العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > ابحاث علميه و دراسات

ابحاث علميه و دراسات Research , analysis, funding and data for the academic research and policy community , ابحاث , مواضيع للطلبة والطالبات،أبحاث عامة ،بحوث تربوية جاهزة ،مكتبة دراسية، مناهج تعليم متوسط ثانوي ابتدائي ، أبحاث طبية ،اختبارات، مواد دراسيه , عروض بوربوينت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04-10-2014, 05:53 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

New1 الأسرار .. وسر نجمة داود

الأسرار ..


1


نجمة داوود


نجمة داوود على أقدم نسخة كاملة من التناخ في متحف سانت بطرسبرغ, تعود لعام 1008م




نجمة داوود وتسمى أيضا بخاتم سليمان وتسمى بالعبرية ماجين داويد بمعنى "درع داوود" ، تعتبر من أهم رموز هوية الشعب اليهودي وهناك الكثير من الجدل حول قدم هذا الرمز فهناك تيار مقتنع بأن إتخاذ هذا الشعار كرمز لليهود يعود إلى زمن النبي داوود ولكن هناك بعض الأدلة التأريخية التي تشير إلى ان هذا الرمز أستخدم قبل اليهود كرمز للعلوم الخفية التي كانت تشمل السحر و الشعوذة
وهناك أدلة أيضا على إن هذا الرمز تم استعماله من قبل الهندوسيين من ضمن الأشكال الهندسية التي استعملوها للتعبير عن الكون و الميتافيزيقيا
وكانوا يطلقون على هذه الرموز تسمية ماندالا Mandala وهناك البعض ممن يعتقد إن نجمة داوود أصبحت رمزا للشعب اليهودي في القرون الوسطى وإن هذا الرمز حديث مقارنة بالشمعدان السباعي الذي يعتبر من أقدم رموز بني إسرائيل .
في عام 1948 ومع إنشاء دولة إسرائيل تم اختيار نجمة داوود لتكون الشعار الأساسي على العلم الإسرائيلي ..


النجمة السداسية عبر التأريخ



هناك إجماع على إن الجذور العميقة لرمز النجمة السداسية تعود إلى قرون من الزمن سبقت بداية تبني هذا الرمز من قبل الشعب اليهودي. لايمكن تحديد البداية الفعلية لاستعمال هذا الرمز على وجه الدقة ولكن هناك مؤشرات على الاستعمالات التالية في التأريخ لرمز النجمة السداسية:

في الديانات المصرية القديمة كانت النجمة السداسية رمزا هيروغليفيا لأرض الأرواح وحسب المعتقد المصري القديم فإن النجمة السداسية كانت رمزا للإله أمسو الذي وحسب المعتقد كان أول إنسان تحول إلى إله وأصبح إسمه حورس ويعتقد البعض إن بني إسرائيل استعملوا هذا الرمز مع العجل الذهبي عندما طالت غيبة موسى عليهم في جبل سيناء أثناء تسلم موسى الوصايا العشر فقام مجموعة من بني إسرائيل بالعودة للرموز الوثنية التي كانت شائعة في مصر آنذاك ، وقد تكون منشأ هذه النظرية بخصوص علاقة النجمة السداسية بفكرة ارض الأرواح وحورس منشأها تشابه إلى نوع ما بين اسم حورس بالهيروغليفية و النجمة السداسية .

في الممارسة القديمة التي تعتبر اصل علم الكيمياء الحديثة والتي كانت تسمى خيمياء كانت النجمة السداسية رمزا لتجانس متضادين و بالتحديد النار و الماء

في "العلوم الخفية" والتي هي عبارة عن ممارسات قديمة لتفسير ماهو مجهول او ماوراء الطبيعي تم استعمال النجمة السداسية كرمز لآثار أقدام نوع من "العفاريت" وكانت النجمة تستعمل في جلسات إستحظار تلك "العفاريت" .

في الديانة الهندوسية يستعمل النجمة السداسية كرمز لإتحاد القوى المتضادة مثل الماء و النار ، الذكر و الأنثى ويمثل ايضا التجانس الكوني بين شيفا (الخالق حسب أحد فروع الهندوسية) و شاكتي (تجسد الخالق في صورة الإله الأنثوي) و ايضا ترمز النجمة السداسية إلى حالة التوازن بين الإنسان و الخالق التي يمكن الوصول اليه عن طريق الموشكا (حالة التيقظ التي تخمُد معها نيران العوامل التي تسبب الآلام مثل الشهوة، الحقد والجهل). ومن الجدير بالذكر إن هذا الرمز يستعمل في الهندوسية لأكثر من 10،000 سنة

في الديانة الزرادشتية كانت النجمة السداسية من الرموز الفلكية المهمة في علم الفلك و التنجيم

في بعض الديانات الوثنية القديمة كانت النجمة السداسية رمزا للخصوبة و الإتحاد الجنسي حيث كان المثلث المتجه نحو الأسفل تمثل الأنثى و المثلث الآخر يمثل الذكر .

في عام 1969 تبنى كنيسة الشيطان النجمة السداسية داخل دائرة كرمز لها وكان إختيار هذا الرمز نتيجة للرمز المشهور في الكتاب المقدس 666 الذي تم ذكره في نبوءة دانيال والتي تشير إلى الدجال او ضد- المسيح .

تم استعمال النجمة السداسية و الرقم 666 في حبكة رواية شيفرة دا فينشي (2003) للمؤلف دان براون كجزء من نظرية المؤامرة .



الفرضيات حول المنشأ



نجمة داوود على أقدم نسخة كاملة من التناخ في متحف سانت بطرسبرغ, تعود لعام 1008مهناك نظريات مختلفة حول بداية استعمال النجمة السداسية كرمز للشعب اليهودي وفي مايلي بعض من هذه الفرضيات:

أهمية الرقم 6 في اليهودية في إشارة إلى الأيام الستة لخلق الكون و الأيام الستة التي يسمح بها للعمل و التقاسيم الستة للتعاليم الشفهية في اليهودية

النجمة السداسية تمثل الحرف الأول و الأخير من اسم داوود بالعبرية דָּוִד حيث يكتب حرف الدال بالعبرية بصورة مشابه لمثلث منقوص الضلع

من خلال مراقبة الشمس و القمر والنجوم والمذنبات كجزء من التنجيم يعتقد إن النجمة السداسية تمثل ميلاد الملك داوود او زمان إعتلاءه العرش .

إستنادا إلى كتاب كبالاه Kabbalah الذي يعتبر الكتاب المركزي في تفسير التوراة فإن هناك 10 صفات للخالق الأعظم وقد جرت العادة على تجسيد تلك الصفات على شكل هرم شبيه بنجمة داوود .

إستنادا على روايات غير موثقة فإن الدرع الذي إستعمله الملك داوود في المعارك في شبابه كان درعا قديما وقام بلفه بشرائط من الجلد على هيئة النجمة السداسية .

إشارة إلى يهوه الذي يعتبر من أقدم أسماء الخالق الأعظم في اليهودية و الذي يكتب بالعبرية הוה ويمكن تشكيل نجمة سداسية من الحرف الأول و الأخير .

رمز لتحرير اليهودية من العبودية بعد أربعمائة سنة قضوها في مصر‏.‏ فالشكل المثلث للهرم يدل علي التصوير الشامل لسلطة أما الهرم الآخر المقلوب فيعني الخروج عن هذه السلطة .

لايوجد أدلة في علم الآثار بكون نجمة داوود كانت شائعة الأرض المقدسة في زمن الملك داوود وأقدم دليل أثري تم العثور عليه لحد هذا اليوم هو عبارة عن وجود النجمة السداسية على شاهد قبر في مدينة تارانتو في الجزء الشرقي من جنوب إيطاليا والذي يعتقد إنها تعود إلى القرن الثالث بعد الميلاد ..

ويعتقد بعض الباحثين إن إرتباط النجمة السداسية باليهود قد يرجع إلى الملك سليمان الذي خلف الملك داوود حيث إشتهر سليمان بتعدد زوجاته وكانت إحداهن من مصر ومن المحتمل إن هذه الزوجة قد لعبت دورا في إنتشار النجمة السداسية التي كانت رمزا هيروغليفيا لأرض الأرواح حسب معتقد قدماء المصريين

تم العثور على اقدم نسخة من الكتاب المقدس اليهودي في سانت بطرسبرغ ويرجع تاريخ هذا الكتاب إلى عام 1010 وغلاف هذا الكتاب مزين بنجمة داوود .

تم العثور ايضا على مخطوطة قديمة للكتاب المقدس اليهودي المعروف بإسم التناخ في طليطلة ترجع إلى عام 1307 وقد تم تزيين هذه المخطوطة بالنجمة السداسية


القرون الوسطى


يوجد في القرون الوسطى حادثتين موثقتين عن استخدام نجمة داوود كشعار لليهود كانت احداها في عام 1354 في براغ عندما كات جزءا من بوهيميا حيث تم تصميم علم لليهود الساكنين في تلك المنطقة في عهد الملك تشارلس الرابع (1316 - 1378) حيث شاركت قوة من اليهود في قتال قوات تابعة لملك المجر . في عام 1648 وقعت حادثة مشابهة عندما تعرضت براغ لهجوم من قبل جيش السويد وكان من ضمن المدافعين عن المدينة مجموعة من اليهود فأقترح الإمبراطور فرديناند الثالث (1608 - 1657) على هذه الجماعة حمل راية خاصة بها للتمييز بينها وبين القوات السويدية الغازية وكانت الراية حمراء اللون وعليها نجمة داوود باللون الأصفر ..



العصر الحديث

إختارت الحركة الصهيونية عام 1879 نجمة داوود رمزاً لها واقترح تيودور هرتسل في أول مؤتمر صهيوني في مدينة بال أن تكون هذه النجمة رمزا للحركة الصهيونية بل أيضا رمز الدولة اليهودية مستقبلا ..

وتم استعمال هذا الرمز ايضا من قبل لجنة الطلاب "أخوة صهيون" في عام 1881 وفي عام 1882 اختار مؤيدي حركة "البيلو" نجمة داوود في ختمهم الرسمي ومن الجدير بالذكر إن حركة « محبة صهيون » ( البيلو ) كانوا من طلائع اليهود الذين بدؤا بالهجرة إلى فلسطين من 1882 إلى 1903 والذي يسمى ايضا بالهجرة الأولى..

وبعد إعلان دولة إسرائيل بستة أشهر قرر مجلس الدولة المؤقت بتاريخ 28 أكتوبر 1948 إعتماد نجمة داوود كشعار على العلم الإسرائيلي ..

من الجدير بالذكر إن اليهودية الأرثودوكسية ترفض إعتبار نجمة داوود رمزا للشعب اليهودي وذلك لكونها رمزا ذو علاقة بالسحر و الشعوذة القديمة او ماكانت تسمى العلوم الخفية .



نجمة داوود في المسيحية


يستعمل نجمة داوود كرمز من قبل الطائفة المسيحية التي تسمى المورمنز وخاصة في كنائسهم ويعتبر المورمنز النجمة رمزا لقبائل بني إسرائيل الأثنا عشر القديمة حيث يعتبر المورمنز نفسهم إمتدادا لهذه القبائل ويحتفل المورمن بكثير من المناسبات اليهودية حيث وقعت الكثير من الأحداث التأريخية للمورمنز في مناسبات يهودية مهمة ولا يعرف إن كانت هذه مصادفة او شيئا متعمدا فعيد ميلاد مؤسس الطائفة جوزيف سمث يصادف يوم الهانكة التي هي عطلة يهودية تبدأ عادة في ديسمبر وهناك 12 مناسبة تاريخية مهمة للمورمنز تصادف كلها مناسبات يهودية .




نجمة داوود و النازية


تم استعمال نجمة داوود من قبل النازية أثناء الهولوكوست حيث تم إجبار اليهود على وضع شارة صفراء على شكل نجمة داود على ملابسهم بغية التعرف على اليهود وكانت هناك ثلاث انواع من شارة النجمة السداسية المخصصة لليهود:

الشارة الصفراء على شكل نجمة داوود لليهود.
مثلت اصفر على مثلث وردي اللون عل شكل نجمة داوود لليهود المثليون .
مثلت اسود اللون على مثلث اصفر مرتبة على شكل نجمة داوود للاشخاص الذين ينتمون للعرق الآري وكانت لهم صلة قربى مع اليهود .







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-10-2014, 05:54 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الأسرار .. وسر نجمة داود

سر نجمة داود عليه السلام





إن نجمة داود هي رمز يتخذها اليهود شعارا لهم و لدولتهم و يضعونها بين خطين متوازيين لونهما ازرق و النجمة أيضا زرقاء اللون و النجمة ترمز إلى اليهود أو إلى بني إسرائيل و الخطين يرمزان إلى نهري النيل و الفرات لأن اليهود مؤمنين بأن الله سبحانه و تعالى قد وهبهم الأرض الواقعة بين نهري النيل و الفرات ( وكل الدول التي عقدت معاهدات استسلام لم تجرؤ على الاعتراض على ما شكل العلم الصهيوني و ما يمثله لأول المبادئ التي قامت على أساسها دولة إسرائيل ألا و هي إنشاء الدولة العبرية و من النيل إلى الفرات والطلب منها أن تغير علمها لأنه بحد ذاته يدل على الأطماع الصهيونية في هذه الأرض و الذي يناقض كل ما تدعيه إسرائيل من حبها و حرصها على العيش مع العرب بصورة سلمية مع إن أول شيء تطلبه الصهيونية من أي حاكم عربي هو الإقرار بحق إسرائيل في الوجود و هم فعلوا ما أرادوا منهم صاغرين ) .

طبعا نحن المسلمين مكلفين بالتصديق بكل الديانات السماوية ( اليهودية و المسيحية ) و بجميع الأنبياء عليهم السلام و أن كل ما جاء به هؤلاء الأنبياء من أوامر أو نواهي هي من الله سبحانه و تعالى و طبيعي أن ما يخبره الله سبحانه و تعالى للأنبياء عليهم السلام من أمور و علامات ستحدث في آخر الزمان يجب أن يكون متشابها و يحمل نفس المعنى و المضمون لأنه يصدر من مشكاة واحدة هي العلم الرباني. و لهذا فأننا سنجد تشابها في علامات و دلائل ظهور و شخص المنقذ الإلهي الموعود في ما بين الديانات السماوية الثلاث و خاصة ما بين الديانة الإسلامية و الديانة اليهودية . و لكن بعض اتباع هذه الديانات تلاعبوا ببعض هذه العلامات و الدلائل لتتوافق مع أهواءهم و ما يريدون … و من هنا ظهرت بعض الاختلافات في ما بين هذه الديانات حول المنقذ الإلهي الموعود.

و لكي نعرف ما هو اصل هذه النجمة و لماذا اتخذها اليهود شعارا لهم فنلجأ إلى الموسوعة البريطانية و التي ذكرت ما يلي عـــــن نجمة داود ( إن التسمية العبرية لنجمـــة داود هو ( مجن داود) أي ( درع داود ) و يلــــــفظ أحيانا ( موجن داود) و هي شكل نجمي من ستة رؤوس يمثل مثلثان متعاكسان متساويي الأضلاع …….) ( إن كلــــــمة ( مجن ) موجودة في اللغة العربية و هي تعني أيضا الدرع أو الترس ) . إن اتخاذ اليهود لهذا الرمز شعارا لهم و الذي يرمز للشجاعة و التضحية و النصر هو تيمنا بما فعله نبي الله داود ( عليه السلام ) عندما انتصر لبني إسرائيل على أعـداءهم الفلسطينيين و قتله لقائدهم ( جالوت ) . و قتـــل ( جالوت ) على يــــد النبي داود ( عليه السلام ) مذكور في القرآن الكريم أيضا .

ولو ذهبنا إلى القرآن الكريم لنعرف ما جاء في خبر داود ( عليه السلام ). فنجد أن الله سبحانه و تعالى قد أعطى له معجزات من ضمنها أن الآن له الحديد ( أي جعل الحديد لينا بيده يشكله كيفما شاء ) فقال تعالى ( و لقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه و الطير و ألنا له الحديد ) 10 سبأ . و علمه صنعة و هي صنع الدروع حيث أن الدروع و بطريقة لم تكن معروفة سابقا فقال تعالى ( و عـلمنه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل انتم شاكرون ) 89 الأنبياء و طلب منـــــه أن يعمله بطريقة خاصة و لـــقد أطلق سبحانه و تعالى اســـم ( سابغات ) على هذه الدروع فقال تعالى ( أن اعمل سابغات و قدر في السرد و اعملوا صالحا إني بما تعملون بصير ) 11 سبأ . من هنا ندرك مما جاء في القرآن الكريم وبما جاء في التاريخ اليهودي من إن اليهود أنفسهم يطلقون على هذا الشكــــل ( النجمة ) مجن داود و يعني درع داود إن شكل الدروع التي قام داود ( عليه السلام ) بصنعها أما كان شكلها هو نفس شكل النجمة أو أن القطع المكون منها كان شكلها يمثل شكل النجمة .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-10-2014, 05:55 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الأسرار .. وسر نجمة داود

حواء وليليت




منحوتة عراقية قديمة تصور ليليث



ليليث (بالعبرية: לילית) شيطانة عواصف من بلاد الرافدين تُرافق الريح، واعتُقِد أنها تحمل المرض والموت. ظهرت شخصية ليليث للمرة الأولى كشيطان أو روح مرتبطة بالرياح والعواصف، عُرفت باسم ليليتو في سومر، حوالي 3000 قبل الميلاد. يُرجع العديد من الباحثين التركيب الصوتي لاسم ليليث إلى العام 700 قبل الميلاد.

