جار غير عزيز
ولعل رجلاً من أهل هذه القبور أخذ يتهادى حتى وقف بباب جاره فلعله أن يعاتبه
فيقول : جاري العزيز لقد كنت تطرق بابي فزعاً إذا رأيت الماء قد تسرب من الخزان العلوي حرصاً منك على مصلحتي
ولكنك لم تكن تنبهني على بعض أصدقاء السوء الذين يخالطون أبنائي
لم تكن تذكرني بإهمالي لصلاة الجماعة
لم تكن تنبهني على إدخالي لأجهزة الفساد إلى منزلي
لقد كان حقيّ عليك أكثر من حقوق سائر الناس عليك فلو علمت يا جاري العزيز أن احتفاظك لنفسك بالصلاح لا ينجيك يوم الدين لمَا أهملتني ، ولو علمت أن استثقالي لنصيحتك لا يسوّغ لك ترك نصيحتي ولبادرت إلى هذه النصيحة .
تصور لو أن أهل القبور خرجوا من قبورهم ، خرجوا بأكفان بالية ووجوه مغبرة ، خرجوا من سكون القبور وظلمتها إلى ضجيج الأرض وأضوائها ، فركوا عيونهم ، عركوا آذانهم ثم انطلقوا في أنحاء المدينة أشباحاً مهيبة ليحدثونا عن هول ما رأوا فماذا عساهم أن يقولوا بعد هول المطلع وسؤال منكر ونكير وحساب عسير ، وكيف يا ترى سيكون حديث الأموات للأحياء.