العودة   شبكة صدفة > المنتديات الادبية > القصص والروايات

القصص والروايات قصص و روايات يختص بالقصص بشتى أنواعها : قصص حب غرامية، قصص واقعية , قصص خيالية , قصص حزينة , قصص غريبة , قصص تائبين , قصص رومانسية , قصص دينية , قصص خليجية طويلة ,روايات و حكايات شعبية, حكايا و قصص شعبية , الادب الشعبي, قصص مغامرات اكشن واقعية, قصص الانبياء, قصص قصيرة حقيقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04-14-2009, 10:31 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي وفاضت الأحلام

وفاضت الأحلام




فاض الفرات
امتدت مياهه في كل الاتجاهات
تغمرُ كلّ شيءٍ، وتؤرجح كلّ شيء، الأشجار والحقول، والزواحف، والهضاب. غسلت الوجوه والأجساد من العرقِ، ورائحةِ الزنخ. غسلت شعور الحصادين، ودواخلهم، مياه متوهجةٌ، فضيةٌ، لامعةٌ. مسحت الدروب فبدت نظيفة من الغبار.
ومرّت بالحقول فاكتست بالخضرة، وتألقت المرتفعات بالنبت والكلأ فيضانٌ حنونٌ رؤوف لا كما الفيضانات التي خبرناها تدمّر، وتفتك تأتي مزمجرةً، عنيفةً، تقتحمُ كلّ ما تجد أمامها وتلاقي.
تدور كزوبعةٍ، وتبتلع الوجود ثم ترحل بعد أن تطفئ الحياة في النفوس. ما حصل أنّ هذا الفيضان فجرّ ربيعاً وراءه لا دماراً، وعويلاً، ونواحاً. لذا أضمر كلّ رجلٍ في نفسه أن يعود شاباً يافعاً. يغتسل بماء الفرات ويتطهر به تسارع الرجال في خلع ثيابهم، وجلابيبهم وتشربوا الحماسة واللهفة لسباحة ولهوٍ وغطس. فراحوا يخوضون في الماء العالي.
راحت أنفسهم تلهث ركضاً في اغتنام فرصة الحياة، وفرصة العودة إلى الشباب وعمل الفيضان فيهم عمله. تماماً كما تمنوا، وأضمروا، أرجحهم، وداعبهم ولاعبهم، ورشقهم بمائه، فاغتسلوا وعاد لهم صباهم.
لم يصدق واحدهم ما جرى له بمرور هذه المرأة في أفقه، مذ صعدت ماج عمقه وهاج. فما عاد يشعر بآلام الشقوق ووخز الشوك في الأكف ولا الحر الحزيراني ولا بالتعب ولذعات المناجل اللاهبة. إنما تهلل الجميع واستبشروا فرحاً ووجوداً ينضحُ هوىً. تمنى كلّ فردٍ فيهم لو تصطحبه حيث الفرات الرحب أفقاً ليبلغها لواعج فؤاده بطريقةٍ تخصه وحده ينزلان معاً واديه المشبع بقصب الزلّ، والحشائش الطويلة المغتسلة بنور القمر، وطيور النورس، وأشجار الصفصاف. وأمامها قلعة جعبر شامخة ترنو إليهما بعظمةٍ وكبرياء. داخل الحافلة فاحَ حلمُ أحدهم، همس:
-لو تنزلين أيتها الجزلة الماء، وتحلين ضفائرك وترشقينني بحبيبات تُطفئ ظمأي وألاحقُ خيوط الغسق وهي تصبُّ فيك.
كان هذا حلم مطاوع النزال
أما سالم فكان يغطسُ في مكانه الواسع.
كان ضائعاً، مشتتاً وصغيراً ضآلة جسده ونحوله لم يمنعانه من أن يراها ضخمةً خضراء قادمة إليه تهدرُ بردفيها الثقيلين، خطواتها ثابتة واثقة راحت تعدو في حقله تدوس سنابل القمح تَقِدمُ تجيء، تاركةً وراءها أكياس خيرٍ وتبر "يا لروعتك وأنت تخوضين بحرَ القمح". هذا ما قاله حينما ترك المنجل يسقط من يده أرضاً وقد تلوّن وجهه بالفرح رفض أن يقف مذهولاً فاغراً فاهاً وإنما راح يركض إليها، يركض ويركضُ يدنو منها تستمر هي بالمجيء تحملُ عنه التعب وتطوي مسافات الحقول بين عجلاتها صار جبين سالم ينز راحة وتوهجاً بدل العرق صار يخاطبها بلهفةٍ واشتياق سائراً معها جنباً إلى جنب يقطعان الحقول ويطويان المسافات وكانت تدفع إليه شوقها بركةً ومواسم. شعر بارتياح يسوحُ في صدره، وبمدىً أخضر يناديه بعذوبةٍ بعد لحظات كان سالم يغفو في كرسيه إغفاءة طفلٍ يحلمُ بسكاكر العيد وأراجيحه. وخيّل لجلّود أن عينيها الذباحتين تدعوانه علناً أمام الملأ مدّ يده ووضعها في يد المرأة. وراحا يمشيان على حافة النهر والماء يداعبُ أرجلهما العارية والقمرُ قرصٌ فضيٌ ينير لهما الكون.
قال بدفءٍ ووجه المرأة بين كفيه يفيض قمحاً وعسلاً.
-أحبكِ.
دفنت المرأة وجهها في صدره، واكتست خجلاً وارتعاشاً ونشوةً بينما الفرات يصغي بهدوء إلى وشوشاتهما في حين ودّ لو يغمرهما، ويروي ظمأ مساماتهما. جفل جلّود من حرارة ولزوجة اليد التي امتدت إلى رقبته. استدار وإذ محيو يقدّم له سيجارة. نفخ بحرقةٍ ونزق، وانزعاج وعيناه تقدحان غضباً، رافضاً عرض محيو الحاقد الذي اغتاله وأطفأ حلمه. أمّا "هزاع" فقد عشقها جنيةً تشبعه حناناً وأشياء أخرى، تعجزُ امرأةٌ من البشر عن ذلك. جنيةٌ دافئةٌ، طويلة الشعر، مستطيلة العينين. تأتيه ليلاً تزرع أناملها في شعره الجعد، تداعبه ويسترخي في حضنها يستسلم لعبثها اللطيف وهي تقص عليه حكايا عن عالم غريب، عجيب سمع الكثير عنه. عالم يودُّ ولوجهُ. ودليله جنيّة لها رائحة مميّزة تقف في عتبة الغرف. تبتسم له، تهدهده إلى أن ينام بعمقٍ، وترحل مع أول شعاع للنور، ثمّ تعاود المجيء كلّ ليلة وترحل من جديد لتعود أما الشيخ حمد فجاءته انبلاج ضوء من كوّة النهار. تولدُ صباحاً حوريةً مشبعة حمرة وضياء. تحمل بين يديها إبريق وضوءٍ.
تأتي إليه.
فتهلّ على وجهه أطياف مسرّة. تشعُّ وسط الدار فجراً يستحيل إلى شمس فتكون ضحى.
-ضحى!! هتف بفرحٍ وأردف:
"اسمٌ جميلٌ يليق بها. يا لروعة هذا الاسم، وروعة حاملته!!"
الآن عرف سرّ حبه لصلاة الضحى التي يؤديها عشقاً وإخلاصاً ومتابعةً.
ضحى بداية نهارٍ يتمدّد في كلّ الأمداء.
فجأة قطب ما بين عينيه، وداخله يمورُ بأفكارٍ وهواجس.
"حيطاني واطئة تكشفُ ستر تحركاتي للعيان!"
سأُعليّ الجدران، سأجبل طينةً وأحضر لبناً وأبني حيطاني ضحى لي وحدي، وضياؤها بعيني. ضحى، ضحى، صبي الشاي وتعالي".
قال بصوت مرتفع دهش الجميع، وراحوا يضحكون خفيةً، يسدّون أفواههم بأكفهم لكنّ أصواتهم أبت إلاّ أن تصدر شعرَ الشيخ بهم، بغمزهم، فانكمش في مكانه مضطرباً، مجمراً يحاول ترميم نفسه وترويض الفرح الجامح في داخله وتقييد حلمه الذي ساح وصهل وجعل لسانه ينعتق من أسره ويفضح أمره فهذه المرأة أنسته مكانته وتدينه، وحدوده اقترب حمودٌ منه بخبثٍ وفضولٍ قائلاً:
-يا شيخ يا جبلاً أصمَّ لا تزحزحك ريحٌ، ما الذي غيرك؟!
ويروح غامزاً باتجاه المرأة. أجاب الشيخ، وقد احمرّ وجهُه، وفضحه تلبكه، وبرزت عروق رقبته منتفخة، مستشهداً بالآية الكريمة:
"قال تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرّ مرّ السحاب.. صدق الله العظيم.."
صرخ خليلٌ فرحاً وضحكاً، وهاجت "البوسطة" بالأصوات، وزعيق النكات واختلط الهزلُ بالجدّ، وصدح صوتُ المغني يجلو الهمّ بغنائه.
كان الرجالُ متلهفين لسماعِ صوتِ المرأة من جديد. لكنها في وادٍ غير واديهم بعد برهةٍ.
قامت من مقعدها. وأشارت لخليل أن يقف عند أضواء قريةٍ مشلوحةٍ على كتف الطريق. شرقتها عيونهم وهي تنزل. أصغوا بكل جوارحهم، وهي تشكر خليل صنيعه. غادرتهم، بضفائرها، وصمتها، وعالمها، حتى إذا ابتعدت عنها الحافلة، وغيبتها. همدوا في أماكنهم وشبحُ الخزي على وجوههم. كأنهم عائدون من معركةٍ خاسرةٍ أو شهدوا مذبحةً ألجمت أفواههم. بدو هياكل صفراء، جامدة. صمتوا مرّةً واحدةً إلاّ صوت المغني غير مبالٍ بما جرى.
لعلعً صوتُ الشيخ قوياً، صلباً وآمراً:
-اخرس هذه الآلة اللعينة.



م0ن






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 04-14-2009, 10:51 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وفاضت الأحلام



نوور


طرحك رائع

لكل واحد حكايته وكلماته واحساسه .. وسالم له أحساسه وما باعماق قلبه

تسلمى على روعة النقل واختيارك المميز

دعواتى لكى بالصحة والعافية






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:49 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator