سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 118
" يوشك الناس يتساءلون بينهم حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله عز وجل ? فإذا قالوا ذلك , فقولوا : *( الله أحد , الله الصمد , لم يلد , ولم يولد , ولم يكن له كفواً أحد )* ثم ليتفل أحدكم عن يساره ثلاثاً , وليستعذ من الشيطان " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 184 :
( عن # أبي هريرة # ) :
أخرجه أبو داود ( 4732 ) وابن السني ( 621 ) عن محمد بن إسحاق قال : حدثني عتبة بن مسلم مولى بني تميم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
قلت : وهذا سند حسن رجاله ثقات , وابن إسحاق قد صرح بالتحديث فأمنا بذلك تدليسه .
ورواه عمر بن أبي سلمة عن أبيه به إلى قوله : " فمن خلق الله عز و جل ? " قال : فقال أبو هريرة : فو الله إني لجالس يوماً إذ قال لي رجل من أهل العراق : هذا الله خالقنا فمن خلق الله عز وجل ? قال أبو هريرة : فجعلت أصبعي في أذني ثم صحت فقلت : صدق الله ورسوله ( الله الواحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ) .
أخرجه أحمد ( 2 / 387 ) ورجاله ثقات غير عمر هذا فإنه ضعيف .
وله عنده ( 2 / 539 ) طريق أخرى عن جعفر حدثنا يزيد بن الأصم عن أبي هريرة به مرفوعاً مثل الذي قبله , قال يزيد : فحدثني نجمة بن صبيغ السلمي أنه رأى ركباً أتوا أبا هريرة , فسألوه عن ذلك , فقال : الله أكبر , ما حدثني خليلي بشيء إلا وقد رأيته وأنا أنتظره . قال جعفر بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا سألكم الناس عن هذا فقولوا : الله قبل كل شيء , والله خلق كل شيء , والله كائن بعد كل شيء .
وإسناد المرفوع صحيح , وأما بلاغ جعفر وهو ابن برقان فمعضل .
وما بينهما موقوف , لكن نجمة هذا لم أعرفه , وهكذا وقع في المسند " نجمة " بالميم , وفي " الجرح والتعديل " ( 4 / 1 / 509 ) : " نجبة " بالباء الموحدة وقال : " روى عن أبي هريرة , روى عنه يزيد بن الأصم , سمعت أبي يقول ذلك " و لم يزد !
ولم يورده الحافظ في " التعجيل " وهو على شرطه !
فقه الحديث :
دلت هذه الأحاديث الصحيحة على أنه يجب على من وسوس إليه الشيطان بقوله : من خلق الله ? أن ينصرف عن مجادلته إلى إجابته بما جاء في الأحاديث المذكورة , وخلاصتها أن يقول : " آمنت بالله ورسله , الله أحد , الله الصمد , لم يلد ولم يولد , ولم يكن له كفواً أحد . ثم يتفل عن يساره ثلاثاً , ويستعيذ بالله من الشيطان , ثم ينتهي عن الانسياق مع الوسوسة .
وأعتقد أن من فعل ذلك طاعة لله ورسوله , مخلصاً في ذلك أنه لابد أن تذهب الوسوسة عنه , ويندحر شيطانه لقوله صلى الله عليه وسلم : " فإن ذلك يذهب عنه " .
وهذا التعليم النبوي الكريم أنفع وأقطع للوسوسة من المجادلة العقلية في هذه القضية , فإن المجادلة قلما تنفع في مثلها . ومن المؤسف أن أكثر الناس في غفلة عن هذا التعليم النبوي الكريم , فتنبهوا أيها المسلمون , وتعرفوا إلى سنة نبيكم , واعملوا بها , فإن فيها شفاءكم وعزكم .