العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > سيرة الانبياء والصحابة

سيرة الانبياء والصحابة قسم السيرة النبوية لمواضيع السيرة النبوية , سيرة سير الانبياء , قصص الانبياء , قصص انبياء الله اسلامية , قصص نبوية وصف النبي , غزوات النبي , معجزات النبي مدح النبي , حياة النبي ,أخلاق النبي , حب النبي , قبر النبي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03-18-2010, 11:25 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )

علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )


[1] ليس حبّ نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم مجرَّدَ كلماتٍَ يردِّدُها الشعراء! أو خُطَبٍ يتلُوها على المنابر الخطباء! ولكنّ محبّةَ النبي صلى الله عليه وسلم ـ فوق ذلك ـ نفحةٌ ربّانيّةٌ وعقيدةٌ إيمانيّةٌ تستشعر رباط الأرض بالسماء! كما قالت أُمُّ أيمن: (إنما أبكي لأنّ الوحي قد انقطع من السماء)![1]
أ) ولله درُّ من قال:
تُبدي الغرامَ وأهلُ العشقِِ تكتمهُُ
وتدّعيهِ جِدالاً من يسلِّمُهُ؟
ما هكذا الحُبُّ يا من ليس يفهمُهُ!
خلِّ الغرامَ لصبٍّ دمعُهُ دمُهُ!
حيرانَ تُوجدُه الذكرى وتُعْدِمُهُ!
ب) وقد روى البخاري في كتاب الإيمان (باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان) حديث أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده). قال الحافظ ابن حجر: "المراد سيّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ بقرينة قوله: (حتى أكون أحبَّ)، وإن كانت محبّة جميع الرسل من الإيمان؛ لكنّ الأحبيّة مختصّة بسيّدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم".[2]
وقد اتفق الشراح على أنّ ذكر (الوالد والولد) في الحديث؛ لأنهما "أدخل في المعنى من النفس؛ لأنهما أعزّ على العاقل من الأهل والمال، بل أعزّ من نفس الرجل على الرجل"،[3]
ولله درّ القسطلاني حيث قال: "القلب السليم من أمراض الغفلة والهوى يذوق طعم الإيمان ويتنعّم به كما يذوق الفم طعم العسل، ولا يذوق ذلك ولا يتنعّم به إلا (من كان الله ورسوله أحبَّ إليهما مما سواهما) من نفسٍ، وولدٍ، ووالدٍ، وأهلٍ، ومالٍ وكل شيء!"[4]
ت) ولله درّ الحافظ ابن رجب، حيث قال: "إنّ أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهارُ محمد صلى الله عليه وسلم لهم، وبعثته ورسالته إليهم، كما قال تعالى: (لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم)؛ فإنّ النعمة على الأمة بإرساله أعظم من النعمة عليهم بإيجاد السماء والأرض والشمس والقمر..."[5]
ث) ورضي الله عن ابن عمر؛ فقد روى البخاريُّ في كتاب الاستسقاء أنه قال: "رُبَّما ذكرتُ قولَ الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبيِّ صلى الله عليه وسلم يستسقي؛ فما ينـزل حتى يجيش كلُّ مِيزابٍ:
وأبيضَ يُسْتسقَى الغمامُ بوجهِهِ
ثِمال اليتامى عِصْمة للأراملِ!"[6]








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-18-2010, 11:26 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )






[2] ومن علامات محبّة النبي صلى الله عليه وسلم الاقتداء به وإحياء سنته.
أ) فقد قال القاضي عياض: "اعلمْ أنّ من أحبّ شيئاً آثره وآثر موافقتَه؛ وإلا لم يكن صادقاً في حبّه وكان مدّعيا؛ فالصادقُ في حبّ النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه: وأوّلها الاقتداء به، واستعمال سنّته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتأدّب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قوله تعالى: (قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعـوني يحببكم الله)، وإيثار ما شرعه وحضّ عليه على هوى نفسه وموافقة شهوته، قال الله تعالى: (والذين تبوّءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)، وإسخاط العباد في رضا الله... فمن اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبّة لله ورسوله؛ ومن خالفها في بعض هذه
الأمور فهو ناقص المحبّة، ولا يخرج عن اسمها".[7]
ب) ولله درّ الإمام أحمد بن حنبل حيث قال: "ما كتبتُ حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا قد عملتُ به؛ حتى مرّ بي الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبةَ ديناراً؛ فأعطيتُ الحجام ديناراً حتى احتجمت"![8]









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-18-2010, 11:26 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )




3] ومن علامة حبّ النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على الصلاة عليه،[9] وشدّة الشوق إليه. ومن هنا فإنّ أهل المحبّة لا يخفون؛ لأنّ وجوهَهم الزاهرة قد أشرقتْ بأنوار قلوبِهم العامرة، كما قيل:
إنّ المُحِبِّين قومٌ بين أعْيُنِهم وَسْمٌ من الحبِّ لا يخفى على أحَدِ!
أ) وقد صرّح بذلك عياض في قوله: "من علامة محبّة النبي صلى الله عليه وسلم كثرة ذكره؛ فمن أحبّ شيئاً أكثر ذكره، ومنها كثرة شوقه إلى لقائه؛ فكل حبيبٍ يحبّ لقاء حبيبه، وفي حديث الأشعريين لما قدموا المدينة أنهم كانوا يرتجزون:
غداً نلقى الأحبّهْ! محمَّداً وصحبَهْ!"[10]
ب) ورضي الله عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد احتبس عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ضرب زوجتَه المخاضُ، وقال: إنك لتعلم يا ربّ أنه يُعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج وأدخل معه إذا دخل؛ وقد احتُبسْتُ بما ترى)![11]
ت) ولهذا المعنى كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم لا يرضون أن يتخلّفوا عنه: كما قال عليّ رضي الله عنه يوم خيبر: (أنا أتخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)!
[12]
ويكفيك دلالةً على شدّة حبّ الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم جوابُ أنس لمن سأله عن حضور حُنين مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال رضي الله عنه: (وأين أغيب عنه؟)!
[13]
ث) ورحم الله من قال:
لا سكَّن اللهُ قلباً عَنَّ ذكرُكُمُ فلم يَطِرْ بجناحِ الشوق خفّاقا!
لو شاء حَمْلِي نسيمُ الرِّيح حين هفا وافاكُمُ بفتًى أضناهُ ما لاقى!
فالآنَ أحْمَدَ ما كُنّا iiلعهدِكُمُ سَلَوْتُمُ وبَقِينا نحنُ عُشّاقا![14]









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-18-2010, 11:28 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )




[4] ومن علامات محبّة النبي صلى الله عليه وسلم التأدّب معه صلى الله عليه وسلم و"تعظيمه وتوقيره عند ذكره ".[15]
أ) وقد روى مسلم عن عمرو بن العاص أنه قال: (ما كنتُ أُطيقُ أن أملأ عينيَّ منه؛ إجلالاً له، ولو سُئلتُ أن أصِفَه ما أطقتُ؛ لأنِّي لم أكنْ أملأ عينيَّ منه. ولو متُّ على تلك الحالِ؛ لرجوتُ أن أكونَ من أهلِ الجنّة!)[16] ولله درُّ من قال:
فجادوا والمَهابةُ قد علتْهُمْ بموفورِ التحيّةِ iوالسلامِ
ولولا أنه فرضٌ عليهم لَهابُوا أنْ يُفُوهُوا بالكلامِ!
ب) وقد أورد القاضي عياض في (تعظيم النبي بعد موته) عن مالك ـ وقد سئل عن أيوب السختياني ـ قال: ما حدّثتكم عن أحدٍ إلا وأيوب أفضل منه؛ وحجّ حجّتين فكنت أرمقه ولا أسمع منه؛ غير أنه كان إذا ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى أرحمه؛ فلما رأيتُ منه ما رأيتُ وإجلالَه النبيَّ صلى الله عليه وسلم كتبتُ عنه!"[17]







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-18-2010, 11:28 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )




[5] ومن علامة حبّ النبي صلى الله عليه وسلم كذلك موافقته في الحبّ والبغض، والقيام بحق المنتسبين إلى خدمته صلى الله عليه وسلم:

أ) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها لما جاءت تبلّغه غيرة نساء النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة: (يا بُنيَّة! ألا تُحبّين من أُحبّ؟ قالت: بلى)،[18] وفي رواية: (قالت: والله لا أكلّمه فيها أبدا!).[19]

ب) وقد جاء ذلك صريحاً في حديث أبي داود والبزار ـ واللفظ له ـ (أوثق عرى الإيمان: الحبّ في الله، والبغض في الله). قال عياض رحمه الله:"ومنها محبّته لمن أحبّ النبي صلى الله عليه وسلم ومن هو بسببه: من آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار، وعداوة من عاداهم وبغض من أبغضهم وسبّهم"![20] ولله دَرُّ القحطانِي حيث قال:

إنّ الروافضَ شرُّ من وطيء الحصَى مِن كلِّ إنسٍ ناطقٍ أو جانِ!
مَدَحُوا النبيَّ وخَوَّنُوا iiأصحابَه ورَمَوْهُمُ بالظلمِ والعُدوانِ!
حَبُّوا قرابتَهُ وسَبُّوا صَحْبَهُ![21] جَدَلانِ عند اللهِ مُنْتَقِضانِ![22]

قال عياض: "وهذه سيرة السلف حتى في المباحات وشهوات النفس، وقد قال أنس رضي الله عنه وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يتتبّع الدبّاء من حوالي القصعة فما زلت أحبّ الدبّاء من يومئذ)!"[23] وقد روى مسلم عن ميمونة أنها قالت: (لا آكُلُ من شيءٍ إلا شيء يأكل منه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم![24] وعن جابر حين سمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَ الإدامُ الخَلُّ)؛ قال: (فما زلتُ أُحبُّ الخَلَّ؛ منذ سمعتُها من نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم)![25] وعن أبي أيوب لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الثوم: (أكرهه؛ من أجل ريحِهِ؛ قال: فإنّي أكره ما كرهتَ)![26]

ت) ويدخل في هذا الباب حُبُّ أهلِ الحديث الشريف؛ فإنهم من أعظم الناس خدمةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم خاصّتُه كما ذكر ابن كثير في تفسير قول الله عزّ وجل: (يوم ندعو كلَّ أُناسٍ بإمامهم)[27] عن بعض السلف أنه قال: "هذا أكبرُ شرفٍ لأصحاب الحديث؛ لأنّ إمامَهم النبي صلى الله عليه وسلم".[28] فمن لنا بصحبة تلكم الفرقة الناجية!

فَعَذْبُ شرابِها يروي غليلي وبَرْدُ ظِلالِها يشفي أُوامي!
تَمازَجَ حُبُّها بدمي ولحمي! ومُخِّي ثم خّيَّمَ في عِظامي!

ث) ورحم الله جريرَ بن عبد الله؛ فقد قال أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خرجتُ مع جرير بن عبد الله البجليّ في سفرٍ، فكان يخدمني، فقلتُ له: لا تفعلْ؛ فقال: إنّي قد رأيتُ الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً آليتُ أن لا أصحبَ واحداً منهم إلا خدمتُه). قال النووي رحمه الله: "في حديث جرير بن عبد الله وخدمته لأنس؛ إكراماً للأنصار دليلٌ لإكرام المحسن والمنتسب إليه وإن كان أصغرَ سنّاً، وفيه تواضعُ جريرٍ وفضيلته وإكرامه للنبي صلى الله عليه وسلم وإحسانه إلى من انتسب إلى من أحسن إليه صلى الله عليه وسلم"![29]
عُجْ بالعقِيقِ وقفْ بذاتِ الأجْرَعِ وأنِخْ مَطِيَّكَ بالعُذَيْبِ ولَعْلَعِ!
وانْزلْ مِنًى فهناك قد بلغ المُنى قومٌ وفازوا بالمقامِ الأرْفَعِ!
واذْكُرْ هناك تشوُّق iوتشوُّفي وتَلَهُّفي وتَوَلُّعي وتَوَجُّعي!
واسْألْ أُهَيْلَ الحيِّ عن قلبي فَمُذْ فارقْتُ طيْبةَ لم أجِدْ قلبي معِي!

ج) ومن هذا الباب كذلك قولُ عمر رضي الله عنه لعديّ بن حاتم الطائي: (إنّ أوّلَ صدقةٍ بيّضتْ وجهَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ووجوهَ أصحابه صدقةُ طيء؛ جئتَ بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم).[30]








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-18-2010, 11:29 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )

















[6] ومن علامة حبّ النبي صلى الله عليه وسلم الحرص على التمسّك بهديه، وتحمُّل الأذى في سبيله:

أ) وقد قال البدر العيني في شرح (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين): "المراد من الحديث بذلُ النفس دونه صلى الله عليه وسلم".[31]

ب) وقال القسطلاني رحمه الله:"من علامات هذه المحبّة: نصرُ دين الإسلام بالقول والفعل، والذبّ عن الشريعة المقدَّسة، والتخلّق بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم في الجود والإيثار والحلم والصبر والتواضع؛ فمن جاهد نفسَه في ذلك وجد حلاوةَ الإيمان؛ ومن وجدها استلذّ الطاعات، وتحمّل في الدّين المشقّات؛ بل ربّما يلتذّ بكثيرٍ من المؤلمات!"[32]

ت) وما أحسنَ ما قيل في هذا المعنى:

ما الحُبُّ إلا لقومٍ يُعرَفُون بِهِ قد مارسوا الحُبَّ حتى هانَ مُعْظمُهُ!
عَذابُهُ عِنْدَهُمْ عَذْبٌ وظُلْمتُهُ نُورٌ ومَغْرَمُهُ بالراءِ مَغْنَمُهُ!

ث) ورحم الله أمَّنا عائشة حبيبةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى عروة بن الزبير(أنّ حسّان بن ثابت كان ممّن كثّر على عائشة؛ فسببتُه؛ فقالتْ: يا ابنَ أختي لقد كان يُنافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، قال النووي: "أي يُدافع ويُناضل".[33] وفي روايةٍ: (كان يذبّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)![34]

ج) ويدخل في هذا الباب جرأةُ كثيرٍ من علمائنا على نصح ولاة الأمر؛ فقد أنكر ابن مسعود على عثمان رضي الله عنهما إتمام أربع ركعات في منى، كما روى مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات. فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع، ثم قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق بمنى ركعتين؛ فليت حظي مِن أربع ركعات ركعتان متقبَّلتان)![35]

ح) وروى البخاري في كتاب الاعتصام عن شيبان بن عثمان بن طلحة أن عمر قال له: (هممتُ أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين، قلت: ما أنت بفاعلٍ، قال: "لـمَ؟ قلت: لم يفعله صاحباك! قال: هما المرآن يُقتدى بهما!).[36]
خ) وقد افتتح البخاريُّ كتابَ (مواقيت الصلاة) بإنكار عروة بن الزبير على الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز؛ حين أخَّرَ الصلاةَ يوماً، فقد (دخل عليه عروة بن الزبير فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يوماً وهو بالكوفة فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري، فقال: "ما هذا يا مغيرة؟ أليس قد علمت أن جبريل نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" يكررها خمس مرات. وقال في آخر حديثه: "لقد حدثتني عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر".[37]

د) وكذلك شأن أنس رضي الله عنه كما قال أبو أمامة بن سهل في الصحيحين: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلى العصر؛ فقلت: يا عمّ! ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال: "العصر، وهذه صلاة رسول الله التي كنا نصلي معه".[38]

وقد روى البخاري في (مواقيت الصلاة) باب (تضييع الصلاة عن وقتها) عن الزهري قال (دخلتُ على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، فقلتُ له: ما يُبكيك؟ فقال: لا أعرف شيئاً مما أدركتُ إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضُيِّعتْ).[39]









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-18-2010, 11:30 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )




[7] ومن علامات حبّ النبي صلى الله عليه وسلم النصح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم. أ) قال عياض رحمه الله: "ومن علامة حبِّه شفقتُه على أمّته، ونصحُه لهم، وسعيُه في مصالحهم، ورفعُ المضارّ عنهم؛ كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوفاً رحيما!"[40]

ب) وقال النووي رحمه الله في شرح حديث(الدّين النصيحة): "وأما النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فتصديقه على الرسالة، والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته في أمره ونهيه، ونصرته حيّاً وميتا، ومعاداة من عاداه وموالاة من والاه، وإعظام حقّه وتوقيره، وإحياء طريقته وسنته، وبثّ دعوته، ونشر شريعته، ونفي التهمة عنها، واستثارة علومها، والتفقه في معانيها، والدعاء إليها، والتلطف في تعلمها وتعليمها، وإعظامها وإجلالها، والتأدب عند قراءتها، والإمساك عن الكلام فيها بغــــــير علم، وإجلال أهلها لانتسابهم إليها، والتخلّق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، ومحبّة أهل بيته وأصحابه، ومجانبة من ابتدع في سنته أو تعرّض لأحد من أصحابه ونحو ذلك".[41]

ت) وقد كان لأهل القرون الأولى نَفْرَةٌ من مخالفة السنة، ونُصْرةٌ لإخوانهم بالنصيحة والنهي عن الابتداع، فقد روى مسلم أنّ عمران بن حصين كان يُحدِّث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الحياء لا يأتي إلا بخير)، فقال بشير بن كعب: "إنه مكتوبٌ في الحكمة أنّ منه وقاراً، ومنه سكينة". فقال عمران: "أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن صحفك؟"، وفي رواية: فقال بشير: "إنا لنجد في بعض الكتب ـ أو الحكمة ـ أن منه سكينة ووقاراً لله، ومنه ضعف" قال فغضب عمران حتى احمرتا عيناه، وقال: "ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعارض فيه؟"[42]

ث) وروى مسلم قولَ الزهري لعروة: "ما بال عائشة تتم في السفر؟" قال: "إنها تأولت كما تأول عثمان"، قال النووي: "رأيا القصر جائزاً والإتمام جائزاً؛ فأخذا بأحد الجائزين". [43]








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-18-2010, 11:30 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )









[8] ومن علامة محبّة النبي صلى الله عليه وسلم"زهدُ مدّعيها في الدنيا".[44]

أدِرْ أحاديثَ سَلْعٍ والحِمى أدِرِ والْهَجْ بذِكْرِ اللِّوى أو بانِهِ العطِرِ!
واذْكُرْ نسيمَ المُنْحَنى سَحَراً لمّا يمُرُّ على الأزهارِ والغُدُرِ!
ويا سحائبُ أغنى عنكِ نائلُهُ فاسقِ المواطرَ حيّاً من بني المطرِ!
ما سرتُ إلا وطَيْفٌ منكَ يصحبُني سُرًى أمامي وتثويباً على أثَرِي!

----------------------------------------------------------------------

[1] رواه الشيخان. راجع شرح النووي على مسلم 16/10.

[2] فتح الباري 1/84.

[3] فتح الباري 1/85، وعمدة القاري 1/144، إرشاد الساري 1/96 بألفاظٍ متقاربة.

[4] إرشاد الساري 1/104.

[5] لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف. لابن رجب. دار ابن كثير. ط1. 1413هـ.

[6] فتح الباري 3/182.

[7] الشفا 2/571-572.

[8] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي 1/207. مؤسسة الرسالة. ط1-1412هـ. تحقيق محمد عجاج الخطيب.

[9] ولقد فاز واللهِ أهلُ العنايةِ بالحديث الشريف فوزاً عظيماً؛ ومن اللطائف ما نبّهني إليه مرّةً خادمُ السنة وحافظ السودان الشيخ العلامة مساعد بشير علي في كتاب المغازي من البخاري باب حديث بني النضير؛ حيث طلب منِّي أن أُحْصِيَ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مخاصمة العباس وعليٍّ إلى عمر ـ رضي الله عنهم جميعا ـ في الذي أفاء اللهُ على رسولِه من بني النضير؛ فوجدتُ في هذا الحديث الواحد أربعَ عشرَةَ صلاةً على النبي صلى الله عليه وسلم! وراجع الحديث في فتح الباري 8/74.

[10] الشفا 2/573.

[11] شرح النووي على مسلم 16/12.

[12] المرجع السابق 15/179.

[13] فتح الباري 8/376.

[14] الأبيات في ديوان ابن زيدون ص 195. دار الكتاب العربي. ط1- 1411هـ. ومدامع العشّاق لزكي مبارك ص 118، وقال: "إنّي لمفتونٌ بهذا الشطر الحزين:

* سلوتُمُ وبقينا نحنُ عُشّاقا! *

[15] المرجع السابق 2/37.

[16] شرح النووي 2/138.

[17] المرجع نفسه 2/596-597.

[18] رواه البخاري في كتاب الهبة (فتح الباري 5/520).

[19] رواه مسلم (استفدتُه من ابن حجر في فتح الباري 5/522).

[20] الشفا 2/275.

[21] قال الشيخ العلامة محمد علي الطريفي: "مَنْ شكَّ في صحبة الصِّدِّيقِ رضي الله عنه؛ فقد كفر، ومن أساء إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد آذى اللهَ ورسولَه؛ فلْيحذرِ المسلمون من شرَّ هذه الطائفة! كيف وقد روى الشيخان عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبُّوا أصحابي؛ فإنّ أحدَكم لو أنفق مثل أُحُدٍ ذهباً؛ لم يبلغْ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه)! ولله درُّ النووي حيث قال: "فضيلة الصحبة ولو لحظةً لا يُوازيها عملٌ، ولا تُنالُ درجتُها بشيءٍ"! شرح النووي على مسلم 16/93.

[22] نونيّة القحطاني ص31-32. مطبعة سفير. الرياض. ط4. 1420 هـ.

[23] الشفا 2/275. والحديث في البخاري.

[24] شرح النووي 13/102.

[25] المرجع السابق 14/6-7.

[26] المرجع السابق 14/9.

[27] الإسراء 71.

[28] تفسير القرآن العظيم 3/73.

[29] شرح النووي على مسلم 16/70.

[30] المرجع السابق 16/77.

[31] عمدة القاري 1/144.

[32] إرشاد الساري 1/104.

[33] شرح النووي 16/46.

[34] المرجع السابق 16/47.

[35] المرجع السابق 5/204.

[36] فتح الباري 15/174.

[37] المرجع السابق 2/182.

[38] أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، باب (وقت العصر) فتح الباري 2/212، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب (استحباب التبكير بالعصر) شرح النووي 5/123.

[39] فتح الباري 2/195.

[40] الشفا 2/577.

[41] شرح النووي على مسلم 2 / 38 – 39.

[42] شرح النووي 2/6-7.

[43] المرجع السابق 5/195.

[44] الشفا 2/577.








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-18-2010, 11:31 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )




يقول الأستاد عبد السلام ياسين في كتاب الاحسان(الجزء الأول) :
"بسم الله الرحمن الرحيم. (رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيّا). اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.

صلى الله على من قرنَ محبته واستحقاق المزيد من المحبة والمغفرة باتباعه حيث قال: ) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم. قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين(.(سورة آل عمران، الآيتان: 31-32) اللهم صل وسلم تسليما كثيرا على محمد وآله وصحبه الذي جعلت طاعته من طاعتك، ومعصيته والتولي عنه كفرا، وبيعته من بيعتك، ومحبته من محبتك، عبدك ونبيك ورسولك ومصطفاك من خلقك، العروة الوثقى وثوق كتابك الذي أنزلت، الحبل الممدود بينك وبين أحبابك وأصفيائك وأوليائك، سندا متصلا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي". ورواه أيضا الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

لا فاصل بين حب الله وحب رسول الله وحب أهل بيت رسول الله، وإن تنوعت النعمة. وأعظم نعم الله علينا الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم. اللهم لك الحمد على ما تغذونا به من نعمك، ولك الحمد على نعمتك العظمى محمد حبيبك.

ولا حدود للتفاني في محبة الشخص الكريم على الله حتى يكون أحب إلينا من الناس أجمعين ومن أنفسنا. روى البخاري عن عبد الله بن هشام قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب. فقال له عمر: يا رسول الله! لأنت أحبُّ إلي من كل شيء إلا نفسي! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا والذي نفسي بيده، حتى أكونَ أحبَّ إليك من نفسك!" فقال عمر: فإنه الآن والله لأنْتَ أحبُّ إلي من نفسي! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن يا عمر!".

مَلَكَ والله ناصيةَ التوفيق من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وذاق حلاوة الإيمان، وأشرف على مشارف الإحسان، ودحض مزاعم الشيطان الذي يزعم أن التفاني في حب الذات المحمدية غلو. يا شيطان، هذه أنوار حبه الشريف المنيف فهل من محيص!

كان عند الصحابة رضي الله عنهم من المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغ بهم أن يفتدوه بالمهج، ومن التعظيم والهيبة لذلك الجناب ما يُخرس الألسن ويغض الأبصار ويُطوِّق الأنفس بِحَرَس من جلاله صلى الله عليه وسلم وجماله. إنه رسول الله! وكفى.

وكان عند التابعين والسلف الصالحين من محبته وتعظيمه مثلُ ما كان عند الصحابة. ذكر القاضي عياض رحمه الله في "الشفاء" أن مَالكاً رحمه الله سئل عن أيوب السختياني فقال: "ما حدثتكم عن أحدٍ إلا وأيوب أفضل منه. قال: وحج حجتين، فكنت أرمُقه فلا أسمع منه غير أنه إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى أرحمه.

قال عياض: "وقال مصعب بن عبد الله: كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وينحني حتى يصعُب ذلك على جلسائه. فقيل له يوما في ذلك، فقال: لو رأيتم ما رأيتُ لما أنكرتم عليَّ ما ترون: لقد كنت أرى محمد بن المنكدر، وكان سيد القراء، لا نكاد نَسأله عن حديث أبدا إلا بكى حتى نرحمه. ولقد كنت أرى جعفر بن محمد (وهو الإمام جعفر الصادق من آل البيت)، وكان كثير الدُّعَابَة والتبسم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اصفر لونه وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهَارة. ولقد اختلفتُ إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إمّا مصليا، وإما صامتا، وإما يقرأ القرآن. ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وكان من العلماء والعُباد الذين يخشون الله".

قال مالك: "ولقد كان عبد الرحمان بن القاسم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيُنظَر إلى لونه كأنه نَزَفَ منه الدم، وقد جفَّ لسانه في فمه هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير، فإذا ذُكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع. ولقد رأيت الزُّهري، وكان لَمِنْ أهْنَإ الناس وأقربِهم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه ما عرفَك ولا عرفته. ولقد كنت آتي صفوان بن سُلَيم، وكان من المتعبدين المجتهدين، فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى، فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه".

هذه بعض الصور لأهل الإيمان الأولين. ومن أصدق المعايير على تردّي إيماننا ذبول زهرة الحب الإلهي النبوي في قلوبنا. حالت أكداس الكتب والتفاريع بيننا وبين المعين الفياض، حالت بيننا وبين الوراثة القلبية لأولئك الرجال انقطاعات الفتنة. واحتفظ الصوفية رضي الله عنهم بالتعلق الشديد بجناب النبوة. قال الناطق بلسان الصفوة المحبين شيخ الإسلام ابن القيم نضر الله وجهه: "فهذا العلم (يعني علم القلوب، علم الأولياء) الصافي المتلقّى من مشكاة الوحي والنبوة يُهذب صاحبَه لسلوك طريق العبودية. وحقيقتها التأدب بآداب رسول الله صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا، وتحكيمُه باطنا وظاهرا، والوقوفُ معه حيث وقف بك، والمسيرُ معه حيث سار بك، بحيث تجعله بمنزلة شيخك الذي قد ألقيت إليه أمرك كلَّه سرَّه وظاهره(...) وتعلق قلبك بقلبه الكريم، وروحانيتك بروحانيته، كما يُعَلِّق المريد روحانيته بروحانية شيخه".[1]

لكن أنى لك بذلك التعلق بالقلب الأسمى والجناب الأحمى ونفسك في الحضيض، عديمُ الإرادة، ساقط الهمة! عليك بمحبة العوام واسأل ربك أن يقيض لك روحانية عارف تطير بك همتها بأجنحة المحبة إلى رحاب الوحي والنبوة.

إن تَوَلِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصلاة عليه الدائمة، وحب آل البيت المطهرين، وتولي صحابته، لَمِمَّا يقرب المسافات للمريد الطالب. واختلف العلماء فيمن هم أهل بيته الذين جاءت في محبتهم وموالاتهم أحاديث صحيحة تذكرنا الله وتناشدنا الله فيهم وفي القرآن. فمن قائل إنهم الآل الذين تحرم عليهم الصدقة من بني هاشم. ومن قائل إنهم ذريته وأزواجه. ومن قائل إنهم أمته عامة. ومن قائل إنهم أتقياء أمته خاصة. وحديث الترمذي يخصص عليا وفاطمة والسبطين الكريمين الحسن والحسين. وعند مسلم أن زيد بن أرقم رضي الله عنه عرَّف أهل البيت بأنهم: "من حُرم الصدقة بعده، وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس".

والموفّق من يوالي الله ورسوله والأهل الخاصين والعامين، محبة متصلة ممتدة تربطه برباط المودة والرحمة بمن أحبهم الله وأمر بمحبتهم.

كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فردا متفردا في التوقف في قضية التوسل والتبرك. كان همه أن يُنزِّه جناب الألوهية عن الشرك، وأن يبرز مكانة الوحي والنبوة ويرفعها عن تقديس المشايخ. هو عندنا من عدول الأمة الذين حاولوا مجتهدين في طاعة الله أن يدفعوا عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. لكنه قال في التوسل والزيارة للقبر الكريم مقالا شَاذّاً رده عليه جمهور العلماء. ما أحسن عفا الله عنه الحفاظَ على حبل المحبة الواصل بين الله والناس عبر الشخص الكريم صلى الله عليه وسلم.

إنه يتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم كما يتحدث عن الأموات. ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي تعرض عليه أعمالنا ويدعو لنا. فارقنا جسدُه الشريف، فهو في القبر ثاوٍ لا يعتدى عليه التراب، والروح رَفرافة حاضرة يملأ نورها الخافقين. روى ابن خزيمة وصححه وابن حبان في صحيحه والحاكم وغيرهم حديث حياة النبي صلى الله عليه وسلم. ورواية ابن ماجه لهذا الحديث عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة، فإنه يوم مشهود، تشهده الملائكة، وإن أحدا لا يصلي علي إلا عُرِضَتْ علي صلاته حتى يفرُغ منها". قال: قلت: وبعد الموت؟ قال: "وبعد الموت، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء". وأخرج البزار بسند صحيح عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: "حياتي خير لكم تُحدثون ويَحْدُث لكم. ووفاتي خير لكم، تُعرض علي أعمالكم فما رأيتُ من خير حمدت الله، وما رأيتُ من شر استغفرت الله لكم".

كرِهَ الإمام مالك رحمه الله أن يقال: "زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم"، لأن كلمة قبر تتنافى مع إجلال من هو عند الله أجل وأعظم قدرا من الشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون فرحين، يكفر من رد إخبارَ الله عنهم بذلك وقال إنهم أموات.

قال الحافظ: "ألْزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحال إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكَرْنا صورة ذلك. وفي شرح ذلك من الطرفين طولٌ. وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية(...). الزيارة من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال. وإن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلى الصواب".[2]

وأجمع الفقهاء المالكية وكثير من علماء المذاهب على استحباب التوسل بالمصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وأنكر ذلك وينكره التيميون غفر الله لهم. بل ينكرون على من يذكر لفظ السيادة تمشيا مع مسألة بَشعة شذّ فيها رجل شذوذاً لم يسبقه إليه أحد كما قال الإمام التقي السبكي.

وقد جاء في مسألة التوسل حديث الضرير الذي رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي في عمل اليوم والليلة وغيرهم بسند صحيح أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني فقال: "إن شئت دعوتُ وإن شئت صبرتَ فهو خير لك". قال: فادعُهْ! قال: فأمره أن يتوضأ فيُحسن الوضوء ويدعوَ بهذا الدعاء: "اللهم إنيِ أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد! إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه لتُقضى. اللهم فشفعه في".

المعركة طويلة، وهناك ذرائع يجب أن تسد لكيلا تُعبَد القبور. والأرواح النائرة تهفو لجناب الروضة الشريفة ولَوْ رَغِمَ أنْفُ الشاذّين. قال التلميذ الوفيُّ لابن تيمية المتشدد، تسمع آهات الأسى من بين الكلمات: "وأهل السنة أولياء رسول الله صلى الله عليه وسلم وورثته وأحباؤه الذين هو عندهم أولى بهم من أنفسهم، وأحبُّ إليهم منها، يجدون نفوسهم أقرب إليه وهم في الأقطار النائية عنه من جيران حجرته في المدينة. والمحبون المشتاقون للكعبة والبيت الحرام يجدون قلوبهم وأرواحهم أقرب إليها من جيرانها ومَنْ حولها".[3]

ويقول مستهام آخر: "وأرواح الكُمل إذا فارقت أجسادَها صارت كالموج المكفوف(...). ولكن النفوس التي هي دونها تلتصق بها بالهمة فتجلب منها نورا وهيأةً مناسبة للأرواح. وهي المكنى عنه بقوله عليه السلام: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام". وقد شاهدتُ ذلك ما لا أحصي في مجاورتي المدينة سنة ألف ومائة وأربع وأربعين".[4]


في أية خانة يضع الشاذون كلام الشيخ عبد القادر قدس الله سره، أهي استغاثة وتوسل بدْعِيَّان؟ كلا والله بل هي السنة الخالصة.

والإمام النووي رضي الله عنه قمة شامخة في الحديث والمعـرفة بالله يوصي في الباب السادس من كتابه "إيضاح المناسك" بزيارة قبر سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بآداب بالغة في احترام الحضرة الشريفة وبمخاطبات وتسليمات عليه وعلى صاحبيه وضجيعيه لا تليق بمن يزور قبرا جامدا وأمواتا فائتين، بل هي مخاطبات لأفضل الأحياء من وراء حجاب الموت والنقلة عن هذه الدار الفانية.

ولأئمة المسلمين العظام هُيام لا ينتهي بالجناب الشريف وبالذرية والآل. غلا في تلك المحبة قوم لم تتسع صدورهم لحب الصحب الكرام بعد الفتنة الكبرى، فرفضوا الخلفاء الراشدين، يالخَيبتهم وحِرمانهم ! وحفظ الأئمة العظام الميزان.

--------------------------------------------------------------------------
المراجع
[1] مدارج السالكين ج 3 ص 143.

[2] فتح الباري ج 3 ص 66.

[3] ابن القيم في "مدارج السالكين" ج 2 ص 266.

[4] ولي الله الدهلوي في "حجة الله البالغة" ج 2 ص 77.








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 03-20-2010, 09:11 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات محبّة النبي الكريم ( منقول عن د : محمد عمر دولة )



نووور .. جزاك الله كل خير

تسلمى على الطرح القيم

دعواتى لك بالصحة والعافية






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:22 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator