الموضوع: وادي الظلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2008, 10:38 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
بسمه أمل

الصورة الرمزية بسمه أمل

إحصائية العضو








بسمه أمل غير متواجد حالياً

 

Red face وادي الظلام


.
.
.

أكتبُ هذه الكلمات..لأهرب الى الكلمات

علّني ألقى روحي في سراب الظلام الذي يلفني ويغمض عيناي حينما يريد وكيفما يريد.

لقد هربت روحي منذ زمن بعيد والتحقت بجسدي لأبني خيالي على رفات مقابري..

حينها أعلنتُ وجودي..لأهمس لتلك الأبواب الميته..أنا عدت..فتفتح أبواب المقبرة..ويغادر من يغادر..

فأمضي أبحثُ عن ذكرياتي المحنطه..أمضي والأمطار تغسلني ويراني من يراني..

يذاع في أرجاء المدينه..لقد عادت..لقد عادت..من رحلتها الحزينه.

لحظة صمت أقفها حداداً على نفسي..أقفها عند بابك وخلف أسوارك..وأعزي نفسي فيك..

أواصل مسيري..لاأدري الى أين ؟

وعند الغروب أجمع أشلائي وما تبقى من أوراقي..وأعود..أعود روحاً بلاجسد والتراب يغطيني.

.
.
.
اليأس. ذلك اللحن الذي قتل فيني روح القصيدة..ليقاضيني كشاعره ويقاضيني كعاشقه.

اليأس..ذلك اللحن الذي ضاعت فيه بقايا عهد الشباب.

أحقاً انتهى كل شيء ؟!

أحقاً ماعاد الموج ثائر..أحقاً ماعاد الليل شاعر ؟!

لستُ أدري أي الهزائم قد انتهيتُ فيها ؟

أهي هزيمتي مع الحياة..أم هزيمتي مع القدر..أم هزيمتي معك ؟!

الظلام. والصمت يغني حزناً في المكان..هناك صوت ألم..هناك جسدُ ألم..

ماعدتُ أنطق الآه..صار الكلام فيني مقبرة تحوي داخلها آلاف الكلمات الميته..آلاف الكلمات

المحترقه. نظراتي الهادئه تغطي أرجاء المكان..لم أرَ سوى الظلام..أغمضت عيني..

حسبتُ أنني أحلم !

كان الحلم ينزفُ دماً..ويعزفُ أصواتاً غريبه ؟!

كنتُ أتألم فتارةً أحسبُ نفسي في أحضان الموت..وتارةً أدعو الله..ببقايا صوتي..

أن أغيب عن الحياة. كنتُ أتألم..بقدر مابكت عيناكِ ياأمي..كنتُ أتألم.

الظلام يجتاح تمرد العاصفة لتهدأ تارة..وأثور عنها تارة أخرى..فكلانا قد انتهى

أنا ببقايا النبض داخلي..والظلام ببقايا ضوء القمر الأخير.

لم أدرك بسرعه عندما أفقت من غيبوبتي الطويله أن هناك عشرات الأعين تنظر نحوي

عشرات الأعين تنظر نحوي وترثى لحالي.

غريب أمرهم..أأكون قد انتهيت وأنا لاأعلم ؟

لعلي الآن أعكس صورة موتي..أو لعلي أجسد الموت نفسه..

لكنني برغم جراحي أحيا..نعم أحيا وأحس بالنبض المثقل بالأحزان داخلي..

مازلت على قيد الحياة..ومازالت تلك الاعين تبكي !

_ سنرحل. سنعود غداً ان شاء الله. عبارة ميته لإنسان ميت..تعودون لماذا ؟

أتراهم يحرسون قبري..؟

لعلهم يخافون أن ترجع الروح وتعانق الجسد

عفواً أيها الأحبه دعوني أرقد بسلام

دعوني أرحل..

وان احتوتني متاهات الظلام.

_ من يسأل عني ؟

_ جسدك ياصاحبتي.

_ وماذا تريد..؟

_ أن اطمئن عليك..ليطمئن الجميع.

_ لقد ماتت..

_ من..؟!

_ صاحبتك.

_ وأنت من تكون ؟

_ مجرد صوت..لإنسان ميت..من هذه المقبره.

..اللعنه

تلك الاحلام المتطفله تعبثُ معي.

_ صباح الخير. { الممرضه}

_ هل انتهى الظلام ؟

_ نعم ؟!!

_ هل شرقت الشمس ؟

_ نعم !

_ إذن دعيني أنام.

_ ؟!!..

