علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )
[1] ليس حبّ نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم مجرَّدَ كلماتٍَ يردِّدُها الشعراء! أو خُطَبٍ يتلُوها على المنابر الخطباء! ولكنّ محبّةَ النبي صلى الله عليه وسلم ـ فوق ذلك ـ نفحةٌ ربّانيّةٌ وعقيدةٌ إيمانيّةٌ تستشعر رباط الأرض بالسماء! كما قالت أُمُّ أيمن: (إنما أبكي لأنّ الوحي قد انقطع من السماء)![1]
أ) ولله درُّ من قال:
تُبدي الغرامَ وأهلُ العشقِِ تكتمهُُ
وتدّعيهِ جِدالاً من يسلِّمُهُ؟
ما هكذا الحُبُّ يا من ليس يفهمُهُ!
خلِّ الغرامَ لصبٍّ دمعُهُ دمُهُ!
حيرانَ تُوجدُه الذكرى وتُعْدِمُهُ!
ب) وقد روى البخاري في كتاب الإيمان (باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان) حديث أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده). قال الحافظ ابن حجر: "المراد سيّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ بقرينة قوله: (حتى أكون أحبَّ)، وإن كانت محبّة جميع الرسل من الإيمان؛ لكنّ الأحبيّة مختصّة بسيّدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم".[2]
وقد اتفق الشراح على أنّ ذكر (الوالد والولد) في الحديث؛ لأنهما "أدخل في المعنى من النفس؛ لأنهما أعزّ على العاقل من الأهل والمال، بل أعزّ من نفس الرجل على الرجل"،[3]
ولله درّ القسطلاني حيث قال: "القلب السليم من أمراض الغفلة والهوى يذوق طعم الإيمان ويتنعّم به كما يذوق الفم طعم العسل، ولا يذوق ذلك ولا يتنعّم به إلا (من كان الله ورسوله أحبَّ إليهما مما سواهما) من نفسٍ، وولدٍ، ووالدٍ، وأهلٍ، ومالٍ وكل شيء!"[4]
ت) ولله درّ الحافظ ابن رجب، حيث قال: "إنّ أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهارُ محمد صلى الله عليه وسلم لهم، وبعثته ورسالته إليهم، كما قال تعالى: (لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم)؛ فإنّ النعمة على الأمة بإرساله أعظم من النعمة عليهم بإيجاد السماء والأرض والشمس والقمر..."[5]
ث) ورضي الله عن ابن عمر؛ فقد روى البخاريُّ في كتاب الاستسقاء أنه قال: "رُبَّما ذكرتُ قولَ الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبيِّ صلى الله عليه وسلم يستسقي؛ فما ينـزل حتى يجيش كلُّ مِيزابٍ:
وأبيضَ يُسْتسقَى الغمامُ بوجهِهِ
ثِمال اليتامى عِصْمة للأراملِ!"[6]