العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > سيرة الانبياء والصحابة

سيرة الانبياء والصحابة قسم السيرة النبوية لمواضيع السيرة النبوية , سيرة سير الانبياء , قصص الانبياء , قصص انبياء الله اسلامية , قصص نبوية وصف النبي , غزوات النبي , معجزات النبي مدح النبي , حياة النبي ,أخلاق النبي , حب النبي , قبر النبي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 11-10-2010, 08:17 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي طريقة السلف وحسابات الفلك

طريقة السلف وحسابات الفلك



لَمَّا كَثُر الجدَل في مسألة رؤية الهلال، وتعالَتِ الأصوات بأهميَّة الحساب، واعتِباره دليلاً قطعيًّا على دخول الشهر، وتكلَّم في الموضوع مَن ليس أهلاً للكلام فيه، حتى تخرَّص بذلك الكُتَّاب والصحفيُّون، ومَن لا دِراية لهم بنصوص الشرع ولا بضَوابِطه، ممَّا لم تكن الحاجة مع هؤلاء مُلِحَّة في بيان حكْم الشرع وأدلَّته؛ إذ إنَّ العِلم بالمسألة واضحٌ ومنشور، والدليل عليه مشهور، ولم يُخالِفه مَن يُعتَدُّ بقوله.

لكن لَمَّا تكلَّم بهذا الأمر مَن يُنسَب إلى العلم وإلى الدعوة إلى الله، ممَّن وقَع في زلَّةٍ عظيمة، وهوى في القول بالرأي المُعارِض في حقيقته لدلالات الشَّرع، والمُخالِف لما أجمَعَ عليه أهلُ الدِّرايَة والعلم، وكان سببُ ذلك ما تبنَّاه بعضُهم من أصولٍ فاسدة ترتَّب عليها هذا الاجتِراء، وقادَتْهُم أصولُهم إلى البعد عن الصواب ومُفارَقة طريق الاتِّباع.

ولقد طارَتْ بأقوالهم النقَّال، وانتَشرَتْ هذه الآراء على صفحات المواقع العنكبوتيَّة بين مُؤيِّد ومُعارِض؛ ممَّا حَدَا إلى ضَرورة البيان لهذا الأمر الجليِّ، والحق الصُّراح الذي ورَد فيه النصُّ الصريح، وجزَم به العقلُ الصحيح.

فكان لا بُدَّ من بَيان طريقة السَّلَف في إثبات المَواقِيت والأهلَّة، البعيدة كلَّ البعد عن طريق العصريِّين الحديثة في فرْض مذهبهم وتحسينه للسامِعين؛ إذ إنَّ طريقة السَّلَف وسلوكهم في هذا الباب هو عينُ ما سلَكَه النبيُّ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصحبه الكرام في البعد عن التعنُّت، ورفْع الحرَج عن الأمَّة.

وكانت هذه الكلمات في العناصر التالية:
في أنَّ القول باعتِبار الحساب دون الرؤيا أو مقيِّدًا للرؤيا ليس هو طريق السلف، ولا يَتماشَى مع صريح النصِّ، ولا مع ما أجمَعُوا عليه، مع إمكانيَّة ذلك في عصرهم، غير أنهم طرَحُوه ولم يعتدُّوا به.

فيما يلي سنُبيِّن أنَّ القول باعتِماد الحِساب الفلكي في إثبات الشهر أو في رَدِّ شَهادة الشُّهود برؤية الهلال، هو قولٌ يُخالِف النصَّ والإجماع والنظَر.

أولاً: في ورود النصِّ بإبطال الحساب في الإهلال ومعرفة دخول الشهر:
حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - يُحدِّث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّا أمَّةٌ أميَّةٌ لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا - وعقَد الإبهامَ في الثالثة - والشهر هكذا وهكذا وهكذا - يعني: تَمام ثلاثين))[1].

يقول شيخُ الإسلام: "قوله: ((إنَّا أمَّة أميَّة لا نكتُب ولا نحسب)) هو خبرٌ تضمَّن نهيًا؛ فإنَّه أخبَر أنَّ الأمَّة التي اتبعَتْه هي الأمَّة الوسط، أميَّة لا تكتُب ولا تحسب، فمَن كتَب أو حسب لم يكن من هذه الأمَّة في هذا الحكم؛ بل يكون قد اتَّبَع غيرَ سبيل المؤمنين، الذين هم هذه الأمَّة، فيكون قد فعَل ما ليس من دينها، والخروج عنها محرَّمٌ منهيٌّ عنه؛ فيكون الكتاب والحساب المذكوران محرَّمينِ منهيًّا عنهما"؛ "مجموع الفتاوى" ج25.

والمعنى في قوله: ((لا نكتب ولا نحسب)) هو نفي احتِياج الأمَّة في أمر الهلال إلى كتابٍ ولا حسابٍ؛ إذ هو تارة كذلك، وتارة كذلك.

يقول شيخُ الإسلام: "وقد قدَّمنا فيما تقدَّم أنَّ النفي وإنْ كان على إطلاقه يكون عامًّا، فإذا كان في سِياق الكلام ما يُبيِّن المقصود علم به المقصود أخاصٌّ هو أم عامٌّ، فلمَّا قرَن ذلك بقوله: ((الشهر ثلاثون، والشهر تسعة وعشرون))، بيَّن أنَّ المراد به: أنَّا لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتابٍ ولا حساب؛ إذ هو تارة كذلك، وتارة كذلك، والفارق بينهما هو الرؤية فقط، ليس بينهما فرقٌ آخَر من كتاب ولا حساب كما سنبيِّنه؛ فإنَّ أرباب الكتاب والحساب لا يقدرون على أنْ يضبِطُوا الرؤية بضبطٍ مستمرٍّ؛ وإنما يُقرِّبون ذلك، فيُصِيبون تارةً، ويُخطِئون أخرى.

وظهَر بذلك أنَّ الأميَّة المذكورة هنا صفةُ مدحٍ وكمالٍ من وجوه؛ من جهة الاستِغناء عن الكتاب والحساب بما هو أبيَنُ منه وأظهَرُ، وهو الهلال، ومن جهة أنَّ الكتاب والحساب هنا يدخُلهما غلطٌ، ومن جهة أنَّ فيهما تعبًا كثيرًا بلا فائدة، فإنَّ ذلك شغلٌ عن المصالح؛ إذ هذا مقصودٌ لغيره لا لنفسه، وإذا كان نفيُ الكتاب والحساب عنهم للاستِغناء عنه بخيرٍ منه وللمَفسَدة التي فيه، كان الكتاب والحساب في ذلك نقصًا وعيبًا، بل سيِّئة وذنبًا، فمَن دخَل فيه فقد خرَج عن الأمَّة الأميَّة فيما هو من الكمال والفضل السالم عن المفسدة، ودخَل في أمرٍ ناقصٍ يُؤدِّيه إلى الفساد والاضطراب...".

إلى أنْ قال: "فالكمال والفضل الذي يَحصل برؤية الهلال دون الحِساب، يَزُول بِمُراعاة الحِساب لو لم يكن فيه مفسدة"؛ "مجموع الفتاوى" ج25.

حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أنَّه ذكَر رمضان فقال: ((لا تَصُوموا حتى تروا الهلال، ولا تُفطِروا حتى ترَوْه، فإنْ أُغمِيَ عليكم فاقدروا له))[2].

فهذا مثل جميع أوامر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - التي يجب الامتِثال لها؛ مثل أمره للرُّماة ألاَّ يَنزِلوا من الجبل وإن رأيتمونا تخطفنا الطيرُ، وقد قال - تعالى -: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

قال ابن تيميَّة: "ما دلَّتْ عليه الأحاديث ما في قوله ((لا تصوموا حتى ترَوْه، ولا تُفطِروا حتى تروه))، كما ثبَتَ ذلك عنه من حديث ابن عمر، فنهى عن الصوم قبل رؤيته، وعن الفطر قبل رؤيته، ولا يخلو النهي إمَّا أنْ يكون عامًّا في الصوم فرضًا ونفلاً، ونذرًا وقضاء، أو يكون المراد: فلا تصوموا رمضانَ حتى تروه، وعلى التقديرين فقد نهى أنْ يُصام رمضان قبل الرؤية، والرؤية الإحساس والإبصار به، فمتى لم يره المسلمون كيف يجوز أنْ يُقال: قد أخبَر مُخبِر أنَّه يُرَى؟ وإذا رُئِي كيف يجوزُ أنْ يُقال: أخبَر مُخبِرٌ أنَّه لا يُرَى؟ وقد علم أنَّ قوله: ((فلا تصوموا حتى ترَوْه، ولا تُفطِروا حتى ترَوْه)) ليس المراد به أنَّه لا يَصومُه أحدٌ حتى يَراه بنفسه، بل لا يَصومُه أحدٌ حتى يراه أو يراه غيره".
حديث ابنِ عُمر - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إذا رأيتُمُوه فصُوموا، وإذا رأَيتُمُوه فأَفطِرُوا، فإنْ غُمَّ عليكم فاقْدرُوا له))؛ متفقٌ عليه، ولمسلم: ((فإنْ أُغمِي عليكم فاقدرُوا له ثلاثين))، وللبخاري: ((فأَكْمِلوا العِدَّة ثلاثين)).

"قال ابن بطَّال: في الحديث دفعٌ لِمُراعاة المنجِّمين، وإنما المعوَّل عليه رؤية الأهلَّة، وقد نُهِينا عن التكلُّف، وقد قال الباجي في الردِّ على مَن قال: إنَّه يجوز للحاسب والمنجِّم وغيرهما الصوم والإفطار اعتِمادًا على النجوم: إنَّ إجماع السَّلَف حُجَّة عليهم"؛ "سبل السلام"؛ للصنعاني.

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتحفَّظ من هِلال شعبان ما لا يتحفَّظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإنْ غُمَّ عليه عَدَّ ثلاثين يومًا ثم صام"[3].
عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تَقَدَّموا الشهرَ حتى تروا الهلال أو تُكمِلوا العدَّة، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تُكمِلوا العدَّة))[4].
قال الله - تعالى -: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [البقرة: 189].

قال الإمام ابن كثير: "وقال أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: بلَغَنا أنَّهم قالوا: يا رسول الله، لِمَ خُلِقَت الأهلَّة؟ فأنزل الله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ﴾ [البقرة: 189]، يقول: جعَلَها الله مواقيت لصَوْم المسلمين وإفطارهم، وعدَّة نسائهم، ومَحلِّ دَيْنهم، وكذا رُوِي عن عَطاء، والضحَّاك، وقتادة، والسدي، والربيع بن أنس، نحو ذلك"؛ "تفسير ابن كثير" ج1.

قال الإمام البغوي: "﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ﴾ [البقرة: 189]، وهي جمعُ هلال، مثل رداء وأردية، سُمِّي هلالاً؛ لأن الناس يَرفَعون أصواتهم بالذِّكر عند رؤيته من قولهم: استَهَلَّ الصبي، إذا صرَخ حين يُولَد، وأهلَّ القومُ بالحج، إذا رفَعُوا أصواتهم بالتلبية، ﴿ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [البقرة: 189] جمع ميقات؛ أي: فعَلنا ذلك ليَعلَم الناسُ أوقات الحج والعمرة، والصوم والإفطار، وآجال الدُّيون، وعِدَد النساء، وغيرها؛ فلذلك خالَف بينه وبين الشمس التي هي دائمةٌ على حالة واحدة"؛ "تفسير البغوي".

قال ابن تيميَّة: "فجعَل الله الأهلَّة مَواقِيت للناس في الأحكام الثابتة بالشرع ابتداءً، أو سببًا من العبادة، وللأحكام التي تَثبُت بشُرُوط العبد، فما ثبَتَ من المُؤقَّتات بشرعٍ أو شرطٍ فالهلال مِيقات له، وهذا يَدخُل فيه الصيام، والحج، ومُدَّة الإيلاء، والعدَّة، وصوم الكفارة، وهذه الخمسة في القرآن...".

ثم قال - رحمه الله -: "فالمقصود: أنَّ المواقيت حُدِّدت بأمرٍ ظاهِرٍ بيِّن، يشتَرِك فيه الناس ولا يشركُ الهلالَ في ذلك شيءٌ، فإنَّ اجتماع الشمس والقمر الذي هو تحاذِيهما الكائنُ قبل الهلال أمرٌ خفيٌّ لا يُعرَف إلا بحسابٍ ينفَرِد به بعضُ الناس مع تعبٍ وتضييعِ زمانٍ كثيرٍ، واشتغالٍ عمَّا يَعنِي الناس، وما لا بُدَّ له منه، وربما وقَع فيه الغلَط والاختلاف"؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص132 - 133.

فتبيَّن ممَّا سبَق أنَّ المواقيت التي يَحتاج إليها الناس في عِباداتهم ومعامَلاتهم، جعَلَها الله بأمرٍ ظاهر بَيِّن، وعلامةٍ يشتَرِك فيها أهلُ كلِّ زمان، وتَصلُح لكلِّ أوان، ألاَ وهي الهلال الذي يستهلُّ للناس في السماء، وليس على الحساب الذي لا يَعرِفه كلُّ أحدٍ، وما فَتِئ أهلُ العصر بتعلُّم مَبادِئه حتى شمَّروا لتغيير أحكامٍ انعقدَتْ بنصوص الشرع، وأجمع عليها أعلام الأمَّة وهُداتها على مَرِّ العصور.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: "فإنَّا نعلَم بالاضطرار من دِينِ الإسلام أنَّ العمَل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدَّة أو الإيلاء، أو غير ذلك من الأحكام المعلَّقة بالهلال، بخبر الحاسب أنَّه يرى أو لا يرى - لا يجوز، والنُّصوص المستفيضة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بذلك كثيرةٌ، وقد أجمَع المسلمون عليه".

قال الله - تعالى -: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].

على أحد التأوِيلَيْن بأنَّ ﴿ مَن شَهِدَ ﴾ يعني: مَن علم، والعلم هنا علمٌ بدخول الشهر، ولا يكون ذلك إلا بما اعتبَرَه الشرع دليلاً لدخول الشهر، وهذا هو المتحقق في الرؤية.

"ويجوز أنْ يكون ﴿ شَهِدَ ﴾ بمعنى: عَلِم؛ كقوله - تعالى -: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [آل عمران: 18]، فيكون انتِصاب الشهر على المفعول به بتقدير مضاف؛ أي: علم بحلول الشهر"[5].

ثانيًا: في إثبات إجماع السلف، وتَوضِيح طريقتهم في هذا الأمر:
أجمع علماء الإسلام الكِرام الذين يُعتَدُّ بإجماعهم على أنَّ المُعتَبَر في إثبات دخول الشهر هو رؤية الهلال، ولا اعتِبار للحِساب في هذا الأمر، بغَضِّ النَّظَرِ عن صحَّة هذا الحساب أم خطئه، ظنيًّا كان أم يقينيًّا.

ومن المعلوم المتَّفَق عليه أنَّ إجماع الأمَّة حجَّة؛ قال ابن حجر: "والذي نرتَضِيه رأيًا، ونَدِين الله به عقيدةً، اتِّباع سلف الأمَّة؛ للدليل القاطع على أنَّ إجماعَ الأمَّة حُجَّة"؛ "فتح الباري" ج13 ص407.

قال ابن حجر في "فتح الباري": "وقال ابن الصبَّاغ: أمَّا بالحساب فلا يلزمه بلا خِلافٍ بين أصحابنا، قلت: ونقَل ابن المنذر قبلَه الإجماعَ على ذلك؛ فقال في "الإشراف": صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يرَ الهلال مع الصَّحْوِ لا يجب بإجماع الأمَّة، وقد صَحَّ عن أكثَرِ الصحابة والتابِعين كراهتُه، هكذا أطلَق ولم يُفصِّل بين حاسبٍ وغيره، فمَن فرَّق بينهم كان محجوجًا بالإجماع قبلَه"؛ "فتح الباري" ج4 ص121 وما بعدها.

قال المناوي في "فيض القدير": "وقال ابن تيميَّة: أجمع المسلمون إلا مَن شَذَّ من المتأخِّرين المخالِفين المسبوقين بالإجماع - على أنَّ مَواقِيت الصوم والفطر والنسك إنما تُقام الرؤية عند إمكانها، لا بالكتاب والحساب الذي يَسلُكه الأعاجم من رُومٍ وفُرس وهند وقبط وأهل كتاب، وقد قِيل: إنَّ أهل الكتاب أُمِرُوا بالرؤية لكنَّهم بدَّلُوا".

قال ابن رشد في "بداية المجتهد": "فإنَّ العُلَماء أجمَعُوا على أنَّ الشهر العربي يكون تسعًا وعشرين ويكون ثلاثين، وعلى أنَّ الاعتِبار في تحديد شهر رمضان إنما هو الرؤية؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((صوموا لرؤيته، وأفطِرُوا لرؤيته)).

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: "فإنَّا نعلَم بالاضطرار من دين الإسلام أنَّ العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج، أو العدَّة أو الإيلاء، أو غير ذلك من الأحكام المُعَلَّقة بالهلال، بخبر الحاسب أنَّه يرى أو لا يرى - لا يجوز، والنُّصوص المستَفِيضة عن النبيِّ بذلك كثيرةٌ، وقد أجمَعَ المسلِمون عليه، ولا يُعرَف فيه خلافٌ قديم أصلاً ولا خِلافٌ حديث، إلاَّ أنَّ بعض المتأخِّرين من المتفقِّهة الحادِثين بعد المائة الثالثة زعَم أنَّه إذا غُمَّ الهلال جازَ للحاسب أنْ يَعمَل في حقِّ نفسه بالحِساب، فإنْ كان الحساب دَلَّ على الرؤية صامَ، وإلا فلا، وهذا القول وإنْ كان مُقيَّدًا بالإغمام ومختصًّا بالحاسب، فهو شاذٌّ مسبوقٌ بالإجماع على خِلافِه، فأمَّا اتِّباعُ ذلك في الصَّحْوِ أو تعليق عموم الحكم العام به، فما قاله مسلمٌ"؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص132 - 133.

"قال ابن بطَّال: في الحديث دفعٌ لِمُراعاة المنجِّمين، وإنما المعول عليه رؤية الأهلَّة، وقد نُهِينا عن التكلُّف، وقد قال الباجي في الردِّ على مَن قال: إنه يجوز للحاسب والمنجِّم وغيرِهما الصومُ والإفطار اعتِمادًا على النجوم: إنَّ إجماعَ السَّلَف حجَّةٌ عليهم"؛ "سبل السلام"؛ للصنعاني.

هذا، "وقد حكَى الإجماع على مُوجبه غيرُ واحدٍ من أهل العلم في القديم والحديث؛ منهم: ابن المنذر في "الإشراف"، وسند من المالكية، والباجي، وابن رشد القرطبي، وشيخ الإسلام ابن تيميَّة، والحافظ ابن حجر، والسبكي، والعيني، وابن عابدين، والشوكاني، وصديق حسن خان في تفسيرهما لقوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ... ﴾ الآية، وملا علي قاري"[6].

واعلَم أنَّ هذه المسألة لم يقل بخلافها أحدٌ من الصحابة[7]، وهذا الإجماع الذي بين أيدينا مُنعَقِدٌ في القديم، ولا يَقدَح فيه مُخالفَةُ مَن جاء بعدَه؛ إذ هو حجَّةٌ على المتأخِّرين عنه، كما هو مُقرَّر في علم الأصول.

وأمَّا قول مَن قال من آحادِ أهل العلم بجواز الحِساب في استِهلال الشهر، فقولهم هذا مردودٌ؛ لمصادمته لدلالة الكتاب والسنَّة وإجماع الأمَّة، ومع هذا فقولهم مقيَّدٌ بالغمام ولا يتعدَّى الجواز، ولم يقل بوجوب الحساب أحدٌ من المتقدِّمين ولا المتأخِّرين، إلا أقوال بعض المعاصِرين[8]، وفي هذا البحث سنَقوم بتوضيح ذلك - إنْ شاء الله تعالى.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 11-10-2010, 08:43 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: طريقة السلف وحسابات الفلك

ثالثًا: من جهة النظر:
قال أبو محمد بن حزم: "وكذلك النظر؛ لأنَّ النظر الصحيح إنما هو البرهان، وإنما تأتي أغاليطُ وشُبَهٌ يَظُنُّ قومٌ أنها برهانٌ وليست برهانًا، فليس هذا داخِلاً في النظر"؛ "الإحكام" ج6 ص 195.

ومن أجل مُناقَشة هذه المسائل المُثارَة؛ يحسن أنْ يندَرِج كلامُنا في نِقاطٍ مُتتالِيَة:
في أنَّ الحساب الفلكي ليس يقينيًّا ولا قطعيًّا كما يَزعُم الزاعِمون.
ذلك أنَّ الذين تكلَّموا في هذه المسألة بنَوْا كلامَهم في الغالِب على مقدمة واحدة؛ ألا وهي أنَّ هذا الحساب قطعيٌّ، فكيف نترُك هذا الحِساب اليقينيَّ لأمرٍ قد يقَع له التوهُّم والخطأ، ولا نَسمَع غيرَ كلمتي: قطعي ويقيني في المسألة، وإذا سألتَ أحدَهم دليلَ كونِ هذا الحساب قطعيًّا كما يدَّعِي، لما أجاب بدلائل تصلح لأحكامٍ يَبنِي عليها الشرعُ أحكامَه وبيِّناته، بل الغالب على كلامهم استِخدامُ دلائل عقليَّة تدلُّ على اضطراب الفهْم، ومقدمات لا تَصلُح للاستِدلال الشرعي.

فنقول وبالله التوفيق:
إنَّ الأدلَّة السابقة تَلغِي اعتبارَ الحساب في هذه المسألة، ولا تُبِيح لأحدٍ الأخذَ به حتى لو كان يقينيًّا؛ إذ اتِّباع الشرع مُقدَّم على اتِّباع الرأي والعقل.

إنَّ هذا الحساب يكون ظنيًّا من جهة كون الحاسب أخبَرَ به، والحاسب يَرِدُ عليه الكذبُ والخطأ والتوهُّم، كما قد يعرض كلُّ ذلك للرائي، والفرق بينهما أنَّ الشارع أقامَ أوامِرَه التعبُّديَّة على هذه - أي: الرؤية - دون تلك - أي: الحساب - لحِكَمٍ يَعلَمُها الله ونلتَمِس معرفة بعضها.

إنَّ هذا الحِساب ليس قطعيَّ الدلالة كما يَزعُمون، ولا هو صحيحٌ يقينيٌّ بلا خِلافٍ كما يتوهَّمون؛ إذ إنَّه لا دَليلَ على قطعيَّته سوى شهادة الفلكيين لأنفسهم بالدقَّة المتناهِيَة، وهذا لا يُعَدُّ دليلاً على صحَّة ادِّعائهم، وأنَّ الانبِهار بما وصَل إليه العلمُ الحديث لا يَصلُح للاستِدلال في المسائل الفقهيَّة خاصَّة، وفي كلِّ يومٍ يكتَشِف العالم أخطاء كان يعدُّها بالأمس القريب قطعيَّات، ثم ما يَلبَث أنْ ينكَشِف للجميع خطَأُ التقديرات، وخللٌ في الآلات والأدوات.

يُوضِّح شيخُ الإسلام ابن تيميَّة أنَّ طريقة الحساب غير دقيقة ولا منضبطة، ويَرِدُ فيها الخطأ ولا ضابط لها، ويُقَرِّر هذه الحقيقةَ في مواضع عِدَّة؛ حيث يقول - رحمه الله -: "واتَّفَق أهلُ الحساب العُقَلاء على أنَّ معرفة ظهور الهلال لا يُضبَط بالحساب ضبطًا تامًّا قطُّ؛ ولذلك لم يتكلَّم فيه حُذَّاق الحساب؛ بل أنكروه، وإنما تكلَّم فيه قومٌ من متأخِّريهم تقريبًا، وذلك ضلالٌ عن دين الله وتغييرٌ له، شبيهٌ بضَلال اليهود والنصارى عمَّا أُمِروا به من الهلال إلى غاية الشمس وقت اجتِماع القرصَيْن الذي هو الاستِسرار، وليس بالشهور الهلالية ونحو ذلك".

إلى أنْ قال: "فمَن أخَذ علمَ الهلال الذي جعَلَه الله مواقيت للناس والحج بالكتاب والحساب، فهو فاسدُ العقل والدين، والحساب إذا صَحَّ حسابُه أكثر ما يُمكِنه ضبط المسافة التي بين الشمس والقمر وقت الغروب مثلاً، وهو الذي يُسمَّى بُعْد القمر عن الشمس، لكن كونه يُرَى لا محالة أو لا يُرَى بحالٍ لا يُعلَم بذلك؛ فإنَّ الرؤية تختَلِف بعلوِّ الأرض وانخِفاضها، وصَفاء الجو وكدره، وكذلك البصرُ وحدَّتُه، ودوام التحديق وقصره، وتصويب التحديق وخطؤه، وكثرة المترائِين وقلَّتهم، وغلظ الهلال، وقد لا يُرَى وقت الغروبِ، ثم بعد ذلك يَزداد بُعدُه عن الشمس فيزداد نورًا، ويخلص من الشُّعاع المانع من رؤيته فيُرَى حينئذٍ، وكذلك لم يتَّفِقوا على قوسٍ واحدٍ لرؤيته بل اضطربوا فيه كثيرًا، ولا أصلَ له؛ وإنما مرجعه إلى العادة، وليس لها ضابط حسابي.

فمنهم مَن ينقصه عن عشر درجات، ومنهم مَن يزيد، وفي الزيادة والنقص أقوالٌ متقابلةٌ، من جنس أقوال مَن رامَ ضبْط عدد التواتُر الموجب لحصول العلم بالمخبر، وليس له ضابط عددي؛ إذ للعلم أسبابٌ وراء العدد كما للرؤية"؛ "مجموع الفتاوى" ج6 ص 589 - 591.

ويقول - رحمه الله -: "وليس لأحدٍ منهم طريقةٌ منضبطة أصلاً، بل أيَّة طريقةٍ سلَكُوها فإنَّ الخطأ واقعٌ فيها أيضًا؛ فإنَّ الله - سبحانه - لم يجعَل لِمَطْلَع الهِلال حِسابًا مستقيمًا، بل لا يُمكِن أنْ يكون إلى رؤيته طريقٌ مُطَّرِدٌ إلا الرؤية، وقد سلَكُوا طرقًا كما سلَك الأوَّلون منهم مَن لم يضبطوا سَيْرَه إلا بالتعديل الذي يتَّفِق الحساب على أنَّه غيرُ مُطَّرِدٍ؛ وإنما هو تقريب"؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص 145 حتى 190.

ويقول - رحمه الله -: "وأمَّا العقل فاعلَمْ أنَّ المحقِّقين من أهل الحِساب كلهم مُتَّفِقون على أنَّه لا يُمكِن ضبطُ الرؤية بحسابٍ، بحيث يحكم بأنَّه يرى لا محالة أو لا يرى ألبتَّة على وجهٍ مُطَّرِدٍ؛ وإنما قد يتَّفِق ذلك أو لا يُمكِن بعض الأوقات؛ ولهذا كان المعتَنُون بهذا الفنِّ من الأمم الرُّوم والهند والفرس والعرب وغيرهم؛ مثل بطليموس الذي هو مقدم هؤلاء ومَن بعدهم، قبل الإسلام وبعده - لم ينسبوا إليه في الرُّؤية حرفًا واحدًا ولا حدوه كما حدوا اجتِماعَ القرصين، وإنما تكلَّم به قومٌ منهم في أبناء الإسلام؛ مثل: كوشيار الديلمي..."؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص 145 حتى 190.

ويقول - رحمه الله -: "وأمَّا الإهلال، فلا له عندهم من جهة الحساب ضبطٌ؛ لأنه لا يُضبَط بحسابٍ يُعرَف كما يُعرَف وقت الكسوف والخسوف"؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص 145 حتى 190.

ويَذكُر شيخ الإسلام سببَ امتِناع الضبط: "وبيان امتِناع ضبط ذلك أنَّ الحاسب إنما يُقدِّره على ضبْط شبح الشمس والقمر وجريهما أنهما يَتحاذيان في الساعة الفلانيَّة، في البرج الفلاني، في السماء المحاذي للمكان الفلاني من الأرض، سواء كان الاجتِماع من ليلٍ أو نهار، وهذا الاجتِماع يكون بعد الاستِسرار وقبل الاستهلال، فإنَّ القمر يَجرِي في مَنازِله الثمانية والعشرين كما قدَّرَه الله منازل، ثم يقرب من الشمس فيستسر ليلة أو ليلتين لمحاذاته لها، فإذا خرَج من تحتها جعَل الله فيه النور، ثم يَزداد النور كلَّما بعد عنها إلى أنْ يقابلها ليلة الإبدار، ثم ينقص كلَّما قرب منها إلى أنْ يُجامِعها؛ ولهذا يقولون: الاجتماع والاستقبال، ولا يقدرون أن يقولوا: الهلال وقت المفارقة على كذا، يقولون: الاجتماع وقت الاستِسرار، والاستقبال وقت الإبدار"؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص 145 حتى 190.

ويُعدِّد ابن تيميَّة - رحمه الله - طرق الحساب على النحو التالي:
1 - يقول - رحمه الله -: "فأمَّا الذين يعتَمِدون على حِساب الشُّهور وتعديلها فيعتَبِرونه برمضان الماضي أو برجب، أو يَضعُون جدولاً يعتَمِدون عليه، فهم مع مخالَفتِهم لقوله: ((لا نكتب ولا نحسب))، إنما عمدتهم تعديلُ سير النيرين، والتعديل أنْ يأخُذ أعلى سيرهما وأدناه فيأخُذ الوسط منه ويجمعه، ولَمَّا كان الغالب على شهور العام أنَّ الأوَّل ثلاثون والثاني تسعة وعشرون، كان جميعُ أنواع هذا الحساب والكتاب مبنيَّة على أنَّ الشهر الأول ثلاثون والثاني تسعة وعشرون، والسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون، ويحتاجون أنْ يكتبوا في كلِّ عِدَّة من السنين زيادة يوم تصير فيه السنة ثلاثمائة وخمسة وخمسين يومًا، يزيدونه في ذي الحجة مثلاً، فهذا أصلُ عدَّتهم، وهذا القدر موافقٌ في أكثر الأوقات؛ لأنَّ الغالب على الشهور هكذا، ولكنَّه غير مُطَّرِد، فقد يَتوالَى شهران وثلاثة وأكثر ثلاثين، وقد يَتوالَى شهران وثلاثة وأكثر تسعة وعشرين، فينتقض كتابهم وحسابهم، ويفسد دينهم الذي ليس بقيم، وهذا من الأسباب المُوجِبة لئلاَّ يُعمَل بالكتاب والحساب في الأهلَّة.

فهذه طريقةُ هؤلاء المبتَدِعة المارِقين الخارجين عن شريعة الإسلام، الذين يحسبون ذلك الشهر بما قبله من الشهور، إمَّا في جميع السنين أو بعضها، ويكتبون ذلك"؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص 145 حتى 190.

2- يقول شيخ الإسلام: "وليس لأحدٍ منهم طريقةٌ منضبطة أصلاً، بل أيَّة طريقةٍ سلَكُوها فإنَّ الخطأ واقعٌ فيها أيضًا؛ فإنَّ الله - سبحانه - لم يجعَل لِمَطْلَع الهِلال حِسابًا مستقيمًا، بل لا يُمكِن أنْ يكون إلى رؤيته طريقٌ مُطَّرِدٌ إلا الرؤية، وقد سلَكُوا طرقًا كما سلَك الأوَّلون منهم مَن لم يضبطوا سَيْرَه إلا بالتعديل الذي يتَّفِق الحساب على أنَّه غيرُ مُطَّرِدٍ، وإنما هو تقريب؛ مثل أنْ يُقال: إنْ رُئِي صبيحة ثمانٍ وعشرين فهو تامٌّ، وإنْ لم يُرَ صبيحة ثمانٍ فهو ناقصٌ، وهذا بِناءً على أنَّ الاستِسرار لليلتين، وليس بصحيح؛ بل قد يستسر ليلة تارة، وثلاث ليالٍ أخرى.

وهذا الذي قالوه إنما هو بِناءً على أنَّه كل ليلة لا يَمكُث في المنزلة إلا ستَّة أسباع ساعة لا أقل ولا أكثر، فيغيب ليلة السابع نصف الليل، ويطلع ليلة أربعة عشر من أوَّل الليل إلى طلوع الشمس، وليلة الحادي والعشرين يطلع من نصف الليل، وليلة الثامن والعشرين إن استسرَّ فيها نقص، وإلا كَمُلَ، وهذا غالِبُ سَيرِه، وإلا فقد يُسرِع ويُبطِئ"؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص 145 حتى 190.

• في أنَّ الأَخْذَ بالحساب لكونه منضبطًا ويقينيًّا باطلٌ وضلالٌ:
وحسبُنا في هذه النقطة ما قالَه القرافي: "قال الفُقَهاء - رحمهم الله تعالى -: إنْ كان هذا الحساب غير منضبطٍ، فلا عبرةَ به، وإنْ كان منضبطًا لكنَّه لم ينصبه صاحب الشرع سببًا، فلم يجب به صوم"[9].

• في أنَّ الحساب الفلكي يحصل فيه الخطأ وتعارض أقوال الحاسبين فيما بينهم:
أولاً: نموذج على عدم اتِّفاق الفلكيين في حِساباتهم لهلال شوال 1430:
المصدر: [موقع "الوطن السعودية"].
نشرت "الوطن السعودية" الصادرة يوم السبت 29 رمضان 1430 - 19 سبتمبر 2009، العدد 3277 - السنة التاسعة، تحت عنوان "جدلٌ فلكي يستبعد رؤية هلال شوال الليلة"، ما نصُّه:
فقد برز على السَّطح ما يُمكِن وصفُه بالجدل الفلكي، الذي انحصَرتْ أركانه بين خُبَراء الفلك، والذين تضارَبَتْ آراؤهم بين إمكانيَّة رؤية الهلال ليلة الأحد أو عدم إمكانيَّة الرؤية.

ومن جهته استَبعَد الباحث الفلكي عضوُ جمعية هجر الفلكيَّة المهندس علي بن محمد الحاجي، إمكانيَّة رؤية الهلال الليلة "ليلة الأحد"، واصِفًا تصريحات بعض الفلكيين، التي نشرَتْها بعضُ الصحف المحليَّة، بأنَّ العيد غدًا الأحد مخالفٌ للمعايير الفلكيَّة لرؤية الهلال.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 11-10-2010, 08:51 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: طريقة السلف وحسابات الفلك

المصدر: [فضائية "الجزيرة"].
أوضح بيانٌ صدَر عن المشروع الإسلامي لرَصْدِ الأهلَّة بدبي اليوم الأحد، استحالةَ رؤية هلال رمضان يوم الخميس 20 أغسطس/ آب 2009 في جميع مناطق العالم الإسلامي؛ "نظرا لغروب القمر قبل أو مع غروب الشمس في جميع مَناطِق العالم الإسلامي".

المصدر: [مجلس الإفتاء الأوربي].
تُعلِن الأمانة العامَّة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بخصوص رؤية هلال شهر رمضان المبارك للعام الهجري 1430هـ 2009م، أنَّ المعلومات الفلكيَّة العلميَّة تُؤَكِّد التالي:
1 - أنَّ هلال شهر رمضان لعام 1430هـ يُولَد في الساعة (10) و(02) دقيقة و(35) ثانية حسب التوقيت العالمي الموحَّد (غرينتش GMT) من يوم الخميس الواقع في (20) آب/ أغسطس 2009 م، أو ما يُوافِق الساعة (13) و(02) دقيقة و(35) ثانية حسب التوقيت المحلي لمكة المكرمة.

2 - وبناء على ما سبق سيكون أوَّل شهر رمضان لعام 1430هـ - بإذن الله تعالى - يوم الجمعة الموافق لـ(21) آب/ أغسطس 2009م.

المصدر: ["إسلام أون لاين"].
أعلَنتْ لجنة علوم الفضاء والفلك والأرصاد الجويَّة بأكاديميَّة السودان للعلوم أنَّ يوم السبت الموافق 22 أغسطس الجاري هو أوَّل أيام رمضان بمعيار الحساب الفلكي الذي يُحَدِّده بِناءً على حُدوث الاقتِران قبل مَغِيب الشمس، مع الأَخْذِ بالاعتِبار اختِلاف المطالع بين الدُّوَل الإسلاميَّة.

موقع: ["العربية نت"].
أعلَنَ المرجع الديني الشيعي العلامة محمد حسين فضل الله أنَّ يوم الجمعة المقبل، الموافق 21 - 8 - 2009، هو أوَّل أيَّام شهر رمضان عند المسلمين في مختلف أنحاء العالم وفْق الحِسابات العلميَّة الفلكيَّة، 
وقال المرجع الديني الذي يتخطَّى نفوذُه لبنان في بيانٍ أصدره الاثنين 17 - 8 - 2009: إنَّ "المعطيات الفلكيَّة تُفِيد بأنَّ الأوَّل من شهر رمضان لهذا العام هو يوم الجمعة القادم"، وذلك "وفقًا لمبنانا الفقهي الذي يقول: إنَّ بداية الشهر تَثبُت عندما يُصبِح الهلال قابلاً للرؤية".

ثانيًا: نموذج من مخالفة الحساب للرؤية البصريَّة المستفيضة وهو ما حدَث عام 1406هـ:
يقول الشيخ بكر أبو زيد مُدَلِّلاً على ظنية الحساب، وأنَّه يدخُل فيه الغلط:
"قِيام دليلٍ مادي في ساحة المعاصرة على أنَّ الحساب أمرٌ تقديريٌّ اجتهاديٌّ يَدخُله الغلط، وذلك في النتائج الحسابية التي يَنشُرها الحاسِبُون في الصحف من تعذُّر ولادة شهر رمضان أو شهر الفطر مثلاً ليلة كذا، ثم تَثبُت رؤية الهلال بشهادةٍ شرعيَّة معدَّلة، أو رؤية فاشِيَة في ذات الليلة التي قرَّرُوا استحالته فيها.

ومنه ما حدَث في هلال الفطر شهر شوال من هذا العام 1406 هـ، فإنَّ الحاسبين أعلَنُوا النتيجة في الصحف باستِحالة رؤية هلال شوال ليلة السبت (30) من شهر رمضان، فثَبَت شرعًا بعشرين شاهدًا على أرض المملكة العربيَّة السعوديَّة في مناطق مختلفة في: عاليتها، وشمالها، وشرقها، ورُئِي في أقطارٍ أخرى من الدِّيار الإسلاميَّة.

فهذا دليلٌ ماديٌّ حاضِرٌ مُشاهَد على أنَّ النتائج الفلكيَّة المُعاصِرة في هذا ظنيَّة وضعيفةٌ ضعفًا غالبًا، وهذا في ساعة المعاصرة التي يُنادِي فيها البعضُ إلى الاعتِماد على الحساب، ولا أرى هذا الدليل إلا إعلانًا على عدم صِدْقِ شهادة الفلكيين لأنفسهم بأنَّ حسابهم قطعي"؛ "فقه النوازل".

ثالثا: نموذج من حدوث جدلٍ فلكي في رؤية هلال ذي الحجة لعام 1430:
أعلنت جمعيَّة الفلك بالقطيف على موقعها الإلكتروني أنَّ رؤية هلال شهر ذي الحجة 1430 هـ غير مُمكِنة، وذلك يوم الثلاثاء 17 نوفمبر 2009 م، 29 ذو القعدة، وبِناءً على ذلك فإنَّ الأربعاء الموافق 18 نوفمبر 2009 هو 30 من شهر ذي القعدة.

ولهذا يكون وفْق حِسابات الجمعيَّة يوم عرفة هو يوم الجمعة الموافق 27 نوفمبر 2009، خاصَّة وأنَّ جمعيَّة القطيف أكَّدَتْ على صحَّة حِساباتها بتحرِّي الهلال ليلة الأربعاء بالعين المجرَّدة وبالمِنظار، ولم تستَطِع رؤية شيءٍ تمامًا كما أعلنَتْ في حساباتها.

وفي نفس الحين أكَّدَتْ الجمعيَّة السعوديَّة للفلك لجريدة "الشرق الأوسط" أنَّ يوم الخميس 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، هو يوم وقفة عرفة، استِنادًا لحِساباتٍ فلكيَّة، إضافةً إلى تقويم أم القرى.

وحول غرَّة شهر ذي الحجَّة، أوضَحَ المهندس عادل الغامدي - وهو عضوٌ في الجمعيَّة السعوديَّة للفلك - أنَّ يوم الأربعاء 18 نوفمبر هو أوَّل أيَّام شهر الحج - بحسب الحِسابات الفلكيَّة.

المصدر: [موقع جريدة "الشرق الأوسط"] الجمعة 25 ذو القعدة 1430 هـ 13 نوفمبر 2009، العدد 11308 - بعنوان جمعية الفلك السعودية لـ"الشرق الأوسط": "يوم عرفة" الخميس 26 نوفمبر.

إنَّ الخلاف القائم بين الرؤية الحسيَّة والحساب الفلكي، كثيرٌ ومُطَّرِدٌ بحيث يَقدَح في صِحَّة الحساب؛ إذ لو كان التوافُق مُطَّرِدًا ولا يختَلِف مع الحس، لكان الرأي بصحَّته ثابتًا صحيحًا، أمَّا مع الاختِلاف المتكرِّر فاحتِمال الخطأ يتَّسِع، ولو أنَّك رأيتَ الهلال مثلاً بعينيك، ثم أخبَرَك حاسبٌ بأنَّ الهلال لا يظهَر الليلة: أتصدِّق نفسك ساعَتَها وتُقِيم عبادتك على ما رأيتَ، أم تتَّهِم عقلك وتُلغِي بصيرك، وتُعمِل رأي الحساب في صَومِك وعِبادَتك ومُعامَلاتك؟

ومن خِلال دِراسةٍ قام بها الدكتور الفاضل: أيمن كردي، أستاذ الفلك في جامعة الملك سعود، قارَن فيها بين الرؤية البصريَّة والحِساب الفلكي بين عام 1400هـ وعام 1422هـ وجد أنَّه:
1 - تَطابَقت الرُّؤية مع الحساب 14 مرَّة من حيث وجود الهلال.
2 - تَطابَقت الرؤية مع الحساب 24 مرَّة من حيث عدَم وجود الهلال.
3 - لم تَتطابَق الرُّؤية مع الحِساب 18 مرَّة؛ حيث تَمَّ التبليغ بالرؤية مع عدم ولادة الهلال فلكيًّا.
4 - لم تَتطابَق الرؤية مع الحساب مرَّتين؛ حيث وُلِد الهلال فلكيًّا ولم يتمَّ التبليغ.

وخلصت الدِّراسة إلى أنَّ نسبة التطابُق بين الحساب الفلكي والرؤية هي 67%[10].

ويستَبِين من هذه النتائج أنَّ نَتائِج الحِساب ومُوافَقتها للأمر الحسي المُشاهَد، منتفية أصلاً.

بعض المباحث العلميَّة المتعلِّقة بهذا الموضوع:
مسألة الأَخْذ به في النفي دون الإثبات:
وهؤلاء وقَعُوا في تناقُضٍ بعيدٍ، حيث إنَّنا نسألهم لِمَ لم تأخُذوا به في الإثبات؟ فإنْ قالوا: لورود الشرع بترْك الأخْذ بالحساب في إثبات دخول الشهر، فنقول لهم حينئذٍ: إنَّ الشرع الذي نهى عن الحِساب لم يُفرِّق بين الإثبات والنفي، ولم يعتدَّ بذلك، ولم يجعَلْه قادِحًا في شَهادة العدول؛ إنما هذا سبيلٌ استَحدَثتُموه للظنِّ الذي ظنَنتُموه من كوْن هذا الحساب قطعيًّا، فلو كان قطعيًّا ويُعتَدُّ به ويَصلُح لرَدِّ شَهادة العدول، لأرشَدَنا الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى ذلك، ولكنَّه لَمَّا ألغى هذا الحساب ولم يعتدَّ به، لم يكن لنا إلا إلغاؤه، سواء كان ذلك في الإثبات أو النفي.

وإنْ قالوا: لعدم دقَّتِه في الإثبات، فما الضابط الذي يَعرِفون به دقَّته في الحالتين؟ وإنْ سلَّمنا بعدم دقَّته في الإثبات، فما الذي يَضمَن لنا دقَّته وقطعيَّته في النفي؟


وإنْ قالوا: لأنَّنا مأمورون بالرؤية، فلا نَتجاوَز الشرع بالدُّخول في الشهر بغير الرؤية، لكنَّنا نصبنا الحساب مُقيِّدًا لها، فإنْ قالوا: رأينا، والحساب يقول: لا يُمكِن أنْ يُرَى، قدَحنا في قولهم وإنْ كانوا عددًا كبيرًا، وإنْ قال الحساب: يُمكِن أن يُرَى، ولم يره أحدٌ، تركنا الحسابَ حتى يَراه المتراؤون بأعينهم.

وهذا القول معلومٌ فسادُه؛ إذ لا يُمكِن أنْ ينصب الحساب مقيدًا للرؤية التي جعَلَها الشارع دليلَ دخولِ الشهر إلاَّ بدليلٍ شرعيٍّ، فإذا اجتَمَع إلى ذلك أنَّ الدليل الشرعي يحتَوِي على نصٍّ خاصٍّ في عدم الاعتِداد بالحِساب في هذا الأمر، فلا أقلَّ من أنْ يُوصَف مَن قال بهذا بأنَّه يَتحايَل على الشَّرْعِ لإدخال فيه ما ليس منه، وينصب مقيدًا غير شرعي على نصٍّ شرعي، ونقول: إنَّه لَمَّا لم يسَعْكُم مُصادَمة النص الخاص الظاهر في المسألة ((لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تُفطِروا حتى ترَوْه))، ((لا نَكتُب ولا نحسب))، تحايَلتُم لنُصرَة مذهبكم من بابٍ آخَر، وهو القدح في شهادة العدول، ومعلومٌ أنَّه يُفضِي إلى مُصادَمة النص والجرأة على التقدُّم بين يدي الشرع، وهذا من الحِيَل المفضِيَة إلى الضَّلال، وإنما هلَك مَن كان قبلنا بمثْل هذا النوع من الحِيَل المهلِكَة.

يقول ابن تيميَّة: "وكان مُقتَضَى تقدم هذه المقدمة أنِّي رأيتُ الناس في شهْر صومِهم وفي غيره أيضًا منهم مَن يُصغِي إلى ما يقوله بعضُ جُهَّال أهلِ الحساب من أنَّ الهلال يُرَى أو لا يُرَى، ويبني على ذلك إمَّا في باطِنِه وإمَّا في باطِنِه وظاهِرِه، حتى بلغَنِي أنَّ من القُضَاة مَن كان يردُّ شهادة العدد من العدول لقول الحاسب الجاهل الكاذب: إنَّه يَرى أو لا يَرى، فيكون ممَّن كذَّب بالحق لَمَّا جاءَه، وربما أجازَ شهادةَ غيرِ المرضيِّ لقوله، فيكون هذا الحاكِم من السمَّاعين للكذب".

مسألة: لا يجوز عند الاختِلاف أو الإغمام سؤالُ الحاسِبين أو الرُّجوع إليهم:
وذلك ردًّا على مَن قال: إنَّ أهل الحساب هم أهل الذِّكر في هذه المسألة - مسألة الاستِهلال - وإنَّه ينبَغِي الرُّجوعُ إليهم وسؤالُهم فيها؛ فهم أجدر أنْ يُتَّبعُوا في هذا الشأن، حتى لو اضطررنا إلى رَدِّ شهادة الشهود لقولهم.

قال ابن حجر في "الفتح": "فعلَّق الحكمَ بالصوم وغيره بالرُّؤية لرفْع الحرج عنهم في مُعانَاة حساب التسيير، واستمرَّ الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم مَن يعرف ذلك، بل ظاهِر السِّياق يشعر بنفي تَعلِيق الحكم بالحساب أصلاً، ويُوضِّحه قولُه في الحديث الماضي: ((فإنْ غُمَّ عليكم، فأكمِلُوا العدَّة ثلاثين))، ولم يقل: فسلوا أهلَ الحساب، والحكمة فيه كونُ العدد عند الإغماء يستَوِي فيه المكلَّفون، فيرتَفِع الاختِلاف والنِّزاع عنهم، وقد ذهب قومٌ إلى الرُّجوع إلى أهل التسيير في ذلك، وهم الروافض، ونُقِل عن بعض الفُقَهاء موافقتهم؛ قال الباجي: وإجماع السلف الصالح حجَّةٌ عليهم، وقال ابن بزيزة: وهو مذهبٌ باطلٌ؛ فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم؛ لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطعٌ ولا ظنٌّ غالبٌ، مع أنَّه لو ارتَبَط الأمر بها لضاق؛ إذ لا يعرفها إلا القليل".

إلى أنْ قال: "قال ابن بطَّال: في الحديث رفْعٌ لِمُراعاة النُّجوم بقوانين التعديل؛ وإنما المعوَّل رؤية الأهلَّة، وقد نُهِينا عن التكلُّف، ولا شكَّ أنَّ في مُراعَاة ما غمض حتى لا يدرك إلا بالظنون غايةَ التكلُّف"؛ "فتح الباري" ج4 ص127.

مسألة: الأخذ بالحِساب من باب الاحتِياط للدين، وخشية وقوع الخطأ في إدراك الشهر:
وهو أنَّ الاحتِياط للدين لا يكون بشيءٍ لم يحتَطْ له الشرع، ولا بما ألغاه وطرَحَه ونهى عنه؛ بل يكون الاحتِياط في هذه الحالة هو تركَ الاحتِياط، والدَّوَران مع أوامِر الشرع حيث دارَتْ.

ولأنَّ بعض الناس يظنُّون أنَّنا يجوز لنا أنْ نأخذ بالحِساب من باب الاحتِياط خشية الوقوع في الخطأ، من جرَّاء كذب الشهود، أو خطئهم، أو الإغمام على الناس فلا يستطيعون الرؤية، وغير ذلك من الأمور.

فنقول: إنَّ الاحتِياط لا يكون إلا بما أَذِنَ به الشرع وأباحَه، لا بما نهى عنه وألغاه، وينبَغِي ألاَّ نُشدِّد على أنفسنا؛ حتى لا نقَع فيما وقعَتْ فيه بنو إسرائيل حينما أُمِرُوا أنْ يَذبَحُوا بقرةً، فلو ذبَحُوا أيَّ بقرةٍ لأجزَأ عنهم، ولكنْ شدَّدُوا فشدَّد الله عليهم، ونحن إنْ أخذنا بما بيَّنَتْه السنَّة من اعتِبار شهادة الناس، فإنْ غُمَّ علينا أكمَلنا عدَّة الشهر ثلاثين يومًا - لأجزأنا ذلك ولأُجِرنا عليه، ولو ترَكنا ذلك لخرجنا إلى ضَلالٍ وظُلُمات.

وهكذا نصَّ العُلَماء - رحمهم الله - على هذه المسألة المهمَّة؛ وهي: أنَّ الاحتِياط المُصادِم للنصِّ الشرعي مذمومٌ، وصاحبه يَأثَم، وفيما يلي نقل كلام العلماء في بيان ذلك:
جاء في هامش "موطأ مالك" (لا يخفى أنَّه لا احتِياط بعد ورود النصوص بالحولين، مع أنَّ الاحتِياط هو العمل بأقوى الدليلين) تحقيق: د. تقي الدين الندوي: "قال الشافعي: فإنْ لم تَرَ العامَّة هلال رمضان ورآه رجلٌ عدلٌ، رأيتُ أنْ أقبَلَه للأثر والاحتِياط"؛ "سنن الدارقطني".

قال صاحب "روضة الناظر": "فالاحتياط العمل بالراجح".

قال ابن تيميَّة: "لكن الاحتياط حسنٌ ما لم يُخالِف السنَّة المعلومة، فإذا أَفضَى إلى ذلك كان خطأً".

قال ابن عبدالبر: "لا مدخل للاحتِياط في إيجاب شيءٍ لم يُوجِبه الله في ذمَّةٍ بريئة، بل الاحتِياط الكفُّ عن إيجاب ما لم يأذن الله بإيجابه"؛ "التمهيد" ج2 ص 63.

وقال في مَوضِعٍ آخَر: "ولم يرَ للاحتياط معنى إذا قام له الدليل على صحَّة ما ذهب إليه، فكذلك لا معنى لِمَا ذكَرُوه من الاحتِياط مع ظاهِر قولِ الله - عزَّ وجلَّ"؛ "التمهيد" ج2 ص 88.

قال ابن حزم: "وكلُّ احتِياطٍ أدَّى إلى الزيادة في الدِّين ما لم يَأذَن به الله - تعالى - أو إلى النَّقص منه، أو إلى تبديل شيءٍ منه - فليس احتياطًا ولا هو خيرًا، بل هو هلَكَةٌ وضَلالٌ وشرعٌ لم يأذن به الله - تعالى - والاحتِياط كلُّه لُزُوم القرآن والسنة"؛ "الإحكام" ج5 ص 8.

وقال أيضًا: "ولا يحلُّ لأحدٍ أنْ يَحتاط في الدين فيحرِّم ما لم يُحرِّم الله - تعالى - لأنَّه يكون حينئذٍ مفتريًا في الدين، والله - تعالى - أحوَطُ علينا من بعضنا على بعض، فالفرض علينا ألاَّ نحرِّم إلا ما حرَّم الله - تعالى - ونصَّ على اسمه وصفته بتحريمه، وفرَض علينا أنْ نُبِيح ما وَراءَ ذلك بنصِّه - تعالى - على إباحة ما في الأرض لنا، إلا ما نصَّ على تحريمه وألاَّ نَزِيد في الدين شيئًا لم يأذَنْ به الله - تعالى - فمَن فعَل غير هذا فقد عصَى الله - عزَّ وجلَّ - ورسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأتَى بأعظم الكبائر"؛ "الإحكام" ج6 ص 186.

وقال: "قال أبو محمد: فهذا يبيِّن أنَّه لا يجوز التحرِّي في اجتِناب ما جاء عن الله - تعالى - على لسان نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإنْ كانت رخصةً، وأنَّ كلَّ ذلك حقٌّ وسنَّة ودينٌ، فبطل ما تعلَّقوا به من الاحتِياط الذي لم يأتِ به نصٌّ ولا إجماعٌ"؛ "الإحكام" ج6 ص 191.

انظر فابن حزمٍ يَنهَى عن الاحتِياط في أمرٍ لا يدلُّ عليه دليلٌ من نَصٍّ أو إجماعٍ، لا أنْ يكون قد خالَف النصَّ والإجماعَ، فتأمَّل الفرقَ في ذلك، وكذلك يتكلَّم في مسألةٍ قد تكون رخصةً من الله، ويَسعَى أناسٌ في الاحتِياط منها، وهي رخصة رخَّصها الله لهم، لا في مسألةٍ أمَر بها الله على لسان رسوله ونهى عن خلافها.

قال ابن عبدالبر: "وكان ابنُ عمر إذا مضَى لشعبان تسعٌ وعشرون نظر له الهلال، فإنْ رُئِي فذاك، وإنْ لم يروا لم يَحُلْ دون مَنظره سحابٌ ولا قتر، أصبَحَ مفطرًا، وإنْ حالَ دون منظره سحابٌ أو قتر، أصبح صائمًا، قال: وكان ابن عمر يُفطِر مع الناس ولا يَأخُذ بهذا الحساب، قال أبو عمر[11]: هذا الأصل ينتقض على مَن أصَّلَه؛ لأنَّ مَن أُغمِي عليه هلالُ رمضان فصام على فعْل ابن عمر، ثم أغمي عليه هلال شوال، لا يخلو أنْ يكون يُجزِئ على احتِياطه؛ خوفًا أنْ يُفطِر يومًا من رمضان أو يترك احتياطه، فإنْ ترك احتِياطه نقض ما أصَّله، وإنْ جرَى على احتِياطه صامَ واحدًا وثلاثين يومًا، وهذا خلافُ ما أمر الله به عند الجميع"؛ "التمهيد" ج14 ص 349.

قال ابن القيِّم: "والنبي قد بيَّن لأمَّته الدِّين، وتركهم على المحجَّة البيضاء ليلها كنهارها والشك الجاري الواقع من الأمَّة في طهورهم وصلاتهم، قد بيَّن لهم حكمه؛ ليندَفِع عنهم باليقين، فكيف يجعَل شكَّهم حدًّا فاصِلاً فارِقًا بين الحلال والحرام؟ ثم جعْلُكم هذا احتِياطًا باطلٌ؛ لأنَّ الاحتِياط يكون في الأعمال التي يترك التكلف منها عملاً لآخَر احتياطًا، وأمَّا الأحكام الشرعيَّة والإخبار عن الله ورسوله، فطريقُ الاحتياط فيها ألاَّ يخبر عنه إلا بما أخبر به، ولا يُثبِت إلاَّ ما أثبَتَه، ثم إنَّ الاحتِياط هو في ترْك هذا الاحتياط"؛ "حاشية ابن القيم على سنن أبي داود".

يقول ابن تيميَّة: "وأمَّا مع الشكِّ فالأصلُ في ذلك الطهارة، والاحتياط في ذلك وسواس، فإنَّ الرجل إذا أصابَه ما يجوز أنْ يكون طاهرًا ويجوز أن يكون نجسًا، لم يستحبَّ له التجنُّب على الصحيح، ولا الاحتِياط؛ فإنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مَرَّ هو وصاحِبٌ له بميزاب فقطر على صاحبه منه ماء، فقال صاحبه: يا صاحب الميزاب، ماؤك طاهر أو نجس؟ فقال عمر: يا صاحب الميزاب، لا تُخبِرْه؛ فإنَّ هذا ليس عليه"؛ "مجموع الفتاوى" ج21.

قال - تعالى -: ﴿ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 119]، فبطل بهذين النصَّيْن الجليَّيْن أنْ يُحرِّم أحدٌ شيئًا باحتِياطٍ أو خوف تذرُّعٍ.

مسألة: في الردِّ على مَن يقول بتغيُّر الزمان، واستحداث ما ينبَغِي معه تغيُّر الحكم، وإعمال الاجتِهاد في هذا الباب، ومنه مسألة التجديد وعدم الجمود الفقهي:
قال ابن حزم: "فإنْ قيل: وما الدليل على تَمادِي الحكم مع تبدُّل الأزمان والأمكنة؟ قلنا - وبالله تعالى التوفيق -: البرهان على ذلك صحَّة النَّقْلِ من كلِّ كافر ومؤمنٍ على أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أتانا بهذا الدين، وذكَر أنَّه آخِر الأنبياء وخاتم الرسل، وأنَّ دينه هذا لازِمٌ لكلِّ حيٍّ ولكلِّ مَن يُولَد إلى القيامة في جميع الأرض، فصَحَّ أنَّه لا معنى لتبدُّل الزمان، ولا لتبدُّل المكان، ولا لتغيُّر الأحوال، وأنَّ ما ثبَت فهو ثابتٌ أبدًا في كلِّ زمان، وفي كلِّ مكان، وعلى كلِّ حال، حتى يأتي نصٌّ ينقله عن حكمِه في زمانٍ آخَر، أو مكان آخَر، أو حالٍ أخرى"؛ "الإحكام" ج5 ص 7.

مسألة: أن الإسلام نهى عن استِخدام هذا الحساب في مسألة الاستِهلال، والواجب الامتِثالُ لحكم الله ورسوله:
أمَّا النهي عنه فهو بَيِّنٌ؛ لِمَا تقدَّم من الأدلَّة، ومن حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نحن أمَّة أميَّة...)).
قال الله - تعالى -: ﴿ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ... ﴾ [النور: 47 - 48] الآيات.

فالواجب عند بلوغ حكم الله وحكم رسولِه في مسألةٍ هي من مسائل الدِّين، الامتثالُ التامُّ، مع الانقِياد المنافي للمُعارَضة.

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "فهذه الأحاديث المستَفِيضة المتلقَّاة بالقَبُول، دلَّتْ على أمور:
أحدها: أنَّ قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّا أمَّة أميَّة لا نكتُب ولا نحسب)) هو خبرٌ تضمَّن نهيًا، فإنَّه أخبَرَ أنَّ الأمَّة التي اتبعَتْه هي الأمَّة الوسط، أميَّة لا تكتب ولا تحسب، فمَن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمَّة في هذا الحكم، بل يَكُون قد اتَّبَع غيرَ سبيل المؤمنين، الذين هم هذه الأمة، فيَكُون قد فعَل ما ليس من دينها، والخروج عنها مُحرَّم منهيٌّ عنه، فيكون الكتاب والحساب المذكوران محرَّمَيْن منهيًّا عنهما، وهذا كقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده))؛ أي: هذه صفَة المسلم، فمَن خرج عنها خرج عن الإسلام، ومَن خرج عن بعضها خرج عن الإسلام في ذلك البعض، وكذلك قولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمن مَن أَمِنَه الناس على دمائهم وأموالهم))".

• في أنَّ مبنى الشرائع على الأمور الظاهرة للتيسير ورفع الحرج:
وهذا هو المعمول به في أبواب قبول الشهادة.

يقول النووي في "شرح مسلم": "وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أفلا شققتَ عن قلبه))، فيه دليلٌ للقاعدة المعروفة في الفقه والأصول: أنَّ الأحكام يُعمَل فيها بالظواهر، والله يَتولَّى السرائر"، ج2 ص107.

يقول صاحب "عمدة القاري": "فالجواب: أنَّ المعاملات على الظواهر، والمعلوم الباطن خفيٌّ لا يُعلَّق عليه حكم"، ج11 ص182.

يقول ابن القيِّم: "فصل: مَن تُقبَل شهادته: قوله: فإنَّ الله - تبارك وتعالى - تولَّى من العِباد السرائر، وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأَيْمان، يُرِيد بذلك أنَّ مَن ظهرَتْ لنا منه علانية خيرٍ قبلنا شهادته، ووكلنا سريرته إلى الله - سبحانه - فإنَّ الله - سبحانه - لم يجعَل أحكام الدنيا على السرائر؛ بل على الظواهر، والسرائر تَبَعٌ لها، وأمَّا أحكام الآخِرة فعلى السرائر، والظواهر تَبَعٌ لها"؛ "إعلام الموقعين" ج 1 ص129.

"ولأنَّ شرائع الإسلام على الأفعال الظاهرة، وأمَّا حقائق الإيمان الباطنة فتلك عليها شرائع الثواب والعِقاب، فلله - تعالى - حكمان: حكمٌ في الدنيا على الشرائع الظاهرة وأعمال الجوارح، وحكمٌ في الآخِرة على الظواهر والبواطن"؛ "مدارج السالكين" ج1 ص529.

ومع ذلك فإنَّا لا نَقبَل أيَّ أحدٍ، بل لا نقبَل إلا العدول؛ "قال عمر بن الخطاب: لا يوسر أحدٌ في الإسلام بشُهَداء السوء، فإنَّا لا نَقبَل إلا العُدُول"؛ "إعلام الموقعين".

وكما أنَّ قبول الشهادة مُتَوقِّف على الظاهر، فأيضًا جعَل الله علامةَ دخول الشهر علامةً ظاهرة بيِّنة.

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "ليس للمواقيت حدٌّ ظاهر عامُّ المعرفةِ إلا الهلال".

ويقول: "فالذي جاءت به شريعَتُنا أكملُ الأمور؛ لأنَّه وَقَّتَ الشهر بأمرٍ طبيعي ظاهِرٍ عام يُدرَك بالأبصار؛ فلا يضلَّ أحدٌ عن دينه، ولا يشغله مُراعَاته عن شيءٍ من مصالحه، ولا يدخل بسببه فيما لا يَعنِيه، ولا يكون طريقًا إلى التلبيس في دين الله كما يفعل بعض علماء أهل الملل بمللهم"؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص 130 حتى 140.

• في التفريق بين حِساب عددِ السنين والأشهر وبين حساب الهلال:
وهنا يجب إيضاح مسألةٍ هي: أنَّنا لم نُنْهَ عن الحساب بالكليَّة، لكن نُهِينا عنه في أمرٍ دونَ آخَر؛ فنُهِينا عنه في الاستِهلال للأدلَّة السابقة، ولم نُنهَ عنه في عدد السنين والأشهر وحسابها؛ ﴿ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾ [الإسراء: 12]، ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ﴾ [التوبة: 36].

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وأمَّا الحوْل فلم يَكُنْ له حدٌّ ظاهِرٌ في السماء، فكان لا بُدَّ فيه من الحساب والعدد، فكان عدد الشهور الهلاليَّة أظهَرَ وأعمَّ من أنْ يُحسَب بسير الشمس، وتكون السنة مُطابِقة للشهور، ولأن السنين إذا اجتمعَتْ فلا بُدَّ من عددها في عادَةِ جميع الأُمَم؛ إذ ليس للسنين إذا تعدَّدت حدٌّ سماوي يُعرَف به عددُها، فكان عدد الشهور مُوافِقًا لعدد البروج، جُعِلت السنة اثني عشر شهرًا بعدد البروج التي تكمل بدور الشمس فيها سنة شمسيَّة، فإذا دارَ القمر فيها كمل دورته السنويَّة، وبهذا كلِّه يتبيَّن معنى قوله: ﴿ وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾ [يونس: 5]، فإنَّ عدد شهور السنة وعدد السنة بعد السنة، إنما أصلُه بتقدير القمر منازل، وكذلك معرفة الحساب فإنَّ حساب بعض الشهور لما يقع فيه من الآجال ونحوها، إنما يكون بالهلال، وكذلك قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [البقرة: 189]"؛ "مجموع الفتاوى" ج25 ص 130 حتى 140.

كما أنَّه يُوجَد بعضُ أنواع الحساب تُفِيد علمًا صحيحًا، إلاَّ أنَّ العِبادة لم تَتوقَّف عليها، ولم تُشرَع بمجرَّدها؛ مثل حساب الخسوف والكسوف، وتحديد القبلة، وغير ذلك.

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "والعلم بوقت الكسوف والخسوف وإنْ كان ممكنًا، لكن هذا المخبر المعين قد يكون عالِمًا بذلك وقد لا يكون، وقد يكون ثقةً في خبره وقد لا يكون، وخبر المجهول الذي لا يُوثَق بعلمِه وصدقِه ولا يعرف كذبه موقوفٌ، ولو أخبر مُخبِرٌ بوقت الصلاة وهو مجهول، لم يُقبَل خبره؛ لكن إذا تَواطَأ خبرُ أهلِ الحساب على ذلك فلا يَكادُون يُخطِئون، ومع هذا فلا يترتَّب على خبرهم علمٌ شرعيٌّ؛ فإنَّ صلاة الكسوف والخسوف لا تُصلَّى إلا إذا شاهدنا ذلك، وإذا جوَّز الإنسان صدقَ المخبر بذلك أو غلبَ على ظنِّه، فنوى أنْ يُصلِّي الكسوف والخسوف عند ذلك واستعدَّ ذلك الوقت لرؤية ذلك - كان هذا حثًّا من باب المُسارَعة إلى طاعة الله - تعالى - وعبادته"؛ "مجموع الفتاوى" ج24 ص 258.

ولا يصحُّ أنْ تُقاس أوقاتُ الصلاة على هلال الشهر؛ إذ إنَّ بينهما فرقًا كما قرَّر ذلك صاحبُ كتاب "الفروق"، حيث قال: "أنَّ صاحب الشرع لم ينصب خروجَ الأهلَّة من الشُّعاع سببًا للصَّوم كما نصب أوقات الصلوات سببًا لوجوبها، نصب رؤية الهلال خارِجًا من شُعاع الشمس أو إكمال العدَّة ثلاثين، ولم يتعرَّض لخروج الهلال عن الشُّعاع؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((صوموا لرؤيته، وأفطِرُوا لرؤيته))، ولم يقل: لخروجه عن شُعاع الشمس، كما قال - تعالى -: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ﴾ [الإسراء: 78]، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فإنْ غُمَّ عليكم - أي: خَفِيَتْ عليكم رؤيتُه - فاقدروا له))، وفي رواية: ((فأكمِلُوا العدَّة ثلاثين))".

• معنى قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّا أمَّة أميَّة)):
قال الشيخ بكر - رحمه الله -: "فهذا خبرٌ منه - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَتضمَّن نهيًا عن الاعتِماد على الكتاب والحِساب في أمر الهلال، وفطمٌ للأمَّة عن الاعتِماد عليه؛ إذ أغناهم بنصْب الرؤية أو الإكمال دليلاً على أوائل الشهور، ولهذا نظائرُ في النصوص الخبرية؛ كقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده))، فهذا خبرٌ يُفِيد صفة المسلم، مُتضمِّنًا النهيَ عن إيذاء المسلم بلسانٍ أو يد"؛ "فقه النوازل".

فالأميَّة صفةُ كمالٍ ومدحٍ، وليست صفةَ ذمٍّ ونقصٍ، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام: "وظهَر بذلك أنَّ الأميَّة المذكورة هنا صفَةُ مدحٍ وكمالٍ من وجوه:
من جهة الاستِغناء عن الكتاب والحساب بما هو أبيَنُ منه وأظهَرُ، وهو الهلال، ومن جهة أنَّ الكتاب والحساب هنا يَدخُلهما غلطٌ، ومن جهة أنَّ فيهما تعبًا كثيرًا بلا فائدة، فإنَّ ذلك شغلٌ عن المصالح؛ إذ هذا مقصودٌ لغيره لا لنفسه، وإذا كان نفيُ الكتاب والحساب عنهم للاستِغناء عنه بخيرٍ منه وللمفسدة التي فيه، كان الكتاب والحساب في ذلك نقصًا وعيبًا، بل سيئة وذنبًا، فمَن دخَل فيه فقد خرَج عن الأمَّة الأميَّة فيما هو من الكَمال والفضل السالم عن المفسدة، ودخل في أمرٍ ناقصٍ يُؤدِّيه إلى الفساد والاضطراب".

فالأميَّة للأمَّة في هذا الباب صفةُ مدحٍ وكمالٍ، كما أنَّ الأميَّة للرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - صفة مدحٍ أيضًا؛ إذ إنَّه نالَ السُّؤدد في العلم والفهْم والفضائل ما لا يَنالُه غيره إلا بكِتابة، كما بيَّن ابنُ تيميَّة: "صارَتْ أميَّته المختصَّة به كمالاً في حقِّه من جهة الغِنَى بما هو أفضل منها وأكمل، ونقصًا في حقِّ غيره من جهة فقدِه الفضائل التي لا تتمُّ إلا بالكتابة"؛ "مجموع الفتاوى".

وأيضًا فإنَّه جعَل هذا وصفًا للأمَّة كما جعَلَها وسَطًا في قوله - تعالى -: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [البقرة: 143]، فالخروج عن ذلك اتِّباع غير سبيل المؤمنين.

وأيضًا فالشيء إذا كان صفةً للأمَّة لأنَّه أصلح من غيره ولأن غيرَه فيه مفسدةٌ، كان ذلك ممَّا يجب مُراعَاته ولا يجوز العدولُ عنه إلى غيرِه؛ لوجهين: لِمَا فيه من المفسدة، ولأنَّ صفة الكمال التي للأمَّة يجب حفظُها عليها، فإنْ كان الواحد لا يجب عليه في نفسه تحصيلُ المستحبَّات فإنَّ كلَّ ما شرع للأمَّة جميعًا صار من دينها، وحِفْظُ مجموع الدين واجبٌ على الأمَّة، فرض عين أو فرض كفاية.

أمَّا مَن زعَم أنَّ الأميَّة هنا وصفٌ لحال الناس وقتَ كلام الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهذا يقتَضِى أنَّ الحساب فيه خيرٌ لم يدلَّنا عليه الرسولُ وتركه فيه شرٌّ، ومع ذلك حضَّنا على تَركِه مع علمِه بوجود الشر، وهذا غيرُ موجودٍ في الشريعة المحمديَّة؛ إذ إنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يَمُتْ حتى أكمَلَ الله له الشريعة، وأتَمَّها له أيَّما إتمام، وترَك أمَّته على البيضاء؛ ما من خيرٍ إلا دلَّها عليه، وما من شرٍّ إلا حذَّرَها منه.

يقول ابن القيِّم: "وبالجملة: فقد جاءَهُم رسولُ الله بخير الدنيا والآخِرة بحَذافيرِه، ولم يجعَلِ الله بهم حاجة إلى أحدٍ سواه؛ ولهذا ختَم الله به ديوان النبوَّة فلم يجعل بعدَه رسولاً؛ لاستِغناء الأمَّة به عمَّن سواه، فكيف يُظَنُّ أنَّ شريعته الكاملة المكمَّلة محتاجةٌ إلى سياسةٍ خارجةٍ عنها، أو إلى حقيقة خارجة عنها، أو إلى قياسٍ خارجٍ عنها، أو إلى معقول خارج عنها.

فمَن ظَنَّ ذلك فهو كمَن ظَنَّ أنَّ بالناس حاجةً إلى رسولٍ آخَر بعدَه، وسبب هذا كله خَفاء ما جاء به على مَن ظَنَّ ذلك؛ قال - تعالى -: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [العنكبوت: 51]"؛ "بدائع الفوائد".

وأيضًا مَن ظنَّ أنَّ الخِطاب هنا وصْفٌ لما كان عليه حالُ الأمَّة في وقتِها، فقد أخطَأ؛ إذ إنَّ في أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مَن يكتب، وكانوا كثر فيهم أيضًا مَن يحسب، وكان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يبعث منهم بالفرائض، وفيها من الحساب ما فيها.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 11-10-2010, 08:54 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: طريقة السلف وحسابات الفلك


• مسألة: هل اعتِبار دخول الشهر وخروجه برؤية الهلال أم بمولده؟
وهذه المسألة نُشِير إليها من باب إمعان النظر وزيادة الفهْم لمسألة الشهر وعلامة دخولِه، وهي أنَّ القول بأنَّ الشهر يدخُل بمجرَّد تولُّد الهلال في السماء غير مسلَّم به عند الجميع، بل من الفقهاء مَن قال: إنَّ الأشهر عند أهل الإسلام قمريَّة، وعلامتها رؤية الناس للهلال في السماء، ومنه أُخِذَ اسمُ الهلال.

قال ابن تيميَّة: "وقد تَنازَع الناس في الهلال: هل هو اسمٌ لما يطلع في السماء وإنْ لم يره أحدٌ، أو لا يسمى هلالاً حتى يستهلَّ به الناس ويعلموه؟ على قولَيْن في مذهب أحمد وغيره".

قال الماوردي في "التفسير": "وأُخِذَ اسمُ الهلال من استِهلال الناس برفع أصواتهم عند رؤيته".

قال ابن تيميَّة: "وذلك أنَّ الهلال أمرٌ مشهودٌ مرئيٌّ بالأبصار، ومن أصحِّ المعلومات ما شُوهِد بالأبصار؛ ولهذا سموه هلالاً لأنَّ هذه المادَّة تدلُّ على الظُّهور والبَيان، إمَّا سمعًا وإمَّا بصرًا، كما يُقال: أهلَّ بالعمرة، وأهلَّ بالذبيحة لغير الله، إذا رفَع صوته، ويُقال لوقع المطر: الهلل، ويُقال: استهلَّ الجنين، إذا خرج صارِخًا، ويُقال: تهلَّل وجهُه، إذا استَنار وأضاء.

وقيل: إنَّ أصلَه رفْع الصوت، ثم لَمَّا كانوا يرفَعون أصواتهم عند رؤيته سموه هلالاً، ومنه قوله:
يُهِلُّ بِالفَرْقَدِ رُكْبَانُهَا
كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ الْمُعْتَمِرُ



وتهلُّل الوجه مأخوذٌ من استنارة الهلال".

وقال البغوي في "التفسير": "﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ﴾ [البقرة: 189] وهي جمع هلال، مثل رداء وأردية، سمي هلالاً لأنَّ الناس يرفَعون أصواتهم بالذِّكر عند رؤيته من قولهم: استهلَّ الصبي إذا صرَخ حين يُولَد، وأهلَّ القوم بالحج إذا رفَعُوا أصواتهم بالتلبية".

وقد سبَق قولُ القرافي، ونُعِيده هنا لأهميَّته: "أنَّ صاحب الشَّرع لم ينصب خروج الأهلة من الشُّعاع سببًا للصوم كما نصب أوقات الصلوات سببًا لوجوبها، نصب رؤية الهلال خارجًا من شعاع الشمس أو إكمال العدَّة ثلاثين، ولم يتعرَّض لخروج الهلال عن الشعاع؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((صومُوا لرؤيته، وأفطِروا لرؤيته))، ولم يقل: لخروجه عن شعاع الشمس، كما قال - تعالى -: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ﴾ [الإسراء: 78]، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن غُمَّ عليكم - أي: خفِيَتْ عليكم رؤيتُه - فاقدروا له)) وفي رواية: ((فأكمِلُوا العدَّة ثلاثين)).


• في ردِّ الاستِدلال بأقوال المُجِيزِين من أهل العلم بجواز الحساب:
وقد فصَّل العلامة الشيخ بكر أبو زيد في بَيان أصل القول بالحساب وحقيقته، والقائلين به وكيف بنَوْا مذهبهم، وفضَّلتُ هنا الإشارة اختصارًا، على أن يرجع إليه من كلام الشيخ نفسه من كتابه "فقه النوازل".

قال الشيخ بكر - رحمه الله -: "وكلُّ هؤلاء الأجِلَّة: السبكي، فالمطيعي، فأحمد شاكر - رحمهم الله تعالى - ينزعون من قوسٍ واحدة من قول ابن سريج، وقد علمتَ مدى العمدة في رأيه مذهبيًّا، وأنَّ السبكي قرَّر الجواز بالشرطين المذكورين، أمَّا الشيخ شاكر - رحمه الله تعالى - فقد وسَّع الخطو، فصرَّح بالوجوب ص/ 15، ثم ضعف تجاسره فأبداه بحثًا ص/ 17، 29، والله أعلم"؛ "فقه النوازل".


أَعِيرُوني عقولكم أيها السادة!
تعليقاتٌ مُوجَزة ومختَصَرة لبعض النِّقاط التي يتحدَّث بها مَن اختاروا الحساب وتروج عند الناس:
الزعم بأنَّ الأئمَّةَ الأعلام أئمَّةُ فقهٍ لا يُؤخَذ بكلامهم في هذه المسألة؛ لأنهم لا دِراية لهم بالفلك!

وفي ذلك تنقُّصٌ عظيم لأئمَّة الفقه وجهابِذَته من لدن ابن راهويه والأوزاعي وأبي حنيفة والليث والشافعي وغيرهم من الأفذاذ؛ إذ إنَّ هذا الكلام يدلُّ على قُصور هؤلاء الأئمَّة في تصوُّر الأمور والحكم عليها دون تصوُّرها على حقيقتها، وفي الحقيقة فإنَّ القُصور من شأن مَن وصفهم بهذا، فإذا أضَفتَ إلى فهمك أنَّ هؤلاء الأعلام جمعوا أكثر من فنٍّ في آنٍ واحد، وأنَّ فيهم مَن برع في الطب والفلك، ومنهم مَن برَع في الجبر والمنطق وفنون أخرى، كل هذا إلى جانب علمهم بالفقه وبراعَتِهم فيه - تبيَّن لك تهافُت القول بأنهم عُلَماء فقه وليسوا بعلماء فلك.

نسَبُوا القول بالحساب لابن حجر وابن تيميَّة[12]، وبعضهم نسَبَه إلى ابن القيم والقرافي وابن رشد[13].

نقول لهم باختِصار شديد: دعوا شيخ الإسلام ابن تيميَّة؛ فإنَّه قد دحَض شبهاتكم، ونسَف القول باعتبار الحساب أو الالتِفات إليه في رسالته الماتعة المندرجة تحت المجلد الخامس والعشرين من "مجموع فتاواه"، وكذلك دعوا التمسُّح بهؤلاء الأئمَّة؛ فلكلٍّ منهم بيانٌ صريح ناصع في البراءة ممَّا ذهبتُم إليه ومخالفته.

بعض مَن تكلَّم في المسألة نسَب إلى شيخ الإسلام وقوعَ الخلط عنده بين الحساب والتنجيم، مع أنَّ ابن تيميَّة - قدَّس الله رُوحَه - قد فصَّل في المسألة تفصيلاً يُوضِّح ما وقَع فيه أهلُ التنجيم، والفرْق بينه وبين الحساب، والخلَل في الأخْذ بالحساب، ووقُوع الخطأ فيه، فكان من العجيب أنْ يُنسَب إليه مثلُ هذا الخلط الذي وقَع في نفس قائله.

زعَمُوا أنَّ ما فيه المسلمين اليومَ من الفرقة والاختِلاف في مواقيت الصوم والحج، هو من جرَّاء اضطراب الرؤية البصريَّة، وتغافَلُوا عن أسباب التلبيس الأخرى الحاصِلة في الأمَّة؛ مثل: الأسباب السياسيَّة، وتنافُر البلاد المتجاوِرة عن الاتِّحاد حتى على يومٍ واحدٍ يصوم فيه الناس ويفطرون، فأبى كلُّ فريقٍ إلا أنْ ينفَرِد برأيه ولا يكون تابعًا لغيره، لا لأمرٍ إلا اتِّباع الهوى وبطر الحق.

الخلط بين الحساب ورؤية المراصد وتصويرها:
فثَمَّ فرقٌ بين استِخدام المراصد والمناظِير للاستِعانة بها على الرؤية، واستِخدام الحساب الذي هو مَحْضُ عمليَّات حسابيَّة لا علاقة له بآلات الرصد وخلافه، بل غاية ما في الأمر أنَّ الحساب يُرشِدهم إلى وقتِ ظهورٍ معيَّن فيستَطلِعون رؤيته بالآلات؛ فلذا نقول: الآلات هنا خارجُ محلِّ النِّزاع في مسألة الحساب، بل يُمكِن أن تُناقَش في مبحثٍ على حِدَةٍ، أمَّا من عرض بذكر الآلات أراد أنْ يحقر من طريقة الرافِضين للحساب؛ إذ يلزم وصفهم بأنهم غير مُتَواكِبين مع التطوُّر العلمي الهائل الحاصل في آلات الرَّصد، وفي ذلك تلبيسٌ كبير.

التوسُّع في وصْف الهلال إذا ظهَر في السماء واضحًا جليًّا على غير حساباتهم أنَّه كوكب آخَر؛ مثل عطارد، أو الزهرة، أو المشتري؛ فمنهم مَن قال برَدِّ شهادة القوم وإنْ تواطَؤُوا على رؤية الهلال إذا خالَف حساباتهم، ونظرًا لتكرار وقوعِ ذلك وكثرة حدوثه، فمرَّة يقولون: الذي ظهَر هو عطارد، ومرة الزهرة، ومرة سحابة تشكَّلت على شكلِ الهلال، أو أجرامًا سماوية ممَّا لم يَسمَع به أحدٌ من قبل أنْ يُرَى شيء في السماء مثل القمر له ضوء واستِدارَة تُشبِه الهلال، فضلاً عن أنَّ هذا الشيء يَظهَر في نفس الوقت تقريبًا الذي ينتَظِر فيه الناس ظهورَ الهلال، فإذا أضفتَ إلى ذلك أنَّ بعض هذه الكواكب التي يسمُّونها لا تقتَرِن مع القمر إلا في حالاتٍ قليلة، وأنَّ هذه الحالات على ندرتها قد لا يستَطِيع الإنسان رؤية هذا الظهور بالعين المجرَّدة، وإنْ كان ممكنًا حدوثُ الاقتِران مع إمكانيَّة الرؤية بالعين المجرَّدة، فهذه الحالة تُعَدُّ أندر من التي قبلها، فإذا نظرتَ إلى أنَّ التوقيت الذي يحدُث في الاقتِران لا يُوافِق خروج القمر من مرحلة الاستِسرار إلا في القليل الغريب النادر، ومع كلِّ هذا لا تَظهَر هذه الكواكب كالهلال في ضوئه واستِدارته وقرنيه، وإنما تَظهَر على شكلِ نجمٍ في السماء أو أكبر من ذلك بقليلٍ على حسب حجم الكوكب وبُعْدِ مَدارِه عن الأرض، إذا جمعتَ كلَّ هذا علمتَ أنَّ القول برؤية عطارد كالهلال في نفس يومِ انتظارِ الهلال هو دربٌ من تكذيب المرتائين دون التصريح بتكذيبهم، ولقد أبعَدَ أحدُهم[14]؛ إذ زعَم أنَّ ليلةَ تحرِّي الهلال ظهَر ثلاثة كواكب في السماء، وهي: المريخ وعطارد والمشتري، ولم يظهر الهلال في هذه الليلة فاختَلَط على المرتائين؛ حيث يَصعُب على غير المتخصِّصين في الفلك - على حَدِّ زعمِه - التفريق بين هذه الكواكب والهلال الذي نعرفه جميعًا، وهذا الكلام على غرابَتِه هو ضدُّ ما تعرفه البشريَّة بقديمها وحديثها أنْ يَظهَر في السماء ما يُشبِه الهلالَ القمريَّ حتى يختَلِط على الناس التمييز بينهما، كما أنَّ الصُّوَر التي التُقِطتْ لهذه الحالات لا تُؤيِّد ما ذهَب إليه، بل أظهرت الفرق الواضِح الذي يستَطِيع تمييزه الطفل الصغير، فضلاً عن الكبير.

قائمة المراجع:
فتح الباري.
مجموع فتاوى شيخ الإسلام.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد.
سبل السلام؛ للصنعاني.
تفسير ابن كثير.
تفسير البغوي.
تفسير الماوردي.
التحرير والتنوير.
تلخيص الحبير.
الفروق.
التمهيد.
الاستذكار.
فقه النوازل؛ بكر أبو زيد.
فتاوى اللجنة الدائمة.
مدارج السالكين.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 11-10-2010, 09:02 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عادل الريس

الصورة الرمزية عادل الريس

إحصائية العضو








عادل الريس غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى عادل الريس

افتراضي رد: طريقة السلف وحسابات الفلك




أسال من جلت قدرته
وعلا شأنه
وعمت رحمته
وعم فضله
وتوافرت نعمه
أن لا يرد لك دعوة
ولا يحرمك فضله
وان يغدق عليك رزقه
ولا يحرمك من كرمه
وينزل في كل أمر لك بركته
ولا يستثنيك من رحمته ويجعلك من
(إن لله تعالي أهلين من الناس هم أهل القرآن أهل الله وخاصته )
ومن ( بلغوا عني ولو آية ) حديث صحيح في البخاري










آخر مواضيعي 0 تاريخ كسوة الكعبة في مصر
0 وحشتوني
0 كيف تتلذذ بالصلاة
0 مشهد سيسجله التاريخ ؟؟؟؟؟؟؟
0 إسرائيل" وتهديد الأمن المائي المصري
رد مع اقتباس
قديم 11-10-2010, 11:31 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
همس الليالي

الصورة الرمزية همس الليالي

إحصائية العضو








همس الليالي غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: طريقة السلف وحسابات الفلك

الســـــلام عليكم
نور
جـوزيت خـيراً على طرحك القيم
بارك الله فيكِ وكتب لكِ الأجر

وأجزل لكِ المثوبه
دمتِ في طاعة الله






آخر مواضيعي 0 الجز على الأسنان
0 عجباً لغافلٍ والأهوال تنتظره !
0 افعى المامبا السوداء
0 صور سلق الصيد
0 من أحاديث الهابطين
رد مع اقتباس
قديم 11-12-2010, 11:22 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ملكة بإحساسي

الصورة الرمزية ملكة بإحساسي

إحصائية العضو








ملكة بإحساسي غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: طريقة السلف وحسابات الفلك

نوور ....مشكورة على الموضوع الرائع
وجزاك الله خير واثاابك الله
بارك الله فيك واسعدك الله في الدارين
جعله الله في موازين اعمالك

دمت بخير وفي امان الرحمن






آخر مواضيعي 0 برنامج DuDu Recorder v4.90 الافظل في تسجيل المكالمات والملاحظات
0 كن بشرا وليس اشباه بشر
0 كيف تجعل عطرك يدوم طوال السهرة
0 ازياء رائعه وانيقة للمحجبات
0 فساتين قصيرة وناعمة للسهرة
رد مع اقتباس
قديم 11-12-2010, 07:23 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
كمال بدر

الصورة الرمزية كمال بدر

إحصائية العضو







كمال بدر غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: طريقة السلف وحسابات الفلك

الأخت الفاضله

جزاكِ الله خيراً عن هذا الطرح القيم إن شاء الله .






آخر مواضيعي 0 موسى بن نصير .. القائد الفذ .
0 قبسات من الطب النبوي العلاجي .
0 حــــوار مع الشيطان .
0 الأمانة ـ روائع أخلاق الرسول .
0 القرآن الكريم دليل على نبوة رسول الله .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر

الكلمات الدليلية
لبنان, معنى, الدنيا, الدين, قطار


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:57 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator