عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2008, 09:32 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي اللهم يسر لي جليسا صالحـا

اللهم يسر لي جليسا صالحـا


" اللهُمَّ يَّسِرْ لِي جَّليْسًا صَّالِحًا "
قال إبراهيم النخعي :
" ذهب علقمة إلى الشام ،
فلما دخل المسجد ، قال :
" اللهم يسّر لي جليسًا صالحًا " .
فجلس إلى أبي الدرداء .
فقال أبو الدرداء :
ممن أنت ؟
قال :
من أهل الكوفة .
قال :
أليس فيكم أو منكم صاحب السرّ الذي لا يعلمه غيره - يعني حذيفة - ؟
قال :
بلى .
قال :
أليس فيكم أو منكم الذي أجاره الله على لسان نبيه - صلى الله عليه
وسلم - من الشيطان - يعني عمارًا - ؟
قلت :
بلى .
قال :
أليس فيكم أو منكم صاحب السواك أو السِّرار ؟
قال :
بلى " .
[ رواه البخاري ]
وفي رواية له ، قال :
" فأتيتُ قومًا ، فجلست إليهم ،
فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي .
قلت :
من هذا ؟
قالوا :
أبو الدرداء .
فقلت :
إني دعوت الله أن ييسر لي جليسا صالحا ؛ فيسّرك لي .
قال :
ممن أنت ؟
قلت :
من أهل الكوفة .
قال :
أو ليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة ؟
وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان يعني على لسان نبيه - صلى
الله عليه وسلم - ؟
أو ليس فيكم صاحب سرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا
يعلمه أحد غيره ؟
قال مغيرة :
والذي أجاره الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - ؛ يعني
عمّارًا " .
وروى مسلم عن يحيى بن يعمَر ، قال :
" كان أول من قال في القَدَرِ
بالبصرة معبد الجهني ، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري
حاجّين أو معتمرين ، فقلنا :
لو لقينا أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه
عما يقول هؤلاء في القدر .
فوُفِّق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد ، فاكتنفته أنا
وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله ، فظننت أن صاحبي
سَيَكِل الكلام إليّ ، فقلت :
أبا عبد الرحمن :
إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفّرون العلم - وذكر من
شأنهم - وأنهم يزعمون أن لا قَدَر ، وأن الأمر أُنُف .
قال :
فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنهم برآء مني ،
والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أُحُدٍ ذهبا
فأنفقه ؛ ما قَبِل الله منه حتى يؤمن بالقدر ، ثم قال :
حدثني أبي عمر بن الخطاب - فذكر الحديث بطوله - " .
وروى الترمذي والنسائي عن حريث بن قبيصة ، قال :
" قدمت المدينة ، فقلت :
" اللهم يَسِّر لي جليسًا صالحًا " .
قال :
فجلست إلى أبي هريرة ، فقلت :
إني سألت الله أن يرزقني جليسًا صالحًا ، فحدِّثني بحديث سمعته
من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعل الله أن ينفعني به .
فقال :
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته ،
فإن صلحت ؛ فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت ؛ فقد خاب وخسر ،
فإن انتقص من فريضته شيء ؛ قال الرب عز وجل :
انظروا هل لعبدي من تطوع ؟
فيُكمل بها ما انتقص من الفريضة ،
ثم يكون سائر عمله على ذلك " .
" اللهُمَّ يَّسِرْ لِي جَّليْسًا صَّالِحًا "
هذه هي مسألة أولئك الأخيار ، وهذا كان من دعائهم .
إن البحث عن جليس صالح في تلك الأزمنة الفاضلة والقرون
الخـيِّرة ليس بالأمر العسير بل هو أمر ميسور ، لكثرة الأخيار
وقلّة الأشرار .
أما في زماننا هذا فلو قلّبت ناظريك فيمن جلس إليك - في مكان
عام - لرأيت أنك أحرى بهذا السؤال ، وبهذه المسألة :
" اللهُمَّ يَّسِرْ لِي جَّليْسًا صَّالِحًا "

إن الجليس الصالح ربما كان أندر من الغُراب الأعصم ،
كما أن جلساء السوء " أكْثَرُ مِنْ تفَارِيقِ العَصَـا " !
وليت رأس جليس السوء عليه ريشة حتى يُعرَف ويُحذر !
وقديما قيل :
" الوِحدة خيرٌ من جليس السّوء " .
وذلك أن صاحب الوِحدة يُحدّث نفسه ، وحديث النفس معفوٌّ عنه ،
وجليس السوء يأمر بالسوء ، فله نصيب مِن وَصْف :
{ يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء } .
قال أبو الدرداء :
" لَصَاحِبٌ صالح خير من الوِحدة ،
والوحدة خير من صاحب السوء ،
ومُمْلِي الخير ؛ خير من الساكت ،
والساكت ؛ خير من مُمْلِي الشر " .
قال ابن حبان :
" العاقل لا يُصاحب الأشرار ؛
لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار ؛
تُعْقِب الضغائن ، لا يَستقيم وِدُّه ، ولا يَفِي بعهده " .
وقال أيضًا :
" وكل جليس لا يستفيد المرء منه خيرًا ؛
تكون مجالسة الكلب خيرًا من عشرته !
ومن يَصحب صاحب السوء ؛ لا يَسْلَم ،
كما أن من يدخل مداخل السوء ؛ يُتَّهَم " .
كان فتى يعجب عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - ،
فرآه يوما وهو يماشي رجلا مُـتّهماً ، فقال له :

لا تصحب الجاهـ = ـل إياك وإيـاه
فكم من جاهل أرْدَى = حليما حين آخاه
يُقاس المرء بالمرء = إذا ما هو مـاشَاه
وللشيء من الشيء = مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب = دليلٌ حين يَلْقَاه


ومِن علامات جليس السّوء
:
-

أنه لا يُذكِّرُكَ إذا غَفَلْت ..
- ولا يُعينك إذا ذَكَرْت ..
- ولا يأمُرُك إذا قصّرت ..
- ولا ينهاك إذ أخطأت ..
- ولا يُقوّمك إذا اعوججت ..
فلا يأمرك ولا ينهاك ،
بل هو موافق لك فيما فعلت ..
ساكت عما قصّرت فيه أو تَرَكْت ..
تاركك وهواك ..
فهو ساع في هلاكك ..
مسرع بك إلى رَداك ..
فهو يَتركك وهَواك ! زاعمًا أنه اختار لك الراحة ،
وقد اختار لك العَطَب !
تَرْكُ نفسك يوما وهواها = سعي لها في رداهـا
وهذا النوع من الناس يصدق فيهم قول ابن القيم - رحمه الله - :
" إن فضول المخالطة هي الداء العضال
الجالب لكل شر .
وكم سَلَبَت المخالطة والمعاشرة من نِعمة ..
وكم زرعت من عداوة ..
وكم غرست في القلب من حزازات تَزُول الجبال الراسيات ،
وهي في القلوب لا تزول ..
ففضول المخالطة ؛ فيه خسارة الدنيا والآخرة ،
وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة
ويجعل الناس فيها أربعة أقسام ، متى خلط أحد الأقسام
بالآخر ولم يميز بينهما دخل عليه الشر :
أحدها :
من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة ،
فإذا أخذ حاجته منه ترك الْخِلْطَة ، ثم إذا احتاج إليه خالَطَه ،
هكذا على الدوام ، وهذا الضرب أعـزّ من الكبريت الأحمر !
وهم :
العلماء بالله تعالى وأمره ، ومكايد عدوه ، وأمراض القلوب
وأدويتها ، الناصحون لله تعالى ولكتابه ولرسوله ولِخَلْقِه .
فهذا الضرب في مخالطتهم الرِّبح كله .
القسم الثاني :
مَن مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض ، فما دُمت صحيحا

فلا حاجة لك في خلطته .
وهم :
من لا يستغنى عنه مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ما أنت
محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والاستشارة
والعلاج للأدواء ونحوها ، فإذا قَضَيْتَ حاجتك من مخالطة هذا
الضرب بَقِيَتْ مخالطتهم مِـنْ :
القسم الثالث : وهم :
من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوّته وضعفه ؛
فمنهم من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن ،
وهو من لا تربح عليه في دِين ولا دنيا !
فهذا إذا تمكّنَتْ مخالطته واتّصَلَتْ ؛ فهي مرض الموت الْمَخُوف !
ومنهم مَن مخالطته كوجع الضرس يشتد ضربًا عليك ،
فإذا فارقك سكن الألم .
ومنهم مَن مخالطته حمى الروح ، وهو الثقيل البغيض العقل الذي
لا يحسن أن يتكلم فيُفيدك ، ولا يحسن أن يُنصت فيَستفِيد منك ،
ولا يعرف نفسه فيضعها في مَنْزِلتها ، بل إن تكلَّم فكلامه كالعِصِيّ
تَنْزِل على قلوب السامعين ! مع إعجابه بكلامه وفَرَحِه به ،
فهو يُحْدِثُ مِن فِيهِ كلما تَحَدَّث ! ويظن أنه مِسْكٌ يُطيِّب به المجلس !
وإن سكت فأثقل من نصف الرَّحا العظيمة التي لا يُطاق حملها ولا جرّها
على الأرض !
ويُذكر عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال :
" ما جلس إلى جانبي ثقيل ؛
إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر ! " .
ورأيتُ يومًا عند شيخنا - قدس الله روحه - رجلا من هذا
الضرب ، والشيخ يحمله وقد ضعف القوى عن حمله ،
فالتفت إليّ ، وقال :
مجالسة الثقيل حمى الربع !
ثم قال :
لكن قد أدْمَنَتْ أرواحنا على الحمّى ؛
فصارت لها عادة - أو كما قال - .
وبالجملة :
فمخالطة كل مخالِف ؛ حمى للروح فَعَرَضِيَّة ولازِمَة .
ومِنْ نكد الدنيا على العبد ؛ أن يُبتلى بواحد من هذا الضرب
وليس له بُـدٌّ من معاشرته ومخالطته ، فليُعاشره بالمعروف
حتى يجعل الله له فرجًا ومخرجًا !
القسم الرابع :
مَن مخالطته الْهُلْك كلّه ، ومخالطته بمنْزِلة أكل السّمّ ،
فإن اتَّفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله فيه العزاء !
وما أكثر هذا الضرب في الناس - لا كثَّرهم الله - ،
وهم أهل البدع والضلالة الصادّون عن سنة رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - ، الدّاعون إلى خلافها ، الذين يَصُدُّون عن سبيل
الله ويبغونها عوجا ؛ فيجعلون البدعة سنة ، والسنة بدعة ،
والمعروف منكرًا ، والمنكرُ معروفا .
إن جرّدت التوحيد بينهم قالوا :
تنقَّصْتَ جناب الأولياء والصالحين !!
وإن جرّدت المتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالوا :
أهْدَرْتَ الأئمة المتبوعين !
وإن وَصَفْتَ الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من
غير غلو ولا تقصير قالوا :
أنت من المشبِّهين !
وإن أمَرْتَ بما أمر الله به ورسوله من المعروف ، ونهيت عما نهى
الله عنه ورسوله من المنكر قالوا :
أنت من المفتّنِين !
وإن اتّبعت السنة وتركت ما خالفها قالوا :
أنت من أهل البدع المضلِّين !
وإن انقطعت إلى الله تعالى وخلّيت بينهم وبين جِيفة الدنيا قالوا :
أنت من المبْلِسِين .
وإن تركت ما أنت عليه واتبعت أهواءهم :
فأنت عند الله تعالى من الخاسرين ، وعندهم من المنافقين !
فالحزم كل الحزم التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم !
وأن لا تَشْتَغِل بأعتابهم ولا باستعتابهم ، ولا تبالي بِذَمِّهم ولا بغضبهم ،
فإنه عين كَمَالِكَ ، كما قيل :
وقد زادني حبًّا لنفسي أنني = بغيض إلى كل أمريء غير طائل " .
انتهى كلامه رحمه الله بِطُولِه .
وأما مُجالسة الناس ومُخالطتهم ؛
فهي غالبًا على أمور الدّنيا
" وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا ،
وذلك لا يجدي على أهله شيئا "
كما قاله غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم
ورضي الله عنهم - .
ومُجالسة الصالحين بـرّ وخير وفلاح ..
ألا ترى أن الكلب ذُكر في القرآن حين جالَسَ الصالحين !
{
وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ
وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
} .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
" مجالسة العارِف تدعوك من سِتٍّ إلى سِت :
من الشك إلى اليقين .
ومن الرياء إلى الإخلاص .
ومن الغفلة إلى الذِّكر .
ومن الرغبة في الدنيا إلى الرغبة في الآخرة .
ومن الكِبر إلى التواضع .
ومن سوء الطوية إلى النصيحة " .
والصّاحب دليل على صاحبه ، ولذا قال - عليه الصلاة والسلام - :
" المرء على دِين خليله ؛
فلينظر أحدكم من يخالل " .
[ رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ]
قال هبيرة :ِ"
اعْتَبِر الناس بأخدانهم " .
وقال الإمام مالك :
" الناس أشكال كأجناس الطير :
الحمام مع الحمام ، والغراب مع الغراب ،
والبط مع البط ، والصعو مع الصعو ،
وكل إنسان مع شكله " .
وقال أبو حاتم بن حبان :
" وما رأيت شيئا أدل على شيء
- ولا الدخان على النار - مثل الصاحب على الصاحب " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
" فكم من الناس لم يُرَد خيرًا ولا شرًا
حتى رأى غيره ، لا سيما إن كان نظيره يفعله فَفَعَلَه ،
فإن الناس كأسراب القطا مَجْبُولون على تَشَبّه بعضهم ببعض ...
وذلك لاشتراكهم في الحقيقة ، وأن حُكْم الشيء حُكم نَظِيره ،
وشَبِيه الشيء منجذب إليه " .
فاحرص على مُصاحَبة حامِل الْمِسْك .
وإياك إياك من الجلوس إلى نافِخ الكِير
http://saaid.net/Doat/assuhaim/273.htm
.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس