العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > المنتدى الاسلامى

المنتدى الاسلامى إسلام، سنة، قرآن، دروس، خطب، محاضرات، فتاوى، أناشيد، كتب، فلاشات،قع لأهل السنة والجماعة الذين ينتهجون نهج السلف الصالح في فهم الإسلام وتطبيقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 10-04-2010, 03:15 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

مدارج السالكين بين إياك نعبد وإياك نستعين

ابن قيم الجوزية


(ثلاثة اجزاء)

بين أيدينا كتاب (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين) للإمام السلفي العلامة ابن قيم الجوزية. وهو كتاب يبحث في شؤون العقيدة. والجدير بالذكر هنا أن العقيدة في هذا العصر قد اضمحلت في قلوب المسلمين -وهي الأصل الثابت لهذا الدين- وبالمحافظة عليها بالتمسك بأصولها الصحيحة: يتحقق لنا رضوان الله تعالى في الدنيا والآخرة، ورضوانه تعالى هو غاية كل مؤمن في هذا الكون.
فهذا هو الإمام ابن قيم الجوزية يبين لنا من خلال الآيات الكريمة -والتي كانت محور الموضوع في كتابه هذا -المعاني الحقيقية للإيمان، والأصول السليمة للعبادة، حيث جمعها بأسلوب بديع في سفر نفيس أسماه "مدارج السالكين" في ثلاث مجلدات.
عدد ابن القيم مناول إياك نعبد وإياك نستعين وعرف كل منزلة على حدة. مثل: منزلة المحبة: ومنزلة الخوف، ومنزلة الرجاء، ومنزلة الهمة و...
وبين درجات كل منزلة من هذه المنازل والأنواع التي تندرج تحت هذا العنوان. كما اتبعها بفوائد قيمة وأبحاث جمة تحدد بمجموعها الأطر السليمة للعقيدة الصحيحة فكان كتابه هذا جامعاً في موضوعه مانعاً في أسلوبه... هذا وقد وشتى ابن القيم كتابه هذا ببعض الطرائف والحكم التي لا بد منها والتي بث فيها أفكاره وآراءه في كتابه هذا ببعض الطرائف والحكم التي لا بد منها والتي بث فيها أفكاره وآراءه في مجال العقيدة... كما حذر من أمور كثيرة كانت السبب في ضياع هذه العقيدة من القلوب... وهو في كل هذا يلتزم التزاماً كاملاً بالكتاب والسنة وبما صح عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين.
كتاب جليل القدر كثير النفع يبحث في السلوك وتزكية النفس، أقرب ما يكون إلى التصوف الحقيقي ومعانيه ودرجاته ومراتبه بالإضافة إلى تضمينه شيئا من العقائد الصحيحة التي ينبغي أن تكون عند المسلم . والكتاب بطوله وكما يظهر من عنوانه هو امتداد لسورة الفاتحة الشريفة.









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 03:17 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين



فإنه أرحم وأرأف من أن يغضب بلا جناية منهم ولا ضلال فكأن الغضب عليهم مستلزم لضلالهم وذكر الضالين مستلزم لغضبه عليهم وعقابه لهم فإن من ضل استحق العقوبة التي هي موجب ضلاله وغضب الله عليه

فاستلزم وصف كل واحد من الطوائف الثلاث للسبب والجزاء أبين استلزام واقتضاه أكمل اقتضاء في غاية الإيجاز والبيان والفصاحة مع ذكر الفاعل في أهل السعادة وحذفة في أهل الغضب وإسناد الفعل إلى السبب في أهل الضلال
وتأمل المقابلة بين الهداية والنعمة والغضب والضلال فذكر المغضوب عليهم و الضالين في مقابلة المهتدين المنعم عليهم وهذا كثير في القرآن يقرن بين الضلال والشقاء وبين الهدى والفلاح فالثاني كقوله 2 4 أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون وقوله أولئك لهم الأمن وهم مهتدون والأول كقوله تعالى 54 47 إن المجرمين في ضلال وسعر وقوله 2 7 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم وقد جمع سبحانه بين الأمور الأربعة في قوله 20 123 فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى فهذا الهدى والسعادة ثم قال 20 124 ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى فذكر الضلال والشقاء
فالهدى والسعادة متلازمان والضلال والشقاء متلازمان
فصل وذكر الصراط المستقيم مفردا معرفا تعريفين تعريفا باللام
وتعريفا بالإضافة وذلك يفيد تعينه واختصاصه وأنه صراط واحد وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها كقوله 6 153 وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله فوحد لفظ







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 03:29 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين


بسم الله الرحمن الرحيم



وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين ، وإله المرسلين ، وقيوم السماوات والأرضين ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين ، الفارق بين الهدى والضلال ، والغي والرشاد ، والشك واليقين ، أنزله لنقرأه تدبرا ، ونتأمله تبصرا ، ونسعد به تذكرا ، ونحمله على أحسن وجوهه ومعانيه ، ونصدق به ونجتهد على إقامة أوامره ونواهيه ، ونجتني ثمار علومه النافعة الموصلة إلى الله سبحانه من أشجاره ، ورياحين الحكم من بين رياضه وأزهاره ، فهو كتابه الدال عليه لمن أراد معرفته ، وطريقه الموصلة لسالكها إليه ، ونوره المبين الذي أشرقت له الظلمات ، ورحمته المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات ، والسبب الواصل بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب ، وبابه الأعظم الذي منه الدخول ، فلا يغلق إذا غلقت الأبواب ، وهو الصراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء ، والذكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء ، والنزل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء ، لا تفنى عجائبه ، ولا تقلع سحائبه ، ولا تنقضي آياته ، ولا تختلف دلالاته ، كلما ازدادت البصائر فيه تأملا وتفكيرا ، زادها هداية وتبصيرا ، وكلما بجست معينه فجر لها ينابيع الحكمة تفجيرا ، فهو نور البصائر من عماها ، وشفاء الصدور من أدوائها وجواها ، وحياة القلوب ، ولذة النفوس ، ورياض القلوب ، وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ، والمنادي بالمساء والصباح : يا أهل الفلاح ، حي على الفلاح ، نادى منادي الإيمان على رأس الصراط المستقيم
ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم .

[ ص: 28 ] أسمع والله لو صادف آذانا واعية ، وبصر لو صادف قلوبا من الفساد خالية ، لكن عصفت على القلوب هذه الأهواء فأطفأت مصابيحها ، وتمكنت منها آراء الرجال فأغلقت أبوابها وأضاعت مفاتيحها ، وران عليها كسبها فلم تجد حقائق القرآن إليها منفذا ، وتحكمت فيها أسقام الجهل فلم تنتفع معها بصالح العمل .

وا عجبا لها ! كيف جعلت غذاءها من هذه الآراء التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولم تقبل الاغتذاء بكلام رب العالمين ، ونصوص حديث نبيه المرفوع ، أم كيف اهتدت في ظلم الآراء إلى التمييز بين الخطأ والصواب ، وخفي عليها ذلك في مطالع الأنوار من السنة والكتاب ؟ .

واعجبا ! كيف ميزت بين صحيح الآراء وسقيمها ، ومقبولها ومردودها ، وراجحها ومرجوحها ، وأقرت على أنفسها بالعجز عن تلقي الهدى والعلم من كلام من كلامه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو الكفيل بإيضاح الحق مع غاية البيان وكلام من أوتي جوامع الكلم ، واستولى كلامه على الأقصى من البيان ؟ .

كلا ، بل هي والله فتنة أعمت القلوب عن مواقع رشدها ، وحيرت العقول عن طرائق قصدها ، يربى فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير .

وظنت خفافيش البصائر أنها الغاية التي يتسابق إليها المتسابقون ، والنهاية التي تنافس فيها المنافسون ، وتزاحموا عليها ، وهيهات ، أين السهى من شمس الضحى ؟ وأين الثرى من كواكب الجوزاء ؟ وأين الكلام الذي لم تضمن لنا عصمة قائله بدليل معلوم ، من النقل المصدق عن القائل المعصوم ؟ وأين الأقوال التي أعلا درجاتها أن تكون سائغة الاتباع ، من النصوص الواجب على كل مسلم تقديمها وتحكيمها والتحاكم إليها في محل النزاع ؟ وأين الآراء التي نهى قائلها عن تقليده فيها وحذر ، من النصوص التي فرض على كل عبد أن يهتدي بها ويتبصر ؟ وأين المذاهب التي إذا مات أربابها فهي من جملة الأموات ، من النصوص التي لا تزول إذا زالت الأرض والسماوات ؟

سبحان الله ! ماذا حرم المعرضون عن نصوص الوحي ، واقتباس العلم من مشكاته من كنوز الذخائر ؟ ! وماذا فاتهم من حياة القلوب واستنارة البصائر ؟ قنعوا بأقوال استنبطتها معاول الآراء فكرا ، وتقطعوا أمرهم بينهم لأجلها زبرا ، وأوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ، فاتخذوا لأجل ذلك القرآن مهجورا .

درست معالم القرآن في قلوبهم فليسوا يعرفونها ، ودثرت معاهده عندهم فليسوا يعمرونها ، ووقعت ألويته وأعلامه من أيديهم فليسوا يرفعونها ، وأفلت كواكبه النيرة من [ ص: 29 ] آفاق نفوسهم فلذلك لا يحبونها ، وكسفت شمسه عند اجتماع ظلم آرائهم وعقدها فليسوا يبصرونها .

خلعوا نصوص الوحي عن سلطان الحقيقة ، وعزلوها عن ولاية اليقين ، وشنوا عليها غارات التأويلات الباطلة ، فلا يزال يخرج عليها من جيوشهم كمين بعد كمين ، نزلت عليهم نزول الضيف على أقوام لئام ، فعاملوها بغير ما يليق بها من الإجلال والإكرام ، وتلقوها من بعيد ، ولكن بالدفع في صدورها والأعجاز ، وقالوا : ما لك عندنا من عبور ، وإن كان ولا بد ، فعلى سبيل الاجتياز ، أنزلوا النصوص منزلة الخليفة في هذا الزمان ، له السكة والخطبة وما له حكم نافذ ولا سلطان ، المتمسك عندهم بالكتاب والسنة صاحب ظواهر ، مبخوس حظه من المعقول ، والمقلد للآراء المتناقضة المتعارضة والأفكار المتهافتة لديهم هو الفاضل المقبول ، وأهل الكتاب والسنة ، المقدمون لنصوصها على غيرها جهال لديهم منقوصون
وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون .

حرموا والله الوصول ، بعدولهم عن منهج الوحي ، وتضييعهم الأصول ، وتمسكوا بأعجاز لا صدور لها ، فخانتهم أحرص ما كانوا عليها ، وتقطعت بهم أسبابها أحوج ما كانوا إليها ، حتى إذا بعثر ما في القبور ، وحصل ما في الصدور ، وتميز لكل قوم حاصلهم الذي حصلوه ، وانكشفت لهم حقيقة ما اعتقدوه ، وقدموا على ما قدموه
وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وسقط في أيديهم عند الحصاد لما عاينوا غلة ما بذروه .

فيا شدة الحسرة عندما يعاين المبطل سعيه وكده هباء منثورا ، ويا عظم المصيبة عندما يتبين بوارق أمانيه خلبا ، وآماله كاذبة غرورا ، فما ظن من انطوت سريرته على البدعة والهوى والتعصب للآراء بربه يوم تبلى السرائر ؟ وعذر من نبذ الوحيين وراء ظهره في يوم لا تنفع الظالمين فيه المعاذر ؟

أفيظن المعرض عن كتاب ربه وسنة رسوله أن ينجو من ربه بآراء الرجال ؟ أو يتخلص من بأس الله بكثرة البحوث والجدال ، وضروب الأقيسة وتنوع الأشكال ؟ أو بالإشارات والشطحات ، وأنواع الخيال ؟

[ ص: 30 ] هيهات والله ، لقد ظن أكذب الظن ، ومنته نفسه أبين المحال ، وإنما ضمنت النجاة لمن حكم هدى الله على غيره ، وتزود التقوى وائتم بالدليل ، وسلك الصراط المستقيم ، واستمسك من الوحي بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع عليم .

وبعد ، فلما كان كمال الإنسان إنما هو بالعلم النافع ، والعمل الصالح ، وهما الهدى ودين الحق ، وبتكميله لغيره في هذين الأمرين ، كما قال تعالى
والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر أقسم سبحانه أن كل أحد خاسر إلا من كمل قوته العلمية بالإيمان ، وقوته العملية بالعمل الصالح ، وكمل غيره بالتوصية بالحق والصبر عليه ، فالحق هو الإيمان والعمل ، ولا يتمان إلا بالصبر عليهما ، والتواصي بهما كان حقيقا بالإنسان أن ينفق ساعات عمره بل أنفاسه فيما ينال به المطالب العالية ، ويخلص به من الخسران المبين ، وليس ذلك إلا بالإقبال على القرآن وتفهمه وتدبره واستخراج كنوزه وإثارة دفائنه ، وصرف العناية إليه ، والعكوف بالهمة عليه ، فإنه الكفيل بمصالح العباد في المعاش والمعاد ، والموصل لهم إلى سبيل الرشاد ، فالحقيقة والطريقة ، والأذواق والمواجيد الصحيحة ، كلها لا تقتبس إلا من مشكاته ، ولا تستثمر إلا من شجراته .

ونحن بعون الله ننبه على هذا بالكلام على فاتحة الكتاب وأم القرآن ، وعلى بعض ما تضمنته هذه السورة من هذه المطالب ، وما تضمنته من الرد على جميع طوائف أهل البدع والضلال ، وما تضمنته من منازل السائرين ، ومقامات العارفين ، والفرق بين وسائلها وغاياتها ، ومواهبها وكسبياتها ، وبيان أنه لا يقوم غير هذه السورة مقامها ، ولا يسد مسدها ، ولذلك لم ينزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها .

والله المستعان ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 03:37 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين




فصل الصراط المستقيم
وذكر الصراط المستقيم مفردا معرفا تعريفين : تعريفا باللام ، وتعريفا بالإضافة ، وذلك يفيد تعينه واختصاصه ، وأنه صراط واحد ، وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها ، كقوله وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله فوحد لفظ الصراط وسبيله ، وجمع السبل المخالفة له ، [ ص: 38 ] وقال ابن مسعود خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ، وقال : هذا سبيل الله ، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره ، وقال : هذه سبل ، على كل سبيل شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ قوله تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقونوهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد ، وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه ، لا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق ، ولو أتى الناس من كل طريق ، واستفتحوا من كل باب ، فالطرق عليهم مسدودة ، والأبواب عليهم مغلقة إلا من هذا الطريق الواحد ، فإنه متصل بالله ، موصل إلى الله ، قال الله تعالى هذا صراط علي مستقيم قال الحسن : معناه صراط إلي مستقيم ، وهذا يحتمل أمرين : أن يكون أراد به أنه من باب إقامة الأدوات بعضها مقام بعض ، فقامت أداة " على " مقام " إلى " ، والثاني : أنه أراد التفسير على المعنى ، وهو الأشبه بطريق السلف ، أي صراط موصل إلي ، وقال مجاهد : الحق يرجع إلى الله ، وعليه طريقه ، لا يعرج على شيء ، وهذا مثل قول [ ص: 39 ] الحسن وأبين منه ، وهو من أصح ما قيل في الآية ، وقيل : علي فيه للوجوب ، أي علي بيانه وتعريفه والدلالة عليه ، والقولان نظير القولين في آية النحل ، وهي وعلى الله قصد السبيل والصحيح فيها كالصحيح في آية الحجر : أن السبيل القاصد وهو المستقيم المعتدل يرجع إلى الله ، ويوصل إليه ، قال طفيل الغنوي :



مضوا سلفا قصد السبيل عليهم وصرف المنايا بالرجال تشقلب
أي ممرنا عليهم ، وإليهم وصولنا ، وقال الآخر :



فهن المنايا أي واد سلكته عليها طريقي أو علي طريقها


فإن قيل : لو أريد هذا المعنى لكان الأليق به أداة إلى التي هي للانتهاء ، لا أداة على التي هي للوجوب ، ألا ترى أنه لما أراد الوصول قال إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم وقال إلينا مرجعهم وقال ثم إلى ربهم مرجعهم وقال لما أراد الوجوب ثم إن علينا حسابهم وقال إن علينا جمعه وقرآنه وقال وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ونظائر ذلك .

قيل : في أداة على سر لطيف ، وهو الإشعار بكون السالك على هذا الصراط على هدى ، وهو حق ، كما قال في حق المؤمنين أولئك على هدى من ربهم وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم فتوكل على الله إنك على الحق المبين والله عز وجل هو الحق ، وصراطه حق ، ودينه حق ، فمن استقام على صراطه فهو على الحق والهدى ، فكان في أداة " على " على هذا المعنى ما ليس في أداة إلى فتأمله ، فإنه سر بديع .

فإن قلت : فما الفائدة في ذكر على في ذلك أيضا ؟ وكيف يكون المؤمن مستعليا على الحق ، وعلى الهدى ؟ .