أتابع بصمت..سريان الألم في جسدي..في البدايه كان النزيف قد أدمى كليتي اليمنى

والآن تهديني الأقدار ألماً آخر..حيثُ واصل النزيف مسيرته وسيطرته على رئتي اليمنى

..غاب الهواء عني..وغابت أنفاسي..أيقنتُ أنه الموت..لا مفر منه.


حاولت ان أتدارك قواي..وأبحث عن بقايا صوتي المنفي..ابتسمت بهدوء..وأغمضت

عيناي استعداداً للموت. قرأت الممرضه ابتسامتي المنكسرة..أدركت الأمر..

أسعفتني بأنبوبة أكسجين..لتهدأ روحي بأمر الله تعالى.

لو كنت اعلم أين تسكن روحي..لو كنت أعلم.

وكأني أتصورها..امرأه تشبه أمي..تلبس السواد..وتذرف الدموع.

عظم الله لكِ الأجر ياروحي في مصاب جسدك.

وليساعدني الله لألبس ثوب الصبر والإيمان..وأبني بقايا الإنسان..وأعود من جديد للحياة

لقد تعبت أشواقي من إنتظارها..وتعبتُ أنا..من ألمي.

على ضفاف نهر الحياة..انتهى ضوء قمري الاخير..وسافرت نجومي الى سماء اخرى..

حل الظلام وتوقفت عقارب الوقت..وغرقت الثواني في محيط الزمن.

هناك ضوء هارب من مجازر الأحزان..

ورقه واحده لاتكفي..أحتاج الى مساحات بيضاء..لأكتب فيها حياة انسان..وعند الكتابة

اعتذرت الورقه وقالت:

أنا ورقه بيضاء..لستُ للكتابه..جئتُ لأكفن آخر كتاباتك.أدركتُ أن كتاباتي ميته فبل

كتابتها..فكانت كلماتي مرثيه لها علّها تعود.

سألتني الممرضه إن كنت أحتاج لشيء ما قبل أن تذهب ؟

وقفتُ عند سؤالها هذا..لعله الطلب الاخير لي في هذه الحياة..ماذا أريد؟

إن قلت لها انا عطشانه قالت الماء ممنوع..وإن قلت لها أن تمنحني حقنة مورفين أخرى

لتقيني شر الألم قالت ممنوع..وبعد تفكير طويل..أجبتها:

_ أريد أن أكتب روايه.

_ هل أنتِ كاتبه ؟!

_ لا أدري..أحتاج فقط لأن أكتب.

_ حسناً..سأعود بعد قليل..وسأحضر لكِ أوراق وقلم.

هل حقاً كنت أحتاج للكتابه ؟

أم أنه مجرد شعور نرجسي..أن تبقى لي ذكرى بعد رحيلي..؟!

لا أدري لم الآن أذكر تلك الرسالة التي كتبتها لي في زمن آخر حيث كانت أحلامنا

طفلاً صغيراً أرادوا قتله..كتبتي فيها:

.
.
.




تتقلبُ فيني أطياف ابتسامة..وحزن وراء عيني يقفُ متربص بها..

إن شاهدها قادمة هَلمَ بسكّينة وطعنها..لأحتضنها ميته..ابتسامةٌ عندي..ابتسامةٌ بين أحضاني..

لكنها ميته..!

مشيتُ طويلاً في هذه الطريق..لا تبدو لها أي نهاية..؟!

آخر ماتبقى عندي اشتياقات مهمله وبقايا ذكريات..لماذا أكتب..؟

ومن سيقرأ كتاباتي..ستبقى مهمله..ستبقى مهمله..لكنني لا أستطيع منع نفسي من الكتابة

شيءُ جميل وهمسٌ طويل كتاباتي..

فيها الحزن نقاط أحرف..وفيها الألم نقاط أسطر..وفيها أنا..نقطة انتهاء..!

كانت أقسى اللحظات عندما أخبرني أحد الممرضين أن كليتي اليمنى قد تدمّرت..وراح بكل هدوء


يصفها من قاموسه الشخصي أمام المرضى وعائلاتهم..قال وبصيغة الجمع:

تصوروا ياجماعه..بالون صغير ممتلىء بالماء في يدي..ورميته على الأرض بكل قوتي..ماذا يحدث؟

لا داعي للإجابه..هل فهمتي..أنتِ هكذا......

لم أحزن يوماً على نفسي هكذا..حتى عندما علمت بأن حياتي في خطر..لكن حزني هذا هو

على نفسي الغريبة..وجسدي المدمر الذي أصبح حكاية تروى على لسان هذا الممرض..!

الذي لم يكتفي بالتهكم بحالتي الصحية..بل راح يعاملني أسوأ المعاملة وكأنني قتلت ابنه ؟!

اعتدت على صوته الخشن كل صباح وهو يتعمد إيقاظي من النوم..وانتقادي بشكل دائم.

لم أكن أقوى على الحركه..وكان صوتي مازال في منفاه..فزاده صمتي حقداً علي..ولكنه في

النهاية حالة استثنائية..فالجميع هنا طيبون ويعاملونني وكأنني واحدةً منهم.

حتى عائلات المرضى المجاورين لي يزوروني بشكل دائم ومتواصل..أحسست بصفاء روحهم

ونقائها. ولأنني لستُ غريبةً عن " البحرين "..فقد سكنتُ هناك مدّه في

مدينة عيسى..حتى شاءت الظروف أن أرجع إلى حبيبتي " الخبــــــــر "

أبحثُ عن شيء.. أي شيء ..ينسيني حرمان الدراسة..!

_ سديم .. سديم .. ( الممرضة)

_ نعم.

_ماذا بكِ..هل أنتِ بخير..؟!

_ إنها الذكريات ياوفاء..إنها الذكريات.

_ سديم ..اليوم لدينا في القسم طلاب وطالبات الطب في جامعة الخليج.

_ وماذا يعني هذا..!

_ يعني أنه سيأتيكِ أحدهم ويسألكِ بعض الأسئله فقط..لاتكوني حسّاسه..!

_ حسناً..كما تريدين.

ماهي إلا دقائق معدودة حتى هجمت علي الأسئلة..ابتسمت..وربما..ضحكت !

تصورت نفسي أحد المسؤولين السياسين وكأنني كنت أعطي تصريح عن الوضع العربي.

ولكن..كان حديثي هذه المرة..عن الوضع النفسي والجسدي الخاص بي.

اتفق الطلاب والطالبات فيما بينهم..واستقر بي الحال..ان تكون إحدى الطالبات السعوديات

التي تدرس الطب في جامعة الخليج..مسؤوله عن بحث حالتي..

وكان محور بحثها عن الوضع النفسي للمريض..وبعض التفاصيل التي أثرت في مجرى حياته.

السلام عليكِ..أولاً اسمي مريم من القطيف..وثانياً هل حقاً أنتِ سعوديه كما قيل لي..؟!

_ نعم..أنا من السعودية..واسمي سديم.

_ كم عمركِ في الحياة يا سديم ؟

_ تسعة عشر عاماً.

_ هل لي ان أسألكِ سؤال..ماذا تقصدين بتلك العبارة التي كتبتِها على تلك الورقة؟

_ مجرد عبارة..

_ ( لا وجود للسعادة..ولا وجوه لها )..عبارة غريبة ؟!

ماذا يحدث عندما تكون الحياة خالية من أي سعاده..؟

_ ترينها خالية من أي حياة..تري فيها المشانق معلقة تتربص بالألوان..

_ أي ألوان..!!

_ التي تمنحنا رفات أمل..أو حتى ذرة سعادة.

_ وماذا بعد..تمضي الأيام يائسة تنتظر الموت..لكن هل الأيام تموت..؟

_ لعل موتها..يعني موت الأنسان.

_ لعلها إذن لاتموت..

_ لكي تبقى المأساة معلقة..كما الجسور التي نسيت.

_ هكذا هي الحياة دوماً..دائرة من الأفكار المغلقة..تدور وتدور حتى تذوب في مكانها..

وتذوب معها الأماني الوليدة واللحظات الجميلة والمعاني البريئة.

_ الحياة تجربة..والموت نهاية تجربة وصورة تمرد.

_ وماذا بعد..سطرٌ يقتله الذي يليه..

_ تستمر الكتابة..

_ ويزداد عدد القتلى من الأسطر..؟!

_ ستشجب الدفاتر هذا العنف.

_ ويصرح السيد القلم أنه سيقطع الحبر..!!

_ لاجدوى..لاجدوى..لقد مات الكاتب.

_ لماذا قتلتِه..؟!

_ من ؟!

_ الكاتب الذي بداخلك..؟!

_ من قال لكِ بأنني كاتبه..أنا حتى لا أجيد ترتيب الكلمات.

_ أنت كاتبه..حاولي أن تكتبي مجدداً..لأن في الكتابة حياة أخرى..

_ تقصدين الخيال.

_ بل أقصد الواقع.

ذهبت مريم..وبقت كلماتها تتردد من حولي..

لماذا نكتب..لنهرب إلى الخيال أم لنواجه الواقع..؟

سؤالٌ كتبته على تلك الورقة التي قرأت منها مريم تلك العبارة..ومازلت أبحث عن إجابة السؤال !

قال لي أخي محمد..إن أمي وجدتي وأخي سعد في الطريق إلي..

لم أكن أرغب في زيارتهم لي وأنا على هذه الحال..طلبت منه أن يخبرهم بتأجيل موعد الزيارة..

لكنهم كانوا قادمون لا محالة..

وبين الوجوه المتعبه..والوجوه التي تودع أصحابها..أشرق وجه يكسره الحزن يصحبه وجه آخر

يبادله الإنكسار..فوجه آخر..فآخر..وآخر..يبدو أن مشهد اللقاء لايبدأ إلا بحزن جديد !

انتهت الكلمات..وبقت الدموع حبر على ورق..شاهده بأن الكلمات أحياناً تتوقف..لتبدأ أحرف الشعور

الإنساني بكتابة الدموع.

أمي لم تحتمل تلك الصوره التي رأتني عليها..عفواً أيتها الأم العظيمة سأعتاد على الموت الجديد

..وإن اختلفت طرقه..فما عدت أشعر إلا بنبضات الألم.

أما جدتي..قرأت آيات من الذكر الحكيم الذي تحفظه عن ظهر قلب..واكتفى الآخرون بالصمت..

والحزن

سألتهم عن أحوالهم..وكيف هي الحياة بدوني..سألتهم عن كل قريب وصديق..

وماهي الأخبار الجديدة..وماهي الأخبار القديمة..

سألتهم عنك..لقد اشتقتُ لك..

ولستُ أدري لم غاب صوتكَ عني وأنا في أمس الحاجة إليك..؟!

سألتهم بنرجسية فتاة..هل سأل عني..؟


أمازلت تبتسم بهدوء ..؟

جائني صوتك بعد يومان من زيارة أهلي..وبعد أن أخبرت زوجة أخي أن تبلغك السلام..

لا أذكر مادار بيننا من كلمات..لكنني أذكر أنني وصفت لك مكان تلك الهديه التي ترمز لأسمك..

كنت في منزلنا..فاتّبعت صوتي المنفي..وبحثت بشموخ رجل..أبحتُ له حقيبة سفري..وزوايا

مملكتي..كانت هديتي تماماً كاسمك..وكانت رمزاً لشيء ماعدتُ أذكره..قتلته أنت ذات يوم..

بلا رحمة.

يتبــــــــــع ...


لا أدري لم الآن تعود لي ذاكرة تلك الرواية..( ذاكرة الجسد )..لأحلام مستغانمي..
والتي كنتُ أهرب إليها في أوقات الظلام..بعد أن يرحل الزوار ويهدأ المرضى..
لأبقى وحيدةً أنا وتلك الرواية..
التي كانت رسومات بطلها تشابه كلماتي..!
- الى أين تمضي..؟!
- لا أدري..
- أتبحثُ عن شيء ؟
- ربما.. ربما أبحثُ عن أحلامي !
- لكنك لن تجدها.
- لماذا ؟!
- لقد ماتت.
- ماذا عني؟!!
- أنت مازلت على قيد الحياة..أنا أحس بك.
- من أنتِ ؟
- أنا النفس التي بداخلك.
- ألم ترحلي..؟!
لم الآن تعودين..؟
- رحلت في داخلك..لأعود وأبقى معك.
- أعجزُ عن فهمك..!
- لأنني صورة منك.
- ماذا بعد الحياة ؟
- الموت !!
- وماذا بعد الموت ؟
- حياة أخرى .
- لقد تعبت..
- أحلامُك أوصتني بك.
- وأين هي الآن..؟
- هنا بجانبك..
- أين..أنا لا أراها ؟!
- هنا..بين سطور هذا الدفتر..بين كلمات ذاك الكتاب..وفي أحضان هذه الرواية.
- ألم أقل إني أعجزُ عن فهمك..!
- ألن تبقى معي..؟!
- الوداع .
- ألن تأخذني معك..؟!
- الوداع .
.
.
.
.
ورحـــــــــــل

:
:
:
:
يتبع..







آخر مواضيعي 0 الهزيمة النفسية
0 في رحاب الحبّ النبويّ
0 عرض نبينا ينتهك ؟!!.
0 أطيــاف ملونــة
0 عش مع القرآن تعش سعيدًا
رد مع اقتباس