عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-2008, 09:00 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: .:. فنانون و رسامون .. رحلة فى عالم الابداع .:.

رحيــــــله عن بـــولنــدا

سافر إلى فينا واستمع هناك إلى أصوات العاصفة مدوية في بلاده .. فقد سحق الروس ثوار بولندا واحتلوا العاصمة وحولوا ضواحيها إلى رماد.. وجد شوبان نفسه وحيدا أعزل من كل سلاح إلا من موسيقاه. .. وعاش القلق والحسرة والغربة والمرارة بعيدا عن الوطن والأهل والأصدقاء، فرحل إلى باريس مدينة الحياة والفن والنور.. التي كانت تدور حولها الأساطير ويجتمع فيها المفكرون والفنانون والشعراء..

وبالفعل التقى هناك بالفنانين الرومنتيكيين: “الفريد دي موسيه” - “هكتور برليوز” - “فكتور هوجو” - “بودلير” - “بلزاك”، وكان هؤلاء الفرنسيون على اتصال دائم بالفنانين القادمين من ألمانيا أمثال: “هايني” - و “فرانزليست” - “هيلر” - و”مندلسون”. أمام هؤلاء العظماء جلس الفتى البولندي الحزين إلى البيانو - يعزف في اعجاز.. وأمام هؤلاء العمالقة كان يطلب المزيد من الدراسة والعلم .. وتلقفه أستاذ مغرور يدعى “كالبرينر” إدعى أنه سيجعل منه معجزة موسيقية في بحر ثلاث سنوات.. وانخدع شوبان .. إلا أن “فرانزليست” - أعظم عازفي البيانو في التاريخ - أنقذه واحتضن موهبته وقدمه للجماهير وللنقاد وللعالم كعازف ومؤلف ناضج تماما.. لا يجاريه ند آخر.. وهنا تبرز إحدى المواقف العديدة النبيلة في حياة “فرانزليست”.. فعندما استمع إلى شوبان وجد فيه منافسا أوحد.. ولكنه نحّى جانبا كل المشاعر الشخصية في مقابل اكتشاف نجم تاريخي معجز.. وأصبحت علاقتهما صداقة متينة لم تنقطع.. رغم أن شخصية “ليست” كانت تختلف في أنه ديموقراطي يحب الجماهير، بينما كان شوبان أرستقراطيا يخشى الناس ويتجنب الزحام..

بدأ المال يتدفق على شوبان، بعد أن ذاع صيته وتعددت حفلاته وأصبح نجم المجتمع الباريسي.. وانتقل إلى مسكن فاخر، وتعرف بعدد من النساء كن يشفقن عليه لمرضه ويمنحنه كل حب وأمومة ورعاية.. وكان في عزلته لا يفارق عطر البنفسج، حتى أنه كان يحس بالوحدة بدونه..!


عـــــاطفـــة

في هذه المرحلة من حياته، وقبل أن يبلغ الثلاثين من العمر كانت له عاطفة الأمومة تجاه الأطفال، فقد وجد فيهم البراءة والصفاء والعزاء .. وكان يكتب الموسيقى للبيانو فحسب.. مكتشفا إمكانياته وأسراره الغنائية والعلمية الهائلة.. ورغم نصائح أصدقائه بأن يكتب في القوالب السيمفونية والأوبرالية.. فإنه وجد نفسه في القوالب البسيطة .. التي تمجد بلاده وتنتمي إلى تربتها وبيئتها.. كتب في القوالب التي تعبر عن قضايا بلاده.. والتي تحمل اسم بولندا مثل “البولونيز” و “المازوركا”.. وأحس بالحاجة إلى دفء الحب ليشعل في قلبه نيران العواطف الرقيقة الباكية..

في باريس، كانت تعيش الأديبة “أورور ديديفان” التي كان يعرفها العالم باسم “جورج صاند” التي كانت تكتب روائع الأدب والحكمة وتشتهر بعلاقاتها بالفن وبالرجال.. وكانت لها شخصية رجل .. تشرب الخمر بكثرة، وتدخن السيجار الأسود، وتحب مثل الأمراء.. وكانت أما لطفلين .. في الرابعة والثلاثين وكان وقوع شوبان في حبها نذير خطر في حياته المهدمة.. فقد كان هو يمثل الموت وهي تمثل الحياة والإيجابية..

عاشت جورج صاند مع طفليها إلى جوار شوبان.. وساءت صحته.. وتعذب من قسوة الأطباء حتى كتب لصديق له يقول: “إنهم يعاملونني كالحيوان.. فيقول أحدهم إنني سأموت ويقول الثاني إنني على وشك الموت، أما الثالث فيقول إنني ميت فعلا”. وكانت جورج صاند قد أخذته لقضاء شهر عسل بالجزيرة الساحرة “مايوركا” بالبحر الأبيض المتوسط.. بعد أن وعدت بالتضحية بحياتها لتمريضه وفي سبيل استعادته لصحته..

كان شوبان شاعر البيانو.. يفضل الجمل الموسيقية البسيطة الهامسة المشحونة بالشاعرية والانفعال .. فقد كان هدفه هو أن يمنح الروح لآلة البيانو ويجعل منها آلة قادرة على الغناء بروح وعاطفة، بعد أن كان الاهتمام بشاعرية الصوت وغنائيته مركزا في الآلات الأخرى. كان يهدف إلى جعل البيانو أوركسترا كاملا مستقلا، له طابع وإمكانيات خاصة متكاملة لا يستطيع حتى الأوركسترا الكامل أن يجاريه فيها.. وكتبت جورج صاند “إنه لمن الممتع حقا أن يرى الإنسان يدي شوبان الصغيرتين وهما تمتدان لتسيطرا على مفاتيح البيانو.. ولكل إصبع من أصابعه الرقيقة صوت مميز..” “يجلس إلى البيانو ويحوله إلى حياة.. حياة حزينة كنفسه ومثل بلاده”.. كانت حياته تذوب في موسيقاه .. وكل من موسيقاه وحياته تتحدان مع بلاده بولندا وشعبه بأمانيه وآماله الحزينة.. طالما نزف دما وهو يعزف أمام الجماهير ليجمع المال لبلاده.. في ميدان المعركة التي كان يستطيع أن يخوضها بينما يحمل رفاقه السلاح في قلب بولندا..






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس