فلسفة الحب

[نور]

فلسفة الحب

(بسم الله الرحمن الرحيم)

عندما تتحدث عن الحب كأنك ترتدي ثوباً ملطخاً بالدماء، أو تشعر بأن أصابع تتجه إليك من كل صوب مشيرتاً إلى أنك خدشت الحياء ولا عجب من هذا لأن البعض قد استقاء معنى الحب من مسلسل هابط أو أغنية ماجنة أو مثل هذا، فالحب أسمى وأرقى من أن يمثل في قبلة أو ضمة أو ما شابهه فالحب تلك الكلمة التي تبدأ بحرف ينطق من الجوف وهذا إشارة إلى أنه يخرج من أعماق الإنسان وحرفها الآخر من الشفتين وهو إشارة أنه ينتهي عند هذا الحد وأنه من مكنونات الصدر.

تعريف الحب:
يقول نزار قباني معرفاً للحب:

هو أن تظل على الأصابع رعشة

وعلى الشفاه المطبقاتِ سؤالُ

هو جدولُ الأحزان في أعماقنا

تنمو كروم حولـهُ وغِـلالُ

هو هذه الأزمات تسحقنـا معـاً

فنموت نحن وتزهر الآمالُ

هو أن نثـورُ لأي شـئٍ تافـهٍ

هو يأسنا هو شكنا القتـالُ

هو هذه الكـفُ التـي تغتالنـا

ونقبلُ الكفَ التـي تغتـالُ

وعرفه كذلك السعدي الشيرازي فقال:

قال لي المحبوب لما زرته

من ببابي؟ قلت: بالباب أنا

قال لي: أخطأت تعريف الهوى

حينما فرقت فيه بيننا

ومضى عام فلما جئته

أطرق الباب عليه موهنا

قال لي من أنت؟ قلت: انظر

فما ثم إلا أنت بالباب هنا

قال لي: أحسنت تعريف الهوى

وعرفت الحب فادخل يا أنا

فالحب هو عبارة عن أحاسيس تصدر بصدق من طرف تجاه آخر حتى أنه يمثل النصف الثاني منه.
قد يقول البعض الحب عبارة عن أوهام أو أفكار ما إن تسلّم فكرك ونفسك لها حتى تشعر بأنها أسرتك،

ولا أرى أن هذا التعريف صحيح استناداً لقوله صلى الله عليه وسلم (ولم يرى للمتحابين مثل النكاح)
وللأمانة قرأت أن هذا الحديث مختلف على صحته والبعض ضعفّه لكن إن كان صحيحاً فإنما يرمي إلى
أن هناك حب ما قبل النكاح لا ضير فيه إنما الضير كله من تطبيقات نشأت عن شواذ وأسموها بالحب
بينما المحب الصادق يكتم حبه لمحبوبه في صدره ويكره أن يمسه أذاً نتيجتاً لحبه له،

وجميل أن استشهد بقصة الأصمعي فيقول:
بينما كنت أسير في البادية إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت:
أيا معشر العشاق بالله خبروا .... إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
فكتبت تحته البيت التالي:
يداري هواه ثم يكتم ســـــره .... ويخشع في كل الأمور ويخضع
يقول ثم عدت في اليوم التالي فوجدت مكتوبا تحته هذا البيت :
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى .... وفـــــي كل يوم قلبه يتقطع
فكتبت تحته البيت التالي :
إذا لم يجد صبرا لكتمان سره .... فليـس له شيء سوى الموت ينفع
فعدت في اليوم الثالث , فوجدت شاباً ملقى تحت الحجر ميتا ,
ومكتوب تحته هذانالبيتان :
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغــوا .... سلامي إلى من كان بالوصل يمنع
هنيـئا لأرباب النعيم نعيمهم .... وللعاشــق المسكيــن مــا يتجــرع

وانظروا إلى ما يكتبه الشعراء اليوم من شعر الغزل والإبحار فيه وكل واحد منهم يريد أن يأتي بشيء لم يأت به أحد قبله، لا أعتقد بعد هذا كله أن يكون الحب وهما.؟

إذاً قد يحب رجلاً ما امرأة وقد تحب امرأةً ما رجلا، فالحب ميلان فطري أودعه الله في البشر انظر إلى الذين يتعاطون المهدئات جراء فقدانهم لمن يحبون أليس هذا دليلاً على الحب، فإن تيسر أن تجتمع بمن تحب في هذه الحياة بالزواج وإلا فجعل صدرك مقبرةً لحبك ولا تبوح به لأحد لأن في بوحك له قد تجر الويلات لمن تحب وقد تهدم حياته فكما قيل سر عجز عن حمله صدرك فصدر غيرك أعجز عن حمله.

وهنا لا أدعوا إلى التعرف على امرأة والهيام بها وكتابة الأشعار لا إنما النساء حولك في كل مكان؟ أحياناً نحب أشخاصاً ولم يسبق أن مروا علينا أو رأيناهم أنما من سيرهم وذكرهم الطيب أحببناهم ولم نرهم قد يقول البعض ما تتحدث عنه مستحيل، وأقول أنا لا ليس مستحيلاً،

لا أريد الإطالة في الحديث عن الحب فهو موضوع لا يكفيني ولا يكفيكم فيه سطور معدودات،
لكن أختم حديثي عن الحب بـ:
أجعل حبك لله وفي الله ولا تعلق قلبك في أحدٍ من المخلوقين فإن حبه يزيد بالطاعة وينقص بالجفاء
يقول أبو فراس:

فليتك تحلو والحياة مريرةٌ

وليتك ترضى والأنام غضابُ

وليت الذي وبينك عامرٌ

وبيني وبين العالمين خرابُ

إن صحّ منك الودّ فلكل هينٌ

وكلُ ما فوق الترابِ ترابُ

* ما دفعني لكتابة هذه الأسطر محاولة البعض في دفن هذا المعنى وتسفيه كل من تحدث به، أتمنى أن أكون قد وفقت في تناولي للموضوع، وأخيراً دمتم ودامت حياتكم ترفرف وتزخر بالحب *

والسلام أحلى ختام..

[همس الحب]

تعريفات رائعة للحب
ولكل وجهة نظر مقتنع بها في هذا التعريف
شكرا لك نور اختيارك المميز جداا

[طارق سرور]

طرح رائع وإختيار أروع

شكرى وتقديرى اختى نوووور