في المختبر المصمت لعقل المترجم، تتفجر اللغات وتتخمر مثل الأكاسير الغريبة. كل جملة، عبارة عن قارورة مملوءة بمعنى قوي، تحتاج إلى صبها في وعاء آخر، مع الاحتفاظ بجوهرها ولكنها تكشف عن جوانب جديدة تحت ضوء مختلف. أن تترجم لا يعني أن تنسخ، بل أن تصبح كيميائيًا، تحول ذهب إحدى اللغات إلى الجوهر المتلألئ والمتلألئ للغة أخرى.
تخيل هايكو، طائر طنان يحوم فوق رحيق الوجود. يصبح المترجم شاعرًا من أرض مختلفة، لا يحاكي عدد المقاطع، بل يلتقط بريق الندى الشبيه بالجوهرة على قطعة من العشب، والألم الحلو والمر لغروب الشمس الذي ينعكس في دمعة الهايكو. أو تصور كتابًا طبيًا، وهو حصن من المعرفة يعج بالتشخيصات والعلاجات. إنهم يتحولون إلى مهندسين معماريين، ويعيدون بناء جسور الصحة المعقدة بدقة، ويضمنون ثبات كل شعاع من الحقائق والمعلومات في الصرح المترجم.
لكن الترجمة ليست ممارسة عقيمة للدقة. إنه سوق نابض بالحياة وفوضوي حيث تتبادل المعاني وتتراقص. يتعلق الأمر بالمساومة على الفكاهة، وتهريب الفروق الثقافية الدقيقة عبر الحدود مثل الأسرار الهامسة، والعثور على أصداء ضحكتك التي تموج عبر لحن نكتة أجنبية. يتعلق الأمر بالتعرف على لسعة دموعك المتلألئة في قطرات المطر المترجمة للقصيدة.
في بعض الأحيان، يكشف المترجم عن كنوز مخفية - تورية تتلألأ مثل جوهرة منسية في النص، أو مرجع ثقافي يتفتح مثل زهرة سرية في حديقة الكلمات. إن فك رموز هذه الهمسات ليس مجرد واجب، بل هو احتفال مشترك، وغمز تآمري عبر هوة اللغات.
المصدر
مكتب ترجمة معتمد