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الشخصية في الفن المصري بين الحرفة والهواية1


كانت الحركة الفنية رغم حداثتها – حين ظهرت بصورة رسمية في عام 1908- تاريخ إنشاء مدرسة الفنون


الجميلة، كانت قد بدأت قوية، ومتسقة إلى حد بعيد مع التيار القومي العارم الذى كان معنياً بطرح قضية الاستقلال الوطني على الساحة عن طريق النضال.
كان طبيعياً أن يخرج من بين ثنايا هذا المعطف القومي فنانون أفذاذ يتبنون نفس التوجهات والآمال ، ويسـاعدون علــى خـلق تيــار وطني فــي ســـياقه وأوصـافه، مثــل محمود مـخـتار (1891-1934)، ومحمد ناجي (1988-1956)، ومحمود سعيد (1897-1964)، وراغب عياد (1892-1982)، ويوسف كامل (1891-1972)، وحبيب جورجي (1892-1965).
ترجم محمود مختار في تماثيله النبض القوي الواضح للنضال المصري، وللكبرياء الوطني، وعبر عن فحوى الضمير الشعبي في إزدرائه الكلى للمحل الأجنبي، وفي تمجيد الأبطال القوميين. كانت قضية البحث عن الشخصية هي البديل الغائي في مواجهة المسخ القائم.
وبينما كان راغب عياد منشغلا في تصاويره بتجسيد الوجدان الشعبي محملاً بتلك المواريث العميقة لقيم المصريين الروحية، كان محمود سعيد ومحمد ناجي قد انسلخا – طواعية واختيارا – عن مهمة التعبير لصالح الطبقة العالية التى كانا ينتميان اليها. لقد تسببت تصاويرهم المشبعة بآفاق الضمير الوطني صدمة فجائية في مواجهة القيم الرجعية المعادية التى كانت تتبناها المفاهيم الملكية.
فعلى حين رسم محمود سعيد حياة الصيادين على الشواطىء، وحشد في أعماله الجمال اليومي لتلك الفتنة الخافية في وجوه بنات الحضر، والريف ، وكرس جانياً كبيرا من أعماله للتعبير عن حياة أولئك البسطاء، والفقراء والباعة المتجولين، وحاملي البيارق، 00 كان محمد ناجي يرسم – في الجانب الآخر – الفلاحين، والعمال، وزمن الحصاد. وفي إحدى صوره الشهيرة العملاقة رسم الشعب المصري بجميع طوائفه وفي وسطهم الشيخ المسلم، والقس المسيحي يتبادلان معاً حمل الصليب والهلال، تجسيداً للوحدة الدينية واتلروحية والعرقية، وعوامل النبل الفياض التى تغطى وجوه أولئك المتعبين، وغير المتعبين على السواء.
لم يكن الفن إذن يبحث في الأسواق عمن يشتريه. بل إن شراء الفن كان من بين تلك المعصيات التى تخدش كبرياء صانعه.
كانت المهمة هى كذلك عطاء غارق في النبل الوطني من دون بديل يوازيه، سوى الوطن.
كانت ثورة 1919 الشعبية نتاجاً منطقياً للمعتقد، وللوجدان المصري الذي مهد لها. كانت تمثل مصداقية كاملة للأفكار، وللثقافات، وللفن، وللآمال الشعبية التى أخذت تميز هذه الفترة على وجه من الصعب أن يتكرر.
وفي النصف الثاني من العشرينات وحتى النصف الأول من الأربعينيات ، كانت حركة الفكر الاجتماعي النشيط ، والملتزم بالنطاق العارم للنموذج الشعبي، والوطني، قد تم حصارها عن طريق تلك المحاولات المتواترة، التى أخذت على عاتقها إحلال المعتقد "الغيبى" بديلا عن عملية الإدراك المستنير لفكرة الوطن. وانتشرت آنذاك صورة للأهداف الرامية إلى تغذية الوجدان الفردي الأحادى، وتحييد "النموذج" الوطني عن طريق التمجيد الملح للذات المفردة، وإغراقها في حالة من التعقيدات الرومانسية العليلة. وظهر – آنذاك – أولئك المغنون، والملحنون، الذين يبثون للناس حالة العليل وهو انه بدلاً عن الوطن، ويحشدون قواهم الفنية للحب المريض بدلاً عن القومية، ويتغنون بالوحدة، وسهر الليالي، والحزن المتدني، 00 بدلاً عن الالتحام مع المشاكل الحياتية للأمة.
