السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ان الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره
و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له
و يضلل فلا هادى له
الحمد لله مستحق الحمد وأهله،
يجزي الصادقين بصدقهم من رحمته وفضله،
ويجازي الكاذبين فيعاقبهم إن شاء بحكمته وعدله،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في حكمه،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أفضل خلقه،
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه،
ومن تبعه في هديه، وسلم تسليماً..
أما بعد:
أحبتى فى الله
اليوم أحببت أن أستريح قليلا من الجهد المبذول
فى إعداد سلسلة خواطر على الطريق
و إستراحتنا لن تكون بالنوم و الثبات
و لكن إستراحتنا ستكون فى رياض سير الأولون
نقتبس من عبق سيرتهم
لنشحذ الهمة لبلوغ الهدف
و أخترت أن أقف امام مشهد ينير عبر التاريخ
ليقول للدنيا هذه هى امة الإسلام
أحبتى فى الله
هذه عبرة من عبر الصحابة و السلف الصالح و التابعين
كان قتيبة بن مسلم الباهلى عليه رحمة الله
فى شرق الكرة الأرضية يفتح المدن و السهول
و فتح الله على يديه مدينة سمرقند بآسيا الوسطى
أفتتحها بدون أن يمهل أهلها و ينذرهم طبقا لمبادىء الاسلام
حيث فتحها عنوة دون أن يعرض على أهلها أحدى الثلاث
إما الاسلام أو الجزية أو القتال
و لما علم أهلها بأن ذلك فى الاسلام
أرسل كهنة سمرقند برسول يحمل رسالة الى أمير المؤمنين
فى ذلك الوقت عمر بن عبدالعزيز
فأخذ الرسول الرسالة و شق طريقه الى دمشق دار الخلافة ،،
يقول الرسول
فوصلت دمشق فأخذت أتجول فى المدينة و خشيت أن أسأل عن قصر السلطان
فيصيبنى ما يصيبنى من أذى
حتى وصلت لبناء عظيم فدخلت فإذا أناس يركعون و يسجدون
فسألت أحدهم أهذه دار الوالى ؟
قال لا بل هذا المسجد
قال هل صليت قلت ؟
قلت و ما صليت ؟
قال ما دينك ؟
قلت على دين أهل سمر قند
فأخذ يحدثنى عن الاسلام حتى شهدت أن لا اله الا الله و أن محمدا رسول الله
و صليت
ثم قلت له معى رسالة من كهنة سمر قند الى أمير المؤمنين
فأين دار امير المؤمنين
فأشار الى دار من طين
قلت له أسالك عن قصر أمير المؤمنين فتدلنى على دار من طين
قال هى دار امير المؤمنين
فذهبت الى الدار فإذا برجل يدهن الدار بالطين
و إمرأة تناوله الطين فرجعت إلى الذى دلنى
فقلت له أسألك عن دار أمير المؤمنين فتدلنى على دار رجل طيان
قال هو ذا أمير المؤمنين
فذهبت الى الدار فسلمت على الرجل
و نزلت المرأة و غسل الرجل يديه و سلم على
فقلت له أأنت أمير المؤمنين؟
قال نعم
ما حاجتك
فقلت له هذه رسالة من كهنة أهل سمرقند
فأخذها و قرأها ثم قلبها و كتب على ظهرها
من عبد الله عمر بن عبد العزيز إلى عامله على سمرقند
أن نصب قاضيا ينظر فيما ذكروا
و ناولنى إياه فأخذتها
و لولا أننى خشيت أن يكذبنى كهنة سمرقند لألقيت بها
ماذا تفعل هذه الكلمات التى كتبها عمر مع قتيبة بن مسلم و جيشه الجرار
الذى دوخ شرق الكرة الأرضية برمتها
ماذا تفعل تلك الكلمات من جيش فرت أمامه جيوش مشرق الأرض برمتها
فى بلاد فارس و الهند و أطراف بلاد الصين و آسيا الوسطى
كيف تجدى تلك الكلمات مع هذا الجيش الجرار؟
يقول
و أخذت أتنقل بين المدن و البلاد عائدا إلى سمرقند
كلما مررت بمسجد صليت فيه
ووصلت سمرقند بفضل الله
و سلمت الرسالة لكهنة سمر قند فقرأوها
فأظلت عليهم الأرض بما رحبت
ماذا تصنع هذه الكلمات مع ذلك الجيش الاسلامى الجرار الذى ما صمدت أمامه مدينة و لا جيوش شرق الكرة الارضية
ثم ذهبوا بالرسالة إلى عامل عمر بن عبدالعزيز على سمرقند فنصب لهم قاضيا
و حدد يوما للنظر فى شكوى أهل سمرقند
أجتمعوا فى الموعد
فقال قاضى المسلمين للسمرقندى
ما شكواك يا سمر قندى
قال لقد إجتاحنا قتيبة و لم يمهلنا و ينذرنا طبقا لمبادىء الإسلام
و فتحكم لمدينة سمر قند باطل
فقال القاضى لخليفة قتيبة و كان قتيبة قد مات عليه رحمه الله
قال أنت ما تقول فى شكواه
قال خليفة قتيبة
لقد كانت أرضهم خصبة و واسعة
وخشى قتيبة أن يتحصنوا عليه إن هو هادنهم و أنذرهم و الحرب خدعة
فقال القاضى ( و أنظروا الى ما قال)
قال لقد خرجنا إلى الأرض فاتحين ناشرين للاسلام لا فاتحين للارض أشرا و بترا
و قضى القاضى بأن يخرج الجيش الإسلامى من المدينة ثم ينذرهم وفقا لمبادىء الاسلام
ما غربت شمس ذلك اليوم إلا و كل الجيش الاسلامى خارج المدينة
فلما رأى أهل سمرقند هذا من عدالة تنفذها الدولة
على جيشها المنتصر و الظافر ببطلان فتحه
و تأمره بالخروج من المدينة
فلما رأوه ذلك أسلموا عن بكرة أبيهم و فرضت الجزية على الباقين
هل رأيتم منظرا مثل ذلك من عدالة تنفذها الدولة على جيشها الظافر ؟
هل وجدت دولة تأمر جيشها الظافر المنتصر
أن يخرج من المدن التى فتحها
لأن الفتح باطل و لم يكن طبقا لمبادىء الإسلام
هذا درس من دورس الاسلام يشق حجب التاريخ
يأتينا ليقول هذه امة الاسلام
و هذا حكمها
فأنظروا و قارنوا
آه أنى تذكرت و الذكرى مؤرقة
مجدا فريدا كان بأيدينا ثم أضعناه
سر خلف بحر الروم و أسأل عن عرب كانوا هناك و اليوم قد تاهوا
و سائل صخر دمشق عن من بناه
يا من يرى عمرا و الكهف مأواه
و الدخن يتخلل ليحته و الادم مرقده
يهتز كسرى طرقا من خوفه و ملوك اليوم تخشاه
و اليوم سرنا خلف الغرب نلتمس من نوره فأصابتنا شظاياه
و آخر دعوانا أن الحمد لله سبحانك اللهم بحمدك نستغفرك و نتوب اليك
هذا و ما كان من ذلل و أو نسيان
فمنى و من الشيطان و الله و رسوله منه براء
و ما كان من توفيق فمن الله وحده
و أقول قولى هذا و استغفر الله لى و لكم
و أخر دعوانا أن الحمد لله نستغفره و نتوب إليه
و نعوذ بالله من شرور انفسنا و سيئات أعمالنا
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الرحيل
08-12-2014, 05:47 PM
تلك أمة حكمها رحمة و نعمة -- دروس لجيوش الأرض
رد: تلك أمة حكمها رحمة و نعمة -- دروس لجيوش الأرض
