23 مليون لغم في مصر
مع نهاية الحروب في مصر بدءاً من الحرب العالمية الثانية التي دارت رحاها في منطقة الصحراء الغربية في الفترة ما بين عامي 1940 ــ 1942 ومروراً بالعدوان الثلاثي عام 1956 وانتهاء بحرب حزيران (يونيو) عام 1967 ورحيل القوات الاجنبية، بدأت مصر تعاني مشكلة أخري خلفتها الحروب المتوالية التي شهدتها وتمثلت تلك في العدد الهائل من الألغام الأرضية ومخلفات الحروب الأخري التي خلفتها القوات الغازية والتي يقدر عددها بحوالي 23 مليون لغم في الصحراء الغربية و6 ملايين لغم في سيناء ومنطقة اقليم السويس أي ان اجمالي الالغام في مصر تمثل 26 في المائة من حجم الالغام المزروعة في العالم وقد تسببت تلك الألغام في خسائر بشرية جسيمة خلال 57 عاماً مضت حيث قتلت حقول الألغام في الصحراء 696 مصرياً بينهم 278 عسكرياً و418 مدنياً. كما أصابت 7617 مصرياً بينهم 4599 مدنياً و3018 عسكرياً بالاضافة الي آلاف القتلي والجرحي في منطقة السويس وصحراء سيناء كما تسببت تلك الألغام في عرقلة خطط التنمية في تلك المناطق، ففي الصحراء الغربية تسبب وجود الألغام في عدم استغلال ما يقرب من 248 ألف هكتار من أجود الأراضي، وفي منطقة سيناء والسويس تسببت في عرقلة اقامة المشروعات السياحية التي كان يمكن ان تدر علي مصر، مئات الملايين من الدولارات والتي يمكن ان تسهم في علاج الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر ولا يقتصر الأمر علي تلك الدولارات التي كان يمكن ان تذهب الي الخزانة المصرية بل تعداه الي مئات الملايين التي تدفعها الخزانة المصرية كتعويضات للمتضررين من ضحايا تلك الألغام أو تكلفة ازالة تلك الألغام. وأمام خطورة هذا الوضع تحركت مصر لمطالبة الدول التي قامت بزرع الألغام بتقديم خرائط للمناطق المزروع بها الألغام والمساهمة في تكلفة ازالتها، ودارت مفاوضات عديدة بين مصر وتلك الدول استغرقت سنوات طويلة أسفرت عن عقد مؤتمر دولي في القاهرة لمكافحة الألغام عام 1983. وعقب المؤتمر سلمت الدول التي شاركت في معارك العلمين وهي بريطانيا وايطاليا وألمانيا خرائط تحدد مواقع الألغام ولكنها لم تكن خرائط تفصيلية حيث لم تحدد طريقة رص تلك الألغام، كما ساهمت عوامل التعرية المختلفة في تحريك مواقعها بالاضافة الي وجود متفجرات اخري علي سطح الأرض كالدانات والقنابل التي لم تنفجر، وتوقف الأمر عشر سنوات ثم أثير هذا الأمر مرة اخري في الدورة 48 للأمم المتحدة عام 1993م وخلال هذه المناقشات أثيرت مشكلة الألغام في الصحراء الغربية ولكن المندوب المصري الدائم في الأمم المتحدة فوجئ بالتقرير النهائي للجلسة ينص علي ان مصر فيها 600 لغم فقط وان القوات المسلحة المصرية بما لديها من خبرات قادرة علي ازالتها ثم طرح الأمر للنقاش مرة اخري في الدورة 49 للجميعة العامة للأمم المتحدة عام 1994م وتم خلالها تصحيح الأرقام وتبين للعالم ان مصر فيها 288 الف هكتار تحتوي علي 7،22 مليون لغم في سيناء والصحراء الغربية وبرغم هذا لم يتم اعتماد تلك الأرقام مما دفع مصر الي عقد مؤتمر لازالة الألغام من الدول المتضررة من المشكلة في جنيف وعقب ذلك تم عقد مؤتمر دولي آخر في بودابست في حزيران (يونيو) عام 1995م عندما قامت بعض الدول المتقدمة بالدعوة الي تعديل بروتوكول