منذ تعلمت كيف أحمل القلم بين سبابة وإبهام طرقت به أبواب كثيرة كسرت بعضها جهلا ورداءة حرف
وقومت بعضها أيضا بلاغة وحسن تعبير , كتبتُ عن الوطن على أوراق خضراء وتغنيت بولائي له دون
أن أدرك مفهوماً واضحا لمعنى الانتماء , كتبتُ عن الحدائق والصحاري عن الجبال والسهول وأنا التي
لا أعرف عنها إلا ما تركته هايدي الجميلة في مخيلتي مجرد كوخ وعزف شجر ووجبات لا تنتهي من
جبن مذاب , كنتُ أكتب لأن موائد الكلام وقتها عامرة بما لا أشتهي وحتى لا أًصاب بفقر صديق
بدأت أقتات على الحرف وما كنت أدري بأنه من يقتات علي ..
كبرت الآن بما فيه الكفاية لأُدرك بأننا لا نختار ما نكتبه , وكل ما اعتقدنا أننا اخترناه بمحض إرادتنا
نكتشف بأنه مزيف كتلك القطعة التي تلمع من بعيد ويظنها القارئ ذهبا , نحن لا نختار ما يُكتب لأننا لا
نكتب ما نختار ولا ننتقي ما يليق لأننا لا نليق بما نكتب معادلة صعبة جدا لا تأخذنا إلى نتيجة مناسبة
ولكنها تمنحنا فسحة للتفكير بما يحب ..
في الحقيقة لا أحتاج لكل ما ذكرته أعلاه لأُخبرك بأنني سأكتب عنك ولكن أصبحتَ تُدركُ الآن بأني
ارتبك كثيرا وأتعثر بأذيال الكلمات أكثر وعوضا عن قضم أظافري ها أنا أقضم الأفكار, وبدلا من أن
أنتزع خصلة تلو الأخرى من شعري ها أنا أنتزع تركيز القارئ وأُنقله من فكرة إلى أخرى وكطفلة تتعلم
نطق أول كلمة أقدم حرفا وأُؤَخِرُ آخر لا أنتظر عيناً تُثني علي برضا فتحرك أجفانها تصفيقاً ولا فماً
تنفرجُ شفتيهُ بابتسامة فيميل سخرية , انتظرني أنا لأنني منذ البداية مشكلتي وحلي, رضايَ وسخطي ...
إذا سأكتب لك ما لم يكتبه أحد عنك \\حتى أنا ذات عمر مضى فيه ما عرفتك ,
سأكتب لك عن ما لم يصل إليه أحد فيك\\ حتى أنا ذات عمر مضى ما وصلتك ,
سأكتب لك عنك ما لم تعرفه حتى أنت و\\حتى أنا التي ذات عمر مضى جهلتك ,
سأكتب لك الأصدق صدقني لأنني ما اخترتك أبدا فأنت جئتني في وقت لا أذكره, بحلول غريب لا
أفهمه لتنجو من سيل كتابات كثيرة عن أشياء كنتُ قد اخترتها لأكتشف بأنها ما عرفتني وما عرفتها ..
إذا سأكتب عنك لأنك مختلف كوردة سوداء وسط صحراء قاحلة ,
كبركان ثائر وسط غابة هادئة ,,,
وكوشاح أسود حول رقبة فتاه في ليلة زفافها ,,
سأكتب عنك لأنك استثنائي كنوتة شاذة وسط موسيقى متقنة
كابتسامة عذبة على شفة ميت
كحريق وسط بحر ساكن
كضحك صاخب وسط عزاء
سأكتب عنك لأنك تشبهني , كأنا أنت إن سخطت على دنيا ما أنصفتك
كأنا أنت\\ إن أنكرت إحساسا تلبسته وتلبسك
كأنا أنت \\إن هربت ممن عرفت وعرفك
كأنا أنت\\ إن حاولت أن تكتب عمن سكنته وسكنك
كأنا أنت الآن\\ وأنا أدور بين الكلمات كراقصة ماهرة خذلتها الخطوات ,
وكبائعة ورد رقيقة أدمى أناملها الشوك ,
وكمتسولة بائسة مزقت أقدامها حجارة الأرض ...
وسأكتب عنك لأنك لن تكتب عني وأنا الذائبة حد التلاشي فيك ومعك فقط أشبهني
سأكتب عنك لأنك لن تحكي عني وأنا القصة التي كتبتها أنت بوجودك وبعينك فقط اقرَأُني
سأكتب عنك حتما سأفعل ولكن كما تعرف أنت ارتبكُ أنا كثيرا وأُضَيعُ وسط ما لا أُريده ما أريده حقا
وأدور
أدور
أدور كفراشة نسيت طريقها باتجاه الضوء فأرخت أجنحتها لترتاح حيث لا مكان ولا أحد ولاشيء ..
وسأكتب صدقني حتما سأفعل وربما فعلت والأكيد بأنني لا أذكر أبدا ما اقترفت
فطوبا لنقطة تعرف متى تُغلق باب نص كبير وتبتر أطراف كل كلمة جديدة إن تطاولتــــ
راقنى