عاتبني أيها القمر
من خلف تلك التلة ترسل لي كل ليلة ألف تحية ، لا تكل ّ ولا تملّ ولا يتسرب اليأس إليك ، وأنا من خلف نافذتي أرقب حرقتك بدلال ، إلى أن أصبح نورك يملأ المكان ويملأ قلبي ، ففتحت لك نافذتي وبت أنتظرك كل ليلة
أذكر في ليلة طال غيابك عن نافذتي بعد أن حجبتك غيمة كبيرة عني، فانتابني الشوق والهلع ، وما أن ظهرت لي حتى هرعت إليك لأبثك شوقي وحنيني ، ولكنك أخذت تعاتبني وتعاتبني وتعاتبني إلى أن أنسيتني شوقي إليك ولهفتي عليك ، فتركتك وأغلقت نافذتي وآويت إلى فراشي ، وإذ بك تقتحم نافذتي وتخترق أحلامي وتطبع قبلتك على وجنتي وتقول لي لتداري دهشتي : الحب لا يقبع خلف النوافذ وصدّقت!
وأذكر أيضا ًعندما كنت تحاسبني كطفلة صغيرة وتسألني : لماذا ترسل الشمس خيوطها نحوك ؟ ولماذا تتسلل إلى مخدعك ؟ لماذا تتجمهر النجوم على نافذتك ؟ أتغازلك ؟ فأجيبك : ما ذنبي أنا ؟ هي لا تجرؤ إلا في غيابك ، تعال اقطع خيوط الشمس ، بعثر هذه النجوم ، هي لا تهمني ، أنت فقط من يهمني .
وأسمع عندها دوي ّ ضحكتك يجلجل في المكان .
والآن ، حين مرضت ، أصبحت تعودني ،تخفف عني الألم ، تبثني الأمل ، تمدني بالصبر، تدعو لي بالشفاء .
لكني أنا مللت أحاديث السقم ، وأمنيات الشفاء ، أشتاق لأحاديث الهوى ، اشتاق لأحاديث العتاب ، أريدك أن تعاتبني ، نعم أتوق أن تعاتبني ، عاتبني الآن
عاتبني أيها القمر !
م0ن