مع لملمة فصل الصيف حالياً أيامه المتبقية برطوبتها المرتفعة وأجوائها الحارة، وانتظار الجميع النسمات الباردة لفصل الشتاء، تقف على الأبواب بعض الأمراض والالتهابات التي ترافق الأجواء الباردة، وعلى رأسها نزلات البرد والانفلونزا الحادة، بما يصاحبها من السعال والتهابات الحنجرة وارتفاع درجة حرارة الجسم وغيرها، التي يسقط الكثيرن في براثن الإصابة بها، مع فقدان القدرة على الدوام في أماكن العمل، أو الانتظام على المقاعد الدراسية إذا كانوا طلاباً .
قال د . محمد إبراهيم استشاري أمراض القلب، ورئيس قسم الباطنية في مستشفى الكويتي في الشارقة: أغلب أمراض فصل الشتاء تتركز في الإصابة بنزلات البرد، والتهابات الجزء العلوي للجهاز التنفسي والتي قد تؤدي إلى الإصابة بالحمى الروماتيزمية، كما تنشط بعض أنواع الفيروسات في الشتاء، وتؤدي إلى الإصابة بالتهاب عضلة القلب أوالغشاء المغلف له، وتتشابه هذه الأعراض في بدايتها مع أعراض الانفلونزا العادية، ويحدث أن يصاحب إصابة المريض بهذه الفيروسات ارتفاع في درجة الحرارة، وغالباً يتناول المرضى العلاج التقليدي المتبع في علاج نزلات البرد للتغلب على هذه الأعراض، وهذا خطأ شائع يتضمن خطورة كبيرة، لأن عدم التشخيص المبدئي من قبل الطبيب المختص يؤدي إلى استفحال المرض، الذي لايشعر به المريض إلا عقب حدوث مضاعفات في عضلة القلب، مما قد يؤدي إلى إصابته بهبوط في القلب، واحتجازه بالتالي في غرفة الرعاية المركزة .
ومن الواجب على من يشعر بأعراض نزلات البرد التوجه فوراً إلى الطبيب للفحص للتأكد من عدم الإصابة بأي من الأمراض الفيروسية التي قد تتشابه أعراضها في بدايتها مع أعراض الانفلونزا، كما يجب ألا يعتمد المريض في العلاج على استشارة من صيدلي، أو على خبرات الآخرين في التداوي .
التهابات الملتحمة
وأوضح د . علي شكر أخصائي طب وجراحة العيون ورئيس جمعية الإمارات الطبية أن أمراض العيون في فصل الشتاء والتي تظهر خاصة بين طلبة المدارس تتركز في التهابات ملتحمة العين، سواء الفيروسية أو البكتيرية، إلى جانب تزايد نسبة الحساسية في العين التي تصاحبها حكة واحمرار، والتي تنتج عن نزلات البرد .
وقال: الوقاية من هذه الأمراض تكمن في غسل العين باستمرار بالماء البارد النظيف، مع اتباع نصائح الاطباء باستخدام القطرات بشكل صحيح ومنتظم، وعمل كمادات ماء بصورة دورية، وعدم التعرض إلى الغبار، فيما يستغرق علاج التهابات العين نحو أسبوع، عدا ذلك فمن الواجب عدم الركون إلى أي صيدلي في تشخيص العرض الذي قد يصيب العين، لأنه من الممكن أن يصف فقط القطرات المطهرة، والخاصة بغسول العين، لكن لا يحق له صرف قطرات المضادات الحيوية للمرضى دون استشارة الطبيب المعالج، حيث قد تنجم عن ذلك مضاعفات تؤدي إلى عدم استجابة العين للعلاج، أو زيادة نسبة الحساسية المصابة بها، لذا فبدلاً من الدخول في متاهة مضاعفات الأدوية، يجب على أي ممن يصاب بالتهاب أو غيره في العين، التوجه إلى أختصاصي العيون، كون العين هي نافذة الجسد وبالتالي يجب الأخذ في الاعتبار معاملتها برفق وتحسس ودقة .
مراجعة المختصين
د . مصطفى الطاهر اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة قال: حالياً نحن في مرحلة انتقالية ما بين فصلي الصيف والشتاء، وفي هذه الفترة يتأرجح المناخ بين الرطوبة المرتفعة والمنخفضة، والجو المغبر والساكن، مع اختلاف درجات الحرارة في البيوت وخارجها بين الدفء والبرودة، وتعتبرهذه العوامل المناخية المتغيرة فرصة ذهبية تستغلها الفيروسات للنيل من الانسان مع مايتبع ذلك من مضاعفات محتملة، وتعد نزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي من أسرع الأمراض انتشاراً بين أفراد الأسر، سواء في أماكن العمل أو البيوت، ويساهم في ذلك الافتقار إلى الوعي الصحي بطبيعة هذه الأمراض، وطرق الوقاية منها .
وتعتبر الفصول الدراسية المغلقة ذات التهوية الرديئة بمثابة التجمع الأكبر لانتشار العدوى بين الطلبة لاسيما التلاميذ الأصغر عمراً، خاصة أن معظمهم يعاني من ضعف مقاومة الجهاز التنفسي، وعندما يهاجم فيروس الانفلونزا الطفل من هؤلاء تبدأ الأعراض في الظهور على صورة ارتفاع في درجة الحرارة وزكام وعطس وسعال جاف، وتكسير في الجسم، وأحياناً احمرار في العيون، وتستغرق فترة الإصابة من 7 - 10 أيام في الحد الأقصى، وإذا كان المصاب مريضاً بأمراض مزمنة كالحساسية والجيوب الانفية، أو ضيق في ممرات الهواء الانفية، فقد تتحول الإصابة الفيروسية إلى بكتيرية في الجيوب الانفية مع تهيج أعراض الحساسية خاصة لدى من يعاني من حساسية في الشعب الهوائية .
ويستوجب العلاج الراحة التامة، وعدم الذهاب إلى أماكن التجمعات مع تناول مسكنات الأعراض المرضية التي تظهر، وأخذ المضادات الحيوية إذا كانت هناك مضاعفات بكتيرية أو تهديد بها، ومن الضروري في هذه الحالات التوجه إلى الأطباء المختصين، وعدم التهاون في التعامل مع المرض، أو اللجوء للعلاج الذاتي، لأنه من المضاعفات ما يصعب علاجه، خاصة إذا كان فجائياً وخطراً لمن يعانون من ضعف في المناعة أو امراض مزمنة، لذا ننصح بعدم العلاج العشوائي أو الاستناد إلى نصائح الآخرين في التداوي من الأمراض عامة .
الأكزيما الجلدية
ومن جانبه قال د . حسن البحيري أختصاصي الأمراض الجلدية والتناسلية في الفجيرة: لا شك أن الجلد يتأثر بالبرودة خلال فصل الشتاء، بصفته العضو الأكثر تعرضاً للبيئة المحيطة بالكائن الحي، وبالتالي أكثر أعضاء الجسم تأثراً بالعوامل الخارجية مثل الحرارة والرطوبة والاشعاعات والمواد الكيمائية، ويتعرض الانسان في الطبيعة إلى عوامل بيئية متباينة في الشدة، منها درجة الحرارة والرطوبة، حيث يعيش الفرد في مناطق متغيرة المناخ، وقد يبلغ الفرق بين أدناها وأعلاها حوالي 40 درجة، وكما أن للحرارة المرتفعة تأثيرها في الجلد، فإن البرودة الشديدة يمكن أن تسبب بصورة مباشرة أو العكس في العديد من الظواهر والأمراض الجلدية .
مع قدوم الشتاء تنشط بعض الأمراض الجلدية مثل النخالة الحمراء والعدوى الفيروسية كالجديري المائي، والأكزيما الجلدية، حيث يصاب الجلد لدى كبار السن بالجفاف لقلة إفراز الغدد الدهنية في مرحلتهم العمرية المتقدمة، ويزيد الميل إلى الجفاف في فصل الشتاء خاصة عندما يقل إفراز العرق مع تدني مستوى الرطوبة، ويتسبب ذلك في حدوث الجفاف بما يعرف بالأكزيما الجافة، والتي يظهر فيها الجلد متشققاً بصورة سطحية، ويصحب ذلك احمرار بسيط في مناطق الساقين والبطن والفخذين والساعدين، ويشعر المريض بالحكة قبل النوم، ويتزايد ذلك في فصل الشتاء لتوافر العوامل المهيئة لجفاف الجلد مثل انخفاض نسبة الرطوبة وزيادة التعرق وقلة الإفراز الدهني، وفي بعض الأحيان بسبب استخدام المدفأة التي تسهم في تقليل نسبة رطوبة الجو، لذا ننصح باستعمال الكريمات المرطبة لكبار السن وذوي الجلد الجاف، واستعمال أنواع خاصة من الصابون تحتوي على نسبة عالية من الزيوت، مع تقليل عدد مرات الاستحمام .
وبالنسبة للأخذ بنصائح بعض الصيادلة في العلاج فهم غير مؤهلين لتشخيص الأمراض، وبالتالي فعملية صرف الدواء يجب أن تكون عن طريق الطبيب المختص فقط، لأن الصرف العشوائي دون وجود وصفة طبية يؤدي إلى بعض المضاعفات نتيجة سوء التشخيص، وأيضاً صرف دواء غير مناسب قد يخفي الصورة الاكلينكية للمرض، مما يصعب معه التشخيص لاحقاً، أيضاً بعض الادوية التي تصرف دون وصفة طبية قد تتسبب في حدوث مضاعفات مثل الحساسية المفرطة، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى حد إصابة المريض بصدمة دوائية، فضلاً عن تسبب ذلك في تأخير الشفاء وظهور مضاعفات يصعب علاجها نتيجة عدم تناول الدواء المناسب في الوقت المناسب .
تضخم البروستاتا الحميد
من أشهر الأمراض التي تتأثر بحلول فصل الشتاء والطقس البارد تضخم البروستاتا الحميد حيث تؤدي زيادة برودة الجو إلى زيادة الأعراض المصاحبة للمرض مثل كثرة عدد مرات تبول المريض صباحا ومساء وأثناء الليل كما أن هناك بعض الحالات التي تصاب باحتباس بولي حاد نتيجة برودة الجو وفي هذه الحالة يضطر المريض إلى تركيب قسطرة لإفراغ محتوى المثانة من البول المحتبس . ومن الأعراض الشهيرة أيضا كثرة قيام المريض للتبول أثناء النوم. وفي بعض الحلات يصعب التحكم في البول فجأة بالرغبة الملحة في التبول وفي بعض الحالات المتقدمة يفاجا بأن التبول قد حدث جزئيا رغما عن ارادته وتحدث كل هذه الأعراض لمريض البروستاتا في فصل الشتاء
الاكتئاب الشتوي
يقول الدكتور أحمد عكاشة الاكتئاب الشتوي ليس مرضا نادرا، فهو يحل ضيفا علي 20% من البشر في العالم خاصة في البلدان الواقعة شمال الكرة الأرضية، وتقل نسبته كلما انتقلنا جنوبا، وإذا كانت هناك أسباب عديدة للإصابة بالاكتئاب والأمراض
النفسية أهمها الاستعداد الوراثي أو البطالة التي تقف سببا وراء أمراض العديد من الشباب المكتئبين.
أو بسبب الضغوط النفسية والعصبية التي نتعرض لها في حياتنا اليومية،
فإن الكآبة الشتوية حين تصيب هؤلاء المكتئبين لأسباب أخري، فإنها تدفعهم نحو الانهيار، ويرجع ذلك إلى قلة
الضوء الذي يتعرض له الإنسان في فصل الشتاء بسبب التغيرات المناخية والغيوم والأمطار.
وهذا النقص في قلة كمية الضوء التي يتعرض لها الإنسان تؤدي إلى خلل في مستوي هرمون الميلاتونين الذي
تفرزه الغدة الصنوبرية في الدماغ خلال فترة الليل، وهذا الهرمون يلعب دورا مهما في تنظيم الساعة البيولوجية
الداخلية للإنسان وكان العلاج بالضوء هو أكثر العلاجات نجاحا مع ما بات يعرف بالاكتئاب المناخي أو الشتوي
الذي يبدأ مع الشتاء وينتهي بدخول الربيع والصيف
أما عن أعراض المرض فيصفها الدكتور أحمد عكاشة قائلا: تختلف أعراض اكتئاب الشتاء من شخص لآخر، إلا
أن أعراضه الغالبة عادة ما تبدأ بالإحساس الشديد بالكسل، وقلة النشاط، والإرهاق، وصعوبة القدرة علي التركيز
وتذكر المعلومات، والميل الدائم والرغبة الملحة في النوم والإكثار من تناول النشويات والحلويات وبالتالي زيادة
الوزن، وكذلك ثقل اليدين والقدمين، والشعور بعدم الأهمية وفقدان القيمة الشخصية والميل نحو العزلة والبعد عن
المجتمعات، والتفكير في الانتحار، إذا لم يتدارك حالته ويتلقي العلاج اللازم.
(اذا نحن اما مشكلة او ظاهرة واذا نظرنا اليها بعمق اكبر نجد اننا نحن السبب في تفاقمها وليست الطبيعة وحدها
هي المتهمة. العادات السلوكية السيئة التي طرأت على المجتمعات تلعب دور كبير في تفاقم هذه الحالة من
الاكتئاب فنحن للأسف غيرنا في الفطرة الانسانية حولنا الليل نهار والنهار ليل ... الاستيقاظ في وقت متأخر من
النهار وابقاء نوافذ المنزل مغلقة او وضع الستائر ذات الاقمشة الثقيلة لمنع تسرب الضوء ..فقدان الحميمية في
العلاقات الاجتماعية والانغلاق على النفس وكأننا نسينا ان ديننا الحنيف يحث على التزاور وصلة الرحم هذا
بالاضافة الى العادت السلوكية الخاطئة وتشبع غذائنا بالنشويات والسكريات والدهون والمنبهات ،)
إن الوقاية من اكتئاب الشتاء أفضل من علاجه، وتلك الوقاية تتمثل في ضرورة الحرص علي التعرض لأشعة
الشمس طوال أيام الشتاء، وعندما يكون الطقس ملبدا غائما معتما يجب الخروج إلى الهواء الطلق خاصة في
الساعات الأولي للنهار، وعدم الإفراط في تناول النشويات والسكريات والمنبهات كالقهوة والكولا التي تزيد
بدورها من وزن الإنسان وعصبيته وتوتره، وتجنب الأطعمة الغنية بالدهون، والاستعاضة عن الدهون واللحوم بتناول
الأسماك خاصة أسماك التونة التي ثبت أن لها دورا كبيرا في تحسين الحالة النفسية للمكتئبين.
والأهم من كل ذلك هو أن نودع حالة أهل الكهف التي تلازم الكثيرين طوال فصل الشتاء، وألا ندع برودة الطقس
تحول بيننا وبين ممارسة الرياضة بانتظام والتي تحسن بدورها من الحالة النفسية والبدنية للشخص، والاختلاط
بالناس والتحدث إليهم مع ضرورة اتباع نظام رياضي وغذائي طوال أيام الشتاء وحتي مطلع الربيع.
لماذا لانجعل فصل الشتاء فرصة لشحذ الطاقات الفكرية؟ فأذا كنا نعاني من فترت الليل الطويلة وحالة الهدوء التي
تسيطر على اجواء البيت ..لما لانجعل منها اجواء مناسبة للقراءة او ممارسة الهوايات سواء الفكرية او المهارية
ليكن هذا الفصل موسما لتجديد هذا النوع من المهارات ستمر فترة الساعات الاولى من الليل دون ان نشعر بها
10-29-2010, 05:01 PM
أهم أمراض الشتاء وطرق الوقاية منها
