إليكِ أهربُ من روحي ومن بَدَني
يا شاطىءَ الأمنِ في شِعْري وفي زمني
إليكِ أَهربُ عَلِّي واجدٌ دَعَةً
يرسو بمرفئها المنهوكُ من سُفُني
أنا تجاهكِ أحلامٌ مطاردةٌ
لـمّا يزلْ روعُها يقتات من سَكَني
أين اتّجهتُ فآمالي تمزّقني
ولعنةُ اليأسِ أنَّى سرتُ تسبقني
في خاطري بضعُ ماساتٍ أُؤمّلها
وبين عينيَّ مأساةٌ تَوَعَّدُني
****
طال المدى لم أجد بحراً لقافيتي
وما رأتْ مركبي إطلالةَ المُدُنِ
تقودُني رحلةٌ للشوقِ ظامئةٌ
لم ألقَ في بطنِها شيئاً سوى كفَني
****
هذا أنا، فكرةٌ حَيْرَى تَنَازَعُها
في يومها تَبِعاتُ البوحِ والعلن
أَمَضَّّها السقمُ، والإعياءُ أثخنها
وهدّها العمرُ والعشرون لم تَحِن
هذا أنا ألفُ جرحٍ في مخيّلتي
فهل لديك تعاويذٌ تعلّلني؟
وهل لديكِ، إذا ما جئتُ، أشرعةٌ
سمراءُ أنشرُها في مركَبي الخَشنِ؟
تجوبُ بي جنباتِ الأُفْقِ سابحةً
عبرَ النجوم لتمحو بالسَّنا شَجَني
****
هذا أنا جئتُ، صحرائي تطاردني
ولفحةُ العطش المجنون تقتلني
أتوق للقُبلة الظمأى أشاطرها
وأشتهي الجوعَ في عينيكِ يشطرني
هذا أنا جئتُ ذئباً حسبما زعموا
فهل بنهديكِ إنسانٌ يُروّضني؟
وهل بجنبيكِ أنغامٌ مُهدهدةٌ؟
تستلُّني من بُغاثٍ أزعجتْ أذني
****
يا نكهةَ الليل يا عرسَ النجومِ ويا
تعويذةَ الفألِ عند الشاعر الفَطِن
أتيتُ، لا خاب ظنّي عندما ركنتْ
فُلْكي لشاطئكِ المسحورِ ذي الفِتَن
لقد عهدتُكِ أفياءً تُظلّلني
عند الهجير إذا ما القيظُ أعوزني
وكنتِ لي في شتائي غيمةً نزلتْ
بالدفء ينسابُ في روحي وفي بدني
****
يا نفحةَ الله في أوصالنا نضحتْ
بالحبّ والخير، بل يا أعظمَ المِنَن
أنتِ الحياةُ، وهذا الشعرُ سخّرهُ
ربّي لعينيكِ، لولا أنتِ لم يَكُن
أنتِ القصيدةُ أوزانٌ وقافيةٌ
ما لم يُقَلْ فيكِ لم يَسْلَمْ من الوَهَن
ماذا أُسمّيكِ؟ لا تحويكِ قافيتي
لا تُنعَتُ الكرمةُ المعطاءُ بالغُصُن
ماذا سأدعوكِ؟ شَهْدُ الحرف يفضحني
يكفي إذا سألوني قلتُ: ذي وَطَني