" ببراءة الصغار أصرخ .. أحبكَ "
أريدُ أن أغفو طويلاً ، حتى ينبتُ العشب على جفني،
وتستيقظُ أشباحُ الطفولة فيَّ .
أريدُ أن أصنعَ ساعةً زجاجها السماء
وعقربها قلبي النافرُ من هذا الكون،
أما الدقائق فرماد الفراشات التي لامست روحي .
أسحلُ قلبي من شراييني، أرميه كحجر الحظ نحوك،
يتدحرج عند قدميك فيزهر بورود بيضاء كروحك :
روحك التي تجرني من معصمي نحو النور، وأنا طفلة الجحيم..
ابنة المنافي أنا،
أنا تلك التي كتبت لها صفحات السماء أن تضيع كالصدى في عتمة المدن الكونكريتية..
وأنا لوحة السيراميك التي تحطمت عند أول خيبة.
ألملم كلَّ شظاياي.. ألملم وجعي،
حياتي التي اعتصرتها حتى آخر قطرة غفران،
جراحي التي أجيد سلخها كلما نضبت..
وضحكتي - الرمق الأخير من إنسانيتي -
ضحكتي التي نثرتها بوجوه قَشَّرَتها القسوة؛
حتى باتت كطرقات السفر مفزعة، باردة.
تطير روحي نحوك كلما ضاقت بها هذه الأضلع الملعونة :
أنتَ يا من ترقص السماوات والحقول البعيدة لضحكته.
يا مَن ذهب مع الغزلان نحو المطر وانتفض كغيمة...
تغفو العصافير لرعشة صوتك .
أراكَ تجمع أوراق كتاب حياتي :
حياتي المبعثرة كقرع الطبول على وجه الريح .
تمزق صفحات الوجع، وتمحو آثامي بدمعة من عينيك ،
تُكمل لوحة عمري المهشمة بروحك ،
تنسج لي مشيمة من خيوط أحلامي القديمة - حين كنتُ أسير على العشب حافية ؛
قبل أن تنغرس بقدم الدروب شوكة الحزن وتمدُ جذورها بقلبي..
قبل أن أغسل الأرصفة بدموعي،
وأنشُرَ ثياب الخيبة المُرقعة على حبال الليالي المريرة .
تعيدني طفلة :
كل ذنوبي ورقة ملطخة بالألوان
يتناقلها الملائكة على كتفيّ فرحين
لأنني كتبتُ على بياضها الفاضح أحبكَ..
أحبكَ كما تُحب الطيور رفيف أجنحتها .
أحبكَ كما يُحبُ العشبَ السواقي ..
كما تترنح الآهة في صوت حادٍ ،
أو
كما تعشق الهجرات نشيد النوتّي .
أحبكَ
لأن طفولتي تستفيق عند ظلال أهدابك ؛
لأنكَ الوثاق الذي يربطني بالوجود .
في هذا الزحام البشري، حيث الوجوه كلها، لها ذات البرود العجيب، والأنفاس الرطبة الثقيلة تكتظ بالمكان ، حيث أغيب ولا أعرف كيف أجدني، ليس لي من طريق لهذه الروح الشقية: روحي..
سوى التفكير بك.
وأنتَ هناك، حيث تغسل الأمطار زجاج نافذتك،
ويرقص دخانُ السجائر بين شفتيك الهادئتين،
تتسلل أشعة الشمس بين دموع السماء المنسكبة على زجاج نافذتك،
وتسافر عميقاً نحو عينيك؛
يستيقظ فيهن حُزن رقيق و يُزهر على جفنيك.
أحبُ انكسار الضوء في بلّور عينيك الدافئتين.
وأنتَ هناك تنتفض أناملك لتنسج قصيدة وحلماً،
تلملم أرقَ العابرين تحت قُبة قلبك:
قلبك.. وطنُ المشردين
وغيمة الظامئين ..
قلبكَ؛ حيث ترى الحقيقة وجهها دون مرايا..
قلبكَ؛ الطفل الذي يفرّش ببراءته أنياب العالم .
وأنا هُنا، أقف على مفترق الطرقات وألتفتُ
،،
الدروب تغيّر وجهها
كلما مات عصفور
أو تعرّت شجرة
كلما محتْ الأمطارُ اللافتات ..
كيف لي أن أصلكَ ؟!
وبوصلة روحي عطلتها المنافي .
أظافر الريح تخدش أشرعتي :
الأسرارُ تُعكرُ صمتَ الموج ..
والنوارس لم تعُد تحمل وِزرَ اشتياقي إليك ..
كيف لي أن أصلك؟!
آه،
لا تتركني وحدي ..
تلفظني الغربة لليلٍ يلوك أحزاني
ويرميها الى أرصفة الطرقات .
منقول احسسته
02-08-2009, 10:57 PM
" ببراءة الصغار أصرخ .. أحبكَ "
