عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2010, 08:54 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: طريقة السلف وحسابات الفلك


• مسألة: هل اعتِبار دخول الشهر وخروجه برؤية الهلال أم بمولده؟
وهذه المسألة نُشِير إليها من باب إمعان النظر وزيادة الفهْم لمسألة الشهر وعلامة دخولِه، وهي أنَّ القول بأنَّ الشهر يدخُل بمجرَّد تولُّد الهلال في السماء غير مسلَّم به عند الجميع، بل من الفقهاء مَن قال: إنَّ الأشهر عند أهل الإسلام قمريَّة، وعلامتها رؤية الناس للهلال في السماء، ومنه أُخِذَ اسمُ الهلال.

قال ابن تيميَّة: "وقد تَنازَع الناس في الهلال: هل هو اسمٌ لما يطلع في السماء وإنْ لم يره أحدٌ، أو لا يسمى هلالاً حتى يستهلَّ به الناس ويعلموه؟ على قولَيْن في مذهب أحمد وغيره".

قال الماوردي في "التفسير": "وأُخِذَ اسمُ الهلال من استِهلال الناس برفع أصواتهم عند رؤيته".

قال ابن تيميَّة: "وذلك أنَّ الهلال أمرٌ مشهودٌ مرئيٌّ بالأبصار، ومن أصحِّ المعلومات ما شُوهِد بالأبصار؛ ولهذا سموه هلالاً لأنَّ هذه المادَّة تدلُّ على الظُّهور والبَيان، إمَّا سمعًا وإمَّا بصرًا، كما يُقال: أهلَّ بالعمرة، وأهلَّ بالذبيحة لغير الله، إذا رفَع صوته، ويُقال لوقع المطر: الهلل، ويُقال: استهلَّ الجنين، إذا خرج صارِخًا، ويُقال: تهلَّل وجهُه، إذا استَنار وأضاء.

وقيل: إنَّ أصلَه رفْع الصوت، ثم لَمَّا كانوا يرفَعون أصواتهم عند رؤيته سموه هلالاً، ومنه قوله:
يُهِلُّ بِالفَرْقَدِ رُكْبَانُهَا
كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ الْمُعْتَمِرُ



وتهلُّل الوجه مأخوذٌ من استنارة الهلال".

وقال البغوي في "التفسير": "﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ﴾ [البقرة: 189] وهي جمع هلال، مثل رداء وأردية، سمي هلالاً لأنَّ الناس يرفَعون أصواتهم بالذِّكر عند رؤيته من قولهم: استهلَّ الصبي إذا صرَخ حين يُولَد، وأهلَّ القوم بالحج إذا رفَعُوا أصواتهم بالتلبية".

وقد سبَق قولُ القرافي، ونُعِيده هنا لأهميَّته: "أنَّ صاحب الشَّرع لم ينصب خروج الأهلة من الشُّعاع سببًا للصوم كما نصب أوقات الصلوات سببًا لوجوبها، نصب رؤية الهلال خارجًا من شعاع الشمس أو إكمال العدَّة ثلاثين، ولم يتعرَّض لخروج الهلال عن الشعاع؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((صومُوا لرؤيته، وأفطِروا لرؤيته))، ولم يقل: لخروجه عن شعاع الشمس، كما قال - تعالى -: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ﴾ [الإسراء: 78]، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن غُمَّ عليكم - أي: خفِيَتْ عليكم رؤيتُه - فاقدروا له)) وفي رواية: ((فأكمِلُوا العدَّة ثلاثين)).


• في ردِّ الاستِدلال بأقوال المُجِيزِين من أهل العلم بجواز الحساب:
وقد فصَّل العلامة الشيخ بكر أبو زيد في بَيان أصل القول بالحساب وحقيقته، والقائلين به وكيف بنَوْا مذهبهم، وفضَّلتُ هنا الإشارة اختصارًا، على أن يرجع إليه من كلام الشيخ نفسه من كتابه "فقه النوازل".

قال الشيخ بكر - رحمه الله -: "وكلُّ هؤلاء الأجِلَّة: السبكي، فالمطيعي، فأحمد شاكر - رحمهم الله تعالى - ينزعون من قوسٍ واحدة من قول ابن سريج، وقد علمتَ مدى العمدة في رأيه مذهبيًّا، وأنَّ السبكي قرَّر الجواز بالشرطين المذكورين، أمَّا الشيخ شاكر - رحمه الله تعالى - فقد وسَّع الخطو، فصرَّح بالوجوب ص/ 15، ثم ضعف تجاسره فأبداه بحثًا ص/ 17، 29، والله أعلم"؛ "فقه النوازل".


أَعِيرُوني عقولكم أيها السادة!
تعليقاتٌ مُوجَزة ومختَصَرة لبعض النِّقاط التي يتحدَّث بها مَن اختاروا الحساب وتروج عند الناس:
الزعم بأنَّ الأئمَّةَ الأعلام أئمَّةُ فقهٍ لا يُؤخَذ بكلامهم في هذه المسألة؛ لأنهم لا دِراية لهم بالفلك!

وفي ذلك تنقُّصٌ عظيم لأئمَّة الفقه وجهابِذَته من لدن ابن راهويه والأوزاعي وأبي حنيفة والليث والشافعي وغيرهم من الأفذاذ؛ إذ إنَّ هذا الكلام يدلُّ على قُصور هؤلاء الأئمَّة في تصوُّر الأمور والحكم عليها دون تصوُّرها على حقيقتها، وفي الحقيقة فإنَّ القُصور من شأن مَن وصفهم بهذا، فإذا أضَفتَ إلى فهمك أنَّ هؤلاء الأعلام جمعوا أكثر من فنٍّ في آنٍ واحد، وأنَّ فيهم مَن برع في الطب والفلك، ومنهم مَن برَع في الجبر والمنطق وفنون أخرى، كل هذا إلى جانب علمهم بالفقه وبراعَتِهم فيه - تبيَّن لك تهافُت القول بأنهم عُلَماء فقه وليسوا بعلماء فلك.

نسَبُوا القول بالحساب لابن حجر وابن تيميَّة[12]، وبعضهم نسَبَه إلى ابن القيم والقرافي وابن رشد[13].

نقول لهم باختِصار شديد: دعوا شيخ الإسلام ابن تيميَّة؛ فإنَّه قد دحَض شبهاتكم، ونسَف القول باعتبار الحساب أو الالتِفات إليه في رسالته الماتعة المندرجة تحت المجلد الخامس والعشرين من "مجموع فتاواه"، وكذلك دعوا التمسُّح بهؤلاء الأئمَّة؛ فلكلٍّ منهم بيانٌ صريح ناصع في البراءة ممَّا ذهبتُم إليه ومخالفته.

بعض مَن تكلَّم في المسألة نسَب إلى شيخ الإسلام وقوعَ الخلط عنده بين الحساب والتنجيم، مع أنَّ ابن تيميَّة - قدَّس الله رُوحَه - قد فصَّل في المسألة تفصيلاً يُوضِّح ما وقَع فيه أهلُ التنجيم، والفرْق بينه وبين الحساب، والخلَل في الأخْذ بالحساب، ووقُوع الخطأ فيه، فكان من العجيب أنْ يُنسَب إليه مثلُ هذا الخلط الذي وقَع في نفس قائله.

زعَمُوا أنَّ ما فيه المسلمين اليومَ من الفرقة والاختِلاف في مواقيت الصوم والحج، هو من جرَّاء اضطراب الرؤية البصريَّة، وتغافَلُوا عن أسباب التلبيس الأخرى الحاصِلة في الأمَّة؛ مثل: الأسباب السياسيَّة، وتنافُر البلاد المتجاوِرة عن الاتِّحاد حتى على يومٍ واحدٍ يصوم فيه الناس ويفطرون، فأبى كلُّ فريقٍ إلا أنْ ينفَرِد برأيه ولا يكون تابعًا لغيره، لا لأمرٍ إلا اتِّباع الهوى وبطر الحق.

الخلط بين الحساب ورؤية المراصد وتصويرها:
فثَمَّ فرقٌ بين استِخدام المراصد والمناظِير للاستِعانة بها على الرؤية، واستِخدام الحساب الذي هو مَحْضُ عمليَّات حسابيَّة لا علاقة له بآلات الرصد وخلافه، بل غاية ما في الأمر أنَّ الحساب يُرشِدهم إلى وقتِ ظهورٍ معيَّن فيستَطلِعون رؤيته بالآلات؛ فلذا نقول: الآلات هنا خارجُ محلِّ النِّزاع في مسألة الحساب، بل يُمكِن أن تُناقَش في مبحثٍ على حِدَةٍ، أمَّا من عرض بذكر الآلات أراد أنْ يحقر من طريقة الرافِضين للحساب؛ إذ يلزم وصفهم بأنهم غير مُتَواكِبين مع التطوُّر العلمي الهائل الحاصل في آلات الرَّصد، وفي ذلك تلبيسٌ كبير.

التوسُّع في وصْف الهلال إذا ظهَر في السماء واضحًا جليًّا على غير حساباتهم أنَّه كوكب آخَر؛ مثل عطارد، أو الزهرة، أو المشتري؛ فمنهم مَن قال برَدِّ شهادة القوم وإنْ تواطَؤُوا على رؤية الهلال إذا خالَف حساباتهم، ونظرًا لتكرار وقوعِ ذلك وكثرة حدوثه، فمرَّة يقولون: الذي ظهَر هو عطارد، ومرة الزهرة، ومرة سحابة تشكَّلت على شكلِ الهلال، أو أجرامًا سماوية ممَّا لم يَسمَع به أحدٌ من قبل أنْ يُرَى شيء في السماء مثل القمر له ضوء واستِدارَة تُشبِه الهلال، فضلاً عن أنَّ هذا الشيء يَظهَر في نفس الوقت تقريبًا الذي ينتَظِر فيه الناس ظهورَ الهلال، فإذا أضفتَ إلى ذلك أنَّ بعض هذه الكواكب التي يسمُّونها لا تقتَرِن مع القمر إلا في حالاتٍ قليلة، وأنَّ هذه الحالات على ندرتها قد لا يستَطِيع الإنسان رؤية هذا الظهور بالعين المجرَّدة، وإنْ كان ممكنًا حدوثُ الاقتِران مع إمكانيَّة الرؤية بالعين المجرَّدة، فهذه الحالة تُعَدُّ أندر من التي قبلها، فإذا نظرتَ إلى أنَّ التوقيت الذي يحدُث في الاقتِران لا يُوافِق خروج القمر من مرحلة الاستِسرار إلا في القليل الغريب النادر، ومع كلِّ هذا لا تَظهَر هذه الكواكب كالهلال في ضوئه واستِدارته وقرنيه، وإنما تَظهَر على شكلِ نجمٍ في السماء أو أكبر من ذلك بقليلٍ على حسب حجم الكوكب وبُعْدِ مَدارِه عن الأرض، إذا جمعتَ كلَّ هذا علمتَ أنَّ القول برؤية عطارد كالهلال في نفس يومِ انتظارِ الهلال هو دربٌ من تكذيب المرتائين دون التصريح بتكذيبهم، ولقد أبعَدَ أحدُهم[14]؛ إذ زعَم أنَّ ليلةَ تحرِّي الهلال ظهَر ثلاثة كواكب في السماء، وهي: المريخ وعطارد والمشتري، ولم يظهر الهلال في هذه الليلة فاختَلَط على المرتائين؛ حيث يَصعُب على غير المتخصِّصين في الفلك - على حَدِّ زعمِه - التفريق بين هذه الكواكب والهلال الذي نعرفه جميعًا، وهذا الكلام على غرابَتِه هو ضدُّ ما تعرفه البشريَّة بقديمها وحديثها أنْ يَظهَر في السماء ما يُشبِه الهلالَ القمريَّ حتى يختَلِط على الناس التمييز بينهما، كما أنَّ الصُّوَر التي التُقِطتْ لهذه الحالات لا تُؤيِّد ما ذهَب إليه، بل أظهرت الفرق الواضِح الذي يستَطِيع تمييزه الطفل الصغير، فضلاً عن الكبير.

قائمة المراجع:
فتح الباري.
مجموع فتاوى شيخ الإسلام.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد.
سبل السلام؛ للصنعاني.
تفسير ابن كثير.
تفسير البغوي.
تفسير الماوردي.
التحرير والتنوير.
تلخيص الحبير.
الفروق.
التمهيد.
الاستذكار.
فقه النوازل؛ بكر أبو زيد.
فتاوى اللجنة الدائمة.
مدارج السالكين.






آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس