بـــــــــحــــــــار
في ذاتِ يوم خرجتُ إلى الحياةِ....وركبتُ سفينةَ عُمري وأبحرتُ؛
كانَ الطريقُ بالنسبةِ لي غيرَ جليّ المعالِمِ....وكان هناك مساران أحدهما عن يميني والآخرُ عن يساري؛
سرتُ بهدوءٍ بينَهما....أعجبنِي كثيراً الدرب الذي عن يميني....إلا أَنهُ بعكسِ اتجاه التيّار وكل من يسلكهُ يتعبُ كثيراً قبل أن يصلَ إلى المرسى؛
بينما الذي عن يساري مياهُهُ راكِدة و موافق لاتجاه التيار....فأبحرتُ فيه...ارتحتُ فيه قليلاً ....لكن قلبي لم هدأ...وأخذتُ أتساءل :
إِلى أين أنا ذاهبة؟؟؟
وما الفائدة؟؟؟
إلى أين أريد أن أصل؟؟؟
فأوقفتُ سفينتي على حافة الطريقِ...وأخذتُ منظاري لأرى السفنَ التي حولي....فأبصرتُ سفناً هائلةَ العددِ والعُددِ....انشغلَ أصحابها باللهوِ واللعبِ فغرقتْ سفُنهم....وانتهتْ رحلتُهُم فجأة....ولم يصلوا بعد...بكيتُ من شدةِ الأَسى و الحُزنِ عليهم....ربّاه ارحمهم وعافني,,,
وأبصرتُ سفناً كثيرةً تعدلُ عن هذا المدلج...وتسلكُ الذي عن يميني على الرغم من صعوبتهِ!!!!!
ففررتُ بسفينتي إليه....و لم أكنْ أُلَِم بِما علي أن أتزودُ به لأسلكَه بسلاسةٍ وانسيابِ.... فأعياني التعبَ وتألمتُ كثيراً...لطولِ المسارِ ووحشته...فكادَ التيارُ أن يُعيدني إلى حيثُ قد أتيتُ!!!
فأوقفتُ سفينتي قليلاً...وتأملتُ في السفنِ التي حولي....كيف هي تسيرُ في هذا المسلك وأصحابُها لا يشعرونَ بما أشعُرُ به من صعوبةِ مقاومةِ التياراتِ الجارفةِ.....بل على العكس من ذلك؟!
فعلمتُ أن التقوى زادهُم....والصبرَ وقودهم.... والتوكل كنزهم...ورضا الله هو ربانهم.....حينها ما أمتع الرحلة وما أسهل المسير,,,,
همسة: بحرُ الحياةِ لن ينجو منهُ أحدٌ إلا المتقين, وإن قستْ عليهم وتلاعبتْ بأحلامهم فإنّ العاقبةَ لهم,