ومن الزاوية الأخرى، كان الفنانون الأجانب قد أخذوا يحتلون الساحة الممهدة كتلبية – شبه طبيعية في جانب، ومتعمدة في جانب آخر – بغية إشباع الاهتمامات المصطنعة للطبقة الحاكمة، أيا كان انتماءها القومي.
كان هنالك تياراً تحتياً قوياً يجرى لحقن الدماغ المصرية بهدف النحر في كيان النموذج الشعبي، وإحلال بدائل معاكسة، وطيعة. ولم يكن غريبا – لآنئذ – أن يقتحم ضمير الحركة الفنية الوليدة عشرات من الفنانين الأجانب، وأنصاف الأجانب من كافة الأجناس ، وهم مدعومين – لسوء الحظ على كل صعيد – بالكثير من التوفير والاحترام وربما المهابة، من قبل الطبقة العالية الغنية.
كان من بين هؤلاء بيبي مارتان، وأنجيليو دو رويز، وتشارلز بيوجلان الفرنسيون ، وكارولين رينر النمساوية، وأزيكو بارانداني، وجوزيبي سباستي الايطاليان، وآرتي توباليان البريطاني، ومارجوت فيولون، وميخائيلا بورشار السويسريتان، وأشود زوريان الخراساني، وارستومنتس أنحييلولوبولو اليوماني، وسيمون سامسونيان، وفاهان هوفيفيان التركيان، وسالم موجلى الأندونيسى. فضلا على عشران آخرين ولدوا في مصر، من بينهم :أندريه ساسون، وباروخ، وكليا بدارو، وجوزيف بونيللو، ولويس جوليان، وأرماندو ماريدل، وروز بابازيان، وارستيد باباجورج.
ولقد حاز عدد من هؤلاء الفنانين على الجوائز الأولى لصالون القاهرة، وأرسل بعضهم لتمثيل مصر في بينالي فينسيا، وساوباولو الدوليين عدة مرات.


كان التوغل قد وصل إلى النخاع، وأحكم الحصار. وكان طبيعيا – ربما – أن يخرج من جعبة هؤلاء الأجانب فنانون مصريون واقعون تحت تأثير التيارات العاتية، فإن الأغراء كان قويا، والتوفير كان مضمونا ،وتحقيق الذات المفردة – أيا كان ذلك التحقيق – رهين بمدى التجديف في عمق التيار، 000، ومنذ العام 1938، كان قد تم انسلاخ ملحوظ بعيدا عن تلك القيم الوفية للذكريات الشعبية التى سادت أعمال الفنانين المصريين في السابق.
وفي أول بيان صدر بتوقيع الفنان المصرى كامل التلمساني في يناير 1937، قال فيه : " إن الحساسية الشرقية هي غطاؤنا" ولكنه تحت توقيعه ايضا كتب مايلي : " بيان جماعة مابعد المستشرقين"، وهو وإن كان لجماعة "مابعد المستشرقين" حقا، إلا أنه يحمل في طياته ذلك الاعتراف الواضح المهذب بأحقية خروجه مع جماعته من ثنايا جعبة الفنانين الأجانب. تلك الجعبة التي نتحفظ على مراميها، وإن كنا لا نتجاهل – بالحق والانصاف – وجهها الآخر الجواني في حركة التعبير الفني بصورة مستقلة للغاية.
وفي الفترة من عام 1938- 1946، كان رمسيس يونان والتلمساني، وفؤاد كامل، قد اعتبروا في مصاف الفنانين"اسورياليين" بشكل قاطع، وإن كانوا بعد ذلك قد ذهبوا في الفن إلى شوط آخر بعد عام 1955.

بداية النهوض


وبالمقابل ظهر حسين يوسف أمين (1904) في منتصف الأربعينيات، حين نادى بضورة تكوين "جماعة الفن المعاصر" على أنها رسالة وهدف، مقابل حالات التردي التى بدأت تشكل الواقع المصرى.
كان نداء حسين يوسف أمين هو البداية من جديد. فالمعاصرة عنده كانت هي الغوص حتى القاع في متن المأثورات الشعبية، وإحلال التقاليد والقيم المصرية الأصلية، على أساس أنها عناصراً لبطولات الوطنية، واستخدام الرموز المتخمة بمكنونات الضمير الشعبي في رسوم الفنانين باعتبارها موجودات قدسية الطابع في حد ذاتها.
إن "الشخصية المصرية" في مواجهة المحتلين كانت بحاجة إلى رحيقها الغائب، كانت بحاجة إلى إعادة تصنيف وتصحيف الصيغ المختلة السياق والأوصاف.
كانت بحاجة الى أن تغتسل ، وتنهض. وبعد عام واحد فقط كان قد انضم الى هذه الدعوة فنانون ملتزمون – بحكم انتماءاتهم – الى تمحيد المضامين السلفية، وعوامل اتلداعي "الميتافيزيقي" للخيال الشعبي، برغم انحيازهم – في نفس الوقت – لتحديث الأساليب والصياغات وتجديد التراث. كانوا يريدون "فنا مصريا"، وليس فنا يعد من قبيل "ماابعد المستشرقين".
أخذ أولئك الفنانون ينجزون تصاويرهم التى كانت تعالج موضوعات خشنة وقاسية بأساليب حوشية الطابع، وميتافيزيقية القالب، غير أنها ملتزمة على نحو قويم بذكريات المصريين لنموذج البطل القومي. كانت هذه التصاوير تعبر بالضرورية عن رفض ماهو قائم على اعتبار أنه واقع مزيف جدير بالسخرية، والمهانة. بل إن بعض رسومهم التى كانت تعبر بشكل فج عن القبح الفاضح بالمقارنة للجماليات الرومانسية المصطنعة التى أخذت تفرزها طبقات مابعد الحرب الفنية، كانت بمثابة تعبير عن قدر الصدام المرتقب في مواجهة النموذج الصنمي المنتشر في اسواق "الإيليت".
كان حامد ندا، وسمير رافع، وعبدالهادي الجزار،وماهر رائف، يمثلون "جبهة فن" وطنية على نحو مختلف، وحين كان غيقاع هذا الطنين يجري سريعاً، فقد كان من الطبيعي أن يتقابل ويتحد بصورة مباشرة بالتعبير عن نقل صور النضال المصري عند البعض، وتمجيد الجماليات الشعبية عند البعض الآخر. كان هناك آنذاك سيد عبدالرسول، وتحية حليم، وانجي أفلاطون، وعبدالقادر رزق، وصلاح طاهر، وحسين بيكار.
لقد كان الحال إذن على هذا النحو المثير المتوتر. فإن "رفض تحييد الجماهير" أمام صور التعبير الفني – آنذاك – كانت مسألة لازمة.ورفض تحييد المثقفين المصريين أمام الأماني الشعبية، كانت إحدى ضرورات التوجه والقالب.


كان الرواية كلها في حقيقتها دعوة لممارسة النضال من جديد. كان الفن "هواية" ، ولم يكن "حرفة" فإن عوامل النبل المكين من الصعب هنا أن يتم تدحيضها، أو تهوينها بالاحتراف، فلم يكن قد استقر في اعتبار أحد أن الفن هو "بورصة التجار" إيا كان سبيلهم، وإن الأهداف الرفيعة ما كان يجسر أحد على خدشها بأخذ الفن في مواضع الأسواق، وبالنظر الى محتل أجنبي لم يصل فقط الى الأرض، والرزق، والكبرياء الوطني، وإنما أيضا أخذ يزحف في صميم رقعة الدماغ ذاتها. وكانت ثورة 1952 هي النموذج المقابل لثورة 1919 الشعبية.كانت نتاجا للسنوات العشر السابقة عليها، مثلما كانت ثورة 1919 نتاجا هي أيضا، للسنوات العشر السابقة عليها. كان التمهيد يكاد يكون هو ذاته، وكذلك الفرز يكاد يكون هو ذاته.
اتجاهات رئيسية ثلاثة
كانت الثورة منحازة للفقراء، ولأصحاب الأحلام الوطنية، للفلاحين والعمال، وأولئك المعدمين الذين يمثلون غالبية الشعب المصري. ومن هنا بدأ صراع "الأسلوب" الفني. كان الفنانون مدعوون بصورة مباشرة لتجاوز مخاوفهم وشكوكهم حيال قضية التعبير الفني. إن الحلم الوطني الذي طال أمده قد بات من الممكن لمسه على نحو فعال وحقيقي، بحيث كان متعيناً على بعض الفنانين الخلافين أن يتجاوزا فكرة الثورة ذاتها بحثاً عما وراءها، بحثاً عن المستقبل. كانوا يستطيعون حينذاك أن يمنحنوا طموحاتهم الذاتية في نطاق التقنيات الفنية السائدة في العالم، واستقراء صيغ التعبير الفني دون خشية أو حساسية.
