تحية لمن أحسن فهمي
مســــــــاؤكم توت
و ليس أطيب ذوقا من التـــوت
كأي من أحدكم ،، أنتمي لعائلة صغيرة
عائلة تسكن حيا شعبيا بكل تناقضاته.. فيه مزيج ما بين الحزن و الفرح
عندنا نوابغ في شتى المجالات و بين ظهرانينا لصوص و قطاع طرق و أصحاب ( الغرز )
و جباتنا الثلاثة ،، شيء غير مضمون
حينما يقبل فصل الصيف نستقبله في حينا الشعبي بإقامة الأفراح
لأن فصل الصيف يقتل برد الشتاء الذي يسكن عظامنا
غير أننا نستبشر أيضا بزخات المطر لأنه ( العطش مجرم )
نحن أبدا لا يرهقنا شهر رمضان لأننا نصوم غالبية ألأيام
أحيانا ندفن موتانا عراة من غير كفن ،، لسبب بسيط ( الحي أولى من الميت )
ففي حينا الشعبي كثير من العراة
منذ شهرين بالتحديد ، حدث في حينا أمر مهم جدا
تغيرت أحوالنا و تغير حينا .. من النقيض إلى النقيض
أتانا زائر و أقام بين ظهرانينا في الحي إنه يختلف عن زوار سبق و أن جاؤوا إلى حينا
أشقر الشعر ،، سماوي العينين ..يرتدي بذلة ( جينز )
هذا الزائر الغريب لمح يوما سيدة من حينا
راقبها كثيرا فاكتشف أن في مشيتها موهبة غريبة
و دون وجل صرخ فينا يا لكم من مساكين ،، كنز يقيم بينكم و أنتم لا تعلمون ؟؟
سيدة الحي هذه ، لو تركتموني أستثمرها فإنها ستكسب الحي ذهبا
إن لمشيتها دلال و غنج مشيتها نوع من الرقص الجميل
الصراحة ، نحن في حينا الشعبي لم نكن ندري ما هو الرقص ؟
و لكن طالما أن هناك فائدة و ذهب فإننا موافقون و سلمناه العتاد و العدة
بدأت سيدة الحي في الرقص ،، و تجمع حولها زبائن كثيرون و صار الذهب في حينا يسقط كالمطر الذي
كنا نشتهيه و نتمناه ، و معظم الزبائن كانوا من خارج الحي
و هكذا انتشر أمر الذهب ، و ارتفع صوت الطبل و اكتفينا نحن بمشاهدة سيدة الحي تمارس الرقص
و نحن نجمع الذهب ..
في هذه الأثناء ،، بعنا كل ( البغال و الأحمرة ) و اشترينا سيارات من آخر الطراز
بيوتنا الشعبية صارت من الذكريات المريرة التي نود نسيانها
نسينا كل شيء و تقدمنا نحو الأمام و من شدة تقدمنا رحنا في غير موضع
و أصبحنا نأكل ( الكسكس ) بالشوكة و السكين
و في ذات جمع خطب فينا الإمام : يا جماعة لا يجوز أن نترك الغريب يدير أعمالنا و لا ينبغي أن نتركه
يدير أعمال ( سيدة الحي ) لقد أصبحنا نفهم في الرقص ، لهذا وجب علينا طرد هذا الغريب
و نسيطر على فن الرقص في حينا الذي لم يعد شعبيا ..
امتثلنا لكلام إمامنا .. فهو ولي الأمر و ولي الأمر طاعته ملزمة في الشرع
طردنا الزائر ، رغم أنه هو من اكتشف موهبة سيدة الحي
و بصراحة فالرقص لا ينبغي له مجهود كبير
فهو عبارة عن قليل من الملابس و كثير من ( اللحم الرخيص ) يتمايل يمينا و يسارا
و الزبائن مبسوطون جدا و ينثرون الذهب الأصفر
غير أن سيدة الحي أصبحت ترقص في الحفلات ( الخاصة ) و هذا ما يعني أننا لن نكون متواجدين معها
مما يعني أيضا أننا لا نأخذ ذهبا و لا ندري حتى كيف رقصت .. و بالطبع فنحن لن نستطيع أن نقول لها أي شيء
لأن سيدة الحي لو ( قطعت علينا المصروف ) فالأكيد أننا سنموت جوعا ،، قانعون ،، ساكتون و كل ما يهمنا
أن سيدة الحي ترجع إلينا و معها الذهب
بالتأكيد أن الراقصات متواجدات في كل حدب و صوب
و لكن سيدة حيينا ترقص جيدا و زبائنها كرام و كثيرون
لأجل هذا أصبحنا نخاف أن تموت سيدة حينا و نموت نحن من الجوع
هكذا الحال و هكذا أصبح المجال
و ألف تحية لمن أحسن الفهم فقام و قال
"منقول "