السلوك الغوغائي..الغوغائيّة عند الحيوان..عندما تنقلب الاية في عالم الحيوان
السلوك الغوغائي، أو الغوغائيّة، تظهر عندما تقلب بعض أنواع الطرائد الإجتماعية الآية على المفترس حيث تتعاون مع بعضها لمهاجمته أو مناكدته.
يظهر هذا السلوك عند الطيور بشكل خاص، على الرغم من أنه يُعرف بوجوده عند حيوانات إجتماعية أخرى.
فمستعمرات تعشيش طيور النورس مثلا يهاجم جميع أفرادها أي دخيل بما فيه الإنسان.
تتحمل الحيوانات التي تلجأ لهذا الأسلوب خطر الإصابة جرّاء مهاجمتها الضاري، ولخسارتها مقدارا معينا من الطاقة تحتاج إليه للبقاء وتربية صغارها؛
ومن أبرز الحيوانات التي يُعرف عنها لجؤها للغوغائية، الطيور المحاكية التي تستطيع أن ترغم كلبا أو هرّا أن يبحث عن هدف أخر سهل المنال، ويتحقق ذلك عبر قيام أحد الطيور بالطيران بالقرب من المفترس مما يحثه على مهاجمته، بينما يقوم أخر بنقره من الخلف مما يسبب له ألما مبرحا يجعله يتردد في مهاجمة طيور محاكية أخرى بحال عثر عليها مرة ثانية.
على الرغم من أن السلوك الغوغائي تطوّر بشكل مستقل في العديد من الأنواع، إلا أنه لا يظهر غالبا إلا عند الأنواع التي تتعرّض صغارها للإفتراس بشكل مستمرّ، وخصوصا الطيور. وقد يُكمّل أسلوب التخفّي عند الصغار نفسها، كالتمويه. تُصدر الحيوانات نداءات غوغائيّة قبل أو خلال الهجوم على المفترس.
تهدف الحيوانات من وراء السلوك الغوغائي إلى أشياء أخرى غير طرد المفترس، فهذا السلوك يجذب اهتمام الضاري مما يجعل من المستحيل عليه أن يتسلل خفية لمهاجمة الطريدة.
كما وتلعب الغوغائيّة دورا في تعليم الصغار تحديد المفترس وتعريفه على أنه من الكائنات التي يجب تجنبها، وفي بعض الأحيان فإن إعادة إدخال نوع معين إلى بيئته القديمة تكون غير ناجحة لأن هذه الجمهرة تفتقد الخبرة والدراية اللازمة لتحديد المفترسات المحليّة، والتي كان يجب أن تكتسبها من أهلها.
ويبذل العلماء اليوم جهودا لتعليم جمهرات الحيوانات التي أعيد إحضارها كيفيّة التمييز والتفاعل مع المفترسات الموجودة في بيئتها الجديدة قبل أن يتم إطلاقها في البريّة
قد يكون السلوك الغوغائي عبارة عن تفاعل بين نوعين مختلفين أيضا، فمن المألوف أن تستجيب فصيلة معينة من الطيور إلى نداءات فصيلة أخرى، حيث تطير وتتجمّع وتصدر نداءها الخاص وتراقب النوع الأخر، إلا أنها لا تشارك في الهجوم. والبعض من الأنواع يقوم بهذا السلوك ويتعرّض له على حد سواء، فالغربان والزيغان مثلا عندما تحاول أن تقتات على بيض وصغار الطيور الغرّيدة الأصغر حجما تهاجمها تلك الأخيرة وتحاول إبعادها، وبالإضافة لذلك فإن تلك الغربان والزيغان تتعاون مع بعضها ومع الطيور الغرّيدة لإبعاد البيزان أو العقبان أو الثدييات المفترسة عن أعشاشها. وفي بعض الأحيان، فإن الطيور ستقوم بمهاجمة حيوان لا يُشكل عليها خطرا بشكل جماعي.
تُعتبر طيور النورس الأسود الرأس إحدى الأنواع التي تهاجم أي مفترس دخيل، كزاغ الجيف، بشراسة فائقة. وقد قام العالم هانز كروك ببعض التجارب على هذا النوع، والتي تمثلت بوضع بيض دجاج على بعد مسافة معينة من مستعمرة تعشيش، ومن ثم قام بتسجيل نسبة محاولات الإفتراس الناجحة،
بالإضافة لنسبة إحتماليّة تعرّض الزاغ للغوغائيّة.
أظهرت النتائج أن نسبة الغوغائيّة انخفضت بازدياد البعد عن الأعشاش، وازدادت مع كل محاولة افتراس ناجحة.
قد يُنقص السلوك الغوغائي من مقدرة المفترس على تحديد موقع الأعشاش، إذ أن الضواري لا تستطيع التركيز على تحديد مكان البيوض عندما تتعرّض لهجوم مباشر.