ثمة في هذه اللحظة ما دعي الاتجاهات المتداخلة، والروافد الهائمة الى أن تختط لنفسها الطريقة، والوسيلة، بحيث تعبر عن مكنوناتها، وعناصر بنائها، وسياقها، حتى تلوذ "بالفكرة المصرية"، وتضمن التكريس المارد لاعتماد الطابع.
حينذاك ظهرت ثلاثة اتجاهات رئيسية افرزت نتاجها في قنوات الفن المصري.
وتقول "اتجاهات" لأنها لم تكن "مدارس" فن . فالمدرسة الفنية تبدأ بذوق عام ضاغط بغية اشباع حاجات جمالية، ولزومية. ويكون الاحتياج طبيعياً، في حين أن الضرورات إليه يحكمها المجتمع، واتلاريخ ،والاقتصاد، والنظام السياسي. ثمة في المدرسة الفنية مايلزم من "الزمن" بحيث يبدو لنا الأمر "تلقائيا" ولكنه في الحقيقة "مراداً" على صورته ومذهبه. ثم يأخذ الشوط مسافته البعيدة حين تتكون الملامح، وتكتمل، وتستقر الأشباه، ثم يأتي وقت يكون الحقن فيه ضرورياً للتغلب على فكرة النمط والقالب الجاهز، وحينئذ يبدأ التطوير – من حيث يجب أن يبدأ التطوير – طوعاً للمجمع والتاريخ، وكذلك طوعاً لقوة التأثير الفعلية الخلافة لفكرة الجمال، ولفكرة الضرورة، ولفكرة الخيال.
فالمدرسة الفنية إذن هي معيار للنطاق الصحي الصرف في مجتمع هو سليم البنية والخلايا. ونحن من هنا لايمكننا الزعم بأن الحركة الفنية المصرية كانت قد تشكلت أبعادها على مدارك المدرسة الفنية، بقدر ماكانت نوعاً شائكا من ردود الأفعال، وانعكاساً قوياً للدواعي التى استلزمتها، وأفرزتها، على صورة تكاد تكون محتومة. ومع أن ذلك ذلك لا ينقص من قدر شأنها، إلا أننا هنا نتحدث عن المعيار والصورة، حتى نتجنب قدر المستطاع تلك التعبيرات الرائجة في أسواق النقد المشاع على كل منهج وسبيل.
الصراع بين الحرفة والهواية :
إن الاشكال الصنمية كانت قد تهاوت أمام الشعارات الواضحة التى طرحتها ثورة 1952 على الساحة، وبات على كثير من الفنانين أن يحددوا مواقفهم الابدعية، والثقافية من وحى ضميرهم الصافي. وأياً ما كان تقييمنا لطبيعة المرحلة، فقد وجد الفنانون أنفسهم أمام حالة من الحرية جعلتهم مسئولون إلى حد بعيد عن التعبير عن شعارات الثورة التى كانت هى نفسها شهاراتهم هم.
ظهرت إذن ثلاثة اتجاهات رئيسية :
الاتجاه الأول (1945-1958)
مجموعة كانت بمثابة جزء من نبص حركة التحول الاجتماعي ذاته، يقف فى وسطها حامد ندا وعبدالهادي الجزار، وسمير رافع، وماهر رائف، وسيد عبدالرسول، وانحي افلاطون، وتحية حليم، وحامد عبدالله، وأبوخليل لطفي، وعبدالقادر رزق، وحامد عويس ومحمود مرسي. كان هؤلاء معنيون إلى حد بعيد بمسألة التعبير عن بنية "الشخصية المصرية" الجديدة من خلال الرمز من ناحية، ومن خلال التأكيد على فكرة الكبرياء والانتصار لجماليات الواقع المصري الذي ظل مهانا لزمن طويل، من ناحية أخرى.
إن تعبير الشخصية المصرية كان واردا "كاحتمال" فني، ورد فعل جوابي على الترقبات الظنية هذه الشخصية التى تخرج هذه المرة متحررة من ربقة الاحتلال، ومن طغيان الطبقة البرجوازية المصطنعة، وهي متحلية بشعارات الثورة التى تفجرت وهي تطالب بالعدل الاجتماعي، وبالتطهير، وبتصفية الاقطاع، وبإعادة الأرض إلى الفلاحين، وبحق المصريين في العمل ضد امتيازات الأجانب القسرية.
لقد كانت أعمال أولئك الفنانين تمثل نوعاً من الطموح الفني، والسياسي الذي كان مدعاة للفخر والتأييد في ذلك الوقت، وانتشرت حينئذ وسائل تعبير تطرح مجموعة موضوعات تمثل واقع اللافح المصري، وتمجد العمل، وتسجل الانجاز. وبوجه عام فقد كانت لوحاتهم تمثل حالة من حالات الانتصار الذاتي، والكبرياء الوطني، كما كانت أيضا تتميز بقدر معقول من الصدق ضمن لها – من بين ماضمن – الاستقبال الجماهيري الطيب، والتفهم اللازم.
لقد أخذ الناس يتحركون من قبورهم المظلمة عند عبدالهادي الجزار، بينما ظلت القطة على ذلك النحو المتواتر التي رسمها بها "الجزار" تمثل معادلا يكاد يكون غائباً للضمير الحي. وفي لوحات أخرى كان الجزار قد خصص للرجال الموتى في مقابرهم رصيداً هائلا من السخرية المريرة، وفيما قبل ذلك – أي في العام 1949 – فإنه كان قد جعل "الفأر" يزحف في البيوت، ويأكل النسوة، ورسم تجار الغيب على أنهم اشرار جالبون للتفزز والقذارة.
على حين كان حامد ندا قد اختار رمزه الشهير "الديك" في أعماله جميعا على وجه التقريب فهو ديك لا يعرف الاستكانة أو الصمت بل إنه كان كذلك معادلا "للاحتمال" مثلما كان "الزير" عنده معادلا للأخلاق، ومثلما كانت "السمكة" عنده أيضا رمزاً عمومياً لفكرة "الخير".
كانت رسومهم خشنة، ولافحة الضوء ومزرية، وربما قبيحة بالنظر إلى حجم المرارة الكامنة، والولوج في صميم الصدق في التعبير.
ربما كانوا تعبيريون غلاظ "حوشيون"،وربما كانوا واقعيون رمزيون إلى درجة اختيار نقيض تصامي قاس، أو خليط مقطر من ذلك النهج والقالب التقني الذي قدمه "الفارو سكويروس (1896-1974)، وفان جوخ (1853-1890)، ورووه (1871-1958)، وبيير بونارد (1867-1947) – على أن النبه كان "مصريا" وكذلك الضمير الفني، والعناصر، والاخلاق، ومكونات العمل البنائية.
أما في الجانب الآخر من هذا الاتجاه الأول، فإننا نجد سيد عبدالرسول وتحية حليم، وقد عبرا عن الشوق الى إحلال الجماليات المصرية باعتبارها معادلاً للكبرياء. فإن الجمال لم يعد قائماً لديهم في مدى صمت الطبيعة. لم يعد "الجمال" مجموعة تفاحات الى جوار بعضها فوق طبق أو هو "طبيعة ميتة" لجزء من سمكة، أو هو لمنشور ضوئي مندفع من نافذة مواربة ساقطاً في مواضع الصمت بين الظل والنور. كما أن الجمال لم يعد زهوراً شجية اللون في أواني الزينة المنزلية.. ذلك أن الجمال عندهما لم يكن موقفا محايدا تجاه "الأخلاق". أمي أنه لم يكن موقفاً "كلياً في ذاته"، بل كان جزءا من طابع التعبير – أيا كان التعبير -، جزءا من وجهة النظر، جزءاً من "المسألة" حين يصعب التعرف عليه منفصلاً أو مستقلاً عن بقية العناصر في العمل.
رسم سيد عبدالرسول عروسه المولد الشعبية، وبائعات البرتقال، كما رسم حامد عويس الفلاحين، وجامعي المحاصيل، ورسمت تحية حليم الصيادين ورقصة التحطيب ، والأسواق العمومية، والحواري المملوءة بأطفال الفقراء وهي ضنينة بضوء الطبيعة.
لم يكن الهدف إذن هو تملق أذواق المشترين، أو أن يلوذ الفنانون بمتعة الانتشار، أو المتاجرة بالقيمة. بل إنه كان حالة من حالات إثبات الوجود. كانت "هواية" معادلة لمعنى"النيل والشرف" بمفاهيم زمانها. ومادامت "الحرفة" هي نقيض الهواية، فإن الخروج إليها كان شائكا. ثم إن اختراق الحواجز بين "هواية الفن"، وحرفة الفن"، كان في ذلك الزمان تطلعا شأننا يتساهل ازدراء مشاهديه.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator