العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > ابحاث علميه و دراسات

ابحاث علميه و دراسات Research , analysis, funding and data for the academic research and policy community , ابحاث , مواضيع للطلبة والطالبات،أبحاث عامة ،بحوث تربوية جاهزة ،مكتبة دراسية، مناهج تعليم متوسط ثانوي ابتدائي ، أبحاث طبية ،اختبارات، مواد دراسيه , عروض بوربوينت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 05-26-2012, 02:29 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

New1 وحش الجزيرة الخضراء

وحش الجزيرة الخضراء
الفصل الاول
الخبر
بخطي بطيئه منتظمه وتحت لهيب شمس الصيف ، تثاقلت خطوات الجمال المتعبه في طريق عودتها من رحلتها الشاقه عبر محافظات صعيد مصر المختلفه ، ولن يستطيع اي رجل من الرجال الثمانيه الذين خرجوا في هذا الرحله ان ينساها بأي حال من الاحوال ، فلم يكن هذا الصيف مثل اي صيف سابق خرجوا فيه في تجارة بيع الجمال ، فقد كان صيف عام 1967 والذي حدث من خلاله لم يكن احد يستطيع ان ينساه مما زاد من مشقه الرحله ومن انهاكهم
وفوق احد الجمال الاربعه العائده ، جلس شاب لم يتعدي سنه الثانيه والعشرين عاما قمحي اللون ذو سمار مكتسب من كثرة التعرض للشمس ، مجعد الشعر ، رفيع الجسم ، متوسط القامه تطل من عينيه نظرات حاده ويعلو وجهه شارب رفيع جدا .
بدأ خيري عمله في تجارة الجمال منذ نعومه اظافرة حيث علمه والده كل ما يحتاجه عن تلك التجارة واصول تربيه الجمال وعند وفاه والده منذ عشر سنوات كان خيري ابن اثني عشر عاما وكان وحيدا علي فتياتين يصغرانه بعده سنوات ، فتكفله عمه بالرعايه ووجد ان له إمكانيات جيده جدا للعمل معه في التجارة ، فأصطحبه معه في اول رحله الي محافظات مصر لبيع الجمال ، وحقق نجاحا كبيرا ومن وقتها لا تخرج رحله تجارة الا وكان خيري بها ، حيث وثق كبار تجار القريه في رأيه ونظرته الثاقبه ورجاحه عقله رغم صغر سنه .
جلس خيري فوق جمله ، وتطلع بنظرة الي الامتار الاخيرة من الطريق ، فها هي عزبه المراكبيه تكاد تظهر علي الافق ، فقد ظهرت قمه المأذنه الخضراء أعلي مباني القريه ، لتعلن للرجال قرب انتهاء رحلتهم التي دامت قرابه ثلاث اشهر
تقع عزبه المراكبيه في نطاق مركز مدينه منيا القمح بمحافظه الشرقيه ، ولا احد يعرف بالتحديد لماذا سميت بهذا الاسم حيث انها لا تطل علي اي بحر ولا يعمل احدا من سكانها بالصيد وليس لهم علاقه بالمراكب
جال خيري بتفكيرة فيما واجهه خلال تلك الرحله العجيبه ، فقد بدأت رحلته في اواخر شهر مايو وكانت الاحداث ملتهبه في تلك الاوقات ، ورغم عدم اهتمامه بالاحداث السياسيه الا ان استدعاء معظم شباب العزبه للتجنيد واولهم ابن عمه محمد جعله يتابع ما يحدث .
اصطحب خيري معه في تلك الرحله راديو ترانزستور صغير ليتابع اخر الاخبار ، وكان هذا الراديو هو رفيقه ونافذته للعالم الخارجي ، وقتها كانت الاغاني الحماسيه لا تكاد تتوقف لحظه وحُفَرت في ذاكرته كلمات اغاني عبد الحليم حافط بقوة كما حُفِرت الرسومات علي المعابد الفرعونيه ولم تبل بعوامل التعريه او الزمن ، إنما صمدت مع الزمن في وقت انهارت فيه امبراطوريات عظيمه في العالم .
وكان المقطع الذي حفر في عقله وردده كثيرا (( خطتنا خلاص في إيدنا ، وخلاص متشمرين – وحزين ياللي تعاندنا بتعاند جبارين –جبل الجرانيت انشال وفي بحر النيل اتزق - ما في حد يقول لنا لا إش حال – يوم تحريرنا فلسطين ))
وهو مقطع يعبر عن قوة الجيش المصري ومدي المعاناه التي سيعانيها من يعادي مصر وقرب موعد تحريرنا لفلسطين
وعبر الاثير عرف خيري بدء الحرب وكان وقتها مع رفاقه علي مشارف القاهرة، وشاهد بعيني رأسه اعمده الدخان تغلف سماء مطاري القاهرة و الماظه ، وقتها فرح ببدء الحرب وتمايل طربا مع بيانات القوات المسلحه التي تؤكد اسقاط عشرات من طائرات العدو ومن ان قواتنا بدأت تتحرك تجاه عاصمه العدو ، لكنه في نفس الوقت احس بالقلق علي محمد .
فلم يكن محمد مجرد ابن عم ، لكنه كان اكثر قربا له من اي انسان اخر في الدنيا ، فقد نشأوا وتربوا وشبوا معا وأسرارهم وطباعهم مشتركه واهتمامتهم واحده تقريبا ، ولا يستطيع ايا كان ان يتدخل بينهم او يفرق بينهم .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-26-2012, 02:29 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

احس خيري بالقلق علي محمد ومما يمكن ان يحدث له في القتال الدائر ، لكن البيانات العسكريه المتواليه والتي يشدو بها المذيع اللامع احمد سعيد مذيع صوت العرب ، هذه البيانات رطبت قليلا من مخاوفه وهدأت من قلقه
لكن في اليوم التالي مباشرة تغير الحال ، وتغيرت نبرة البيانات العسكريه فبدأ خيري بفطرته الاصيله يتوجس خيفه مما يحدث وبدأ القلق يعتريه وبعد يومين كان قد وصلوا الي مشارف صعيد مصر ووقتها ظهرت الحقيقه امام الجميع عاريه مجرده من كل الاقنعه الزائفه أمامه ، فقد اعلن عبد الناصر ان مصر قد هُزمت وانه سيتنحي عن الحكم متحملا مسئوليه الهزيمه كامله .
لحظتها كان خيري ورفاقه في مدينه بني سويف ، وبرك خيري علي ركبتيه كما تبرك الجمال ، فقد كان عبد الناصر له بمثابه الاب الذي فقده منذ عشر اعوام ، وعندما يهزم الاب لابد للابن ان يضيع ، وقتها احس خيري بأنه عاري في وسط الطريق ، فقد هُزمت الام وتنحي الاب ، فبكي الرفاق وبكي خيري كما لم يبك علي والده وعندما تمالك نفسه قليلا ،
تذكر فجأه محمد وتسأل خيري في صدمه كيف ينسي محمد وسط خضم الاحداث ودعا الله ان يكون بخير ، وطاف بذاكرته لاخر لقاء له مع محمد وكان في محطه القطار حيث يغادر محمد مع زملائه الي معسكر التجنيد .
تبسم خيري عندما تذكر اخر لقاء له مع محمد ، ففي هذا اليوم أستجمع خيري شجاعته وفاتح محمد في رغبته في الزواج من شقيقه محمد ، فضحك محمد عاليا وصارح محمد بأن كل اهالي الكفر يعرفون بأمره ، ففغر خيري فاه من الدهشه ، فهو لم يتكلم معها في هذا الموضوع ولم يبدر منه اي حركه قد تفهم منها اي شئ ، واجاب محمد عن شلال الاسئله التي تبرز من عيني خيري واخبرة بأن نظراته الهائمه كلما رأها يراها اهل القريه جيدا ويعرفون ما في قلب الاثنين تجاه الاخر .
فتسأل خيري عما يجب ان يفعله وانه يحس بالاحراج من التقدم لعمه في الوقت الذي يسافر فيه محمد للقتال ، فتبسم محمد واخبرة انه فور عودته من الاستدعاء سيفاتح والده بلا تردد واضاف محمد مطمئنا خيري بأن الموضوع منتهي ولا داعي للقلق
وها هو الان خيري يعتصر ذكرياته وحوارته مع محمد بينما خطوات الجمال الثقيله تخطو تجاه الامتار الاخيرة من المنزل حيث الهدوء والراحه بعد عناء استمر ثلاث اشهر .
بعث خيرة ببصره تجاه الساقيه القبليه حيث تعودت ان تنتظره محبوبته لتستقبله بنظرات مرحبه مليئه بالحب والحنان ترحب بعودته ، لكن بصرة عاد اليه متحسرا حزينا فمحبوبته لا تنتظرة هذه المرة ، فلاول مرة من عامين كاملين لا تنتظرة محبوبته ، فلابد وأن مكروا قد حدث لحظتها احس خيري بألم في صدرة وقلبه ينقبض فتزايد القلق داخله بدرجه كبيرة جدا
وكانت من عاده اهل القريه الخروج لاستقبال الرجال العائدين قرب الجسر المار فوق ترعه المياه المغذيه للقريه ، لكن احدا لم يظهر حتي الان فأنتقل القلق من خيري الي الرجال بدورهم والذين تسألوا عما حدث للجميع وتزايد القلق مع كل خطوة من خطوات الجمال ، فكل خطوه تقربهم الي القريه تزيد من قلقهم ، وكل واحد منهم خشي ان يكون مكروها قد الم بأهله
أشار احد الرجال تجاه الجامع وقال عبارات لم يفهمها خيري جيدا حيث كان صوت القلق داخل عقله اعلي من صوت الرجل ، لكنه نظر تجاه الجامع فوجد اهالي القريه كلهم تقريبا مجتمعين في ساحه جامع القريه ، فنزل من فوق جمله وربط عقاله في اقرب جزع شجرة وانطلق يجري تجاه هذا الحشد ،ودقات قلبه تتسارع في عنف ، ومن خلفه هرول زملائه .
ومع اقتراب خيري من الحشود ، وجد ان الجميع يقف في صمت يستمعون الي حديث رجل ما لم يظهر له بعد ، فأخترق الحشد متجها نحو الرجل وعقله يدعو الله بأن يلطف به وبأهله .
وفور وصوله الي الصف الاول ، وجد شيخ الجامع الشيخ عبد الله يقف في جلل يستمع الي حديث اثنين من الرجال
كانت ملابس الرجال رثه جدا ومتسخه وبالكاد تستر عورتهم من فرط التمزيق في كل جوانبها ، وملامحهم تحمل قدرا عظيما من الارهاق والاجهاد وقله النوم بالاضافه الي درجه عاليه من الاتساخ
احتاج خيري الي لحظات لكي يفهم عقله ما تراه عينيه ، وبعد لحظات استطاع ان يميز بقايا الملابس العسكريه للرجلين وبعد تدقيق كبير صاح في فزع ( يا الله ... مش معقول ) ثم استدار محدثا رجل يقف بجوارة قائلا ( دول حسن ومصطفي ) فقد استطاع تمييز صديقيه وزميليه لسنوات طويله بصعوبه بالغه ،






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-26-2012, 02:30 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

فقد كان مختلفين تماما عن الهيئه التي تعود ان يراهما فيها طوال عشرون عاما تقريبا ، فاللحيه طويله والشعر اشعث والعيون زائغه بقدر كبير والوجه ممتص من حجم الاعياء وقله الغذاء والماء ، ولا يمكن لاي شخص ان يربط هيئتهم الحاليه وبين هيئتهم وقتما غادروا القريه .



تنبه حسن ومصطفي الي وجود خيري أمامهم فجأه ، وتقدم خيري محتضنا رفاقه في سعاده ومهنئا بسلامه العوده ، الا ان حسن ومصطفي ردا مشاعر خيري الفياضه بشئ من الفتور قابله صمت ووجوم من اهل القريه ، وبسعاده بالغه شد خيري علي ايدي الرجال ، بينما تحاشي حسن ان ينظر في عيني خيري السعيده .



وبعد ثوان حدث ما خشي من الجميع ، فقد سأل خيري سؤالا منطقيا وهو ينظر حوله باحثا (أمال فين محمد ؟؟ )



لم يلحظ خيري الصمت والوجوم الذي حل علي الجميع من حوله ، ولم يلحظ ان شيخ عبد الله نكس رأسه ونظر في الارض



فسأل خيري مرة اخري (( هو محمد مرجعش معاكم ولا ايه ))



نظر حسن حوله طالبا بعينيه الغوث مما هو فيه ، لكن احدا لم يغثه فأستجمع ما تبقي في جسده من قوة وامسك بكتفي خيري ونظر في عينيه نظرة منكسرة حزينه (( محمد عاش راجل ومات راجل يا خيري ، البقيه في حياتك ))



دارت الدنيا بخيري فعقله رفض ان يفهم ما سمعته اذنه ، وعينيه زاغت من فرط الصدمه ، واهتزت ركبتاه بشده وأعلنت معاناتها في تحمل ثقل هذا الجسد .



نظر خيري حوله بحيرة وتساؤل لعل وعسي ان يري او يسمع شخصا يقول كلاما اخرا يكذب ما قاله حسن في التو ،



لكن أعين الرجال كانت تحمل شفقه وعطف وأسي يؤكد ما قاله حسن .



وبعد تلك الثوان الخاطفه من الحيرة وعدم التصديق ، جاء عقل خيري ليبلغ سائر اعضاءالجسد بأن الخبر صحيح وان الصدمه حقيقيه ، فأنكسرت مقاومه ركبتي خيري وخر الجسد علي الارض ، والقت العيون بشلال من الدموع المحتجزة وعجز اللسان عن ان يقول شيئا ، ودار العقل بسرعه الضوء مصورا كل المشاهد التي جمعت خيري مع محمد علي مدار عشرين عاما ، عشرون عاما من الحياه اختفت في لحظه وحل محلها مجرد ذكريات ماضي جميل.



سقط خيري علي ركبتيه غير مصدق الخبر ، وعم الوجوم ارجاء المكان فتقدم شيخ عبدالله علي استحياء وانحني تجاه خيري مواسيا ، ولم يجد الشيخ ما يواسي به خيري المنهار سوي ان يقرأ له



(( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون )) فتمتم خيري بصعوبه (و نعم بالله )



وأقترح احد الرجال وايده الجميع ان يصطحبوا خيري الي منزله ، وتعاون رجلين في إيقاف خيري علي قدميه وبصعوبه بالغه سار معهم تجاه منزله ، وسار معه جمع من اهالي القريه ،وطوال الطريق تحدث معه الرجال محاولين تصبيرة علي ما اصابه من مصيبه ، فالكل يعلم مدي ما حل بخيري ومدي صدمته والكل يحاول ان يخفف من معاناته لكن اي منهم لم يحس بمقدار البركان الذي بدأ في الغليان داخله .


أقترب الرجال من منزل خيري وتعالت اصوات العويل والبكاء من منزل عمه الملاصق لمنزله ، وازداد انهيار خيري مع تدفق اصوات النساء كسكاين تقطع في لحمه الحي بلا رحمه ، واراد ان يتجه لمنزل عمه مباشرة الا ان الشيخ عبد الله نصحه بعكس ذلك ، فقد نصحه الشيخ بان يتمالك نقسه أولا وان يجمع شتات نفسه بالصلاه وقراءه القران قبل ان يتجه لمنزل عمه ، حيث انهم علموا بالخبر منذ قليل وحاله الانهيار تسود ارجاء المنزل ويجب علي خيري ان يكون متماسكا عندما يدخل عليهم ، كان الشيخ يتكلم بمنطق يخالف ما يريده خيري الا ان الحاح الرجال المحيطين به وعدم قدرته علي المقاومه جعلت جميع الطرق مغلقه امامه الا طريق منزله ، فدلف الي المنزل ووجده خاليا من الاهل ، فمن المؤكد ان والدته وشقيقتيه قدا هرعتا لمنزل عمه فور علمهما بالخبر ، وفور دخوله لغرفته انهار خيري في بكاء شديد ، فلم يكن يتصور يوما ما ان يعيش مثل تلك اللحظات ، فقد خطط مع محمد للمستقبل بكل تفاصيله وتخيلا حياتهما






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-26-2012, 02:30 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

توضأ خيري وصلي ركعتين علي روح محمد ثم جلس وبدأ في الدعاء له حتي نام مكانه من فرط الارهاق ، لم يدر خيري كم نام من الوقت لكنه استيقظ علي صوت القرأن يتصاعد من منزل عمه المجاور له ، ولوهله تخيل خيري انه كان يحلم وان كل ما حدث له من احداث خلال اليوم ما هو الا كابوس قاسي ، لكن صوت القران نبهه الي ان ما حدث لم يكن حلما بقدر ما كان واقع قاسي مر لابد وان يعيش كل لحظاته بكل ما فيها من مرارة والم
غير خيري ملابسه وخرج من منزله وقد عاهد نفسه علي ان يكون متماسكا صلبا امام عمه وابناء عمه الاخرين ، لكنه فور ان غادر منزله واستدار ليتجه لمنزل عمه ، وجد عمه ينظر اليه وهو يقف مستندا علي عصا وهو محني الظهر دامع العين ليتقبل العزاء ، وما ان تلاقت النظرات حتي صاح عمه في لوعه ( محمد مات يا خيري ، محمد ماااااااات ) لم يستطع خيري رغم كل القوة التي استخدمها في وقف دموعه من الانهمار ، فما كان منه الا ان رمي نفسه في احضان عمه والذي اختلطت الكلمات والعبارات في فمه في هول الصدمه القويه .
لم يستطع خيري ان يقول شيئا ، فما الذي يمكن ان يقال في مثل هذا الموقف الصعب ؟ ، لا شئ يمكن ان يطفئ نار اي من الرجلين الذين اشعلها خبر استشهاد محمد و لا يعلم الا الله كيف ستنطفأ او متي .
هدأ خيري من روع عمه واجلسه علي احد المقاعد بينما تكفل خيري بأستقبال الرجال الوافدين للعزاء ، ومع مرور الوقت هدأ خيري واستطاع تمالك نفسه قليلا مع تردد ايات القران في ارجاء المكان .
وبعد فترة حضر حسن يستند علي احد اشقائه ، فقد كان غير قادر علي السير وأسرع نحوة خيري يلومه علي حضورة ، فحسن منهك الجسد ويحتاج الي علاج وراحه طويله في المنزل ، الا ان حسن اجابه بأن محمد لم يكن مجرد صديق انما اكثر من ذلك بكثير واقل شئ ان يكون في عزائه
فأنحني خيري علي حسن وطلب منه ان يحكي له كل ما حدث لمحمد في سيناء ، ووافق محمد علي ان يكون ذلك في وقت اخر .
وبعد صلاه العشاء بفترة ، جلس خيري مع عمه في مدخل المنزل بعد ان انصرف كل المعزيين ، وشاركهم شقيقي محمد التوأم كريم ورجب اللذين لم يتجاوز عمرهما التاسعه بعد ، وكان خيري بمثابه الاخر الاكبر لهم
جلس الجميع صامتين مفكرين تائهين في ذكريات محمد ، فبينما العم وخيري لا يستطيعون تقبل الصدمه وتصديقها ، فأن التوأم كانا قد تجاوزا الصدمه بحكم صغر سنهما ولطف الله بهما ،
و صاح احدهم ببراءة وسذاجه سائلا توأمه (( يعني احنا مش هنشوف محمد تاني ؟))
فرد الاخر (( لا .... محمد عند ربنا دلوقت ))
فعلق الاول (( لو معايا مسدس دلوقت كنت رحت وقتلت اللي قتلوا محمد ))
فصاح فيهم والدهم غاضبا بأن يصمتوا وان يدخلوا المنزل متمما بعبارات عدم تحمل سماع اي كلام ، وقدر خيري ذلك وطيب خاطر التوأم قليلا وادخلهم للمنزل ، وكانت هذه المرة الاولي التي يدخل فيها المنزل منذ ان علم بالخبر ، وطافت عينيه سريعا بين السيدات ذات الملابس السوداء والعيون الباكيه لتتلاقي مع ابنه عمه التي جلست في احد الاركان ، وقد تكور جسدها داخل الملابس السوداء ، واحمرت عينها من فرط البكاء ، ثانيه واحده تلاقت فيها العيون دار فيها حوار طويل جدا ، ففي تلك الثانيه صبرها خيري واخبرها بانه معها وبجانبها ، وفي نفس الوقت طلبت من العون والمسانده فيما هي فيه ، وبعد هذا الحوار أستدار خيري وخرج من باب المنزل ليجد عمه يهم بالدخول مرة اخري للمنزل طالبا الراحه .
وبعد فترة عاد خيري لمنزله ومدد جسده فوق السطح الرطب لسقف منزله فقد اراد ان يكون وحيدا بعيدا عن اهل منزله ، واطلق عينيه الي السماء والي الانهائيه في الفضاء واطلق لذكرياته العنان حتي نام من فرط الارهاق والتعب .
مرت أيام العزاء بطيئه وثقيله جدا علي خيري ، وظهر التحسن تدريجيا علي حسن وبات قادرا علي الحركه بمفرده لكن زميله الاخري مصطفي كانت حالته اسوأ واضطر اهله الي ادخاله مستشفي الزقازيق العام
وبعد صلاه العشاء في احد الايام التقي خيري وحسن مصادفه وذكرة خيري بطلبه واجابه حسن بالايجاب فسار الاثنان تجاه ضفه الترعه حيث جلسا فوق احد الصخور ومن خلفهم اضواء القريه الخافته
وكان واضحا ان حسن غير مرحب جدا بهذا الحديث وكان خيري يعرف ذلك جيدا فهو حديث مؤلم ملئ بذكريات قاسيه لكنه كان في شوق بالغ لمعرفه ما الذي حدث لمحمد بالتحديد .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-26-2012, 02:30 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

أشعل حسن سيجارة لنفسه ومد يده بسيجارة الي خيري ، لكن خيري رفضها بهدوء فهو يكرة التدخين وحسن يعلم ذلك وكان لابد لاحدهما ان يفتتح الحوار المر القاسي ، والقي خيري بسؤاله عما حدث بالضبط ،وبدأ حسن كلامه
(( انت عارف يا خيري ان الموضوع ده صعب عليا جدا ، ولولا اني عارف انك مش هتيسبني في حالي الا لما احكي لك ، ولولا اني عارف كويس جدا زي ما كل الناس عارفه ان محمد بالنسبه لك حاجه كبيرة جدا ، فصدقني مستحيل اني كنت اوافق اني اقعد معاك هنا واحكي لك )) اومأ بخيري رأسه لحسن شاكرا ومقدرا
واستكمل حسن (( انت كنت موجود لما الحكومه جت ولمتنا عشان نروح الجيش ، لمًونا في عربيات ورمونا في معسكر الزقازيق يومين ، وبعدها استلمنا الهدوم والجزم وبدأوا في توزيعنا علي الوحدات ، انا ومحمد كنا ضمن مجموعه من العساكر اللي اتجندت قبل كده وعندها خلفيه عن الجيش ، وعشان كده سلمونا سلاح ووزعونا علي كتيبه كانت مسافرة لسينا، والباقي وزعوهم علي وحدات تانيه مختلفه ، وبعد يومين كنا في القطار رايحين سينا مع الكتيبه بتاعتنا ضمن لواء دبابات علي المحور الاوسط ، محمد كان تخصصه في المدفعيه المضاده للطائرات لان ده سلاحه ، وانا كنت عسكري مراسله لقائد الكتيبه ، يعني معاه في كل وقت واعمل له اللي هو عايزة يعني اغسل واكوي له هدومه وانظف له الخيمه والحاجات دي اللي العسكري المراسله بيعملها بس المهم انه لو احتاجني في اي وقت لازم اكون قدامه في نفس اللحظه،
وبدأنا نتحرك في الاول بالقطار وبعدين لما عدينا القنال علي كوبري الجيش ، نزلنا وركبنا العربيات المدرعه والدبابات
وكنت بشوف محمد علي فترات لما قائد الكتيبه بيمر يفتش علي الكتيبه )) وسكت حسن ملتقطا انفاسه ومشعلا لنفسه سيجارة اخري ثم استكمل
(( بعد تمركزنا لمده يومين في سينا وبعد ما حفرنا خنادق وجهزنا ، جت لنا الاوامر بالتحرك لموقع اخر ، وخذ عندك اوامر بالشكل ده لمده اسبوع ، كل يوم نروح حته ويطلع عنينا حفر خنادق للعساكر وخنادق للدبابات وقبل ما ناخذ نفسنا ييجي لنا امر تاني بالتحرك لمكان تاني ، وهكذا لغايه لما الاعطال زادت في العربيات والدبابات بصورة كبيرة وحركتنا قلت جدا والعساكر كانت تعبانه جدا من المجهود))
كان خيري ناظرا لمياه الترعه الراكده وهو يتخيل ما يقوله حسن ، وتجنب ان يقاطعه ويوقف استرساله في الحوار
واستكمل حسن (( يوم 5 يونيو المشئوم ، كنا عارفين ان المشير جاي سينا وكان المفروض انه هيزور الكتيبه عشان كده كنا جاهزين قبلها بيومين ، وغسلنا الدبابات والعربيات والمدافع وكله كان عال العال لاستقبال المشير ، لانه كان هيتعشي في قياده اللواء ، لكن الصبح وبعد الفطار بفترة سمعنا في الراديو ان الحرب قامت ))
قاطعه خيري مضطرا مستفزا (( سمعتوا ان الحرب قامت؟؟ انتوا مش علي الجبهه برضه ؟؟))
حسن (( ايوة احنا كنا علي الجبهه وسمعنا بخبر الحرب من اذاعه صوت العرب ، وعلي طول قائد الكتيبه بدأ يتحرك بسرعه وبدل ما الدبابات واقفه في طابور عرض للمشير رجعت الخنادق تاني وحطينا شبك التمويه فوقها ، وبعد دقائق بقينا جاهزين لاي اوامر ، وقائد الكتيبه اتصل بقياده اللواء للاستفسار عن الاخبار وجه له التأكيد بأن الحرب فعلا قامت ))
خيري (( ازاي الحرب قامت من غير ما تحسوا ؟؟؟))
حسن (( الحرب بدأت الاول في الجو لما بدأوا يضربوا مطارتنا ، لكن عندنا علي الجبهه كانت الاحوال هادئه ومفيش اي حاجه ، لكن الساعه اتنين الظهر بدأنا نسمع صوت ضرب مدفعيه جامد ، وقرب المغرب كان الضرب قرب جدا مننا ))
وصمت قليلا ليلتقط انفاسه ثم واصل (( احنا كانت مواقعنا في ظهر لواء مشاه مصري ومهمتنا حمايه ظهرة وتعزيزة ، وطوال الليل كان الضرب المدفعي شغال علي ودنه وعمال يقرب ، وبعد الفجر بشويه جت لنا اشارة ان الدبابات الاسرائيلي اخترقت دفاعات اللواء المصري وداخله علينا فبدأنا نستعد وقائد الكتيبه ركب دبابه القياده وكنت معاه وقتها شفت محمد واقف علي مدفعه زي الأسد وشاورت له وضحك لي واشار لي بعلامه النصر ))
صمت حسن قليلا ، وبدأ عليه الحزن اكثر فيما سيقوله وأستطرد
(( وحوالي الساعه تسعه ، بدأنا نشوف تراب من ناحيه الشرق وده معناه ان الدبابات الاسرائيلي جايه ، فأصدر قائد الكتيبه اوامرة بحبس النيران اي عدم الضرب الا بأمر مباشر منه ، ومرت بينا دقايق صعبه جدا وبطيئه واحنا شايفين التراب بيقرب مننا ، وبعد شويه رصدنا الدبابات الاسرائيلي ، وكانت جايه ناحيتنا وعلي اقصي سرعه ،






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-26-2012, 02:30 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

وقعدت تقرب والقائد ساكت ، لغايه لحظه معينه أصدر امر الضرب ، وفجأه كل اسلحه الكتيبه فتحت النار حتي المدفعيه الثقيله ضربت مباشر علي الدبابات ، وبعد ثوان ملئ دخان اسود الخط الامامي عندنا من جراء الضرب بتاعنا ،ومكناش قادرين نشوف حاجه خالص واصدر القائد امر بوقف الضرب ، ولما الدخان راح لقينا حوالي عشر دبابات اسرائيلي محروقه وانسحب الباقي وفضلوا بعيد علي مسافه من خطوطنا ، خرجنا نهلل ونهتف وكنا فرحانين جدا ، وجري عدد من العساكر بتوعنا علي حطام الدبابات ورجعوا بعلم اسرائيلي وبقايا من مخلفات الدبابات كتذكار ، واهدوا القائد العلم الاسرائيلي ، وكانت معنوياتنا في السماء ))
تدخل خيري مستفسرا وهو مستغرب الوصف(( هي مش دي نفس الحرب اللي انهزمنا فيها ، ايه الكلام اللي بتقوله ده ؟؟))
حسن (( ما انا بحكي لك اللي حصل بالتفصيل ، أصل بعد ما كنا في قمه روحنا المعنويه وفرحتنا بالانتصار الاول لنا ، سمعت قائد الكتيبه وهو يصيح فزعا في اللاسلكي كان بيكلم قيادته وسمعته بيقول – ازاي ننسحب يا فندم انا محافظ علي الخط بتاعي وصديت هجوم مدرع للعدو واوضاعي كويسه انسحب ليه ؟؟؟ - دي كانت اول مرة اسمع كلمه الانسحاب واضطر قائد الكتيبه طبعا لتنفيذ الامر ، وبدأنا نسيب مواقعنا الدفاعيه بسرعه ونرجع تجاه خط الدفاع التاني ، لكن بمجرد ما بدأنا نتحرك بدأ الطيران الاسرائيلي في الضرب علينا ، فأصدر قائد الكتيبه امر لمجموعه الدفاع الجوي اللي محمد واحد منها بالانتشار علي جانبي الطريق وانها تضرب علي الطيران الاسرائيلي في الوقت اللي احنا بننسحب فيه ، وفعلا بدأوا يضربوا علي الطيارات وقدروا يطفشوا الطيارات بسبب ضربهم الدقيق ، لكن بعد شويه جت غارة تانيه ))
واخذ حسن نفسا عميق من سيجارته (( جت طيارات اسرائيلي تانيه ، والمرة دي كانت جايه لضرب المدفعيه المضاده للطيارات ، وبدأت المدافع تنضرب الواحد ورا التاني وكان اليهود بيستخدموا قنابل بتعمل نار رهيبه لدرجه انها بتسيح الحديد والواحد مبيقاش قادر يقرب منها ولما سئلت ضابط معانا قال لي دي قنابل نابالم وانها محرمه))
خيري (( يعني ايه محرمه ))
حسن (( يعني الجيوش ممنوع تستخدمها لانها بتسبب دمار واسع جدا وممكن تصيب مدنيين كمان عشان كده القوانين الدوليه حرمت القنابل دي ))
خيري (( يا ولاد الكلب ، طب وليه اليهود بيستخدموها ؟؟))
حسن (( عشان دول ناس معندهومش دين او اخلاق او ضمير ))
خيري (( وبعدين ايه اللي حصل ؟))
حسن (( مدافع الكتيبه بدأت تنضرب واحد ورا التاني لحد مبقاش فاضل الا مدفع محمد ومدفع تاني جنبه ، الطيارات الاسرائيلي كانت كتير ، والواحده وراها واحده وكان واضح ان المدفعين مش هيقدروا يعملوا حاجه عشان كده قائد الكتيبه قال لهم يسيبوا المدافع ، لكن محدش منهم اتحرك وفضلوا يضربوا علي الطيارات وفعلا اصابوا اتنين ، انا كنت شايف اللي بيحصل وعمال ادعي لمحمد وزملائه من كل قلبي ، وانضرب المدفع التاني وساح رجالته وسط الحديد قدامنا في لحظه ، كان منظر بشع يا خيري ، مهما وصفت لك مش هتقدر تتخيل منظر زميل لك وهو بيسيح في النار ، وفضل مدفع محمد دقايق بيضرب حتي انضرب هو كمان وسكت للابد واستشهد كل من عليه ))
نظر حسن تجاه خيري المحدق في المياه الراكده ودموعه تنساب في صمت ، وفضل حسن ان يتركه في هدوء وينصرف الا ان خيري امسك بيده وطلب منه ان يستمر في سرده ، كانت نظرات خيري لا تدع امام حسن سوي ان يجيب له طلبه
فأستطرد حسن (( بعد ضرب كل مدفعيتنا المضاده للطيارات ، بدأ الطيران الاسرائيلي يتسلي علي عربياتنا ودبابتنا واي حاجه بتتحرك ، وفعلا قرب المغرب كان كل دبابتنا وعربيتنا تدمرت تقريبا وكان امامنا طريق طويل جدا ، وكملنا بقيه الطريق علي الرجلين ، في الاول كنا كتير حوالي فوق الخمسمائه واحد ومعنا ضباط كتير ، لكن مع مرور الوقت كل جماعه مشيت في طريق واتفرقنا ، كنا بنمشي بليل ونستخبي الصبح عشان الهليكوبتر الاسرائيلي كان بيصاد اي عسكري في الصحراء سواء معاه سلاح او اعزل ))
خيري مستنكرا (( ازاي كده ، طب العساكر العزل يقتلوا ليه ؟ ده حرام ، دي كده مش حرب ده ذبح ))
حسن باسما بأسي (( حرام ايه بس يا خيري دول ناس متعرفش ربنا ، المهم بعد يومين كانت المجموعه بتاعتي فضل منها حوالي عشرين عسكري ،






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-26-2012, 02:31 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

ومكنش معانا مياه او اكل وكان واضح ان الطريق لسه طويل وكان قائدنا ملازم لسه حديث التخرج وكان خايف جدا ومرتبك ، الملازم ده رغم انه صغير لكنه كان متعلم الا انه عرف يقودنا عن طريق اتجاه النجوم تجاه الغرب وقرب القنال تقابلنا مع مجموعه راجعه من شرم الشيخ وكان بينهم مصطفي وكانت حالتهم سيئه زينا كده ، وبعد كده بيوم قابلنا مجموعه بدو شربونا واكلونا وكانوا اخر كرم معانا ، وبسبب لطف ربنا بينا ولولا الناس دول كنا متنا بالتأكيد ، لانهم قالوا لنا علي طريق للقنال بعيد عن اليهود وكمان طريق كام بير ميه في الطريق ، وبعد ثلاث ايام تانيه قدرنا نوصل للقناه ونشوف عساكرنا الناحيه التانيه قرب السويس ، وعدينا القنال في مراكب صيد صغيرة علي دفعات ، والباقي انت عارفه ، رجعنا البلد وانت قابلتنا ))
خيري (( ياااه يا حسن دا انت شوفت الويل ))
حسن (( احنا شفنا الموت بعننينا في كل لحظه طيارة اسرائيلي تطير بالقرب مننا ، او نسمع صوت جنزير دبابه ، الموت يا خيري كان حولنا في كل حته ، كان زملائنا بيموتوا من حولنا عشان عطشانين او مصابين واحنا مش قادرين نعمل لهم حاجه ، فيه لحظات تمنيت اني اموت لاننا كنا مرعوبين من اننا نتمسك ونبقي أسري ))
خيري (( ليه ؟؟))
حسن (( انت مش عارف الاسري بيحصل فيهم ايه ؟؟؟ دول بيمشوا فوقهم بالدبابات ويدهسوهم بلا رحمه، او بيضربوهم بالنار ويدفنوهم في مقابر جماعيه ))
خيري منتفضا في رعب (( ازاي كده ، دي مش حرب ، يارب رحمتك بينا يارب ))
حسن (( القصص اللي سمعناها في الطريق من العساكر اللي كنا بنقابلهم تشيب الواحد من اللي شافوة ، فيه عساكر حكت لنا ان زملائهم ماتوا بعد ما استسلموا علي طول ، لان اليهود مكنوش عايزين يتعطلوا فكانوا بيضربوا الاسري بالنار ))
أطرق خيري رأسه ووضعها بين راحتي يده وغاص في تفكير عميق وصور له عقله تلك المشاهد التي وصفها حسن وأنسحب حسن بهدوء تاركا خيري في تفكيرة العميق غارقا في تصوراته وقد ترقرقت الدموع في عينيه تأبي ان تنساب
مر وقت لم يحسبه خيري وهو جالس ينظر للمياه الراكده وعقله يعمل بلا توقف ، كان عقله يبحث عن حل لمشكله اساسيه تؤرقه بشده ، الا وهي كيف يكون مسار حياته بعد استشهاد محمد ؟ كيف يعيش وكيف يمارس حياته بصورة طبيعيه ؟
كان تفكيرة يلح عليه في ان الموت حق علينا وان ما حدث يمكن ان يحدث لاي فرد في العالم كله ورغم ذلك فأن حياه اي فرد لم ولن تتوقف بوفاه شخص عزيز لديه ، لكن في نفس الوقت كان عقله يعود ويرفض تلك الفكرة بصورة غريبه حيرت خيري نفسه ، فقد كان الصراع شديدا داخله وهذا الصراع استمر داخله عده اسابيع تاليه .
فقد تغيرت حاله خيري طوال الايام والاسابيع التاليه وصار اكثر عزوفا عن الناس وعن الاكل وعن التحدث ، ورغم ان عجله الحياه استمرت داخل القريه ولم تتوقف الا ان خيري كان متوقفا عن فعل اي شئ ، حتي منزل عمه فقد دبت في الحياه مرة اخري وهو امر طبيعي ان تعود الحياه لطبيعتها ، فمن لطف الله بعباده ان المصيبه هي الشئ الوحيد الذي يولد كبيرا ويصغر مع الوقت حتي يتلاشي مع مرور الوقت ويصبح كأنه لم يكن .
لم يكن احدا في القريه سواء عجوزا او شابا او طفلا الا وكان مشفق علي حال خيري الذي ساء بقدر كبير وكانت عصبيته ظاهرة عليه في اي حوار يحاول فيه اي فرد ان يعيده الي صوابه ، فقد كان لديه اعتراض علي اي شئ وكل شئ ولم يكن احدا يعرف فيما يفكر في تلك الساعات الطويله التي يقضيها علي تلك ضفه الترعه ينظر الي المياة الراكده
وكان عمه يعمل جاهدا لمساعدته في الخروج من ازمته عن طريق دفعه دفعا الي العمل ، لكن خيري كان متمردا علي نصائح عمه رافضا توسلات والدته او شقيقتيه في ان يأكل كميات اكثر مما يأكله لكي يستطيع ان يعيش ، لكن المأكل والمشرب بالنسبه له اصبح مجرد واجب يقوم به لمجرد ان يعيش ، ولو استطاع الاستغناء عنهم ما تردد لحظه
كان لديه احساس كبير جدا لا يستطيع ان يقاومه بأن الله قد اختار له مسار في اخر في حياته وان استشهاد محمد ما هي الا نقطه تحول كبيرة في حياته لكن الذي حيرة واقلقه جدا هو انه لا يعرف ما هو المسار ، لذلك فقد اصبح عصبيا مفكرا اكثر من اي وقت اخر ويميل الي العزله والوحده لاكثر وقت ممكن






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-26-2012, 02:31 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

الفصل الثاني
الجندي
مر وقت طويل منذ أستشهاد محمد ، عادت فيها الحياه الطبيعيه لعائله خيري بشكل كامل ، وعاد صديقيه حسن ومصطفي الي الجبهه مرة اخري ، في تلك الاثناء أشتري خيري راديو ترانزستور صغير يعمل بالبطاريه ، واصبح هذا الراديو هو رفيق خيري في وحدته الاختياريه وعزلته اللانهائيه ، وعن طريق هذا الراديو بدأ خيري يلم بما يحدث علي الجبهه والقتال الدائر يوميا هناك واحس بالالم والغضب مما يسمعه من غطرسه العدو المنتصر، كما سمع عن إغراق قواتنا البحريه للمدمرة ايلات الاسرائيليه ، وعن دوريات العبور التي تعبر القناه ، لكن اكثر ما لفت نظر خيري هو التغير في الاغاني التي اصبحت تبث يوميا عن تلك التي كانت تبث قبل النكسه ، حتي صوت عبد الحليم قد نالت النكسه منه واصبح منكسرا ، وبدلا من الاغاني الحماسيه والالحان الرنانه التي صدح بها عبد الحليم نجد ان صوته اصبح منكسرا وهو يغني موال النهار وينعي حال البلد ويحث الرجال علي الصمود رغم كل شئ ورغم الهزيمه ، وكانت تلك الاغاني هي المؤشر الذي استخدمه خيري لمعرفه حال البلد ، فالهزيمه كانت كبيرة ومروعه علي كل ارجاء البلد ، والاحتلال الاسرائيلي فرض نفسه علي ثلاث بلاد عربيه ، وأستغل العدو ذلك في اهانه العرب وفي فرض واقع مر اليم يرفضه واستغل خيري ذلك الراديو الصغير في توسعه مداركه والالمام بواقع كان منعزل عنه في الماضي .
وخرج خيري في قافله تجارة مضطرا بعد ضغط اهله عليه ، وعاد كما سافر هائما حزينا مفكرا صامتا عابسا
وفي احد الايام وفي وسط رذاذ خفيف من امطار الشتاء خرج خيري من المسجد بعد صلاه الفجر وقادته قدميه الي مكانه المفضل، وبينما هو يجلس في غير مبالي بالامطار مفكرا وتائها ،أضائت عشرات بل ملايين المصابيح في عقله مرة واحده فقد استجاب الله اخيرا لدعواته ووجد الحل لعشرات علامات الاستفهام التي كانت بل حل ، ووجد ان طريقا قد رُسم ليحل له كل مشكلاته النفسيه مع نفسه ، فهو يريد اطفاء تلك النيران التي تأكل صدرة في كل لحظه ومع كل نفس يدخل صدرة تزيده نارا ، ويريد ان ينتقم لاستشهاد محمد ويريد ان يعيد النصاب لاوضاع حياته المقلوبه رأسا علي عقب .
وبدون اي مقدمات ظهر الحل ، فظهرت الابتسامه لاول مرة علي وجهه منذ ان علم بالخبر المشئوم ، ولاول مرة منذ ذلك اليوم يحس بأنفاسه تدخل وتخرج بسهوله ، فأنتفض في مكانه وأسرع تجاه منزله وهو يعدو عدوا .
وبعد ساعتين خرج مرة اخري من منزله مهرولا وأسرع تجاه محطه القطار ، كان يحس بتفكيرة نقيا واضحا ، وتبسم عندما وجد نفسه بدون وعي يركض تجاه محطه القطار ليتجه الي الزقازيق ، حيث دلف بعد ساعتين الي مبني متواضع موضوع عليه لافته (( مكتب تطوع القوات المسلحه )) وبعد ساعه تقريبا خرج مرة اخري من المبني وقد أحس بسعاده غامرة تجتاح كل جوانبه ، سعاده باطنها الحزن والاسي والحقد والكراهيه ، فقد كانت معادله سهله لكن صُعب عليه حلها لفترة طويله فهو يريد الثأر لمصر ولشرفها ولصديق عمرة محمد ، فأولا واخيرا محمد جزء من مصر والهدف واحد والغايه مبررة والثأر لا يكون الا بالقتال ، قتال كل ما هو اسرائيلي ، فقد أصبح يكره الاسرائيلين كرها شديدا يفوق قدرته علي التحمل وعدم التجاوب مع احساسه جعله تائها شاردا ممزقا ، ومنذ ساعات حل الله له المعادله فاذا اردت ان تثأر لمصر ولمحمد فعليك القتال ، ولكي تقاتل يجب ان تتطوع في القوات المسلحه لتكون ترسا في منظومه تروس تعمل بلا كلل لتحقيق نفس الاهداف مع اختلاف الاسباب ، فما الفرق بين من يريد القتال لتحرير الارض او للثأر فالهدف واحد والكراهيه واحده والحقد واحد ايضا .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-26-2012, 02:31 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

عاد من الزقازيق لمنزله قرب اذان العصر ، وطوال الطريق للمنزل لاحظ كل من في القريه التغير الذي طرأ علي خيري ، حتي اهل منزله شاهدوا التغير ، وعندما اخبرهم بما قام به هذا الصباح ، فجعت الام وغضبت وثارت ، فهي ام قبل اي شئ اخر وتخاف علي ابنها وكثيرا ما حمدت الله علي انه وحيد وليس له تجنيد اجباري مما يبعده عن ويلات الحرب ، وها هو ابنها يلقي بنفسه في اتون الحرب في وقت يتهرب فيه الاخرين من التجنيد خوفا منها ، فهرعت تطلب العون من عمه الذي تناقش كثيرا مع خيري في هذا الامر محاولا تضييق الخناق عليه لكن خيري كان كالسد العالي صلب وقوي ،


وبأءت كل محاولات عمه معه بالفشل الذريع لان خيري رد علي اخر محاولات عمه بهدوء شديد (( محمد مات وسايبني اخذ تارة ، مين غيري هياخذ تار مصر وتار محمد ؟؟؟))


فخرج العم خالي الوفاض بعد فشل كل محاولاته مع خيري الذي كان متحمسا بالطريق الذي رُسم له



وفي احد ايام الشتاء البارده وتحديدا في شهر يناير عام 1968 غادر خيري منزله متجهها لمعسكر التدريب بعد ان امضي اسبوعا في الكشوفات الطبيه والاجتماعيه حتي تم قبوله للتطوع بالقوات المسلحه .


غادر خيري منزله بعد ان ودع اهله وسط دموع ودعاء والدته وشقيقتيه ، وسار علي الطريق المؤدي لمحطه القطار لاخر مرة كمواطن مدني ، فحياته المدنيه تلفظ انفاسها الاخيرة بلا رجعه وهو الان علي مشارف مرحله جديده في حياته .


وقرب الساقيه القبليه وجد محبوبته وابنه عمه تنتظرة كما تعودت ان تودعه وتستقبله مع القافله ، ومن بعيد تلاقت العيون في شوق ودفئ كبير رغم بروده الطقس ، وتلاقت العيون في منتصف الطريق تبث أشواق وامنيات ودعوات ، لكن الجديد الذي ميزة خيري في نظرات محبوبته له هذه المرة هو تشجيعها علي ما يقوم به وطلبها الشديد له بأن يأخذ بثأر محمد وثأر مصر كلها ، لحظات توقف فيها الزمن تاركا النظرات تنتقل بين الاثنين وتشحن احاسيس خيري لاقصي مدي .


تدفقت الدماء في شرايين خيري بسرعه كبيرة وازداد حماسه حماسا بعد تشجيع محبوبته له ووداعها له كأجمل ما يتخيل، وهرول تجاه محطه القطار وهو سعيد بما نقلته له محبوبته من مشاعر واحاسيس .



وبعد ساعات كان خيري يودع رسميا الحياه المدنيه بكل ما فيها ليبدأ مشوارا صعبا شاقا مميتا بكل ما تحمله الكلمه من معاني ، وتخلي خيري عن اي شئ يربطه بالحياه المدنيه سواء الملابس او الشعر ، كل ما استطاع ان يحتفظ به من حياته السابقه هو الراديو الصغير وصورة له مع محمد .


وفور استلامه للمخله العسكريه وملابسه العسكريه الجديده بدأ خيري اول ايامه كجندي مجند، ملئ بالكراهيه للعدو


وبكل حماس وإقدام بدأ خيري تدريباته العسكريه والبدنيه بكل شوق ، كانت تدريبات هدفها الاساسي تحويل الفرد المدني الي شخص عسكري بكل ما تحمله الكلمه من معاني ، فالطاعه والانضباط العسكري هما الهدف الرئيسي من ايام التدريب الاولي ، تلاها تدريبات بدنيه شاقه جدا لاكساب الجندي لياقه بدنيه تجعله قادرا علي تخطي الصعاب التي قد يواجهها ، ثم تلي ذلك تدريبات بسيطه علي استخدام السلاح الشخصي .


وبعد شهر أتم خيري فترة التدريب المبدئي والتي كانت مكثفه وسريعه جدا ، فالقوات المسلحه في حاجه الي كل مقاتل يمكن ان يتوفر بسرعه لكي يتم دفعه للجبهه سريعا حتي تستطيع ان تنتهي من خط الدفاع الاول .


وكان تفوق خيري في كافه التدريبات ملفتا للنظر كذلك طاعته المثاليه ، لكن رغم كل المحاولات التي تم بذلها من جانب زملائه ، فقد رفض ان يصادق اي منهم وفضل ان يكون بمفرده طوال فترات الراحه مصطحبا فقط الراديو الصغير لكي ينقل له ما يحدث علي الجبهه اول بأول .


وفي نهايه فترة التدريب تم استدعاء خيري الي مكتب القائد ، حيث سأله القائد عن السلاح الذي يرغب الانضمام له بعد فترة التدريب المبدئي ، وحيث ان خيري كان الاول علي زملائه في التدريب وكما كان متبعا فله الحق في اختيار السلاح ، وعلي الفور اجابه بلا تفكير ولا تردد بأنه يريد الانضمام لسلاح المدفعيه .


تعجب القائد من سرعه رد خيري ، وسأله في دهشه عن السبب ، ورد خيري بعبارات مختصرة وقاطعه


(( عشان اخذ بتار مصر من الطيران الاسرائيلي اللي موت عساكرنا في سينا يا فندم ))

نظر القائد الي ملف خيري الذي بين يديه وهو يحاول اخفاء اظهار اعجابه بأجابه خيري ، وكان بالملف كل المعلومات التي جمعتها المخابرات الحربيه عن خيري في فترة ما قبل قبول تطوعه بالقوات المسلحه ، وكان بالتقرير وصف لمدي الترابط بينه وبين ابن عمه الشهيد محمد والذي كان في سلاح المدفعيه المضاده للطائرات والتي كانت تعتبر حتي الان فرعا من فروع المدفعيه قبل فصل الدفاع الجوي في سلاح مستقل لاحقا في نفس العام






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 05-26-2012, 02:32 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

وكان القائد فطنا وذو بعد نظر كبير ، ووجد ان اجابه طلب خيري لالحاقه علي سلاح المدفعيه سيكون عاملا ايجابيا لخيري وللقوات المسلحه حيث سيزيد عطاء الجندي وابداعه وتفوقه طالما انه يعمل في مجال يختارة بنفسه ، وكذلك ان الغضب المكتوم والاحتقان الكامن داخله سيجعل معدلات ادائه عاليه جدا مقارنه بمن تم فرض السلاح عليه فرضا بدون اختيار،
فوافق القائد علي الفور ، وأمر بالحاق خيري علي سلاح المدفعيه وكتب توصيه بأن يتم الحاقه علي فرع المدفعيه المضاده للطائرات .
وسعد خيري كثيرا بهذا القرار والذي اعتبرة خطوه اخري تقربه من هدفه ، واحس بأن الله يمهد له الطريق لكي يقوم بما كان يجب ان يقوم به من فترة كبيرة .
وسعد اكثر عندما علم بأن له يومين اجازة يقضيهم في قريته قبل ان ينتظم في معسكر المدفعيه لبدء تدريب تخصصي علي سلاحه الجديد.
عاد خيري الي قريته قرب صلاه العصر ، وفي الطريق الي منزله لمح عمه وسط ابنائه وعدد من الفلاحين يعملون بالحقل ، فدخل اليه وسط الزراعات ، وعينيه تشق الفضاء باحثه عن محبوبته ، هرع الي عمه وابنائه التوأم و الفلاحين فور ان شاهدوه ، وارتمي خيري في احضان عمه بعد شهر من الغياب ، وفي تلك اللحظه عاد اليه بصرة سريعا يحمل مشهد محبوبته وهي تهرع تجاهه من بعيد وعلي وجهها ابتسامه شوق وسعاده غامرة .
تحدث اليه عمه وابنائه والفلاحين مرحبين به لكنه لم يسمعهم ، فمن المؤكد ان اذنه سمعت الكلام لكن العقل كان متركزا ومشغولا في مشاهد محبوبته والتي ينقلها له عينيه من بعيد ، فلم يهتم العقل بما تنقله الاذن وتابعت الاعين محبوبته التي ابطئت من سرعتها وظهر الخجل علي وجهها وهي تمد يدها بالسلام علي خيري ، مجرد اجراء شكلي قامت به محبوبته فالسلام والترحيب تم من فترة عندما تلاقت الاعين وعندما تشابكت النظرات .
افاق خيري من حلمه الجميل واصطدم بأرض الواقع عندما تنبه الي ما يقوله عمه من عبارات الترحيب ومن تعلق ابناء عمه بثيابه العسكريه فأضطر مجبرا الي تحويل نظرة عن محبوبته ، ووسط سعاده عمه والفلاحين بعودته أنسل خيري منهم بصعوبه بالغه متجهها نحو منزله وهو في شوق لان يعود لمحبوبته
أستقبلته والدته وشقيقتيه استقبال الفاتحين المنتصرين واعدت له وليمه فرحا وترحيبا بعودته وحزنت عندما علمت بأن لن يلبث معهم سوي ليله واحده فقط ، لكنها استغلت تلك الفترة القصيرة احسن استغلال في بث اشواقها وحنانها وحبها لابنها الوحيد ، ورغم اعتراضها في البدايه علي أنضمامه للقوات المسلحه ، الا انها تباهت به امام اهالي القريه وهو يغادر منزله في اليوم التالي متجهها لمحطه القطار.
كان تخطيطيه محكما في اختلاس عده نظرات وربما حديث ودي مع محبوبته ، وبدأ عقله يعمل بأسلوب عسكري بحت مما تعلمه في فترة التدريب المبدئي ، فقام بالتمويه علي اهله بالمغادرة مبكرا بحجه ان يحتاج لشراء عده حاجيات قبل السفر ، قام بالتسلل تجاه الساقيه القبليه ، لكن قام عمه بأفساد تخطيطه عندما وجده امامه يركب عربته التي يجرها حصان ، ودعاه لتوصيله الي محطه القطار ، فبهت خيري من تلك المفاجأه التي قلبت موازين خطته وإسقط في يده .
وركب بجوار عمه صاغرا وكم تحسر وهو يري محبوبته بجوار الساقيه كما توقع ، لكنها ودعته بنفس النظرات المشجعه له .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:59 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator