عرض مشاركة واحدة
قديم 05-26-2012, 02:46 PM رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وحش الجزيرة الخضراء

الفصل الســــــــــــــابــــــ ـــــــع
الشــــــــهـــــــــــيـ ـــــــــــــــــد

في تلك الايام من خريف 1969 كان الوضع يميل الي الاشتعال علي الموقع لايام ثم يعود ليهدأ ايام اخري ، ولم يمر يوما علي خيري بدون ان يتذكر محمد ولحظات الوداع الاخيرة في محطه القطار ، ثم صورته المتشحه بالسواد ، كان يمني نفسه بان النصر قريب وان قواتنا تذيق العدو كل يوم من نيرانها وانه اصاب واسقط العديد من الطائرات التي لم يعد يحصيها ، لكنه عاد وتسأل عن تلك النار التي لا تنطفأ داخله ابدا ، فقد اصبحت كالنابالم الذي حكي عنه حسن رفيقه منذ ما يقرب من عامين ونصف ، فنار قلبه كالنابالم تزداد اشتعالا كلما حاول اطفائها بالمياه .
في تلك الفترة ترقي النقيب مصطفي الي رتبه الرائد ، وهدأت حده الغارات علي الموقع ، فتوقع الجميع ان الطيران الاسرائيلي يركز اهتمامه الان علي موقع اخر، وسعد الجميع بهذا الهدوء عدا خيري بالطبع .
وفي احد الايام ، فاتح خيري الرائد مصطفي في رغبته في الزواج في تلك الفترة مستغلا الهدوء الحالي ، ورحب القائد بذلك جدا ووعده بتلبيه طلبه فور وصول تصديق من قياده التشكيل ، وهو اجراء متبع لمن يرغب في الزواج في وقت الحرب ،
وارسل خيري لعمه خطابا يشرح فيه الموقف ويطلب منه اتمام عقد القران في اسرع وقت ، وبعد ايام جاءة الرد من عمه بأنه علي اتم استعداد لانهاء الاجراءات فور نزول خيري اجازة ، وظل خيري منتظرا وصول تصديق القياده علي زواجه .
ولعل اهم اسبابه الشخصيه في سرعه انهاء اجراءات الزواج ، انه وجد ان نارة لن تنطفئ مهما حارب ومهما حاول بينما لا يبدو ان لتلك الحرب نهايه ، فأثر ان يتزوج ويضم محبوبته الي كنفه في اسرع وقت خاصه مع هذا الهدوء المشوب بالحذر داخل موقعه ، وبعد اسبوع تقريبا جاء التصديق (الموافقه) علي زواجه ، وكان الرائد مصطفي كريما معه لابعد الحدود عندما اعطاه اجازة لمده 5 أيام وهو يعلم ان السفر ذهابا وايابا يقتضي يومين علي الاقل ، وكانت اجازه الثلاث ايام كامله تعتبر منحه غاليه في تلك الفترة لاي جندي او ضابط في هذا الموقع .
وصل خيري الي قريته قرب الظهر ليجد ان قريته تستعد لحفل العرس وان الجميع يتكاتف انهاء الترتيبات ، ووضح ان عمه يهتم جدا بأن تكون ليله عرس يتذكرها الجميع .
وفي المساء التالي تم عقد القران وسط العشرات من الزغاريد ، وكان احساس خيري بالسعاده غريبا جدا عليه ، فهو لم يحس بالسعاده منذ فترة طويله ، فأحساس السعاده دخل نفسه ووجد نفسه غريبا وسط احاسيس الحقد والكراهيه والانتقام التي تملئ جوارحه لدرجه ان خيري الف تلك الاحاسيس وتعود عليها واصبحت جزءا منه ، لذلك كان احساس السعاده غريبا عليه ، لكنه ترك هذا الاحساس يتجول داخله في سعاده وتركه يملئ كل جوارحه في شوق الظمأن وسط الصحراء .
بعد ثلاثه ايام من زفافه علي محبوبته ، غادر خيري منزله بملابسه العسكريه عائدا الي وحدته ، فقد امضي ثلاثه ايام في الجنه كما احس ، كانت سعادته بزوجته تعادل سعادته بعودته الي وحدته ، فيا له من تناقض غريب مؤلم ذلك الذي يحس به وهو يركب العربه تجاه محطه القطار ، فكيف يتساوي لديه الاحساس بالجنه والنار ، كيف يتساوي احساس السعاده والكراهيه داخله ، كيف تحول خلال عامين من انسان مسالم الي شخصيه تحمل حقدا وكرها لا نهايه له .
احس بالسعاده تنسحب من داخله تدريجيا كلما أقترب من السويس ، وعندما دخل ضواحي السويس عاد احساسه كمقاتل كما كان ، فرائحه القتال التي كاد ان ينساها تعبئ جو المدينه ، وسرعان ما اختفت ذكريات الثلاثه ايام الماضيه مع كل خطوة يخطوها تجاه الجزيرة ، وعادت ذكريات الشهداء والمصابين والحرب مرة اخري الي ذاكرته بعد ان انزوت لثلاث ايام
وعلي شاطئ الخليج كان الخبر القاسي ، فقد رحل الريس غريب الي جوار ربه الليله الماضيه ، وتأثر خيري جدا بهذا الخبر فالريس غريب كان بالنسبه له ولزملائه في الجزيرة رمزا كبيرا في الوطنيه والاخلاص للبلد والتضحيه بنفسه وباللنش لكي يوصل الامدادات للموقع .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس