العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > ابحاث علميه و دراسات

ابحاث علميه و دراسات Research , analysis, funding and data for the academic research and policy community , ابحاث , مواضيع للطلبة والطالبات،أبحاث عامة ،بحوث تربوية جاهزة ،مكتبة دراسية، مناهج تعليم متوسط ثانوي ابتدائي ، أبحاث طبية ،اختبارات، مواد دراسيه , عروض بوربوينت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09-24-2009, 04:40 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي منطق السياسية عند ابن رشد

منطق السياسية عند ابن رشد


جهورية أفلاطون كتاب في التدبير، التدبير التربوي التعليمي لإنشاء الفيلسوف والتدبير السياسي لإنشاء المدينة الفاضلة والحفاظ عليها أما مسألة تحول المدينة فهو يعالجه في هذا الكتاب بالعرض وليس بالجوهر كما سنرى.



عن التدبير التربوي : أو كيف يربى الفيلسوف؟



الفيلسوف في الأصل هو رجل من الحفظة تربى وفق منطقهم التربوي، فهو شخص نشأ على الموسيقى، وارتاض بركوب الخيل إلى أن بلغ العشرين من عمره، ثم بعد ذلك نهل من الكتب الفلسفية على الترتيب الذي يراه ابن رشد من البداية بالمنطق ثم علم العدد ثم الهندسة ثم الهيئة ثم الموسيقى ثم علم المناظر ثم علم الأوزان ثم العلم الطبيعي ثم ما بعد الطبيعة، محذرا من البداية بالفلسفة قبل هذا السن لعدم استقامة آراء المتعلم من جهة وعدم نضج فكره من جهة أخرى وخوفا من إنكار ما أُدب به وتقطيع أوصاله بالأقاويل الجدلية كما يفعل متفلسفة زمان ابن رشد من جهة ثالثة الذين يقطعون أوصال ما تربوا عليه من آداب بما لهم من حذق ومن معرفة بفن الجدل وهذا الأمر شديد الضرر بالمدن عند ابن رشد. ثم عند سن الثلاثين ينتهي نظرهم الفلسفي ويكمل لتوضع تحت إمرتهم، في سن الخامسة الثلاثين، قيادة الجيش قبل أن يستحقوا الرياسة والحكم في سن الخمسين، لينتقلوا عند التعب بفعل السنين إلى جزيرة السعداء لينقطعوا إلى التأمل في صورة الخير الأسمى. إنها الرحلة العلمية والمؤسسية لحاكم المدينة الفاضلة ورئيسها. وإذا تأملنا خلاصة التجربة التربوية التي يقدمها ابن رشد هاهنا تبين لنا أنها تتجلى في أن التغيير والإصلاح بالأعمال الفاضلة لا بالمعتقدات الخيرة، وهو ما كان فيلسوفنا حريصا عليه.



التدبير السياسي



خصص ابن رشد مقالتين من كتابه للحديث عن المدينة ومنطق تحولها: المقالة الثانية لسياسة المدينة الفاضلة، والمقالة الثالثة للسياسات غير الفاضلة. وإذا كان بين المدينة الفاضلة وبين أخس أنواع المدن الفاضلة، وهي مدينة وحدانية التسلط، تقابل كبير، فإن المنطق المتدرج بين هذين المتقابلين يفرض تراتب وسائط مختلفة لتبلغ المدن التي تحدث عنها ابن رشد خمسة مدن هي على التوالي : المدينة الفاضلة، المدينة الكرامية،، المدينة الشهوانية، المدينة الجماعية، مدينة وحدانية التسلط.



وسنقصر حديثنا هاهنا عن المدينة الفاضلة كما تصورها ابن رشد مع أفلاطون ثم تحققاتها في المدينة الإسلامية ثم منطق تحولها إلى مدينة كرامية ثم تحققاتها أيضا في المدينة الإسلامية لنقف على طرقة ابن رشد في المعالجة:



1 - يشكل حاكم المدينة الثابت المنطقي لكل أنواع المدن، إذ أن حاله حاسم في طبع المدينة بطابعه ؛ فالمدينة الفاضلة رئيسها ملك فاضل، ورئيس المدينة الكرامية يحب الكرامة، ورئيس المدينة الشهوانية يحب الشهوة، ورئيس المدينة الجماعية يحب الحرية، أما رئيس وحدانية التسلط فيحب التسلط. فما القول في رئيس المدينة الفاضلة :



يذهب ابن رشد إلى أن سياسة الملك الحق، وهي السياسة الفاضلة، لا يمكن أن تكون إلا فيمن اجتمعت فيه خمس شروط: الحكمة والتعقل التام، جودة الإقناع، وجودة التخييل، والقدرة على الجهاد، وأن لا يكون في بدنه شيء يعوقه عن مزاولة الجهاد. و يجعل ابن رشد من الضرورة أن يتولى قيادة هذه المدينة فيلسوف؟



فالحكمة هي التي يجب أن تكون المدبرة لأمور المدينة، فالحكمة هي فضيلة المدينة الفاضلة، وهذا التدبير لا يكون إلا إذا كان رؤساء المدينة، أهل العلوم النظرية، فلاسفة.



إن سياسة المدينة الفاضلة لا توجد إلا "إذا عرض أن كان الملك فيلسوفا" واتفق أن حافظ أهل المدينة عليها بعد وجودها. وحفاظ هؤلاء على المدينة يكون بهذا التعاون الذي ينبغي أن يحكم علاقة السادة بالعامة أو الحكام بعامة الشعب، إذ كل فئة تقدم للفئة الأخرى ما يعينها على تحقيق سعادتها؛ فصنف"العامة يخدم السادة بما تتم لهم به الغاية من الفلسفة، والسادة يخدمون العامة بما يوصلهم إلى سعادتهم"، ويبدو أن ابن رشد يتحرج من أن يسمي رعاية الحكام خدمة ويرى "أن الأولى أن يسمى سياسة وإرشادا". ومن هنا أهمية ما يسميه ابن رشد ب "الصنائع الملوكية الفاضلة" التي تؤم نفع المدنيين من خلال هذا الاجتماع الفاضل الذي "يقصد به أن يجعل لكل واحد من أهل المدينة نصيبا من السعادة على قدر ما في طبعه من ذلك".



ما فتئ ابن رشد يؤكد أهمية الوحدة بين أبناء المدينة الواحدة فيرى أنه "لا شر أعظم من السياسة التي تجعل من المدينة الواحدة مدنا متعددة، كما أنه لا خير أعظم في سياسة المدن من الجمع بينها وتوحيدها"، فابن رشد فيلسوف الوحدة الاجتماعية وهو بذلك وفي لأفلاطون الذي يقرر "أن أشر ما في الدولة هو ما يمزق وحدتها ويفرقها أشتاتا، وأفضل خير فيها هو ما يجمع شملها ويوحدها"، وأن أعظم خير يصيب المدينة هو وحدة مشاعر ساكنتها، وهو ما لفت ابن رشد العناية له علميا في "مناهج الأدلة" على الخصوص في انتقاداته لعلم الكلام وما يحدثه من تصدع في المجتمع كما لفت العناية له في كتابه الفقهي الرضوي في الفقه عندما طرد عوام الفقهاء من المدينة لقصورهم عن الاجتهاد وكما لفت إليه الانتباه سياسيا عندما انتقد ما يعرض لأهل الأندلس من العداوة والكره والخداع إلى الحد الذي يدفعهم إلى التآمر على بعضهم البعض والفتك ببعضهم البعض. داعيا إلى ترك الخصومات والتشبث بالتعاون ....



لكن ما الذي يجعل من الصعوبة وجود المدينة الفاضلة وتصل ندرتها إلى الحد الذي تكاد تصبح فيه من قبيل الحلم أو السراب؟ يرجع ابن رشد السبب في ذلك إلى ندرة الفلاسفة الذين تجتمع فيهم الشروط والخصال التي تنبئ عن طبعهم، وهي الخصال التي تظهر عليهم منذ الصغر والتي يعددها ابن رشد في عشر. إن منطق المدينة الفاضلة يحكمه عند أفلاطون وجود الفيلسوف، وإذا كان ابن رشد يساير المنطق الأفلاطوني فإنه لا يجعله المنطق الوحيد، بل إن ابن رشد، مخالفا لأفلاطون، لا يرى بأسا في اجتماع الرؤساء الأخيار وذوي الفضل على إيجاد السياسة الفاضلة وحفظها لتمسى رئاستهم رئاسة الأفاضل ليجعل ابن رشد وجود المدينة الفاضلة مرتبطا بوجود الفضلاء من الناس، وإن كان هذا الأمر يستدعي زمانا أطول يسمح بأن يتعاقب على المدينة ملوك فضلاء لا يزالون يرعون هذه المدينة ويؤثرون فيها إلى أن تصبح على أفضل تدبير. فهذه المدينة تصبح فاضلة بالأفعال والآراء؛ الأعمال الصالحة والآراء الحسنة. فالملوك المصلحون عند ابن رشد سبب في نشأة المدينة الفاضلة التي تتسم بالاجتماع الفاضل، فبهذا الاجتماع يصل كل فرد في المدينة إلى السعادة التي تسمح له بها قدراته، فهواجس ساكنة هذه المدينة هواجس خيرة إذ أن لكل صنف من أصناف هذه المدينة مقصدا واحدا هو مقصد السعادة، وهو مقصد آت من قبل من يحكمهم من الملوك.



إن ابن رشد قارئا للتاريخ الإسلامي يعتبر أن المدينة الفاضلة عرفت في عهد الخلفاء الراشدين قبل أن تتحول، مع حكم معاوية، إلى حكم قائم على الكرامة، كما عرفتها المدينة الإسلامية في الأندلس حيث نشأت فيها على غير الطريقة التي رسمها أفلاطون؛ فنشوء المدينة الفاضلة كان في زمن طويل وذلك بتعاقب الملوك الفضلاء عليها، وهذه المدن تصبح فاضلة بأمرين اثنين : بالأفعال الصالحة وبالآراء الحسنة، لكن الأندلس عرفت هذه المدينة بالأفعال أكثر وهو ما ينسجم مع منطق التحول إلى المدينة الفاضلة عند أفلاطون والمرتبط بالأفعال أكثر من ارتباطه بالآراء. ورئيس المدينة الفاضلة قد يكون فيلسوفا، كما هو الأمر عند أفلاطون، لكنه قد يكون ملكا للسنة، كما هو في المدينة الإسلامية، وهو ملك له علم بالشرائع وصناعة الفقه، كما له قدرة على الجهاد، وإن كانت هتان الخصلتان لا تجتمعان في رجل واحد فقد يشترك اثنان في الرئاسة كما يلاحظ ابن رشد عند كثير من ملوك الإسلام، حيث يكون القاضي - الفقيه بجانب الملك، ورغم أن المدينة الفاضلة يعز فيها القاضي فإنه في هذه المدينة يوجد لأمرين : للنظر في أمر الشرير بالطبع فيقضي فيه، ولتأديب من كان قابلا للتأديب. ويظل القرآن الكريم عند ابن رشد في خدمة هذه المدينة الفاضلة الإسلامية، فهي مدينة محكومة بالشريعة الإسلامية ذات الوجهة الإنسانية والنواميس الدينية فيها متروكة "لما أمر به الله تعالى بواسطة النبي"، فابن رشد يعتقد أن الجانب السياسي من الدين، أو ما يسميه بالأشياء الإلهية وما يهم المدن منه، ينبغي إقرارها كما هي لأنها كالمشتركة لجميع الشرائع. فإذا كانت الفلسفة هي التي تبني المدينة الفاضلة عند أفلاطون فإن الشريعة هي التي بنت المدينة الفاضلة في المجتمع لإسلامي، إذ أن ما تقصده الشريعة هو عين ما تقصده الفلسفة، فالثبات على الخلق الفاضل في هذه المجتمع يأتي عن طريق التخلق بما أسماه ابن رشد ب"فضيلة الشريعة القرآنية". ومن هنا فإذا كانت التربية في المدينة الفاضلة تكون بالأقاويل الخلقية والإقناعية وقد تكون بالحرب كذلك، فإنه في المدينة الإسلامية تحقق الفضائل، عند ابن رشد بسبيلين؛ سبيل الموعظة لحمل الجمهور على الفضائل، وسبيل الجهاد لإكراه الأمم الضالة التي لا تجري أفعالها على المجرى الإنساني على سبيل الفضائل. فالشريعة، عند ابن رشد، هي "آراء ناموسية وضعت للناس لطلب الفضيلة لا لتعريفهم".



أ - لا يقبل ابن رشد أن يكون الوجه الذي اختاره أفلاطون لنشأة المدينة الفضيلة هو الوجه الأوحد فقد تنشأ المدينة الفاضلة، عنده، على غير هذا الوجه، والدليل على ذلك المدن الأندلسية الفاضلة التي نشأت على غير الوجه الأفلاطوني. فملك السنة بالنسبة للمدينة الإسلامية مثلا هو كنسبة الفيلسوف في المدينة الفاضلة. فابن رشد هاهنا "يجمع" أكثر من إمكانية لقيام المدينة الفاضلة، ومن صورها وجود ملك السنة على رأسها، وهو ما يسمح لابن رشد بالقول عن المدينة الفاضلة بأن أفقها مأمول وإمكانيتها متحققة وليست سرابا كما يفهم من كلام أفلاطون، وهو ما يحرص ابن رشد على تأكيده بعرض صور تحققت لهذه المدينة في تاريخ الجماعة المسلمة...فهناك صور متعددة لحاكم المدينة الفاضلة عند ابن رشد فهو "الفيلسوف" وهو "الملك" وهو "واضع الشرائع"، وهو "الإمام"، وقد يكون"نبيا"....



د - الجمع بين فضيلة الشريعة القرآنية كما يسميها ابن رشد وبين النواميس الأفلاطونية في التربية وكأنهما لا يتعارضان هو أمر غريب عند أبي الوليد، إذ أن ما تشكله النواميس الأفلاطونية من أساس تشريعي للمدينة الفاضلة في جزئها الأكبر إذا جمعت مع الشريعة الإسلامية، في مقاصدها الكبرى، تشكلان الأساس التشريعي للمدينة الفاضلة في المجتمع الإسلامي. ويبدو هنا أن ابن رشد يجمع بين أفلاطونين وبين الإسلام، إذ إن أفلاطون "الجمهورية" لم يكن على وعي بأهمية التشريع في المدينة كما كان أفلاطون "القوانين"، أي أفلاطون نواميس أفلاطون" كما حضر عند أبي نصر؛ فالرئيس الفاضل عند أفلاطون، في الجمهورية، هو القانون، أما عند ابن رشد فالنواميس هي أساس لقيام المدينة لديه، يخضع لها الرئيس والمرؤوسون. وهذا الاهتمام بالنواميس هو فضلا عن مصدره الأفلاطوني عبر أبي نصره، له أيضا مصدر أرسطي كما تجلى ذلك إما في كتاب "الأخلاق"، وهو الكتاب الذي حظي بقراءة رشدية خاصة لا نزال نفتقدها، واعتبر فيه أرسطو الاهتمام بوضع التشريعات والنواميس أحد أقسام علم السياسة، أو بعبارة أرسطو، "الفلسفة في الأشياء الإنسية"، وهنا يؤكد أرسطو في كتاب الأخلاق على أهمية النظر الكلي في النواميس.وهو ما يلتفت إليه ابن رشد في كتابه السياسي حين يؤكد أهمية التربية ب"النواميس الكلية"، وكذلك ب"النواميس الدينية"، التي ينظر إليها ابن رشد على أساس أنها الأشياء الإلهية التي تهم المدن، وهي التي يجب عدم التدخل فيها بالتعديل "لأنها كالمشتركة لجميع الشرائع وأمور الناموس". و تجلى في "تلخيص كتاب الخطابة" عند حديث ابن رشد عن السنن المكتوبة وغير المكتوبة، ولعل هذا الوعي بالتشريع في بناء المدن من ثمار شعور ابن رشد بخصوصية المجتمع الإسلامي، ولعل هذا الشعور نفسه هو الذي حرك ابن رشد مع "شرح الجمهورية " إلى كتابة "بداية المجتهد" الذي يقدم التشريع العملي للمدينة في عباداتها ومعاملاتها، وكتابة "مناهج الأدلة" الذي يقدم مجمل الآراء النظرية التي لا يسع ساكنة المدينة الجهل بها، وتقديم الأدوات الممكنة لواضعي السنن من المجتهدين من حكام المدينة الإسلامية الفاضلة، لممارسة فعل إنشاء السنن، وهو فعل الاجتهاد، من خلال عملين جليلين؛ "الضروري في الأصول" و"الضروري في النحو". وهو الفعل الذي يخرج رئيس المدينة الأفلاطونية الفاضل في ثوب إسلامي سافر.



تتحول المدينة الفاضلة إلى مدينة كرامية ثم تتحول المدينة الكرامية إلى مدينة الشهرة قبل أن تتحول إلى مدينة جماعية قبل أن تتحول لا أخير إلى أشر مدينة وهي مدينة وحدانية التسلط . ويفسر ابن رشد تعدد السياسات بتعدد النفوس واختلاف أحوالها، فالجزء الغضبي هو الذي يرغب في الكرامة، وإذا زاد الجزء الغضبي صار غلبة، أما الجزء الشهواني فيؤدي إلى حب اللذات واليسار، في حين أن اختلاف أخلاق النفس يؤدي إلى المدينة الجماعية، أما المدينة التي يحكمها الجزء الناطق من النفس فهي المدينة الفاضلة. يرى ابن رشد أن النظر في السياسات غير الفاضلة التي تتحول إليها المدينة الفاضلة ليس ضروريا للسياسي، "إنما يكفيه…أن يعرفها ويعرف الشرور التي تنتقل منها إلى المدينة الفاضلة" وهو هنا يشبهه بالطبيب "الذي يكتفي في معرفة السموم بالمقدار الذي يعرف به طبائعها وأنها سموم يحترز منها". وسنترك نحن هنا هذا الجانب ليس لعدم أهميته وإنما لأن فساد المدن عند ابن رشد سببه فساد الحاكم أولا وفساد الحاكم أخيرا...



وقد عرفت الأندلس عند ابن رشد هذه الأشكال الخمسة من السياسات التي عاصرها ابن رشد نفسه. فلم يعش ابن رشد في مدينة سياسية ذات نظام واحد وإنما هو عاش في سياسة مركبة من فضيلة وكرامة وحرية وتغلب فعرف عن كثب طبيعة هذه الأنواع المختلفة من الحكم ليثمن أخيرا نوعا من الحكم سيسميه ب "جودة التسلط" لأن هذا الحكم يكون عن طريق الأدب، ولكن الأهم عند فقيهنا، هو حكم يكون عن طريق الإقتداء بما توجبه السنة. وابن رشد بياض رسالته في السياسة يغتنم فرصا مختلفة يسمح له بها كلام أفلاطون ليبين بعض الأوضاع الرديئة في الأندلس. فهو يدين الجبارين في مدن الأندلس الذين لا يفتأون يتسلطون ويفتكون بالرعية، كما يدين في كتاب الخطابة ملوك الجور الذين أهانوا الإمام مالك بالضرب. وهذا الحرص على إدانة الحكم المستبد هو ما ميز ابن رشد عن الفارابي الذي اقتصر في عرضه لهذا الحكم على وصف الحكم أكثر من وصفه الحاكم. كما ينبه ابن رشد على بعض أسباب العداوات الناشئة في الأندلس؛ فعندما يتملك الجنود الأموال ويستأثرون بها دون أهل المدينة تنشأ بينهم العداوة وتنشب بينهم الحرب حيث يصبح قتالهم من أجل أنفسهم وأموالهم لا من أجل خير المدينة وسعادتها وأمنها وهو ما وقع بين أهل المدن الأندلسية كما يرى ابن رشد . وهذا التعليل الرشدي لأحداث التاريخ الإسلامي هو مما ميزه أيضا عن الفارابي وجعله من إرهاصات ابن خلدون الذي سيعمل على إضفاء المعقولية على التاريخ في مقدمته الشهيرة.




***



سمح أفلاطون لابن رشد سواء من خلال الجمهورية أو من خلال كتاب النواميس أن يحل بعض إشكالات المدينة وأن يضع أفقا لحل إشكال وجود الفيلسوف في مجتمع ينبو ذوقه عن التفلسف. وعكوف ابن رشد على تأمل كتاب أفلاطون وشرحه على المعنى يعتبر عملا جريئا أرجع إليه البعض سبب ما تعرض له ابن رشد من نكبة، وإن لم يكن السبب الوحيد عند البعض الآخر ، لكن هذا "الفيلسوف العظيم" وهذا "الحكيم الخبير" وهذا "الفيلسوف الإلهي الحكيم" وهذا "القاضي الكامل الفقيه المحترم المتمكن الأوحد" وهذه كلها أوصاف أطلقها اليهود على ابن رشد، قدم من خلال هذا الكتاب عملا فلسفيا متميزا لم يجد مع الأسف من يستأنف القول فيه، ولعل في ظروف الانحطاط من جهة وظروف الاستبداد التي عاشها العالم الإسلامي من جهة أخرى بعض ما يفسر ذلك






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 09-27-2009, 11:35 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
لمسة دفء

الصورة الرمزية لمسة دفء

إحصائية العضو







لمسة دفء غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: منطق السياسية عند ابن رشد

نور


طرح رائع



دوما تختارين كل مميز وهادف


دعواتى لك بكل خير






آخر مواضيعي 0 العيد قرّب / والحبايب بعيدين.وانا عيوني ولّمَتْ (دمعة) العيـن..
0 تعبت أشيلك في مطارات الزمن شنطة سفر
0 غازي القصيبي ورومانسية بلا حدود.
0 أكتب اليك...و انا خاائفه ان تخدشك الكلماات..!!
0 دفتر الأيام
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:44 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator