التأنّي ، والتثبت ، والهدوء
التأنّي ، والتثبت ، والهدوء ، وترك العجلة ، والتسرع أمورنتعلمها من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
عن عائشة رضي الله عنها قالت :
( أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي فبال على ثوبه ، فدعا بماء فأتبعه إياه)
أخرجه البخارى فى كتاب الوضوء
وفي رواية أم قيس :
( أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها لم يأكل الطعام ، فوضعته في حجره ، فبال ، فلم يزد على أن نضح بالماء)
والشاهد هنا قوله : ( فلم يزد على أن نضح بالماء )
فالرسول عليه الصلاة والسلام قد تعامل مع هذا الخطأ غير المقصود من هذا الطفل بكل هدوء ، ورويِّة ، وتأنٍّ ، فهو عليه الصلاة السلام لم يعنّف هذا الطفل ولا أهله على هذا الفعل ، ولم يستعجل ويقذفه جانباً عنه ، بل لم يزد على أن دعا بالماء ونضح هذا البول .
يقول العلامة العيني رحمه الله : «ومن الفوائد في هذين الحديثين، الرفق بالصغار والشفقة عليهم ، ألا ترى أن سيد الأولين والآخرين كيف كان يأخذهم في حجره ويتلطف بهم ، حتى أن منهم من يبول على ثوبه فلا يؤثِّر فيه ذلك ولا يتغيّر »
قال بن حجر رحمه الله : « ويستفاد من هذا الحديث الرفق بالأطفال ، والصبر على ما يحدث منهم، وعدم مؤاخذتهم لعدم تكليفهم »
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :
لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناساً في القسمة ، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل وأعطى عيينة مثل ذلك ، وأعطى أناساً من أشراف العرب ... ، فقال رجل : والله إن هذه القسمة ما عدل فيها ، وما أريد فيه وجه الله ، قال ... قال : فتغيّر وجهه حتى كان كالصّرف ثم قال :
( فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله ؟ قال : ثم قال : رحم الله موسى قد أوذي بـأكثر من هذا ، فصبر).
أخرجه البخارى ومسلم
في هذا الحديث دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعامل بهدوء بعد غضبه ، ولم يعاقب ذلك الرجل القائل ، لأنه لم يثبت عليه ذلك ... حتى استأذن عمر وخالد ، النبيَّ صلى الله عليه وسلم في قتله ، فقال : معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، فهذه هي العلة .. لكنه صبر استيفاءً لانقيادهم ، وتأليفاً لغيرهم
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يعاقبه على ذلك ، فدلَّ ذلك على كمال حلمه صلى الله عليه وسلم
قال ابن حجر رحمه الله - :
« وقد ارتكب الرجل المذكور إثماً عظيماً فلم يكن له حرمة . وفيه أن أهل الفضل قد يغضبهم ما يقال فيهم مما ليس فيهم ، ومع ذلك فيتلقون ذلك بالصبر والحلم كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم إقتداءً بموسى عليه السلام».
إذن حلمُ النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك الرجل ، وعدم تعجيله العقوبة له ، يدل دلالة عظيمة على الخلق العظيم الذي أوتيه عليه الصلاة والسلام ، وحلمه ، وصبره على من آذاه ، وهدوئه في معالجة هذا الخطأ .
اللهم اشهد وأصلي وأسلم على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا وقائدنا محمد خير خلق الله اجمعين
منقول