العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > المنتدى الاسلامى

المنتدى الاسلامى إسلام، سنة، قرآن، دروس، خطب، محاضرات، فتاوى، أناشيد، كتب، فلاشات،قع لأهل السنة والجماعة الذين ينتهجون نهج السلف الصالح في فهم الإسلام وتطبيقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 12-08-2007, 07:27 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
همس الحب

الصورة الرمزية همس الحب

إحصائية العضو







همس الحب غير متواجد حالياً

 

Lightbulb دعاء يوم السبت وشرحه





دعاء يوم السبت




بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ



بِسْمِ اللهِ [1] كَلِمَةِ المُعْتَصِمِينَ [2]، وَمَقَالَةِ المُتَحَرِّزِينَ [3]، وَأعُوذُ بِاللهِ تَعَالَى مِنْ جَوْرِ الجَائِرِينَ [4]، وَكَيْدِ الحَاسِدِينَ [5]، وَبَغْيِ الظَّالِمِينَ [6]، وَأحْمُدُهُ فَوْقَ حَمْدٍ الحَامِدِينَ [7].
اللهُمَّ أنْتَ الوَاحِدُ بِلا شَرِيكٍ [8]، وَالمَلِكُ بلا تَمْلِيكٍ [9]، لا تُضَادُّ حُكْمِكَ [10]، وَلا تُنَازَعُ فِي مُلْكِكَ [11]، أسْألُكَ أنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ [12]، وَأنْ تُوزِعَنِي مِنْ شُكْرِ نُعْمَاكَ مَا تَبْلُغُ بِي غَايَةَ رِضَاكَ [13]، وَأنْ تُعيِنَنِي عَلَى طَاعَتِكَ [14]، وَلُزُومِ عِبَادَتِكَ [15]، وَاسْتِحْقَاقِ مَثُوبَتِكَ بِلُطْفِ عِنَايَتِكَ [16]، وَتَرْحَمَنِي بِصَدِّي عَنْ مَعَاصِيكَ مَا أحْيَيْتَنِي [17]، وَتُوَفِّقَنِي لِمَا يَنْفَعُنِي مَا أبْقَيْتَنِي [18]، وَأنْ تَشْرَحَ بِكِتَابِكَ صَدْرِي [19]، وَتَحُطَّ بِتِلاوَتِهِ وِزْرِي [20]، وَتَمْنَحَنِي السَّلامَةَ فِي دِينِي وَنَفْسِي [21]، وَلا تُوحِشَ بِي أَهْلَ أُنْسي [22]، وَتُتِمَّ إحْسَانَكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي كَمَا أحْسَنْتَ فِيمَا مَضَى مِنْهُ [23] يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ [24].

بين يدي الدعاء

ينطلق دعاء يوم السبت في عناوين عديدة، تمثّل الكثير من القضايا المتّصلة بالعقيدة من جهة، وبحركيّة تلك العقيدة في حياة الإنسان من جهة أخرى؛ بدءاً من الإحساس بأنّ الله هو عصمة المؤمن من كلّ سوءٍ، وهو المُستعاذ به ممّا قد يلحق بالإنسان من الجور الذي يتحرّك به الجائرون، والكيد الذي ينطلق به الحاسدون، والبغي الذي يندفع به الظالمون.. وكلّ ذلك على قاعدة التوحيد، ورفض الشرك، والإقرار بأنّ الله سبحانه هو الملك والمالك لكلّ شيء بذاته؛ لأنّه وحده خالق كلّ شيء، لا ينازعه فيه أحد، وهو الحاكم الذي ينفذ في الكون حكمه، لا يضادّه فيه أحد.
ثمّ يتحرّك الدعاء في الصلاة على النبيّ محمّد، على هدي قوله تعالى: **إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ، يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً** **1**، ليستغرق الإنسان بشكر الله في درجاته العليا، وليطلب من الله العون على الثبات على الطاعة، ولزوم العبادة، وأن يكتنفه برحمته الواسعة التي تصدّه عن معاصيه مدى عمره، وأن يوفّقه لما ينفع الإنسان كلّه في امتداد حياته، على قاعدة القرآن الذي يطلب من الله أن يوفّقه لتلاوته الواعية التي ترتفع به إلى الخير الذي تسقط معه أوزاره، ويسلم فيه دينه، وذاته، وأن يُؤنس به أهله وأخوانه، فلا يوحشهم بوفاته. ثمّ يتضرّع إلى الله ليمتدّ إحسانُه له في بقيّة عمره، كما انفتح على إحسانه في بداياته.





شرح دعاء يوم السبت


بِاسْمِ اللهِ

الله، اسم للذّات الإلهية. هو سرّ الوجود، ومبدع النظام الكوني الذي يحكم حركة الزمن، في تعاقب الأيّام في مسيرة الليل والنهار.
باسم الله، كلمةٌ ينطق بها اللسان في بداية هذا اليوم، ليفتح بها سعيه فيه، وليشعر بانفتاحه على الله، ليستعين به في ما يمكن أن يواجهه من مشاكل وعقبات وأحداث، وليحسّ ـ من خلال ذلك ـ بالانتماء إليه من موقع عبوديّته له على قاعدة الربوبية المطلقة.
وإذا كان من الأدب الإسلامي أن يبدأ كلّ قول، أو عمل، باسم الله، على هدى قول رسول الله **ص**: "كل أمرٍ ذي بالٍ لا يذكر بسم الله فيه فهو أبتر"**1**، فإن المطلوب ـ من خلال لك ـ أن يعيش الإنسان حضور الله في حركته، بحيث يستحضر في نفسه أن قدرة الله هي وراء قدرته على ما يصدر منه، من خلال ما أودعه الله سبحانه في طبيعة الحياة وحركيّتها، ليكون التوحيدُ متجدّداً في وجدانه في كل تفاصيل وجوده وحركته
.
كَلِمَةِ المُعْتَصِمِينَ

فالله هو الذي يعصِم عبده عن كل شيء؛ فبِهِ يعتصم في هدايته، وفي حمايته، وفي رعايته، وفي تسديده، وفي ترشيده، بما يلهمه إيّاه، ويهيّئ له الوسائل الكفيلة بإيصاله إلى مقاصده. وقد أكد الله ذلك في كتابه العزيز، حيث قال تعالى: **ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم؛ لأن ذلك هو الذي يكشف له سر التوحيد الإلهي الذي يرتبط من خلاله بالله في كل أموره، ولأنّ الله هو الولي لعباده لأن الولاية هي الحقّ له في الوجود كله، فلا ولاية لأحد غيره، وعلى الناس أن يخضعوا لهذه الولاية بالإعتصام بها والرجوع اليها والإستعانة بها في كل نواحي الحياة، وذلك هو قوله تعالى: **واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم المصير****4**. وقد قال تعالى في آية أخرى: **إلاّ الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً****5**؛ فهؤلاء الذين عاشوا الإيمان موقفاً؛ في التوبةِ من ذنوبهم، وإصلاح أعمالهم، والإعتصامِ بالله، والتمسك بحبلهِ، والسيرِ على خط هداه، والتوكلِ عليه، والإخلاصِ لله في دينهم هم النموذج الأمثل الذي يرضى الله عنه ويمنحه الأجر العظيم.. وفي مجال آخر، يتحدّث الله سبحانه عن تجلّي عصمته للإنسان، في شخص النبيّ محمّد **ص**، وذلك في قوله تعالى: **يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس****6**، فلا تتراجع، ولا تضعف، مخافة أن يتحدّث الناس عنك بطريقة سلبية، ليُثنوك عن موقفك؛ لأن الله سوف يعصمك منهم بلطفه، وعنايته، وتسديده، وإسقاط كل وسائلهم الخبيثة. وهذا هو الذي يمنح الإنسان القوّة، والصلابة، والشجاعة، في الثبات على الموقف، في حالات الاهتزاز التي تحرّكها القوى المضادّة، في ضغوطها الهائلة المتنوّعة على الواقع، ممّا يفسح في المجال للاستمرار من دون خوف.
وهكذا كانت هذه الكلمة ـ **باسم الله كلمة المعتصمين** ـ هي التي توحي للإنسان، في يومه هذا، بأن الله سوف يعصمه من كل مشاكله، ومصائبه، وأحواله السيّئة، إذا اعتصم به، فيشعر بالقوّة الروحيّة الربّانيّة في موقفه، بالإضافة إلى قوّته الذاتيّة، في إرادته المؤمنة بالقضّية الفاعلة في الواقع بإذن الله.

وَمَقَالَةِ المُتَحَرِّزِينَ **7**

فاسمك ـ يا ربّ ـ هو ما يُتحرّز به من البلاء الذي قد يصيب الناس من طوارئ الأوضاع، في أنفسهم، وأهليهم، وأموالهم، وأعراضهم، فيلجأون إلى الله من خلال الثقة بالله، والركون إليه، والإعتماد عليه ليجعلهم في حرزٍ وأمنٍ من كلّ ذلك.


وَأَعُوذُ بِاللهِ تَعَالَى مِنْ جَوْرِ الجَائِرِينَ


هؤلاء الذين يظلمون الناس، ويبغون في الأرض بغير الحق، من خلال ما يملكون من سطوة القوة، وسلطة القدرة، واستكبار الإرادة، مما قد يسقط أمامه المستضعفون الذين يخضعون لهم في ما يفرضونه عليهم، ممّا يؤدّي بهم إلى الإنحراف، ويوقعهم في أوضاع الذلة.
والمؤمنون هم الذين يلجأون إلى الله سبحانه، ليعوذوا به، ويستجيروا بقوته ليمنحهم القوة، بوسائلهم، من أجل مواجهة الجائرين والظالمين، على أساس "القوة في مقابل القوة"، أو ليصرف عنهم ذلك كله بلطفه ورحمته، مما يجعل ريحهم هباءً، لينجو المؤمنون منهم بقدرته التي لا قدرة فوقها.
وهذا هو المنهج الإيماني الذي يوجّه المؤمنين إلى أن يفزعوا الله عندما تعوزهم القدرة ويسيطر عليهم الضعف، من خلال سيطرة الظالمين عليهم، ليؤمنوا أنّ الله معهم، فيختزنوا بذلك القوة المعنوية، فلا يأخذهم الوهن والحرن، على هدَى قولِ الله حاكياً عن النبي **ص**، **إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا، فأنزل الله سكينته عليه وأيّده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا****8**

.
وَكَيْدِ الحَاسِدِينَ

هؤلاء الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ويحملون الحقد الأسود للمحسود، فيخطّطون لإسقاطه، ولإهدار حقوقه، والبغي عليه، وتحطيم أوضاعه، بطرق خفية أو معلنة.
وقد أراد الله في كتابه من عباده الإستعاذة به من **شر حاسد إذا حسد**، وذلك إذا خطّط للبغي على المحسود. وقد جاء في الحديث "إذا حسدت فلا تبغِ"**10**.. وفي ضوء هذا جاءت الإستعاذة بالله من الحاسدين فيما يخططون له، وفيما يكيدون به؛ لأن الله هو المسيطر على ما يفكّرون فيه، وما يتحرّكون به، ليصرف عن عبادة المؤمنين المحسودين كيد الكائِدين ومكرَ الماكرين.
وربّما نستوحي من الاستعاذة من كيد الحاسدين أنّ مسألة خطورة الحسد لدى الحاسد ليست هي تأثير العين بالشرّ في المحسود، بل هي في بغيه وعدوانه عليه، من خلال تخطيطه للشرّ في كيده ومؤامراته.


وَبَغْيِ الظَّالِمِينَ


في عدوانهم على المظلومين الذيم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ولا يدفعون عنها ظلماً، فيعيذهم الله من أولئك؛ لأنه سبحانه عند دعوة كل ظلم واستغاثة كل مستغيث؛ لأنه لا يحب الظالمين.
وربّما توحي هذه الاستعاذة بالله من بغي الظالمين، أن يأخذ الإنسان بأسباب القوّة الروحيّة في مواجهته لهم عند خضوعه الذاتي لبعض عناصر الضعف، فيزيده ذلك قوّة وصلابة في موقفه، ممّا يحوّل العنصر الروحي في الاستعاذة بالله إلى قوّة في العنصر المادّي، باعتبار ارتباط الجسد في ثبات موقعه بالجانب الروحيّ، في تفاعلاته الواقعيّة، وليست القضيّة حالة غيبيّة تجريديّة مباشرة.


وَأَحْمُدُهُ فَوْقَ حَمْدِ الحَامِدِينَ


لأن الله هو الذي يملك الحمد كله في ذاته، فلا حمد إلا حمده، ولا يبلغ أحد من حمده ما هو أهله؛ لأنه الحمد المطلق الذي لا يقف عند حدّ.
ولذلك، فإن المؤمن عندما ينفتح على الحمد لله بمحامده كلها، فإنه يرتفع بحمده فوق حمد كل حامد، ليبلغ من ذلك كله ما هو أهله من دون تفاصيل.. وهذا هو ما يتعبّد به الإنسان لله، في الثناء عليه من خلال كلمة "الحمد لله" التي تحتوي الثناء كله.
وعن الإمام جعفر الصادق **ع** أنّه قال: "كان رسول الله **ص** إذا ورد عليه أمر يسرّه قال: الحمد لله على هذه النعمة، وإذا ورد عليه أمر يغتمّ به قال: الحمد لله على كلّ حال"**12**.


اللهُمَّ أَنْتَ الوَاحِدُ بِلا شَرِيكٍ

فقد أدركتُ توحيدك من خلال سرّ الفطرة الذي أودعته في مكونات وجودي، كما قلت في كتابك: **فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون****13**. وقد قادتني الفطرة إلى توحيدك، فلا إله غيرُك، ولا ربَّ سواك، ولا شريك لك؛ لأنه لا مثل لك ولا بديل. وقد انفتح لي العقل على ذلك من خلال ما بيَّنتَهُ من الحقيقة الكونية، في توازن النظام الكوني الوجودي: **لو كان فيها إلهة إلا الله لفسدتا****14**، **وما كان معه من إله، إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض، سبحان الله عمّا يصفون****15**. ولذلك فإن التوجّه في الأمور كلّها إليك وحدك، والعبادة لك دون غيرك، والطاعة لك لا لسواك.
إنّه التوحيد في الألوهية، والعبادة، والطاعة لك لا لسواك. إنّه التوحيد المطلق الذي يمثّل، في وجودنا أمامه، العبودية المطلقة لك.


وَالمَلِكُ بِلا تَمْلِيكٍ


فلم يملّكْكَ أحد، فأنت المالك لكل شيء من خلال ذاتك؛ لأنك الأزلي السرمدي الذي لا يسبقك العدم ولا يلحقك، وأنت المالك للكون من خلال خلقك له، وغناك عنه، وحاجته إليك، وكلّ المالكين أخذوا ملكهم منك؛ فأنت مالك الملك، **تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير****16**.


لا تُضَادُّ فِي حُكْمِكَ


لأنّ الحكم لك في الدنيا والآخرة. قال تعالى: **إن الحُكم إلا لله يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين****18**، وقال تعالى: **ثمّ ردّوا إلى الله مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين****19**، وقال تعالى: **إن الحُكم إلا لله أمر ألاّ تعبدوا إلا إيّاه ذلك الدين القيّم ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون****20**، وقال تعالى: **وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه تُرجعون****21**، وقال عزّ وجل: **ولا تدع مع الله إلهاً آخر لا إله إلا هو كلّ شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه تُرجعون****22**.


فمن الذي يملك المضادّة لك!؟ وماذا لديه من القدرة وهو العبد المملوك الذي لا يقدر على شيء!؟ فأنت تملك الحكم كله، والقضاء كله، في التكوين والتشريع؛ لأنك المالك لكل شيء، والمهيمن على كل شيء.

وَلا تُنَازَعُ فِي مُلْكِكَ

فالكلّ عبادك الذين لا قدرة لهم إلاّ ممّا أعطيتهم من القدرة، ولا قوة لهم إلا بما منحتهم من القوة، فهم خاضعون لك في كل وجودهم، فكيف ينازعونك ملكك ليشاركوك فيه، أو ليتغلبوا عليك فيه، وهم الذين يتقلّبون في ملكك الذي يحيط بهم من كل جانب، في داخل ذواتهم وفي خارجها.
أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ
الذي دلّنا إليك، وهدانا إلى دينك، وبلَّغنا رسالتك، وتلا علينا آياتك، وعلمنا كتابك وحكمتك، ومنَحنا تزكية عقولنا ونفوسنا، وبشَّرنا بثوابك إذا أطعناك، وأنذرنا عقابك إذا عصيناك، فلذلك نسأل أن تعطيه الكرامة بالصلاة عليه، ورفعِ درجته، جزاءً لما قام به من الجهد في أداء الرسالة، وهدايتنا من الضلالة.
وقد نلاحظ هنا أنّ من أدب طلب الحاجة من الله تعالى أن يقدّم الصلاة على النبيّ محمّد **ص**. وهذا ما نجده يتكرّر في مختلف الأدعية المرويّة عن أهل البيت **ع**. وعن عليّ **ع**، في نهج البلاغة، أنّه قال: "إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجة، فابدأ بمسألة الصلاة على رسوله صلّى الله عليه وآله، ثمّ سل حاجتك، فإنّ الله أكرم من أن يُسأل حاجتين، فيقضي إحداهما ويمنع الأخرى"**


وَأَنْ تُوزِعَنِي مِنْ شُكْرِ نُعْمَاكَ مَا تَبْلُغُ بِي غَايَةَ رِضَاكَ


لأنّك وليُّ كلّ نعمة، فلا وليَّ للنِّعمة غيرك. وأنت صاحبُ كلّ حسنة، فمنك كل ما يحيط بنا من ذلك، ومنتهى كل رغبة، فليس هناك بعد الرغبة إليك رغبة، فألهمني يا رب من الشكر لك ما أنت أهله، وما يبلغ بي رضاك مما تستحقه منا، فإننا لا نبلغ ذلك بقدرتنا الذاتية؛ لأن شكرنا لك نعمةٌ جديدة لا بد أن نشكرك عليها، فكيف نحصل على منتهى الشكر!؟

وَأَنْ تُعِينَنِي عَلَى طَاعَتِكَ

لأنها التي تبلغ بي إلى الإخلاص في القيام بمسؤولياتي تجاهك، في القيام بما أمرتني به والإجتناب عما نهيتني عنه، في كل أموري الخاصة والعامة، وأنا أطلب منك ـ يا ربّ ـ أن تعينني على طاعتك لأنّ الثبات على طاعتَك يحتاج منّي إلى الصبر، ومنك إلى التسديد والعناية. وقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق **ع**: "رأس طاعة الله الصبر والرضا"**26**، وعن عليّ **ع**: "أجدر الناس برحمة الله أقومهم بالطاعة"**27**. وأنّا أعلم ـ يا ربّ ـ أنّك لم تأمُرنا بطاعةٍ إلا وفيها رشدُنا وصلاحُنا، ولم تنهَنا عن معصية إلاّ وفيها غيُّنا وفساد أمرنا. وقد ورد في ذلك عن عليّ **ع**، في وصيّته لابنه: "إنّه ـ يعني الله سبحانه ـ لم يأمرك إلا بحسن، ولم ينهَك إلا عن قبيح"**28**.


وَلُزُومِ عِبَادَتِكَ

التي هي المظهر لعبوديتي لك، في قيامي بين يديك، وركوعي، وسجودي، وابتهالاتي، وانسحاق إرادتي أمامك.


وَاسْتِحْقَاقِ مَثُوبَتِكَ بِلُطْفِ عِنَايَتِكَ


هي المثوبة التي وعدتنا بها إذا سرنا في خط الاستقامة، في معنى العبودية الحقّة أمام الربوبية المطلقة، وذلك من خلال عنايتك التي تفيض علينا باللطف والرحمة والرضوان والتسديد.


وَتَرْحَمَنِي بِصَدِّي عَنْ مَعَاصِيكَ مَا أَحْيَيْتَنِي


أنت ـ يا ربّ ـ الرحيم بعبادك، ورحمتُك وسعت كلّ شيء، فأسألك أن تلهمني الروحانية التي ترفعني إلى آفاق الروح الذي يضمّني في مواقع القرب عندك، فيمتلئ قلبي بالإخلاص لك، ويرتفع عقلي بالمعرفة بك، وتقوى إرادتي بالطاعة لك، فيمنعني ذلك من التعرض لغضبك، والتهجم على معاصيك من خلال قوة الإيمان بك، والمحبة لك، والخضوع لك.

وَتُوَفِّقَنِي لِمَا يَنْفَعُنِي مَا أَبْقَيْتَنِي


بأن تلهمني البصيرة، لأعرف ـ من خلال تقدير الأمور فيما يصلح أمري وينفع مصيري في الدنيا والآخرة ـ مواقعَ رضاك في ذلك كله، وأستلهم، في إيماني المنفتح على كل أعمالي وأقوالي ومواقفي، كل مفردات الطاعة في خط الرضوان، ولأحصل من ذلك على العصمة في الرؤية، حتى لا أخطئ في الحكم على الأشياء، فيحسن لي القبيح، ويقبح عندي الحسن، ولأنطلق للحصول ـ من خلال ذلك ـ على العصمة في حركة الواقع.


وَأَنْ تَشْرَحَ بِكِتَابِكَ صَدْرِي


لأن كتابك، القرآن المجيد، هو الكتاب الذي **لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه****32**، فهو النور الذي يضيء غيره، ولا يحتاج إلى إضاءة أي شيء له، وقد قال تعالى: **قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتّبع رضوانه سُبُل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم****33**. وهو الوحي الذي يعبّر عن كلمتك ـ يا ربّ ـ وإرادتك وتشريعك. ولذلك، فإنه يخرج الناس من الظلمات إلى النور، نورِ الفكر والحركة والحياة، الأمر الذي يفرض على الناس أن يفهموه، ويتعرّفوا أسراره، ليدركوا مفاهيمه المرتبطة بحياتهم في مواقع رضا الله، واتّباع رسوله.
ما نريده منك ـ يا ربّ ـ أن تلهمنا المعرفة المشرقة الواضحة التي تشرح آياته، وتفتح عقولنا على كل ما يتصل به، في العقيدة، والشريعة، وحركة الإنسان في تطلعاته وقضاياه وحاجاته في الحياة. وقد قلتَ فيه ـ يا ربّ ـ: **أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين، الله نزّل أحسن الحديث كتاباً متشابها مثاني تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربّهم ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد****34**، كما نرجو منك يا الله أن توفّقنا إلى أن لا نخطئ في فهم مضمونه الفكري، أو الروحي، أو العملي، حتى نهتدي به في ظلمات الشكّ، والوهم، ومتاهات الشبهات.


وَتَحُطَّ بِتِلاوَتِهِ وِزْرِي


وذلك بالتلاوة الواعية العميقة التي تتدبّر آياته، اتّباعاً لقوله تعالى: **أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً****36**، ولقوله تعالى: **أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها****37**، ولقوله تعالى: **كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته وليتذكّر أولو الألباب****38**.
وبذلك ينفذ القرآن إلى العقل والقلب والحياة، ويتحول الإنسان إلى تجسيد عملي للآية، ليرى الناس في الواقع المتجسد ما يفهمونه من الآية؛ لأن الله يريد للقرآن أن يكون وسيلة للحياة، كما قال سبحانه: **يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم****39** وبذلك تسقط الأوزار عن الإنسان من خلال الطاعة لله التي يتمثلها في وعيه القرآني، كما كان النبي محمد **ص**، خلقُه القرآن. ولذا أرادنا الله أن نقتدي به في قوله تعالى: **لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً****40**، فقد كان الناس يسمعون الآية من الرسول **ص**، ثم يتمثلون في سيرته كواقع حيّ متجسّد.


وَتَمْنَحَنِي السَّلامَةَ فِي دِينِي وَنَفْسِي


لأنك ـ يا ربّ ـ الذي توفقني للسلامة في الدين، بأن تعصمني من الخطأ والإنحراف، وتهديني إلى صراطك المستقيم، حتى لا أقدّم رِجلاً، ولا أؤخّر أخرى، حتى أعلم أن ذلك لك رضىً، وحتى لا أحب تعجيل ما أخّرت، ولا تأخير ما عجّلت.
وأنت ـ يا ربّ ـ الذي تملك حياتي وموتي، فمنك الحياة والسلامة في استمرار الحياة، وها أنذا أطلب ـ يا ربّ ـ عافيَتك في كلّ ذلك.


وَلا تُوحِشَ بِي أَهْلَ أُنْسِي

بتعجيل وفاتي، بل ان تمهلني من خلال ما تقضي به من طول عمري بإرادتك، فلا يستوحش أهلي بما تقدّره لي من الوفاة.


وَتُتِمَّ إحْسَانَكَ فِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي كَمَا أَحْسَنْتَ في مَا مَضَى مِنْهُ


فأنت وليُّ الإحسان في وجودي، وفي تفاصيل الحياة، فلا زلت اتقلّب من إحسان إلى إحسان، في فيوضات نعمك عندي في كل أموري وأوضاعي. وها أنا أدعوك ـ يا ربّ ـ أن تمنحني في بقية عمري من إحسانك ما سبق لي من ذلك كله.


يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ


لأنني يارب سرّ رحمتك التي وسعت كل شيء، فلا أمل لي إلا بها في حياتي كلها.
وهذه ـ يا ربّ ـ كلماتي إليك في يومي هذا، فامنحني خيره، وخير ما فيه، من فضلك، يا ربّ العالمين.

منقول للفائدة








آخر مواضيعي 0 عن مرض السكر
0 ٩٥- صحة المرآة.. كل مايهمك لتعرفيه حول اسرار جسمك وصحتك/حلقة المليون
0 القرع العسلي
0 دكتور كريم علي - الضعط العالي
0 دكتور جودة محمد عواد والمنظومة العلاجية
رد مع اقتباس
قديم 12-08-2007, 08:02 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي

همس الحب .... الاخت الغالية



حفظك ربى ويسر أمورك على موضوعك القيم والدعاء الذى يثلج الصدور

بارك الله فيك وفى أسرتك ومتعك بالصحة والعافية

ننتظر دوما كل قيم ومفيد منك






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 12-08-2007, 08:45 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عاشق الاهلى
زائر
إحصائية العضو






 

افتراضي

همس الحب

جزاكى الله خيرا اختى الفاضله

وجعله فى ميزان حسناتك وحسناتنا

امين







آخر مواضيعي 0 زود معلوماتك عن البطاريات
0 ارشادات مهمة تجعل سيارتك جديدة تماما
0 اعترافات جديدة من اشخاص مهمة ستستكمل تخص بيع الآثار
0 ###قانون جديد يلزم المقبلين علي الزواج اجراء فحوصات طبية ###ايه العمل
0 ###ده جزاء اللى يبيع الاهلى###اشرب ياهارب###
رد مع اقتباس
قديم 12-08-2007, 10:11 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
بسمه أمل

الصورة الرمزية بسمه أمل

إحصائية العضو








بسمه أمل غير متواجد حالياً

 

افتراضي

همس الحب المبدعه
جزاكي الله خيرآ على طرحك القيم
وجعله الله في موازين أعمالك
بورركتي






آخر مواضيعي 0 الهزيمة النفسية
0 في رحاب الحبّ النبويّ
0 عرض نبينا ينتهك ؟!!.
0 أطيــاف ملونــة
0 عش مع القرآن تعش سعيدًا
رد مع اقتباس
قديم 12-09-2007, 02:27 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
همس الحب

الصورة الرمزية همس الحب

إحصائية العضو







همس الحب غير متواجد حالياً

 

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد المصرى مشاهدة المشاركة
همس الحب .... الاخت الغالية



حفظك ربى ويسر أمورك على موضوعك القيم والدعاء الذى يثلج الصدور

بارك الله فيك وفى أسرتك ومتعك بالصحة والعافية

ننتظر دوما كل قيم ومفيد منك

شكرا ياحمد علي حسن تقديرك باهمية الموضوع


وكم أسعدني مرورك

تقبل الله منا ومنك

صالح أعمالنا






آخر مواضيعي 0 عن مرض السكر
0 ٩٥- صحة المرآة.. كل مايهمك لتعرفيه حول اسرار جسمك وصحتك/حلقة المليون
0 القرع العسلي
0 دكتور كريم علي - الضعط العالي
0 دكتور جودة محمد عواد والمنظومة العلاجية
رد مع اقتباس
قديم 12-09-2007, 02:29 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
همس الحب

الصورة الرمزية همس الحب

إحصائية العضو







همس الحب غير متواجد حالياً

 

افتراضي

عاشق الاهلي
رأيت ضوء أحمر ساطع جميل
وقتها تيقنت انه انت
نورك زاد صفحتي ضياء
تقبل الله منا ومنك صالح الاعمال







آخر مواضيعي 0 عن مرض السكر
0 ٩٥- صحة المرآة.. كل مايهمك لتعرفيه حول اسرار جسمك وصحتك/حلقة المليون
0 القرع العسلي
0 دكتور كريم علي - الضعط العالي
0 دكتور جودة محمد عواد والمنظومة العلاجية
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:00 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator