المكاشفة خير أسلوب لصفاء القلوب.
كانت صداقتكما بين الناس مضرب الأمثال ، فأنتما لاتفترقان إلا إذا حل
ظلام الليال ، و الدروب لاقتكما في الإدبار و الإقبال ،فكم جمعكما المأتم قبل
الاحتفال ، و كم واجهتما أحلك الظروف و الأحوال ، و طالما تصديتم للوشاة
من الأنذال . فما الذي غيّـركما حتى صارت علاقتكما في أسوأ حال ؟
سبحان مبدل الأحوال ، أفي لحظة انفعال ، تنقضان كل ما نسجتما من وشائج
الاتصال ؟ و كأنها كانت ضربا من الخيال ؟ أيعقل أن يصدر هذا ممّن كانا
يُـصنـَفان من خيرة الرجال ؟
إني أدعوكما أن تتكاشفا في الحال ، وتتواجها بكل ما بدر منكما من أقوال ،
قبل أن يزيد الأمر في الاستفحال ، فبالصراحة يتبدّد سوء الفهم في البال ،
و يصير الخلاف إلى زوال ، فليتشجّع أحدكما ليثبت أنه من خير الرجال ،
و لا يقل إن تنازلت فقد عرّضت نفسي للإذلال ، أبدا ، فالأمر ليس على هذا
المنوال ، فالنبي الأكرم ، رمز الجمال و الكمال ، صلى و سلم عليه ذو الجلال
، قد قال أن السبّاق من المتخاصمين للسلام و الاتصال هو خيرالرجال* .
لا يخدعكما إبليس بوساوسه التي يلقيها على البال ، فقد نصب عرشه الفعّال ،
و ينتظر أن يُسقط جنديّـُـه أحدَنا في الحبال ، فيهنئه بقوله :أنت أنت سيّد
الأبطال *.
أرجو من الله ذي الجلال ، أن تكونا قد فهمتما هذا المقال ، فتسعيان لتنفيذه
في الحال ، فصفاء قلبيكما ليس بالأمر المحال ، فهو ممكن و سهل المنال.
* يقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم : لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه
فوق ثلاث ليال ، يعرض هذا و يعرض هذا ، و خيرهما الذي يبدأ بالسلام.
* وفي مسند أحمد بن حنبل قال : أنبأنا عبد الله بن المبارك قال حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد
الرحمن السلمي عن أبي موسى الأشعري قال : إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول من أضل مسلماً ألبسته
التاج قال فيقول له القائل لم أزل بفلا ن حتى طلق زوجته ، قال : يوشك أن يتزوج . ويقول آخر :
لم أزل بفلان حتى عق ، قال : يوشك أن يبر . قال يقول القائل : لم أزل بفلان حتى شرب ، قال :
أنت قال ويقول : لم أزل بفلان حتى زنى ، قال : أنت قال يقول : لم أزل بفلان حتى قتل ، قال :
أنت أنت !في صحيح مسلم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن إبليس بضع
عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا
وكذا فيقلو ما صنعت شيئاً قال ثم يجيء أحدهم فيقلو ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله قال فيدنيه أو قال
فيلتزنه ويقول نعم أنت "
محاور النقاش :
الكثير من العلاقات الاجتماعية بين المسلمين من صداقة و زواج
و غيرهما تتقوّض أركانها، فينقلب الحب كرها، و تنقلب الأخوة
عداوة بين الطرفين بسبب سوء فهم أو تأويل خاطئ لأقوال ، بسبب
تغذية إبليس لها ، لذلك فالمكاشفة في نظري هي خير أسلوب لصفاء
القلوب . ما رأيكم في هذا الطرح ؟ و هل تكفي المواجهة القولية ؟