اخوانى واخواتى فى الله الكرام
تعالوا نجلس قليلاً من الوقت مع رجلاً انعم الله عز وجل عليه بنعمة خدمة وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم نستمع له وهو يروى بعضاً من قصته الرائعه انه سيدنا ربيعه بن كعب وها هو يقول:
كنت فتى حديث السن لما اشرقت نفسى بنور الايمان وامتلئ فؤادى بمعانى الاسلام ولما اكتحلت عيناى بمرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم اول مره احببته حباً ملك كل جارحه من جوارحى وأولعت به ولعاً صرفنى عن كل ما عداه
فقلت فى نفسى ذات يوم : ويحك يا ربيعه لم لا تجرد نفسك لخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟ اعرض نفسك عليه فان رضى بك تسعد بقربه وتفوز بحبه وتحظى بخيرى الدنيا والاخره....
ثم ما لبثت ان عرضت نفسى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجوته ان يقبلنى فى خدمته فلم يخيب رجائى ورضى ان اكون خادماً له فصرت منذ ذلك اليوم الزم للنبى الكريم صلى الله عليه وسلم من ظله ،اسير معه اينما سار وادور فى فلكه كيفما دار فما رمى بطرف عينه مره نحوى الا وجدنى واقفاً بين يديه وما تطلع لحاجة من حاجاته الا وجدنى مسرعاً فى قضائها وكنت اخدمه نهاره كله فاذا انقضى النهار وصلى العشاء الاخير وأوى الى بيته أهم بالانصراف لكنى ما ألبث ان اقول فى نفسى الى اين تمضى يا ربيعه ؟ .. فلعلها تعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجه فى الليل فأذهب واجلس على بابه ولا اتحول عن عتبة بابه .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع الليل قائماً يصلى فربما سمعته يقرأ بفاتحة الكتاب فما يزال يكررها جزءا من الليل وربما سمعته يقول " سمع الله لمن حمده" فما يزال يرددها زمناً اطول من تريدده لفاتحه الكتاب وقد كان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم انه ما صنع له احداً معروف الا احب ان يجازيه عليه بما هو أجل منه وقد احب صلى الله عليه و سلم أن يجازينى على خدمتى له
فأقبل على ذات يوم وقال :يا ربيعه بن كعب
فقلت : لبيك يا رسول الله وسعديك
قال صلى الله عليه وسلم : سلنى شيئاً اعطك اياه
فقلت : امهلنى يا رسول الله لانظر فيما اطلبه منك ثم اخبرك به
فقال صلى الله عليه وسلم : لا بأس عليك
وكنت يومئذ شاباً فقيراً لا اهل لى ولا مال ولا سكن وانما كنت اوى الى صُفة المسجد مع امثالى من فقراء المسلمين فاذا اتى احد من المسلمين بصدقه الى رسول الله صلى عليه وسلم بعث بها كلها الينا واذا اهدى له احد هديه اخذ منها شيئاً وجعل باقيها لنا فحدثتنى نفسى ان اطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من خير الدنيا اغتنى به من الفقر واصبح كالاخرين ذا مال وزوجة وولد
لكنى سرعان ما قلت لنفسى : تباً لك يا ربيعة بن كعب ان الدنيا زئله فانيه وان لك فيها رزقاً كفله الله عزوجل ولابد ان يأتيك هذا الرزق ولرسول الله صلى الله عليه وسلم منزله عند ربه مستجاب الدعوه فاطلب منه ان يسأل الله لك من فضل الاخره .
فطابت نفسى لذلك واسترحت له ثم جئت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : ما تقول يا ربيعه؟؟
فقلت : يارسول الله اسألك ان تدعو الله تعالى ان يجعلنى رفيقاً لك فى الجنه
فقال صلى الله عليه وسلم: من اوصاك بذلك ؟؟
فقلت : لا والله ما اوصانى به احد ولكنك حين قلت لى : سلنى اعطك - حدثتنى نفسى ان اسألك شيئاً من خير الدنيا ... ثم ما لبثت ان هُديتُ الى ايثار الباقيه على الفانيه فسألتك ان تدعوا الله لى ان اكون رفيقك فى الجنه
فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً ثم قال : أو غير ذلك يا ربيعه ؟؟؟
فقلت كلا يا رسول الله فما اعدل بما سألتك شيئاً
فقال صلى الله عليه وسلم : اذن اعنى على نفسك بكثرة السجود
فجعلت اجتهد فى العباده لأحظى بمرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجنه كما حظيت بخدمته وصحبته فى الدنيا
ثم لم يمضى على ذلك فى وقت طويل حتى نادانى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : الا تتزوج ياربيعه ؟؟
فقلت : ما أحب ان يشغلنى شيىء عن خدمتك يا رسول الله .. ثم انه ليس عندى ما امهر به الزوجه ( اى اعطيه مهراً) ولا ما اقيم حياتها به
فسكت صلى الله عليه وسلم ثم رانى ثانيه فقال لى : الا تتزوج يا ربيعه ؟؟
فاجبته بمثل ما قلت فى المره السابقه ... ولكنى ما ان خلوت بنفسى حتى ندمت على ما كان منى
وقلت : ويحك يا ربيعه ... والله ان النبى صلى الله عليه وسلم لأعلم منك بما يصلح لك فى دينك ودنياك واعرف منك بما عندك والله لئن دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه المره الى الزواج لاجيبنه .
لم يمض وقت طويل حتى قال لى الرسول صلى الله عليه وسلم : الا تتزوج يا ربيعه ؟؟
فقلت : بلى يا رسول الله ولكن من يزوجنى وانا كما تعلم
فقال صلى الله عليه وسلم : انطلق الى فلان وقل لهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم ان تزوجونى فتاتكم فلانه
فذهبت اليهم على استحياء وقلت لهم : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ارسلنى اليكم لتزوجونى فتاتكم فلانه
فقالوا : فلانه
فقلت : نعم
فقالوا : مرحباً برسول الله صلى الله عليه وسلم ومرحباً برسول رسول الله صلى الله عليه وسلم
والله لا يرجع رسول رسول الله الا بحاجته ... وعقدوا لى عليها
فاتيت النبى صلى الله عليه وسلم وقلت له : يا رسول لقد جئت لقد جئت من عند خير بيت .. صدقونى ورحبوا بى وعقدوا لى على ابنتهم فمن اين اتيهم بالمهر؟؟
فاستدعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بريده بن الحصيب وكان سيداً من سادات قومى " بنى اسلم "
وقال له : يا بريده اجمعوا لربيعه وزن نواة ذهباً ... فجمعها لى
فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب بهذا اليهم وقل لهم : هذا صداق ابنتكم
فأتيتهم ودفعته اليهم فقبلوه ورضوه وقالوا كثير طيب
فاتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت ما رايت قوماً قط اكرم منهم فلقد رضوا ما اعطيتهم على قلته وقالوا كثير طيب فمن اين لى ما ولم به " اعمل به وليمة العرس" يا رسول الله؟؟
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" اجمعوا لربيعه ثمن كبش " فأبتاعوا الى كبشاً عظيماً سميناً
فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب الى عائشة وقل لها ان تدفع لك ماعندها من الشعيرفأتيتها فاعطتنى كل ماعندها من شعير فلقد قالت لى :والله ما عندنا طعام غيرة "
تقولها ام المؤمنين الطاهره النقيه الحبيبة وكأنها تعتذر لسيدنا ربيعة عن قلة ذات اليد
فانطلقت بالكبش والشعير الى أهل زوجتى فقالوا: اما الشعير فنحن نعده ونجهزه،وأما الكبش فأمر أصحابك أن يجهزوه لك
فأخذت الكبش ـ أنا وأناس من أسلم ـ فذبحناه و سلخناه وطبخناه فأصبح عندنا خبز و لحم فأولمت ودعوت الرسول صلى الله عليه وسلم الى وليمتى فأجاب دعوتى ثم ان لرسول الله صلى الله عليه وسلم منحنى ارضاً الى جانب ارض لابى بكر الصديق فاتت الىّ الدنيا حتى اننى اختلفت مع ابى بكر على نخله فقلت هى فى ارضى " اى النخله "
فقال الصديق : بل هى فى ارضى فنازعته فأسمعنى كلمة اكرهها فلما بدرت منه الكلمه ندم عليها
وقال الصديق :يا ربيعه رد عليامثلها حتى يكون قصاصاً
فقلت :لا والله لا افعل
فقال :اذن أذهب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم واشكو اليه امتناعك عن الاقتصاص منى
وانطلق الصديق ....فمضيت فى اثره
فتبعنى قومى " بنو اسلم " وقالوا : هو الذى بدأ بك فشتمك ثم يسبقك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشكوك؟؟
فالتفت اليهم وقلت : ويحكم اتدرون من هذا ؟؟ هذا الصديق .. وذو شيبة المسلمين .. ارجعوا قبل ان يلتفت فيراكم فيظن انكم انما جئتم لتعينونى عليه فيغضب فيأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب النبى صلى الله عليه وسلم لغضبه فيغضب ربى لغضبهما فيهلك ربيعه
فرجعوا ثم اتى ابو بكر الصديق للنبى صلى الله عليه وسلم واخبره بما كان فرفع الرسول صلى الله عليه وسلم رأسه
وقال لى : يا ربيعه مالك والصديق ؟؟
فقلت : يا رسول الله ارادنى ان اقول له كما قال لى فلم افعل
فقال صلى الله عليه وسلم : نعم لاتقل له كما قال لك .... ولكن قل غفر الله لابى بكر
فقلت له : غفر الله لك يا ابا بكر
فمضى وعيناه تفيضان من الدمع وهو يقول : جزاك الله عنى خيراً يا ربيعه بن كعب ... جزاك الله عنى خيراً يا ربيعه بن كعب..
انتهى النص المنقول بتصرف من كتاب صور من حياة الصحابه للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا
ولا ارى فى نفسى القدره على التعليق على هذه السطور القليله من حياة سيدنا ربيعه بن كعب
ولكن الذى لفت نظرى فعلاً هو طبيعة المجتمع الاسلامى وشمائل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين رباهم الرسول صلى الله عليه وسلم فاحسن تربيتهم
رضوان الله على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اجمعين الطاهرين الغر الميامين .
فها هو الرجل الذى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رحلة الهجره وساند الدعوه بماله وجهده يخشى عقاب الله ان لم يقتص منه ربيعه بن كعب
وها هو رسولنا الكريم يوضح منزلة الصديق فيقول لربيعه بن كعب ما معناه انه لا يجوز لمسلم ان يسب ابا بكر او يقول عليه لفظاً يؤذيه
وها هو ربيعه بن كعب يخشى غضب ابا بكر لانه يعلم جيداً ان الرسول صلى الله عليه وسلم يغضب لغضب ابا بكر والله عز وجل يغضب لغضب رسوله الاعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
يا اخوانى ان الصحابه الاطهار يعرفون قدر سيدنا ابا بكر رضوان الله عليه وهم مؤدبين ينزلون الناس منازلهم ويعطون الناس حقوقهم من التبجيل والاحترام وهؤلاء هم الذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم " خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ... الى اخر الحديث الشريف
منقول
06-15-2010, 11:25 AM
قصة رجلاً انعم الله عز وجل عليه بنعمة خدمة وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
