السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في أوائل الخمسينيات كان العديد من البلدان النامية تركز جهودها على استئصال الأمراض عن طريق حملات جماعية تشن خارج الهيكل الرئيس لخدماتها الصحية.
حين كانت منظمة الصحة العالمية تشدد على ضرورة تعزيز الخدمات الصحية الأساسية، وذلك لمواجهة المشكلات الأكثر إلحاحًا التي تؤثر في قطاعات كبيرة من السكان.
وخلال الستينيات قامت بعض البلدان النامية بإدماج برامجها الخاصة في خدماتها الصحية الأساسية.
وقد كان التقدم في تنمية الخدمات الصحية الأساسية، ولا سيما الخدمات الصحية الريفية بطيئًا، وغير منتظم.
وفي السبعينيات أظهرت دراسة مشتركة بين منظمة الصحة العالمية، وصُندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة «اليونيسف»: أنه على الرغم مما يبذل من جهود كبيرة، فلم يتم بعد إشباع الحاجات الأساسية لأعداد غفيرة من الناس في جميع أنحاء العالم.
وفي الثمانينيات والتسعينيات أكدت عدة دورات لجمعية الصحة العالمية على إمكانية تطبيق نهج يقوم على أساس:
1- التركيز على سكان الريف والفئات المحرومة بدلاً من سكان الحضر.
2- زيادة استخدام الخدمات.
3- الاعتراف بما للإسكان والتغذية والتعليم من أهمية بالنسبة للصحة.
4- الاعتراف بالدور الذي يقوم به المداوون المحليون.
5- تكامل الخدمات؛ بحيث تجمع بين الإستراتيجيات العلاجية والوقائية في إطار التنمية الاجتماعية والاقتصادية الأوسع نطاقًا.
في عام 1977م، قررت جمعية الصحة العالمية أن يكون الهدف الاجتماعي الرئيسي للحكومات ومنظمة الصحة العالمية هو بلوغ جميع مواطني العالم بحلول سنة (2005م) مستوًى صحيًّا يمكنهم من أن يعيشوا حياة مثمرة اقتصاديًّا واجتماعيًّا.
وليتحقق هذا الهدف؛ قامت وزارات الصحة بما يلي:
1- استعراض ميزانياتها الصحية.
2- إعادة تخصيص الموارد لتقديم رعاية صحية أولية.
3- استخدام الاحتياجات من حيث التكاليف.
4- دراسة فائدة البرامج الصحية بالنسبة لتكاليفها.
5- تقييم مجموع الاحتياجات المالية.
6- البحث عن سبل بديلة لتمويل النظام الصحي.
إن جمع المعطيات اللازمة التي تبيِّن حجم الإنفاق الصحي وتوزيعه ومصادره في الوقت الحاضر، ليس عملا أكاديميًّا فحسب، فهذه المعطيات ستتيح الأساس الفعلي اللازم لتخطيط حجم الإنفاق، وتوزيعه في القطاع الصحي، وكيفية تمويله في المستقبل.
ولذا فهي تشمل:
1- العلاقة بين الإنفاق على الرعاية الصحية الأوليَّة، ومستويات الرعاية الأخرى.
2- الأولوية الواجب إعطاؤها لبرامج معينة في نطاق الخدمات الصحية؛ الملاريا، أو صحة الأمومة والطفولة.
3- الأولوية الواجب إعطاؤها لمختلف طرائق التدخل، مثل: التطعيم والتثقيف الصحي التأهيلي.
4- مستوى التقنية اللازم استخدامها في مختلف أرجاء نظام الرعاية الصحية.
5- العلاقة بين الإنفاق على الخدمات الصحية، والإنفاق على الأنشطة ذات الصلة بالصحة، مثل: الإمداد بالمياه والتغذية.
ومن ثم، فيمكن أن تشتمل أهداف تحقيق الصحة للجميع بحلول سنة (2005م) على ما يلي:
أ- توفير أنواع معينة من التطعيمات لجميع الأطفال.
ب- تزويد جميع السكان بالمياه النقية.
ج- إتاحة الرعاية الصحية الأوليَّة لجميع السكان.
لقد كانت الخطط لوزارات الصحة فيما مضى تشمل عادة القطاع العام فقط، ولم تكن تشتمل غالبًا الأنشطة المشتركة من القطاعات، وكانت الخطط الصحية تهتمُّ بالجوانب المادية.
وحاليًا فإن إيجاد أموال جديدة، وتحسين توزيع الأموال المتاحة في الاهتمامات الرئيسية لعملية التخطيط الصحي؛ لتحقيق الصحة للجميع بحلول سنة (2005م) في إتاحة الرعاية الصحية للمحرومين منها.
إذ في كثير من البلدان النامية لا يمكن للقطاع العام الحصول على أموال ضافية تكفي للتوسع في الخدمات الصحية في شكلها الحالي؛ مما يستدعي ضرورة إعادة تقدير النفقات الكافية للقطاع الصحي بأكمله.
وعليه، فينبغي إعداد خطط لإعادة التخصيص؛ بحيث تتمشى تقديرات التكاليف مع مستوى التمويل المتوقع من وزارة المالية.
حتى وإن اضطرت وزارة الصحة لتقليل طلباتها الخاصة بالتمويل إذا كان في هذا ما يساعد وزارة المالية على توفير مبالغ، إضافية للأنشطة ذات الصلة بالصحة.
إن دراسة مالية القطاع الصحي تستهدف الحصول على معطيات الاتفاق الخاص، ومصادر تمويله، ثم التوصية بالإجراءات اللازمة في ضوء تحليلها؛ أي: إعادة توزيع الأموال، وطُرق جمع أموال إضافية، ومجالات حصر التكاليف وآليات التمويل الجديدة.
ومن ثَمَّ، فمن الضروري أن تسعى البلدان النامية، خاصة إلى توجيه خدماتها الصحية نحو الانتفاع بمواردها بطريقة أكثر كفاءة وعدلاً.