تظهر ليليث في المعارف اليهودية باعتبارها شيطان الليل، وكبومة نائحة في إنجيل الملك جيمس.


أصل الكلمة

לילית العبرية (ليليث)، Līlītu الأكدية (ليليتو)، صفتا نسبة مؤنثتان من الكلمة ذات الأصل السامي ليل LYL، والتي تعني الليل، وتترجم حرفياً إلى: كيان ليلي أنثوي، بالرغم من إشارة النص المسماري إلى ليليت وليليتو باعتبارهما أرواح ريح حاملة للمرض.
قد تشير الكلمة الأكدية لي-ليتو (سيدة الهواء) إلى الربة السومرية نينليل (سيدة الهواء)، ربة الرياح الجنوبية وزوجة إنليل.






عقـدة ليليـت "الجانـب المظلـم مـن الأنوثـة"

هانس يوأخيم ماس

ترجمة د. سامر جميل رضوان




ترمز الصورة الأسطورية لليليت إلى الجزء المحرم من النفس الأنثوية. فليليت تعتز باستقلاليتها وفاعليتها الجنسية، وترفض الأمومة. ليليت هي كل امرأة، ولكن ليس كل امرأة تجرؤ، على خبرة هذا الجانب. الأمر الذي يقود إلى عواقب وخيمة كما يظهر ذلك المحلل النفسي، هانس يوأخيم ماس.

تعني ليليت في اللغة العبرية "العتمة". ومنذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة تطلق عليها في الأساطير تسمية جنية الليل المجنحة. واعتبرها السومريون و البابليون والآشوريون والكنعانيون والفرس والعبريين والعرب والتويتونيون آلهة وغاوية وقاتلة للأطفال. ووفق التفسيرات العبرية المتأخرة كانت ليليت وفق سفر التكوين الزوجة الأولى لآدم. فحسب الروايات اليهودية خلق الله سبحانه وتعالى ليليت، الزوجة الأولى لآدم بالطريقة نفسها التي خلق بها آدم. غير أن آدم وليليت لم يتفقا مع بعضهما أبداً. فلم تكن ليليت مستعدة للخضوع لآدم. وقد بررت مطالبتها بالمساواة مع آدم بأنها قد خلقت من التراب نفسه الذي خُلق منه آدم. وقد عبرت ليليت عن مساواتها مع آدم من خلال امتناعها عن أن يلقي آدم جسده فوقها أثناء ممارسة الجنس. فقد أرادت أن تكون مشاركة في الفعل الجنسي بصورة فاعلة و "تنام" فوق آدم.

قاد امتناع ليليت عن الخضوع لآدم إلى قلقه وغضبه. و أدت حدة الخلافات بينهما إلى هروب ليليت من الجنة في النهاية. ومن هنا نشأت الصورة الأولى لليليت باعتبارها "الأنثى الشهوانية"، ولاحقاً باعتبارها آلهة الدعارة و الجن والاستمناء.

ويصور التلموديون ليليت على شكل أنثى متبرجة و مغرية، ذات شعر طويل ونهدين نصف عاريين تغوي الرجال وتهدد الأطفال. وفي قصة فاوست لغوته يسأل الدكتور فاوست في أثناء الطيران السحري على ظهر وعل الجبال: ومن هذه التي هنا؟ أجاب ميفستو: إنها ليليت، الزوجة الأولى لآدم، احذر من شعرها الرائع ، من عقدها التي تزهو به، فإذا ما طوقت الشاب به، فإنها لن تدعه يذهب أبداً.

وحسب الروايات فقد عاقب الله ليليت لرفضها الخضوع، وعلى هروبها من الجنة. وكان العقاب: بأن قضي عليها أبداً أن تظل غاوية شهوانية وقاتلة أطفال مرعبة وأن تعيش في الأماكن الموحشة والمقفرة من الأرض-بين الحيوانات الكاسرة.

أما بالنسبة للحضارة المسيحية فيعد من الأهمية بمكان أن ترجمة لوثر للتوراة لم تتمسك بدقة بالنص التوراتي الأصلي. فالنص التوراتي الأصلي يشير بوضوح إلى أن حواء هي الزوجة الثانية لآدم. ويروي النص الأصلي عن آدم قوله: "هذه المرة رجل من رجلي". ووفقاً لذلك فقد كانت حواء "المحاولة الثانية". وعلى عكس حواء فقد استبعدت ليليت من التوراة كلية تقريباً ولا يرد ذكر لها إلا عند jesaja (34.14).

فعندما اشتكى آدم ربه بعد هروب ليليت من الجنة بأنه قد مل البقاء وحيداً، حلت رحمة الله عليه، فخلق له حواء. ولكنه لم يخلقها من التراب كما فعل بليليت، وإنما من أحد أضلاعه هذه المرة. ومن ثم فقد خلق الله حواء لتكون خاضعة وليس مساوية لآدم. ونتيجة لهذا فقد كان من الممكن أن يحل الود والوفاق الدائم بين الزوجين في الجنة، من خلال وجود جنس مسيطر وجنس خاضع، لو لم تتدخل الأفعى –التي ترمز في هذه الصورة إلى ليليت كذلك- وتغري حواء نحو دفع آدم لتغريه بأكل التفاح، وتعيد بهذا تأجيج نار المعصية والصراع من جديد وعلى هذا النحو قُسمت صورة الأنثى منذ عشرات الآلاف من السنين إلى حواء وليليت، حيث تقدس البطريركية صورة حواء و تلعن صورة ليليت وتحرمها. وعليه فإن حواء ترمز لخضوع المرأة والسلبية الجنسية وللزواج الأحادي monogamy و للأمومة "المضحية" وللمطبخ والعبادة وتربية الأولاد وخدمتهم. و هو في الواقع مجرد جانب واحد فقط من الأنوثة. أما الجانب الآخر فتعبر عنه ليليت التي ترمز للمساواة والفاعلية الجنسية والرغبة ورفض الإنجاب والأمومة.

إننا نتعرف في كل من حواء وليليت على وجهين من الوجود الأنثوي، منفصلان عن بعضهما ومتنافران على الأغلب، ويمتلكان مشاعر عدائية تجاه بعضهما. يمثلان نمطين مختلفين من النساء: القديسة والعاهرة.

حواء، المرأة الحنون والوفية المخلصة والخاضعة للرجل. بالمقابل نجد ليليت تمثل حياة اللذة والرغبة والإغراء والشهوة والاستقلال. أما الرجال فهم دائماً مشتاقون إلى كلا الوجهين وخائفون في الوقت نفسه من كلا الوجهين من الأنوثة. إنهم يصدون خوفهم من الملل وفقدان الرغبة في الزواج بحواء من خلال المعشوقات أو الانغماس مع العاهرات. ونتيجة للخوف من القوة الأنثوية و جيشان الرغبة والاستقلالية يحاولون قمع ومقاومة أي مظهر من مظاهر ليليت في كل امرأة وتحريمه أخلاقياً.

غير أن تحريم وإنكار ليليت بالنسبة للرجال والنساء معاً يعد منبعاً للمعاناة الوخيمة التي لا يمكن وصفها ولصراع الجنسين المرير وللعلاقات غير السعيدة، وهو السبب الكامن خلف ما يسمى "الاضطرابات المبكرة" لدى الأطفال.

تحتوي عقدة ليليت على ثلاثة مظاهر مقموعة أو منكرة أو منقسمة أو مهملة أو محرمة من الأنوثة:

1- المرأة المساوية للرجل، والتي لا هي أدنى ولا أعلى منه، وإنما مساوية له، الناشئة من الأصل نفسه ومجهزة من ثم بالحقوق نفسها.

2- المرأة الفاعلة جنسياً، المستقلة برغباتها والتي تتمتع بقوة جذب وإغراء، الأمر الذي يجعلها غير مهتمة بأن يتم اختيارها و "أخذها". إنها واعية لحاجاتها الجنسية، و تستطيع تأمين إشباع رغباتها ويمكن أن تكون معطاءة فاعلة في ممارسة الجنس.

3- المرأة الكارهة للأطفال التي ترفض الأمومة، كي لا تكون مربوطة ومأسورة وملزمة ومتعلقة.



تنشأ عقدة ليليت في الباثولوجيا المبكرة للعلاقة بين الأم وطفلها. فعندما تنجب امرأة تعاني من مشاعر النقص وتتسم بالخوف وعدم الثقة بأمومتها، فإن حيوية الطفل العارمة و حاجاته الملحاحة سوف ترعبها، لأنه قد تم تنشيط قَدَرَها الذاتي المبكر بشكل حتمي من خلال الطفل، الأمر الذي يجعلها تنقل عدم استقرارها الذاتي الناجم عن أزمتها المتذبذبة إلى طفلها. وسوف تنقل إلى طفلها الرفض والصد بشكل لاشعوري، طالما ظلت تتهرب من حقيقتها الذاتية المبكرة، ولم تتمثلها انفعالياً، بعكس كل القناعات والرغبات الشعورية المتمثلة في رغبتها في أنها ستقوم بالأمر بشكل أفضل من أمها، وهنا يتحول إنكار العدوانية تجاه الطفولة إلى مأساة.

فالطفل، غير المرغوب من أمه وغير المرحب به والمرفوض وغير المقبول في حيويته وفردانيته لا شعورياً، يدرك الرفض وانعدام قيمته منذ البداية، وهذا ما يجعل الطفل يشكك في حقه في الحياة وفي قيمته الذاتية. أما المأساة الحقيقية فتتمثل في أن مثل هذا الرفض يمكن أن يتم توصيله للطفل من الأم بصورة لا شعورية كلية- بالضبط كتعبير عن عقدة ليليت. ونتيجة للجرح النرجسي للطفل ينشأ ضعف في التماهي لديه كاضطراب أساسي. وهكذا ينشأ من الطفل "آدم"، الذي لا يستطيع أن يتحمل سوى "حواء" ضعيفة وخاضعة ،كي يكون هو قوياً وصلباً، ومن البنت تنشأ "حواء" التي عليها أن تنكر قيمتها من تلقاء نفسها، كي يتم تحملها في العلاقة الزوجية، و كي لا تضطر للهروب إلى الوحدة. وكوالدين سوف يعيق "آدم وحواء" طفلهما في تفتحه الانفعالي و نشاطاته الحيوية، ويعتبرانه موضوعاً للتربية عليه أن يكون مجبراً على النظام والأدب والسيطرة على مشاعره، كي يتم لجم حيويته وتدفقه الجنسي الهدار. ومن خلال هذا الأمر يتم تحريف المرأة المستقبلية إلى امرأة مطيعة والرجل المستقبلي إلى مستفيد بارد لا حياة فيه.

غير إن القصور في الأمومة الطيبة والأصيلة بشكل خاص يجعل الطفل يعيش حالة نقص الأم (الفقدان النفسي للأم (Mother Deficit، الأمر الذي يجعله في المستقبل، كرجل أو امرأة، يبحث في شريكه الزوجي عن بديل، وهو ما لا يتم أبداً بصورة مرضية على الإطلاق. والأب المقيد بعقدة ليليت لن يتمكن-كثالث- من إيجاد الطاقة والشجاعة للتثليث، ولهذا أيضاً لن يشكل بالنسبة للطفل إمكانية تعويضية وحامية ضد نقص الأم وتسممها. و كأب غير مثالث أو أم غير متثالثة تظل العلاقات كلها مثبته على الأم وتتجلى على الأغلب من خلال لوم الأب واتهامه و كرهه. ومن ثم يتم اتهام الأب بأنه مسؤول عن كل اضطرابات النمو، ويظل نقص الأم المبكر متخفياً يعيث فساداً. ويبرز هذا بصورة أشد كلما كان الأب أكثر فشلاً بالفعل و يخشى مواجهة الأم.

أما العواقب النفسية الاجتماعية لمركب ليليت فهي وخيمة. وتتمحور الأعراض العامة لدى كلا الجنسين حول ضعف التماهي كرجل أو كامرأة، بكل المخاوف وعدم الثقة في العلاقة الزوجية. إذ تلقي المرأة بنفسها طواعية نتيجة حاجة لا شعورية أو حتى مجبرة نتيجة سيطرة بطريركية في موضع أدنى و تابع، تعذب من خلاله الرجل بأشواقها ورغباتها غير المحققة وتهدد العلاقة بخيباتها وحقدها وتدمرها. وتجعلها ليليت المكبوته في داخلها تعيسة-ضمآنة ، لوامة-متذمرة، تفرغ انفعالاتها بشكل شيطاني. (والمقصود بالشيطانيهنا سلوكاً تحاول المرأة من خلاله بشكل مباشر و متخف الحصول على السلطة من خلال الشكوى والمعاناة و الاتهامات).

والرجل في عقدة ليليت يظل غير مخلص وغير واثق من رجولته. ويحاول إخفاء ضعف تماهيه من خلال النقود والسلطة والوجاهة. إنه ينفخ نفسه ويسعى للحفاظ على علاقاته مسيطراً وسائداً من خلال التباعدDistance . و يظل الاندماج المشحون بالحب والثقة مهدداً ويتم تلافيه. أما العلاقات بالنساء فيتم تجنيسها Sexualization ، وهكذا يتم تحقير التوق نحو شريكة مساوية بالقيمة من خلال الاستعمال الجنسي "والطيران". الجانب الآخر للمشكلة الكامنة نفسها يتم تفريغها من خلال العجز الجنسي. ومن خلال حرمان المرأة من الحصول على استجابة لتهيجها، من خلال قضيب نائم، لا ينتصب، فإنها تعاقب لوجودها كحوا، بدلاً من الاعتراف كرجل بالشهوانية الذاتية اليليتية و تحدي المرأة.

وعادة يحاول كلا الجنسين التنافس مع بعضهما في علاقتهما نحو السعادة المفقودة. ففي طور العشق يبدو الآخر وكأنه يحقق ويرغب بكل الأشواق، إلى أن يرهق كلاهما الآخر في سباقه نحو التوكيد والاهتمام وأن يكون مقبولاً. وينقلان غضب خيبتهما الوجودية والمبكرة والموجودة أصلاً منذ أمد طويل نحو بعضهما، وهي ما كان يفترض أن يوجهانها بالأصل لوالديهما، ويدمران بهذا كل تقارب ودي وشفافية متفهمة لأزمتهما الذاتية.

ويتم بالنيابة توليد المعاناة من صراعات العلاقة الزوجية ومن الحروب الصغيرة اليومية و الخيبات و الاعتلالات المتكررة اللامتناهية، التي تصبغ الحياة الزوجية بطابعها، من أجل التمكن من إبراز صراعات مفهومة وقابلة للتحديد، وكي لا يجدان نفسيهما مجبران على تذكر قدرهما الباكر والغامض كلية. وبالتالي يتم تحويل المعاناة المبكرة التي لا تطاق إلى مأساة راهنة مستقرة ودائمة.

لقد أسهمت عقدة ليليت في نشوء حركة تحرير المرأة. إنهن يناضلن بالدرجة الأولى ضد السيطرة غير المحقة للرجال، المستندين في تسلطهم إلى السلطة التي منحهم إياها العهد القديم. ولكن كما رأينا فإن هذا الفهم خاطئ، لأن وجود ليليت وبالتالي عدم نضج آدم قد تم حجبه بالأصل. وكذلك فعلت المسيحية، حيث أنكرت ليليت إلى أكبر حد، ويندر جداً أن نجد أي طفل قد عرف شيئاً في الكنيسة عن ليليت. غير أن الحركة النسائية قد جعلت من أسطورة ليليت أسطورتها هي وغالباً ما استخدمت اسم ليليت، غير أن عقدة ليليت الكلية عادة ما لايتم إدراكها، لأن صراع الجنسين يظل هو النقطة المركزية. فالرجل يعد هدفاً منافساً ووغداً، وغالباً ما يتم تمجيد الجنسية في صورتها الاستمنائية أو السحاقية، وغالباً ما تظل إشكالية الأمومة محجوبة. وفي صراع المرأة نحو الحصول على العمل والشهرة الاجتماعية الموازية للرجل يتم إنكار الأمومة وتبخيسها، ويتم النظر لرياض الأطفال مع الانفصال المبكر جداً للطفل عن أمه على أنه ضرورة لا بد منها. وعلى هذا النحو يتم بشكل حتمي توريث نقص الأم الذي تقوم عقدة لوليت عليه، إلى الجيل التالي.

أما أهم جزء من عقدة ليليت، الذي اعتبره شخصياً مدمراً للحضارة ومصدراً أساسياً للعنف والحروب –الصغيرة منها والكبيرة- فهو المظهر المعادي للأطفال. إنه الطراز البدئي للأم المرعبة والموحشة والمستنزفة والملتهمة، التي تسرق الأطفال المولودين حديثاً وتقتلهم، التي تمتص دماء الطفل وتشفط حتى لب العظم. ولهذا فإن اليهود الأرثودوكسيين ما زالوا حتى اليوم يلبسن النساء اللواتي يلدن حجباً. وفي ثقافات و ميثولوجيا كثير من الشعوب تظهر المخلوقات الخاطفة للأطفال والماصة للدماء على هيئة امرأة غاوية، وهذا يدل على نموذج بدئي عام.

يدرك و يشير المرضى الذين يعانون من ضعف في التماهي و اضطرابات القيمة الذاتية وحالات من القلق –أي من أعراض أمراض مبنية بصورة مبكرة للذات- في الجلسات التحليلية المعمقة إلى خبرات رفض مهددة من الأم. وغالباً ما يكونوا قد فصلوا بشكل مبكر عن أمهاتهم وكانوا ضحايا للاستغلال النرجسي من الأم. وتتحول معرفة أن الأم كانت متسلطة وعدوانية ومطالبة و وماصة، وأن الطفل كان موضوعاً لإشباع هذه الحاجات، تتحول إلى معرفة مرة ومؤلمة وممزقة للقلب ومعذبة، غالباً ما تثير كذلك حنقاً قاتلاً واشمئزازاً مكثفاً.

والمظهر المعادي للأطفال للأم ليس هو المشكلة المرهقة والمهددة بحد ذاته، وإنما إنكاره وكبته في عقدة ليليت. فأسطورة ليليت تظهر لنا جانباً طبيعياً وحتمياً من شخصية الأنثى، يتيح لنا فهم رفض الأم، لأنه من خلال الولادة تتم إعاقة الاستقلالية والمساواة المهنية والاجتماعية، وحتى الاهتمامات الجنسية لفترة زمنية معينة. وغالبية الأمهات يرفضن هذه الحقيقة من خلال من خلال الأمومة نفسها أو من خلال الالتزام بحركة تحرير مع صراع إيدويولوجي من أجل حقوق المرأة، لا يحتل فيه الأطفال أي مكان.

وعلينا ونتيجة لكم من الخبرات العلاجية أن نفترض بأن الطفل يشعر باتجاه الأم هذا نحوه، قبل فترة طويلة من تمكنه من فهم ذلك بطريقة منطقية وقبل أن يتمكن من مواجهة ذلك لفظياً.

وقد تعلمنا من خلال الأبحاث الحديثة حول الرضيع، أنه ينشأ منذ البداية تواصل متبادل بين الطفل والأم. أي أن الطفل ليس مجرد متلق سلبي للرعاية الأمومية الطيبة أو السيئة، وإنما يسهم بفاعلية في بناء العلاقة مع الأم. وبالتالي فهو مجهز بمجموعة من المنعكسات الولادية والقدرات التواصلية، تساعده على الاتصال وتنظيم العلاقة. وبهذا فإن كل أم ستتذكر لا شعورياً من خلال طفلها بصورة حتمية خبراتها الأولى المبكرة. فالطفل يتواصل مع "الطفل الداخلي" لأمه إن صح التعبير. ويتحدث دانييل شتيرن عن "تشكيلة الأمومة" motherhood-constellation الخاصة. وهي حالة تدخل فيها كل أم بعد الولادة، تختلط فيها لا شعورياً الخبرات مع أمها- الخبرات كابنة- مع بديهية الأم الشعورية المترافقة بالاتجاهات المعروفة والمرغوبة تجاه الطفل. إن القدرة المهمة للأم على التعاطف المتفهم مع طفلها يتحدد بدرجة كبيرة من خلال خبراتها الباكرة عندما كانت هي نفسها رضيعاً. فالكيفية التي استجابت من خلالها لها أمها، وتفهمتها وفهمتها وتقبلتها فيها، ووضعت حدودها، وعاشت فيها حبها و أوصلت إعاقاتها، تحدد إلى مدى بعيد على ما يبدو الأمومة الذاتية.

تنتقل حالة الأم، أي مخاوفها وشكها، عدم ثقتها وصراعاتها المتناقضة، رفضها وخيباتها، وحبها وتعاطفها بصورة جسدية في بادئ الأمر، حيث تحتوي نوعية النظرات والملامسات وطريقة الحمل والحضن والإيماءات والإشارات والصوت تأثيرات جوهرية. ومن هنا فليس من المستغرب أن يعزى لبريق عينا الأم، و تقبلها للوجود الطفولي و التعرف الحنون على حاجاته أهمية كبيرة في تشكيل خبرة القيمة الذاتية عند الطفل.

في كثير من العلاجات كان علي أن أشهد الضياع الحائر للناس و رعبهم العميق عندما يدركون أنهم لم يحصلوا ولا مرة على نظرات الحب من أمهاتهم، وأحياناً لم تقع نظراتهم على نظرات أمهاتهم على الإطلاق. إن الاتجاه اللاشعوري للأم نحو طفلها، وحتى الخبرات الباكرة غير المذللة وغير المعروفة للأم تؤثر على ما يبدو على الطفل بشكل أشد بكثير من الأمومة المرغوبة والشعورية، وحتى أكثر من تلك الأمومة المكتسبة من خلال دراسة كتب التربية والإرشاد. وهكذا يتحول الطفل المستجيب والطبيعي جداً والناشط حيوياً إلى تهديد للدفاع الأمومي ويضع تعويض خبراتها الذاتية المبكرة الصادمة موضع الشك. وهذا بالأصل نتيجة لعقدة ليليت أم الأم، أي عقدة الجدة. وعندما تقوم الأم الشابة بإنكار ذلك الجزء من عقدة ليليت فيها، ذلك الجزء الرافض للطفل والخائف منه لأنه يمكن أن يلحق الأذى بالأنوثة المستقلة والتواقة، فإنها سوف تنقل إلى طفلها نتيجة عدم أصالتها أو إرهاقها المتعب للأعصاب وتوترها الاتهامي، وتفرخ فيه "اضطراباً مبكراً" من خلال الجرح النرجسي.

لا يوجد رجل يستطيع أن يكون رجلاً مع "حواء" ، ولا توجد امرأة تمتلك فرصة أن تنضج مع "آدم" إلى امرأة. فآدم وحواء يعيدان إنتاج حياة لا تطاق نتيجة عقدة ليليت، يسممان حياتهما المشتركة من خلال خيباتهما المتنامية ويزيدان بهذا معاناة أطفالهما التي يمكن تجنبها. فقط من خلال دمج "ليليت" في ذاتهما يمكنهما أن يصبحا مثالاً لأولادهما في الحب والحياة السعيدة ولتمثل وتقبل المعاناة التي لا يمكن تجنبها في حياة زوجية مسؤولة. غير أن كلاهما أرادا بكل السبل الهروب من "ليليت". وهنا يتحول "آدم" بالنتيجة إلى "محارب" و "حواء" إلى "شيطان رجيم".

ولا يستطيع الطفل الانفكاك من أمه وكسب زوجته كشريك حياة وشريك جنسي مساو له، إلا عندما يكون اشتياقه الأمومي مشبعاً، أو عندما يتعلم التمكن من الحزن على نقص الأم لديه بين الحين والآخر-ليس بهدف تصحيح الواقع أو تهدئة النقص لاحقاً، كما هو الأمر في ثقافة كاملة متمركزة على المتعة تسعى نحو التسويق بشكل إدماني أو حتى كما يوهم كثير من المعالجين النفسيين متعالجيهم.

ترغب كثير من النساء إعطاء الرجل الذي يعاني من عقدة ليليت ما كان يمكن لأمه أن تعطيه إياه وما هو مفقود للأبد. أو أنه يريد معاقبة كل امرأة بكل وسيلة ممكنة لتعاسة أمه.

كان على فرويد أن يخترع "عقدة أوديب" من أجل جنسنة التثبيت المنتشر بكثرة على الأم ، ومن أجل إعطاء –بطريقة خاطئة للأسف- المأساة النفسية الاجتماعية الباكرة تفسيراً دافعياً نظرياً. إن إساءة استخدام التحليل النفسي الفرويدي الأرثوذوكسي لأسطورة أوديب و تحميل الذنب العظيم للوالدين اللذين أرادا قتل ابنهما في علم نفس الجنس الموهوم، جعلت جزءاً كبيراً من العلاج النفسي يتحول إلى نظام إنكار وتكيف في خدمة عقدة ليليت.

يفيد تشكل الصراعات العصابية "الأوديبية" بشكل خاص في صد المحتويات النفسية المهددة الناجمة عن الرفض و التقليل من القيمة المبكرين. وكل العلاجات النفسية التي تهتم بشكل مكثف ولفترة طويلة بتفسير التورطات الإنسانية اللانهائية والأزمات والاعتلالات المتصدرة، تشكل بأسلوبها هذا خطراً كبيراً يتمثل "بتهذيب" عواقب الأزمات الباكرة، من أجل تمويه عدم الأمن الحياتي الأساسي والسببي. ولابد من الاعتراف أنه لن يتمكن المرء في كثير من الحالات فتح الهلع الباكر على الإطلاق أو لا يجوز له ذلك على الإطلاق، لأن الإطار العلاجي أو الطاقة الموجودة للمعالج لن تكفي، من أجل أن يترك مارد الحياة الباكرة الذي لا يمكن تصوره يصبح مدركاً و يتم تمثله انفعالياً.

والأريكة Couch ليست في كل الأحوال هي المكان الأمثل الذي ينفجر عليه الغضب القاتل والكره العميق والألم الجارح والنفور المسبب للإقياء والحزن الممزق للقلب، والذي يمكن نقله بشكل مقصود من خلال عملية النقل إلى المعالج. إذ أن الانفعالات الباكرة والتوق الباكرين يكونان شديدان إلى درجة أنه لا بد من اتخاذ إجراءات علاجية أخرى، نسعى إلى تحقيقها في علاج نفسي تحليلي للجسد في غرفة نكوص وحماية مركزية. وتشير الخبرات العلاجية التي أمكن حتى الآن جمعها في هذه الأطر العلاجية إلى أن الأطفال الذين يعانون من نقص باكر في الأم (عجز أمومي)، أي يعانون من انجراح نرجسي أساسي يحاولون بطرق ووسائل متنوعة ومتعددة الحصول على حب الأم، ذلك أن نقص الحب يهدد بقاءهم.

تمثل جنسنة العلاقة محاولة متكررة للشبان، من أجل "امتلاك" الأم، ومحاولة البنت نحو إيجاد نوع من التعويض عند الأب على الأقل. ويبعث الاهتمام الجنسي genital النامي والمعرفة المتنامية حول جنسانية الوالدين مع ما ينتمي لذلك من هوامات إضافية الأمل بإمكانية التحرر و إيجاد سر الحب في الجنسية. ولا يمكننا أن نؤيد ونثبت وجود ما يسمى بالتشكيلة "الأوديبية:" باعتبارها مرحلة طبيعية من النمو النفسي ، يرغب فيها الولد تبجيل أمه و ويكبت الأب. ففي كل الأحوال فإن مثل هذه الرغبات تقوم على أساس اضطراب طفلي مبكر. ففي "عقدة أوديب" يتم السعي نحو تعويض نقص الأم المبكر، الأمر الذي لا يمكن أن ينجح على الإطلاق، غير أن التثبيت غير السعيد على الأم والصراعات بالنيابة تضمن ذلك التوازن، ويمكنها أن تقدم دعماً كذلك.

تصف أسطورة أوديب عواقب الذنب الأسري: فعندما لا يريد الوالدان تقبل الطفل، ينزلق الأب وابنه – بتحد من الأب- في نزاع قاتل كرمز للعنف الدموي بين الرجال، وتدخل الأم وابنها في زواج غير مسموح – الأمر الذي لا يمكن أن يعرفه إلا الأم- كرمز للعلاقات الزوجية غير السعيدة والمدمرة. كلاهما ناجم عن الكره وضعف التماهي من المأساة المبكرة.

أما في عقدة ليليت فإنه يرمز إلى عدم نضج الرجل والمرأة بشكل خاص، الذي نمى عن حاجة مبكرة غير مذللة (للأم). و "آدم" و" حواء" يورثان عدم نضجهما إلى أولادهما، بحيث أنهما يتوقعان بالنسبة لحاجاتهما من الأطفال أكثر مما يكونان قادران على إدراك حاجات طفلهما وإشباعها بقدر ما يستطيعون. وعن عقدة ليليت عند الوالدين تنشأ "الاضطرابات المبكرة" عند الأطفال، والتي يرغبان بشفائها من خلال التورط "الأوديبي".

عقدة ليليت تجعل من الأمهات أمهات كاذبات، يخدعن أطفالهن بوعود الحب الزائفة، أكثر مما يستطعن منحه لهم في الواقع. ويردن في النهاية وبشكل لاشعوري أن يكافئهن أولادهن على مساعيهن الشديدة، لأنهن هن أنفسهن غير ممتلئات بحب الأم بالأصل، حيث يقمن عندئذ باستغلال حب أطفالهن، الأمر الذي يبرر "تسمم الأم "Poisoning –Mother . أما الرجال فيظلون في عقدة ليليت صبيان طفليون متعلقون بالأم، ويتحولون إلى آباء محبطين أو هاربين، حيث لا يكونوا موجودين كثالث محرر و موازن، لأنهم يستجيبون بغيرة مرضية على اهتمام زوجاتهم بأطفالهم، حتى وإن كانت هذه الأمومة تعاش ناقصة ومتشنجة.

وهكذا يتم إهداء عقدة ليليت غير المتغلب عليها عند الأمهات والآباء في كل الأحوال إلى الطفل على شكل نقص الأم وتسممها وفشل الأب وسوء استخدام الأب و إرهاب الأب.

والمرأة التي تنكر "ليليت" وتعيش "حواء" سوف تلحق بشكل حتمي بطفلها الأذى من خلال إنكارها اللاشعوري و أنوثتها المخفضة و الأحادية الجانب. وهذا يفسر لنا كثرة اضطرابات الشخصية النرجسية لدى كثير من الناس، عدا عن العنف الصريح النادر على سبيل المقارنة ضد الأطفال و والخطر المتنامي لمرض مجتمع نرجسي متفش – مجتمع عليه أن يوجد مزيداً من مصادر الإشباع النرجسي الأولي وبالتالي ينمي طبيعة إدمانية هدامة على المستوى الفردي والجماعي.

والرجل الذي ينكر "ليليت" ويعيش "آدم" سوف يعيش بشكل حتمي في الطفل صورة منافس على الأم. ولهذا سوف يرعب الطفل أو يسيء معاملته، وسوف يوجه غضب خيبته نحو شريكته ويهرب إلى المومسات أو إلى الكحول أو إلى العمل أو إلى صراع السلطة.

أما المرأة المدموجة فيها ليليت (المتكاملة فيها كل من حواء وليليت بالتساوي) سوف ترغب بالرجل كشريك لها تكمل ذاتها معه كند لها، لا تكون معه مضطرة للخضوع ولا ترغب بالسيطرة ولا ترهق نفسها معه في صراع تنافسي. وتكون أماً مع إدراك ما يرتبط بذلك من تقييد وارتباط حر، الأمر الذي يمكنها من مواجهة الطفل بإخلاص وصراحة ضمن حدودها، وإدراك الألم حول القصور الذي لا يمكن تجنبه والتعبير عنه. وسوف تمتلك الشجاعة للاعتراف أمام الطفل بشكل خاص أنها يمكنها أن تشعر بالرفض والخوف والكره لطفلها، ولكن هذه مشكلتها هي وليست مشكلة الطفل، وأن الأمور ستسير بخير عندما يستجيب الطفل لهذا بضيق و حزن. غير أنه لن يكون للحقيقة التي تشعر بها أية عواقب هدامة على الإطلاق. بالمقابل فإنه من المؤكد أن الحب الكاذب والاتجاه المتخفي يسبب الاضطرابات والمرض والعنف. والأم الصادقة والأصيلة سوف تبارك منذ البداية انفصال واستقلالية الطفل من حيث المبدأ.

أما الرجل المدمجة ليليت فيه (التي تتكامل فيه كل من ليليت وحواء) فسوف لن يحول زوجته إلى أم له وسوف يعيش زوجته نداً وإغناء وإكمال وتنمية له، ويتشارك معها الحياة ويبنيها بشكل فاعل وإبداعي. إنه رجل منفصل عن الأم، يتصرف بالفعل من داخله، من ذاته، دون أن يكون عليه لأن يحقق شيئاً أو يبرهنه أو يصارعه مدفوعاً بعوزه الداخلي. إنه لا يستطيع تحمل وجوده لوحده فحسب بل ويستطيع الاستمتاع بفردانيته النادرة وخصوصيته الوجودية. طفله ليس منافساً له وإنما وظيفة طبيعية، يتحول بالنسبة له معلماً و مدرباً ومثالاً أعلى. ويستطيع احترام اختلاف الخلف بوصفه تعبير عن عمليات النمو الحيوية.














آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-10-2014, 05:55 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الأسرار .. وسر نجمة داود

حواء وليليت




منحوتة عراقية قديمة تصور ليليث



ليليث (بالعبرية: לילית) شيطانة عواصف من بلاد الرافدين تُرافق الريح، واعتُقِد أنها تحمل المرض والموت. ظهرت شخصية ليليث للمرة الأولى كشيطان أو روح مرتبطة بالرياح والعواصف، عُرفت باسم ليليتو في سومر، حوالي 3000 قبل الميلاد. يُرجع العديد من الباحثين التركيب الصوتي لاسم ليليث إلى العام 700 قبل الميلاد.

تظهر ليليث في المعارف اليهودية باعتبارها شيطان الليل، وكبومة نائحة في إنجيل الملك جيمس.


أصل الكلمة

לילית العبرية (ليليث)، Līlītu الأكدية (ليليتو)، صفتا نسبة مؤنثتان من الكلمة ذات الأصل السامي ليل LYL، والتي تعني الليل، وتترجم حرفياً إلى: كيان ليلي أنثوي، بالرغم من إشارة النص المسماري إلى ليليت وليليتو باعتبارهما أرواح ريح حاملة للمرض.
قد تشير الكلمة الأكدية لي-ليتو (سيدة الهواء) إلى الربة السومرية نينليل (سيدة الهواء)، ربة الرياح الجنوبية وزوجة إنليل.






عقـدة ليليـت "الجانـب المظلـم مـن الأنوثـة"

هانس يوأخيم ماس

ترجمة د. سامر جميل رضوان




ترمز الصورة الأسطورية لليليت إلى الجزء المحرم من النفس الأنثوية. فليليت تعتز باستقلاليتها وفاعليتها الجنسية، وترفض الأمومة. ليليت هي كل امرأة، ولكن ليس كل امرأة تجرؤ، على خبرة هذا الجانب. الأمر الذي يقود إلى عواقب وخيمة كما يظهر ذلك المحلل النفسي، هانس يوأخيم ماس.

تعني ليليت في اللغة العبرية "العتمة". ومنذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة تطلق عليها في الأساطير تسمية جنية الليل المجنحة. واعتبرها السومريون و البابليون والآشوريون والكنعانيون والفرس والعبريين والعرب والتويتونيون آلهة وغاوية وقاتلة للأطفال. ووفق التفسيرات العبرية المتأخرة كانت ليليت وفق سفر التكوين الزوجة الأولى لآدم. فحسب الروايات اليهودية خلق الله سبحانه وتعالى ليليت، الزوجة الأولى لآدم بالطريقة نفسها التي خلق بها آدم. غير أن آدم وليليت لم يتفقا مع بعضهما أبداً. فلم تكن ليليت مستعدة للخضوع لآدم. وقد بررت مطالبتها بالمساواة مع آدم بأنها قد خلقت من التراب نفسه الذي خُلق منه آدم. وقد عبرت ليليت عن مساواتها مع آدم من خلال امتناعها عن أن يلقي آدم جسده فوقها أثناء ممارسة الجنس. فقد أرادت أن تكون مشاركة في الفعل الجنسي بصورة فاعلة و "تنام" فوق آدم.

قاد امتناع ليليت عن الخضوع لآدم إلى قلقه وغضبه. و أدت حدة الخلافات بينهما إلى هروب ليليت من الجنة في النهاية. ومن هنا نشأت الصورة الأولى لليليت باعتبارها "الأنثى الشهوانية"، ولاحقاً باعتبارها آلهة الدعارة و الجن والاستمناء.

ويصور التلموديون ليليت على شكل أنثى متبرجة و مغرية، ذات شعر طويل ونهدين نصف عاريين تغوي الرجال وتهدد الأطفال. وفي قصة فاوست لغوته يسأل الدكتور فاوست في أثناء الطيران السحري على ظهر وعل الجبال: ومن هذه التي هنا؟ أجاب ميفستو: إنها ليليت، الزوجة الأولى لآدم، احذر من شعرها الرائع ، من عقدها التي تزهو به، فإذا ما طوقت الشاب به، فإنها لن تدعه يذهب أبداً.

وحسب الروايات فقد عاقب الله ليليت لرفضها الخضوع، وعلى هروبها من الجنة. وكان العقاب: بأن قضي عليها أبداً أن تظل غاوية شهوانية وقاتلة أطفال مرعبة وأن تعيش في الأماكن الموحشة والمقفرة من الأرض-بين الحيوانات الكاسرة.

أما بالنسبة للحضارة المسيحية فيعد من الأهمية بمكان أن ترجمة لوثر للتوراة لم تتمسك بدقة بالنص التوراتي الأصلي. فالنص التوراتي الأصلي يشير بوضوح إلى أن حواء هي الزوجة الثانية لآدم. ويروي النص الأصلي عن آدم قوله: "هذه المرة رجل من رجلي". ووفقاً لذلك فقد كانت حواء "المحاولة الثانية". وعلى عكس حواء فقد استبعدت ليليت من التوراة كلية تقريباً ولا يرد ذكر لها إلا عند jesaja (34.14).

فعندما اشتكى آدم ربه بعد هروب ليليت من الجنة بأنه قد مل البقاء وحيداً، حلت رحمة الله عليه، فخلق له حواء. ولكنه لم يخلقها من التراب كما فعل بليليت، وإنما من أحد أضلاعه هذه المرة. ومن ثم فقد خلق الله حواء لتكون خاضعة وليس مساوية لآدم. ونتيجة لهذا فقد كان من الممكن أن يحل الود والوفاق الدائم بين الزوجين في الجنة، من خلال وجود جنس مسيطر وجنس خاضع، لو لم تتدخل الأفعى –التي ترمز في هذه الصورة إلى ليليت كذلك- وتغري حواء نحو دفع آدم لتغريه بأكل التفاح، وتعيد بهذا تأجيج نار المعصية والصراع من جديد وعلى هذا النحو قُسمت صورة الأنثى منذ عشرات الآلاف من السنين إلى حواء وليليت، حيث تقدس البطريركية صورة حواء و تلعن صورة ليليت وتحرمها. وعليه فإن حواء ترمز لخضوع المرأة والسلبية الجنسية وللزواج الأحادي monogamy و للأمومة "المضحية" وللمطبخ والعبادة وتربية الأولاد وخدمتهم. و هو في الواقع مجرد جانب واحد فقط من الأنوثة. أما الجانب الآخر فتعبر عنه ليليت التي ترمز للمساواة والفاعلية الجنسية والرغبة ورفض الإنجاب والأمومة.

إننا نتعرف في كل من حواء وليليت على وجهين من الوجود الأنثوي، منفصلان عن بعضهما ومتنافران على الأغلب، ويمتلكان مشاعر عدائية تجاه بعضهما. يمثلان نمطين مختلفين من النساء: القديسة والعاهرة.

حواء، المرأة الحنون والوفية المخلصة والخاضعة للرجل. بالمقابل نجد ليليت تمثل حياة اللذة والرغبة والإغراء والشهوة والاستقلال. أما الرجال فهم دائماً مشتاقون إلى كلا الوجهين وخائفون في الوقت نفسه من كلا الوجهين من الأنوثة. إنهم يصدون خوفهم من الملل وفقدان الرغبة في الزواج بحواء من خلال المعشوقات أو الانغماس مع العاهرات. ونتيجة للخوف من القوة الأنثوية و جيشان الرغبة والاستقلالية يحاولون قمع ومقاومة أي مظهر من مظاهر ليليت في كل امرأة وتحريمه أخلاقياً.

غير أن تحريم وإنكار ليليت بالنسبة للرجال والنساء معاً يعد منبعاً للمعاناة الوخيمة التي لا يمكن وصفها ولصراع الجنسين المرير وللعلاقات غير السعيدة، وهو السبب الكامن خلف ما يسمى "الاضطرابات المبكرة" لدى الأطفال.

تحتوي عقدة ليليت على ثلاثة مظاهر مقموعة أو منكرة أو منقسمة أو مهملة أو محرمة من الأنوثة:

1- المرأة المساوية للرجل، والتي لا هي أدنى ولا أعلى منه، وإنما مساوية له، الناشئة من الأصل نفسه ومجهزة من ثم بالحقوق نفسها.

2- المرأة الفاعلة جنسياً، المستقلة برغباتها والتي تتمتع بقوة جذب وإغراء، الأمر الذي يجعلها غير مهتمة بأن يتم اختيارها و "أخذها". إنها واعية لحاجاتها الجنسية، و تستطيع تأمين إشباع رغباتها ويمكن أن تكون معطاءة فاعلة في ممارسة الجنس.

3- المرأة الكارهة للأطفال التي ترفض الأمومة، كي لا تكون مربوطة ومأسورة وملزمة ومتعلقة.



تنشأ عقدة ليليت في الباثولوجيا المبكرة للعلاقة بين الأم وطفلها. فعندما تنجب امرأة تعاني من مشاعر النقص وتتسم بالخوف وعدم الثقة بأمومتها، فإن حيوية الطفل العارمة و حاجاته الملحاحة سوف ترعبها، لأنه قد تم تنشيط قَدَرَها الذاتي المبكر بشكل حتمي من خلال الطفل، الأمر الذي يجعلها تنقل عدم استقرارها الذاتي الناجم عن أزمتها المتذبذبة إلى طفلها. وسوف تنقل إلى طفلها الرفض والصد بشكل لاشعوري، طالما ظلت تتهرب من حقيقتها الذاتية المبكرة، ولم تتمثلها انفعالياً، بعكس كل القناعات والرغبات الشعورية المتمثلة في رغبتها في أنها ستقوم بالأمر بشكل أفضل من أمها، وهنا يتحول إنكار العدوانية تجاه الطفولة إلى مأساة.

فالطفل، غير المرغوب من أمه وغير المرحب به والمرفوض وغير المقبول في حيويته وفردانيته لا شعورياً، يدرك الرفض وانعدام قيمته منذ البداية، وهذا ما يجعل الطفل يشكك في حقه في الحياة وفي قيمته الذاتية. أما المأساة الحقيقية فتتمثل في أن مثل هذا الرفض يمكن أن يتم توصيله للطفل من الأم بصورة لا شعورية كلية- بالضبط كتعبير عن عقدة ليليت. ونتيجة للجرح النرجسي للطفل ينشأ ضعف في التماهي لديه كاضطراب أساسي. وهكذا ينشأ من الطفل "آدم"، الذي لا يستطيع أن يتحمل سوى "حواء" ضعيفة وخاضعة ،كي يكون هو قوياً وصلباً، ومن البنت تنشأ "حواء" التي عليها أن تنكر قيمتها من تلقاء نفسها، كي يتم تحملها في العلاقة الزوجية، و كي لا تضطر للهروب إلى الوحدة. وكوالدين سوف يعيق "آدم وحواء" طفلهما في تفتحه الانفعالي و نشاطاته الحيوية، ويعتبرانه موضوعاً للتربية عليه أن يكون مجبراً على النظام والأدب والسيطرة على مشاعره، كي يتم لجم حيويته وتدفقه الجنسي الهدار. ومن خلال هذا الأمر يتم تحريف المرأة المستقبلية إلى امرأة مطيعة والرجل المستقبلي إلى مستفيد بارد لا حياة فيه.

غير إن القصور في الأمومة الطيبة والأصيلة بشكل خاص يجعل الطفل يعيش حالة نقص الأم (الفقدان النفسي للأم (Mother Deficit، الأمر الذي يجعله في المستقبل، كرجل أو امرأة، يبحث في شريكه الزوجي عن بديل، وهو ما لا يتم أبداً بصورة مرضية على الإطلاق. والأب المقيد بعقدة ليليت لن يتمكن-كثالث- من إيجاد الطاقة والشجاعة للتثليث، ولهذا أيضاً لن يشكل بالنسبة للطفل إمكانية تعويضية وحامية ضد نقص الأم وتسممها. و كأب غير مثالث أو أم غير متثالثة تظل العلاقات كلها مثبته على الأم وتتجلى على الأغلب من خلال لوم الأب واتهامه و كرهه. ومن ثم يتم اتهام الأب بأنه مسؤول عن كل اضطرابات النمو، ويظل نقص الأم المبكر متخفياً يعيث فساداً. ويبرز هذا بصورة أشد كلما كان الأب أكثر فشلاً بالفعل و يخشى مواجهة الأم.

أما العواقب النفسية الاجتماعية لمركب ليليت فهي وخيمة. وتتمحور الأعراض العامة لدى كلا الجنسين حول ضعف التماهي كرجل أو كامرأة، بكل المخاوف وعدم الثقة في العلاقة الزوجية. إذ تلقي المرأة بنفسها طواعية نتيجة حاجة لا شعورية أو حتى مجبرة نتيجة سيطرة بطريركية في موضع أدنى و تابع، تعذب من خلاله الرجل بأشواقها ورغباتها غير المحققة وتهدد العلاقة بخيباتها وحقدها وتدمرها. وتجعلها ليليت المكبوته في داخلها تعيسة-ضمآنة ، لوامة-متذمرة، تفرغ انفعالاتها بشكل شيطاني. (والمقصود بالشيطانيهنا سلوكاً تحاول المرأة من خلاله بشكل مباشر و متخف الحصول على السلطة من خلال الشكوى والمعاناة و الاتهامات).

والرجل في عقدة ليليت يظل غير مخلص وغير واثق من رجولته. ويحاول إخفاء ضعف تماهيه من خلال النقود والسلطة والوجاهة. إنه ينفخ نفسه ويسعى للحفاظ على علاقاته مسيطراً وسائداً من خلال التباعدDistance . و يظل الاندماج المشحون بالحب والثقة مهدداً ويتم تلافيه. أما العلاقات بالنساء فيتم تجنيسها Sexualization ، وهكذا يتم تحقير التوق نحو شريكة مساوية بالقيمة من خلال الاستعمال الجنسي "والطيران". الجانب الآخر للمشكلة الكامنة نفسها يتم تفريغها من خلال العجز الجنسي. ومن خلال حرمان المرأة من الحصول على استجابة لتهيجها، من خلال قضيب نائم، لا ينتصب، فإنها تعاقب لوجودها كحوا، بدلاً من الاعتراف كرجل بالشهوانية الذاتية اليليتية و تحدي المرأة.

وعادة يحاول كلا الجنسين التنافس مع بعضهما في علاقتهما نحو السعادة المفقودة. ففي طور العشق يبدو الآخر وكأنه يحقق ويرغب بكل الأشواق، إلى أن يرهق كلاهما الآخر في سباقه نحو التوكيد والاهتمام وأن يكون مقبولاً. وينقلان غضب خيبتهما الوجودية والمبكرة والموجودة أصلاً منذ أمد طويل نحو بعضهما، وهي ما كان يفترض أن يوجهانها بالأصل لوالديهما، ويدمران بهذا كل تقارب ودي وشفافية متفهمة لأزمتهما الذاتية.

ويتم بالنيابة توليد المعاناة من صراعات العلاقة الزوجية ومن الحروب الصغيرة اليومية و الخيبات و الاعتلالات المتكررة اللامتناهية، التي تصبغ الحياة الزوجية بطابعها، من أجل التمكن من إبراز صراعات مفهومة وقابلة للتحديد، وكي لا يجدان نفسيهما مجبران على تذكر قدرهما الباكر والغامض كلية. وبالتالي يتم تحويل المعاناة المبكرة التي لا تطاق إلى مأساة راهنة مستقرة ودائمة.

لقد أسهمت عقدة ليليت في نشوء حركة تحرير المرأة. إنهن يناضلن بالدرجة الأولى ضد السيطرة غير المحقة للرجال، المستندين في تسلطهم إلى السلطة التي منحهم إياها العهد القديم. ولكن كما رأينا فإن هذا الفهم خاطئ، لأن وجود ليليت وبالتالي عدم نضج آدم قد تم حجبه بالأصل. وكذلك فعلت المسيحية، حيث أنكرت ليليت إلى أكبر حد، ويندر جداً أن نجد أي طفل قد عرف شيئاً في الكنيسة عن ليليت. غير أن الحركة النسائية قد جعلت من أسطورة ليليت أسطورتها هي وغالباً ما استخدمت اسم ليليت، غير أن عقدة ليليت الكلية عادة ما لايتم إدراكها، لأن صراع الجنسين يظل هو النقطة المركزية. فالرجل يعد هدفاً منافساً ووغداً، وغالباً ما يتم تمجيد الجنسية في صورتها الاستمنائية أو السحاقية، وغالباً ما تظل إشكالية الأمومة محجوبة. وفي صراع المرأة نحو الحصول على العمل والشهرة الاجتماعية الموازية للرجل يتم إنكار الأمومة وتبخيسها، ويتم النظر لرياض الأطفال مع الانفصال المبكر جداً للطفل عن أمه على أنه ضرورة لا بد منها. وعلى هذا النحو يتم بشكل حتمي توريث نقص الأم الذي تقوم عقدة لوليت عليه، إلى الجيل التالي.

أما أهم جزء من عقدة ليليت، الذي اعتبره شخصياً مدمراً للحضارة ومصدراً أساسياً للعنف والحروب –الصغيرة منها والكبيرة- فهو المظهر المعادي للأطفال. إنه الطراز البدئي للأم المرعبة والموحشة والمستنزفة والملتهمة، التي تسرق الأطفال المولودين حديثاً وتقتلهم، التي تمتص دماء الطفل وتشفط حتى لب العظم. ولهذا فإن اليهود الأرثودوكسيين ما زالوا حتى اليوم يلبسن النساء اللواتي يلدن حجباً. وفي ثقافات و ميثولوجيا كثير من الشعوب تظهر المخلوقات الخاطفة للأطفال والماصة للدماء على هيئة امرأة غاوية، وهذا يدل على نموذج بدئي عام.

يدرك و يشير المرضى الذين يعانون من ضعف في التماهي و اضطرابات القيمة الذاتية وحالات من القلق –أي من أعراض أمراض مبنية بصورة مبكرة للذات- في الجلسات التحليلية المعمقة إلى خبرات رفض مهددة من الأم. وغالباً ما يكونوا قد فصلوا بشكل مبكر عن أمهاتهم وكانوا ضحايا للاستغلال النرجسي من الأم. وتتحول معرفة أن الأم كانت متسلطة وعدوانية ومطالبة و وماصة، وأن الطفل كان موضوعاً لإشباع هذه الحاجات، تتحول إلى معرفة مرة ومؤلمة وممزقة للقلب ومعذبة، غالباً ما تثير كذلك حنقاً قاتلاً واشمئزازاً مكثفاً.

والمظهر المعادي للأطفال للأم ليس هو المشكلة المرهقة والمهددة بحد ذاته، وإنما إنكاره وكبته في عقدة ليليت. فأسطورة ليليت تظهر لنا جانباً طبيعياً وحتمياً من شخصية الأنثى، يتيح لنا فهم رفض الأم، لأنه من خلال الولادة تتم إعاقة الاستقلالية والمساواة المهنية والاجتماعية، وحتى الاهتمامات الجنسية لفترة زمنية معينة. وغالبية الأمهات يرفضن هذه الحقيقة من خلال من خلال الأمومة نفسها أو من خلال الالتزام بحركة تحرير مع صراع إيدويولوجي من أجل حقوق المرأة، لا يحتل فيه الأطفال أي مكان.

وعلينا ونتيجة لكم من الخبرات العلاجية أن نفترض بأن الطفل يشعر باتجاه الأم هذا نحوه، قبل فترة طويلة من تمكنه من فهم ذلك بطريقة منطقية وقبل أن يتمكن من مواجهة ذلك لفظياً.

وقد تعلمنا من خلال الأبحاث الحديثة حول الرضيع، أنه ينشأ منذ البداية تواصل متبادل بين الطفل والأم. أي أن الطفل ليس مجرد متلق سلبي للرعاية الأمومية الطيبة أو السيئة، وإنما يسهم بفاعلية في بناء العلاقة مع الأم. وبالتالي فهو مجهز بمجموعة من المنعكسات الولادية والقدرات التواصلية، تساعده على الاتصال وتنظيم العلاقة. وبهذا فإن كل أم ستتذكر لا شعورياً من خلال طفلها بصورة حتمية خبراتها الأولى المبكرة. فالطفل يتواصل مع "الطفل الداخلي" لأمه إن صح التعبير. ويتحدث دانييل شتيرن عن "تشكيلة الأمومة" motherhood-constellation الخاصة. وهي حالة تدخل فيها كل أم بعد الولادة، تختلط فيها لا شعورياً الخبرات مع أمها- الخبرات كابنة- مع بديهية الأم الشعورية المترافقة بالاتجاهات المعروفة والمرغوبة تجاه الطفل. إن القدرة المهمة للأم على التعاطف المتفهم مع طفلها يتحدد بدرجة كبيرة من خلال خبراتها الباكرة عندما كانت هي نفسها رضيعاً. فالكيفية التي استجابت من خلالها لها أمها، وتفهمتها وفهمتها وتقبلتها فيها، ووضعت حدودها، وعاشت فيها حبها و أوصلت إعاقاتها، تحدد إلى مدى بعيد على ما يبدو الأمومة الذاتية.

تنتقل حالة الأم، أي مخاوفها وشكها، عدم ثقتها وصراعاتها المتناقضة، رفضها وخيباتها، وحبها وتعاطفها بصورة جسدية في بادئ الأمر، حيث تحتوي نوعية النظرات والملامسات وطريقة الحمل والحضن والإيماءات والإشارات والصوت تأثيرات جوهرية. ومن هنا فليس من المستغرب أن يعزى لبريق عينا الأم، و تقبلها للوجود الطفولي و التعرف الحنون على حاجاته أهمية كبيرة في تشكيل خبرة القيمة الذاتية عند الطفل.

في كثير من العلاجات كان علي أن أشهد الضياع الحائر للناس و رعبهم العميق عندما يدركون أنهم لم يحصلوا ولا مرة على نظرات الحب من أمهاتهم، وأحياناً لم تقع نظراتهم على نظرات أمهاتهم على الإطلاق. إن الاتجاه اللاشعوري للأم نحو طفلها، وحتى الخبرات الباكرة غير المذللة وغير المعروفة للأم تؤثر على ما يبدو على الطفل بشكل أشد بكثير من الأمومة المرغوبة والشعورية، وحتى أكثر من تلك الأمومة المكتسبة من خلال دراسة كتب التربية والإرشاد. وهكذا يتحول الطفل المستجيب والطبيعي جداً والناشط حيوياً إلى تهديد للدفاع الأمومي ويضع تعويض خبراتها الذاتية المبكرة الصادمة موضع الشك. وهذا بالأصل نتيجة لعقدة ليليت أم الأم، أي عقدة الجدة. وعندما تقوم الأم الشابة بإنكار ذلك الجزء من عقدة ليليت فيها، ذلك الجزء الرافض للطفل والخائف منه لأنه يمكن أن يلحق الأذى بالأنوثة المستقلة والتواقة، فإنها سوف تنقل إلى طفلها نتيجة عدم أصالتها أو إرهاقها المتعب للأعصاب وتوترها الاتهامي، وتفرخ فيه "اضطراباً مبكراً" من خلال الجرح النرجسي.

لا يوجد رجل يستطيع أن يكون رجلاً مع "حواء" ، ولا توجد امرأة تمتلك فرصة أن تنضج مع "آدم" إلى امرأة. فآدم وحواء يعيدان إنتاج حياة لا تطاق نتيجة عقدة ليليت، يسممان حياتهما المشتركة من خلال خيباتهما المتنامية ويزيدان بهذا معاناة أطفالهما التي يمكن تجنبها. فقط من خلال دمج "ليليت" في ذاتهما يمكنهما أن يصبحا مثالاً لأولادهما في الحب والحياة السعيدة ولتمثل وتقبل المعاناة التي لا يمكن تجنبها في حياة زوجية مسؤولة. غير أن كلاهما أرادا بكل السبل الهروب من "ليليت". وهنا يتحول "آدم" بالنتيجة إلى "محارب" و "حواء" إلى "شيطان رجيم".

ولا يستطيع الطفل الانفكاك من أمه وكسب زوجته كشريك حياة وشريك جنسي مساو له، إلا عندما يكون اشتياقه الأمومي مشبعاً، أو عندما يتعلم التمكن من الحزن على نقص الأم لديه بين الحين والآخر-ليس بهدف تصحيح الواقع أو تهدئة النقص لاحقاً، كما هو الأمر في ثقافة كاملة متمركزة على المتعة تسعى نحو التسويق بشكل إدماني أو حتى كما يوهم كثير من المعالجين النفسيين متعالجيهم.

ترغب كثير من النساء إعطاء الرجل الذي يعاني من عقدة ليليت ما كان يمكن لأمه أن تعطيه إياه وما هو مفقود للأبد. أو أنه يريد معاقبة كل امرأة بكل وسيلة ممكنة لتعاسة أمه.

كان على فرويد أن يخترع "عقدة أوديب" من أجل جنسنة التثبيت المنتشر بكثرة على الأم ، ومن أجل إعطاء –بطريقة خاطئة للأسف- المأساة النفسية الاجتماعية الباكرة تفسيراً دافعياً نظرياً. إن إساءة استخدام التحليل النفسي الفرويدي الأرثوذوكسي لأسطورة أوديب و تحميل الذنب العظيم للوالدين اللذين أرادا قتل ابنهما في علم نفس الجنس الموهوم، جعلت جزءاً كبيراً من العلاج النفسي يتحول إلى نظام إنكار وتكيف في خدمة عقدة ليليت.

يفيد تشكل الصراعات العصابية "الأوديبية" بشكل خاص في صد المحتويات النفسية المهددة الناجمة عن الرفض و التقليل من القيمة المبكرين. وكل العلاجات النفسية التي تهتم بشكل مكثف ولفترة طويلة بتفسير التورطات الإنسانية اللانهائية والأزمات والاعتلالات المتصدرة، تشكل بأسلوبها هذا خطراً كبيراً يتمثل "بتهذيب" عواقب الأزمات الباكرة، من أجل تمويه عدم الأمن الحياتي الأساسي والسببي. ولابد من الاعتراف أنه لن يتمكن المرء في كثير من الحالات فتح الهلع الباكر على الإطلاق أو لا يجوز له ذلك على الإطلاق، لأن الإطار العلاجي أو الطاقة الموجودة للمعالج لن تكفي، من أجل أن يترك مارد الحياة الباكرة الذي لا يمكن تصوره يصبح مدركاً و يتم تمثله انفعالياً.

والأريكة Couch ليست في كل الأحوال هي المكان الأمثل الذي ينفجر عليه الغضب القاتل والكره العميق والألم الجارح والنفور المسبب للإقياء والحزن الممزق للقلب، والذي يمكن نقله بشكل مقصود من خلال عملية النقل إلى المعالج. إذ أن الانفعالات الباكرة والتوق الباكرين يكونان شديدان إلى درجة أنه لا بد من اتخاذ إجراءات علاجية أخرى، نسعى إلى تحقيقها في علاج نفسي تحليلي للجسد في غرفة نكوص وحماية مركزية. وتشير الخبرات العلاجية التي أمكن حتى الآن جمعها في هذه الأطر العلاجية إلى أن الأطفال الذين يعانون من نقص باكر في الأم (عجز أمومي)، أي يعانون من انجراح نرجسي أساسي يحاولون بطرق ووسائل متنوعة ومتعددة الحصول على حب الأم، ذلك أن نقص الحب يهدد بقاءهم.

تمثل جنسنة العلاقة محاولة متكررة للشبان، من أجل "امتلاك" الأم، ومحاولة البنت نحو إيجاد نوع من التعويض عند الأب على الأقل. ويبعث الاهتمام الجنسي genital النامي والمعرفة المتنامية حول جنسانية الوالدين مع ما ينتمي لذلك من هوامات إضافية الأمل بإمكانية التحرر و إيجاد سر الحب في الجنسية. ولا يمكننا أن نؤيد ونثبت وجود ما يسمى بالتشكيلة "الأوديبية:" باعتبارها مرحلة طبيعية من النمو النفسي ، يرغب فيها الولد تبجيل أمه و ويكبت الأب. ففي كل الأحوال فإن مثل هذه الرغبات تقوم على أساس اضطراب طفلي مبكر. ففي "عقدة أوديب" يتم السعي نحو تعويض نقص الأم المبكر، الأمر الذي لا يمكن أن ينجح على الإطلاق، غير أن التثبيت غير السعيد على الأم والصراعات بالنيابة تضمن ذلك التوازن، ويمكنها أن تقدم دعماً كذلك.

تصف أسطورة أوديب عواقب الذنب الأسري: فعندما لا يريد الوالدان تقبل الطفل، ينزلق الأب وابنه – بتحد من الأب- في نزاع قاتل كرمز للعنف الدموي بين الرجال، وتدخل الأم وابنها في زواج غير مسموح – الأمر الذي لا يمكن أن يعرفه إلا الأم- كرمز للعلاقات الزوجية غير السعيدة والمدمرة. كلاهما ناجم عن الكره وضعف التماهي من المأساة المبكرة.

أما في عقدة ليليت فإنه يرمز إلى عدم نضج الرجل والمرأة بشكل خاص، الذي نمى عن حاجة مبكرة غير مذللة (للأم). و "آدم" و" حواء" يورثان عدم نضجهما إلى أولادهما، بحيث أنهما يتوقعان بالنسبة لحاجاتهما من الأطفال أكثر مما يكونان قادران على إدراك حاجات طفلهما وإشباعها بقدر ما يستطيعون. وعن عقدة ليليت عند الوالدين تنشأ "الاضطرابات المبكرة" عند الأطفال، والتي يرغبان بشفائها من خلال التورط "الأوديبي".

عقدة ليليت تجعل من الأمهات أمهات كاذبات، يخدعن أطفالهن بوعود الحب الزائفة، أكثر مما يستطعن منحه لهم في الواقع. ويردن في النهاية وبشكل لاشعوري أن يكافئهن أولادهن على مساعيهن الشديدة، لأنهن هن أنفسهن غير ممتلئات بحب الأم بالأصل، حيث يقمن عندئذ باستغلال حب أطفالهن، الأمر الذي يبرر "تسمم الأم "Poisoning –Mother . أما الرجال فيظلون في عقدة ليليت صبيان طفليون متعلقون بالأم، ويتحولون إلى آباء محبطين أو هاربين، حيث لا يكونوا موجودين كثالث محرر و موازن، لأنهم يستجيبون بغيرة مرضية على اهتمام زوجاتهم بأطفالهم، حتى وإن كانت هذه الأمومة تعاش ناقصة ومتشنجة.

وهكذا يتم إهداء عقدة ليليت غير المتغلب عليها عند الأمهات والآباء في كل الأحوال إلى الطفل على شكل نقص الأم وتسممها وفشل الأب وسوء استخدام الأب و إرهاب الأب.

والمرأة التي تنكر "ليليت" وتعيش "حواء" سوف تلحق بشكل حتمي بطفلها الأذى من خلال إنكارها اللاشعوري و أنوثتها المخفضة و الأحادية الجانب. وهذا يفسر لنا كثرة اضطرابات الشخصية النرجسية لدى كثير من الناس، عدا عن العنف الصريح النادر على سبيل المقارنة ضد الأطفال و والخطر المتنامي لمرض مجتمع نرجسي متفش – مجتمع عليه أن يوجد مزيداً من مصادر الإشباع النرجسي الأولي وبالتالي ينمي طبيعة إدمانية هدامة على المستوى الفردي والجماعي.

والرجل الذي ينكر "ليليت" ويعيش "آدم" سوف يعيش بشكل حتمي في الطفل صورة منافس على الأم. ولهذا سوف يرعب الطفل أو يسيء معاملته، وسوف يوجه غضب خيبته نحو شريكته ويهرب إلى المومسات أو إلى الكحول أو إلى العمل أو إلى صراع السلطة.

أما المرأة المدموجة فيها ليليت (المتكاملة فيها كل من حواء وليليت بالتساوي) سوف ترغب بالرجل كشريك لها تكمل ذاتها معه كند لها، لا تكون معه مضطرة للخضوع ولا ترغب بالسيطرة ولا ترهق نفسها معه في صراع تنافسي. وتكون أماً مع إدراك ما يرتبط بذلك من تقييد وارتباط حر، الأمر الذي يمكنها من مواجهة الطفل بإخلاص وصراحة ضمن حدودها، وإدراك الألم حول القصور الذي لا يمكن تجنبه والتعبير عنه. وسوف تمتلك الشجاعة للاعتراف أمام الطفل بشكل خاص أنها يمكنها أن تشعر بالرفض والخوف والكره لطفلها، ولكن هذه مشكلتها هي وليست مشكلة الطفل، وأن الأمور ستسير بخير عندما يستجيب الطفل لهذا بضيق و حزن. غير أنه لن يكون للحقيقة التي تشعر بها أية عواقب هدامة على الإطلاق. بالمقابل فإنه من المؤكد أن الحب الكاذب والاتجاه المتخفي يسبب الاضطرابات والمرض والعنف. والأم الصادقة والأصيلة سوف تبارك منذ البداية انفصال واستقلالية الطفل من حيث المبدأ.

أما الرجل المدمجة ليليت فيه (التي تتكامل فيه كل من ليليت وحواء) فسوف لن يحول زوجته إلى أم له وسوف يعيش زوجته نداً وإغناء وإكمال وتنمية له، ويتشارك معها الحياة ويبنيها بشكل فاعل وإبداعي. إنه رجل منفصل عن الأم، يتصرف بالفعل من داخله، من ذاته، دون أن يكون عليه لأن يحقق شيئاً أو يبرهنه أو يصارعه مدفوعاً بعوزه الداخلي. إنه لا يستطيع تحمل وجوده لوحده فحسب بل ويستطيع الاستمتاع بفردانيته النادرة وخصوصيته الوجودية. طفله ليس منافساً له وإنما وظيفة طبيعية، يتحول بالنسبة له معلماً و مدرباً ومثالاً أعلى. ويستطيع احترام اختلاف الخلف بوصفه تعبير عن عمليات النمو الحيوية.














آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-10-2014, 05:55 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الأسرار .. وسر نجمة داود



Dante Gabriel Rossetti's painting "Lady Lilith" (1863: watercolor, 1864-1868?: oil)

واسم "ليليت" يعني في اللغة العبرية "العتمة"، وأطلقت عليها الأساطير القديمة تسمية "جنية الليل المجنحة". واعتبرها السومريون والكنعانيون والبابليون والآشوريون والكنعانيون والفرس والعبريون والعرب آلهة وغاوية وقاتلة للأطفال.
ووفق التفسيرات العبرية القديمة كانت "ليليت" الزوجة الأولى لآدم، وأن الله خلقها بالطريقة نفسها، التي خلق بها آدم.. أي من التراب.. غير أن آدم و"ليليت" لم يتفقا مع بعضهما أبداً، لأن "ليليت" رفضت الخضوع لآدم. وقد بررت طلب مساواتها بآدم بأنها خلقت من التراب نفسه، الذي خلق منه آدم. وعبرت "ليليت" عن مساواتها هذه برفضها أن يلقي آدم جسده فوقها في أثناء ممارسة الجنس، وأرادت أن تكون مشاركة في الفعل الجنسي في صورة فاعلة، وأن تكون فوق آدم، وليس تحته.
وحسب الأسطورة، فان عدم خضوع "ليليت" أدى الى غضب آدم، والى نشوب خلافات حادة بينهما دفعها الى السأم من الجنة والهروب منها ورفض العودة اليها.. آنذاك نفاها الرب الى ظلال الأرض المقفرة.
ومن هنا نشأت الصورة الأولى لـ"ليليت" باعتبارها "الأنثى الشهوانية"، ولاحقاً باعتبارها آلهة الدعارة والجن والاستمناء.
وصور التلمود "ليليت" في شكل أنثى متبرجة ومغرية، ذات شعر طويل ونهدين نصف عاريين تغوي الرجال وتعشق قتل الأطفال.
ووفق الروايات القديمة، فقد عاقب الله "ليليت" لرفضها الخضوع لآدم، ولهروبها من الجنة، بأن حكم عليها بأن تظل غاوية شهوانية أبد الدهر.

حواء بدلاً من "ليليت"
بعد هروب "ليليت" ملّ آدم البقاء وحيداً في الجنة دون أنثى، وشكا همه لله، فحلت رحمته عليه بأن خلق له حواء، ولكنه لم يخلقها من تراب، كما فعل مع "ليليت" وانما من أحد أضلاعه، لتظل خاضعة له.
وهكذا افترضت الأسطورة أن يحل الود والوفاق الدائم بين الزوجين في الجنة، من خلال جنس مسيطر وجنس خاضع، لو لم تتدخل الأفعى - المتجسدة في "ليليت"- لتقنع حواء بإغواء آدم لأكل التفاحة، وهو ما تم، ليستحقا غضب الله فيطردهما من الجنة، لتتأجج نار المعصية ويتجدد الصراع بين الذكر والأنثى حول المساواة، حسب المفهوم الحديث.
ووفق هذا المنحى انقسمت صورة الأنثى، منذ آلاف السنين، الى صورتي حواء و"ليليت"، حيث تُقدس الأولى وتُلعن الثانية.. وحسب الفهم الأسطوري للأنثى، فان حواء ترمز لخضوع المرأة والسلبية الجنسية، وللأمومة وتربية الأولاد وخدمتهم، في حين ترمز "ليليت" الى المساواة والفاعلية الجنسية ورفض الإنجاب والأمومة.
ومن خلال ادراكنا لحواء و"ليليت" نتعرف على وجهين أنثويين منفصلين عن بعضهما ومتنافرين، ويمتلكان مشاعر عدائية تجاه بعضهما، ويمثلان نمطين مختلفين من النساء: القديسة والعاهرة.. فحواء هي القديسة الحنون والوفية المخلصة والخاضعة للرجل، في حين نجد "ليليت" تمثل حياة اللذة والرغبة الجنسية الشبقة والشهوة والاستقلال.. أما الرجال فهم يرغبون بكلا الوجهين من الأنوثة، وخائفون في الوقت نفسه منهما، ولا سيما من القوة الأنثوية وجيشان الرغبة والاستقلالية، الأمر الذي يدفعهم الى محاولة قمع ومقاومة أي مظهر من مظاهر "ليليت" في كل امرأة.








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-10-2014, 05:56 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الأسرار .. وسر نجمة داود



Lilith Art Print by John Collier

أسطورة ليليث

(Lilith)

تنتمي أسطورة "ليليث" إلى أصول تاريخية قديمة جداً، فهي تتصل ببابل القديمة، حيث كان الساميون القدماء يتبنون مجموعة من المعتقدات الخاصة بأجدادهم السومريين، كما ترتبط بأكبر أساطير الخلق. هناك روابط متينة تلصقها بالثعبان، إنها بقايا ذكريات طقس قديم جداً كرّم أكبر إلهة سميت كذلك بـ"الثعبان الأكبر" و"التنين"، القوة الكونية للخلود الأنثوي، والتي عُبدت من خلال هذه الأسماء: "عشتروت Astarté، أو عشتار Istar ou Ishtar، ميليتا Mylitta، إنيني أو إينانا Innini ou Innana"(1).

وقد اكتشفت نقوش في الآثار البابلية (مكتبة آشور بانيبال)، وضّحت أصول "ليليث"، البغي المقدسة لإنانا، والآلهة الأم الكبرى، التي أرسلت من قبل هذه الأخيرة كي تغوي الرجال في الطريق، وتقودهم إلى معبد الإلهة، حيث كانت تقام هناك الاحتفالات المقدسة للخصوبة. كان الاضطراب واقعاً بين "ليليث" المسماة "يد إنانا"، والإلهة التي تمثلها، والتي كانت هي نفسها توسم أحياناً بهذا اللقب "البغي المقدسة".

لاسم "ليليث" جذور في الفصيلة السامية والهندو أوروبية. الاسم السومري "ليل Lil" الذي نجده ممثلاً في اسم إله الهواء "أنليل"(2) يدلّ على: "الريح" و"الهواء" و"العاصفة". إنه هذا الريح الحار الذي ـ حسب المعتقد الشعبي ـ يعطي الحرارة للنساء أثناء الولادة، ويقتلهن مع أطفالهن. عُدّت "ليليث" في البداية باعتبارها من أكبر القوى المعادية للطبيعة تتصدر مجموعة مكوّنة من ثلاثة آلهة: أحدهم ذكر والاثنتان أنثيان: "ليلو Lilû"، و"الليليتو La Lilitû"، و"أردات ليلي L'Ardat Lili، واعتبرت هذه الأخيرة زوجة سارق النور أو السارق الأنثوي للنور.

يوجد كذلك تشابه بين كلمة "ليليث" والكلمتين السومريتين التاليتين: ليلتي "الشهوة" ووليلو" الفسق". تستخدم ليليث إغراءها (المرأة الجميلة ذات الشعر الطويل) وشهوانيتها (الأكثر حيوانية) في نهايات تدميرية. على الأرجح وقع هذا أثناء سبي بابل(3) حيث حاول اليهود أن يتعرفوا على هذا الإله الذي يَنْشط خاصة في الليل؛ وعليه حاولوا أن يربطوا بين اسم (ليليث) والكلمة العبرانية ليل (الليل)، ولكن عدّ الربط احتمالاً غير ممكن الوقوع. وهكذا رُسمت صورة لليليث من خلال ملامح طائر الليل، البومة أو طائر الشؤم.

سيمكّن صوت باحثين آخرين من استكمال وصف ليليث من خلال العلاقات الممكنة التي تُقرّب اسمها من الجذر الهندو أوروبي (ل، La) بمعنى (الخلق ـ الغناء) من جهة، ومن الكلمة اليونانية من جهة أخرى. وتتفرع من الجذور (ل، La) الكلمة السنسكريتية (ليك، Lik) أي (لعق)، وكذلك عدد كبير من الكلمات التي لها علاقة باللسان والشفتين: نجد كلمة (lippe) في الألمانية والفرنسية، وكلمة (Labium) اللاتينية؛ تلتهم ليليث الأطفال، وتتجلى شفتاها وفمها دائماً في الأعمال الأدبية التالية.

للكلمة اليونانية علاقة مع الكلمات التالية: (Lux) اللاتينية و(Luz) الإسبانية وكلمة (Light) في الإنجليزية و(licht) في الألمانية، وتُعَبّر كل هذه الكلمات عن فكرة الضوء، أو أكثر تدقيقاً "النظر من خلال رؤية ثاقبة"، "النظر ليلا"، التحرّر من الظلام الدامس"، (أنظر "جاك بريل" Jacque Bril ليليث أو أم الظلام، "رسائل فلسفية")؛ لكن بعض النصوص الأدبية سوف تستحضر "ليليث" في مغامرة بحث مختلفة يدفعها إليها البطل.

النصوص المؤسسة:

ذُكرت "ليليث" في العهد القديم، كتاب الرسل، إشعيا (34/14)، سفر الرؤيا في نهاية أدوم التي تتحول، بفعل غضب يهوه، إلى كتلة نارية من الزفت والكبريت(4) وقبل أن تصبح مكاناً قفراً لا يستطيع أحد اجتيازه إلا البجع والقنفذ وطائر البوم والغراب، وكلها ستتخذ من هذا الخواء مأوى لها و"هنا كذلك تستقر ليليث، كي تجد الهدوء برفقة القطط المتوحشة، والضباع، والساتير، والحية السامة، والنسور".

إنه الاقتراب من هذا الممر (منفى ليليث) ومن قصتين من قصص خلق الرجل والمرأة من قبل يهوه (الإصحاح الأول والثاني من التكوين)(5) حيث ستولد أسطورة ليليث في العصور الحديثة: المرأة الأولى المخلوقة، التي تنطق بالـ"اسم غير المُعَبَّر عنه" والذي يزودها بأجنحة تمكّنها من الهروب من جنّة عدن، حيث ستفارق آدم، ولم تكن تتوقع أن تقتفي أثرها ثلاثة ملائكة: ـ (Samengeloff, Sinsinoï, Sinoï) ـ يجدونها عند البحر الأحمر، ويطلبون منها العودة، ويصبح هذا الهروب وضعاً على انفراد، منذ ذلك اليوم في إجابة عن تهديد الملائكة الثلاثة (رؤية ملايين الأطفال الذين يُقتلون يومياً)، ورغبة في المواجهة والغيرة فيما يتعلّق بحوّاء التي خلقت بعدها كي تعوضها ـ ليس من الطين، موازاة بآدم وليليث، وهذا هو الدليل الذي قُدِّم باعتباره سبب سوء التفاهم بين ليليث وآدم، ولكن هذه المرة من ضلع هذا الأخير ـ تعود ليليث إلى عالم الرجال، وتُسقط آدم وحواء، كي تسبب لهم الأذى والضرر.

النصوص الأولى المعروفة التي حاولت إعادة الاعتبار لليليث هي نصوص وُضعت أساساً ضد شيطانية ليليث، والتي منحت التضرعات والطرائق من أجل حمايتها، وخاصة من أجل إبعادها عن الأطفال والنساء الحوامل: وصية سليمان (القرن الثالث قبل الميلاد)، التلمود (القرن الخامس قبل الميلاد)، حيث تظهر كذلك في المرتبة الثالثة للشياطين في شكل إنساني تحمل أجنحة الـ(ليلان Lilins) في أبجدية بن سيرا (Ben Sira L'A;phabet de)، في (القرن السابع قبل الميلاد) حيث دوّن المقطع الأكثر شعبية والأكثر نقاء في الأسطورة، و"الزهار LaZohar" في (القرن العاشر قبل الميلاد) الذي أعطى الرواية الأكثر خفاء، و"الكابال La Kabbale" (1600 قبل الميلاد) حيث نرى ليليث تتحد مع إسماعيل.

ليليث المتمردة:

اهتمّ الأدب على وجه الخصوص بليليث المتمردة، والتي تضيع ـ هي نفسها ـ في تأكيدها على حقّها في الحرية واللذة، والمساواة مع الرجل، وكذلك كلّ اللواتي يلتقين بها، امرأة شهوانية ومدمّرة؛ إنها تطمح كذلك إلى التفوّق وإلى القدرة. يتجلى هذا في دراما ألمانية مؤرخة سنة 1565: "جيتا Jutta"، التي تأخذ بعين الاعتبار وجود ليليث من خلال سرد حكاية الطفلة الصغيرة "جيتا أو جوانا Johanna " المرأة الوحيدة التي تعرف بأنها سوف تصبح بابوية(6). وقد أعيدت هذه القصة في القرن العشرين من طرف "لورانس دورال Lawrence Durrell في رواية: "البابوية جان La Papesse Jeanne"، ومن قبل "أوديل إيريت Odile Ehret" في مسرحية مُثّلت في مصنع الذخيرة فانسان بباريس سنة 1983م: "البابوية أو حكاية البابوية جان ومرافقتها بارتوليا" (La Papesse ou La Légende de La Papesse Jeanne et de sa compagne Bartoléa). وفي الفترة نفسها استلهم "كلود باستور C.Pasteur" رواية عنونها بـ"البابوية" (1983م).

أشار "ملتون Milton" في الفردوس المفقود إلى ليليث في 1667 مستخدماً اسم "الحية الساحرة". البطلة اليائسة بالنسبة إلى الرومانسيين، وُصفت باعتبارها امرأة جميلة وشهوانية، بشعر طويل، تقود الآخرين معها في دوامة من الآلام، ومن النكبات والموت. استدعى "فكتور هيجو VictorHugo" مظهرها البشع كمصاصة دماء، وحاول أن يمزج بينها وبين إيزيس في "نهاية الشيطان La Fin de Satan"(1886):

"ابنة الشيطان، امرأة الظلام الكبرى

هذه ليليث التي نسميها إيزيس على ضفة نهر النيل..."

"إنني ليليث ـ إيزيس، الروح السوداء للعالم"،

وقام بإخفائها "دانتي غبريال روسيتي Dante-Gabriel Rossetti" أمام ملاك الحرية في "بيت الحياة" (Eden Bower et the House of life)،

(1870-1881)، وصنع من ليليث جنية مغوية، المرأة المدمرة الخالدة بكل سحرها الذي لا يقهر والجهنمي. توقظ بما تمتلكه من خوارق عند الرجال حسّ المغامرة وتقودهم نحو ضياعهم.

وتتجلى بالصورة نفسها في الأعمال المعاصرة نهاية القرنين التاسع عشر والعشرين.

تؤدي ليليث في رواية" مارك شادورن" (الإله يخلق أولاً ليليث) (1937)، دور الجنية، والموت، واليأس القاتل، وقبل الاختفاء يائسة هي دوماً الثائرة المتمردة، لا ندري أين؛ ربما تكون ميتة وربما لا.

الأسطورة المعقدة: (ليليث، ليلو، لوليثا):

مسرحية "ليلو" لـ"وادكيند Wedekind" (مجموعة مؤلفة من روح الأرض، 1893م، ومن علبة بوندور La Boite de Pandore، 1901م)، كيّفت في السينما من قبل "بابست Pabst”(1928)، واستعادتها أوبرا بابرج Berg (الأولى عالمياً في المسرح الوطني للأوبرا بباريس، في 24/02/1979م)، من إنتاج "باتريس شيرو P.Chéreau"، كما مثلت في طبعة جديدة لـ"بيار جون جوف P.J.Joufe" سنة 1983م في مصنع الذخيرة فانسان سنة 1985م، منحت صورة متألقة لليليث، واضعة بعين الاعتبار كل التعقيدات والموضوعات الأساسية للأسطورة. وما يثير الانتباه، هو أنّ المرشدة المزعومة "لو أندريا سالومي Lou-Andria Saloumi" في مسرحية وادكيند وصفت هي الأخرى من قبل "فرويد" باعتبارها تمتلك الملامح والخصائص نفسها التي تحيل على أسطورة ليليث.

استعاد "ريمي دوغورمون Remy de Gourmont" في مسرحية "ليليث"، سنة 1892، القصة التقليدية الكاملة للخلق، كما جاءت في النصوص المقدسة اليهودية، بطريقة هزلية مذهبية وغرامية، مرتبطة بوجهة نظر متشائمة للحياة الإنسانية. لكن رغم الطابع الهزلي لهذا العمل، فإنه يبيّن بوضوح أنّ التزامن مع أسطورة ليليث يفتح على بحث غير محدّد للإنسان، والأصل ومعنى الحياة.

وهذا ما يتجلى كذلك في رواية "جورج ماكدونالد G.Macdonald" ليليث (1895م)، حيث يُقذف البطل المواجه لليليث في طريق محفوف بالمخاطر في شقاء تلقيني طويل، وبعبارة أخرى يجد نفسه وحيداً ومتردداً.

يتشابه هذا الموقف مع ما يمر به بطل رواية "لوليثا" لنباكوف (1955م)، حتى وإن كان هذا التلقين "باتجاه" البطل، ويقوده إلىدجمار مجنون وإلى الموت، تقدّم بطريقة مختلفة. سجين ينتظر محاكمته، من أجل نصرة "الصغيرة ليليث" أُحضر هنا، من أجل هذا يتذكر بنفسه ويدرك حجم الألم الذي سبّبه الافتراق حيث "هامبرت هامبرت Humbert-Humbert" يكتب قصته. الفن يكتب هنا، مثل علامة بارزة في مخطط الأسطورة كما يراه المؤلف ناباكوف الذي يصوّر بطله المكتوب، ويؤكد حريته (أنظر ف. ناباكوف، فيما يخص لوليثا في لوليثا، غاليمار 1959م).

اتسع مظهر ملتهمة الأطفال ليليث ليشمل الجدّة الملتهمة التي تلتهم العالم الإنساني بفمها الكبير بجهل، وعنف وموت.

هذا المظهر يحتفل به العنوان نفسه للدراسة الأخيرة التي صدرت حول أسطورة ليليث: ليليث أو الأم المظلمة، لـ"ج. بريل J.Bril" (1981)؛ وبالمظهر نفسه تتجلى الأسطورة بشكل مزعج في رواية "ب. سولييه P. Solliers": النساء (1983).

موازنات:

استرجعت بعض جمعيات ليليت مع ملكة السابا مظهر ليليث المستبعد خطأ، سادّة فراغ الرجل الذي استجاب لإغراءاتها، ومواهبها الفاتنة، إنها توجه في رحلة بحث تعزلـه عن الآخرين وتدفعه باتجاه صوت سيكون بخلاف الحياة. يبتكر المحلل النفساني النمساوي "فريتز ويتلز Fritz Wittels" سنة 1932م، عقدة سمّاها "عقدة (أو عصاب) ليليث"، ولكنها ليست لها علاقة بليليث هذه.

لأسطورة ليليث وظيفة جوهرية تتمثل في إزاحة الرجال عن طريقها، من خلال تحذيرهم بالخطر الذي تمثله بالنسبة إليهم.

ولكن يبدو أن وظيفتها الأساسية هي تحذير النساء: التي لا تتبع قانون آدم سيكون مصيرها الرمي، وتكون إلى الأبد حزينة ومصدر الأسى. جعلت نهاية أقصوصة أناتول فرانس Anatole France في بلتزار Balthasar "ابنة ليليث" من هذه البطلة "معادلة أنثوية للهولندي الطائر" الذي طمح إلى مصير حواء وإلى نتيجة الموت من أجل معرفة "الحياة" و"اللذة".

ومع ذلك فإن تطور هذه الأسطورة على امتداد النصوص، وانبعاثاته المتكررة في الفترة المعاصرة، يسعى إلى أن يلفت انتباهنا بطريقة خاصة إلى هذه الصورة الأنثوية ـ التي تمثل لذلك رؤية للحياة والعالم الإنساني وإلى التصنيف الذي يحكمها ـ مطرودة من مؤسسة الرجال والتي تريد أن تُعرّف بالحق "المقلوب" من خلال الألم الذي تسببه لهم. تداخل ليليث مع إيزيس، محبّبة مثل أم كبرى شافية ومنقذة، وبعض الأساطير المجاورة من خلال التعارض بين: (سعيد/ تعيس) تستدعي بأن أفعالها تجاه الحياة الإنسانية ترتبط في قسم كبير بالمنظورات التي سجلها الرجال، وبالنظرة التي ينظرون من خلالها إليها. الطريقة السياحية للجولات في الصحراء تتكلم عنها بطريقتها: بعض الرجال يستعدون للذهاب لزيارة ليليث في موقعها، في رغبة ملحة لمعرفة منفاها. معروفة ومعادة إلى حضن الجماعة الإنسانية في احترام لمواهبها ولحقوقها، أتصبح آلهة سعيدة ومحمية، مثلما هو الوضع بالنسبة إلى (كيشيموجان Kishimojin)، إحدى أخواتها في الهند، وهي ابنة الآلهة التنين، والمدمرة وسارقة الصغار، تصبح الآلهة المنقذة التي تساعد لحظة الولادات بعدما أن أعاد إليها "بوذا" ابنها؟ إنها على كل حال وجهة نظر لمستقبل متفائل، مقارنة بوجهات نظر أخرى دونية...

مهما يكن من أمر، تذكرنا ليليث دائماً بأنّ قوى الموت تستجيب لقوى الحياة والكل يتوازن ـ ليل ونهار، ظلام ونور، أنثى وذكر ـ دون أي محاكمة فاعلة أو علاقة سيطرة يمكن أن يفرضها طرف على الطرف الآخر، تحت تأثير تتابع الشؤم بالنسبة إلى هذا الأخير. إنها تحاول أن تقول لنا دائماً أن هناك شيئاً ينبغي أن نبحث عنه من أجل خير المجموع، في كل أرجاء المعمورة، إنها من بعيد ترسل لنا علامة.

الهوامش:

1 ـ إنانا: آلهة الحب والخصب عند السومريين، ارتبطت بها مظاهر تبدل الطبيعة.

2 ـ أنليل: إله الهواء والعاصفة عند السومريين، فصل السماء عن الأرض بعدما أن كانا ملتصقين، ويحظى بمكانة مميزة في مجمع الآلهة السومري.

3 ـ بعد السبي الأول لليهود (قبيل الميلاد بخمسة قرون) ظهرت ليليث الشيطانة الليلية التي تعرف عليها اليهود في السبي البابلي، وعليه عادوا من بابل بليليث المخيفة التي تدب الخوف والرعب في قلوب الصغار.

4 ـ في سفر إشعيا، الإصحاح الرابع والثلاثون تتجلى صورة ليليث المرعبة كما نقلها اليهود من السبي الأول فهي الليل والأفعى السامة: "هناك يستقر الليل ويجد لنفسه محلاً. وهناك تُحجر النكازة (الأفعى السامة) وتبيض وتفرخ وتربي تحت ظلها. وهناك تجتمع الشواهين بعضها ببعض". أنظر: سفر إشعيا (34/14)، العهد القديم.

5 ـ من أجل حلّ التناقض الموجود في قصة الخلق في الإصحاح الأول والثاني، فإن شراح التوراة جعلوا الأنثى التي وردت في الإصحاح الأول "ليليث" الزوجة الأولى لآدم، والأنثى الثانية التي خلقت من ضلعه "حواء" الزوجة الثانية، وزعموا أن ليليث هربت مع الشيطان تاركة آدم وحيداً، ويزعمون كذلك أنها شعرت بالغيرة من حواء فجاءتها على شكل أفعواني شيطاني جميل جداً ودفعتها إلى المعصية.

6 ـ كلمة بابوية هي ترجمة للكلمة: LA Papesse، أما المعنى اللغوي للكلمة فهو المرأة التابعة للبابا.

ـ بريجيت كوشو ـ
ترجمة: نظيرة الكنز

المصدر : الأمبراطور









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-10-2014, 05:57 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الأسرار .. وسر نجمة داود



LILITH WINGED



LILITH HARPIES




لو لم تتدخل الأفعى - المتجسدة في "ليليت"- لتقنع حواء بإغواء آدم لأكل التفاحة، وهو ما تم، ليستحقا غضب الله فيطردهما من الجنة...






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-10-2014, 05:58 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الأسرار .. وسر نجمة داود


عودة ليليت

أنا ليليت المرأة، شريكة آدم في الخلق لا ضلع الخضوع. من التراب خلقني إلهي لأكون الأصل، ومن ضلع آدم خلق حواء لتكون الظل.
عندما سئمت زوجي خرجت لأرث حياتي ..



تأليف : جمانة حداد












نبذة عن الكتاب:
حرّضت رسولتي الأفعى على إغواء آدم بتفاح المعرفة. وعندما انتصرت أعدت فتنة الخطيبة إلى الخيال ولذة المعصية إلى النصاب. أن المرأة المرأة، الالهة الأم والالهة الزوجة... تزوجت الحقيقة والأسطورة لأكون الاثنتين. أنا دليلة وسالومي ونفرتيتي بين النساء، وأنا ملكة سبأ وهيلانة طروادة ومريم المجدلية. أنا ليليت الزوجة المختارة والزوجة المطلقة، الليل وطائر الليل، المرأة الحقيقة والأسطورة، المرأة عشتار وأرتيميس والرياح السومرية، ترويني اللغات الأولى وتفسرني الكتب، عندما يرد ذكري بين النساء تمطرني الأدعية باللعنات.

أنا العتمة الأنثى لا الأنثى الضوء. لن يحصيني تفسير ولن أرضخ لمعنى. وصمتني الميتولوجيا بالشرور، ورشقتني النساء بالمرجولة، لكني لست المسترجلة ولا المرأة اللعبة، بل اكتمال الأنوثة الناقصة. لا أشنّ حرباً على الرجال ولا أسرق الأجنة من أرحام النساء، فأنا الشيطانة المطلوبة، صولجان المعرفة وخاتم الحب والحرية.

أن الجنسان ليليت، أنا الجنس المنشود. آخذ ولا أعطي، أعيد آدم إلى حقيقته... أنا ليليت المخلوقة الندّ والزوجة الندّ، ما ينقص الرجل كي لا يندم، وما ينقص المرأة كي تكون".

قراءة فلسفية في إطار شعر نثري وربما نثر شعري، لشخصية ليليت، تزرعها الكاتب بالكثير من الخيال، وبالعديد من الأفكار التي تقفز فوق الواقع الأنثوي، لتصنع صورة أنثى موضوعة في إطار رمزي يجنح إلى التمرد على الواقع الأنثوي المعاش. كتابة جمانة حداد هذه في شخصية وسطور وحياة ليليت فيها الكثير من المتعة، والأكثر من التشوق لقراءة ما وراء السطور. فهي تكتب حول تلك الأنثى (ليليت) التي جاء ذكرها في الميتولوجيات السومرية والبابلية والآشورية والكنعانية، كما في العهد القديم والتلمود.

والأسطورة التي تروي أنها المرأة الأولى التي خلقها الله من التراب على غرار آدم. إلا أنها رفضت الخضوع الأعمى للرجل وسئمت الجنة. فتمردت وهربت ورفضت العودة. آنذاك نفاها الرب إلى ظلال الأرض المقفرة، ثم خلق من ضلع آدم المرأة الثانية، حواء. من هنا يمكن القول بأن لقراءة عودة ليليت بعلم الحاضر أهمية ومتعة، لما لتلك الكتابة من أبعاد تستحضرها الكاتبة من خلال الرمز والعبارة والأسلوب.



مبـتـدأ أوّل






أنا ليليت المرأة القَدَر. لا يتملّص ذَكَرٌ من قدري ولا يريد ذكرٌ أن يتملّص.


أنا المرأة القَمَران ليليت. لا يكتمل أسوَدهما إلا بأبيضهما، لأنّ طهارتي شرارةُ المجون وتمنّعي أول الاحتمال. أنا المرأةُ الجنّة التي سقطت من الجنّة وأنا السقوط الجنّة.


أنا العذراء ليليت، وجه الداعرة اللامرئي، الأم العشيقة والمرأة الرجل. الليلُ لأني النهار، والجهة اليمنى لأني الجهة اليسرى، والجنوب لأني الشمال.


أنا المرأة المائدة وأنا المدعوون اليها. لُـقبّتُ بجنّية الليل المجنحة، وسمّاني أهل سومر وكنعان وشعوب الرافدين إلهة الاغراء والرغبة، وسمّوني إلهة اللذة المجانية وشفيعة الاستمناء. حرّروني من شرط الانجاب لأكون القَدَر الخالد.


أنا ليليت النهدان الأبيضان. لا يقاوَم سحري لأنّ شَعري أسوَد طويل وعينيّ عسليتان. جاء في تفسير الكتاب الأول أني من ترابٍ خُلقتُ، وجُعِلتُ زوجة آدم الأولى فلم أخضع.


أنا الأولى التي لم تكتفِ لأنّها الوصال الكامل، الفعل والتلقي، المرأة التمردُ لا المرأة الـ نعم. سئمتُ آدمَ الرجل وسئمتُ آدمَ الجنة. سئمتُ ورفضتُ وخرجتُ على الطاعة. عندما أرسل الله ملائكته لاستعادتي كنتُ ألهو. على شاطىء البحر الأحمر كنتُ ألهو. شاؤوني فلم أشأ. روّضوني لأتروّض فلم أتروّض. أنزلوني الى المنفى لأكون وجع الشرود. جعلوني الرهينةَ للقفر من الأرض والفريسةَ للموحش من الظلال، وطريدةَ الكاسر من الحيوان جعلوني. عندما عثروا عليَّ كنتُ ألهو. لم أستجب فشرّدوني وطردوني لأني خرجتُ على المكتوب. وعندما طردوني بقي آدمُ زوجي وحيداً. وحيداً ومستوحشاً وشاكياً ذهب الى ربه، فخلق له ربّهُ امرأةً من ضلعه تُدعى حوّاءَ وسمّاها النموذج الثاني. لتطرد الموت عن قلبه خلقها، وتَـضْمَن استمرار الخلق.


أنا ليليت المرأة الأولى، شريكةُ آدمَ في الخلق لا ضلع الخضوع. من التراب خلقني إلهي لأكون الأصل، ومن ضلع آدمَ خلق حواء لتكون الظل. عندما سئمتُ زوجي خرجتُ لأرثَ حياتي. حرّضتُ رسولتي الأفعى على إغواء آدمَ بتفاح المعرفة، وعندما انتصرتُ أعدتُ فتنة الخطيئة الى الخيال ولذة المعصية الى النصاب.


أنا المرأةُ المرأة، الإلهةُ الأم والإلهةُ الزوجة. تخصّبتُ لأكونَ الإبنة وغوايةَ كلّ زمان. تزوّجتُ الحقيقةَ والأسطورةَ لأكون الإثنتين. أنا دليلةُ وسالومي ونفرتيتي بين النساء، وأنا ملكةُ سبأ وهيلانةُ طروادة ومريمُ المجدلية.


أنا ليليت الزوجةُ المختارة والزوجةُ المطلّقة، الليلُ وطائرُ الليل، المرأةُ الحقيقةُ والأسطورةُ المرأة، عشتار وأرتيميس والرياح السومرية. ترويني اللغات الأولى وتفسّرني الكتب، وعندما يرد ذكري بين النساء تمطرني الأدعيةُ باللعنات.


أنا العتمة الأنثى لا الأنثى الضوء. لن يحصيني تفسير ولن أرضخ لمعنى. وَصَمتني الميتولوجيا بالشرور ورشقتني النساء بالرجولة، لكني لستُ المسترجلة ولا المرأةَ اللعبة، بل اكتمال الأنوثة الناقصة. لا أشنّ حرباً على الرجال ولا أسرق الأجنّة من أرحام النساء، فأنا الشيطانة المطلوبة، صولجان المعرفة وخاتم الحب والحرية.


أنا الجنسان ليليت. أنا الجنس المنشود. آخذ لا أُعطى. أعيد آدمَ الى حقيقته، والى حواء ثديها الشرس ليستتبّ منطق الخلق.

أنا ليليت المخلوقةُ الندّ والزوجةُ الندّ
ما ينقص الرجل كي لا يندم
وما
ينقص
المرأة
كي
تكون.


***



مختارات من القصيدة


أنا ليليت إلهةُ الليـلَين العائدةُ من منفاها.


أنا ليليت العائدةُ من سجن النسيان الأبيض، لبوءة السيّد وإلهة الليـلَين. أجمعُ ما لا يُـجمع في كأس وأشربه لأنّي الكاهنة والهيكل. لا أترك ثمالةً لأحد كي لا يُـظنَّ ارتويت. أتجامعُ وأتكاثرُ بذاتي لأصنع شعباً من ذريتي، ثم أقتلُ عشّـاقي كي أفسح للذين لم يعرفوني.


أنا ليليت المرأةُ الغابة. لم أعرف انتظاراً يُـرجى لكنّي عرفتُ الأسُود وأصناف الوحوش الأصيلة. ألقّح جميع أنحائي لأصنع الحكاية، أجمع الأصوات في رحمي لـيكتمل عدد العبيد. آكل جسدي كي لا أُعيَّر بالجوع وأشرب مائي كي لا أشكو عطشا. ضفائري طويلة من أجل الشتاء وحقائبي غير مسقوفة. لا يرويني شيء ولا يشبعني شيء، وأعود لأكون لبوءة الضائعين في الأرض.

من ناي الفخذين يطلع غنائي
الأنهرُ من شبقي
فكيف لا يكون مدٌّ
كلّما افترّت شفتاي العموديتان عن قمر؟


أنا ليليت سرُّ الأصابع حين تلحّ. أشقُّ الطريق وأكشفُ الأحلام وأشرّعُ مدن الذكورة أمام طوفاني. لا أجمع اثـنين من كل جنس بل أكونهما كي يرجع النسل نقياً من كل طهر.

غرورُ النهدين أنا
صغيران لينموا ويضحكا
ليطالبا ويؤكلا
نهداي مالحان
شاهقان لا أبلغهما
قبِّـلوهما عنّي.


لي عرشُ بلقيس وتاجُ كليوباترا
لي كتابُ نرسيس ورؤوسُ يوحنّا
ليس من رداءٍ أتدثّر به سوى فمي
جنسي المحجور عليه في أعماق الرأس
محجورٌ عليه ليظلّ يطالب.




أنا ليليت الملاكُ الماجنة. فرس آدم الأولى ومفسدة ابليس. الحيية لأنّي حورية البركان والغيور لأني وسواس الرعونة الجميل. لم تحتملني الجنّة الأولى فطُردتُ لأرمي فتنةً في الأرض وأدبّر في المخادع أحوال رعيتي.

أنا اللبوءةُ المغوية أعودُ لأصحّح ضلوع آدم وأحرّر الرجال من حواءاتهم.

أنا ليليت العائدةُ من منفاها لأرثَ موتَ الأم التي أنجبتُـها.










آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-10-2014, 07:00 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الأسرار .. وسر نجمة داود

************

طرح رائع ومعلومات قيمة ومفيدة

شكرى وتقديرى اختى نوووور







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 04-10-2014, 07:59 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الأسرار .. وسر نجمة داود


3


"منسأة" سليمان..

أعلى ما يطمح إليه العلم, والتقنية البشرية!.





{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}(14) سورة سبأ





كما سبق واستدللنا بفهمنا نحن, وظننا, فيما خص المحاريب والتماثيل والجفان والقدور, وبالطريقة نفسها, من الاعتماد على نصوص القرآن نفسه, وعلى ما صح من حديث "المعصوم" عليه الصلاة والسلام, وبما يحتمله لسان العرب, غير ملتزمين بما يخالف هذا كله, سواء ما كان من رأي الناس, غير المسند بالآية أو الحديث الصحيح, أو ما كان من "الإسرائيليات" الباطلة اتفاقا.



بهذا كله, "نتدبر" ما وراء "منسأة" سليمان عليه السلام, وبذات ما قدمنا واعتمدنا عليه من السياق الحربي المُلكي لسورة سبأ, ولا بد للقارئ من الرجوع إلى موضوعنا السابق عن ملك سليمان للطاقة, وقدراته في البث الصوتي والصوري والمادي, ليتتبع معنا اعتمادنا الشديد على دلالة السياق للسورة, كرن شَرطي للبحث!.



فكان السياق القرآني للسورة, هو الذي يأبى ما ذهب إليه أجلاؤنا من المفسرين والمجتهدين, جزاهم الله خيرا, فالسياق حربي مُلكي شديد, يأبى ذلك الحصر السطحي للمنسأة التي جاءت على رأس ما ذكر من ملك سليمان, في مجرد عصا يتكئ عليها أي رجل!.



بداية السؤال..

إذا كانت "المنسأة" هي العصا, فلم قال الله الحكيم "منسأته", ولم يقل "عصاه"؟.



ظاهر الآية يرفض ما قاله المفسرون..

فالمفسرون جزاهم الله خيرا, على أن "الأرضة" أكلت "العصا" حتى نخرتها, فانكسرت, فسقط سليمان أرضا, فعلم من علم بموته بعدما خر على الأرض!.



ولا حاجة للخوض في أكثر من هذا, من مدة لبثه متكئا على "عصاه", سواء بقول من قال: شهرا, أو سنة, أو أربعين سنة. فليس عندنا من الله أو من رسوله في هذا شيء, واختلافهم دليل على أن لا نص عندهم من الله ورسوله, وإنما العلم ما قال الله وقال رسوله.



فظاهر الآية يشير بشكل جلي, أن من استدل على موته, ممن حضره, إنما استدل بما رآه من أن دابة الأرض "تأكل" منسأته, بالفعل المضارع, فهو استدل على الموت من الفعل الحاضر في الأكل, لا بعدما مضى الفعل وصار ما صار!.



فعندما رآى الدابة "تأكل" المنسأة, علم أن سليمان قد مات, أي قبل أن يخر سليمان, وإنما أفاد الخرّ شيئا آخر يخص الجن, بأنهم لا يعلمون الغيب, {فلما خر تبينت الجن}, أما دلالة الموت فكانت حاصلة قبل الخر, بأن "الدابة" "تأكل" "المنسأة"!!.

إذا في القصة شيء آخر غير ما يروى, فما هو؟.



وما "المنسأة" إذا؟.



"المنسأة" على وزن مِفعلة, وهو الوزن الذي تستعمله العرب للدلالة على اسم الآلة, فتقول: مِجرفة, ومِكنسة, إذا قصدت آلة الجرف وآلة الكنس, فما "المنسأة"؟.



"المنسأة" اسم آلة للنسأ, فما النسأ؟.



"النسأ" في القرآن "الزيادة" أو "التأخير" في "الزمن", ومنه "ربا النسيء", ومنه آيه سورة التوبة {إنما النسيء زيادة في الكفر, يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما, ليواطئوا عدة ما حرم الله}. وهو ما كانت تفعله العرب من "زيادة" الفترة و"تأخير" الشهر الحرام لحاجة عندها, فسمي هذا "التأخير" و"الزيادة" نسيئا.



فما علاقة "المنسأة" و"الزمن" إذا؟.



الملاحظ أن هذه الآية جاءت بعدما ذكر الله متعلق الزمن, "الشهر", بريح سليمان في الآية التي تسبقها {ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر}. وسبق وأشرنا عن علاقة "النسأ" والزمن المتعلق بـ"الشهر" الوارد في سورة التوبة, ولن تجد من يماري بمثل هذه العلاقة, إذا علمت أن الآية التي تسبق آية "النسيء" في سورة التوبة مباشرة هي هذه {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا}. فهذا هو "الزمن" وهذا هو "النسأ" مرة أخرى!.



وكما أن العلاقة لازمة بينه "الشهر" و"النسأ" في "التوبة", فهي كذلك في "سبأ".



ثم هذا حديث النبي عليه الصلاة والسلام, يقضي بيننا بالحق:

"صلة القربي مثراة في المال, محبة في الأهل

منسأة في الأجل".



فمن منا لا يرى استعمال النبي عليه الصلاة والسلام "للنسأ" حينما أراد الحديث عن "الأجل"؟!. و"الأجل" بلا ريب, هو ما يطلق على "الزمن المحسوب", من.. إلى؟.



أما من استدل بشيء من الشعر على أنها العصا ووقف عندها, فلم يعدل, إذ لم يقل لنا لم يقول الله "عصاه"؟, والاستدلال بالحديث فوق الاستدلال بالشعر بلا خلاف.



ولا نقول بالضرورة إن المنسأة ليست عصا, فلا يمنع أن تكون على هيئة العصا, ولكن بحثنا ومرادنا عن مطلب المنسأة وما وراءها, وما كانت له.



إذا, فقد بات واضحا, وبدليل حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي استدللنا به, أن الأمر متعلق بـ"الزمن" والأجل, وليس أدل من ظاهر الآية على هذا, إذ لم تكن "المنسأة" إلا للتدليل على "أجل" سليمان وموته!.







باختصار..



فالمنسأة بهذا, "أداة للزمن", وقد تكون بهيئة العصا, كانت على رأس ملك سليمان, ملازمة له, متعلقة فيه, استدل من استدل على انقضاء "أجله" بذهاب "أداته الزمنية", التي كان يملك بها سليمان زمام "الزمن الأرضي",-وقِفْ عند "دابة الأرض" الواردة في الآية- فيزيد فيه ويأخره بالقدر الذي يعينه على فعل أوامر الله الملك. تماما مثل ما يحلم العلماء التقنيون اليوم, بالسيطرة على "الإزاحة الزمنية", سواء بتسريعها أو بإبطائها, ذلك الذي سبقهم إليه النبي "المؤتى من كل شيء", وبما سخر الله له, ليجعله آيته وحجته على الحضارة البشرية حتى منتهاها, أن القوة لله جميعا.



وهذا ما قد يعيننا على فهم حديث النبي الصحيح عليه الصلاة والسلام, حين قال: "قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه - قال سفيان: يعني الملك - قل إن شاء الله، فنسي فطاف بهن فلم تأت امرأة تلد منهن بولد إلا واحدة بشق غلام".



فكيف يطوف بليلة واحدة لا تتجاوز بضع ساعات على تسعين امرأة, وهو النبي الملتزم بسنن الأنبياء, من الطهارة والأدب وحسن المعاشرة, وما قد يلزمه هذا من "الزمن" الطويل, إن غضضنا الطرف عن القدرة الجنسية التي لم يثبت أن لأحد من الرجال مثلها؟؟.



اللهم إلا إذا كان للمنسأة شأنها, وما يفعل بها النبي سليمان من "الزيادة" في الزمن حتى يقضي هو بليلة, ما يقضيه الرجل السوي ببضعة أشهر!.



ثم هذا ما قد يعيننا مرة أخرى على فهم آية سورة النمل بفهم أعمق {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}. وكنا بينا في الموضوع السابق أن سليمان نفسه, هو من أتى بالعرش, معتمدين على ما أثبته بالبينة الإمام الرازي في تفسيره, لنفهم قدرة سليمان على الامساك بزمام الزمن بما وهب الله له.



وما كان في الإسراء والمعراج, لأظهر دليل على جواز ما نقول, حيث قطع النبي إلى بيت المقدس ما يقطعه الناس بشهرين, ثم صعد إلى السماء السابعة التي لا يعلم بعدها إلا ربها, ثم رجع وفراشه على حاله لم يبرد بعد!, أي ببضع دقائق..



إذا فماذا كانت "دابة الأرض"؟.



ما نقله إلينا المفسرون, كان عن أنها "الأرضة", أو الدودة التي تأكل الخشب, ذلك لأنهم "افترضوا" ابتداءا, أن المنسأة كانت من الخشب, والمحققون من أهل العلم, يقفون بالعادة عند مصادر الخبر والنقل, فلنا أن نسأل معهم: إن لم يكن النبي محمد عليه الصلاة والسلام هو صاحب هذه المعلومة, فمن أين لصاحبها بها, كائنا من كان, فليس بعد خبر النبي خبر, والله لا يستحيي من الحق!. فنعلم بالضرورة بعد هذا, أن قول من قال: إنها دودة الأرض, إنما هو قول بالرأي, لا بالعلم عن النبي, وشتان ما بينهما.



ثم إذا قال الله {دابة الأرض} بهذا العموم, وأراد من أراد أن يخصص ما عمم الله, فعليه البينة والدليل, فقد سبق وخصص الله فقال: {قالت نملة} ولم يقل "قالت دابة الأرض"!.



فإذا أردنا أن نقرأ النص القرآني على ظاهره, -لعدم ورود الخبر النبوي المخصِص- فنقف عندها كما هي {دابة الأرض}, فهي أولا "دابة", ثم هي لـ"الأرض", أي دابة مخصوصة بالأرض, كأن النص يوحي بهذا التخصيص, حتى إذا قرأه من قرأه, علم أن هناك دابة لا تخص الأرض!. {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم}. فهناك للأرض, وهناك للسماء!.



فهل منا من سمع عن "دابة السماء"؟.

اللهم نعم, ألم نسمع النبي عليه الصلاة والسلام يحدث عن ليلة الإسراء, حين أتاه جبريل بـ"البراق", وهو كما عرّفه رسول الله بقوله من الحديث الصحيح: أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل. يضع حافره عند منتهى طرفه, قال، فركبته حتى أتيت بيت المقدس".

فها هي "دابة" و"براق", ولنتدبر كلمة "البراق", ولنستخرج ما فيها من إيحاء للسرعة القصوى التي تشبّه عادة بالبرق و"الضوء"!.



فكيف "تأكل" "الدابة" "المنسأة"؟.

قبل أن ننجيب, يجب أن نعلم أن لكلمة "أكل" دلالات معنوية أخرى, غير الدلالة الفعلية التي نعرفها, فتأتي بمعنى "ألأخذ" و"الاستحواذ". ألم نقرأ من سورة البقرة والنساء {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}, {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم}؟. فمن منا يرى أن معنى "الأكل" هنا هو "القضم" بالأسنان والفم, ثم بالمضغ؟.



ولنلتفت مرة أخرى إلى سياق الاستعمال لكلمة "الأكل", فقد جاءت فيما يخص "مال الرجل وملكه"!.



وما دمنا في الحديث عن "الزمن", فلنستذكر أن القرآن يستعمل هذه التصاريف فيما يخص الزمن, ألم نقرأ من سورة الكهف {وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين, وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال}, فمن منا يعتقد أن الحركة "الزمنية" للشمس كانت قرضا بالسن والناب؟.



إذا ماذا؟.

كوننا لا نعلم يقينا هيئة وكنه "الدابة", وهيئة وكنه "المنسأة", فلا نستطيع أن نحدد أو نصف هيئة "الأكل" وكيفه ودلالته, فقل لي أنت بالتحديد, كيف كانت "الدابة" وما هو كنهها, وكيف كانت "المنسأة" وما هو كنهها, أقل لك بالتحديد, كيف كان "الأكل"!.



فكيف خرَّ سليمان إذا؟.

بما أن أصحاب التفاسير –جزاهم الله خيرا- قد بنوا تأويلهم على أن "المنسأة" هي العصا التي نعرفها, ويتكئ عليها صاحبها, وذهبوا إلى ما علمتم من تأويل "الدابة", فقد استمروا بوصفهم الذاتي للحدث, فنصبوا سليمان على رجليه, وركزوه على عصاه, حتى إذا نخرت العصا, خر الملك!.

هذا, دون الالتفات إلى فترة مكثه ميتا, لأن كل ما في التفاسير رجم بالغيب.



فنقول: إن الميت إذا مات وهو واقف مستند إلى عصا, فسيخر لتوه, ولا تسنده العصا بحال, فما يُبقي الميت واقفا, إنما هو عصبه وتوازنه هو. وهذا ما يقرره الأطباء أكثر من الفقهاء, ولا يبعد –بما يتوفر لنا من معطيات النص, "دابة", "إنسان"- لا يبعد أن يكون سليمان خرّ من فوق دابته!.







الزمن.. والعدد.. والحساب.. وسورة سبأ!.



كما بدأنا بحثنا, فالحديث يدور عن النبي الملك "المؤتى من كل شيء", والعلم في أسباب الأشياء وقوانينها على رأس هذه المأتيات, وعندما تحدثنا عن "المنسأة" وعلاقتها بالزمن والنسيء والعدد, فقد ربطت آية سورة التوبة بقوة بين هذه الثلاثة بشكل جلي {إن عدة الشهور...}, و{إنما النسيء زيادة في الكفر, يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما, ليواطئوا عدة ما حرم الله}.



فمن أول ما بدأ الحديث عن الرياح لسليمان, كان الحساب الزمني حاضرا, خلافا لكل آيات الرياح لسليمان في سائر القرآن, إذ لم يذكر الزمن إلا ها هنا {غدوها شهر ورواحها شهر}, والملاحظ هنا إن الحساب الزمني يشير إلى فترتين مجموعتين "غدوها ورواحها", أي ذهابا وإيابا, وهذا ما قد يؤشر إلى حساب خاص للزمن.



27 كلمة في آية "المنسأة"..

فما لهذا "العدد" وحساب "الزمن"؟.



أولا, والملاحظ الملفت, أن آية "الزمن" التي قبلها بآية {غدوها شهر ورواحها شهر}, هي الأخرى بـ 27 كلمة, فما الـ "27"؟.



لا حاجة للتذكير بحضور الزمن في هذه العلاقات, بل الظاهر هذا الحضور بقوة, إذ وردت كلمة "الساعة" بصراحة في سورة سبأ مرتين, في الآية (3) والآية (30) فقط, فماذا وراء هذا؟.



أولا: الفرق بين الآيتين (27) آية.

ثانيا: الرقم (30) هو الرقم الخاص بوحدة الزمن "الشهرية", ولا خلاف أن "الشهر" هو الدلالة الزمنية هنا.

ثالثا: العدد (3) يشكل معشارا للرقم (30), وهي النسبة الحسابية الوحيدة المذكورة في سورة سبأ في الآية (45){وما بلغوا معشار ما آتيناهم}, كما لم تذكر في القرآن إلا هنا.

رابعا: عدد آيات السورة (54) آية, أي 27x2

خامسا: السورة التي استحضر فيها سليمان العرش "بلمح البصر" هي السورة (27).

سادسا: من كلمة "سليمان" في الآية (13) إلى كلمة "موته" هناك (54) كلمة, فكأن "أجل" سليمان كان بحد ذاته حيزا زمنيا خاصا.

سابعا: كلمة "المنسأة" هي الكلمة (13) في الآية (14), ولا يخفى أن مجموعهما هو (27).

ثامنا: يشترك العدد (3) مع الرقم (27) بالعدد (9), فما هو العدد (9), وما علاقته بالحساب الزمني؟.



أولا: بالاعتماد على أن عدة الشهور هي (12), فإن الشهر (9) هو رمضان, وفي الشهر (9) وفي الليلة (27) انزل القرآن.

ثانيا: الليلة (27) هي ليلة القدر –على الغالب-, وسورة القدر فيها (30) كلمة, بقدر وحدة الشهر الحسابية, ووردت فيها ليلة القدر (3) مرات, وبـ (9) أحرف لكل مرة, ليصبح الناتج مرة أخرى (27).

ثالثا: السورة (9) سورة التوبة, هي التي تذكر آية الشهور, وهي التي ذكرت {يوم الحج الأكبر} وهو بلا خلاف اليوم (9). وفي هذا اليوم قال النبي عليه الصلاة والسلام: "ألا إن الزمان قد استدار على هيئته يوم خلق الله السموات والأرض".

رابعا: العدد (9) ذكر صراحة في السورة (27).



سورة سبأ (54) آية, فما السورة ذات الترتيب (54)؟,

وهل لها علاقة بالحساب والزمن؟.



إنها سورة "القمر" {والقمر نورا, وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب}, وفي ختامها قال الله {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر}, كالتي في السورة (27) {قبل أن يرتد إليك طرفك}.







ختاما..

هل لنا أن نشرع بالبحث عن "السُرَع الزمنية" و"الحيز الزمني" و"علم" السيطرة وضبط "حركة الزمن" بناء على ما توحي به سورة سبأ, حكاية عن النبي الملك المؤتى من كل شيء؟.



خاصة إذا علمنا أن سورة سبأ تختتم على وحي صريح بالنظام الرقمي للحساب الشامل المعروف لدينا, بعرض لم يشاركها به غيرها, واقرأوا معنا..



{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ, قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}.فها هو النظام "العشري والآحاد والزوجي والفردي" في آيتين متتابعتين في سورة واحدة!.





هل هي "النسبية" الزمنية التي تشغل العلماء؟.



لن نخوض هنا في "النظرية" النسبية بالتعريف الذي يتداوله العلماء الفيزيائيون, ولكن نكتفي بالتذكير بحادثة الإسراء والمعراج, فهي بالنسبة إليهم أمثل دليل وتشبيه, ثم ما ورد في سورة "المعارج" {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, فاصبر صبرا جميلا, إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا}.



وهو عين ما آلت إليه سورة سبأ في خواتيمها {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ,

وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ,

وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ,

وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ}.



قريب قريب, بعيد بعيد..



ألَعَلَهُ من مثل ما أوتي سليمان

فكان بـ"المنسأة" ينسأ الزمن,

فيزيد فيه ويؤخره لحاجة "نبي ملك"

على قريب قريب, أو بعيد بعيد؟!.




صلاح الدين إبراهيم أبو عرفة






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:02 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator