الرحله ( 19 ) تعرف على معوقاتك الذاتية في الحقل أعلاه تحدثنا عن نمط من أنماط المعوقات وهو إلقاء المسؤولية على الآخرين ، وهذا واحدة من ألف شكل من أشكال الإتكالية والهزيمة الكامنة في وعينا ، هناك معوقات أخرى كما أسلفنا كالنقد الذاتي أو الإحساس باللاقيمة أو الشعور بالذنب ، فأي نوع من هذه أو تلك هو الذي يستولي على وعيك ويحرمك من التقدم ؟ تنبه له وحاول أن تتعرف عليه ، قد يكون واحد أو مجموعة أو إثنين متلازمين كالخوف من المجهول أو الشعور بالذنب أو الإحساس باللاقيمة نتيجة تاريخ من الفشل أو التعثر . مشاعرنا الداخلية عزيزي القارئ لا نستطيع أن نسطحها أو نتنكر لها ، لكننا نستطيع أن ننتبه لها ، نتفهمها ، نحترمها ، نعاملها بالحب ، ثم نصرفها عن أذهاننا بالقول : ليس لدي وقت لمثل هذه المشاعر ، أو من الأحسن لي أن أتقدم عوضا عن أن أظل مستغرقا في السباحة في تيار الماضي الذي لا وجود له في الواقع إلا في ذهني أو مخيلتي حسب . عليك أن تكون حازما بقدر ما أنت لطيف متعاطف متفهم مع مشاعرك ، كن حازما بغير قوة ظالمة ، بل بالحسنى ، واصرف مشاعرك التراجعية المعوقة ، صرفا جميلا . هناك حالة غريبة عزيزي القارئ في اجترار المشاعر السلبية ، إلا وهو أننا نشعر بقسط من التلذذ ونحن نجترها ، وهذا هو الخطير المرعب فيها ، ولهذا فإن محاولات إقصائها بالقوة ، تصطدم دوما بجدار سميك من الفشل الذريع ، ولأجل هذا نصحتك بأن تنتبه لها وتعيها ثم تصرفها بالحسنى بمقولة ،(لا وقت لدي لكِ أيتها المشاعر غير المفيدة وغير الجادة) . من الأقوال الجميلة لأحد المفكرين ، هذا القول الذي هزني بقوة وآمنت به : ” أنت لا تملك الإمكانية لدفع ثمن رفاهية الأفكار السلبية المريضة ” . بلى لا وقت لدينا ولا مزيد من العمر أو المال لتقليب مشاعر الخوف والتردد والذنب ، فمن الخير أن نصرفها ونتفرغ لما هو أجدى وأهم وهو أن نبني شخصياتنا الجديدة التي يمكن أن تحقق لنا السعادة التي لم ننلها لحد الآن . لا نشك عزيزي القارئ في أن هذه المشاعر التي تنتابنا هي من موروثات الماضي ، أي مما قيل لنا في الطفولة أو ما تأثرنا به من تجارب في أوقات معينة كنا فيها مستمعين جيدين لهذا أو ذاك من الأهل أو الأحبة ، هذه حقيقة وإلا يكفي أن تنظر لمن حولك لترى أن خياراتك الحالية في الصداقة أو الحب او الزواج ، هي بشكل أو بآخر إعادة استنساخ لنماذج الماضي أو لتأكيد ما قيل لنا من أننا طيبون أو سُذج أو العكس . كل امريء يجتذب إليه اولئك الذين يتناسبون مع شخصيته في الطفولة أو يؤكدون له ما قيل له في الطفولة ، فالرجل الذي تعود على العيش وهو طفل في بيت حافل بالنكد ، تجده يتوجه صوب من ينكد عليه غالبا وكأنه يريد إعادة ربط الماضي بالحاضر ، والفتاة التي قهرت في الطفولة غالبا ما تتوجه صوب من يعيد عليها مشوار القهر الذي لا يخلو من بعض اللذة إذ هو يذكر بزمن مضى ، وكل ماضٍ له في النفس صدى مؤثر . ألا تلاحظ أنك محاط غالبا بأناس يعكسون لك ما في نفسك من مشاعر تجاه نفسك ؟ لو إنك كنت معرضا دوما للنقد في البيت أو العمل ، فهذا غالبا ما يعكس نقدك الذاتي الدائم لنفسك ، وهكذا أغلب الردود التي نتلقاها من الخارج ، فليتنا ننتبه لهذا ونسأل أنفسنا : لماذا هذا الرجل او هذه المرأة لا تكف عن النقد ، أوالمشاكسة والنكد ؟ ستجد أن العلة غالبا هي في هذا الذي نحمله بحنوٍ في داخلنا عن أنفسنا وعن الحياة . مفاهيمنا عزيزي القارئ هي نتاج تربيتنا ومشاعرنا هي إنعكاسات هذه المفاهيم ، وتعثرنا في مشوار النجاح سببه غالبا هو أن هذا البالغ فينا لم يتحرر بعد من إرث الماضي . إنه يوم جديد هذا الذي يشرق عليك اليوم . يوم جديد يجب أن تكون به إنسان جديد ولو قليلا . إنها مسؤوليتنا أن نتقدم وليست مسؤولية آبائنا أو إمهاتنا ، إنها مسؤوليتنا ، وهذه حياتنا وهذا قدرنا في ان نعيش كما نريد أن نعيش لا كما يريد لنا الآخرون . وانتظروني في الرحله 20 بعنوان ( حين تفضحنا المرآة ) وتقترب الرحله على الانتهى .. : )