[ ص: 40 ] قلت : لما فيه من استعلائه وعلوه بالحق والهدى ، مع ثباته عليه ، واستقامته إليه ، فكان في الإتيان بأداة " على " ما يدل على علوه وثبوته واستقامته ، وهذا بخلاف الضلال والريب ، فإنه يؤتى فيه بأداة " في " الدالة على انغماس صاحبه ، وانقماعه وتدسسه فيه ، كقوله تعالى فهم في ريبهم يترددون وقوله والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات وقوله فذرهم في غمرتهم حتى حين وقوله وإنهم لفي شك منه مريب .

وتأمل قوله تعالى وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين فإن طريق الحق تأخذ علوا صاعدة بصاحبها إلى العلي الكبير ، وطريق الضلال تأخذ سفلا ، هاوية بسالكها في أسفل سافلين .

وفي قوله تعالى قال هذا صراط علي مستقيم قول ثالث ، وهو قول الكسائي إنه على التهديد والوعيد ، نظير قوله إن ربك لبالمرصاد كما قال : تقول طريقك علي ، وممرك علي ، لمن تريد إعلامه بأنه غير فائت لك ، ولا معجز ، والسياق يأبى هذا ، ولا يناسبه لمن تأمله ، فإنه قاله مجيبا لإبليس الذي قال لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين فإنه لا سبيل لي إلى إغوائهم ، ولا طريق لي عليهم .

فقرر الله عز وجل ذلك أتم التقرير ، وأخبر أن الإخلاص صراط عليه مستقيم ، [ ص: 41 ] فلا سلطان لك على عبادي الذين هم على هذا الصراط ، لأنه صراط علي ، ولا سبيل لإبليس إلى هذا الصراط ، ولا الحوم حول ساحته ، فإنه محروس محفوظ بالله ، فلا يصل عدو الله إلى أهله .

فليتأمل العارف هذا الموضع حق التأمل ، ولينظر إلى هذا المعنى ، ويوازن بينه وبين القولين الآخرين ، أيهما أليق بالآيتين ، وأقرب إلى مقصود القرآن وأقوال السلف ؟ .

وأما تشبيه الكسائي له بقوله إن ربك لبالمرصاد فلا يخفى الفرق بينهما سياقا ودلالة ، فتأمله ، ولا يقال في التهديد : هذا طريق مستقيم علي ، لمن لا يسلكه ، وليست سبيل المهدد مستقيمة ، فهو غير مهدد بصراط الله المستقيم ، وسبيله التي هو عليها ليست مستقيمة على الله ، فلا يستقيم هذا القول البتة .

وأما من فسره بالوجوب ، أي علي بيان استقامته والدلالة عليه ، فالمعنى صحيح ، لكن في كونه هو المراد بالآية نظر ، لأنه حذف في غير موضع الدلالة ، ولم يؤلف الحذف المذكور ليكون مدلولا عليه إذا حذف ، بخلاف عامل الظرف إذا وقع صفة فإنه حذف مألوف معروف ، حتى إنه لا يذكر البتة ، فإذا قلت : له درهم علي ، كان الحذف معروفا مألوفا ، فلو أردت : علي نقده ، أو علي وزنه وحفظه ، ونحو ذلك وحذفت لم يسغ ، وهو نظير : علي بيانه المقدر في الآية ، مع أن الذي قاله السلف أليق بالسياق ، وأجل المعنيين وأكبرهما .

وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية رضي الله عنه يقول : وهما نظير [ ص: 42 ] قوله تعالى إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى قال : فهذه ثلاثة مواضع في القرآن في هذا المعنى .

قلت : وأكثر المفسرين لم يذكر في سورة " والليل إذا يغشى " إلا معنى الوجوب ، أي علينا بيان الهدى من الضلال ، ومنهم من لم يذكر في سورة النحل إلا هذا المعنى كالبغوي ، وذكر في الحجر الأقوال الثلاثة ، وذكر الواحدي في بسيطه المعنيين في سورة النحل ، واختار شيخنا قول مجاهد و الحسن في السور الثلاث .











آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 03:47 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

فصل رفيق طالب الصراط المستقيم هم الذين أنعم الله عليهم







ولما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه ، مريدا لسلوك طريق مرافقه فيها في غاية القلة والعزة ، والنفوس مجبولة على وحشة التفرد ، وعلى الأنس بالرفيق ، نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق ، وأنهم هم الذينأنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له ، وهم الذين أنعم الله عليهم ، ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبني جنسه ، وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم ، فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له ، فإنهم هم الأقلون قدرا ، [ ص: 46 ] وإن كانوا الأكثرين عددا ، كما قال بعض السلف : " عليك بطريق الحق ، ولا تستوحش لقلة السالكين ، وإياك وطريق الباطل ، ولا تغتر بكثرة الهالكين " ، وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق ، واحرص على اللحاق بهم ، وغض الطرف عمن سواهم ، فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ، وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم ، فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك .

وقد ضربت لذلك مثلين ، فليكونا منك على بال :

المثل الأول : رجل خرج من بيته إلى الصلاة ، لا يريد غيرها ، فعرض له في طريقه شيطان من شياطين الإنس ، فألقى عليه كلاما يؤذيه ، فوقف ورد عليه ، وتماسكا ، فربما كان شيطان الإنس أقوى منه ، فقهره ، ومنعه عن الوصول إلى المسجد ، حتى فاتته الصلاة ، وربما كان الرجل أقوى من شيطان الإنس ، ولكن اشتغل بمهاوشته عن الصف الأول ، وكمال إدراك الجماعة ، فإن التفت إليه أطمعه في نفسه ، وربما فترت عزيمته ، فإن كان له معرفة وعلم زاد في السعي والجمز بقدر التفاته أو أكثر ، فإن أعرض عنه واشتغل لما هو بصدده ، وخاف فوت الصلاة أو الوقت لم يبلغ عدوه منه ما شاء .

المثل الثاني : الظبي أشد سعيا من الكلب ، ولكنه إذا أحس به التفت إليه فيضعف سعيه ، فيدركه الكلب فيأخذه .

والقصد : أن في ذكر هذا الرفيق ما يزيل وحشة التفرد ، ويحث على السير والتشمير للحاق بهم .

وهذه إحدى الفوائد في دعاء القنوت " اللهم اهدني فيمن هديت " أي أدخلني في هذه الزمرة ، واجعلني رفيقا لهم ومعهم .

والفائدة الثانية : أنه توسل إلى الله بنعمه وإحسانه إلى من أنعم عليه بالهداية أي قد أنعمت بالهداية على من هديت ، وكان ذلك نعمة منك ، فاجعل لي نصيبا من هذه النعمة ، واجعلني واحدا من هؤلاء المنعم عليهم ، فهو توسل إلى الله بإحسانه .

[ ص: 47 ] والفائدة الثالثة : كما يقول السائل للكريم : تصدق علي في جملة من تصدقت عليهم ، وعلمني في جملة من علمته ، وأحسن إلي في جملة من شملته بإحسانك .







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 03:49 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين



فصل
اشتمال الفاتحة على أنواع التوحيد

في اشتمال هذه السورة على أنواع التوحيد الثلاثة التي اتفقت عليها الرسل صلوات الله وسلامه عليهم .

التوحيد نوعان : نوع في العلم والاعتقاد ، ونوع في الإرادة والقصد ، ويسمى الأول : التوحيد العلمي ، والثاني : التوحيد القصدي الإرادي ، لتعلق الأول بالأخبار والمعرفة ، والثاني بالقصد والإرادة ، وهذا الثاني أيضا نوعان : توحيد في الربوبية ، وتوحيد في الإلهية ، فهذه ثلاثة أنواع .

فأما توحيد العلم : فمداره على إثبات صفات الكمال ، وعلى نفي التشبيه والمثال ، [ ص: 49 ] والتنزيه عن العيوب والنقائص ، وقد دل على هذا شيئان : مجمل ، ومفصل .

أما المجمل : فإثبات الحمد له سبحانه ، وأما المفصل : فذكر صفة الإلهية والربوبية ، والرحمة والملك ، وعلى هذه الأربع مدار الأسماء والصفات .

فأما تضمن الحمد لذلك : فإن الحمد يتضمن مدح المحمود بصفات كماله ، ونعوت جلاله ، مع محبته والرضا عنه ، والخضوع له ، فلا يكون حامدا من جحد صفات المحمود ، ولا من أعرض عن محبته والخضوع له ، وكلما كانت صفات كمال المحمود أكثر كان حمده أكمل ، وكلما نقص من صفات كماله نقص من حمده بحسبها ، ولهذا كان الحمد كله لله حمدا لا يحصيه سواه ، لكمال صفاته وكثرتها ، ولأجل هذا لا يحصي أحد من خلقه ثناء عليه ، لما له من صفات الكمال ، ونعوت الجلال التي لا يحصيها سواه ، ولهذا ذم الله تعالى آلهة الكفار ، وعابها بسلب أوصاف الكمال عنها ، فعابها بأنها لا تسمع ولا تبصر ، ولا تتكلم ولا تهدي ، ولا تنفع ولا تضر ، وهذه صفة إله الجهمية ، التي عاب بها الأصنام ، نسبوها إليه ، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا ، فقال تعالى حكاية عن خليله إبراهيم عليه السلام في محاجته لأبيه
ياأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا فلو كان إله إبراهيم بهذه الصفة والمثابة لقال له آزر : وأنت إلهك بهذه المثابة ، فكيف تنكر علي ؟ لكن كان مع شركه أعرف بالله من الجهمية ، وكذلك كفار قريش كانوا مع شركهم مقرين بصفات الصانع سبحانه وعلوه على خلقه ، وقال تعالى واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين فلو كان إله الخلق سبحانه كذلك لم يكن في هذا إنكار عليهم ، واستدلال على بطلان الإلهية بذلك .

فإن قيل : فالله تعالى لا يكلم عباده .

[ ص: 50 ] قيل : بلى ، قد كلمهم ، فمنهم من كلمه الله من وراء حجاب ، منه إليه بلا واسطة كموسى ، ومنهم من كلمه الله على لسان رسوله الملكي ، وهم الأنبياء ، وكلم الله سائر الناس على ألسنة رسله ، فأنزل عليهم كلامه الذي بلغته رسله عنه ، وقالوا لهم : هذا كلام الله الذي تكلم به ، وأمرنا بتبليغه إليكم ، ومن هاهنا قال السلف : من أنكر كون الله متكلما فقد أنكر رسالة الرسل كلهم ، لأن حقيقتها تبليغ كلامه الذي تكلم به إلى عباده ، فإذا انتفى كلامه انتفت الرسالة ، وقال تعالى في سورة طه عن السامري
فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ورجع القول : هو التكلم والتكليم ، وقال تعالى وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم فجعل نفي صفة الكلام موجبا لبطلان الإلهية ، وهذا أمر معلوم بالفطر والعقول السليمة والكتب السماوية : أن فاقد صفات الكمال لا يكون إلها ، ولا مدبرا ، ولا ربا ، بل هو مذموم ، معيب ناقص ، ليس له الحمد ، لا في الأولى ، ولا في الآخرة ، وإنما الحمد في الأولى والآخرة لمن له صفات الكمال ، ونعوت الجلال ، التي لأجلها استحق الحمد ، ولهذا سمى السلف كتبهم التي صنفوها في السنة وإثبات صفات الرب وعلوه على خلقه وكلامه وتكليمه توحيدا ، لأن نفي ذلك وإنكاره والكفر به إنكار للصانع وجحد له ، وإنما توحيده : إثبات صفات كماله ، وتنزيهه عن التشبيه والنقائص ، فجعل المعطلة جحد الصفات وتعطيل الصانع عنها توحيدا ، وجعلوا إثباتها لله تشبيها وتجسيما وتركيبا ، فسموا الباطل باسم الحق ، ترغيبا فيه ، وزخرفا ينفقونه به ، وسموا الحق باسم الباطل تنفيرا عنه ، والناس أكثرهم مع ظاهر السكة ، ليس لهم نقد النقاد من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا والمحمود لا يحمد على العدم والسكوت البتة ، إلا إذا كانت سلب عيوب ونقائص ، تتضمن إثبات أضدادها من الكمالات الثبوتية ، وإلا فالسلب المحض لا حمد فيه ، ولا [ ص: 51 ] مدح ولا كمال .

وكذلك حمده لنفسه على عدم اتخاذ الولد المتضمن لكمال صمديته وغناه وملكه ، وتعبيد كل شيء له ، فاتخاذ الولد ينافي ذلك ، كما قال تعالى
قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض .

وحمد نفسه على عدم الشريك ، المتضمن تفرده بالربوبية والإلهية ، وتوحده بصفات الكمال التي لا يوصف بها غيره ، فيكون شريكا له ، فلو عدمها لكان كل موجود أكمل منه ، لأن الموجود أكمل من المعدوم ، ولهذا لا يحمد نفسه سبحانه بعدم إلا إذا كان متضمنا لثبوت كمال ، كما حمد نفسه بكونه لا يموت لتضمنه كمال حياته ، وحمد نفسه بكونه لا تأخذه سنة ولا نوم ، لتضمن ذلك كمال قيوميته ، وحمد نفسه بأنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، لكمال علمه وإحاطته ، وحمد نفسه بأنه لا يظلم أحدا ، لكمال عدله وإحسانه ، وحمد نفسه بأنه لا تدركه الأبصار ، لكمال عظمته ، يرى ولا يدرك ، كما أنه يعلم ولا يحاط به علما ، فمجرد نفي الرؤية ليس بكمال ؛ لأن العدم لا يرى ، فليس في كون الشيء لا يرى كمال البتة ، وإنما الكمال في كونه لا يحاط به رؤية ولا إدراكا ، لعظمته في نفسه ، وتعاليه عن إدراك المخلوق له ، وكذلك حمد نفسه بعدم الغفلة والنسيان ، لكمال علمه .

فكل سلب في القرآن حمد الله به نفسه فلمضادته لثبوت ضده ، ولتضمنه كمال ثبوت ضده .

فعلمت أن حقيقة الحمد تابعة لثبوت أوصاف الكمال ، وأن نفيها نفي لحمده ، ونفي الحمد مستلزم لثبوت ضده .









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 03:51 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين



فصل اسم الله يدل على الصفة بمفردها ويدل على الذات المجردة

الأصل الثاني : أن الاسم من أسمائه تبارك وتعالى كما يدل على الذات والصفة التي اشتق منها بالمطابقة ، فإنه يدل عليه دلالتين أخريين بالتضمن واللزوم ، فيدل على الصفة بمفردها بالتضمن ، وكذلك على الذات المجردة عن الصفة ، ويدل على الصفة الأخرى باللزوم ، فإن اسم السميع يدل على ذات الرب وسمعه بالمطابقة ، وعلى الذات وحدها ، وعلى السمع وحده بالتضمن ، ويدل على اسم الحي وصفة الحياة بالالتزام ، وكذلك سائر أسمائه وصفاته ، ولكن يتفاوت الناس في معرفة اللزوم وعدمه ، ومن هاهنا [ ص: 55 ] يقع اختلافهم في كثير من الأسماء والصفات والأحكام ، فإن من علم أن الفعل الاختياري لازم للحياة ، وأن السمع والبصر لازم للحياة الكاملة ، وأن سائر الكمال من لوازم الحياة الكاملة أثبت من أسماء الرب وصفاته وأفعاله ما ينكره من لم يعرف لزوم ذلك ، ولا عرف حقيقة الحياة ولوازمها ، وكذلك سائر صفاته .

فإن اسم العظيم له لوازم ينكرها من لم يعرف عظمة الله ولوازمها .

وكذلك اسم العلي ، واسم الحكيم وسائر أسمائه ، فإن من لوازم اسم العلي العلو المطلق بكل اعتبار ، فله العلو المطلق من جميع الوجوه : علو القدر ، وعلو القهر ، وعلو الذات ، فمن جحد علو الذات فقد جحد لوازم اسمه العلي .

وكذلك اسمه الظاهر من لوازمه : أن لا يكون فوقه شيء ، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " وأنت الظاهر فليس فوقك شيء " بل هو سبحانه فوق كل شيء ، فمن جحد فوقيته سبحانه فقد جحد لوازم اسمه الظاهر ، ولا يصح أن يكون الظاهر هو من له فوقية القدر فقط ، كما يقال : الذهب فوق الفضة ، والجوهر فوق الزجاج; لأن هذه الفوقية تتعلق بالظهور ، بل قد يكون المفوق أظهر من الفائق فيها ، ولا يصح أن يكون ظهور القهر والغلبة فقط ، وإن كان سبحانه ظاهرا بالقهر والغلبة ، لمقابلة الاسم ب " الباطن " وهو الذي ليس دونه شيء ، كما قابل الأول الذي ليس قبله شيء ، ب " الآخر " الذي ليس بعده شيء .

وكذلك اسم " الحكيم " من لوازمه ثبوت الغايات المحمودة المقصودة له بأفعاله ، ووضعه الأشياء في موضعها ، وإيقاعها على أحسن الوجوه ، فإنكار ذلك إنكار لهذا الاسم ولوازمه ، وكذلك سائر أسمائه الحسنى .













آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 03:53 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين



فصل ارتباط الخلق بأسماء الله


وتأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة ، وهي الله ، والرب ، والرحمن كيف نشأ عنها الخلق ، والأمر ، والثواب ، والعقاب ؟ وكيف جمعت الخلق وفرقتهم ؟ فلها الجمع ، ولها الفرق .

[ ص: 58 ] فاسم الرب له الجمع الجامع لجميع المخلوقات ، فهو رب كل شيء وخالقه ، والقادر عليه ، لا يخرج شيء عن ربوبيته ، وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته ، وتحت قهره ، فاجتمعوا بصفة الربوبية ، وافترقوا بصفة الإلهية ، فألهه وحده السعداء ، وأقروا له طوعا بأنه الله الذي لا إله إلا هو ، الذي لا تنبغي العبادة والتوكل ، والرجاء والخوف ، والحب والإنابة والإخبات والخشية ، والتذلل والخضوع إلا له .

وهنا افترق الناس ، وصاروا فريقين : فريقا مشركين في السعير ، وفريقا موحدين في الجنة .

فالإلهية هي التي فرقتهم ، كما أن الربوبية هي التي جمعتهم .

فالدين والشرع ، والأمر والنهي مظهره ، وقيامه من صفة الإلهية ، والخلق والإيجاد والتدبير والفعل من صفة الربوبية ، والجزاء بالثواب والعقاب والجنة والنار من صفة الملك ، وهو ملك يوم الدين ، فأمرهم بإلهيته ، وأعانهم ووفقهم وهداهم وأضلهم بربوبيته ، وأثابهم وعاقبهم بملكه وعدله ، وكل واحدة من هذه الأمور لا تنفك عن الأخرى .

وأما الرحمة فهي التعلق ، والسبب الذي بين الله وبين عباده ، فالتأليه منهم له ، والربوبية منه لهم ، والرحمة سبب واصل بينه وبين عباده ، بها أرسل إليهم رسله ، وأنزل عليهم كتبه ، وبها هداهم ، وبها أسكنهم دار ثوابه ، وبها رزقهم وعافاهم وأنعم عليهم ، فبينهم وبينه سبب العبودية ، وبينه وبينهم سبب الرحمة .

واقتران ربوبيته برحمته كاقتران استوائه على عرشه برحمته ، ف
الرحمن على العرش استوى مطابق لقوله رب العالمين الرحمن الرحيم فإن شمول الربوبية وسعتها بحيث لا يخرج شيء عنها أقصى شمول الرحمة وسعتها ، فوسع كل شيء برحمته وربوبيته ، مع أن في كونه ربا للعالمين ما يدل على علوه على خلقه ، وكونه فوق كل شيء ، كما يأتي بيانه إن شاء الله .













آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 03:54 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين


















فصل : في مراتب الهداية الخاصة والعامة ، وهي عشر مراتب :

في مراتب الهداية الخاصة والعامة ، وهي عشر مراتب :

المرتبة الأولى : مرتبة تكليم الله عز وجل لعبده يقظة بلا واسطة ، بل منه إليه ، وهذه أعلى مراتبها ، كما كلم موسى بن عمران ، صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه ، قال الله تعالى وكلم الله موسى تكليما فذكر في أول الآية وحيه إلى نوح والنبيين من بعده ، ثم خص موسى من بينهم بالإخبار بأنه كلمه ، وهذا يدل على أن التكليم الذي حصل له أخص من مطلق الوحي الذي ذكر في أول الآية ، ثم أكده بالمصدر الحقيقي الذي هو مصدر كلم وهو التكليم رفعا لما يتوهمه المعطلةوالجهمية والمعتزلة وغيرهم [ ص: 61 ] من أنه إلهام ، أو إشارة ، أو تعريف للمعنى النفسي بشيء غير التكليم ، فأكده بالمصدر المفيد تحقيق النسبة ورفع توهم المجاز ، قال الفراء : العرب تسمي ما يوصل إلى الإنسان كلاما بأي طريق وصل ، ولكن لا تحققه بالمصدر ، فإذا حققته بالمصدر لم يكن إلا حقيقة الكلام ، كالإرادة ، يقال : فلان أراد إرادة ، يريدون حقيقة الإرادة ، ويقال : أراد الجدار ، ولا يقال : إرادة ، لأنه مجاز غير حقيقة ، هذا كلامه ، وقال تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك وهذا التكليم غير التكليم الأول الذي أرسله به إلى فرعون ، وفي هذا التكليم الثاني سأل النظر لا في الأول ، وفيه أعطي الألواح ، وكان عن مواعدة من الله له ، والتكليم الأول لم يكن عن مواعدة ، وفيه قال الله له ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي أي بتكليمي لك بإجماع السلف .

وقد أخبر سبحانه في كتابه أنه ناداه وناجاه ، فالنداء من بعد ، والنجاء من قرب ، تقول العرب : إذا كبرت الحلقة فهو نداء ، أو نجاء ، وقال له أبوه آدم في محاجته : أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك التوراة بيده ؟ ، وكذلك يقول له أهل [ ص: 62 ] الموقف إذا طلبوا منه الشفاعة إلى ربه ، وكذلك في حديث الإسراء في رؤية موسى في السماء السادسة أو السابعة على اختلاف الرواية ، قال : وذلك بتفضيله بكلام الله ، ولو كان التكليم الذي حصل له من جنس ما حصل لغيره من الأنبياء لم يكن لهذا التخصيص له في هذه الأحاديث معنى ، ولا كان يسمى كليم الرحمن وقال تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ففرق بين تكليم الوحي ، والتكليم بإرسال الرسول ، والتكليم من وراء حجاب .









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 03:56 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين














فصل المرتبة الثانية مرتبة الوحي المختص بالأنبياء

قال الله تعالى إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وقال وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب الآية ، فجعل الوحي في هذه الآية قسما من أقسام التكليم ، وجعله في آية النساء قسيما للتكليم ، وذلك باعتبارين ، فإنه قسيم التكليم الخاص الذي هو بلا واسطة ، وقسم من التكليم العام الذي هو إيصال المعنى بطرق متعددة .

والوحي في اللغة هو الإعلام السريع الخفي ، ويقال في فعله : وحى ، وأوحى ، [ ص: 63 ] قال رؤبة :



وحى لها القرار فاستقرت
. وهو أقسام ، كما سنذكره .

فصل المرتبة الثالثة إرسال الرسول الملكي إلى الرسول البشري

فيوحى إليه عن الله ما أمره أن يوصله إليه .

فهذه المراتب الثلاث خاصة بالأنبياء لا تكون لغيرهم .

ثم هذا الرسول الملكي قد يتمثل للرسول البشري رجلا ، يراه عيانا ويخاطبه ، وقد يراه على صورته التي خلق عليها ، وقد يدخل فيه الملك ، ويوحي إليه ما يوحيه ، ثم يفصم عنه ، أي يقلع ، والثلاثة حصلت لنبينا صلى الله عليه وسلم .

فصل المرتبة الرابعة مرتبة التحديث

وهذه دون مرتبة الوحي الخاص ، وتكون دون مرتبة الصديقين ، كما كانت ل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إنه كان في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يكن في هذه الأمة فعمر بن الخطاب .

وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يقول : جزم بأنهم كائنون في الأمم قبلنا ، وعلق وجودهم في هذه الأمة ب " إن " الشرطية ، مع أنها أفضل الأمم ، لاحتياج الأمم قبلنا إليهم ، واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته ، فلم يحوج الله الأمة بعده إلى محدث ولا ملهم ، ولا صاحب كشف ولا منام ، فهذا التعليق لكمال الأمة واستغنائها لا لنقصها .

والمحدث : هو الذي يحدث في سره وقلبه بالشيء ، فيكون كما يحدث به .

[ ص: 64 ] قال شيخنا : والصديق أكمل من المحدث ، لأنه استغنى بكمال صديقيته ومتابعته عن التحديث والإلهام والكشف ، فإنه قد سلم قلبه كله وسره وظاهره وباطنه للرسول ، فاستغنى به عما منه .

قال : وكان هذا المحدث يعرض ما يحدث به على ما جاء به الرسول ، فإن وافقه قبله ، وإلا رده ، فعلم أن مرتبة الصديقية فوق مرتبة التحديث .

قال : وأما ما يقوله كثير من أصحاب الخيالات والجهالات : حدثني قلبي عن ربي ، فصحيح أن قلبه حدثه ، ولكن عمن ؟ عن شيطانه ، أو عن ربه ؟ فإذا قال : حدثني قلبي عن ربي ، كان مسندا الحديث إلى من لم يعلم أنه حدثه به ، وذلك كذب ، قال : ومحدث الأمة لم يكن يقول ذلك ، ولا تفوه به يوما من الدهر ، وقد أعاذه الله من أن يقول ذلك ، بل كتب كاتبه يوما : هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فقال : لا ، امحه واكتب : هذا ما رأى عمر بن الخطاب ، فإن كان صوابا فمن الله ، وإن كان خطأ فمن عمر والله ورسوله منه بريء ، وقال في الكلالة : أقول فيها برأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، فهذا قول المحدث بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنت ترى الاتحادي والحلولي والإباحي الشطاح ، والسماعي مجاهرا بالقحة والفرية ، يقول : " حدثني قلبي عن ربي " .

فانظر إلى ما بين القائلين والمرتبتين والقولين والحالين ، وأعط كل ذي حق حقه ، ولا تجعل الزغل والخالص شيئا واحدا .

فصل المرتبة الخامسة مرتبة الإفهام

قال الله تعالى وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما فذكر هذين النبيين الكريمين ، وأثنى عليهما بالعلم والحكم ، وخص سليمان بالفهم في هذه الواقعة المعينة ، وقال علي بن أبي طالب وقد سئل " هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس ؟ " فقال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه ، وما في هذه [ ص: 65 ] الصحيفة ، وكان فيها العقل ، وهو الديات ، وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر " ، وفي كتاب عمر بن الخطاب ل أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما : والفهم الفهم فيما أدلي إليك ، فالفهم نعمة من الله على عبده ، ونور يقذفه الله في قلبه ، يعرف به ، ويدرك ما لا يدركه غيره ولا يعرفه ، فيفهم من النص ما لا يفهمه غيره ، مع استوائهما في حفظه ، وفهم أصل معناه .

فالفهم عن الله ورسوله عنوان الصديقية ، ومنشور الولاية النبوية ، وفيه تفاوتت مراتب العلماء ، حتى عد ألف بواحد ، فانظر إلى فهم ابن عباس وقد سأله عمر ، ومن حضر من أهل بدر وغيرهم عن سورة إذا جاء نصر الله والفتح وما خص به ابن عباس من فهمه منها أنها نعي الله سبحانه نبيه إلى نفسه وإعلامه بحضور أجله ، وموافقة عمر له على ذلك ، وخفائه عن غيرهما من الصحابة وابن عباس إذ ذاك أحدثهم سنا ، وأين تجد في هذه السورة الإعلام بأجله ، لولا الفهم الخاص ؟ ويدق هذا حتى يصل إلى مراتب تتقاصر عنها أفهام أكثر الناس ، فيحتاج مع النص إلى غيره ، ولا يقع الاستغناء بالنصوص في حقه ، وأما في حق صاحب الفهم فلا يحتاج مع النصوص إلى غيرها .










آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:34 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator