العودة   شبكة صدفة > المنتديات الادبية > القصص والروايات

القصص والروايات قصص و روايات يختص بالقصص بشتى أنواعها : قصص حب غرامية، قصص واقعية , قصص خيالية , قصص حزينة , قصص غريبة , قصص تائبين , قصص رومانسية , قصص دينية , قصص خليجية طويلة ,روايات و حكايات شعبية, حكايا و قصص شعبية , الادب الشعبي, قصص مغامرات اكشن واقعية, قصص الانبياء, قصص قصيرة حقيقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 07-27-2010, 02:09 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الوعد الصادق

الصورة الرمزية الوعد الصادق

إحصائية العضو







الوعد الصادق غير متواجد حالياً

 

افتراضي الحروف الأولى

الحروف الأولى

وفيما هو بين النائم واليقظان، يلمح عارف طفلاً في ضباب الحلم. يلثغ حروف الأبجدية للمرة الأولى. وتندلع رائحة الطبشور طرية في أنفه. السبورة سوداء كالفحم وأصابعه الطفلة تمسك بقلم الطباشير الأبيض، تملأ السواد بحروف تمحوها حروف، ثم تمر عليها جميعاً ممحاة الدهر.‏

تذكر الأمكنة وتذكر وجوه المعلمين والأطفال. إلا أن إطار الذكرى هزته يد الزمن. وأصبح أكثر عتمة. عتمة الذاكرة وعتمة السبورة، وعتمة الدهر، كأنما هو شهاب مسافر يضيء الليل، ويسقط صريعاًَ بدم يستحيل إلى أبجدية من ضوء.‏

يتلفت إلى الوراء السحيق فيرى أمه تقوده من معصمه إلى المدرسة لأول مرة.‏

قضى سنة في "الخجة" عند الشيخ كامل، كان يتعاون هو وزوجته على تحفيظ القرآن للأطفال في بيتهما العربي المزنر بأحواض النارنج والياسمين، والمسقوف بعرائش العنب البلدي. لم يكن هناك، من مقاعد خشبية، الأطفال يجلسون على الجلود الصوفية والبسط، ويلقنون السور الأولى حفظاً عن ظهر قلب بدون أن يفقهوا معناها. كانت موسيقى السور وجسدها الصوتي هي التي تخاطبهم وتستقر في الذاكرة عن طريق الذوق.‏

وعصا الشيخ كامل ما زالت تخدش الهواء باهتزازاتها، ونظارتاه معلقتان في فضاء الذاكرة تحت عمامة مقصبة.‏

بعد ما يقارب النصف قرن، وفي ساحة الزينبية، الحي الذي نشأ فيه، صادف "الخجة" زوجة الشيخ كامل بملاءتها ووجها الياسميني البض دون تجاعيد، وهو يهبط إلى المدينة من بيته القديم. تذكرها على التو، إلا أنها مرت به، وأرخت منديلها على ذلك الوجه الذي أطل عليه من الذاكرة، وغيبته عن عينيه حركة من يدها، جعلت المكشوف محجوباً. عينا الطفل تسكنان في عيني الرجل، كيف ينكشف لرؤيا الطفل ما ينحجب عن أعين الرجل في رحاب العمر بين طفولة وكهولة؟.‏

"الخجة" أو الخوجا، كلمة تعني بالتركية والكردية وربما الفارسية "المعلم". وهي مرحلة مبكرة من نظام الكتاتيب. تزرع في الذاكرة من خلال السمع لا العين الأصوات الأولى.‏

ينتقل إلى مدرسة "الطشتي" التي كانت عبارة عن قاعة واسعة نسبياً، ومزنرة بشبابيك لا بلور لها، تحجزها شبكات حديدية وأبواب خشبية عن السوق الذي يعج بالمارة، ودكاكين المتعيشين من سمّانة وخضرية وسمكرية وما شاكل، تؤدي خدماتها اليومية والضرورية لأهل الحي.‏

البناء بناء حجري، وهو على الطراز المملوكي، وأحجاره الصفراء الذهبية مكعبة بحجم كبير تقارب المتر المربع وكانت القاعة تابعة للأوقاف. كما كانت المدرسة أيضاً، وهي أرقى درجة من الكتاب، تحفظ القرآن، ولكنها تهتم أيضاً بالكتابة والقراءة. ومقاعدها ليست بسطاً وجلوداً، إنها دفوف خشبية طويلة بحجم القاعة، وعريضة تصلح لجلوس الأطفال عليها، تسندها ركائز من تنكات فارغة أو دعامات من حجر أو خشب أو إسمنت مرفوعة عن الأرض بما يكفي أن تتدلى أقدام الأطفال منها، على حين أن وجوههم تطل صورة واحدة على الشيخ في صدر القاعة الذي يقوم بالتعليم من على شرف خشبي.‏

كانت جبة الشيخ لا تخفي كرشه المنتفخ المدور، وقامته القصيرة تبدأ بوجه قبيح مجدر وعينين غطى زواياهما العمش، وشفتين غليظتين تنمان عن القسوة بأسنان صفراء من التدخين، وصوت أجش يوحي بالرعب والخوف.‏

كان شيخ الطشتي يقف في صدر القاعة وبيده "معسفة".. أو مصطيجة، عصا صلبة قوية تصل من المنبر إلى أقصى صف من صفوف الطلاب في القاعة. ومن خلالها كان الشيخ يضبط العدد الكبير من الصبية ويعاقبهم بالنقر على رؤوسهم بعصاه الطويلة إذا حدّثتهم أنفسهم بالشغب وعدم الاكتراث لما يحفّظهم إياه من منبره.‏

لم يبق في الذاكرة غير وجه الشيخ المجدر وعصاه الطويلة تنهال على أم الرأس بضربات سريعة ما تزال اهتزازاتها تذهب بالحروف وتحيل العين إلى سبورة سوداء مضرجة بالحمرة، والذاكرة إلى فجوة معتمة تنعرها عصا الشيخ.‏

يفلت عارف من يد القابضة على يده، ويصير رجلاً يلعب لعبة الحياة والموت ويغامر في أرض مجهولة ليرحل في أغوار الذاكرة إلى الوجوه الأولى التي ارتسمت وما تزال عالقة في ا لبال لوحات ترفض أن تسقط منه سقوطها الأخير.‏

إلا أن يد أمه تعود فتقبض على يده بحزم، وتقوده إلى المدرسة الابتدائية الرسمية. المدرسة "الصاحبة" التي سبقه إليها أخوه الأكبر. هي التي فتحت ذهنه الغض على خارطة العالم، ومعارفه الجديدة.‏

لم يسجل فٚ المدرسة الرسمية وفي النصف الأول إلا حين بلغ السنة الثامنة من عمره، وأمه لا والده هي التي سجلته ليصبح تلميذاً في مدرسة "الصاحبة". وهي مدرسة قديمة من زمن الأيوبيين وعلى أسم "خاتون" أخت صلاح الدين، أصبحت تابعة لوزارة المعارف بعد إدخال النظام التعليمي الجديد حسب المناهج الحديثة.‏

من نظام الكتاب إلى نظام المدرسة، عالمان مختلفان وخطابان ينتميان إلى أنساقٍ تربوية مختلفة.‏

الأستاذ فهمي بقامته القصيرة وطربوشه الخمري الطويل ووجهه المثلث بعينين زرقاوين ضيقتين. يدخله إلى الصف الأول وأم عارف تلهج بالشكر، وهي ترخي قبضتها عن معصم عارف ليقوده الأستاذ فهمي إلى قاعة الدرس والرحالي الخشبية ذات الأدراج.‏

يتدلى الثوب من كتفه وهو محفظة من القماش بحمّالة تثقل كاهل الطفولة بالكتب.‏

إلا أن النهر الذي تطل عليه شبابيك المدرسة يجري في البال مخضراً ويتعرج مع السفوح الصخرية لقاسيون ويترك فيها عشباً وشجراً وتغريداً يجعل من الحياة نهراً آخر.‏

يسمع عارف أصواتاً تأتي إليه من البعيد: إياك والحياة، إياك والفعل، سيطر على النفس إلى حد القتل. إياكم من تمرد الشيطان. كأنما كانت هي المعادلة لهذا المجتمع الذي يتمسح بالقناعة ويمارس الطمع. يتشبث بالحياة ويعاقر الموت ويصبح الشيطان غطاء لكل ما ينبع من الطبيعة والنفس من مبادرات عفوية وجميلة. نمط الأخلاق المسيطر هو أن تبقى حيث أنت، ولا تتحرك، ألا تفكر وتفعل، بل تجتر وتردد: القناعة كنز لا يفنى ولكن بشكل مقلوب. الحياة هي التي تفنى في حضور قناعة زائفة، يمارسها الإنسان في ظل قيم هي قشور القيم الحقيقية التي تحرك الحياة والإنسان وتجعل منهما مواسم وغلالاً وعطاءات.‏

ها هو طفل لا يتجاوز الثانية عشرة حينما انشقت المدرسة مدرستين. ازداد عدد الطلاب، فولدت المدرسة مدرسة، وانسلت الخلية من الخلية مدرسة الصاحبة ولدت مدرسة الرشيد التي تعلم الطلبة إلى حدود الشهادة الابتدائية.‏

لكن المدير الجديد الذي عينته وزارة المعارف لم ينظر إلى ولادة مدرسة الرشيد كحدث تنموي، ولادة خلية من خلية. بل نظر إليه كورم طلابي استدعى أن يفرز كل الطلاب المشاغبين إلى المدرسة الجديدة.‏

وإن مدير مدرسة "الصاحبة" القديمة، أراد أن يتخلص من هؤلاء المشاغبين فتقدم من وزارة المعارف يطلب التوسع إلى مدرسة الرشيد الجديدة.‏

ولما كان المدير الجديد لمدرسة الرشيد يعين مديراً لأول مرة فكان لابدّ لـه من أن يسيء الظن ويمارس الحزم. كان عارف في الصف الرابع الابتدائي، وكان المدير الجديد بالإضافة إلى واجب الإدارة يعلم اللغة العربية الاستظهار والمطالعة والإنشاء، وهو شركسي يتقن اللغة إتقاناً ملفتاً، ويحبها حباً حميماً. وإذا كانت اللغة العربية قد تيمت سيبويه وأبو علي الفارسي وبشار وأبو نواس ومهيار الديلمي وشوقي محمود سامي باشا البارودي فليس بدعاً أنها تيمت فوزي تسي المدير الذي كان إذا ألقيت الإبرة في ساحة مدرسته كانت ترن عن بعد.‏

ويذكر أنه تعلم من هذا المدير الشيء الكثير من قواعد الإعراب وإجراءاته، لكنه كان مطالباً بأن يحفظها صماً ويبصمها بصماً دون أن يعي خلفياتها في المخيلة والمعنى.‏

إذا: شرط لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه.. وهكذا.‏

لكنه لم يفهم معنى ذلك كلياً إلا حين انتقل إلى صفوف أعلى لا سيما في الجامعة حيث وضع إدراكه يده على سياق محركة النحو الحضاري وارتباط اللغة والنحو بجسم الأدب. الشعر الجاهلي والقرآن بصفة خاصة، ونشوء المدن وحركة الترجمة ومدارس البصرة والكوفة وبغداد وخلفياتها من قياس وسماع وارتباط ذلك كله بحركة الترجمة والفلسفة وعلم المنطق.‏

إلا أن عارف ما يزال يعبر عن علاقة حميمة بالشعر. ربما لأن فوزي تسي بالإضافة إلى النحو الذي لقنه إياه بصماً.. قدّم نماذج شعرية ما يزال يحفظها حتى الآن لجمال صياغتها وموسيقاها الصوتية وإيقاعاتها التي تزف للذوق معاني لا غرابة فيها ولا تلبيس. يذكر "عصفورة النيربين للزركلي، وقصيدة يا أم ما شكل السماء وما الضياء وما القمر" وقصيدة "غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً" لأمية ابن أبي الصلت.‏

يحفظ ذلك كله ويختزنه في الذاكرة ولا ينسى صرامة المدير وطرقه في العقاب التي كانت تبدو مبتكرة وشاذة في آن.‏

كان لدى المدير الجديد موسى على شكل سمكة فإذا أذنب الطالب ذنباً أو أهمل وقصّر في أداء واجباته المدرسية اليومية في الدروس، ينقر رأس المذنب أو المقصر بهذه الموسى نقرات مؤلمة، مؤلمة مروعة ولكنها قد تكون مؤذية.‏

كان الصغار يرتاعون لهذا العقاب المؤلم الصارم فلا يقومون بمخالفاتهم إلا إذا تيقنوا يقيناً جازماً بأنهم لن يقعوا تحت طائلة العقاب أو المسؤولية.‏

ذات يوم جاء المدير يعرج وبيده بسطون يتّكئ عليه واتجه نحو الدرج الذي يقود إلى الطابق الفوقاني وفيه غرفة الإدارة.. وحين دخل باب المدرسة وأطل على ساحتها وهي تعج بضجة الطلاب الصغار كخلية النحل، توقف الجميع لمشهد المدير المفاجئ، هذا الآمر الناهي المسيطر يعرج ويتوكأ على عصاه، وفي أذهانهم صورة واحدة لموسى على شكل سمكة تنهال على أم الرأس.‏

وحين أخذ يصعد الدرج راح عارف على أثره يقلد عرجه، فانفجر الطلاب ضاحكين.‏

التفت المدير وراءه، فرأى عارف يعرج في أثره فغضب أشد الغضب، ونادى محمود البواب فامتثل وطلب منه أن يقود عارف إلى غرفة الإدارة، وأعطى الفلق لمحمود البواب فبطح عارف أرضاً ووضع الفلق في قدميه وشبكهما وتناول المدير خيزرانة مرنة صلبة وانهال على أقدام عارف بقسوة ينتقم منه. وضحك الطلبة يزحم مخيلته. ولم ينبس المدير بغير جملة واحدة: يريدون أن يعجزوني بكم أنا أربيكم أيها المشاغبون!!‏

كانت صيحات عارف وبكاؤه تتعالى وتتسرب من باب الإدارة المفتوح والطلاب في الساحة كأن على رؤوسهم الطير شفقة على عارف وخوفاً من أن يستتبع عقابه آخرون ينتقيهم المدير من بين الجمع المرتعب. لكن المدير الحازم اكتفى بعقاب عارف ومن خلاله لقن الآخرين درساً لا ينسى.‏

تخرّج عارف من هذه المدرسة مع ثلة من الطلاب الذين طرت شواربهم، وخشنت أصواتهم، وحاز على الشهادة الابتدائية. وانتقل إلى المدرسة المتوسطة، لكنه اجتمع بالمدير في بيته حينما انقطع عن الدوام لمرضه ألم به فذهب يعوده في منزله بعد أن دبر باقة من حواضر البيت وأحواضه.. فما كان من المدير الحازم وهو في سرير المرض حين جلس عارف وهو في عيادته أن انهمرت دموعه تباعاً على وجهه المشرب بالحمرة.‏

لقد مست محبة عارف لـه شغاف قلبه فانحل جليد ا لحزم وتبخر طموح النجاح والإدارة وخرج الإنسان من الأعماق إلى السطح. فمد يده إلى يد عارف وضغط عليها بحنان كأنما يعتذر عن نقرات الموسى التي انهال بها في فترات عدة على رأسه، ويعتذر عن الفلقة إياها يوم حاكى عرجته على الدرج، فكانت محاكاة متقنة مضحكة جلبت الفرح والسعادة إلى قلوب الطلبة، والضحك إلى أفواههم.. فكل نقرة من موسى السمكة وكل ضربة خيزرانة كانت تترجم كل ضحكة بريئة أو شامتة من الطلبة الشياطين..‏

ونظر المدير الصارم في عيني الطالب المشاغب وانفرجت شفتاه عن ابتسامة عريضة لامست الضحك كأنما يتذكر براعة عارف وهو يقلد عرجه على درج الإدارة.‏

بعد أربع سنوات حاز عارف على شهادة الكفاءة واشتغل في وزارة المعارف كمعلم وكيل.. وكانت مهمته الأولى في مدرسة الرشيد التي تخرج منها. دخل على المدير الذي تذكره على الفور وأعطاه واجباته وقاده إلى الصف الذي كان عليه أن يدرسه دون أيما مشاعر شخصية.‏

لم يفاجأ عارف بتصرف المدير، هكذا كان وهكذا هي شخصيته. إلا أنه تذكر دموعه وابتسامته يوم كان يعوده وهو في سرير الوعكة.‏

لكن المفاجأة كانت حين رأى عارف في الصف الذي طلب منه المدير أن يدرسه.. رفيقاً من رفقائه بالحارة، ما يزال في الصف الخامس. دخلا المدرسة معاً. إلا أن عارف كان ينجح كل سنة بسنتها حتى تخرج من الكفاءة، بينما رفيقه كان يقضي في كل صف سنتين. فعاد عارف عليه معلماً في صف الشهادة الابتدائية.‏

إلا أن رفيق عارف هذا كان من الذكاء بمكان فلم يكمل تعليمه وأتقن خدمات تمديد الخطوط الكهربائية إلى المنازل، فاستخدمته الدولة في الأيام الحالكة لزرع أدوات التنصت على النواب والوزراء والضباط وأجزلت لـه العطاء حتى تزوج واشترى بيتاً وسيارة يوم كان عارف مشرداً في المنافي.. أو مطارداً في البراري.. أو ملاحقاً بأحكام الإعدام.‏

مرة أخيرة التقى عارف بالمدير الحازم الذي طعن في السن لكن حمرة وجهه الجركسي لم تتغير وشفتاه الصارمتان لم يفكهما امتداد الدهر..‏

كان عارف قد عاد من ا لمنفى.. فالتقى بالمدير الصارم في محلات مهنا يتبضع حلويات العيد، فاقترب منه عارف وسلم عليه، وذكره بأنه واحد من تلاميذه القدامى.‏

لكن المدير نظر إليه نظرة غائمة. واعتذر إليه.. بأنه لا يتذكر.‏

إنه الدهر يلد أبناءه ويبتلعهم بعد أن يستلب الذاكرة يا لمأساة الهرم.. هذا هو الجانب المأساوي للنسيان.. الذي يسلبك نعمة التذكر. ولكنه من جانب الإيجاب يفسح مجالاً أمام اختزان ذكريات أخرى تحل محل الذكريات القديمة كما حل المدير الجديد محل المدير القديم.. فصار الجديد قديماً ينتظر من يحل محله!!‏

وحين عاد عارف إلى مكتبة المنزل وفي باله هاجس لا يتحول، إنه مدير آخر. اسودت الدنيا في عيني عارف واحس باليباس في عروقه تتوقف دورة النهر الدموية فتموت الصور. فما قيمة هذا الألبوم؟ أليس هو عبئاً على البال؟! وما قيمة هذه المخطوطة، إنها تذكرة بالحلم الذي صار كابوساً فلا بد إذن من التخلص من كل شيء لا يستطيع أن يتخلى عن جزء منه ويترك الجزء الآخر لنخر الزمن لن يكون في أفضل الأحوال أحسن من المدير الصارم الذي كانت دعسته تهز الأرض.‏

سيدة الفانتازيا معها حق! كيف نوقظ الطفولة من الموت، كيف نعيد للنهر صورته ووجهه، لابدّ إذن من تحطيم الأغلال التي تعيق قيامة المسيح الفادي من الموت.‏

ليتعرّ من كل شيء إلا الماء، ليتعر من الصور والكلام ويدخل طقوس الينابيع لكن هيهات ذلك قبل أن تشب الحرائق. ويتحرر بالنار للوصول إلى الماء.‏

كيف للإنسان أن يفقد الذاكرة هكذا، بعد أن يكون شديداً عتيداً؟! ويربي أجيالاً ويتحمل مسؤوليتها. وتذكر عارف الموسى التي على شكل السمكة، كانت موسى صغيرة لكنها ما تزال نقراتها معلمة على رأسه. لم يقصد عارف أن يؤذي شعور المدير ولا أراد المدير أن يربي عارف بالعنف، إن عقاب الفلق كان أقسى من العقاب بالموسى لكن رهبته كانت أقوى من رهبة الفلق، لذلك كنت ترمي الإبرة في الصف لا بل في المدرسة جميعاً فتسمع رنتها، وإذا ضاعت ذاكرة المدير الحازم فما تزال في ذاكرة عارف القصائد التي كان يحفظهم إياها في مادة الاستظهار وهي من عيون الشعر القديم والحديث.‏

كان المسيحيون الأول يتخذون من رمز السمكة إشارة لهم تومئ بالحياة والانتصار.‏

فهل كانت سمكة المدير الحازم الذي فقد الذاكرة بفعل الهرم بالنسبة لعارف، إشارة إلى الحياة وانتصاراً على الظلم والنفي والخوف.‏







آخر مواضيعي 0 صورة نادرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( كأنك تراه )
0 ماالذي يفقد الانسان ثقتة بنفسة؟؟
0 أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ( ما أروع اعجاز القرآن)
0 الضحك قبل النوم يخفف الوزن - فوائد الضحك
0 بأي حال سترحل يارمضان .. وبأي حال ستكون يا قلب
رد مع اقتباس
قديم 07-27-2010, 01:57 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحروف الأولى

كيف نوقظ الطفولة من الموت، كيف نعيد للنهر صورته ووجهه،

قصة معبرة ومؤثرة
حقا فيها الكثيييييييييير من الحكمة
سلمت اخى
الوعد
دوما رائع بالاختيار لكل مميز







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 07-29-2010, 01:08 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ملكة بإحساسي

الصورة الرمزية ملكة بإحساسي

إحصائية العضو








ملكة بإحساسي غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحروف الأولى

الوعد الصادق
قصه مؤثرة
بارك الله فيك على القصه وطريقة طرحها


جعله الله في ميزان حسناتك

لك الشكر والتقدير











آخر مواضيعي 0 برنامج DuDu Recorder v4.90 الافظل في تسجيل المكالمات والملاحظات
0 كن بشرا وليس اشباه بشر
0 كيف تجعل عطرك يدوم طوال السهرة
0 ازياء رائعه وانيقة للمحجبات
0 فساتين قصيرة وناعمة للسهرة
رد مع اقتباس
قديم 08-03-2010, 12:15 AM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحروف الأولى



الوعد الصادق



يسلمووا على الطرح المميز

دعواتى لك بالصحة والعافية






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 08-03-2010, 04:25 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الوعد الصادق

الصورة الرمزية الوعد الصادق

إحصائية العضو







الوعد الصادق غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحروف الأولى

الغالي


احمد اسماعيل



تشرفت بمرورك العطر

نورت صفحتى المتواضعة

ولك مثل دعائك أخى الفاضل












تحياتى


الوعد الصادق











آخر مواضيعي 0 صورة نادرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( كأنك تراه )
0 ماالذي يفقد الانسان ثقتة بنفسة؟؟
0 أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ( ما أروع اعجاز القرآن)
0 الضحك قبل النوم يخفف الوزن - فوائد الضحك
0 بأي حال سترحل يارمضان .. وبأي حال ستكون يا قلب
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:45 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator