السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال: إبني في السادسة من عمره. هو خجول جدا بينما معلمتة تؤكد تميزه وقدرته على إنجاز المهمات. ما يزعجني هو بأنه لا يشكو اذا ضربه أحد الأولاد في الصف ويبكي بصمت. أولاد صفه هم الذين يشتكون. في البيت هو يصرّ على حقوقه وأحيانا يحاول دائما ضرب أختة التي تكبره بالعمر؟ على ماذا يدل هذا وكيف أساعده للتغلب على خجله؟ وشكرا لك.
الجواب:
عزيزي،
تحية.
لا للقلق. احترام طبيعة تميز كل طفل يجعله أكثر ارتياحا وطمأنينة. من الطبيعي شعور الأطفال بالارتياح في بيوتهم أكثر منها في الخارج. تعديه على أخته لهو دليل على أنه ليس بضحية. من المهم أن يعرف الأهالي بأن تجارب الأطفال اليومية عموما هي أحيانا مؤلمة لهم ولكنها تعلم كل طفل الكثير وتكسبه خبرة وأساليب تعامل مناسبة.
ماذا عن الفروق الفردية بين الأطفال؟
من المهم احترام مزاجات الأطفال المولودة والمتنوعة. لا دور للمربي بتغيير الطباع وإنما مسؤوليته احترام التنوع وملاءمته أسلوبه التربوي الإيجابي مع كل مزاج. لا لفرض سلوك على الأطفال ليس بإمكانهم ولا برغبتهم القيام به. هناك فروق فردية بردات فعل الأطفال المزاجية. مزاج طفلك هو طبيعي ودور المربي تقبله ودعمه ومن ثم معالجة كل واقعة اشكالية على حدة. قيام طفلك بالمهمات المطلوبة منه واتقانها يدل على ارتياحه وتميزه.
هل للمربي تأثير وكيف ينتشر التسامح بين الأطفال؟
للمربي دور ترغيبي في زيادة عدوى التسامح والمحبة بين الأطفال وبالعكس. من المستحسن معالجة المربي أية شكوى لسلوك عنيف فوريا. لا للتأجيل أو التجاهل. المعالجة المناسبة تعطي للأطفال شعورا بالأمان والاطمئنان. من المهم إفساح المجال أولا للمتعدّى عليه بالتعبير عن مشاعره وليس توبيخ المتعدي والانشغال بضبطه التربوي. على المربي أن يعطي الأولوية للضحية حقها بالتنفيس والتعبير عما يمر به. لا للتحقيق ونعم للجوء لأسلوب إبعاد المتعدي بهدف مراجعته الذاتية للعمل على تدريبه على ضبط انفعالاته السلبية من غير استخدام العنف.
هناك بعض مربين يطلبون من الطفل الضحية القيام برد فعل – أخذ حقه بالقوة- بدافع غريزي لديهم من غير الاكتراث بدافع الطفل العاطفي الذاتي. رد فعل الطفل الذاتي هو المحرك وليس غرائز المربي البالغ. لا لتدريب الأطفال على الأخذ بالثأر أو رد العنف بالعنف. تدريب الأطفال على الضبط الذاتي ، المحبة والتسامح يزيد من الوفاق والاحترام.
من المهم أيضا أن يهتم المربي بسلوك الطفل الإيجابي ومن المفيد تعزيزه بالامتداح والترغيب. كلما لاحظ المربي عنفا من المفيد بعد التنفيس والتهدئة استبداله بسلوك تسامح واعتذار. دور الامتداح والتشجيع هو لزيادة السلوك الإيجابي بين الأطفال وتكراره.
على المربي التركيز على سلوك مستحب يقوم به الطفل وتدريبه على تكراره، مثل: " كم أفتخر بك وبتعاملك مع فلان. يعجبني مبادرتك مساعدة فلان، أحسنت باختيارك فلان صديقا لك... ".
ما هي حاجات الطفل العاطفية الأساسية؟
ما يهم أيضا هو إشباع الطفل بحاجاته العاطفية التي تكسبه الثقة بالنفس والشعور بالتقدير الذاتي بالرغم من جميع ما وصفته من سلوكه.
الحاجات العاطفية هي:
1) شعوره بالطمأنينة لما هو عليه ولبيئته. 2) وجود نموذج عاطفي يندفع لتقليده – الأم بتعاملك وألفاظك-( أنظر في كتابي: "نعم للتربية الإيجابية" الفصل الرابع ص32 ). و3) إشباعه بالحب. لا شروط بالحب. الحب دائم وثابت.
ما يزيد حالة الطفل صعوبة هو: التوبيخ، الملامة، التهديد، النقد السلبي باتهامه بالضعف والجبن. لا فائدة من انفعالك السلبي ومحاولة تغيير طبيعته. العصبية والنق تضر بتطور شخصيته. التنبيهات والتعليمات غير المناسبة لطبيعته تزيد من ضغوطه وقلقه وتجعله يشعر بالاحباط وبأنه ليس عند حسن ظنك.
ما هو دور الخيال في تلك المرحلة الخاصة؟
الطفل في تلك المرحلة يتميز بالخيال الواسع. الاستناد على الدراما الخيالية حاجة تربوية مفيدة. يمكنك اللجوء للأسلوب الدرامي بالاستعانة ببطل قصصي " كُشْكُشْ" الذي يحبه جميع الأطفال خاصة بعمر ابنك. بعد الانتهاء من سرد أية قصة ل" كُشْكُشْ" والوصول للخاتمة وبعد الاندماج الممتع، عليك امتداح سلوكه المستحب ل" كُشْكُشْ" بالقول مثلا: "أرأيت ما أحلى تعامل ابني يا كُشْكُشْ" حين..." استخدام " كُشْكُشْ" هو أيضا "النموذج العاطفي" الذي يحب الطفل تقليد سلوكه. دمية " كُشْكُشْ " تعمل على طمأنته واستعادة أمانه كلما شعر بحاجة لإشباع عاطفي بالقول: أنا ألاحظ يا كُشْكُشْ محبتك واحترامك لابني، من المؤكد بأنك ترغب بصداقته...
وأخيرا يحتاج الطفل أيضا لأنشطة رياضية وحركية لتنفيس ضغوطه.