العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > منتدى صدفة العام

منتدى صدفة العام مواضيع عامة, مقتطفات, مواضيع جديدة، معلومات عامه.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 10-01-2008, 05:19 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

Arrow حكايةُ رصيفٍ أعرفه ..!!






يومياً عند المساء أخرجُ من منزلي قاصداً فرن المعجنات كعادتي كل يوم ....

( زعتر .. جبن .. لبنة من فضلك ..) ، يعطيني إياها الفران وأذهب إلى بيتي ..

كل يوم أمر بجوار ذاك الرصيف .. آه كم آسي لحاله ..., كنت أرثيه : نعم أرثيه أشد الرثاء , ولو كان له كتف لربتّ عليه وطبطبته , لكنه رصيف , مثل ملايين الأرصفة الموجودة بلا سبب إلا لكي يدهسها الناس بأقدامهم ..!


هل سبق وتخيلت نفسك رصيفاً يضع الآخرون أقدامهم عليك ؟ هذا هو حال الأرصفة , إنها مدعوسة مذمومة , ولا أحد يكترث بها , حتى جئت أنا ..

جئت إلى هذا العالم لأتكلم عن الأرصفة وما يجري لها , إنها بلا لسان , وليس لها عقل , ولكن هذا لا يعني انعدام الشعور فيها !

وهي تشعر وتحس وتدرك بيد أنها تعجز عن ترجمة هذا الإحساس إلى كلمات فاتخذتني مترجماً لها , لأن عندي " وصال " معها , فقد كنت أقضي أياماً طويلة من حياتي جالساً فوق رصيف معلوم , رصيف أعرفه جيداً , وأتأمل حاله وهو يصرخ بصمت , يحتج بصمت , يبلع ألمه بصمت مرعب , وهو يقول لي خلسة :

- " اسمعني , أرجوك ! " .

وأنا أسمعه , يخبرني عن نكده , عمّا يجري له .

قال لي الرصيف وهو يبكي بحرقة :

- شعور سيء ذلك الشعور الذي يخامرني حينما يدهسني الناس , إنهم لا يبالون , تجدهم يركضون مسرعين تارة , تجدهم يمشون ببطء تارة أخرى , ولا يسألون عن الكائن الذي يتألم تحت أقدامهم . حتى جئت أنت , أيها النبيل , وبدأت تعرف سرّي , فحسك المرهف يفوق الوصف , ومثلك هو من يُعول عليه لقوّة شعوره وسمو روحه , إننا معاشر الأرصفة هُضمت حقوقنا ولا أحد يعترف لنا بشيء , كأننا لم نوجد قط , كأننا جمادات !

وقتها قلت لصديقي الرصيف :

- عذراً على وقاحتي , ولكن يبدو أنكم جمادات حقاً , أعني أنكم جمادات بنظرنا ..

قاطعني الرصيف وهو يزجرني :

- نعم نعم ها أنت قلتها , بنظركم فقط , فمن أنتم بالله عليكم ؟ أنتم مجموعة من القساة الطغاة المتجبرين , أنتم حيوانات ناطقة تسيّدتم الطبيعة وتعتبرون أن كل ما لا ينطق هو جماد أخرس , نحن لنا نطقنا , وطريقتنا الخاصة بالعيش , لكنكم لا تفهمونها , فأرجوك أيها الإنسيّ , لا تجعلني أغير نظرتي تجاهك , لقد أصابني الاطمئنان لمّا رأيتك فلا تجعلني أشعر بالندم على ثقتي بك .

أخذت أفكر في كلام الرصيف البليغ والذي أدهشني وأذهلني ومن ثم أخبرته :

- اطمئن يا صديقي فكلامك كله أضعه في الميزان وكفته ترجح على كل كفة !

كان الرصيف متشائماً , متجهّماً , وهو يبكي , وينظر إلى الأشجار المجاورة له , كانت أشجاراً يابسة وليس لها لحاء , كانت أغصانها تتهدّل وتوشك على ملامسة الأرض , وفيها شوك حاد يُدمي اليد المتطفلة التي ستلمسه , ذهبت إلى الشجرة , كان الرصيف ينهاني ويحذرني من ملامستها , ولكني أمسكت بها بكلتا يدي حتى نزفتا دماً , كسرت الأغصان البلهاء كلها , قمت بهز الشجرة حتى أوشكت على السقوط , ثم ذهبت إلى الرصيف ومددت له يدي لأقول :

- ماذا ترى ؟

- أرى دماً أحمر , لماذا تفعل ذلك بنفسك ؟

مسحت الدم على الرصيف , وقلت له :

- هذا ما يحدث حينما تكون إنساناً , فكف عن النواح , واعرف أنك محظوظ , محظوظ جداً لأنك رصيف من الأرصفة . إنك جماد , ويجب أن تكون صلباً , وأن تتحدى , وأن تتجاهل الأقدام الداهسة لحين حيازتك لقدم ضخمة تدهس بها كل من يجرؤ على الاقتراب منك , ستقول لي أنك رصيف , ومن المستحيل أن تملك قدماًَ في يوم ما , ولكن إن لم تكن لديك قدم في هذا الوجود فحاول , وإن لم تستطع , فانتقل إلى العدم أحسن لك ! صدقني أيها الرصيف الذي اصطفاني للكلام من بين جميع بني الإنسان , صدقني أن الجميع مدهوسون في هذا الوجود الأحمق .

اقتنع الرصيف بكلامي ..

شاهدني أبتعد عنه , أذهب إلى مكان آخر , ليس فيه أرصفة ولا شوارع ولا شجيرات بلهاء ولا حتى سماء ولا غيوم , كنت أختفى ببطء , أذوب في فراغ مطبق , وكان الرصيف صامتاً يرمقني وليس عنده نية في معارضة قراري , تلاشيت , اختفيت , ذُبت مثل قطعة ثلج في ماء ساخن , تبخرت تماماً حتى افتقدني رصيفي وهو يقول :

- لقد انتقلَ هذا الإنسي اللطيف إلى العدم , وخسرت بذلك أهمّ صديق لي !








آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 10-03-2008, 02:37 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكايةُ رصيفٍ أعرفه ..!!

رائعة استمتعت بها
كما انت رائع بطرحك الجديد المميز
تسلم اخى الكريم
احمد المصرى
محاكاة وحوار استغرقنى بشدة
الرصيف له رائ حكماء
دمت بفكرك الجميل دوما







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-03-2008, 10:19 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكايةُ رصيفٍ أعرفه ..!!

نور... يسلمووا على رووعة المرور


أسعدك الله ووفقك الى كل خير

دعواتى لكى بالصحة والعافية






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator